الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما ورد فى الغزو فى البحر
عن أنس بن مالك رضى الله عنه، قال: حدّثتنى أمّ حرام أن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال يوما فى بيتها، فاستيقظ وهو يضحك؛ قالت: يا رسول الله، ما يضحكك؟
قال: «عجبت من قوم من أمتى يركبون البحر كالملوك على الأسرّة» ؛ فقلت: يا رسول الله، أدع الله أن يجعلنى منهم؛ قال:«أنت منهم» ، ثم نام فاستيقظ وهو يضحك فقال مثل ذلك مرتين أو ثلاثا؛ قالت: يا رسول الله، أدع الله أن يجعلنى منهم، فيقول:«أنت من الأوّلين»
، فتزوّج بها عبادة بن الصّامت فخرج بها الى الغزو، فلما رجعت قرّبت دابّة لتركبها فوقعت فاندقّت عنقها.
وفى حديث آخر: «يركبون البحر الأخضر فى سبيل الله مثلهم كمثل الملوك على الأسرة» ، قالت: يا رسول الله، أدع الله أن يجعلنى منهم؛ فقال:«اللهم اجعلها منهم» وأنه قال مثل ذلك ثانية؛ فقالت:
أدع الله أن يجعلنى منهم؛ قال: «أنت من الأوّلين ولست من الآخرين»
. وساق نحوه.
ومما قيل فى القتال فى البحر- قال العسكرى فى ديوان المعانى: لم يصف أحد من المتقدّمين والمتأخّرين القتال فى المراكب إلا البخترىّ، وعدّوا قصيدته هذه من عيون قصائده وفضّلوها على كثير من الشعر، وهى:
غدوت على «الميمون» صبحا وإنما
…
غدا المركب الميمون تحت المظفّر
[أطلّ بعطفيه ومرّ كأنما
…
تشرّف من هادى حصان مشهّر [1]]
إذا زمجر النّوتىّ فوق علاته
…
رأيت خطيبا فى ذؤابة منبر
[1] زيادة من ديوان البحترى.
إذا عصفت [1] فيه الجنوب اعتلى له
…
جناحا عقاب فى السماء مهجّر
إذا ما انكفا فى هبوة الماء خلته
…
تلفّع فى أثناء برد محبّر
وحولك ركّابون للهول عاقروا
…
كؤوس الرّدى من دارعين وحسّر
تميل المنايا حيث مالت أكفّهم
…
إذا أصلتوا حدّ الحديد المذكّر
إذا رشقوا بالنار لم يك رشقهم
…
ليقلع إلا عن شواء مقتّر
صدمت بهم صهب العثانين دونهم
…
ضراب كإيقاد اللّظى المتسعّر
[يسوقون أسطولا كأنّ سفينه
…
سحائب صيف من جهام وممطر [2]]
كأنّ ضجيج البحر بين رماحهم
…
إذ اختلفت ترجيع عود مجرجر
تقارب من زحفيهم فكأنما
…
تؤلّف من أعناق وحش منفّر
فما رمت [3] حتى أجلت الحرب عن طلى
…
مقطّعة فيهم وهام مطيّر
على حين لا نقع يطرّحه [4] الصّبا
…
ولا أرض تلفى للصريع المقطّر
وكنت ابن «كسرى» قبل ذاك وبعده
…
مليئا [5] بأن توهى صفاة ابن «قيصر»
جدحت له الموت الذّعاف فعافه
…
وطار على ألواح شطب مسمّر [6]
مضى وهو مولى الريح يشكر فضلها
…
عليه ومن يول الصّنيعة يشكر
وحيث ذكرنا الجهاد وفضله والوقائع والحروب، فلنذكر ما قيل فى المرابطة فى سبيل الله.
[1] كذا فى ديوان البحترى، وفى الأصل:«اذا ما علت» .
[2]
زيادة من الديوان.
[3]
فمارمت: لم تبرح مكانك.
[4]
رواية الديوان: «
…
تطوحه الصبا» .
[5]
الملىء بالأمر: المضطلع به القدير عليه.
[6]
كذا فى الديوان. وفى الأصل: «مشمر» بالشين المعجمة وهو تحريف.