الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِفْرَادُ يَوْمِ السَّبْتِ بِصِيَام
(ت جة حم)، عَنْ الصَّمَّاءِ بِنْتِ بُسْرٍ السُّلَمِيِّةُ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا عُودَ عِنَبٍ أَوْ لِحَاءَ شَجَرَةٍ فَلْيَمُصَّهُ)(1) وفي رواية: (فَلْيَمْضُغْهُ)(2)(فَلْيُفْطِرْ عَلَيْهِ (3) ") (4)
(1)(جة) 1726 ، (ت) 744 ، (د) 2421 ، (حم) 17726
(2)
(ت) 744 ، (د) 2421 ، (حم) 27120
(3)
قلت: فيه دليل أن مصَّ العود ونحوه مع ابتلاع الريق يُفَطِّر. ع
(4)
(حم) 27122 ، (خز) 2164 ، (حب) 3615 ، وصححه الألباني في الإرواء: 960 ، وقَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ.
وقال الألباني: ولعل دليل النسخ عنده حديث كريب مولى ابن عباس: (أن ابن عباس وناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوني إلى أم سلمة أسألها: أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لصيامها؟ ، قالت: يوم السبت والأحد ، فرجعت إليهم ، فقالوا: إنا بعثنا إليك هذا في كذا ، وذكر أنك قلت: كذا ، فقالت: صدق ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام السبت والأحد ، وكان يقول: إنهما عيدان للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم). أخرجه ابن حبان والحاكم وقال: (إسناده صحيح) ووافقه الذهبي.
قلت: وضعَّف هذا الاسناد عبد الحق الإشبيلي في (الاحكام الوسطى) وهو الراجح عندي ، لأن فيه من لا يُعرف حاله كما بينته في (الأحاديث الضعيفة) ، ولو صح لم يصلح أن يُعتَبَر ناسخا لحديث بنت بسر ولا أن يعارَض به لما ادعى الحاكم ، لإمكان حمله على أنه صام مع السبت يوم الجمعة ، وبذلك لا يكون قد خص السبت بصيام ، لأن هذا هو المراد بحديث بنت بسر كما سبق عن الترمذي.
ولذلك قال ابن عبد الهادي في (تنقيح التحقيق) عقب حديث ابن عباس: (وهذا لا يخالف أحاديث الانفراد بصوم يوم السبت ، وقال شيخنا - يعني ابن تيمية -: ليس في الحديث دليل على إفراد يوم السبت بالصوم ، والله أعلم).
قلت: وهذا أولى مما نقله المصنف عن ابن تيمية فقال: (واختار الشيخ تقي الدين أنه لا يُكره صوم يوم السبت مفردا ، وأن الحديث شاذ أو منسوخ).
ذلك لأن الحديث صحيح من طرق ثلاث كما سبق تحريره ، فأنى له الشذوذ. أ. هـ
وقال الألباني في تمام المنة ص 406: وتأويل الحديث بالنهي عن صوم السبت مفردا يأباه قوله: " إلا فيما افترض عليكم "، فإنه كما قال ابن القيم في " تهذيب السنن ":" دليل على المنع من صومه في غير الفرض مفردا أو مضافا " ، لأن الاستثناء دليل التناول ، وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه ، إلا صورة الفرض ، ولو كان إنما يتناول صورة الأفراد لقال: لا تصوموا يوم السبت ، إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده ، كما قال في الجمعة ، فلما خصَّ الصورة المأذون فيها صومها بالفريضة ، عُلِم تناول النهي لما قابلها "
قلت: وأيضا لو كانت صورة الاقتران غير منهي عنها ، لكان استثناؤها في الحديث أولى من استثناء الفرض ، لأن شبهة شمول الحديث له أبعد من شموله لصورة الاقتران ، فإذا استثني الفرض وحده ، دل على عدم استثناء غيره كما لا يخفى ، وإذ الأمر كذلك ، فالحديث مخالف للأحاديث المبيحة لصيام يوم السبت ، كحديث ابن عمرو الذي قبله ، ونحوه مما ذكره ابن القيم تحت هذا الحديث في بحث له قيِّم أفاض فيه في ذكر أقوال العلماء فيه ،
وانتهى فيه إلى حمل النهي على إفراد يوم السبت بالصوم ، جمعا بينه وبين تلك الأحاديث ، وهو الذي مِلت إليه في " الإرواء "، والذي أراه - والله أعلم - أن هذا الجمع جيد لولا أمران اثنان: الأول: مخالفته الصريحة للحديث على ما سبق نقله عن ابن القيم.
والآخر: أن هناك مجالا آخر للتوفيق والجمع بينه وبين تلك الأحاديث إذا ما أردنا أن نلتزم القواعد العلمية المنصوص عليها في كتب الأصول ومنها:
أولا: قولهم: إذا تعارض حاظر ومبيح ، قُدم الحاظر على المبيح.
ثانيا: إذا تعارض القول مع الفعل ، قدم القول على الفعل ، ومن تأمل في تلك أحاديث المخالفة لهذا ، وجدها على نوعين: الأول: من فعله صلى الله عليه وسلم وصيامه ، والآخر: من قوله صلى الله عليه وسلم كحديث ابن عمرو المتقدم ، ومن الظاهر البَيِّن أن كلا منهما مُبيح ، وحينئذ فالجمع بينها وبين الحديث يقتضي تقديم الحديث على هذا النوع ، لأنه حاظر وهي مُبيحة ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لجويرية:" أتريدين أن تصومي غدا " وما في معناه مبيح أيضا ، فيقدم الحديث عليه ، هذا ما بدا لي ، فإن أصبت فمن الله وله الحمد على فضله وتوفيقه ، وإن أخطأت فمن نفسي ، وأستغفره من ذنبي. أ. هـ
وقال الألباني في الصَّحِيحَة: 2398: واعلم أنه قد صح النهي عن صوم يوم السبت إِلَّا في الفرض ، ولم يستثن صلى الله عليه وسلم غيره ، وهذا بظاهره مخالف لما تقدم من إباحة صيامه مع صيام يوم الجمعة ، فإما أن يقال بتقديم الإباحة على النهي ، وإما بتقديم النهي على الإباحة ، وهذا هو الأرجح عندي. أ. هـ