الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
11 - كِتَابُ الأَذَانِ
1 - بَابُ بَدْءِ الأَذَانِ
وَقَوْلُهُ عز وجل: (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُؤًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ)، وَقَوْلُهُ {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ} [الجمعة: 9].
603 -
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى «فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَةَ» .
(باب: بدء الأذان)، وردت أحاديث تدل على أنه شرع بمكة قبل الهجرة لكنها ضعيفة.
وقد جزم ابن المنذر بأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بغير أذان منذ فرضت الصلاة إلى أن هاجر إلى المدينة، وإلى أن وقع التشاور في ذلك.
ثم الراجح أنه شرع في السنة الأولى من الهجرة، وقيل: من الثانية.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس: "أن فرض الأذان نزل مع قوله: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} .
قال الكرماني: عدى في ناديهم إلى الصلاة بإلى، وفي "نودي للصلاة" باللام لأنه أريد بالأول معنى الانتهاء، والثاني معنى الاختصاص وصلات الأفعال تختلف بحسب مقاصد الكلام.
وقال القرطبي: "الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة".
ومن أغرب ما وقع في بدء الأذان ما رواه أبو الشيخ بسند فيه مجهول عن عبد الله بن الزبير قال: "أخذ الاذان من أذان إبراهيم: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ} الآية، فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وما رواه أبو نعيم في "الحلية" بسند فيه مجاهيل عن أبي هريرة مرفوعًا: "أن جبريل نادى بالأذان لآدم حين أهبطه من الجنة".
وفي "مسند ابن أبي أسامة" بسند واهٍ عن كثير بن [قرة الحضرمي مرفوعًا] قال: "أول من أذن بالصلاة جبريل في السماء الدنيا فسمعه عمر وبلال، فسبق عمر بلالًا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء بلال فقال: سبقك [بها] عمر".
(ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى): فيه اختصار، ولأبي الشيخ في كتاب "الأذان":"فقالوا: لو اتخذنا ناقوسًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك للنصارى، فقالوا: لو اتخذنا بوقًا، فقال: ذاك لليهود، فقالوا: لو رفعنا نارًا، فقال: ذاك للمجوس".
و"الناقوس": خشبة تضرب بخشبة أصغر منها ليخرج منها صوت، و"البوق": قرن ينفخ فيه.
604 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: كَانَ المُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ اليَهُودِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ» .
(فيتحينون): بحاء مهملة، بعدها مثناة تحتية، ثم نون: أي يقدرون أحيانها ليأتوا إليها.
(ليس ينادي): بالبناء للمفعول، ولمسلم:"ليس ينادي بها أحد".
(فتكلموا يومًا في ذلك
…
) إلى آخره، فذكروا البوق فكرهه من أجل اليهود، ثم ذكروا الناقوس فكرهه من أجل النصارى.
ولأبي داود: "اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة، كيف يجمع الناس لها، فقيل: انصب راية عند حضور وقت الصلاة، فإذا رأوها أذن بعضهم بعضًا فلم يعجبه
…
الحديث، وفيه: "ذكروا القنع يعني البوق، وذكروا الناقوس، فانصرف عبد الله بن زيد وهو مهتم، فأُرى الأذان، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يومًا، ثم أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما منعك أن تخبرنا؟ قال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت فقال: يا بلال، قم
…
الحديث".
وفي "الأوسط" للطبراني: "أن أبا بكر أيضًا رأى الأذان"، ولأبي داود في "المراسيل" عن عبيد بن عمير الليثي أحد كبار التابعين:"أن عمر لما رأى الأذان جاء يخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد الوحي قد ورد بذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: سبقك بذلك الوحي"، وبذلك يعرف أن العمل وقع بالوحي لا بمجرد الرؤيا من الصحابة.
قال السهيلي: وقد ورد: "أنه صلى الله عليه وسلم سمع الأذان ليلة الإسراء فوق سبع سماوات" أخرجه البزار.
وهو أقوى من الوحي، وإنما تأخر حتى أعلم الناس به على غير لسانه للتنويه به، ووقع ذكره بلسان غيره ليكون أقوى لأمره، وأفخر لشأنه، وأضيفت رؤيا عمر وغيره إلى عبد الله بن زيد للتقوية.
فائدة: كثر السؤال: هل باشر النبي صلى الله عليه وسلم الأذان بنفسه؟
وقد أجاب السهيلي والنووي: "بأنه أذن [مرة] في سفر" أخرجه الترمذي.