الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ".
(والإمام يخطب): جملة حالية.
(الغوت): اللغو: الكلام الذي لا أصل له من الباطل وشبهه، وقال نفطويه: السقط من القول.
قال النضر بن شميل: "فمعنى لغوت: [خبت] من الأجر".
وقيل: بطلت فضيلة جمعتك، وقيل: صارت جمعتك ظهرًا، ويؤيد الأخير ما في حديث أبي داود:"ومن لغى وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا".
قال ابن وهب -أحد رواته-: "معناه: أجزأت عنه الصلاة، وحرم فضيلة الجمعة".
ولأحمد: "من قال: صه فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له"، وله:"من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارًا، والذي يقول له: انصت ليست له جمعة".
وهذا من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، لأنه إذا جعل قوله:"انصت" مع كونه أمرًا بمعروف لغوًا فغيره من الكلام أولى.
37 - بَابُ السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ
935 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ:«فِيهِ سَاعَةٌ، لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا.
(ساعة لا يوافقها) أي: يصادفها.
(وهو قائم): حال من ضمير "لا يوافقها".
(يصلي): حال من ضمير "قائم"، أو جملة تفسيرية لقائم أو بدل منه.
(يسأل): حال منه مترادفة أو متداخلة.
(شيئًا) في الطلاق: "خيرًا "، ولابن ماجه:"ما لم يسأل حرامًا" ولأحمد: "ما لم يسأل إثمًا أو قطيعة رحم"(1).
(وأشار) أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في "الموطإ" رواية أبي مصعب.
(يقللها)، لمسلم:"وهي ساعة خفيفة".
وقد اختلف العلماء من الصحابة والتابعين، وغيرهم: هل هذه الساعة باقية أو رفعت؟
وعلى الأول: هل هي في كل جمعة أو في جمعة واحدة من كل سنة؟
وعلى الأول: هل هي وقت من اليوم معين أو مبهم؟
وعلى التعيين: هل تستوعب الوقت أو تبهم فيه؟
وعلى الإبهام: ما ابتداؤه؟ وما انتهاؤه.
وعلى كل ذلك هل تستمر أو تنتقل؟
وعلى الانتقال: هل تستغرق الوقت أو بعضه؟
وحاصل الأقوال فيها خمسة وأربعون قولًا بسطتها في "شرح الموطإ" وأقرب ما قيل في تعيينها أقوال:
أحدها: عند أذان الفجر.
الثاني: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
الثالث: أول ساعة بعد طلوع الشمس.
الرابع: آخر الساعة الثالثة من النهار.
الخامس: عند الزوال.
السادس: بعد أذان صلاة الجمعة.
السابع: من الزوال إلى خروج الإمام.
الثامن: منه إلى إحرامه بالصلاة.
التاسع: منه إلى غروب الشمس.
العاشر: ما بين خروج الإمام إلى أن تقام الصلاة أو يفرغ منها.
الحادي عشر: ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تنقضي الصلاة وهو الثابت في مسلم عن أبي موسى مرفوعا.
الثاني عشر: ما بين أول الخطبة والفراغ منها.
الثالث عشر: عند الجلوس بين الخطبتين.
الرابع عشر: عند نزول الإمام من المنبر.
الخامس عشر: عند إقامة الصلاة.
السادس عشر: من إقامة الصلاة إلى تمامها -وهو الوارد في الترمذي مرفوعًا.
والسابع عشر: هي الساعة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيها الجمعة.
الثامن عشر: من صلاة العصر إلى غروب الشمس.
التاسع عشر: في صلاة العصر.
العشرون: بعد العصر إلى آخر وقت الاختيار.
الحادي والعشرون: من حين تصفر الشمس إلى أن تغيب.
الثاني والعشرون: آخر ساعة بعد العصر، أخرجه أبو داود والحاكم عن جابر مرفوعًا، وأصحاب السنن عن عبد الله بن سلام.
قوله: الثالث والعشرون: إذا تدلى نصف الشمس للغروب، أخرجه البيهقي وغيره عن فاطمة مرفوعًا.
فهذه خلاصة الأقوال فيها، وباقيها يرجع إليها، وأرجح هذه الأقوال: الحادي عشر والثاني والعشرون.
قال المحب الطبري: "أصح الأحاديث فيها حديث أبي موسى، وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام.
زاد ابن حجر: "وما عداهما إما ضعيف الإسناد أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف".
ثم اختلف السلف في أي القولين المذكورين أرجح، فرجح كلًّا مرجحون، فمن رجح الأول: البيهقي، وابن العربي، والقرطبي، وقال النووي:"إنه الصحيح أو الصواب".