المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌البرزخ بين البحرين والحجر المحجور - موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة - جـ ٢

[محمد راتب النابلسي]

فهرس الكتاب

- ‌الكون

- ‌والسماء ذات الرجع

- ‌الذي خلق سبع سماوات طباقا

- ‌إخبار الله تعالى عن الظلام في الفضاء الخارجي

- ‌القوى الجاذبة في الكون

- ‌المرصد العملاق، وأبعد المجرات عنا

- ‌المجرات والنجوم وسرعتنا

- ‌مواقع النجوم

- ‌أعداد النجوم في السماوات

- ‌{فَإِذَا ?نشَقَّتِ ?لسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَ?لدِّهَانِ}

- ‌النجم الثاقب

- ‌مدارات الكواكب ومذنب هالي

- ‌سرعة الضوء

- ‌القمر

- ‌معجزة الإسراء والمعراج ليست مستحيلة عقلاً

- ‌الشمس

- ‌شموس الكون

- ‌البعد بين كواكب المجموعة الشمسية

- ‌الشمس والأرض

- ‌التفكر في المسافة بيننا وبين الشمس

- ‌شمس الأرض

- ‌السنة الشمسية، والسنة القمرية

- ‌الأرض

- ‌الخسوف والكسوف

- ‌الضغط الجوي وآثاره

- ‌كروية الأرض، وكلمة "عميق

- ‌{أَلَمْ نَجْعَلِ ?لأَرْضَ كِفَاتاً}

- ‌استقرار الأرض

- ‌لَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ?لأَرْضَ مَهْداً}

- ‌سرعة الأرض

- ‌من الإعجاز اللغوي في القرآن {فِي? أَدْنَى ?لأَرْضِ}

- ‌الجبال

- ‌معدن الفضة

- ‌{وَأَنزَلْنَا ?لْحَدِيدَ}

- ‌التربة وما تحتويه من كائنات

- ‌تصريف الرياح

- ‌تلوث الهواء والبيئة

- ‌القوانين الفيزيائية والكيميائية

- ‌زلازل الدنيا وزلزلة الساعة

- ‌زلزال القاهرة

- ‌الكعبة مركز العالمين القديم والحديث

- ‌أرض العرب كانت وستعود مروجاً وأنهاراً

- ‌الماء

- ‌{وَجَعَلْنَا مِنَ ?لْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}

- ‌العلاقة بين الماء والهواء

- ‌الماء وخصيصة التمدد والانكماش

- ‌{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَاّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ}

- ‌قانون الدفع نحو الأعلى

- ‌علاقة الماء بلون الصخور

- ‌البحر المسجور

- ‌{هَـ?ذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـ?ذَا مِلْحٌ}

- ‌البرزخ بين البحرين والحجر المحجور

- ‌التوافق العددي في القرآن الكريم (البر والبحر)

- ‌تيار الخليج البحري

- ‌ماء زمزم طعام طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ

- ‌النبات

- ‌أثر القرآن في تقويم سلوك النبات

- ‌النباتات مهمتها تخزين الماء

- ‌انجذاب النبات

- ‌معامل الورق الأخضر

- ‌اليخضور في النبات

- ‌البذور وأنواعها

- ‌البذور وتحملها لعوامل التعرية

- ‌قشرة القمح (النخالة) وفائدتها الصحية

- ‌الحبة السوداء

- ‌منافع الزنجبيل

- ‌التمر أهميته وتركيباته

- ‌ألياف التمر فوائدها وعناصرها المعدنية

- ‌التمر أساس الولادة الميسرة

- ‌زيت الزيتون

- ‌زيت الزيتون وقود للجسم البشري

- ‌اليقطين

- ‌اللفت غذاء ودواء

- ‌نبات الفجل

- ‌نبات الملفوف

- ‌الشاي الأخضر وعلاقته بالأورام الخبيثة

- ‌الحمضيات وعلاقتها بفصل الشتاء

- ‌الموز

- ‌المقدونس وفوائده الصحية

- ‌الخل

- ‌السواك وأثره في الجراثيم

- ‌الحيوان

- ‌قلب الأم في الكائنات الحية

- ‌فوائد البيض

- ‌مرض جنون البقر (الاعتلال الدماغي)

- ‌حليب الأبقار

- ‌الجمل

- ‌الخيل

- ‌الزرافة

- ‌الخنزير وحكمة تحريم أكله

- ‌حيوان يعيش في الصحاري شبيه بالكنغر

- ‌الكلاب وما ينتج عنها من أمراض

- ‌حاسة الشم عند الكلاب

- ‌العقرب والانفجار النووي

- ‌تحريم الدم

- ‌الدم المسفوح وعلاقته بالجراثيم

- ‌الحكمة من تذكية الذبيحة

- ‌الأسماك

- ‌الحوت

- ‌السمك زعانفه ومقياس الضغط عنده

- ‌سمك السلمون

- ‌السمك الهلامي

- ‌السمكة الطبيبة

- ‌جروح الأسماك وسرعة التئامها

- ‌أسماك البحر الكهربائية

- ‌ثعبان الماء الكهربائي

- ‌الطيور

- ‌الطيور وإمكاناتها التي تفوق الطائرات والإنسان

- ‌صقر البحر (خطاف البحر)

- ‌أخلاق الصقر

- ‌نقار الخشب

- ‌الحمام الزاجل أو وكالة أنباء في التاريخ

- ‌هجرة الطيور

- ‌الحشرات

- ‌دودة القز والحرير

- ‌النحل آية عظمى

- ‌العسل وفوائده

- ‌هذا هو مجتمع النمل

- ‌البعوضة

- ‌الذبابة

- ‌أسراب الجراد

- ‌بيت العنكبوت

- ‌قرون الاستشعار في الحشرات

الفصل: ‌البرزخ بين البحرين والحجر المحجور

آيةٌ ثالثة، قال سبحانه:{وَمَا يَسْتَوِي البحران هاذا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وهاذا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [فاطر: 12] .

ثمَّةَ قصصٌ كثيرةٌ تتحدَّثُ عن موتِ ألوفِ الأشخاصِ في مياهِ البحرِ عطشاً، فقد تغرقُ السفنُ، وينجو بعضُ ركَّابِها، ويركبون سفينةَ النجاةِ، لكنَّهم يموتون عطشاً، وهم على ظهرِ البحرِ، إذاً:{وَمَا يَسْتَوِي البحران هاذا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وهاذا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الفلك فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [فاطر: 12] .

آيةٌ أخرى، هذه البحارُ ما كان لها أنْ تكونَ لولا أنّ اللهَ سبحانه وتعالى حينما خلَقَ الأرضَ جَعَلَ لها أحواضاً كبيرةً، يكفِي أنَّ بعضَ المحيطاتِ يزيدُ عُمْقُها على عشرةِ كيلو متراتٍ، مَن خَلَقَ هذه الأحواضَ؟

إنّ أحواضَ البحارِ آيةٌ، ومياهَ البحارِ آيةٌ، وملوحتَها آيةٌ، وما فيها مِن أسماكٍ آيةٌ، وما فيها مِن أصدافٍ وحليٍّ آيةٌ، واللهُ سبحانه وتعالى بَثَّ في الأرضِ آياتٍ كثيرةً، فقال تعالى:

{وَفِي الأرض آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: 20] .

‌البرزخ بين البحرين والحجر المحجور

آيتان في القرآنِ الكريمِ، واحدةٌ في سورةِ الرحمنِ، والثانيةُ في سورةِ الفرقانِ، الأولى قولُه سبحانه:{مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَاّ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 19-21] .

لقد حارَ العلماءُ في تفسيرِ هذا البرزخِ، أين هو؟ أهو بين البحرِ الأحمرِ والبحرِ الهندي؟ أم بين البحرِ الأبيضِ والبحرِ الأسودِ؟ أم بين البحرِ الأبيضِ والمحيط الأطلسيّ، عند جبلِ طارقٍ، أين هذا البرزخُ؟ {مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَاّ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 19-21] .

ص: 99

الشيءُ الذي يَلفِتُ النظرَ أن لكلِّ بحرٍ درجةَ ملوحةٍ ثابتةً، لا تنقصُ، ولا تزيدُ، مع أنّ البحرينِ متصلان، وله كثافةٌ لا تنقص ولا تزيد، وله حرارةٌ لا تنقص ولا تزيد، وله لونٌ لا يتغيَّر، فلو ركبَ الإنسانُ طائرةً، وحلَّقتْ به في الجوِّ، فوق بابِ المَنْدَبِ، أو فوق البوسفور، أو فوق مضيقِ جبلِ طارقٍ لَرَأَى أنّ هذا البحرَ شيءٌ، وذاك شيءٌ آخرُ.

لقد وجَدَ علماءُ البحارِ أنّ ذراتِ الماءِ في البحرِ الأحمرِ إذا وصلتْ في أثناءِ حركتها إلى خطٍّ وهميٍّ عند بابِ المندب تعودُ إلى البحرِ الأحمرِ، وأنّ ذراتِ المحيطِ الهندي إذا اتجهت إلى البحرِ الأحمرِ تنخفضُ نحو الأسفلِ عندَ هذا البرزخِ، وتعاودُ الكَرَّةَ نحو المحيط الهندي، فلا يطغى المحيطُ الهنديُّ على البحرِ الأحمرِ، وأنّ البحرَ الأحمرَ لا يختلطُ بالمحيطِ الهندي، لأن:{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَاّ يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 20] ، ولكلٍ منهما كثافةٌ، وحرارةٌ، ومُلوحةٌ، لا تزيدُ، ولا تنقصُ، كذلك البحرُ الأبيضُ، مع البحرِ الأسودِ، والبحرُ الأبيضُ مع المحيطِ الأطلسيّ.

قال تعالى: {مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَاّ يَبْغِيَانِ} ، لكنّ هذا البرزخَ ليس جداراً، إنه مرنٌ، وهذا الالتقاءُ المذكورُ في الآية:{مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ} ، يكون على شكلِ تماوُجٍ.

أما الآيةُ الثانيةُ التي في سورةِ الفرقانِ ففيها شيءٌ آخر: {وَهُوَ الذي مَرَجَ البحرين هاذا عَذْبٌ فُرَاتٌ وهاذا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً} [الفرقان: 53] .

ص: 100

إنّ بين البحرين؛ العذبِ والمالحِ؛ برزخاً وحِجراً محجوراً، حيث تزيد غزارَةُ بعضِ أنهارِ أمريكا على ثلاثمئة ألف مترٍ مكعبٍ في الثانيةِ، وتَصُبُّ في المحيط الأطلسيّ، ويمتدُ مسيرُها في البحرِ ثمانينَ كيلو متراً، هذا الماءُ العذبُ يسيرُ داخلَ الماءِ المالحِ، ومعَ ذلك لا يختلطانِ، ولا يتمازجانِ، لأنَّ:{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَاّ يَبْغِيَانِ} ، فهناك بين الماءِ العذبِ، والماءِ المالحِ حجرٌ محجورٌ، والحجرُ المحجورُ يعني أنّ معظمَ أسماكِ المياهِ العذبةِ لا تدخلُ في المياهِ المالحةِ، وأسماكَ المياهِ المالحةِ لا تدخلُ في المياهِ العذبةِ، ففي الحِجر المحجور حَجْرٌ على هذه الأسماكِ مِنْ أنْ تنتقلَ إلى الماءِ المالحِ، وحَجرٌ على تلك الأسماكِ أنْ تنتقلَ إلى الماءِ العذبِ، بينهما برزخٌ، وحجرٌ محجورٌ:{وَهُوَ الذي مَرَجَ البحرين هاذا عَذْبٌ فُرَاتٌ وهاذا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً} .

هذا مِن آياتِ اللهِ الدالةِ على عظمتِه، أي إنّ البحارَ لا تختلط، مع أنها متصلةٌ، فهل تستطيعُ أنْ تضعَ في وعاءٍ كأساً من الماءِ المالح، وكأساً من الماءِ العذبِ ولا يختلطان؟ هل تستطيع أن تفصلَهما بعد ذلك؟ هل لك أنْ تشربَ القِسْمَ العذبَ من هذا الوعاءِ؟ هذا شيءٌ فوقَ طاقةِ الإنسانِ:{مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَاّ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 19-21] .

ص: 101