الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
224 -
يوسُفُ بن عليّ بن عَشَرة (1)، سَلَويٌّ، أبو الحَجّاج.
رَوى ببَلَنْسِيَةَ عن أبي عبد الله ابن المَوّاق (2). وكان ذا حَظّ من روايةِ الحديث والفقه.
225 - [يوسُفُ بن عليّ؟] الصُّنهاجيُّ اللَّمْتُونيُّ، أبو يعقوبَ، ابنُ بزْوِيْنا، [بالباء] وسكونِ الزاي وواوٍ وياءِ مَدّ ونونٍ وألف
.
رَوى بإشبيلِيَةَ [عن أبي بكرٍ ابن] العَرَبيّ، وشرَّق وحَجّ.
226 -
يوسُفُ (3) بن عيسى بن عليّ بن يوسُف [بن عيسى بن قاسم] المَلْجوم ابن عيسى بن محمد بن فنتروسَ بن مُصعَب بن عُمَيْر بن [مُصعَب الداخِل إلى] الأندَلُس (4)، أزْديٌّ، أبو الحَجّاج، ابنُ الملجوم.
تفَقَّه بأبيه ورَوى عنه [وعن أبي محمد] عبد العزيز بن عامِر بن قاسم بن عبّاس بن عامرٍ الأسّديِّ الفاسيّ. ورَحَلَ [إلى سِجِلْماسَةَ] فأخَذَ بها عن أبي القاسم بَكّار بن بَرْهون بن عيسى الغَرْديس (5) الناشئ بها، وأجاز له عامَ ستةٍ وثمانينَ وأربع مئة. وأجاز له من قَلْعةِ حَمّاد أبو القاسم عبدُ الجَليل بن أبي بكرٍ الرَّبَعيُّ القَيْروانيُّ في ذي القَعْدة سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وأربع مئة.
(1) من بني عشرة السلويين (انظر دراسة الدكتور بن شريفة في الموضوع).
(2)
كان فقيهًا حافظًا أديبًا ماهرًا استقضي بروطة وتوفي في سنة ثلاث وخمس مئة. وتقدمت ترجمته في السفر السادس (765).
(3)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (3499)، والذهبي في المستملح (901) وتاريخ الإسلام 10/ 732، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 549، والمراكشي في الإعلام 10/ 418.
(4)
مصعب جد هذه الأسرة هو القادم من أزد السراة بالحجاز في جيش موسى بن نصير وكانت له مآثر في الجهاد، وولده عمير هو الوافد على المولى إدريس الأزهر ووزيره وكان من فرسان العرب وسادتها (انظر بيوتات فاس: 5 - 10، والاستقصا 1/ 163 وغيرهما).
(5)
هو جد بني الغرديس الفاسيين (انظر بيوتات فاس: 69).
رَوى عنه ابنُه أبو موسى عيسى (1). وكان محدِّثًا راويةً عَدْلًا ضابطًا فقيهًا حافظًا رأْسًا في الفُتْيا، متقدِّمًا في الأدب، من بيتِ علم وجَلالة ورياسةٍ وأصالة.
ولمّا خرَجَ من الصحراء إلى المغرِب أبو بكر بنُ عُمرَ اللَّمْتُونيُّ ووَصَلَ إلى السُّوس ومعَه يوسُفُ بن تاشَفين قائدُ أعِنّتِه، وذلك سنةَ إحدى وستينَ وأربع مئة سافَرَ من فاسَ أبو الحَجّاج هذا إليهم حتى لحِقَهم بالسُّوس وأهدى إلى يوسُفَ بن تاشَفين عَيْبةَ ثياب وسَرْجًا صبريًّا، فأراد مكافأتَه على ذلك فأبَى عليه وقال له: ما أنا بتاجر ولكنّ زَناتةَ أهلُ جَوْر عندَنا وأنتم تملِكونَ بلادَنا فأردتُ معرفتَك، ثم انصَرفَ إلى فاس، ووَرَدَ أبو بكر بن عُمَر بن إبراهيمَ اللَّمْتُونيُّ فاسَ في صَفَرِ اثنَيْنِ وخمسينَ وأربع مئة وأخرج منها زَناتةَ ثم انصَرفَ عنها وترَكَ فيها جُندَه فتغلَّبَ عليهم زَناتةُ ودخَلوا فاسَ أقبحَ دخول وتداوَلوها إلى أن ورَدَها يوسُفُ بن تاشَفينَ بن إبراهيمَ اللَّمْتُونيُّ في ذي الحجة عامَ اثنينِ وستينَ وأربع مئة فألفَى بها قاضيًا أبا الحَجّاج هذا على القَرَويِّينَ منها فنقَلَه إلى قضاءِ مِكناسةِ الزّيتون ثم بعدَ بُرهة من الزمان قدَّمه لقضاءِ الجماعة بمَرّاكُش -أرى ذلك في عام أربعةٍ وسبعينَ وأربع مئة- وأجاز معَه إلى جزيرةِ الأندَلُس، وحضَرَ معَه الزَّلّاقةَ عامَ تسعةٍ وسبعينَ وأربع مئة، وكان عندَه حظِيًّا مقبولَ الإشارة معتمَدَ الرأي مسموعَ القول.
وكان معَه أبو عبد الله محمدُ بن سَعْدون بن عليّ القَيْروانيُّ (2) يَعزِلُ برأيِهما جميعًا منَ أشارا عليه بعَزْلِه [من القضاة ويُبقي] من أشارا عليه بإبقائه.
ولمّا وَرَدَ الخبَرُ من الصّحراء [بموتِ أبي بكر بن عُمر بن] إبراهيمَ اللَّمْتُونيِّ، وكان الأميرُ يوسُفُ بن تاشَفين بن إبراهيمَ [غازيًا في مكانٍ] يُعرَفُ بفَجّ
(1) تقدمت ترجمته في هذا السفر رقم (50).
(2)
ترجمته في ترتيب المدارك 8/ 112، والصلة البشكوالية (1322)، وتاريخ الإسلام 10/ 549 وغيرها.
الصّاري عقَدَ له أبو الحَجّاج هذا الإمارةَ [وبايَعَه] أُمراءُ لَمْتونةَ ومَن معَهم من لمتُونةَ وسائرُ أجنادِ المغرِب، وذلك في عام [....](1).
[ولم يزَلْ أبو الحَجّاج] هذا قاضيًا يَرحَلُ إليه طلَبةُ العلم من فاسَ وغيرِها ومن بلادِ المَصامِدة [يدرِّسُ] الفقهَ وَيروي الحديثَ، وكذلك إذا مشَى إلى فاسَ بلدِه يؤخَذُ عنه [العلمُ روايةً] وتفقُّهًا إلى أن خَرَجَ مرّةً من مَرّاكُش قاصدًا فاسَ فتوفِّي بتونين (2) قريبًا من مَرّاكُش فرُدَّ ميِّتًا إلى مَرّاكُش فدُفن بها ثم نُقلَ إلى فاس، وذلك في أواخِر عام اثنينِ وتسعينَ وأربع مئة.
وكانت وفاتُه في ذي القَعْدة منها، ومولدُه في ذي القَعْدة من عام سبعةٍ وعشرينَ وأربع مئة، وقيل: ليلةَ عاشوراءَ عامَ ثمانيةٍ وعشرينَ وأربع مئة.
227 -
يوسُفُ (3) بن عيسى بن عِمرانَ بن دافَالَ المِكْناسيُّ ثم الوَرْدميشي، مَرّاكُشيٌّ، أبو يعقوبَ، ابنُ عِمران.
تفقّه بأبيه وغيره من أهل بلدِه. استُقضيَ بفاسَ وبغيرِها فحُمِدت سيرتُه.
(1) بياض في الأصل، وتاريخ وفاة الأمير أبي بكر مختلف فيه؛ ففي روض القرطاس والعبر والاستقصا أنها كانت عام 480 هـ وفي البيان المغرب أنها كانت "في سنة ثمان وستين وأربع مئة" وهذا ما يستفاد أيضًا من الحلل الموشية، وفي نهاية الأرب أنها كانت عام 462 هـ والتاريخ الأول هو المعتمد. أما فج الصاري الوارد في هذا النص فيقع بطرف جبل حبيب بن يوسف بين سبتة وطنجة (انظر البكري: 107، 115)، وفي هذا النص معلومات جديدة لا توجد في المصادر التاريخية المعروفة.
(2)
ذكرها الإدريسي في نزهة المشتاق في أول المراحل بين مراكش وسلا وقال: "وتونين: قرية على أول فحص أفيح لا عوج به ولا أمتًا
…
" ولم يبق هذا الاسم اليوم، ويقدّر بعضهم أنه المكان المعروف اليوم باسم سيدي بوعثمان.
(3)
تقدمت ترجمة والده في هذا السفر رقم (44)، وترجمة المترجم في التشوف 349.
228 -
يوسُفُ (1) بن عيسى بن لُبّ، سَلَويٌّ شَرِيشيُّ الأصل، أبو عيسى الشَّرِيشيُّ.
رَحَلَ إلى الأندَلُس فرَوى بها عن أبي الحَجّاج يوسُفَ بن عبد الله الغافقيِّ، وإلى المشرق فأخَذ بالإسكندَريّة عن أبي عبد الله الكَرْكَنْتيّ، وبمِصرَ عن أبي الفضل محمد بن يوسُفَ الغَزْنَويّ، وتجوَّل كثيرًا هنالك واستكثَرَ من لقاءِ الشيوخ والأخْذِ عنهم، وحَجّ.
رَوى عنه أبو بكرٍ عتيقُ بن الحَسَن بن مكسورِ الجَنْب، وأبو الحَجّاج ابنُ الفَتْح الباجِيّ، وأبو الحَسَن الشارِّيّ، وأبو العبّاس بنُ هارون.
وكان فقيهًا حافظًا متقدِّمًا في معرفةِ الكلام وأصُولِ الفقه، ودرَّس ذلك كلَّه، وكان محرِّضًا على نَشْر العلم وبثِّه حريصًا على طلبِه حسَنَ اللقاءِ جميلَ العِشرة بَرًّا بإخوانِه وأصحابِه مائلًا إلى طريقةِ التصوُّف موصُوفًا بدينٍ متِين وفضلٍ وحُسن مشاركة.
توفِّي بسَلا سنةَ تسع وعشرينَ أو ثلاثينَ وست مئة. وكان له ابنٌ اسمُه عيسى وبه كُنِيَ.
229 -
يوسُفُ (2) بن محمد بن المُعزِّ المُكّلانيُّ، فاسيٌّ، أبو الحَجّاج، الأحدَب، ولم يكن أحدَب.
[أخَذَ عِلمَ الكلام] وأصُولَ الفقه عن أبي الحَجّاج بن نَمَويّ [وأبي عبد الله ابن الكَتّانيّ].
(1) لم نقف على ترجمته عند غير المؤلف، وانظر ما هي صلته بالشريشيين السلويين: أحمد بن محمد البكري (الذيل والتكملة رقم 543) وولداه: تاج الدين الشريشي المتصوف المشهور (الإعلام للمراكشي 1/ 143 - 146) وأبو زكريا يحيى قاضي الجماعة في عهد المرتضي، وثمة شريشي سلوي آخر هو أبو علي الشريشي البكاي (المتشوف رقم 70).
(2)
لم نقف له على ترجمة عند غير المؤلف.
رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ قَسُّوم، وأبو بكرٍ ابنُ الجَدّ [وأبو حَفْص التِّلِمْسينيُّ] الشَّهيد، وأبَوا عبدِ الله: ابنُ أحمد الرُّنْديُّ وابنُ عيسى [
…
.] وأبو العبّاس بنُ هارون، وأبو عليّ الحَسَن بن أبي الحَسَن الماقريُّ، [وأبو محمد حَسَنُ بن] أبي الحَسَن ابن القَطّان شيخانا.
وكان أحجَّ المَهَرةِ في عِلم الكلام [وأصُول الفقه] متحقِّقًا بالفنَّيْنِ مُشاركًا في غيرِهما من فنونِ العلم مشاركةً حسَنةً، [منقطعًا إلى] النظر، متفرِّغًا له، لم يكنْ له قطُّ أهلٌ ولا ولد، جيّدَ التعليم لمن عَلِمَ منه [الحِذْقَ] والجِدَّ في التعلُّم.
وكان يتجاوزُ الاقتصادَ في أحوالِه إلى حيِّز الإقتار على اتّساع حالِه وكثرة فوائدِهِ وغزارةِ مالِه.
دخَلَ الأندَلُس مرّتَيْن، أولاهما: صُحبةَ رِكَاب المنصور من بني عبد المؤمن عامَ أحدٍ وتسعينَ وخمس مئة (1)، وفيها عَرَفَه المنصورُ ونَبَّه عليه فقرَّبَه وأدناه وألزَمَه حضورَ مجلسِه معَ طلبةِ العلم وأحسَنَ إليه. وأُخْراهما: معَ ابنِه الناصِر عامَ سبعةٍ وست مئة (2). ودرَّس في المرّتَيْن، وعَظُم صِيتُه عندَ أهل الأندَلُس وجَلَّ قَدْرُه وتنافَسوا في الأخْذِ عنه والازدحام بمجلسِه.
وكانت بينَه وبينَ أبي الحَسَن ابن القَطّان مُنافرةٌ شديدة ومقاطعةٌ مشهورة، وعلى ذلك فقد صَدَرَ عنه في جانبِ أبي الحَسَن ما فيه أصدقُ دِلالةٍ على حُسن دفاعِه وكرَم طِباعِه.
قُرئَ على أبي الحَسَن ابن القَطّان يومًا في مُدّة العادل وهُو على الحال المتقدِّم صفتُها في رَسْمِه (3) حديثٌ من "أعلام النبوّة"، فتكلَّم عليه أبو الحَسَن
(1) في هذا التاريخ كان جواز المنصور إلى الأندلس الذي أسفر عن غزوة الأرك (انظر تفصيل هذا في البيان المغرب (الموحدين): 192 وما بعدها).
(2)
انظر حركة الناصر في هذه السنة في البيان المغرب 236 (قسم الموحدين).
(3)
راجع ترجمته في هذا السفر رقم (10).
بما حضَرَه في مضمَّنِه ثم خَتَم الخَوْضَ فيه بأنْ قال: هذا من صَفاءِ باطن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وشفِّ جوهرِه، في كلام نحوِ هذا، فنُسِبَ إليه القولُ باكتساب النُّبوّات، وجَرَتْ في ذلك طائفة من ثالِبيه والطاعنينَ عليه وتألَّبوا وكتَبوا رَسْمَيْن: استَرْعَوا في أحدِهما شهادةَ الشهود بمقالتِه تلك، واستَدْعَوا في الآخَر فتاوى أهلِ العلم في قائل تلك المقالة، وأطالوا في ذلك وأعرَضوا، ونَسَبَه معظَمُ الفُروعيِّينَ إلى البدعة، وكفَّره آخَرون منهم، وأجمَعَ المتألِّبونَ عليه أنه لا يتمُّ لهم الغَرَضُ من هذا العمل إلا بفُتْيا أبي الحَجّاج المُكَلّاتيِّ هذا، وقالوا: هو لا شكَّ عدوُّه المُناصِبُ له، وسيغتنمُ هذه الواقعةَ للظفرِ به والنَّيْل منه، فتوجَّهوا بالرَّسمَيْنِ إليه [سائلينَ حُكمَ الله فيه] واثقينَ منه بأنه يوجبُ قتلَه أو معاقبتَه العقوبةَ الشديدة، [فلمّا نَظَرَ فيهما] لم يتوقَّفْ عن تمزيقِهما وإعدامِهما البتّة وأنْحى على الساعينَ [في ذلك بأشدِّ اللّوم، وبالَغَ في] توبيخِهم وتقريعِهم، ونال منهم أقبحَ مَنال، ثم قال لهم: يا سيِّئي النظر [وقليلي العقل، تعمَدون] إلى أجلِّ شيوخِكم وأشهرِ علمائكم وقد عَلِمتُم صِيتَه في الآفاق بأنه [وقَفَ حياتَه] واشتُهر طولَ عمُرِه في خدمة السُّنة وعلوم الشريعة حتى صار من أئمتِها [والسابقينَ] في ميدانِ المعرفة بها، وخَوْضُه أبدًا إنّما هو معَ جِلّة حَمَلتِها وعُظماءِ نقَلتِها [من عهدِ الصّحابة] رضوانُ الله عليهم إلى عصرِنا هذا، وتتعرَّضونَ إليه بمثل هذا السّعي القبيح؟! فما [الذي] تفعلونَ غدًا أو بعدَ غَدٍ معي أو معَ أمثالي ممّن لا يَعمُرُ مجالسَه أبدًا إلا بالنظر معَ القَدْريّة والخوارج والشِّيعة والرافضة والمعتزِلة والكَرّاميّة والإباضيّة والإماميّة والإبراهيميّة (1) وغيرِهم من الفلاسفة وأهل الأهواءِ والبِدَع الحائدينَ عن مذاهبِ أهل السُّنة ولا [يَشتغلُ إلا] في ضَرْب بعضِ أقوالِهم ببعض؟! اذهبوا خيَّبَ اللهُ سَعْيَكم وأراحَ الإسلامَ والمسلمينَ منكم. فانقَلَبوا خائبينَ وأكبَروا ذلك من فعلِه وعَظُمَ تعجُّبُهم منه، وعَمَرَ الناسُ بهذه الأُحدوثة الحَسَنة
(1) كذا في الأصل ولعلها: والإسماعيلية.
[مجالسَهم] مدّة طويلة، وسَكَنَ قلقَ أبي الحَسَن ودَفعَ اللهَ عنه بفعل هذا الشَّيخ ما كان يتوقّعُه من سُوءِ مَغَبّة ذلك التشنيع الرّديء، وحُفِظت هذه الفَعْلةُ مأثُرةً كبيرةً من أبي الحَجّاج هذا، وكثُر تناقُلُ الناس إياها وشُكرُ أهل العقل والفَضْل إياه عليها.
وله مقالاتٌ ومصنَّفاتٌ وجيزةٌ ومتوسطة، وأجوِبةٌ عن مسائلَ كان يُسألُ عنها في عِلم الكلام وأصُول الفقه، ومنها:"لُبابُ المعقول، في عِلم الأصول"(1).
واستَقْضاهُ المستنصِرُ من بني عبد المؤمن على بلدِ نَفّيس (2)، وأقَرّه مَن أتَي بعدَه منهم عليه، فاستمرَّت ولايتُه القضاءَ إلى أن توفِّي بمَرّاكُش ليلةَ الجُمُعةِ الحاديةِ والعشرينَ لذي قَعْدةِ عام ستٍّ وعشرينَ وست مئة (3).
ولم يتخَلَّفْ لنفسِه نظيرًا فيما كان ينتحلُه من العلوم.
230 -
يوسُفُ (4) بن محمد بن يوسُفَ القَيْروانيُّ، قَلْعيٌّ، قَلْعةَ بني حَمّاد، تُوزَريُّ الأصل، أبو الفضل، ابنُ النَّحْوي.
(1) نشر هذا الكتاب في مصر بعناية الدكتورة فوقية حسين سنة 1977 م عن نسخة وحيدة محفوظة في خزانة القرويين بفاس، وفي مقدمة الكتاب يذكر المكلاتي أنه ألفه بناءً على طلب أحد العلماء، ذكر له أن المذاهب الفلسفية بقطره حاجة مفرطة الشياع، مشهورة البيع والابتياع، والاجتماع على التذاكر فيها والتعظيم لمنتحلها منكشف القناع. وذكر أبو الحسن الرعيني في برنامجه أنه قرأ على أبي زيد الفازازي طررًا رد بها على المكلاتي (برنامج الرعيني: 103).
(2)
كان بلد نفيس في عمر الموحدين بلدًا عامرًا (انظر الروض المعطار 578، ورحلة العبدري: 159).
(3)
الذين أتوا بعد الناصر حتى هذا التاريخ هم: عبد الواحد المخلوع، وعبد الله العادل، والمأمون.
(4)
ترجمه العماد في الخريدة 1/ 325، وابن الأبار في التكملة (3500) وفي تحفة القادم (8)، والذهبي في المستملح (902) وتاريخ الإسلام 11/ 213، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 362، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 552، وغيرهم. وهو صاحب القصيدة المشهورة التي مطلعها:"اشتدي أزمة تنفرجي" التي عني الناس بحفظها وشرحها ومعارضتها وتخميسها.
رَوى عن أبي الحَسَن اللَّخْميُّ وأبي زكريّا الشِّقراطسيِّ، وأبي عبد الله المازَريّ، وعبد الجليل الرَّبَعيّ.
رَوى عنه أبو الحَسَن [ابنُ] إسماعيل بن حرزهُم (1)، وأبَوا عبد الله: ابنُ عبد المُعطي الأَذَنيُّ [وأبو عِمرانَ] ابنُ حَمّاد الصُّنْهاجيُّ، وأبو بكر ومحمدٌ ابنا [مخلوفِ بن خَلَف الله].
وكان متقدِّمًا في المعرفة بعلم الكلام وأصُول الفقه [يَميلُ إلى النظر والاجتهاد] ولا يَرى التقليدَ، ولمّا لقِيَ أبا الحَسَن اللَّخْميَّ سألهُ: ما جاء بك؟ [فقال: جئتُ] أنسَخُ كتابَك "التبصِرة"، فقال له: إنّما تريدُ أن تحمِلَني في كُمِّك (2) إلى المغرِب، [أو كلامًا هذا] معناه، يشيرُ إلى أنّ عِلمَه كلَّه في هذا الكتاب.
وكان من أهل الفَضْل [يَهتدي بهَدْي] السَّلَف الصّالح، ذا حَظّ من الأدب وقَرْض الشّعر (3)، وكلامُه كلُّه جَزْلٌ عَوِيص على الفَهْم عسيرُ الإفادة، ومن نَظْمِه في تارِك الصلاة [من الكامل]:
في حُكم مَن ترَكَ الصّلاةَ
…
وحُكْمُهُ إنْ لم يُقرَّ بها كحُكم الكافرِ
وإذا أقرَّ بها وجانَبَ فعلَها
…
فالحُكمُ فيه للحُسام الباترِ
ومن الأئمةِ من يقولُ بكُفرِهِ
…
يَقضي له في حُكمِه بالظاهرِ
وأبو حنيفةَ لا يقول بقتلِهِ
…
ويقول بالضّربِ الوجيعِ الزاخرِ
هذي رواياتُ الأئمة كلُّها
…
وأجَلُّها ما قلتُهُ في الآخِر
المسلمونَ دماؤهمْ معصومةٌ
…
حتى تُراقَ بمستبينٍ باهرِ
مثلَ الزِّنى والقتلِ في شَرْطَيْهما
…
وانظُرْ إلى ذاك الحديثِ السائرِ
(1) سقطت [بن] وتحرفت حرزهم إلى جوهر في الأصل.
(2)
كذا في الأصل وفي مصادر أخرى: "في كفك"، وهما بمعنى.
(3)
انظر بعض شعره في تحفة القادم لإبن الأبار ص 9، والخريدة للعماد 4/ 1: 406 - 407.
وأخبَرني الإمامُ الأوحد تقيُّ الدِّين أبو الفَتْح محمدٌ ابن الإمام مَجْد الدِّين أبي الحَسَن عليّ بن وَهْب بن مُطيع بن أبي الطاعة القُشَيريُّ ابنُ دَقِيق العِيد مُكاتبةً من مِصْرَ (1)، قال: أنشَدَني الفقيهُ المفتي هارونُ بن عبد الله بن هارون بن الحُسَين بن أحمدَ المَهْرانيُّ قديمًا، قال: أنشَدَني الفقيهُ الإمام العالِم أبو الحَسَن ابن المُفَضَّل المقدِسيُّ لنفسِه (2)[من الكامل]:
خَسِرَ الذي تَركَ الصّلاةَ وخابا
…
وأبَى معادًا صالحًا ومآبا
إن كان يَجْحَدُها فحَسْبُك أنهُ
…
أمسَى بربِّك كافرًا مُرتابا
أوكان يترُكُها لنوع تكاسُلٍ
…
غَشّى على وجهِ الصوابِ حِجَابا
فالشافعيُّ ومالكٌ رَأَيا لهُ
…
-إن لم يَتُبْ- حَدَّ الحسام عِقابا
ومن الأئمّة من يقولُ بأنهُ
…
لا يُنتهى عنهُ وإن هُو تابا
إيهٍ ومنهم من يقولُ بقتلِهِ
…
كُفرًا ويَقطَعُ دونَهُ الأسبابا
وأبوحنيفةَ قال يُترَكُ مرّةً
…
هَمَلًا ويُحبَسُ مرّةً إيجابا
والظاهرُ المشهورُ من أقوالِهِ
…
تأديبُهُ زَجْرًا لهُ وعقابا
والرأيُ عندي أن يؤدِّبَه الإما
…
مُ بكلِّ تأديبٍ يراهُ صَوابا
ويكُفَّ عنه القتلَ طولَ حياتِهِ
…
حتى يُلاقي في المآبِ حسابا
فالأصلُ عِصمتُه إلى أنْ يَمتطِي
…
إحدى الثلاث إلى الهلاكِ ركابا:
الكُفْرَ أو قتلَ المكافئ عامدًا
…
أو محُصَنٌ طَلَبَ الزّنى فأجابا (3)
(1) يبدو أن مكاتبة ابن دقيق العيد للمؤلف جاءت بعد أن عرّفه به العبدري (انظر رحلته ص 140 وسنده في هذه المنظومة ص 143 - 144).
(2)
هو علي بن المفضل المقدسي المتوفى سنة 611 هـ.
(3)
وردت هذه القصيدة في رحلة العبدري، ودرة الحجال 2/ 185 ومنها أكملنا المحو الموجود في نسختنا.