الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبيه بغَرناطة، وقدِ انقَرضوا إلّا القليلَ الخاملَ إلا شيخًا [نَزْرَ العلم يَعتمِدُ على] الارتزاقِ من باديةٍ له يَرجِعُ إلى جَوْدةٍ ونفورٍ عن الناس [....] اسمُه عليُّ بن أحمدَ بن وليدٍ الأنصاريّ.
62 -
محمدُ (1) بن [أحمدَ بن محمد بن خَلَف بن] مُفرِّج بن خَلَف بن معروفِ بن عبد الرّحمن بن معروفِ بن محمد بن هِشام، [أبو عبد الله] ابنُ معروف، سَلَويٌّ.
رَوى ببلدِه عن أبي إسحاقَ بن قُرقُول، [وبسَبْتةَ عن أبي محمد] بن عُبَيد الله، وبإشبيلِيَةَ عن أبي عبد الله بن زَرْقون، وأبي محمد بن [جُمْهور، وبغَرناطةَ] عن أبي جعفر بن حَكَم، وأبي الحَسَن بن كَوْثر، وأبي خالد بن رِفاعةَ، وأبي [عبد الله بن] عَرُوس، وبمُرْسِيَةَ عن أبي بكر بن أبي جَمْرةَ. ورَوى أيضًا عن أبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبي [القاسم] بن سَمَجُون.
ورَحَلَ وحَجَّ وأخَذَ بالإسكندَريّة عن أبي الحَجّاج مكيِّ بن محمد بن إدريسَ بن مُنادٍ الجَمْريِّ المُخلِّص، ورَوى أيضًا عن أبي محمد ابن الصَّبّاغ.
رَوى عنه أبو العبّاس بنُ فَرتون. وحدَّث عنه بالإجازة أبو بكرٍ ابنُ غَلْبون. وكان فقيهًا محدِّثًا مُتهَمِّمًا بالعلم ولقاءِ حَمَلتِه عاقدًا للشُّروط، ولِيَ المَناكحَ بمِكناسةِ الزَّيتون، وشُكِرت أحوالُه، وعَرِف بالعدلِ والنّزاهةِ وحُسنِ الطريقة (2).
63 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن أبي الحُسَين سُليمانَ بن محمد بن عبد الله السَّبَئِيُّ، مَرّاكُشِيٌّ، مالَقيُّ أصلِ السَّلَف، أبو عبد الله، ابنُ الطَّراوة
(3).
(1) له ترجمة في صلة الصلة 3/الترجمة 18.
(2)
قال ابن الزبير: "ذكره الشَّيخ -يعني ابن فرتون- في الذيل وقال: أجاز لي سنة عشر وست مئة وصحبته مدة بمكناسة الزيتون".
(3)
هو حفيد ابن الطراوة النحوي المشهور، انظر الذيل (4/الترجمة 196) وفي البيان المغرب (3/ 283) ذكر لأبي عبد الله ابن الطراوة ممن تولوا خطة الإشراف في عهد الرشيد الموحدي فلعله المترجم، ووالده مترجم في الذيل 6/ الترجمة 648.
وهُو ابنُ أُختِ الكاتبِ أبي الحَسَن عليِّ بن عَيّاش القُرطُبيِّ اليابُرِيِّ (1). رَوى عن أبي إسحاقَ الزَّواليِّ، وأبي جعفر بن عَوْنِ الله الحَصّار، وآباءِ الحَسَن: سَهْل بن مالك وابن حَزمُون وابن القَطّان وابن يوسُفَ بن شَرِيك، وأبي زكريّا المَرْجيقيِّ، وأبي الصَّبر الفِهريّ، وأبي عبد الله ابن الجِذْع، وأبي العبّاس بن إبراهيمَ المَكّاديّ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله، وغيرِهم.
وكان حافظًا للتواريخ على تبايُن أنواعِها، ذاكرًا لها، مُحاضِرًا بها، أديبًا بارعًا، كاتبًا مُحسِنًا، يَقرِضُ شعرًا يُحسِنُ في أقلِّه، ممتِعَ المجالسة، بارعَ الخَطّ، رائقَ الطريقة، أنيقَ الوِراقة متقَنَ التقييد، مليحَ التندير، نَسّابةً لخطوطِ المشايخ، كثيرَ الإحكام لأمورِه وأدواتِه كلِّها، ظريفَ الملابس، شديدَ المحافظة على كُتُبِه، مُثابِرًا على الاعتناءِ بتصحيحها، مُتَهمِّمًا باقتناءِ الأصُول التي بخطوطِ أكابرِ الشيوخ أو عُنُوا بضبطِها، وجَمَعَ منها جملةً وافرة.
جالستُه طويلًا، واستَفَدتُ بمُذاكرتِه ومُجاورته كثيرًا، وكانت بينَه وبينَ أبي رحمهما اللهُ مودّةٌ قديمةٌ متأكِّدةٌ كان يَذكُرُها [دائمًا] ولم أستَجِزْه، ولا قرأتُ عليه، ونَدِمتُ على ما فاتَني منه، فقد كان [حريصًا على] إفادتي، رحمه الله.
توفِّي بسِجِلْماسةَ ظُهرَ يوم الأحدِ لستٍّ بقِينَ [....] سنةَ تسع وخمسينَ وست مئةٍ وقد شارَفَ الثمانينَ عن عَقِبٍ خامل.
64 -
محمدُ (2) بن أحمدَ بن محمد بن مَرْوانَ (3) التَّغْمَريُّ (4) -بتاءٍ معلوٍّ مفتوح [وسكونِ الغَيْن] المعجَم وفتح الميم وراءٍ منسوبًا- سَبْتيٌّ، أبو عبد الله.
دَخَلَ الأندَلُسَ [لسَماع الحديثِ] فتجوَّلَ بها في التماسِه بالجزيرةِ الخَضْراءِ وإشبيلِيَةَ ومالَقةَ والمَرِيّة وغيرِهما.
(1) هو أبو الحسن علي بن عبد الملك بن عياش، وتقدم أبوه عبد الملك في السفر الخامس، الترجمة 64.
(2)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (1731)، والذهبي في المستملح (343) وتاريخ الإسلام 13/ 261.
(3)
في التكملة: "مرزوق".
(4)
منسوب إلى تغمر قبيلة من البربر، وقيدها السيوطي في البغية 1/ 540 بالعين المهملة، وما نظنه إلا واهمًا.
[وشرَّقَ] وأخَذَ هنالك سنةَ ستٍّ وتسعينَ وخمس مئة عن خَلْق كثيرٍ، من مشاهيرِهم: أبو القاسم عبدُ الرّحمن بنُ مكِّيّ بن مُوَقّى، وهبةُ الله بنُ عليّ البُوصِيريُّ، وأبو محمدٍ القاسمُ بن عليِّ بن عساكر، وأبو نِزار ربيعةُ بن الحَسَن الحَضْرَميُّ، وغيرُهم، وأكثرَ عنه وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ، وكان من أهل الضّبطِ والإتقانِ والعنايةِ التامّة بروايةِ الحديث وسَماعِه من أهلِه.
65 -
محمدُ (1) بن أحمدَ بن محمدٍ اللَّخْميُّ، تلمسينيٌّ، مِكْناسيُّ الأصل حديثًا، أَلْشِيُّه قديمًا، أبو عبد الله، ابنُ الحَجّام، وهو أبوه.
تَلا بالسَّبع على أبي العبّاس الأعرَج، وأخَذ بفاسَ عن أبي الحَجّاج بن عبد الصّمد بن نَمَويّ، وأبي القاسم بن يوسُفَ بن الحَسَن بن زانيفَ (2)، واختَصَّ بصُحبةِ أبي زَيْد الفازَازيّ (3).
رَوى عنه ابنُه أبو محمدٍ (4)، وأبو زكريّا بن محمد بن طُفَيْل، وكان فاضلًا صالحا زاهدًا ذا حَظّ من الأدب وقَرْض الشِّعر، أكمَهَ، مالَ إلى طريقةِ الوعظِ
(1) له ترجمة في التشوف (268)، والذخيرة السنية 51، وانظر بغية الرواد: 27 وتعريف الخلف 2/ 352، والأعلام للزركشي 6/ 214، ومعجم المؤلفين 9/ 15، وقد صُحّفت شهرة ابن الحجام في بعض هذه المصادر إلى ابن اللجام وابن اللحام.
(2)
ستأتي ترجمة ابن نموي، أما ابن زانيف فهو عبد الرحمن بن يوسف ابن زانيف، له ترجمة في جذوة الاقتباس رقم 401.
(3)
ترجمة أبي زيد الفازازي في التكملة (2356)، وبرنامج الرعيني، (38) وأعلام مالقة (100)، والإحاطة 3/ 517، وتاريخ الإسلام 13/ 837، وبغية الوعاة 2/ 91 وغيرها.
(4)
ورد ذكره في إجازة أبي إسحاق ابن الحاج هكذا: "والصالح -هو ابن الحجام زاهد واعظ، نزل تونس، وأصله من إلش، ونشأ بمراكش، أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد اللخمي" وذكره أيضًا عند سرد مقروءاته فقال: "وقرأت أيضًا على الإمام أبي محمد عبد الله بن محمد اللخمي كتاب معرفة أنواع علم الحديث إملاء أبي عمرو ابن الصلاح، وحدثني به عن مؤلفه رحمه الله سماعًا عليه" رحلة ابن رشيد 2/ 132، 148. وورد ذكره مرة ثالثة في هذه الرحلة في مقدمة شيوخ الأشعري (انظر ص 409 تحقيق الشيخ ابن الخوجة) وانظر أيضًا برنامج الوادي آشي: 52، 66، 235.
والتذكير، فرَأسَ فيها أهلَ عصرِه بحُسن الصّوت وغَزارة الحفظِ وإتقان الإيراد والصِّدق والإخلاص في وصَاياهُ وتذكيرِه، فنفَعَ اللهُ به خلقًا كثيرًا في بلادٍ شَتّى، وكان آيةً من آياتِ الله في سُرعةِ الحفظ.
قال أبو زَيْد الفازَازيُّ: كنتُ بحضرةِ مَرّاكُشَ أصنَعُ مجالسَ وَعْظٍ في أنواع يقومُ بها على رؤوس الناس الواعظُ أبو عبد الله، يعني هذا، في يوم الاثنينِ والخميس من كلِّ أسبوع، وكان حَسَنَ الصّوت، فصيحَ اللّسان كثيرَ البيان، وكان يأتي منزلي فأكتُبُها له، وكان يرغَبُ إليّ أن أرفَعَ صَوْتي عندَ الكتابة لأُسمِعَه، فما رأيتُ أسرعَ حفظًا منه، ما أكاد أُكمِلُها معَ ما فيها من قصائدَ إلا وقد حَفِظَها، وكان سُكناه مَرّاكُشَ باستدعاءِ المنصُور، من بني عبد المؤمن، إيّاه لذلك، وكانت ألطافُه تَتوالَى عليه إلى أن توفِّي، فحَظِيَ كذلك عندَ ابنِه الناصِر، وبالَغَ في الإحسان إليه إلى أن توفِّي، وجَرى المستنصِرُ ابنُه في الاحتفاءِ به والاحتفال في صِلاتِه مَجْرَى أبيه وجَدِّه، [ولم يكنْ يَدَّخرُ] من عَطاياهُم قليلًا ولا كثيرًا، إنّما كان يَصرِفُ ما يصِلُ إليه [من بني عبد المؤمن] وغيرِهمِ في الفقراءِ والمساكين والمحتاجينَ وتجهيزِ الضَّعيفاتِ إلى [أزواجِهنّ] هذا كان دأْبَه إلى غايةِ عُمُرِه نفَعَه الله.
وقال أبو عَمْرو بنُ سالم (1)، [نَقْلًا عمّن حدَّثه] من طلبةِ مَرّاكُشَ قال: كان أبو عبد الله الواعظُ الأعمى من أحفظِ الناس [ولا أدري مِن أيِّهما] أعجَب: أمِن سُرعة حِفظِه أم مِن سُرعةِ خاطِرِ أبي زيدٍ الفازازيِّ الذي كان [يُمِلي الخُطَبَ] والأشعارَ ارتجالًا؟ (2).
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ولابن الحَجّام كتابٌ حَفِيلٌ في الوَعْظِ سَمّاه "حُجّةَ الحافظين ومَحَجّةَ الواعظين" معظَمُ ما أودَعَه [فيه مِن كلام] أبي زَيْد
(1) انظر الذيل (5/ الترجمة 164).
(2)
تحدث الرعيني عن سرعة بديهة الفازازي وقال: "شاهدته مرارًا ينظم القصيدة من أربعين بيتًا إلى سبعين فيكتبها في القرطاس كأنما هو لها ناقل لا قائل وراسم لا ناظم".
الفازَازيِّ (1)، وأضاف إليه يسيرًا من كلام غيرِه، واختَصَرَ هذا الكتابَ لزيمُهُ أبو زكريّا بنُ محمد بن طُفَيْل، وسَمّاه "أنوارَ مجالسِ الأذكار وأبكارَ عرائسِ الأفكار"، وقد وقَفْتُ على هذا المختصَر في مجلَّدينِ ضَخْمَيْنِ بخطِّ منتخبِه.
ومما يؤثَرُ من نظمِه [من الوافر]:
غريبُ الوَصْف ذو علم غريبِ
…
عليلُ القلبِ من حبِّ الحبيبِ
إذا ما اللّيلُ أظلَمَ قام يبكي
…
ويشكو ما يُكِنُّ من النَّحيبِ (2)
يُقطِّعُ ليلَهُ فكرًا وذكرًا
…
وينطِقُ فيه بالعَجَبِ العجيبِ
به من حبِّ سيّدِهِ غرامٌ
…
يَجِلُّ عن التطبُّبِ والطّبيبِ
ومن يَكُ هكذا عبدًا محبًّا
…
يَطِيبُ تُرابُهُ من غيرِ طيبِ
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: رَفْعُ "يطيبُ" معَ جَزْم "يكُ" غيرُ مستقيم، وإصلاحُه: تَطِبْ أثوابُه، أو ما هو على وزنِه وفي معناه أو ما يُناسبُه، وسمِعتُ شيخَنا أبا القاسم البَلَويَّ (3) رحمه الله يقول: حضَرتُ مجالسَ وعظِه كثيرًا بالجامع الأعظم من إشبيلِيَةَ، فكان في حُسن صوتِه وبَراعةِ إيرادِه، واستحكام تأثيرِه، وانفعالِ القلوبِ لتذكيرِه، بمقام تَكَلُّ العبارةُ عن وَصْفِه، ولقد شاهدتُه في بعضِها وقد نَدَبَ الناسَ إلى افتكاكِ أُسارى، فتسارَعَ الناسُ إلى بَذْلِ ما حضرِهم، وخَلَعَ كثيرٌ منهم بعضَ ما كان عليه من الثّيابِ، فعَهْدي بها قد تراكمَت أمامَ مِنبَرِه حتى كادت تَحجُبُه عن الأبصار، سوى ما وَعَدَ به، فتجمَّلَ في أثمانِ تلك الثِّيابِ مالٌ جَسِيم.
وهو الذي صَلّى على أبي إسحاقَ الكانميِّ حين توفِّي حسبَما تقَدَّم ذكْرُه (4).
(1) في برنامج الرعيني أنه روى عن الفازازي جميع خطبه التي كان ينشئها للواعظ أبي عبد الله ابن الحجام.
(2)
في الذخيرة السنية: "الوجيب".
(3)
تقدمت ترجمته في السفر الأول، الترجمة 674.
(4)
يحيل المؤلف على سفر مفقود من كتابه، ونقدر أنه السفر السابع، وقد تقدمت الإشارة إلى بعض مصادر ترجمة المذكور.