المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ما يشتمل عليه نظر الحاكم المطلق التصرف من الأحكام - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٦

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السادس

- ‌[تتمة الفن الثاني في الإنسان وما يتعلق به]

- ‌القسم الخامس فى الملك وما يشترط فيه وما يحتاج إليه وما يجب له على الرعيّة وما يجب للرعية عليه

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم فى شروط الإمامة الشرعيّة والعرفيّة

- ‌الباب الثانى من القسم الخامس من الفن الثانى فى صفات الملك وأخلاقه وما يفضّل به على غيره، وذكر ما نقل من أقوال الخلفاء والملوك الدالّة على علوّ هممهم وكرم شميهم

- ‌ذكر شىء من الأقوال الصادرة عن الخلفاء والملوك الدالّة على عظم هممهم، وكرم أخلاقهم وشيمهم، وشدّة كيدهم، وقوّة أيدهم

- ‌الباب الثالث من الفن الثانى فيما يجب للملك على الرعايا من الطاعة والنصيحة والتعظيم والتوقير

- ‌الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الثانى فى وصايا الملوك

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الثانى فيما يجب على الملك للرعايا

- ‌ذكر ما قيل فى العدل وثمرته وصفة الإمام العادل

- ‌ذكر ما قيل فى الظلم وسوء عاقبته

- ‌ذكر ما قيل فى حسن السّيرة والرّفق بالرعيّة

- ‌الباب السادس من القسم الخامس من الفن الثانى فى حسن السياسة، وإقامة المملكة، ويتّصل به الحزم، والعزم، وانتهاز الفرصة، والحلم، والعفو، والعقوبة، والانتقام

- ‌ذكر ما قيل فى الحلم

- ‌ذكر أخبار من اشتهر بالحلم واتصف به

- ‌ذكر ما قيل فى العفو

- ‌ذكر ما قيل فى العقوبة والانتقام

- ‌الباب السابع من الفن الثانى

- ‌ذكر ما قيل فى المشورة وإعمال الرأى

- ‌ذكر ما قيل فيمن يعتمد على مشورته وبديهته، ويعتضد بفكرته ورويته

- ‌ذكر ما قيل فيمن نهى عن مشاورته ومعاضدته وأمر بالامتناع من مشايعته ومتابعته

- ‌ذكر ما قيل فى الأناة والرويّة

- ‌ذكر ما قيل فى الاستبداد وترك الاستشارة وكراهة الإشارة

- ‌الباب الثامن من الفن الثانى فى حفظ الأسرار والإذن والحجاب

- ‌ذكر ما قيل فى حفظ الأسرار

- ‌ذكر ما قيل فى الإذن والاستئذان

- ‌ذكر ما قيل فى الحجاب

- ‌ذكر ما قيل فى النهى عن شدّة الحجاب

- ‌الباب التاسع من القسم الخامس من الفن الثانى فى الوزراء وأصحاب الملك

- ‌ذكر ما قيل فى اشتقاق الوزارة وصفة الوزير وما يحتاج إليه

- ‌ذكر صفة الوزارة وشروطها

- ‌ذكر حقوق الملك على وزيره وحقوق الوزير على ملكه

- ‌ذكر وزارة التنفيذ

- ‌ذكر ما تتميز به وزارة التفويض على وزارة التنفيذ وما تختلف فيه

- ‌ذكر حقوق الوزارة وعهودها ووصايا الوزراء

- ‌ذكر ما قيل فى وصايا أصحاب السلطان وصفاتهم

- ‌ذكر ما يحتاج إليه نديم الملك، وما يأخذ به نفسه، وما يلزمه

- ‌ذكر ما ورد فى النهى عن صحبة الملوك والقرب منهم

- ‌الباب العاشر من القسم الخامس من الفن الثانى

- ‌ذكر ما قيل فى قادة الجيوش وشروطهم وأوصافهم ووصاياهم وما يلزمهم

- ‌ذكر ما يقوله قائد الجيش وجنده من حين [1] يشاهد العدوّ الى انفصال الحرب والظفر بعدوّهم

- ‌ذكر ما قيل فى المكيدة والخداع فى الحروب وغيرها

- ‌ذكر ما ورد فى الجهاد وفضله وترتيب الجيوش وأسمائها فى القلة والكثرة، وأسماء مواضع القتال، وما قيل فى الحروب والوقائع، وما وصفت به

- ‌وأما ما قيل فى أسماء العساكر فى القلة والكثرة وأسماء مواضع القتال

- ‌ذكر ما ورد فى الغزو فى البحر

- ‌ذكر ما رود فى المرابطة

- ‌ذكر ما قيل فى السلاح وأوصافه

- ‌ما قيل فى السيف من الأسماء والنعوت والأوصاف

- ‌ذكر ما قيل فى تركيب القوس، ومبدإ عملها ومن رمى عنها، ومعنى الرمى

- ‌ذكر ما قيل فى الجنّة

- ‌الباب الحادى عشر من القسم الخامس من الفن الثانى فى القضاة والحكام

- ‌ذكر الألفاظ التى تنعقد بها ولاية القضاء، والشروط

- ‌وأما شروطها فأربعة

- ‌ذكر ما يشتمل عليه نظر الحاكم المطلق التصرّف من الأحكام

- ‌ذكر ما يأتيه القاضى ويذره فى حقّ نفسه اذا دعى الى الولاية أو خطبها، وما يلزم الناس من امتثال أمره وطاعته، وما يعتمده فى أمر كاتبه وبطانته وأعوانه وجلوسه لفصل المحاكمات والأقضية

- ‌ذكر شىء مما ورد من التزهيد فى تقلد القضاء والترغيب عنه

- ‌الباب الثانى عشر من القسم الخامس من الفن الثانى فى ولاية المظالم وهى نيابة دار العدل

- ‌ذكر من نظر فى المظالم فى الجاهليّة والإسلام

- ‌ذكر ما يحتاج اليه ولاة المظالم فى جلوسهم لها

- ‌وأما ما يختص بنظر متولى المظالم وتشتمل عليه ولايته فعشرة أقسام:

- ‌ذكر الفرق بين نظر ولاة المظالم ونظر القضاة

- ‌ذكر ما ينبغى أن يعتمده ولاة المظالم عند رفعها إليهم، وما يسلكونه من الأحكام فيها، وما ورد فى مثل ذلك من أخبارهم وأحكامهم فيما سلف من الزمان

- ‌ذكر توقيعات متولى المظالم وما يترتّب عليها من الأحكام

- ‌الباب الثالث عشر من القسم الخامس من الفن الثانى فى نظر الحسبة وأحكامها

- ‌[شروط ناظر الحسبة]

- ‌ذكر الفرق بين المحتسب والمتطوّع

- ‌ذكر أوضاع الحسبة وموافقتها للقضاء وقصورها عنه وزيادتها عليه، وموافقتها لنظر المظالم وقصورها عنه

- ‌وأمّا ما بين الحسبة والمظالم من موافقة ومخالفة

- ‌ذكر ما تشتمل عليه ولاية نظر الحسبة وما يختص بها من الأحكام

الفصل: ‌ذكر ما يشتمل عليه نظر الحاكم المطلق التصرف من الأحكام

والثالث- ذكر ما تضمّنه التقليد من ولاية القضاء بصريح التسمية.

والرابع- ذكر تقليد البلد الذى عقدت الولاية عليه ليعرف به العمل الذى يستحقّ النظر فيه، ولا تصحّ الولاية مع الجهل به.

فاذا انعقد التقليد تمّت الولاية بهذه الشروط والألفاظ. واحتاج المولّى الى شرط زائد على شروط العقد، وهو إشاعة تقليده فى أهل عمله ليدعنوا بطاعته وينقادوا الى حكمه. وهو شرط فى لزوم الطاعة وليس بشرط فى نفوذ الحكم.

فاذا صحّت عقدا ولزوما بما وصفناه، صحّ فيها نظر المولّى والمولّى [كالوكالة، لأنهما معا استنابة. ولم يلزم المقام عليها من جهة المولّى ولا من جهة المولّى. وكان للمولّى عزله [1]] عنها متى شاء، وللمولّى عزل نفسه متى شاء؛ غير أنّ الأولى بالمولّى ألّا يعزله إلا بعذر، وألّا يعتزل المولّى إلا من عذر؛ لما فى الولاية من حقوق المسلمين. واذا عزل أو اعتزل وجب إظهار العزل كما وجب إظهار التقليد، حتى لا يقدم على إنفاذ حكم ولا يغترّ بالترافع اليه خصم. فإن حكم بعد العلم بعزله لم ينفذ حكمه، وإن حكم غير عالم بعزله كان فى نفوذ حكمه وجهان، كاختلافهما فى عقود التوكيل.

وحيث ذكرنا ما تصح به الولاية وتنعقد به من الألفاظ والشروط، فلنذكر ما يشتمل عليه النظر فى الأحكام.

‌ذكر ما يشتمل عليه نظر الحاكم المطلق التصرّف من الأحكام

قال الماوردىّ: اذا كانت ولاية القاضى عامّة وهو مطلق التصرّف فى جميع ما تضمّنته، فنظره يشتمل على عشرة أحكام:

[1] التكملة من الأحكام السلطانية.

ص: 254

أحدها- فصل المنازعات وقطع التشاجر والخصومات، إمّا صلحا عن تراض يراعى فيه الجواز، أو إجبارا بحكم باتّ يعتبر فيه الوجوب.

والثانى- استيفاء الحقوق ممن امتنع من القيام بها وإيصالها الى مستحقّها من أحد وجهين: إقرار أو بينة. واختلف فى جواز حكمه فيها بعلمه، فجوّزه مالك والشافعىّ فى أصحّ قوليه؛ وقال أبو حنيفة: يجوز أن يحكم بعلمه فيما علمه فى ولايته، ولا يحكم بما علمه قبلها.

والثالث- ثبوت الولاية على من كان ممنوع التصرّف بجنون أو صغر، والحجر على من يرى الحجر عليه لسفه أو فلس، حفظا للأموال على مستحقّيها، وتصحيحا لأحكام العقود فيها.

والرابع- النظر فى الوقوف بحفظ أصولها وتثمير فروعها وقبض غلّتها وصرفها فى سبلها. فإن كان عليها مستحقّ للنظر فيها راعاه، وإن لم يكن تولّاه.

والخامس- تنفيذ الوصايا على شروط الموصى فيما أباحه الشرع ولم يحظره.

فان كانت لمعيّنين كان تنفيذها بالإقباض، وإن كانت فى موصوفين كان تنفيذها أن يتعيّن مستحقّوها بالاجتهاد ويملكوا بالإقباض. فان كان فيها وصىّ راعاه، وإن لم يكن تولّاه.

والسادس- تزويج الأيامى بالأكفاء اذا عدم الأولياء ودعين [1] الى النكاح.

ولم يجعله أبو حنيفة- رحمه الله من حقوق ولاية القاضى، لتجويزه تفرّد الأيّم بعقد النكاح.

[1] كذا فى الأحكام السلطانية طبع مدينة «بن» وهو الذى يناسب المقام. وفى الأصل «ودعون

» .

ص: 255

والسابع- إقامة الحدود على مستحقّيها، فإن كان من حقوق الله تعالى تفرّد باستيفائه من غير طالب اذا ثبت بإقرار أو بيّنة؛ وإن كان من حقوق الآدميين كان موقوفا على طلب مستحقّه. وقال أبو حنيفة: لا يستوفيهما معا إلا بخصم مطالب.

والثامن- النظر فى مصالح عمله من الكفّ عن التّعدّى فى الطّرقات والأفنية، وإخراج ما لا يستحقّ من الأجنحة والأبنية؛ وله أن يتفرّد بالنظر فيها وإن لم يحضره خصم. وقال أبو حنيفة: لا يجوز له النظر فيها إلا بحضور خصم مستعد. وهى من حقوق الله تعالى التى يستوى فيها المستعدى والمستعدى إليه، فكان تفرّد الولاة بها أخصّ.

التاسع- تصفّح شهوده وأمنائه، واختيار النائبين عنه من خلفائه فى إقرارهم والتعويل عليهم مع ظهور السّلامة والاستقامة، وصرفهم والاستبدال بهم مع ظهور الجرح والخيانة [1] . ومن ضعف منهم عمّا يعانيه، كان مولّيه بين خيارين يأتى أصلحهما:

إما أن يستبدل به من هو أقوى منه وأكفى، وإما أن يضمّ اليه من يكون اجتماعهما عليه أنفذ وأمضى.

والعاشر- التسوية فى الحكم بين القوىّ والضعيف، والعدل فى القضاء بين المشروف والشريف؛ ولا يتّبع هواه فى تقصير بحق أو ممايلة لمبطل. قال الله تعالى:

يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ.

[1] كذا فى الأحكام السلطانية. وفى الأصل: «والجناية» .

ص: 256

وقد استوفى عمر بن الخطّاب رضى الله عنه فى عهده الى أبى موسى الأشعرىّ شروط القضاء وبيّن أحكام التقليد حين ولّاه القضاء، قال:

أما بعد، فإنّ القضاء فريضة محكمة وسنّة متّبعة. فافهم إذا أدلى اليك. [وأنفذ اذا تبيّن لك [1]] فإنه لا ينفع تكلّم بحقّ لا نفاذ له. وآس [2] بين الناس فى وجهك وعدلك ومجلسك، حتّى لا يطمع شريف فى حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك. البيّنة على من ادّعى، واليمين على من أنكر. والصّلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا.

ولا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن لرجع الى الحق؛ فإنّ الحق قديم، ومراجعة الحقّ خير من التّمادى فى الباطل. الفهم الفهم فيما تلجلج فى صدرك مما ليس فى كتاب ولا سنّة. ثم اعرف الأمثال والأشباه، وقس الأمور بنظائرها. واجعل لمن ادّعى حقّا غائبا أو بيّنة أمدا ينتهى اليه؛ فإن أحضر بينة أخذت له بحقّه، وإلّا استحللت القضية عليه؛ فان ذلك أنفى للشكّ وأجلى للعمى. المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجلودا فى حد، أو مجرّبا عليه شهادة زور، أو ظنينا فى ولاء أو نسب. فإن الله قد تولّى منكم السرائر ودرأ بالبينات والأيمان [3] ؛ وإياك والغلق [4] والضّجر والتأففّ بالخصوم، فإنّ استقرار الحق فى مواطن الحق يعظم الله به الأجر ويحسن به الذكر. والسلام.

[1] التكملة من صبح الأعشى (ج 10 ص 193 طبع المطبعة الأميرية بالقاهرة) .

[2]

آس بين الناس: أى سوّ بينهم واجعل كل واحد منهم أسوة خصمه، أى حاله مثل حاله.

[3]

كذا فى صبح الأعشى. وفى الأصل «فإن الله سبحانه عفا عن الأيمان ورد البينات» . وفيه تحريف. وورد فى المصدر الذى نقل عنه الأصل وهو الأحكام السلطانية: «فإن الله عفا عن الأيمان ودرأ بالبينات» . وفى البيان والتبيين للجاحظ (ج 2 ص 24 طبع مطبعة الفتوح الأدبية بمصر) : «فإن الله قد تولى منكم السرائر ودرأ عنكم بالشبهات» .

[4]

الغلق: ضيق الصدر وقلة الصبر.

ص: 257