المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌209 - [يدير بن تونارت] الهسكوري، أبو محمد - الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة - جـ ٥

[ابن عبد الملك المراكشي]

فهرس الكتاب

- ‌9 - عليُّ بن محمد بن عبد الرّحمن التَّميميُّ، قَلْعيٌّ -قلعةَ حمّاد- أبو الحَسَن

- ‌15 - عليُّ بن محمد بن يَقديران، بياءٍ سُفْل مفتوح وقافٍ [معقود] ودالٍ غُفْل وياءِ مَدّ وراءٍ وألِف ونون، اللَّمتُونيُّ، أبو الحَسَن

- ‌20 - عليُّ ابنُ المَقْدِسيّ، شَرقيٌّ، دخَلَ الأندَلُسَ

- ‌22 - عُمرُ بن أحمدَ بن عُمر السُّلَميُّ، أُراه من ذوي قَرابةِ [القاضي أبي حفصٍ] عُمر، أبو عليّ

- ‌25 - عُمرُ بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن محمد بن إسماعيلَ بن جَمِيل بن نَصْر بن صِمع القُرَشيُ، كذا نقَلتُ نَسَبَه من خطِّه، تونُسيّ، نزَلَ مَرّاكُش، أبو حَفْص وأبو عليّ، ابنُ صِمع

- ‌31 - عُمرُ بن محمد بن أحمدَ القَيْسيُّ، مَرّاكُشيٌّ فاسيُّ الأصل، [......] صغيراً أبو عليّ ابنُ الفاسيِّ، خالي

- ‌34 - عُمرُ بن محمدٍ الهَوّاريُّ، بِجَائيٌّ؛ أبو عليّ، ابنُ ستِّ الناس

- ‌40 - عيسى بنُ حَمّاد بن محمد الأوربيُّ، تِلِمْسينيٌّ، أبو موسى

- ‌41 - عيسى بنُ حَيُّونَ

- ‌45 - عيسى بن محمد، وَجْديٌّ، أبو موسى

- ‌46 - عيسى بن مُفرِّج بن يَخلُف الزَّنَاتيُّ، عُدويّ

- ‌47 - عيسى بن مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيُّ، مَرّاكُشيٌّ سَكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو موسى

- ‌49 - عيسى بنُ يوسُفَ بن أبي بكرٍ الصُّنهاجيُّ، تِلِمْسيني، سَكَنَ مَرّاكُشَ وغيرَها، أبو موسى، ابنُ تامحجلت

- ‌51 - الغازي [

- ‌58 - محمدُ بن أحمدَ بن سَلَمةَ بن أحمدَ الأنصاريُّ، تلمسينيٌّ [لُوْرْقيُّ] الأصل، أبو عبد الله، ابنُ سَلَمةَ

- ‌59 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن عُمرَ السُّلَميُّ، فاسيٌّ شُقْريُّ [الأصل، أبو عبد] الله

- ‌60 - محمدُ بن أبي العبّاس أحمدَ بن أبي القاسم عبدِ الرّحمن بن عثمانَ التَّميميُّ، بِجَائيٌّ جَزائريُّ الأصل، أبو عبد الله، ابنُ الخَطيب

- ‌63 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن أبي الحُسَين سُليمانَ بن محمد بن عبد الله السَّبَئِيُّ، مَرّاكُشِيٌّ، مالَقيُّ أصلِ السَّلَف، أبو عبد الله، ابنُ الطَّراوة

- ‌67 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أبي بكر بن عبد الله بن سَعِيد بن خَلُوف بن عليِّ بن نَصْر القَيْسيُّ، تِلِمْسينيٌّ

- ‌69 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عُمرَ بن منصُور بن عبد الله الزّهيليُّ

- ‌70 - محمدُ بن إبراهيمَ بن محمد بن محمدِ بن إبراهيمَ بن يحيى بن إبراهيمَ بن يَحيى بن إبراهيمَ بن خَلَصةَ بن سَماحةَ الحِمْيَريُّ الكُتَاميُّ، مَرّاكُشيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ إبراهيم

- ‌72 - محمدُ بن إبراهيمَ اللَّوَاتيُّ، أبو عبد الله

- ‌78 - محمدُ بن أبي القاسم بن مَيْمونٍ الهَوّاريُّ

- ‌81 - محمدُ بن بَكّار التَّميميُّ، مَسِيليٌّ، ثم قَلْعيٌّ

- ‌82 - محمدُ بن تاشَفينَ بن يوسُفَ بن أبي بكر بن يِيْمَد -بياءٍ مسفول وياءِ مَدّ وفتح الميم ودالٍ غُفْل- ابن سَرْحوب، أبو عبد الله

- ‌83 - محمدُ بن جابرِ بن أحمدَ القَيْسيُّ، مَرّاكُشيٌّ

- ‌86 - محمدُ بن الحَسَن بن عَتِيق بن الحَسَن بن محمد بن حَسَن التَميميُّ، مَهْدَويٌّ سَكنَ بأخَرةٍ مَرّاكُش، أبو عبد الله، [ابنُ منصورِ الجَنْب]

- ‌89 - محمدُ بن الحَسَن الخَزْرَجيُّ، أبو عبد الله

- ‌96 - محمدُ بن سُليمانَ الدَّكاليُّ، أبو عبد الله

- ‌97 - محمدُ بن سُليمانَ اللَّمْتُونيُّ

- ‌98 - محمدُ بن سير بن محمد بن عُمرَ اللَّمْتُونيُّ

- ‌101 - محمدُ بن عبدالله بن سَعِيد، تِلِمْسينيٌّ، أبو عبدالله

- ‌107 - محمدُ بن عبد الله بن مالكٍ الكَلْبيُّ، أبو عبد الله، زبريج

- ‌108 - محمدُ بن عبد الله بن مُبشّرِ بن عبد الله بن يونُسَ بن عِمْرانَ القِيْسيُّ، مِكْناسيٌّ مكناسةَ الزّيتون، أبو عبد الله

- ‌110 - محمدُ بن عبد الله بن يَلُوسْفَان

- ‌112 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن موسى، [أبو عبد الله، ابنُ الحاجّ]

- ‌115 - محمدُ بن عبد الرّحمن اللَّمَطيُّ، ابنُ تازليت

- ‌132 - محمدُ بن عِمرانَ بن موسى الصُّنهاجيُّ، عُدْويُّ

- ‌144 - محمدُ بن موسى الصُّنْهاجيُّ، [أبو] مَرْيَم

- ‌145 - محمدُ بن مَيْمونِ بن ياسين [الصُّنْهاجيُّ اللَّمْتُونيُّ] ، استَوْطنَ إشبيلِيَةَ، أبو عبد الله

- ‌146 - محمدُ بن وارتدفي الصُّنهاجيُّ

- ‌148 - محمدُ بن يحيى بن داودَ التادَليُّ، مَرّاكُشيٌّ، أبو عبد الله

- ‌149 - محمدُ بن يحيى، طَنْجيٌّ

- ‌153 - محمدُ بن يوسُفَ بن عبد الله بن محمد بن عامُور، أبو عبد الله

- ‌156 - محمدُ بن يوسُفَ الصُّنهاجيُّ

- ‌160 - مَرْوانُ بن عبد الملِك بن إبراهيمَ الهلاليُّ، طَنْجيُّ الأصل أَظُنُّه وُلد بها أو ببعضِ بلادِ العُدْوة، أبو محمد

- ‌162 - مَرْوانُ بن محمد بن عليّ بن مَرْوانَ بن جَبَل الهَمْدانيُّ، تِلِمْسينيٌّ [وَهْرانيُّ الأصل] حديثًا، شَلْوبانيُّهِ قديمًا، أبو علي

- ‌163 - مَرْوانُ بن موسى بن نُصَيْر [

- ‌164 - مَسْعودُ بن عبد الكريم بن عليِّ بن عبد المُحسِن، تونُسيٌّ

- ‌165 - مَسْعودُ بن عليِّ بن المنصُور المَصْمُوديُّ الصّلتانيُّ المَنْفِيُّ من كُورةِ طَنْجة

- ‌175 - موسى بنُ أبي القاسم عبد الرّحمن بن عبد الله بن محمد بن عيسى المَرّاكُشيُّ، أبو عِمرانَ المالَقيُّ

- ‌180 - موسى بن هارونَ بن خِيَار، أبو عِمران

- ‌189 - نَصْرُ بن أبي الفَرَج، صِقِلِّيٌّ، أبو الفُتوح

- ‌193 - يحيى بن أحمدَ الأنصاريُّ، سَبْتيٌّ، أبو بكرٍ النّكاريُّ

- ‌195 - يحيى بنُ أبي بكر بن مكِّيّ، بِجَائيٌّ، أبو زكريّا

- ‌204 - يحيى بن محمد الصُّنْهاجيُّ، أبو زكريّا

- ‌207 - يحيى بنُ أبي عُمرَ مَيْمون بن ياسين اللَّمْتُونيُّ مَرّاكُشيٌّ، أبو زكريّا

- ‌209 - [يَديرُ بن تونارت] الهَسْكوريُّ، أبو محمد

- ‌212 - يَعْلَى بن الفُتُوح الأوربيُّ، أبو محمد

- ‌213 - يَعْلَى بن ناصِر اليَجْفَشيُّ، أبو الحَسَن

- ‌215 - يكسفانُ بن عليّ اللَّمْتُونيُّ، أبو محمد

- ‌216 - يكسفانُ بن عيسى اللَّمْتُونيُّ الغَزّاليُّ، أبو محمد

- ‌217 - يكسفانُ بن محمدٍ اللَّمْتُونيُّ

- ‌220 - يوسُفُ بن تاشَفين بن إسحاقَ بن محمد بن عليّ الصُّنْهاجيُّ اللَّمْتُونيُّ، مَرّاكُشيٌّ، أبو يعقوبَ

- ‌223 - يوسُفُ بن عليّ بن جعفر، تِلِمْسينيٌّ

- ‌225 - [يوسُفُ بن عليّ؟] الصُّنهاجيُّ اللَّمْتُونيُّ، أبو يعقوبَ، ابنُ بزْوِيْنا، [بالباء] وسكونِ الزاي وواوٍ وياءِ مَدّ ونونٍ وألف

- ‌231 - يوسُفُ بن مُبشَّر الصُّنهاجيُّ

- ‌234 - يوسُفُ بن يحيى بن الحاجِّ علي بن عبد الواحِد بن غالبِ المُهْريُّ، سَلَويٌّ سَكَنَ قَصْرَ عبد الكريم مدّةً ومالَقةَ مدّةً أخرى وسِجلْماسةَ أخرى، واستَوطنَ بأخَرةٍ أغماتِ وريكة، أبو يعقوب، ابنُ الجَنّان

- ‌هذا ذكرُ النّساء

- ‌248 - أُمُّ مُعفّر، إحدى حَرَم الأمير محمدِ بن سَعْد

- ‌254 - رَشِيدةُ

- ‌256 - زُمُرُد

- ‌262 - سعيدةُ بنتُ محمد بن فِيرُّه الأمويِّ التُّطِيليِّ

- ‌268 - غايةُ المُنى

- ‌276 - لُبنَى

- ‌277 - مُزْن

- ‌285 - ابنةُ محمد بن فِيرُّه الأمَويِّ التُّطِيليِّ، أُختُ سعيدةَ المذكورةِ قبلُ وصغيرتُها

- ‌288 - الشِّلْبيّةُ

- ‌الغرائب

- ‌292 - زينبُ ابنةُ إبراهيم بن يوسُف بن قُرقول

- ‌293 - سارة

الفصل: ‌209 - [يدير بن تونارت] الهسكوري، أبو محمد

وكان محدِّثًا ضابطًا عَدْلًا خيِّرًا. وتوفِّي بقُرطُبةَ قبلَ ستٍّ مئة (1).

‌209 - [يَديرُ بن تونارت] الهَسْكوريُّ، أبو محمد

.

رَوى عن أبي عَمْرٍو رضا بن المنذر. وكان متقدِّمًا [في الفقه تا] مًّا فيه، درَّسه دَهْرًا.

210 -

يَدِيْر (2) -بفتح الياءِ المَسْفول ودالٍ وياءِ مَدّ وراء- ويقال: يِيْدِيْر -بياءٍ مَسْفول وياءِ مَدّ والباقي كالباقي- ابن حِبَاسةَ بن ماكْسِن بن حَبُّوس بن زيريّ بن مُنادٍ الصُّنْهاجيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو المُعَلَّى.

رَوى عن أبي الفُتوح ثابت بن محمد الجُرجانيّ.

وكان رئيسًا محبًّا في العلم وأهلِه، ذا حَظّ صَالح من الأدب واستمالةِ مُنتَحِليه، وبسببِ يَديرَ هذا امتُحِن أبو الفُتوح الجُرجانيُّ الوافدُ على الأندَلُس امتحانَه الذي أدى إلى قتلِه على الوَجْهِ الشَّنيع.

وملخَّصه (3): أنّ أبا الفُتُوح قَصَدَ أوَل دخولِه الأندَلُس مُنذرَ بن يحيى صاحبَ سَرَقُسْطةَ، فأصاب عندَه ما شاء من كرامةٍ وأوسَعَ نزُلَه وكرَّم مكانَه وأصحَبَه وَلَدَه يحيى بنَ مُنذر المرشَّح لأمرِه ومكانِه ليأخُذَ عنه وينتفعَ به، فلم يزَلْ لديه مَكينَ المنزِل إلى أن تغيَّر عليه يحيى في سُلطانِه، بعدَ مُضيِّ والدِه منذر،

(1) قال ابن الزبير في الصلة: "ووقفت على إجازته لأبي عمر بن حوط الله بتاريخ شعبان سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، وله برنامج أحال عليه في مكتوبه وكان يعرف بالحاج يدر، وكذا يكتب رحمه الله".

(2)

أخباره في مذكرات الأمير عبد الله: التبيان 27 - 34.

(3)

أخبار ثابت بن محمد الجرجاني وترجمته وما جرى له في جذوة المقتبس (345)، والذخيرة لإبن بسام 4/ 90، وصلة ابن بشكوال (289)، وبغية الملتمس (602)، ومعجم الأدباء 2/ 773، وإنباه الرواة 1/ 263، وتاريخ الإسلام 9/ 502، والوافي بالوفيات 10/ 468، والإحاطة 1/ 454 وغيرِها. والمؤلف يعتمد هنا على ما ذكره المؤرخ ابن حيان، وكذلك فَصّل ابن الخطيب في الإحاطة فنقل عنه، ولذلك استعنا به في إصلاح ما هو ممحو في النسخة الخطية.

ص: 338

بسِعايةٍ لحِقَتْه عندَه فارقَه لها مختارًا وخَرَجَ عنه وجَالَ في الأندَلُس ولقِيَ ملوكَها فكلٌّ منهم أولاهُ بِرًّا وإحسانًا إلى أن لحِقَ بغَرْناطةَ وقصَدَ إلى أبي المُعَلَّى هذا فأحسَنَ الإقبالَ عليه وبالَغَ في الاحتفاءِ به والإحسان إليه وأقام في كنَفِه مُدّةً إلى أن اتّهم باديسُ بنُ حَبُّوس بن ماكْسِن ابنَ عمِّه أبا المُعَلَّى هذا القيامَ عليه وخَلْعَه إياه عن سُلطانِه، ولم يزَلْ هذا يتقرَّرُ عندَ باديسَ، ودَسَّ إليه أنّ لأبي الفُتوح في ذلك مشاركةً وإعانة، فغَمَسَ أبا الفُتوح في تُهمةِ ابن عمِّه وأخافه أشدَّ من إخافتِه، فلم يسَعْهُما إلّا الفِرارُ من غَرْناطة، فلحِقَ بإشبيلِيَةَ، وكان ممّن فَرَّ معَهما أبو ريش أحدُ أبناء عمِّ باديسَ، فاستقَرّوا جميعًا عندَ القاضي أبي القاسم محمد بن عَبّاد بإشبيلِيَةَ، ثم إنّ أبا ريش نَدِمَ على فِرارِه فطَرَحَ نفسَه على باديسَ فصَفَحَ عنه ولم يُعاقِبْه.

وكان أبو الفُتوح قد ترَكَ بغَرناطةَ زوجًا له أندَلُسيّة جميلةً جدًّا، [وكان لها من نفْسِه موقعٌ] عظيم، وكان له منها ولدانِ ذكرٌ وأُنثى، فاشتَدَّ شَوْقُه [إليهم حين اضْطُرَّ إلى الابتعادِ] عنهم، وبَلَغَه أنّ باديسَ قد قَبَضَ عليهم وسَجَنَهم بالمُنكَّب [عند قَدّاح عبدِه] وصاحبِ عذابِه، فعمِلَ على العَوْدِ إلى باديسَ من غير توثقٍ [بأمان] أو مُراسلة طمعًا في صفحِه عنه صَفْحَهُ عن ابن عمِّه أبي ريش، فخاب ظنُّه، ففَصَلَ عن [صاحبِه] قاصدًا غَرْناطةَ فصادف باديسَ في عسكرِه وهو مُقبِلٌ من الوقعة [التي كانت بينَه] وبينَ إسماعيلَ بن محمد بن عَبّاد وقَتْلِه إياه في محرّم إحدى وثلاثينَ [وأربع مئة، وأُدخِلَ] على باديس، فقال له ابتداءً: بأيِّ وَجهٍ جئتَني يا نَمّام؟ ما أجرَأكَ على خالقك [وأشدَّ] اغترارَك بسِحرِك، فرَّقتَ بينَ بني ماكْسِن ثم جئتَ تخدَعُني كأنك لم تصنَعْ [شيئًا]؟ فلاطَفَه وقال له: اتّقِ اللهَ فيّ يا سيّدي وارحَمْ غُربتي وسُوءَ مقامي ولا تُلزِمْني ذنْبَ ابن عمِّك فما لي سببٌ فيه ولا حَمَلَني علىٍ الفِرار معَه إلّا الخوف، وها أنا قد لفظَتْني البلادُ عليكَ مُقِرًّا بما لم أجْنِه رغبةً في صَفْحِك عنّي، فافعَلْ فعْلَ الملوك الذين يَجِلُّونَ عن الحِقد على مثلي من الصّعاليك.

ص: 339

فقال: أفعلُ ما تستحقُّه إن شاء الله! انطلِقْ إلى غَرْناطة فضُمَّ حالَك والْقَ أهلَك وأصلِحْ من شأنِهم، فاطمأنّ إلى قولِه وخرَجَ نحوَ غَرْناطةَ وقد سَبَقَ الكتابُ إلى قَدّاح بحبسِه، وأُرسِلَ معَه فارسانِ وُكّلا بهِ من حيثُ لا يَشعُر استظهارًا عليه في مرورِه؛ لئلا يبدوَ له فيُنكِّبَ عن وجهتِه، فتعرَّضا له وقد خَرَجَ عن العسكر وقالا له: إنا نَصحَبُك في طريقِك، فأنِسَ بهما ولم يعلَمْ بشأنِهما، فسارا معه، فلمّا قَرُبوا من غَرْناطة إذا قومٌ ينتظرونَ أبا الفُتوح بجانبِ الطريق من زَبَانِيَة قَدّاح فعَدَلوا به وقَبَضوا عليه فحَلَقوا رأسَه وأركَبُوه على بعيرٍ وخلفَه أسودُ ضَخْم يُوالي صفْعَه، فأُدخِلَ غَرْناطةَ مُشهَّرًا بهذه الصّفة وعلى هذه الحال وقد برَزَ الخَلْقُ معَ قَدّاح للنظر إليه، وكان برهونٌ العُدْويُّ أمينُ البلد ممّن توَلَّى شأنَه، فاستغاث به من قوة الصَّفْع في مقامِه ذلك فكَلَّم له قَدّاحًا في التخفيفِ عنه، فأشار إلى الأسود بذلك، ولولا ذلك لأُتيَ عليه مِن شدّةِ قوّةِ الصَّفع، ثُم أُلقيَ في حَبْسِ ضيّق بعدَ شَهْرِه ومعَه رجلٌ من أصحابِ يَديرَ أُسِرَ في الوقعة بين باديسَ وإسماعيلَ بن عَبّاد، فأقام في الحبسِ إلى أن قَدِمَ باديسُ من إستِجةَ واستراح أيامًا بغَرْناطةَ وهو يَذكُرُ الجُرجانيَّ ويَعضُّ [أناملَه، فيُعارِضُه في أمرِه شقيقُه بلقينُ بن حَبُوس ويكذِّبُ الظنَّ به [ويقول: سأكونُ] أولَ من يشفَعُ إليه، والله لا يَصِلُ باديسُ إلى أذاه ما حَيِيت، [فارتبَكَ باديسُ] في أمرِه أيامًا ثم غافَصَ أخاه في قتلِه في وقتٍ أمِنَ فيه [معارضتَه، وأقبَلَ عليه] يسُبُّه ويَلعَنُه ويُبكِّتُه بذنوبِه ويُعلنُ الشّماتَ به ويقولُ له: [لم تُغنِ عنك نجومُك] يا كَذّاب، ألم تكنْ تَعِدُ أميرَك الفاعل -يعني ابنَ عمِّه يَيْدير- أنه سوف [يظفَرُ بي ويملِكُ] بلدي ثلاثينَ سنةً، لمَ لم تُدقِّق النظرَ لنفسِك وتحذَرْ سُوءَ ورطتِك؟ [قد أباح اللهُ] لي دَمَك، فأيقَنَ أبو الفُتوح بالموت وأطْرق ينظُرُ للأرض لا يُكلِّمُه [ولا ينظرُ] إليه، فزاد ذلك في غَيْظِ باديس، فوَثَبَ من مجلسِه والسّيفُ في يدِه، فخَبَطَ [به أبا] الفُتُوح حتى بَرَدَ فحَزَّ رأسَه، ثم قُدِّم الصُّنهاجيُّ الذي كان محبوسًا معه إلى السّيف فاشتَدَّ جَزعُه وجعَلَ يعتذرُ من خطيئتِه ويُلحُّ في ضَراعتِه فقال له باديس: أما

ص: 340

تستحصي يا ابنَ الفاعلة؟ يصبِرُ المعلِّمُ الضّعيفُ القلب على الموت مثلَ هذا الصَّبر ويملِكُ نفسَه عن مكالمتي واستعطافي، وأنت تجزَعُ مثلَ هذا الجَزَع وطالما عدَدتَ نفْسَك في أشدِّ الرجال! لا أقال اللهُ مُقيلَك! اضرِبْ يا غلامُ عنُقَه، فضُربَتْ عنُقُه وانفَضَّ المجلس.

قال ابنُ برهون: وأحضَرَني باديسُ فأمَرَني بمُواراةِ الجُرجانيِّ إلى جانبِ أبي جعفر بن عبّاس كاتبِ زُهير ووزيرِه الذي قتَلَه باديسُ إثْرَ وقيعتِه معَ زُهيرٍ الصَّقْلَبيّ.

قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: قد تقَدَّم ذكْرُ مقتلِ أحمد بن عبَاسٍ هذا في رَسْمِه (1).

قال ابنُ برهون: ففعلتُ ما أمَرَني به باديسُ، فقبراهما في تلك البُقعة قد أسرّا أدبًا لا كِفاءَ له، وهذه البقعةُ بمقرُبةٍ من قبرِ حَبُوس بن ماكْسِن والدِ باديس.

قال: وكَلَّم الصُّنهاجيُّونَ باديسَ بنَ حَبُوس في جثّةِ صاحبِهم المقتول معَ أبي الفُتوح فأمَرَ بإسلامِها إليهم فخَرجوا بها على نَعْش إلى المقبُرة من فَوْرِهم فأصابوا قبرًا قد احتُفِر لميّت من أهل البلد فاغتَصَبوا فيه صاحبَه وصَبُّوا صاحبَهم فيه، فوارَوْه التّرابَ من غير غُسْل ولا كَفَن، وانطَلقوا لسبيلِهم، وعجِبَ الناسُ من جُرأةِ هؤلاء الصُّنْهاجيِّين وتَسامحُهم في الاغتصابِ حتى الموتى في قبورِهم.

قال (2): وهَبَّ بُلقينُ بن حَبُوس منَ انهماكِه في شُربه، فأُعلِم بقتل أبي الفُتوح الجُرجانيّ، وقد كان أجاره على أخيه باديسَ فغضِبَ لذلك أشدَّ الغضَبِ واستَوحَشَ من [أخيه، فلّما عَلِمَ بذلك] رَكِبَ إليه باديسُ واستَلْطفَهُ واسترضاهُ وأسعَفَه [بتسريح زوجةِ أبي الفُتوح] وابنِها وابنتِها منه المعتقلِينَ في المُنَكَّب كما مَرَّ ذكْرُه، [والسماح لها] ببعض ما سَلِمَ لها من مال زوجِها، على

(1) انظر السفر الأول رقم (356).

(2)

من هنا إلى آخر الترجمة غير موجود فيما نقله ابن الخطيب من كلام ابن حيان.

ص: 341