الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن عَمِيَت أنباؤهمْ حيث يَمَّموا
…
فسرِّيَ يرعاهمْ بكلِّ مكانِ
وعنديَ ما لا يُمكنُ اللفظُ شَرْحَهُ
…
وإن كنتُ معزوًّا لفضل بيانِ
أورِّي بسَلعٍ والعُذَيْبِ وحاجرٍ
…
وتلك مغَانٍ ما لهُنَّ معانِ (1)
أليس قبيحًا من نفوس نفائسٍ
…
بأيدي الغواني المُصْبِياتِ عَوانِ؟
وأذكُرُ سُكّان العُذَيبِ تستُّرًا
…
وما ذكْرُ سُكّانِ العُذيْبِ بشانِ
[ولكنْ بقلبي] مَن هو القلبُ كلُّهُ
…
ومَن ذِكْرُه في خاطري ولساني
[حبيبٌ إذا] لاحظتُ لم أرَ غيرَهُ
…
على أنه إذ لا أراه يَراني
[وإنّي] لأستحييهِ أن أشكوَ الهوى
…
ومالي بما حُمِّلتُ منه يَدانِ
[فمن فضلِه] وَجْدي به وتوَلُّهي
…
ومن جُودِه ما أشتكي وأُعاني
فُطِرتُ على حبِّي له وكأنّما
…
بَراني لمعنى الحبِّ حين بَراني (2)
مولدُه إمّا في آخِر اثنتينِ وإمّا في أولِ ثلاثٍ وثمانينَ وخمس مئةٍ [بسَبْتة] وتوفِّي بها صَبيحةَ يوم السّبت لثلاثٍ بقِينَ من رجَبِ إحدى وستينَ وست مئة، ودُفن ضُحى يوم الأحد بعدَه.
89 - محمدُ بن الحَسَن الخَزْرَجيُّ، أبو عبد الله
.
قَدِمَ الأندَلُسَ طالبًا العلمَ، فروَى بإشبيلِيَةَ عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي الحَسَن شُرَيْح.
(1) العذيب والغور والنعف وبدلان وصدي والخيف وذات البين وأبان وسلع وحاجر: كلها أسماء أماكن ترد في الشعر وكتب البلدان.
(2)
وردت القصيدة في مذكرات ابن الحاج النميري مع أشعار أخرى للمترجم مأخوذة من برنامج أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الغافقي نزيل سبتة، وهو من الآخذين عن ابن المحلي (المصدر المذكور (نسخة مرقونة) من ص 41 إلى ص 43 تحقيق دي بريمار).
90 -
محمدُ (1) بن حَسُّون المغربيُّ، فاسيٌّ أو ممّا يُصاقِبُها، أبو عبد الله.
أخَذَ عن أبي بكر بن عُثمانَ (2) وطائفةٍ من أصحابِ أبي الحَسَن اللَّمَطيّ (3). وبسَبْتة عن أبي عبدِ الله بن عيسى (4)، وبإشبيلِيَةَ عن أبي عبد الله بن يحيى، وبقُرطُبةَ عن أبي الوليد بن رُشْدٍ الكبير.
رَوى عنه أبو العبّاس ابنُ الصَّقْر، وقال: كان الفقهُ بضاعتَه، ولم يكنْ في عصرِه أحفظَ منه لمسائلِ الفقه ولا أوقَفَ منه على مَناقلِ الأحكام، معَ صِيانةٍ وخيرٍ ودِينٍ مَتِين.
91 -
محمدُ (5) بن حُسَين بن عبد الله ابن حَبُوس، فاسيٌّ أبو عبد الله.
وحَبُوسٌ: مَوْلى بني أبي العافية الذين مَلَكوا المغرِبَ الأقصى أيامَ بني أُميّةَ الأندَلُسيِّينَ فمَن بعدَهم، وأصلُهم من بني مقدول من تسولَ: إحدى القبائل اللائي بجهة تازَةَ، وكانت موضِعَ بني العافية وحاضِرة سُلطانِهم إلى أيام يوسُفَ ابن تاشَفِين، فانتقَضَ مُلكُهم، وانتَثَر سِلكُهم، وذهبت أيامُهم، وتلك عادةُ الله وسُنّتُه في الذين خَلَوْا من قبل، ولن تجدَ لسُنّة الله تبديلًا (6).
(1) ورد ذكره في نوازل القاضي عياض: 61 - 62 (مخطوط) وانظر مجلة المناهل 22 ص 251.
(2)
له ترجمة في جذوة الاقتباس رقم 26، ووالده عثمان بن مالك شارح "المدونة" له ترجمة في الجذوة أيضًا رقم 500.
(3)
كذا في الأصل ولعل الصواب: اللواتي، وترجمته في الجذوة رقم 509.
(4)
هو قاضي سبتة المعروف، ترجمته في صلة ابن بشكوال (1327) والتعليق عليه.
(5)
ترجمه التجيبي في زاد المسافر 43، وابن دحية في المطرب 199، والقفطي في "المحمدون من الشعراء" 1/ 342، وابن الأبار في التكملة (1725)، وابن القطان في نظم الجمان 134، والذهبي في المستملح (332) وتاريخ الإسلام 12/ 443، والمراكشي في الإعلام 4/ 110. وتنظر مقالات السادة: الفاسي في الثقافة المغربية 1941 م وكنون وابن تاويت الطنجي في الثقافة المغربية 1971 - 1972 م، وزمامة في مجلة كلية الآداب بالرباط 1980 م.
(6)
هذا الكلام منقول من المطرب: 199.
رَوى أبو عبد الله عن أبي بكرٍ الأبيض (1)، رَوى عنه أبوا محمد: ابنُ محمد التادَليُّ (2) وعبدُ العزيز بن عليّ بن زيدانَ (3).
وكان شاعرًا مُفلِقًا من جِلّة فُحول الشّعراء، متفنِّنًا في معارفَ سوى ذلك من كلام ونحوٍ ولُغة. وُلد بفاسَ ونشَأَ بها، وتأدَّبَ بالعلماءِ من أهلِها والطارئينَ عليها، وقال الشّعرَ في صِباه، ثم رَحَلَ إلى تِلِمْسينَ فأقام بها يسيرًا، ثم رَحَلَ إلى مَرّاكُش فأقام بها قليلًا، ثم قَدِمَ الأندَلُسَ فتردَّد في بعض بلادِها معظمَ عصرِ شبيبتِه إلى أن ظَهَرَ أمرُ عبد المؤمن بالعُدْوةِ واستَوْلى على مَرّاكُش، فسار إليها واستَوطنَها متنقِّلًا بانتقالِ عبد المؤمن يصحَبُ رِكابَه ويسيرُ معَه في حركاتِه، [وبعدَ] انصرافِ عبد المؤمن من فتح المَهْديّة سنةَ أربع وخمسينَ وخمس مئة، [فارقَه و] عادَ إلى فاسَ فاستَوطنَها، وله في عبد المؤمن وبنيهِ أمداحٌ رائقة، [ومنها في] عبد المؤمنِ وقد حَلَّ برِباط الفَتْح من قصيدة [من الطويل]:
ألا أيُّهذا البحرُ جاوَرَكَ البحرُ
…
وخيَّم في أرجائكَ النفْعُ والضُرُّ
وجاشَ على أمواجِك الحِلمُ والحِجا
…
وفاضَ على أعطافِك الإمرُ والأمرُ
وسال عليك البرُّ خيلًا كُماتُها
…
إذا حاولَتْ غزوًا فقد وجَبَ النّصرُ
وليس اشتراكُ اللفظِ يوجبُ مِدحةً
…
ولكنّه إن وافَقَ الخَبَرَ الخُبرُ
فما لكَ من وصفٍ تُشاركُهُ بهِ
…
سوى خُدَع في النّطق زخرفها الشعرُ
وما لك من معنًى يُشيرُ إلى التي
…
تَفُوهُ به إلا السّلاطةُ والغَدْرُ
(1) أخباره وأشعاره في زاد المسا فر: 66 - 71، والخريدة 2/ 160، والمطرب: 199، والمغرب 2/ 127، والنفح (الفهرس). وانظر رأي ابن حبوس فيه في برنامج الرعيني:204.
(2)
ترجمته في التكملة (2206).
(3)
ترجمته في التكملة (2487)، وبغية الوعاة 2/ 101 - 102 وفي تاج العروس لدى ذكر الشاعر ما نصه:"روى شعره عبد العزيز بن زيدان".
فأنت خديمُ البدر والشمس عَنْوةً
…
وتَخدُمُه في أمرِه الشمسُ والبدرُ
ويَحويكَ شطرُ الأرض تَعمُرُ بعضَهُ
…
وفي صدرِه الأفلاكُ والبحرُ والبَرُّ (1)
ومن هذه القصيدة:
هنيئًا لأهل الغَرْب إن حَلَّها (2) امرُؤٌ
…
به تَصلُحُ الأيامُ إن فَسَدَ الدهرُ
وبُشرى لهذا السّيفِ ماءٌ يحُدُّهُ (3)
…
لقد بَهَرتْ فيه السماحةُ والبِشرُ
ومنها (4):
بنَى فَرْضةً (5) أُمَّ البلادِ، فكلُّها
…
يَسُحُّ عليها (6) من مَراضِعِها دُرُّ
تكنَّفَها الماءانِ من كلِّ جانبٍ
…
نقيضانِ ذا حلوُ المذاقِ وذا مُرُّ
فهذا عليهِ المَدُّ والجَزْرُ دائبًا
…
وذلك لا مَدٌّ عليه ولا جَزْرُ
ومنها:
غَدَتْ نقطةً في ضِمن دائرةِ الدُّنا
…
فلا أُفُقٌ يَنْأَى عليها ولا قَطْرُ
فمن حيثُ ما رُمتَ الجوانبَ نِلتَها
…
بيُسرٍ ولا كدٌّ عليك ولا عُسرُ
(1) وردت هذه الآيات في زاد المسافر: 2 - 3 مع اختلاف في الرواية بالتقديم والتأخير والزيادة والنقصان.
(2)
حلها: أي: أرض الغرب.
(3)
كلمة غير منقوطة.
(4)
في هذا الجزء من القصيدة الذي لم يرد في موضع آخر إشارة إلى بناء عبد المؤمن قصبة الرباط أو فرضة الرباط كما يقول الشاعر، وفيه كذلك إشارة إلى حيل المهندسين في جلب الماء إليها من عين غبولة وإلى المنافع المتيسرة للمدينة بحكم موقعها، وقول الشاعر:"غدت نقطة" إلخ البيتين ينطبق على الرباط العاصمة اليوم. انظر في هذا الموضوع: الاستبصار: 140 - 141.
(5)
في الأصل: "فرقة" ولعل الصواب ما أثبتنا، والإشارة إلى فرضة رباط التي أحدثها عبد المؤمن.
(6)
في الأصل: "عليه".
كذلك (1) أعماقُ الجُسوم وطولُها
…
وإن بَعِدت يعني بأمدادِها السِّحرُ
يفوحُ ترابُ الأرضِ من طِيبِ نَشْرِهِ
…
ففي معطِس (2) الأيام من طِيْبه نَشْرُ
[ويغدو الثَّرى تِبرًا] بمَوْطِئ رجلِهِ
…
وتحسُدُه فيه الفراقدُ والنَّسرُ
[ولا تَحسُدُ الأيامُ] فيه ولا كما
…
تَنافَسَ شهرَ الصَّوم كَرَمٌ والفِطرُ (3)
[وكلُّ شهورِ العام] من جُلِّ همِّها
…
إذا احتَلَّ شهرًا أنه ذلك الشهرُ
ومن شعره في التوحيد، والزُّهد، والتمسُّك بالسُّنّة [من الكامل]:
[أقصِرْ] ظِماءك (4) في شريعةِ أحمدِ
…
تُسقَى إذا ما شئتَ غيرَ مُصرَّدِ
[وتوَخَّ] أعطانَ الدِّيانة علَّها
…
تُدنيكَ من حَوْض النبيِّ محمدِ (5)
[لُذْ] بالنُّبوةِ واقتبِسْ من نُورِها
…
واسلُكْ على نهج الهدايةِ تهتدِ
وإذا رأيتَ الصادرينَ عشيَّةً
…
عن مَنْهَل الدِّين الحنيفِ فأورِدِ
الدِّينُ دينُ الله لم يعبَأْ بمُبـ
…
ـتَدِعٍ ولم يحفِلْ بضِلّةِ مُلحِدِ
قالوا: بنورِ العقل يُدرَكُ ما ورا
…
ءَ الغيبِ، قلتُ: قَدِي من الدعوى قدِ
بالشّرع يُدرَكُ كلُّ شيءٍ غائبٍ
…
والعقلُ يُنكرُ كلَّ ما لم يَشهَدِ
(1) في الأصل: "فذلك"، ويبدو أنه تحريف.
(2)
في الأصل: "معطش"، وهو تصحيف.
(3)
هكذا في الأصل، وفيه خلل.
(4)
الظماء: الظمأ، وأقصر ظماءك .. إلخ معناه: رد حوض الشريعة ولا ترد غيره. والشطر الثاني للنابغة الذبياني إذ يقول:
وتسقى إذا ما شئت غير مصرد
…
بصهباء في حافاتها المسك كارع
وغير مصرد، أي: غير مقطوع ولا ممنوع.
(5)
أعطان: جمع عطن، وهو المناخ حول الورد.
من لم يُحِطْ علمًا بغايةِ نفسِهِ
…
وهي القريبةُ، من لهُ بالأبعدِ؟
ولقد نَرى الفَلَكَ المُحيطَ وعلمُ ما
…
في ضمنِه أعيى على المترصِّدِ
سَعدُ المجَرّةِ بالكواكب دائمٌ
…
في زَعْمِهمْ وقسيمُها لم يَسعَدِ
من خَصَّ بالسُّفليِّ جِرْمَ البدرِ أم
…
من خصَّ بالعُلْويِّ جِرمَ الفَرقَدِ
ما شاهقُ الطَّودِ المُنيفِ وإن علا
…
إلا بمنزلةِ الحَضيضِ الأوهدِ
وجَوازُ عكسِ الأمرِ في ذا واضحٌ
…
للعقلِ فازدَدْ من يقينِك تَرشُدِ
ذاك اختصاصٌ ليس يَعلَمُ كُنهَهُ
…
من ليس يوصَفُ بالبقاءِ السَّرمَدي
خَفْضٌ عليك أبا فلانٍ إنّها
…
نُوَبٌ تُطالعُنا تَروحُ وتغتدي
سالتْ علينا للشُّكوكِ جَداولٌ
…
بعدَ اليقين بها ولمّا تنفَدِ
وتبَّعقت (1) بالكُفر فينا ألسُنٌ
…
لا يَفقِدُ التضليلَ من لم تَفقِدِ
أعداؤنا في ربِّنا أحبابُنا
…
جرحوا القلوبَ وأقبلوا في العُوَّدِ
كُشِف القِناعُ فلا هَوادةَ بينَنا
…
حتى نُغادرَهمْ وراء المُسندِ
ستنالُهمْ منّا الغَداةَ قَوارعٌ
…
إن لم تَغُلْهم غولُها فكأنْ قدِ
وتَصوبُ فيهمْ سُحْبُنا بصواعقٍ
…
تلك التي جَلَبتْ منيّةَ أربَدِ (2)
من كان يَضرِبُهم بسيفٍ واحدٍ
…
فأنا أضاربُ [....]
ولعَمْرُ غيرِهمُ وتلك أَلِيّةٌ
…
إنّ الحِمَام لجَمْعِهم بالمرصَدِ
قالوا: الفلاسفُ، قلتُ: تلك عصابة
…
جاءت من الدّعوى [بما لم يُعهَدِ]
(1) التبعق في الكلام: هو التوسع فيه والتكثر منه وفي الحديث: "إن الله يكره التبعق في الكلام"، وأصل هذا من تبعق المطر؛ وهو انفتاحه بشدة.
(2)
أربد: أخو لبيد الذي دعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فأهلكته صاعقة، وخبره مشروح في المصادر.
خدَعَتْ بألفاظٍ تَرُوقُ لطافةً
…
فإذا طلبتَ حقيقةً لم توجَدِ
ذو علمِهم لو كان شاهَدَ علمَنا
…
ورأى جَهابذةَ الكلام ....
لَعَراهُ من حَسْرٍ (1) هناك تلألؤٌ
…
وأقام بينَ تحيُّرٍ وتبلُّدِ
أسفي ولو أنّي نُصِرتُ عليهمُ
…
لثَلَمْتُ في المُهجاتِ كلَّ مُهنَّدِ
يُلغَى كتابُ الله بينَ ظهورِهم
…
وجميعُ مسنونِ النبيِّ محمدِ
يا قاتَلَ اللهُ الجهالةَ إنها
…
وَرَقٌ لأغصانِ الشبابِ الأملدِ
ومنهُ في الوصايا والأمثالِ وذمِّ الزّمان [من المتقارب]:
ردِ الطُّرْقَ (2) حتى توافي النَّميرا
…
فرُبَّ عسيرٍ أتاح اليسيرا
وأَرسِلْ قَلُوصَكَ طَوْرًا شمالًا
…
وطَوْرًا جنوبًا وطَوْرًا دَبُورا
وشُنَّ على غازياتِ البلادِ
…
من النصِّ والذّمل جيشًا مُغيرا
وفِرْ ماءَ وجهِك (3) حتى تَجِمَّ
…
وأطفِ السمومَ به والهَجِيرا
وطِرْ حين أنت قويُّ الجَنا
…
حِ لا عُذرَ عندَك أن لا تَطيرا
ولا تقَعَنَّ وأنت السليـ
…
ـمُ حيث يُضاهي المَهِيضُ الكسيرا
فأمُّ الترحُّل تُدعَى وَلُودًا
…
وأُمُّ الإقامة تُدعى نَزُورا
وذو العَجْز يرضَعُ ثديًا جَدودًا
…
وذو العَزْم يرضَعُ ثديًا دَرورا
يعِزُّ على النَّبْل أنّي غَدَوْتُ
…
أُكَنَّى أديبًا وأُسْمَى فقيرا
وأنّيَ ثُبْتُ لكفِّ الزمانِ
…
يُعرِّقُ عظميَ عَرْقًا مُبِيرا
(1) في الأصل: "حسن"، ولا معنى لها.
(2)
الطرق: الماء الذي خوضت فيه الإبل وبولت فيه.
(3)
وفر ماء وجهك، أي: صنه.
وما ذاك أنّيَ هَيّابةٌ
…
أخافُ الرحيلَ وأشنَا المَسيرا
ولكنْ بحُكم زمانٍ غدا
…
يَحُطُّ الجِيادَ ويُسْمي الحَميرا
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أغفَلَ من بيت: (وأرسِلْ قَلُوصَك) ناحيةَ الشّرق وهي فُضلاها، فبانَ بذلك نَقْصُه، وأرى أنه لو قال في بيتين [من المتقارب]:
وأرسِلْ قَلُوصَكَ طُولًا وعرضًا
…
دُجًى أو ضياءً سُرًى أو مَسِيرا
[فطَوْرًا شَمالًا وطَوْرًا صَباءً]
…
وطَوْرًا جَنوبًا وطَوْرًا دَبُورا
[لَجمَعَ بين] الجهاتِ الأربع، ولكان أتَمَّ، فتأمَّلْه، واللهُ الموفِّق.
وفي الاعتبار [من السريع]:
للمرءِ في حِمامِهِ عِبرةٌ
…
وإنّما يَعتبرُ العاقلُ
يَذكُرُ بالكونَيْنِ من جنّةٍ
…
ومن جحيم ذكْرُها هائلُ
وإنّما يَعرِضُ أُنموذَجًا
…
من ذا وذا لو نَبِهَ الغافلُ
نعيمُهُ فيه الشقاءُ الذي
…
يُشفِقُ منه العالِمُ العاملُ
تكادُ نفْسُ المرءِ من حَرِّه
…
تَزولُ لولا أنه زائلُ
ياصاحبي والجِدُّ لي شيمةٌ
…
وليس من أصحابي الهازلُ
نحن طلْبانِ فبادِرْ بنا
…
من قبلِ أن يَقنُصَنا الحابلُ
بحرٌ سَلِمنا منه في ساحلٍ
…
فما تَرى إن غُمِرَ الساحلُ
في حيث لا تُنجي الفتى حيلةٌ
…
سواءٌ الفارسُ والراجلُ
وشعرُه كثير، وقد جَمَعَ له بعضُ أصحابِه المختصّينَ به ما عَلِقَ بحفظِه منه أو أحضَره ذكْرُه، أو أسْأرتْه عَوادي التنقُّل والاضطراب إلى آخِر ربيعَيْ ستّينَ
وخمس مئة، فناهَزَ ذلك ستةَ آلافِ بيت وخمسَ مئةِ بيت، وقد وقَفْتُ منه على مجلّد متوسِّط (1).
وُلد سنةَ خمس مئة، وتوفِّي سنةَ سبعينَ وخمس مئة.
92 -
محمدُ (2) بن حَمّاد العَجْلانيُّ، فاسيٌّ، أبو عبد الله.
رَوى عن أبي ذَرّ الخُشَنيّ والقاضي أبي عبد الله ابن الصَّيْقَل واختَصَّ به وكتَبَ عنه، وكان من العلماءِ بالحديث والعنايةِ التامّة بروايتِه وسَماعِه، من أبدع الناس حُسْنَ صوتٍ وطِيبَ نَغَمة، وهو كان المعيَّنَ لقراءة الحديث بين أيدي الأمراءِ والسّلاطين (3)، ودخَلَ الأندَلُسَ غازيًا فاستُشهدَ بإصابة سَهْم قضَى عليه في وَقيعة العُقَاب يومَ الاثنين منتصَفَ صَفَرِ تسع وست مئة (4).
93 -
محمدُ (5) بن خَيْر بن عُمرَ بن خليفةَ مولى إبراهيمَ بن محمد بن يَغْمور اللَّمْتُونيُّ -وكان يَكتُبُ في نَسَبه: الأمَوي، بفتح الهمزة- فاسيُّ المولدِ والنَّشأة، استَوطنَ إشبيليَةَ وغيرَها من الأندَلُس، أبو بكر، ابنُ خَيْر.
(1) قال ابن دحية في ترجمة ابن حبوس في المطرب: "وقد رفعت ديوان شعره للمقام المولوي السلطاني الملكي الكاملي الناصري، أدام الله إنعامه، ووالى له حسن الصنع وأدامه" المطرب: 200.
وذكر القفطي في ترجمته لإبن حبوس في كتابه "المحمدون من الشعراء" أنه كان يمتلك نسخة من ديوان الشاعر، قال:"وله ديوان شعر مدون وقفت عليه وملكته، واستعاره مني علي بن القاسم بن علي بن عساكر بسفارة الصدر محمد بن محمد البكري، ولم يعد"(المحمدون 1/ 334).
(2)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (1738)، والذهبي في المستملح (344).
(3)
لعل هذه الإشارة أقدم ما وصل إلينا في موضوع سارد الحديث في المجالس الحديثية الملوكية.
(4)
زاد ابن الأبار في ترجمة المذكور أنه ولي قضاء سبتة.
(5)
ترجمه الضبي في بغية الملتمس (112)، ومنصور بن سليم في ذيل إكمال الإكمال 1/ 252، وابن الأبار في التكملة (1450)، والذهبي في المستملح (154)، وتاريخ الإسلام 12/ 559 وسير أعلام النبلاء 21/ 85 ومعرفة القراء الكبار 2/ 558 والعبر 3/ 69 وتذكرة الحفاظ 4/ 1366، والصفدي في الوافي 3/ 51، واليافعي في مرآة الجنان 3/ 402، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 139، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/ 270 و 3/ 269، =
رَوى عن أبوَيْ إسحاق: ابن حُبَيْش وابن فَرقَد، وأبوَي الأصبَغ العيسَيَيْن: ابن أبي البَحْر وابن زروال، وآباءِ بكر: البِرْزاليِّ وابن رِزق وابن طاهر المحدِّث وعبد العزيز بن يدير وابن العَرَبيّ وابن فَنْدَلةَ وابن مُحرِز وابن المُرْخِي وابن المِلْح وموسى بن سيِّد، وأبي جعفرٍ ابن المُرْخي، وأبي الحَجّاج الأُنْديِّ القَفّال، وآبا [ءِ الحَسَن: شُرَيْح] ، ولازَمَه إلى حين وفاتِه وعليه عَوَّل في القراءات؛ وعبدِ الرحيم بن [قاسم] وعَبّاد بن سِرْحان وابن محمد بن لُبّ، وعيسى بن هَيْبةَ ومحمد بن الطُّفَيْل [وابن الصَّفّار] يونُسَ بن مُغيث، وأبوَي الحُسَين: سُليمانَ بن أبي زَيْد وعبدِ الملِك ابن الطّلّاء، وأبوي [حَفْص: ابن إسماعيلَ] وابن عَبّاد، وأبي داودَ بن يحيى المَعافِريِّ، وآباءِ عبد الله: ابن الأحمر وابن الحاجِّ مكِّي وابن صَالح وابن عبد الرّزاق وابن مَعْمَر وابن المُناصِف وابن نَجاح وابن [أبي] الخِصَال وابن أُختِ غانم، وآباءِ العبّاس: ابن حَرْب وابن زَرْقون وابن العَريف [....] وأبوي الفَضْل: حَفيدِ الأعلم وعِيَاض، وآباءِ القاسم: الأشْبُونيِّ وابن بَشْكُوال و [ابن الرَّمّاك] وابن رِضا والقَنْطَريِّ وابن المِلْح، وآباءِ محمد: شُعَيْب بن عيسى الأشجَعيِّ وابن مَوْجُوال وعبد الحقّ بن عَطيّة والكبتوريِّ وعبد الحقِّ بن المِلح، وآباءِ مَرْوان: الباجِيِّ وابن محمد المليلة وابن مسَرّة وأبي الوليد حَجّاج، قرَأَ عليهم وسمع.
وناوَلَه أبو بكر بنُ زَيْدانَ وأجاز له. وصَحِبَ أبا جعفرٍ البِطرَوْجيَّ، وأبا العبّاس بنَ محمد بن خاطِب، وجالسَ أبا محمد المُرْسيَّ، وأجازوا له.
وقرأ على أبي جعفرٍ ابن زَيْدون -وصَحِبَه كثيرًا- وأبي عبد الله ابن المُجاهد، وأبي القاسم ابن الرَّمّاك، وأبي الوليد هارونَ بن أبي الغَيْث، ولم يَذكُرْ أنهم أجازوا له.
= وابن حجر العسقلاني في تبصير المنتبه 1/ 50، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 102 وطبقات الحفاظ 483، وابن العماد في الشذرات 4/ 252، والزبيدي في "خبر" من تاج العروس، والكتاني في فهرس الفهارس 1/ 384. وله ذكر في نفح الطيب 2/ 156، 512، 514، 598، و 3/ 64. وانظر مقدمة الدكتور بشار عواد معروف لكتابه الفهرسة.
ولقِيَ أبا القاسم بنَ فَرتُونَ وساءلهُ وأجازَ له لفظًا، ولقِيَ أبا الحَسَن محمدَ بن خَلَف اللَّبْليَّ، وأبا عبد الله ابنَ الحَمْزيّ، وأبا عَمْرٍو الخَضِرَ بن عبد الرّحمن، وأبا عَمْرو القاسمَ الزَّنْجانيَّ، وابن وَرْد، وأبا مَرْوان بن قُزْمان؛ ولم يقرَأْ عليهم ولا سَمِع، وأجازوا له.
وكتَبَ إليه مجُيزًا ولم يلقَهُ من الأندَلُسيِّينَ: أبو بحرٍ الأسَديُّ، وأبَوا بكر: ابنُ الخَلُوف وابنُ عامر العامِريُّ، وآباءُ الحَسَن: طارقُ بن موسى المَخْزوميُّ وعبدُ الجليل والأطريُّ وابن اللَّوّان والمالطيُّ نزيلُ المَرِيّة وابن مَوْهَب وابن نافع وابن هُذَيْل، وأبو الحَكَم بن غَشِلْيان، وأبَوا عبد الله: ابن وَضّاح وابن أبي أحَدَ عشَر، وأبو القاسم خَلَفُ بن الرُّويُّه (1)، وفَضْلُ الله ابن اللَّجّام، وآباءُ محمد: خليلٌ والرُّشَاطيُّ، وابنُ عَتّاب، وأبو المطرِّف ابنُ الوَرّاق، وآباءُ الوليد: ابن بَقْوِي وابن رُشْد وابن طَرِيف. ومن المَشْرقيِّين: أبو الطاهر السِّلَفيُّ، وأبو عبد الله المازَريُّ نزيلُ المَهْديّة.
وشيوخُه يُنيفونَ على مئة ضمَّن ذكْرَهم وما رَوى عنهم بَرنامَجًا حافلًا مفيدًا نبيلًا (2). وقال جابرُ بن أحمد القُرَشيُّ (3): [كتَبَ إليّ -يعني ابنَ خَيْر-] يُخبِرُني أنّ فِهرِستَه عشَرةُ أجزاء، كلُّ جُزء منها ثلاثونَ [ورقة].
قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: قد وقَفْتُ على أكثره، ومما وقفتُ [عليه: اختصارُه في] ذكْر الشّيوخ الذين رَوى عنهم وتواريخِهم وتسميةُ ما أخَذَ [عنهم، يقَعُ في سِفْرٍ] لطيفٍ هو مقدارُ ثُلُث البرنامَج، وقد استمدَدتُ منه ما اشتَملَ عليه [من الفوائد]
(1) الكلمة خالية من النقط في الأصل، وترجمة ابن الرويه في التكملة (840) قال ابن الأبار:"حدث عنه ابن خير في كتابه إليه من بطليوس، أحسبه في نحو الثلاثين وخمس مئة".
(2)
انظر أسماء شيوخ ابن خير في فهرسته المطبوعة، وهم مرتبون فيها حسب بلدانهم (من ص 558 إلى ص 574 من تحقيق الدكتور بشار) وذكر المؤلف وابن الأبار أن جابر بن محمد القرشي رتبهم على حروف المعجم.
(3)
ترجمته وبعض أخباره في التكملة (658) والتعليق عليها.
لهذا المجموع، وكذلك وقَفْتُ على أسانيدِه في القراءاتِ متواترها وشاذِّها بخطِّه، في مجلَّدٍ لطيف أيضًا، وهو خارجٌ عن البرنامج.
رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو الحُسَين ابنُ السَّرّاج (1)، وهو آخِرُ الرواةِ عنه وفاةً؛ وأبو إسحاقَ بن عليّ الزَّواليُّ، وأبو أُميّةَ بن عُفَيْر، وأبو البقاءِ يَعِيشُ، وآباءُ بكر: بنو الأحامد: ابنُ الصَّيْقَل وابن السّرو وابنُ كَبير وابن إسماعيلَ المَنِيشي، وابن عبد الله بن أبي زَمَنين وابن عبد الرّحمن بن جُمهُور، واليَحْيَيانِ: ابن أحمد الهَوّاري وابن محمد الهَوْزَنيُّ، وأبَوا جعفر: ابن سَلَمةَ وابن محمد ابن الأصلع، وآباءُ الحَجّاج: ابن أحمدَ بن عبد الغنيّ وابن حُسَين بن عُمَر وابن عليّ الجميميُّ وابن محمد بن رجلون، وآباءُ الحَسَن: ابن أحمدَ الشَّرِيشيّ وابن حَمّاد وابن عَتِيق بن مؤمن، وبنو المحمّدِينَ: البَلَويُّ وابن ثابتٍ البَهْرانيُّ وابن خَرُوف النَّحْويّ وابن خِيَار وابن هشام والفَهْميُّ ومُرَجَّى بن يونُس، وأبو الحُسين بن عَظِيمةَ، وأبَوا الخَطّاب: ابن الجُمَيِّل وابن واجِب، وأبو الخليل مُفرِّجُ بن حُسَين، وأبو زَيْد شُعَيْب بن إسماعيلَ بن سَكَن، وأبو عليّ الكفيفُ، وأبو سُليمانَ بن أحمدَ الغافقيُّ، وأبو الطاهرِ إسماعيلُ بن أبي الحُسَين التونُسيُّ، وأبوا طالب: عبدُ الجَبّار بن هارون وعَقِيل بن عَطِيّة، وآباءُ عبد الله بنو الأحامد: ابن عَيّاش وابنا عَبْدي الله: الأنْدَرْشيُّ والشَّوّاش، وابن إبراهيمَ ابن البَقّار؛ وابنا عَبْدي الرّحمن: ابنُ الرداد وابن عَزوز، وأبناءُ اليوسفِينَ: ابن الجَذع وابن عبد الله بن محمد بن عامورَ الباهِليُّ الفاسيّ وابنُ محمد بن خَلَف القُضَاعيُّ، وآباءُ العبّاس: ابنُ عبد الله بن سيِّد الناس وابن عليّ الفِهْريّ وابن محمد بن راتع، وآباءُ عليّ: الحَسَنانِ: ابن محمد البَطَلْيَوْسيُّ وابن موسى، وعُمرُ بن عبد المجيد الرُّنْديّ، وأبو عُمرَ أحمدُ بن محمد بن مَسْلَمةَ التُّجِيبيّ، وآباءُ القاسم: ابن البُستانيّ وابن بَقِيّ وعبدُ الرحمن بن محمد الأنصاريُّ وعبدُ الرحيم ابن المَلْجوم وابن
(1) ترجمته ومصادرها في الذيل والتكملة 1/الترجمة 514.
عبد البَرّ القَرَمونيُّ وابنُ أبي هارونَ وعامر بن هشام، وآباءُ محمد: ابن أحمدَ بن نُعمان، وابن عُبَيد الله الباجيُّ وابن عيسى بن صَدقون [....] وابن عمّار، ومالكُ بن عُمر، وأبَوا نَصْر: الفَتْحان: ابن أحمدَ [الفِرْيانيُّ وابن الفَصّال] ويحيى بن يحيى الأنصاريُّ، وغيرُهم ممّن جَرى له ذكْرٌ في هذا [الكتاب ممّن هو على شَرْطِه] وسوى مَن حدّث عنه بالإجازة ممّن ذَكَرَ فيه أيضًا ممّن هو [على شرطِه وسواهم].
وكان من أئمّة المُقرئين المجوِّدين وجِلّة المحدِّثينَ المُسنِدين، ثقةً [فيما يَرويه] رِضًا مأمونًا متّسعَ الرّواية، أخَذَ عن النَّظِيرِ والكبير والصَّغير، حتى اجتَمعَ [له في القراءات] ما لم يجتمعْ لغيرِه من نُظرائه. وكان متفنّنًا في علوم اللّسان متقدِّمًا في [النَّحو واللُّغة] منها.
وكانت كُتُبُه وأصُولُه في غاية الصّحة ونهايةِ الإتقان لتهمُّمِه بمقابلتِها وعُكوفِه على تصحيحِها مؤيَّدًا على ذلك بحُسن الخطِّ وإتقانِ التقييدِ والضَّبط اللّذَيْن برَّزَ فيهما على متقدِّمي الأكابر من مشاهيرِ أهلِهما (1)، دَأَبَ على ذلك دهرَه وأنفَدَ (2) فيه عمُرَه، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ ومتِّع بصحّةِ بصَره، فقد وقَفتُ في بعض ما كتَبَ -وهو قد جاوَزَ السبعينَ من عمُرِه بسنتينِ أو نحوِهما- على ما يُقضَى منه العَجَب، دقّةَ خَطّ وإدماجَ حروف معَ البيان، فكان في ذلك وحيدًا، وأثمرَ المُغالاةَ فيها بعدَ وفاتِه حتى تجووزَت في أثمانِها الغايةُ التي لا عهدَ بها، وتمادت رغبةُ الناس في اقتناءِ ما يوجَدُ بخطِّه أو بتصحيحِه ومُنافستهم فيه إلى الآنَ.
وعلى ذلك فقد وقَفتُ له على أوهامٍ مصدَرُها الغفلةُ التي يقتضيها النَّقصُ البَشَريّ، فالكمالُ لله وحدَه (3).
(1) في الأصل: "أهلها".
(2)
في الأصل: "وأنفذ".
(3)
ذكر الشيخ محمد بن عبد الرحمن الفاسي في "المنح البادية" كلام ابن عبد الملك هنا، وهذا يدل على وقوفه على الذيل والتكملة، وانظر مآل النسخة التي وقف عليها.
وكان حَسَنَ الخُلُق كريمَ الصُّحبة حميدَ العِشرة، يُثني عليه ويَعترِفُ بفضلِه في ذلك كلُّ مَن صاحبَه.
وسمِعتُ شيخَنا أبا عليّ الماقريَّ (1) يقولى: سمِعتُ أبا الخَطّاب بنَ واجِب يقولى: سمِعتُ أبا عبد الله بنَ حَمِيد يقول: سمِعتُ أبا الحَسَن بنَ مُغيث يقول: أبو بكر بن خَيْر، خيرٌ ابنُ خير، وذلك في حَداثتِه وحين قراءتِه عليه، فكان أبو الخَطّاب يقول: فكيف لو رآه حينَ رأيناه؟!
وَلِيَ الصّلاةَ بجامع قُرطُبةَ الأعظم سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ وخمس مئة برغبةِ واليها حينَئذٍ، واتّصلتْ إمامتُه به إلى أن توفِّي سَحَرَ ليلةِ الأربعاء الرابعةِ من ربيع الأول سنةَ خمسٍ وسبعينَ وخمس مئة ودُفن بإزاءِ الدار التي أُنزِل فيها ثُم نُقِل إلى إشبيلِيَةَ فدُفن بمقبُرة مُشكةَ (2) منها، هذا أصحُّ ما قيل في وفاتِه، وكانت جَنازتُه مشهودةً لم يتَخلّفْ عنها كبيرُ أحد، وحضَرَها الوالي حينَئذٍ أبو عليّ الحَسَن بن عبدِ المؤمن (3) وأُتبعَ ثناءً [جميلًا] وذِكْرًا صالحًا.
ومولدُه بفاسَ ليلةَ الأحد الثامنةَ والعشرينَ من رمضانِ [سنةِ اثنتينِ وخمس مئة، كذا قال لمّا] سألهُ أبو القاسم ابنُ الملجوم عنه.
94 -
محمدُ بن ذِمَام (4) بن المُعتزِّ [الصُّنْهاجيُّ] ، أبو عبد الله.
رَوى عن أبي عليّ ابن سُكّرة (5).
(1) في الأصل: "المعافري"، محرفة.
(2)
في الأصل: "مسكنه"، وهو تحريف، ومقبرة مشكة تذكر كثيرًا في كتب الصلات.
(3)
كان واليًا على قرطبة من سنة 572 إلى سنة 575 هـ (البيان المغرب: 110، 113). وكان أيضًا من كتاب والده في خلافته، كما كان واليًا على سبتة سنة 565 هـ (البيان 83 - 84) انظر المن بالإمامة: 222، 223، 239، والبيان المغرب: 83، 84، 110 - 113، والأنيس المطرب: 203، 267. وهو معدود في الأمراء الشعراء وهو توأم أخيه الحسين الذي كان واليًا على إشبيلية.
(4)
في الأصل: "هشام"، محرف، وقد تقدمت ترجمة أخيه في الرقم (24).
(5)
لم يذكره ابن الأبار في المعجم في أصحاب الصدفي.