الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زِيَارَةُ الْقُبُورِ لِلنِّسَاءِ
(جة)، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ (1) "(2)
(1) قَالَ أَبُو عِيسَى: وَقَدْ رَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُرَخِّصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَلَمَّا رَخَّصَ دَخَلَ فِي رُخْصَتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا كُرِهَ زِيَارَةُ الْقُبُورِ لِلنِّسَاءِ ، لِقِلَّةِ صَبْرِهِنَّ ، وَكَثْرَةِ جَزَعِهِنَّ.
(2)
(جة) 1575 ، (ت) 1056 ، (حم) 8430 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5109، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 3545،
وأخرجه (ت) 320 ، (س) 2043 ، (د) 3236 بلفظ:(زائرات القبور)، فضعف الألباني هذا اللفظ، وصححه بلفظ (زوَّارات).ع
(خ م حم)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:(" مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ لَهَا: اتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي " فَقَالَتْ لَهُ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي - وَلَمْ تَعْرِفْهُ -)(1)(" فَجَاوَزَهَا وَمَضَى " ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ فَقَالَ: مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ ، قَالَتْ: مَا عَرَفْتُهُ ، قَالَ: إِنَّهُ لَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(2)(فَأَخَذَ بِهَا مِثْلُ الْمَوْتِ)(3)(فَجَاءَتْ إِلَى بَابِهِ ، فَلَمْ تَجِدْ عَلَيْهِ بَوَّابًا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَاللهِ مَا عَرَفْتُكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ)(4)
وفي رواية (5): " إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى (6) "
(1)(خ) 1223 ، (م) 15 - (926)
(2)
(خ) 1223 ، (م) 15 - (926)
(3)
(حم) 12480 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(4)
(خ) 6735 ، (م) 15 - (926)
(5)
(خ) 1223 ، (م) 15 - (926) ، (د) 3124 ، (ت) 988 ، (س) 1869
(6)
الْمَعْنَى: إِذَا وَقَعَ الثَّبَاتُ أَوَّلَ شَيْءٍ يَهْجُمُ عَلَى الْقَلْبِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْجَزَعِ ، فَذَلِكَ هُوَ الصَّبْرُ الْكَامِلُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ.
وَأَصْلُ الصَّدْمِ: ضَرْبُ الشَّيْءِ الصُّلْبِ بِمِثْلِهِ ، فَاسْتُعِيرَ لِلْمُصِيبَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقَلْبِ.
قَالَ الْخطابِيّ: الْمَعْنَى أَنَّ الصَّبْرَ الَّذِي يُحْمَدُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ، مَا كَانَ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْمُصِيبَةِ ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ عَلَى الْأَيَّامِ يَسْلُو.
وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ غَيْرِهِ: أَنَّ الْمَرْءَ لَا يُؤْجَرُ عَلَى الْمُصِيبَةِ ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ صُنْعِهِ ، وَإِنَّمَا يُؤْجَرْ عَلَى حُسْنِ تَثَبُّتِهِ ، وَجَمِيلِ صَبْرِهِ.
وَقَالَ ابن بَطَّالٍ: أَرَادَ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَجْتَمِعَ عَلَيْهَا مُصِيبَةُ الْهَلَاكِ ، وَفَقْدُ الْأَجْرِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: صَدَرَ هَذَا الْجَوَابُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهَا (لَمْ أَعْرِفْكَ) عَلَى أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ ، كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا: دَعِي الِاعْتِذَارَ ، فَإِنِّي لَا أَغْضَبُ لِغَيْرِ اللهِ، وَانْظُرِي لِنَفْسِكِ.
وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: فَائِدَةُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ: أَنَّهَا لَمَّا جَاءَتْ طَائِعَةً لِمَا أَمَرَهَا بِهِ مِنَ التَّقْوَى وَالصَّبْرِ ، مُعْتَذِرَةً عَنْ قَوْلِهَا الصَّادِرِ عَنِ الْحُزْنِ ، بَيَّنَ لَهَا أَنَّ حَقَّ هَذَا الصَّبْرِ أَنْ يَكُونَ فِي أَوَّلِ الْحَالِ ، فَهُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ. انْتَهَى وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَتْ: أَنَا أَصْبِرُ ، أَنَا أَصْبِرُ.
وَفِي مُرْسَلِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْمَذْكُورِ: " فَقَالَ: اذْهَبِي إِلَيْكِ ، فَإِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى "
وَزَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِيهِ مِنْ مُرْسل الْحسن: " وَالْعَبْرَةُ لَا يَمْلِكُهَا ابنُ آدَمَ " وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ.
مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ تَأَخَّرَتْ بَعْدَ الدَّفْنِ عِنْدَ الْقَبْرِ ، وَالزِّيَارَةُ إِنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى مَنْ أَنْشَأَ إِلَى الْقَبْرِ قَصْدًا مِنْ جِهَةِ اسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فِي حَقِّهَا ، حَيْثُ أَمَرَهَا بِالتَّقْوَى وَالصَّبْرِ لِمَا رَأَى مِنْ جَزَعهَا ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهَا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا لِتَشْيِيعِ مَيِّتِهَا ، فَأَقَامَتْ عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ ، أَوْ أَنْشَأَتْ قَصْدَ زِيَارَتِهِ بِالْخُرُوجِ بِسَبَبِ الْمَيِّتِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ: مَا كَانَ فِيهِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ التَّوَاضُعِ وَالرِّفْقِ بِالْجَاهِلِ ، وَمُسَامَحَةُ الْمُصَابِ ، وَقَبُولُ اعْتِذَارِهِ، وَمُلَازَمَةُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ.
وَفِيهِ أَنَّ الْقَاضِي لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ مَنْ يَحْجُبُهُ عَنْ حَوَائِجِ النَّاسِ.
وَأَنَّ مَنْ أُمِرَ بِمَعْرُوفٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفِ الْآمِرَ.
وَفِيهِ أَنَّ الْجَزَعَ مِنَ الْمَنْهِيَّاتِ ، لِأَمْرِهِ لَهَا بِالتَّقْوَى مَقْرُونًا بِالصَّبْرِ.
وَفِيهِ التَّرْغِيبُ فِي احْتِمَالِ الْأَذَى عِنْدَ بَذْلِ النَّصِيحَةِ ، وَنَشْرِ الْمَوْعِظَةِ ، وَأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ بِالْخِطَابِ إِذَا لَمْ تُصَادِفِ الْمَنْوِيَّ ، لَا أَثَرَ لَهَا ، وَبَنَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ مَا إِذَا قَالَ: يَا هِنْدُ أَنْتِ طَالِقٌ ، فَصَادَفَ عَمْرَةَ ، أَنَّ عَمْرَةَ لَا تُطَلَّقُ.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ، سَوَاءٌ كَانَ الزَّائِرُ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَزُورُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ، لِعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ فِي ذَلِكَ ،
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَبِالْجَوَازِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي: لَا تَجُوزُ زِيَارَةُ قَبْرِ الْكَافِرِ ، وَهُوَ غَلَطٌ. انْتَهَى
وَحُجَّةُ الْمَاوَرْدِيِّ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ} وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى. فتح الباري (3/ 150)
(ك)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: أَقْبَلَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْمَقَابِرِ، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتِ؟ ، قَالَتْ: مِنْ قَبْرِ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ لَهَا:" أَلَيْسَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ؟، قَالَتْ: " نَعَمْ، كَانَ قَدْ نَهَى، ثُمَّ أَمَرَ بِزِيَارَتِهَا " (1)
(1)، (ك) 1392 ، (يع) 4871 ، (هق) 6999 ، (جة) 1570 صححه الألباني في الإرواء: 775 ، وأحكام الجنائز ص181
(م حم)، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ قَالَ:(قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟، قُلْنَا: بَلَى، قَالَتْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي، " انْقَلَبَ (1) فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا ، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ (2) رُوَيْدًا ") (3) .. (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيْنَ خَرَجْتَ اللَّيْلَةَ؟) (4) (قَالَ:" إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِي فَأَجَبْتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، وَظَنَنْتُ أَنَّكِ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي، فَقَالَ لِي: إِنَّ رَبَّكَ يَأمُرُكَ أَنْ تَأتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ "، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ:" قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأخِرِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ ") (5)
(1) أَيْ: رَجَعَ مِنْ صَلَاة الْعِشَاء. شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 377)
(2)
أَيْ: أَغْلَقَهُ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم فِي خُفْيَةٍ لِئَلَّا يُوقِظَهَا وَيَخْرُجَ عَنْهَا، فَرُبَّمَا لَحِقَهَا وَحْشَةٌ فِي اِنْفِرَادِهَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْل. شرح النووي (ج 3 / ص 401)
(3)
(م) 974 ، (س) 3963
(4)
(حم) 24656 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده محتمل للتحسين.
(5)
(م) 974 ، (س) 2037