الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقَدِمَ أبو عليّ الأندَلُسَ صُحبةَ أبي إسحاقَ (1) ابن المنصُور حينَ وَلِيَ إشبيلِيَةَ، فأخَذَ عنه بها طائفةٌ من أهلِها وعَرَفوا فضلَه، وكان لهُ في إثباتِ [القياس رأيٌ خالَفَه] فيه أبو الحَسَن ابنُ القَطّان، وصنَّف رادًّا عليه في ذلك مصنَّفَه ["النَّزْعَ] في القياس لمُناضلةِ من سلَكَ غيرَ المَهْيَع في إثباتِ القياس" (2).
[وُلدَ بمَرّاكُش عامَ ....] وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها يومَ الاثنينِ لستٍّ بقِينَ من جُمادى الأخيرةِ اثنتينِ وعشرينَ وست مئة.
33 -
عُمرُ (3) بن محمد بن مَخْلُوف، تَدْلِسيٌّ (4)؛ أبو عليّ.
قَدِمَ [الأندَلُسَ طالبًا العلمَ] فتَلا بالسَّبع على أبي زكريّا الجُعَيْديِّ (5) ببَلَنْسِيَة، ورَوى بها عن أبَويْ [بكرٍ: أُسامةَ، وعَتِيق] المُرْبَيْطَريّ، وأبي جعفرٍ الحَصّار، وأبي الحَسَن بن خِيَرةَ، وأبي الخَطّاب بن واجِب، [وأبي عبد] الله ابن نُوح، وأبي عليّ بن زُلال، وأبي عُمرَ بن عاتٍ، وأبوَيْ محمد: عبد الحقِّ الزُّهْريِّ، [وغَلْبون] ثم عاد إلى العُدْوة، فاستَوطنَ بِجَايةَ وتصدَّر بها لإقراءِ القرآن.
وتوفِّي سنةَ ستٍّ وعشرينَ وست مئة.
34 - عُمرُ بن محمدٍ الهَوّاريُّ، بِجَائيٌّ؛ أبو عليّ، ابنُ ستِّ الناس
.
كان أديبًا حَسَنَ التصرُّف في نَظْم الكلام ونَثْرِه؛ دخَلَ الأندَلُسَ، واستَكتَبَه
(1) عَرّف به المراكشي في المعجب وذكره بكل خير وقال: إنه عرفه حين ولي إشبيلية سنة 605 هـ (انظر المعجب: 387، والبيان المغرب 3/ 230).
(2)
يراجع ما سبق في ترجمة ابن القطان. ولعبد الحميد بن أبي الدنيا الصدفي الذي أدرك ابن الطوير كتاب في الموضوع سماه: "جلاء الالتباس في الرد على نفاة القياس"(رحلة التجاني: 273 وغيرِها).
(3)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (2648).
(4)
نسبة إلى تدلس مدينة كبيرة بحرية بين بجاية والجزائر (الروض المعطار: 132).
(5)
هو يحيى بن زكريا بن علي الأنصاري، مترجم في التكملة الأبارية (3415).
أبو [....](1) ابن زَنّون المترئّسُ بمالَقةَ. ومن شعرِه -ونقَلتُه من خطِّه- والبيتُ الأخيرُ مضمَّن [من الطويل]:
إلى كم أقضِّي العيشَ (2) شَمْلًا مُفرَّقًا
…
ونفْسًا مُعَنّاةً وقلبًا مروَّعا
ولي كبِدٌ إن مَرَّ ذِكْرُكمُ بها
…
شدَدْتُ عليها خيفةً أن تصدَّعا
(كأنّا خُلِقنا للنَّوى وكأنّما
…
حرامٌ على الأيام أن نتَجمَّعا)
وسيأتي له ذكْرٌ في رَسْم أبي يعقوبَ ابن الجَنّانِ، إن شاء الله.
35 -
عُمرُ (3) بن مَوْدود بن عُمرَ الفارسيُّ.
كذا نقَلتُ نَسَبَه من خطِّه، وقَلَبَ ابنُ الأبار اسمَه فقال فيه: مَوْدودُ بن عُمَر بن مَوْدود، وذكَرَه في حرفِ الميم (4)؛ سلماسيٌّ عمَلَ أذْرَبيْجانَ من أبناءِ ملوكِهم، شَرَفُ الدِّين، أبو البَرَكاتِ الفارسيُّ.
رَوى بهَمَذانَ عن تقيِّ الدِّين أبي عبد الله محمد بن محمود ابن الحَمّاميّ، وسمعَ الكثيرَ من أبي الحَسَن ابن حَمُّوْيَةِ، وصَحِبَ ببغدادَ شِهابَ الدِّين أبا حفص وأبا عبد الله البَكْريَّ السُّهْرَوَرديَّ وسمعَ منهُ كثيرًا (5)، وأجاز له أبو الحَسَن مؤيَّدُ بن محمدٍ الطّوسيُّ، وعلاءُ الدِّين السَّرَخْسيُّ لقِيَهُ بمَرْو، وأطال التجوُّلَ في طلبِ العِلم والروايةِ والتفقُّهِ بالعراقِ والشام ومِصرَ.
(1) بياض في الأصل، والمقصود: عبد الله بن علي بن زنون. له ترجمة في أعلام مالقة (الترجمة 85) ولا وجود للكنية في هذه الترجمة، انظر فيه كذلك: المرقبة العليا: 114، 123.
(2)
في الأصل: "أنضي النفس".
(3)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (2650)، والرعيني في برنامجه (95)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 143، والمراكشي في الإعلام 9/ 282.
(4)
التكملة (1898)، لكنه عاد فذكره على الوجه في حرف العين، كما تقدم في التعليق السابق.
(5)
هو الصوفي المشهور الشيخ عمر السُّهروردي البغدادي المتوفى سنة 632 هـ، وترجمته في ذيل تاريخ مدينة السلام لإبن الدبيثي 4/ 353 وفيه مصادر ترجمته.
وقَدِمَ الأندَلُسَ وحدَّث بها، فرَوى عنه بها من أهلِها أبو جعفرٍ ابنُ غالب، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو يعقوبَ بن إبراهيمَ بن عُقاب (1)، ومن سُكّان مالَقةَ: أبو عبد الله بن عِيَاض، وبَسبْتَةَ أبو العبّاس بن محمدٍ المَوْرُوريُّ.
ووَرَدَ مَرّاكُشَ في حدود [خمسٍ وثلاثينَ وست مئة] فأسمَعَ الحديثَ وكتَبَ الرَّقائقَ والتصَوُّف، رَوى عنهُ [جماعةٌ من أهلِها ومنَ] المستوطِنينَ بها من غيرِهم، منهم: آباءُ عبد الله: أبي رحمه الله، وابنُ يوسُفَ القَلْعيُّ الناسكُ نفَعَ اللهُ به، وقال لي في مجلِس أبي [....](2) أباك، وأبو عليّ الحَسَن بن الحَسَن ابن مكسورِ الجَنْب،
وأبو المَجْدِ ابن [عَطِيّة]. وحدَّث عنه بالإجازة: أبو عبد الله ابنُ الأبّار.
وكان فقيهًا شافعيَّ [المذهب، متصَوِّفًا] شديدَ العُجمة، يَرجِعُ إلى جَوْدةٍ وصحّةِ باطن، وتصحَبُه غَفْلة، وكان [مجلسُ] إسماعِه مَجمَعًا للفقهاءِ وأهل الفضل والصّلاح والخير، وكان قدومُه على مَرّاكُشَ في أيام الرّشيدِ من بني عبد المؤمن، فصُرِفَ إليه وجهُ الاعتناءِ به والتنويهُ، ووالَى برَّه وتكريمَه، وحَظِيَ عندَه حُظوةً تامّةً وأجرَى لهُ ثلاثَ مئة درهم وسبعةَ قناطيرَ ونصفَ قِنطار من الحُوَّارَى (3) في كلِّ شهر مَرْتبة، سوى ما يتعاهَدُه به من إحسانٍ وكُسًا وهدايا وتُحَف، فتمادَى على ذلك حالُه معَه مُدّةً إلى أن رَفَعَ إليه مقالةً في إثباتِ صنعة الكيمياء، وأنه واصِلٌ قد أدرَكَها علمًا وعملًا، وادَّعى إفادتَه إياها، فقَطَعَ الرّشيدُ عنه ما كان يُجريهِ عليه ثلاثةَ أشهرٍ حتى استَوْحَشَ من ذلك أبو البَركات وأثّر في حالِه، وكان موضعُ سُكناهُ قريبًا من مَسكَن أبي إسحاقَ ابن الحجرِ المذكورِ
(1) جاء في إجازته المثبتة في رحلة ابن رشيد 2/ 213: "ولقيت بمراكش الشيخ العالم العلم أبا البركات عمر بن مودود بن عمر الفارسي وقرأت عليه البخاري، والسير، ورسالة القشيري، وأول كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم الحافظ، وسمعت عليه الموطأ ولازمته إلى أن توفي رحمه الله".
(2)
محو تام في الأصل، ويشبه القول أن يكون دعاء للمؤلف.
(3)
الحوارى، بضم الحاء وشد الواو وفتح الراء: الدقيق الأبيض، وهو لباب الدقيق.
قبلُ (1)، وكان كبيرَ أطبّاءِ الرّشيد والمُدِلَّ عليه والكثيرَ الخَلْوةِ به، فألقَى إليه أبو البَركاتِ ما نالَهُ من فَقْدِ الجِراية التي كانت تَجري له وجَهِلَ سببَه، فتلطّفَ أبو إسحاقَ ابنُ الحجرِ في إلقاءِ قضيّتِه إلى الرّشيد بعدَ رَصْدِه ساعةَ بَسْطٍ منه، وقال له: يا سيّدي، عبدُكم الغريبُ المُنقطِعُ إلى جانبِكم الفارسيُّ هُو ممّن شملَني وإيّاه نَسَبُ الاغتراب والأَوْيُ إلى كنَفِكم العزيز، وهو معَ ذلك جاري الجُنُب، ذَكَرَ لي ما عِيلَ له صَبْرُه وضاق من أجلِه ذَرْعُه، وذلكم توقُّف ما كان يَجري عليه من إنعامِكم منذُ ثلاثةِ أشهرٍ ولا يعرِفُ موجبَه، فتبسَّم الرّشيدُ وقال له: كيف يكونُ هذا ونحن نرى، وهو أنّا أحوَجُ إليه منه إلينا، فأكبَرَ ابنُ الحجرِ هذا الجوابَ، وقال: معاذَ الله يا سيّدي، وأنّى يُمكنُ هذا؟ فرَفَعَ الرّشيدُ طَرَفَ بِساطِه الذي كان جالسًا عليه، وأخرَجَ من تحتِه مقالةَ أبي البركاتِ في صَنْعةِ الكيمياء، وقال له: من وَصَلَ إلى هذا العلم أو هذا العمل فالملوكُ مُفتقِرونَ إليه، فلمّا وقَفَ ابنُ الحجرِ على بعضِ مضمَّنِها سُقِطَ في يدِه ولم يُحرِ جوابًا إلّا
(1) هو أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن الحجر كبير أطباء الرشيد الموحّد ترجم له المؤلف في السفر السابع مع الغرباء وهو مفقود الآن، ولا نعرف عنه إلا الإشارات الواردة هنا وفي ترجمة ابن القطان المذكورة قبل، وفي ترجمة أبي الوليد بن عفير قصيدة يمدح بها أبا إسحاق وينعته فيها بالحبر البحر ويصف مآثره ومعارفه ويشبهه بجالينوس (انظر السفر السادس، الترجمة 311)، ويبدو لنا، والله أعلم، أن هذا الطبيب من ولد ابن الحجر زعيم المسلمين في صقلية في عهد ملكها غليام، وقد تحدث ابن جبير في رحلته عن هذا الزعيم الحمودي الأصل وصموده ومحنته بسبب ما نسب إليه من مكاتبة الموحدين وتشوفه إلى هجرة صقلية. ويبدو أنه انتقل بعد ذلك هو أو بعض أولاده إلى بجاية حيث نجد فيها في القرن السابع الهجري الفقيه أبا زيد عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي الصقلي المعروف بابن الحجر، وقد انتقل أولاده إلى قسنطينة حيث غدوا فيها من بيوتات العدول والكتاب وأصبحوا من ركائز الفرع الحفصي في قسنطينة ومنهم أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل قاسم بن أبي زيد عبد الرحمن بن الحجر الآنف الذكر (انظر رحلة ابن جبير: 31 - 33 تحقيق د. نصار، وعنوان الدراية: 131، والفارسية: 178 - 179 تحقيق النيفر والتركي، وراجع ما سبق في الترجمة رقم 10).
[بالاعتذارِ عنه] بضعفِ العقل وسُوءِ التدبير، واختلالِ الذِّهن وفسادِ النظر، [وتلطَّفَ في] استعطافِ الرَّشيدِ له والرغبةِ لهُ في إعادةِ ما كان يُجري [عليه من إنعامِه] فأسعَفَه في ذلك وقَضَاهُ جميعَ ما فاتَه منهُ في الأشهُرِ [السابقة، وأنحَى عليه ابنُ] الحجر باللَّوم الشديدِ وتقبيح هذا المَأْخَذ معَ سُفهاءِ المسلمينَ [وخُبَثاءِ] المُحتالين، فكيف يقابلُ به الملوك؟ ونَدِم أبو البرَكاتِ على ما كان منه. [ثم عاد] ورَفعَ له أيضًا مقالةً أخرى سَمّاها (الأوتارَ والأشفاع) أودَعَها [ذكْرَ النبيِّ]صلى الله عليه وسلم والخُلفاءِ من الصّحابةِ ومُعظم مَن بعدَهم ممّن شُهِرَ بالخلافةِ إلى زمانِ الرّشيد، وقضَى بتمكينِ سعادةِ الأوتار ونَقْصِها أو فَقْدِها في الأشفاع، وتمَلَّقَ بذلك إلى كونِ الرَّشيدِ وتْرًا، فهو كاملُ السَّعد، تَكثُرُ على يدَيْهِ الفتوحات، وتتّسعُ مملكتُه في المعمور، ولم يَستحسِنْ أحدٌ هذه المقالة، ولا حُمِدَ منهُ وضعُه إيّاها؛ لِما اشتَملَتْ عليه من التهاتُرِ والتناقض، وعَدِّ بعضِ الأوتار أشفاعًا وبعضِ الأشفاع أوتارًا، إلى خُلوِّها من فائدةٍ يُحرَصُ عليها ويُرغَبُ فيها، ولم يَحسُن موقعُها معَ ذلك من الرّشيدِ الذي رُفِعتْ إليه؛ لذِكرِ بعض سَلَفِه فيها بما لا يَستسيغُ عاقلٌ سَماعَ مثلِهم، ثم إنّ الوجوهَ ذاكَرَتْه في كلِّ ما نَسَبَه إلى الرّشيدِ من تأتّي الفُتوح في أيامِه وبَسْطِ مملكتِه وطُولِ عُمُرِه، فقُبِضَ الرّشيدُ غريقًا في جُمادى الأولى سنةَ أربعينَ وست مئة ابنَ ستٍّ وعشرينَ سنة، وكانت أيامُه تسعَ سنين ونحوَ نصفِ سنةٍ (1) معظمُها في هَرَج وغلاءٍ مُفرط وفتنٍ مُظلمة وأهوال لا قِبَلَ لأحدٍ بها إلا بعضَ سنين أواخِر العَشْرِ التي توفِّي بها، ولم يَعدَم معَ ذلك تكريمًا منهُ وتعظيمًا عندَ الخاصّةِ والعامّة من أهل مَرّاكُشَ إلى أن توفِّي بها ليلةَ الجُمُعة ودُفنَ من الغدِ إثرَ صَلاتِها، وذلك في العَشْر الأُوَل من شهر ربيعٍ الآخِر سنةَ تسعٍ وثلاثينَ وست مئة بجَبّانةِ باب نَفِيس، وشَهِد جَنازتَه خَلْقٌ لا يُحصَوْنَ
(1) أيام خلافة الرشيد الموحدي من مفتتح شهر محرم من عام ثلاثين وست مئة إلى عاشر جمادى الأولى من سنة أربعين وست مئة. وأخبار دولته مفصلة في البيان المغرب 3/ 282 - 358 وفيه الحديث عن الغلاء.
كثرةً وأتبَعوهُ ثناءً صالحًا وذكرًا جميلًا، وقال ابنُ الأبّارِ في غير "تكملتِه" (1): إنه توفِّي بعدَ الأربعينَ، ولم يضبِطْه (2).
36 -
عِمرانُ (3) بن موسى بن مَيْمونٍ الهَوّاريُّ؛ سَلَويٌّ، أبو موسى.
(1) بل ذكر ذلك في التكملة (2650) كما أسلفنا.
(2)
يلاحظ أن المؤلف لم يترجم لأبي حفص عمر بن عبد الرحيم بن عمر ابن عكيس الفاسي في موضعه من هذا السفر مع أنه أشار إليه في السفر الأول (الترجمة 675) في الآخذين عن أبي العباس الشنتمري الذي أقرأ بشنتمرية وفاس ووالده عبد الرحيم ابن عكيس من الداخلين إلى الأندلس وترجم له ابن الأبار في التكملة وابن الزبير في صلة الصلة وجذوة الاقتباس. والظاهر أن الولد لم يدخل الأندلس؛ ولذلك لم يكن على شرط ابن عبد الملك وابن الأبار وابن الزبير، وعلى كل حال فلا يوجد سقط في النسخة الخطية حسبما يستفاد من تتابع أسماء المسَمّين بعُمر.
(3)
له ترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 350، وبغية الوعاة (نقلًا عن ابن الزبير) 2/ 233، ويبدو -والله أعلم- أنه هو الذي أشار إليه ابن عميرة في رسالة له يشكو فيها من أهل سلا لمّا كان قاضيهم (637 - 640 هـ) يقول:"والشأن في الأهلب العثنون، الأبله في علم المفروض والمسنون، إذا خنقته العبرة، وأرشته الكبرة، وحضره المحكوم عليه يقول: ظلمت فانظرني بتقواك، وانصرني بفتواك، ويقص عليه قصته وقد حشاها بهتانًا، وضم إليها أيمانًا، فخرج بمنسأته يهدج، وفي سوءته يهملج، حتى إذا قيل له: القصة كيت وكيت، وليس كما حكى ولا على ما حكيت، قال: فهلا دعاهم إلى صلح يوقع البينونة، ويرفع عنا هذه المؤونة، وأسمع طلاق الزوج ومبلغ عدده، وخروج الرجعة من يده، فقال: كان هذا أول طلاق في الإسلام، وأغضى عنه خيار الحكام، فهو يغضب للشرع وهذا دينه، ويدعى نصرة الحق والشيطان قرينه" انظر: أبو المطرف ابن عميرة: 132، ويحملنا على هذا التخمين أن المترجم كان في بلده في هذا التاريخ في التسعين من عمره وكان قاضيًا فيما سلف ويلجأ إليه أهل بلده فيما يقع عليهم من أحكام هذا القاضي الغريب، وعلى كل حال فكلام ابن عميرة -إذا كان في صاحبنا- فإنه يحمل محمل الأدبيات. وفي البغية والوافي ترجمة محمد بن موسى السلوي النحوي الأديب (ت 685 هـ) ويمكن أن يكون أخا المترجم.
رَوى عن أبي الحَجّاج ابن الشّيخ، وأبي الحَسَن ابن النَّقِرات، وأبي ذَرّ ابن أبي رُكَب، وآباءِ عبد الله: ابني الإبراهيمَيْنِ: [ابن البَقّار] ، وابن الفَخّار، وابن جابِر بن يحيى بن ذي النُّون، وابن [....] وابنَيْ عبدَي الرحمن: التُّجِيبيِّ، ورُكن الدِّين، وابن عليّ الفَنْدَلاويّ، [وأبي القاسم بن عبد] الوَدُود بن سَمَجُون، وأبوَيْ محمد: الحَجريَّ وابن حَوْطِ الله.
حدّثنا عنه [أبو بكر بنُ] يَربُوع، وأبو عبد الله بن خَمِيس، وأبو محمد قاسمُ بن أحمدَ بن السّكوت.
[وكان مُفسِّرًا حا] فظًا مُستبحِرًا في ذكْرِ المسائل ومعرفةِ النّوازل والإشراف على [اللّغاتِ والآ] داب، ممتِعَ المجالسة، طريفَ النّوادر، متقدِّمًا في النّحو، ذا حظٍّ من قَرْض [الشِّعر] تَعرِضُ له أحيانًا غفلةٌ تصدُرُ عنه بها مُضحِكات؛ وأقرَأَ ببلدِه وبمالَقةَ ومَرّاكُشَ وغيرِها؛ واستُقضيَ ببلدِه وخَطَب بآنفا، وأُراه استُقضيَ به. وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وأربعينَ وست مئةٍ وقد نَيَّف على التِّسعين.
37 -
عَيّاشُ (1) بن أُجَيْل -بضمِّ الهمزة وجيم، كأنه تصغيرُ أجَل- الرُّعَيْنيُّ، مِصريٌّ.
رَوى عن سَعِيد بن المسيِّب، ومعاويةَ بن حُدَيْج؛ وكان على شُرطة موسى بن نُصيرٍ، وأجاز معَه إلى الأندَلُس، ووَلِيَ البحرَ زمَنَ بني أُميّة، وقَدِمَ بالسُّفُن من الأندَلُس إلى إفريقيَّة سنةَ مئة.
(1) ترجمه الدارقطني في المؤتلف 3/ 1568، وابن الفرضي في تاريخه 1/ 441، وابن ماكولا في الإكمال 6/ 65، والحميدي في جذوة المقتبس (743)، والضبي في بغية الملتمس (1253)، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/ 173، وابن حجر في تبصير المنتبه 3/ 898. وقد سماه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ": عباسًا، بالسين المهملة؛ ولذلك ذكره الحميدي فيمن اسمه عباس من كتابه الجذوة (728).
38 -
عِيَاضُ (1) بن عُقْبةَ بن نافِع بن عبد القَيْس بن لَقِيط بن عامِر بن أُميَّة بن الضّربِ بن الحارِث بن فِهر بن مالكِ بن النَّضْر بن كِنَانةَ الفِهْريُّ؛ مِصريٌّ، أبو يحيى.
رَوى عنه أخوه أبو عُبَيدةَ مُرَّة، وإسحاقُ بنُ أبي مَرْوةَ، ويزيدُ بن أبي حَبِيب. دَخَلَ الأندَلُسَ معَ موسى بن نُصيْر، وكان من عِباد الله الصّالحين، ولمّا غَنِمَ المسلمونَ غَلُّوا غُلولًا لم يُسمَعْ مثلُه، قال عبدُ الله بن لَهِيعةَ: لم يَسلمْ من الغُلول يومَئذٍ إلّا [أبو] عبد الرحمن الحُبليُّ وابنُ شماسةَ الأكبر، وحَنَشٌ الصَّنْعانيّ، وعِياضُ بن عُقْبةَ بن نافِع الفِهرِيّ.
توفِّي سنةَ مئة.
39 -
عِيَاضُ (2) بن محمد بن عِيَاض بن موسى بن عِيَاض بن عُمرَ بن موسى بن عِيَاض بن محمد بن موسى بن عِيَاض اليَحْصُبيُّ، سَبْتيٌّ بَسْطيُّ الأصل، سَكنَ مالَقةَ، أبو الفَضْل.
رَوى بسَبْتةَ عن أبيه، وأبي بكر بن بِيبَش، وأبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي عَمْرٍو مُرَجَّى بن يونُس، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي محمدٍ الحَجْريّ -وأكثَرَ عنه- وبقُرطُبةَ عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال.
رَوى عنه أبو عبدِ الله ابنُه، والتُجِيبيُّ، وأبو العبّاس ابنُ فَرْتون.
وكان محدِّثًا راويةً، ثقةً شديدَ العناية بشأنِ الرّواية ولقاءِ حَمَلةِ العلم، فقيهًا حافظًا شهيرَ التعيُّن والحَسَب، من بيتِ علم وجَلالة، حَسَنَ الخُلُق
(1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2966)، والمالكي في رياض النفوس 1/ 132، والمقري في نفح الطيب 1/ 287، وغيرهم.
(2)
ترجمه ابن خميس في أعلام مالقة (151)، وابن الأبار في التكملة (2968)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 349، والذهبي في المستملح (751)، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 221، وابن فرحون في الديباج 2/ 52.