الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُعْتَكَفُ فِيهِ
(مش)، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه لِعَبْدِ اللهِ رضي الله عنه: عُكُوفٌ بَيْنَ دَارِكَ وَدَارِ أَبِي مُوسَى لَا تُغَيِّرُ؟ ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَلَاثةِ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ "، قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَعَلَّكَ نَسِيتَ وَحَفِظُوا ، وَأَخْطَأتَ وَأَصَابُوا. (1)
(1)(مش) 2771 ، (عب) 8014 ، 8016 ، (ش) 9669 ، (هق) 8357 ، وقال الألباني في الصَّحِيحَة: 2786: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، وقول ابن مسعود ليس نصا في تخطئته لحذيفة في روايته للفظ الحديث ، بل لعله خطَّأه في استدلاله به على العكوف الذي أنكره حذيفة ، لاحتمال أن يكون معنى الحديث عند ابن مسعود: لَا اعتكاف كاملا ، كقوله صلى الله عليه وسلم:" لَا إيمان لمن لَا أمانة له ، ولا دين لمن لَا عهد له " والله أعلم.
ثم رأيت الطحاوي قد أخرج الحديث في " المشكل " من الوجه المذكور ، وادعى نسخه! ، وكذلك رواه عبد الرزاق في " المصنف " ، وعنه الطبراني
واعلم أن العلماء اختلفوا في شرطية المسجد للاعتكاف وَصِفته ، كما تراه مبسوطا في " المصنفين " و" المحلى " وغيرهما ، وليس في ذلك ما يصح الاحتجاج به سوى قوله تعالى:{وأنتم عاكفون في المساجد} ، وهذا الحديث الصحيح ، والآية عامة ، والحديث خاص ، ومقتضى الأصول أن يُحمل العام على الخاص ، وعليه ، فالحديث مخصِّص للآية ، ومبين لها ، وعليه يدل كلام حذيفة وحديثه ، والآثار في ذلك مختلفة أيضا ، فالأولى الأخذ بما وافق الحديث منها ، كقول سعيد بن المسيب: لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدِ نَبِيٍّ. أخرجه ابن أبي شيبة (9672) وابن حزم (ج3ص430) بسند صحيح عنه.
وعلق عليه الشيخ (فلان) بعدما عزاه للبيهقي وسعيد بن منصور بقوله: " وقد انفرد حذيفة بتخصيص الاعتكاف في المساجد الثلاثة "! ، وهذا يبطله قول ابن المسيب المذكور ، فتنبه.
على أن قوله هذا يوهم أن الحديث موقوف على حذيفة ، وليس كذلك كما سبق تحقيقه ، فلا تغتر بمن لَا غيرة له على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخالَف ، والله عز وجل يقول:(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). أ. هـ
(خ م)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدٍ (1) الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى"(2)
الشرح (3)
(1) الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ السَّفَرِ إِلَى غَيْرِهَا، قَالَ الطِّيبِيّ: هُوَ أَبْلَغُ مِنْ صَرِيحِ النَّهْيِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُقْصَدَ بِالزِّيَارَةِ إِلَّا هَذِهِ الْبِقَاع لِاخْتِصَاصِهَا بِمَا اِخْتُصَّتْ بِهِ وَ (الرِّحَال): جَمْع رَحْلٍ ، وَهُوَ لِلْبَعِيرِ كَالسَّرْجِ لِلْفَرَسِ، وَكَنَّى بِشَدِّ اَلرِّحَالِ عَنْ السَّفَرِ ، لِأَنَّهُ لَازِمُهُ ، وَخَرَجَ ذِكْرُهَا مَخْرَجَ اَلْغَالِبِ فِي رُكُوبِ اَلْمُسَافِرِ ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ رُكُوبِ الرَّوَاحِلِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْمَشْيِ فِي الْمَعْنَى اَلْمَذْكُورِ. فتح الباري (ج 4 / ص 190)
(2)
(خ) 1132 ، (م) 1397
(3)
سُمِّيَ اَلْأَقْصَى لِبُعْدِهِ عَنْ الْمَسْجِدِ اَلْحَرَام فِي الْمَسَافَةِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: سُمِّيَ اَلْأَقْصَى لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ وَرَاءَهُ مَسْجِد.
وَقِيلَ: هُوَ أَقْصَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَسْجِدِ اَلْمَدِينَةِ ، لِأَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ مَكَّةَ ، وَبَيْتُ اَلْمَقْدِسِ أَبْعَدُ مِنْهُ.
وَلِبَيْتِ اَلْمَقْدِسِ عِدَّةُ أَسْمَاء ، تَقْرُبُ مِنْ اَلْعِشْرِينَ ، مِنْهَا: إِيلِيَاء، وَبَيْت اَلْمَقْدِسِ، وَالْقُدْسِ، وَشَلَّم، وَسَلِم، وَأُورِي سَلِم.
وَفِي هَذَا اَلْحَدِيثِ فَضِيلَةُ هَذِهِ اَلْمَسَاجِدِ وَمَزِيَّتهَا عَلَى غَيْرِهَا ، لِكَوْنِهَا مَسَاجِدَ اَلْأَنْبِيَاءِ، وَلِأَنَّ اَلْأَوَّلَ: قِبْلَةُ اَلنَّاسِ ، وَإِلَيْهِ حَجُّهُمْ، وَالثَّانِي: كَانَ قِبْلَةَ اَلْأُمَمِ اَلسَّالِفَةِ، وَالثَّالِث: أُسِّسَ عَلَى اَلتَّقْوَى.
وَاخْتُلِفَ فِي شَدِّ اَلرِّحَالِ إِلَى غَيْرِهَا ، كَالذَّهَابِ إِلَى زِيَارَةِ اَلصَّالِحِينَ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا وَإِلَى اَلْمَوَاضِعِ اَلْفَاضِلَةِ لِقَصْدِ اَلتَّبَرُّك بِهَا ، وَالصَّلَاة فِيهَا ، فَقَالَ اَلشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّد اَلْجُوَيْنِيّ: يَحْرُمُ شَدُّ اَلرِّحَالِ إِلَى غَيْرِهَا ، عَمَلًا بِظَاهِرِ هَذَا اَلْحَدِيثِ، وَأَشَارَ اَلْقَاضِي حُسَيْن إِلَى اِخْتِيَارِهِ ، وَبِهِ قَالَ عِيَاضٌ وَطَائِفَة، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ اَلسُّنَنِ مِنْ إِنْكَار أَبِي بَصْرَةَ اَلْغِفَارِيِّ عَلَى أَبِي هُرَيْرَة خُرُوجَهُ إِلَى اَلطُّورِ وَقَالَ لَهُ:" لَوْ أَدْرَكْتُك قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مَا خَرَجْتَ " ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا اَلْحَدِيثِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَرَى حَمْلَ اَلْحَدِيثِ عَلَى عُمُومِهِ، وَوَافَقَهُ أَبُو هُرَيْرَة.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ اَلْمُرَادَ حُكْمُ اَلْمَسَاجِدِ فَقَطْ ، وَأَنَّهُ لَا تُشَدُّ اَلرِّحَال إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ اَلْمَسَاجِدِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ غَيْر هَذِهِ اَلثَّلَاثَةِ؛
وَأَمَّا قَصْدُ غَيْرِ اَلْمَسَاجِدِ لِزِيَارَةِ صَالِحٍ ، أَوْ قَرِيبٍ ، أَوْ صَاحِبٍ ، أَوْ طَلَب عِلْمٍ، أَوْ تِجَارَةٍ، أَوْ نُزْهَةٍ ، فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ.
قَالَ اَلسُّبْكِيّ اَلْكَبِير: لَيْسَ فِي اَلْأَرْضِ بُقْعَةٌ لَهَا فَضْلٌ لِذَاتِهَا حَتَّى تُشَدَّ اَلرِّحَاُل إِلَيْهَا غَيْرَ اَلْبِلَادِ اَلثَّلَاثَةِ، وَمُرَادِي بِالْفَضْلِ: مَا شَهِدَ اَلشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهِ ، وَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ اَلْبِلَادِ ، فَلَا تُشَدُّ إِلَيْهَا لِذَاتهَا ، بَلْ لِزِيَارَةٍ ، أَوْ جِهَادٍ أَوْ عِلْمٍ ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ مِنْ اَلْمَنْدُوبَاتِ أَوْ اَلْمُبَاحَات، قَالَ: وَقَدْ اِلْتَبَسَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِهِمْ ، فَزَعَمَ أَنَّ شَدَّ اَلرِّحَالِ إِلَى الزِّيَارَةِ لِمَنْ فِي غَيْرِ اَلثَّلَاثَةِ دَاخِلٌ فِي اَلْمَنْعِ، وَهُوَ خَطَأٌ ، لِأَنَّ اَلِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ جِنْسِ اَلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَمَعْنَى اَلْحَدِيثِ: لَا تُشَدُّ اَلرِّحَالِ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ اَلْمَسَاجِدِ ، أَوْ إِلَى مَكَانٍ مِنْ اَلْأَمْكِنَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ اَلْمَكَانِ ، إِلَّا إِلَى اَلثَّلَاثَةِ اَلْمَذْكُورَةِ، وَشَدُّ اَلرِّحَالِ إِلَى زِيَارَةٍ ، أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ لَيْسَ إِلَى اَلْمَكَانِ ، بَلْ إِلَى مَنْ فِي ذَلِكَ اَلْمَكَانِ.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ إِتْيَانَ أَحَدِ هَذِهِ اَلْمَسَاجِد لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَالْبُوَيْطِيُّ.
وَقَالَ اِبْن اَلْمُنْذِر: يَجِبُ إِلَى اَلْحَرَمَيْنِ، وَأَمَّا اَلْأَقْصَى فَلَا، وَاسْتَأنَسَ بِحَدِيثِ جَابِر " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ، فَقَالَ: صَلِّ هَاهُنَا ". فتح الباري (ج 4 / ص 190)
(د)، وَعَنْ عَائِشَة رضي الله عنها قَالَتْ:" السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا ، وَلَا يَشْهَدَ جَنَازَةً ، وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً ، وَلَا يُبَاشِرَهَا ، وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ "(1)
(1)(د) 2473 ، (هق) 8377 ، (قط) ج2ص201ح12 ، وحسنه الألباني في الإرواء تحت حديث: 966