الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اِخْتِلَافُ الْمَطَالِعِ فِي إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَان
(م)، وَعَنْ كُرَيْبٍ قَالَ: بَعَثَتْنِي أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ رضي الله عنها إِلَى مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه بِالشَّامِ ، قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا ، وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ ، فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ ، فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ؟ ، فَقُلْتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ ، فَقُلْتُ: نَعَمْ ، وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا ، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ ، فَقَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ ، فلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ ، فَقُلْتُ: أَوَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ ، فَقَالَ: لَا ، " هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1) "(2)
(1) قال الألباني في تمام المنة ص397: ذكر المؤلف تحت عنوان: اختلاف المطالع ثلاثة مذاهب:
الأول: مذهب الجمهور أنه لا عبرة باختلاف المطالع لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " متفق عليه.
الثاني: أن لكل بلد رؤيتهم ولا يلزمهم رؤية غيرهم ، واحتج لهم بحديث ابن عباس عند مسلم وغيره.
الثالث: لزوم أهل بلد الرؤية وما يتصل بها من الجهات التي على سمتها.
واختار المؤلف هذا المذهب الأخير معلِّقا عليه بقوله: " هذا هو المشاهَد ويتفق مع الواقع "
قلت: وهذا كلام عجيب غريب ، لأنه إن صح أنه مشاهَد موافِق للواقع ، فليس فيه أنه موافق للشرع أولا ، ولأن الجهات - كالمطالع - أمور نسبية ليس لها حدود مادية يمكن للناس أن يتبينوها ويقفوا عندها ثانيا.
وأنا والله لا أدري ما الذي حمل المؤلف على اختيار هذا الرأي الشاذ ، وأن يُعرض عن الأخذ بعموم الحديث الصحيح ، وبخاصة أنه مذهب الجمهور كما ذكره هو نفسه ، وقد اختاره كثير من العلماء المحققين ، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى) ، والشوكاني في " نيل الأوطار " ، وصديق حسن خان في " الروضة الندية "وغيره ، فهو الحق الذي لا يصح سواه ، ولا يعارضه حديث ابن عباس ، لأمور ذكرها الشوكاني.
ولعل الأقوى أن يقال: إن حديث ابن عباس ورد فيمن صام على رؤية بلده ، ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم ، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يكملوا ثلاثين أو يروا هلالهم ، وبذلك يزول الإشكال ، ويبقى حديث أبي هريرة وغيره على عمومه ، يشمل كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد أو إقليم من غير تحديد مسافة أصلا كما قال ابن تيمية في " الفتاوى " ، وهذا أمر متيسر اليوم للغاية كما هو معلوم ، ولكنه يتطلب شيئا من اهتمام الدول الإسلامية ، حتى تجعله حقيقة واقعية إن شاء الله تبارك وتعالى.
وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك ، فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته ولا ينقسم على نفسه ، فيصوم بعضهم معها وبعضهم مع غيرها ممن تقدمت في صيامها أو تأخرت ، لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد ، كما وقع في بعض الدول العربية منذ بضع سنين ، والله المستعان. أ. هـ
(2)
(م) 28 - (1087) ، (ت) 693 ، (س) 2111 ، (د) 2332 ، (حم) 2790
(د) ، وَعَنْ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ كَانَ بِمِصْرٍ (1) مِنْ الْأَمْصَارِ ، فَصَامَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَشَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَا الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ ، فَقَالَ: لَا يَقْضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ الرَّجُلُ وَلَا أَهْلُ مِصْرِهِ ، إِلَّا أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ أَهْلَ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ صَامُوا يَوْمَ الْأَحَدِ فَيَقْضُونَهُ. (2)
(1) المصر: البلد أو القطر.
(2)
(د) 2333