الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: مصادر أساليب الدعوة ووسائلها، ومدى الحاجة إليها
تعداد المصادر:
640-
مصادر أساليب الدعوة ووسائلها هي: القرآن الكريم، السنة النبوية المطهَّرة، سيرة السلف الصالح، واستنباطات الفقهاء، التجارب، ونتكم فيما يلي بشيء من الإيجاز عن كل مصدر للتعريف به.
أولًا: القرآن الكريم
641-
في القرآن الكريم آيات كثيرة تتعلق بأخبار الرسل الكرام وما جرى لهم مع أقوامهم.
وما خاطب الله تعالى به خاتمهم سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم من أمور الدعوة إليه، وهذه الآيات الكريمة يُسْتَفاد منها أصول أساليب الدعوة ووسائلها التي يجب أن يفقهها المسلم كما يتفقَّه أمور الدين الأخرى؛ لأنَّ الله جل جلاله ما قصَّها علينا وأخبرنا بها إلّا لنستفيد منها، ونتزود من معانيها ما يعيننا على الدعوة إلى الله، ونلتزم بنهجها، قال ربنا تبارك وتعالى:{وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} 1، قال بن كثير في تفسير هذه الآية: "كل أخبار نقصها عليك من أنباء الرسل المتقدمين من قبلك
1 سورة هود الآية: 120.
مع أممهم، وكيف جرى لهم من المحاجَّات والخصومات، وما احتمله الأنبياء من التكذيب والأذى، وكيف نصر الله حزبه المؤمنين، وخذل أعداءه الكافرين، كل هذا مما نثبت به فؤادك يا محمد، أي: قلبك؛ ليكون لك ممن مضى من إخوانك المرسلين أسوة"1.
ولا شكَّ أنَّ المسلمين يقتدون برسولهم صلى الله عليه وسلم، وفيما كان يتأسَّى به من سيرة المرسلين في أمور الدعوة إلى الله، قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} 2. ففي قصص السابقين من أمم الأرض وما جرى عليهم وما جرى لأنبياءهم معهم عبرة وموعظة لأصحاب العقول السليمة، وهداية ورحمة للمؤمنين بالله ورسوله، فهم الذين يعتبرون بما قصَّه الله عن الماضين ويتعظون به؛ لأن الإيمان قد فتح قلوبهم للحق، وأرهف حسَّهم لمواضع العبرة ومعاني الموعظة، وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} 3، فهذه الآية الكريمة تشير إلى لزوم الاقتداء بنهج رسل الله في الدعوة إليه.
ثانيًا: السنة النبوية
642-
وفي السنة النبوية أحاديث كثيرة تتعلَّق بأمور الدعوة ووسائلها، كما أنَّ السيرة النبوية المطهرة، وما جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة والمدينة، وكيفية معالجته للأحداث والظروف التي واجهته، كل ذلك يعطينا مادَّة غزيرة جدًّا في أساليب الدعوة ووسائلها؛ لأنَّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مَرَّ بمختلف الظروف والأحوال التي يمكن أن يمرَّ بها الداعي في كل زمان ومكان، فما من حالة يكون فيها الداعي، أو أحداث تواجهه، إلّا ويوجد نفسها أو مثلها أو شبهها أو قريب منها في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فيستفيد الداعي منها الحل الصحيح والموقف السليم الذي يجب أن يقفه إذا ما فقه معاني السيرة النبوية، وقد يكون من حكمة الله ولطيف لطف الله أن جعل رسول
1 تفسير ابن كثير ج2 ص456.
2 سورة يوسف، الآية:111.
3 سورة الأنعام، الآية:90.
الكريم يمرّ بما مرَّ به من ظروفٍ وأحوال، حتى يعرف الدعاة المسلمون كيف يتصرَّفون، وكيف يسلكون في أمور الدعوة في مختلف الظروف والأحوال اقتداءً بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالسيرة النبوية والتوجيهات النبوية تطبيقات عملية لما أمر الله به رسوله في أمور الدعوة وتبليغ الرسالة، وما ألهم رسوله في هذا المجال، فلا يجوز للداعي أن يغفل عن سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
ثالثًا: سيرة السلف الصالح
643-
وفي سيرة سلفنا الصالح من الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان، سوابق مهمة في أمور الدعوة يستفيد منها الدعاة إلى الله؛ لأنَّ السلف الصالح كانوا أعلم عن غيرهم بمراد الشارع وفقه الدعوة إلى الله، وما زال أهل العلم يستدلون بسيرتهم.
رابعًا: استنباطات الفقهاء
644-
الفقهاء يعنون باستنباط الأحكام الشرعية العلمية من أدلتها الشرعية، ومن هذه الأحكام ما يتعلق بأمور الدعوة إلى الله، مثل أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، والحسبة، وقد أفردوا لهذه الأحكام أبوابًا خاصَّة في كتبهم الفقهية، وما قرروه من اجتهادات في أمور الدعوة ومجالها، حكمه حكم اجتهاداتهم الأخرى التي يجب اتباعها أو يُنْدَب؛ لأنَّ الوسائل والأساليب في الدعوة من أمور الدِّين، مثل: مسائل العبادات والمعاملات.
خامسًا: التجارب
645-
التجربة معلم جيد للإنسان، لا سيما لمن يعمل مع الناس، وللداعي تجارب كثيرة في مجال الدعوة هي حصيلة عمله المباشر مع الناس، ومباشرته للوسائل فعلًا في ضوء ما فهمه من المصادر السابقة؛ لأنَّ التطبيق قد يظهر له وجه خطئه فيتجبنَّه في المستقبل، وقد يكون الثمن غاليًا، ولكن ما يتعلمه من التجارب أغلى من الثمن المدفوع إذا انتفع من التجارب حقًّا، وهذا هو المأول من المؤمن، فإن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.. وكما أنَّ الداعي يستفيد من تجاربه الخاصة، يستفيد أيضًا من تجارب
الآخرين في مجال الوسائل والأساليب، فإنَّ الحكمة ضالَّة المؤمن يأخذها من أيِّ وعاء خرجت....
ضرورة الاستمساك بالنهج الصحيح في الوسائل والأساليب:
646-
النهج الصحيح في الوسائل والأساليب هو المُسْتَقَى من المصادر التي بَيَّنَّاها، والاستمساك بهذا النهج ضروري لكلِّ داعٍ ولازم له، وواجب عليه، لأنَّ الإسلام يقضي به، والواجب على المسلم أن يتمسَّك بما يقضي به الدين، كما أنَّ التزام هذا المنهج الصحيح يقرِّب من الغاية ويوصِّل إلى المطلوب، ثم إنّ المطلوب من الداعي أن يحرص على طاعة الله، واتباع الصواب، وعدم الوقوع في الخطأ وفي العصيان، وهذا المطلوب من الداعي إنما يكون بالالتزام بالنهج الصحيح الذي جاءت به المصادر.
فإذا ما قام الداعي بما هو مطلوب منه لم يكن مسئولا عن نتيجة عمله من حيث بلوغ الغاية والوصول إلى المراد؛ لأنَّ الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، والحساب إنما يكون على مشروعية عمل الإنسان، وهل أدَّى كل ما عليه من واجب؟ وإذا تبيِّنَ هذا الأمر ووعاه الداعي وفقهه، لم يكن له أن يخرج على النَّهج الصحيح بحجة صعوبته أو طوله، أو عدم قبول الناس له، أو تعجلًا من الداعي لبلوغ الغاية، أو انسياقًا منه وراء عاطفة نبيلة دينية حسنة، ورغبة صادقة في العمل والجهاد والشهادة في سبيل الله؛ لأنَّ الخطأ لا يصير صوابًا بالنيات الحسنة والعواطف النبيلة، وأنَّ الوصول إلى المقصود لا يكون بالسير على ما لا يؤدي إليه، وإن كان السائر جَدُّ حريص على الوصول، ويكفي للتدليل على ما أقول أن أذكر أنَّ أحكام الشريعة ما نزلت دفعة واحدة، وأنَّ الدعوة الإسلامية ما سارت وراء رغبات المتحمسين وعواطف الصادقين المتعجلين، فالقتال ما شُرِّعَ في مكة، وكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم للمتعجلين: أن اصبروا.
وصلح الحديبية لم تتَّسِع له صدور كثير من المسلمين بالرغم من صدقهم وعمق إيمانهم واستعدادهم للقتال وللاستشهاد، ولكن اتسع له صدور رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن المسألة ليست مسألة استعداد للموت، والصدق في هذا الاستعداد، وإنَّما المسألة هي لزوم السير على النهج الصحيح، فهو وحده الموصِّل إلى المراد وبلوغ الغاية على الوجه المطلوب.
ولهذ نزل القرآن واصفًا ذلك الصلح بالفتح المبين، فعلى الداعي أن لا يتأثَّر
بالعواطف والقصود الطيبة والحماس لخدمة الإسلام عند تعين الوسيلة والأسلوب، وليدع النظر السديد يُعيِّن الوسائل والأساليب في ضوء ما جاء في المصادر التي ذكرناها. إن الحماس والعاطفة والرغبة في العمل يجب أن يوجّه ذلك كله لتحقيق وتنفيذ الأسلوب الصحيح، والوسيلة الصحيحة بعد تقريرهما، لا أن يوجِّه ذلك للتشكيك في الأسلوب الصحيح، والتجديف بعيدًا عن الوسائل الصحيجة، والجدل العقيم.
نتائج الخروج عن النهج الصحيح:
647-
والخروج عن النهج الصحيح في الأسلوب والوسيلة يؤدِّي إلى الفشل وعدم بلوغ الغاية، وإن ظنَّ الخارج أنَّه قارب أن يصلها، وحتى ولو وصلها فعلًا، فإنه سرعان ما يدفع عنها ويُرْمَى بعيدًا عنها، وفضلًا عن ذلك فإنَّ الخروج عن النهج الصحيح يؤدِّي غالبًا إلى لحوق الأذى بالعاملين، وضياع الجهود بلا طائل، كالذي يقيم البناء على غير أساسٍ سليمة أو بمواد غير صالحة، فإنَّ بناءه إلى الزوال مع احتمال انهدامه على ساكنيه. إن هذه النتائج تقع حتمًا وإن كان الداعي حسن النية والقصد؛ لأنَّ النتائج في الدنيا تترتب على أسبابها ومقدماتها بغض النظر عن نيّات أصحابها.
وعلى سبيل التمثيل أو التدليل على ما نقول، إنَّ من نهج الدعوة الصحيح حسن الخلق والترفُّق، فإن عُدِمَ الداعي ذلك بأن كان فظًّا غليظ القلب، كان سببًا لانصراف الناس عنه وإن كان محقًّا في دعوته مخلصًا في علمه؛ إذ ليس هو بأحسن حالًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي خاطبه ربه بقوله:{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ، وأخيرًا فإنَّ الخروج على النهج الصحيح قد يكون من المعاصي التي يقع فيه الداعي؛ لأنَّ المنهج الصحيح في الدعوة من الدين ومخالفة أحكام الدين في أمور الدعوة إلى الله معصية يسأل عنها المسلم؟
صعوبة الالتزام بالنهج الصحيح:
648-
والحقيقة أنَّ الالتزام بالنهج الصحيح ليس بالأمر اليسير؛ لأنَّه يقتضي أن يحيط الداعي بمعاني النهج الصحيح وحضورها في ذهنه، بحيث تصدر أفعاله بموجبها بسهولة ويسر، ثم عليه أن يطَبِّق ما فهمه من هذه المعاني على الجزئيات التي يباشرها أو
يواجهها، وهي كثيرة جدًّا ويصعب عدها وحصرها، وكثيرًا ما تختلط هذه الجزئيات ببعضها، وتدق الفروق فيما بينها، وكثيرًا ما ينسى الداعي معاني المنهج الصحيح، وكثيرًا أيضًا ما يصعب عليه استنباط الحلول الجديدة من هذه المعاني الكثيرة، إنَّ مَثَلَ الداعي في هذه الحالة -حالة التطبيق- مَثَلُ القائد العسكري، فقد يستوعب أساليب الحرب والقتال والخطط العسكرية وقواعدها استيعابًا جيدًا جدًّا، ولكن هذا لا يكفيه عند التطبيق؛ إذ لا بُدَّ له من كفاءة وقدرة على حسن الاستفادة مما تعلمه لوضع الخطة الملائمة والأسلوب الصحيح للحالة التي يواجهها في ضوء ما تعلمه، وصعوبة التطبيق بالنسبة للداعي أشد بكثير مما هي بالنسبة للقائد العسكري؛ لأنَّ القائد يجد بين يديه جنودًا مطيعين ينفِّذون ما يأمرهم به القائد، أمَّا الداعي فهو يواجه أناسًا جاهلين بربِّهم، متمرِّدين عليه، نافرين من الحق، مقبلين على الدنيا، معادين للداعي، أو على الأقل لا يهتمون بما يدعوهم إليه من الخير، ولا يحسُّون بحاجة إليه، أضف إلى ذلك أنَّ أحوال الناس وأهواءهم مختلفة متضاربة، وأمراضهم كثيرة متنوعة، وكل ذلك يجعل مهمة الداعي في تطبيق ما تعلمه صعبة وليست يسيرة. ومع هذا كله فإنَّ من الممكن تذليل هذه الصعوبة جهد الإمكان، وهذا ما نبينه في الفقرة التالية:
تيسير الالتزام بالنهج الصحيح:
والذي يسهل الالتزم بالنهج الصحيح ويعين عليه أمور، منها:
649-
أولًا: الفهم الدقيق الجيِّد لمعاني النهج الصحيح بطول التأمل وتكرار هذه المعاني التي جاءت في المصادر التي ذكرناها، بحيث تصبح كأنها تجري في دمه، وحاضرة في ذهنه، ولهذا لا يجوز للداعي أن يملَّ من ترداد وإعادة قراءة ما ورد في مصارد الدعوة، مع التأمل الطويل عند القراءة.
ثانيًا: تقوى الله، فإنَّ تقوى الله تنوّر قلب المسلم وتقوي فيه قوة الإدراك والرؤية، فيبصر الحق واضحًا، ويعرف الوسائل والأساليب الصحيحة المناسبة لما يمرّ به من ظروف وأحوال وأشخاص، والتي قد تشتبه بغيرها، فيشتبه عليه الصحيح من الوسائل والأساليب؛ لأنه لا يكفي -كما قلنا- أن يعرف الوسائل والأساليب بصورة عامَّة أو بتفصيل، وإنما يجب أن يعرف ما يجب تطبيقه منها بالنسبة لهذا الشخص، أو بالنسبة لهذه الحالة أو الظروف، وكثيرًا ما تتعارض مبررات تطبيق وسيلة معينة تعارض معاني
هذه الحالة المعينة أو الظرف المعيَّن، فيحتاج الداعي إلى بصيرة نافذة تدرك الوسيلة المناسبة، أو تسخرجها من مجموع الوسائل الصحيحة عن طريق المزج أو الاستنباط أو القياس، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} 1، وقد جاء في تفسير هذه الآية:"يجعل لكم فرقانًا، أي: فصلًا بين الحق والباطل، فإنَّ من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره وُفِّقَ لمعرفة الحق من الباطل، فكان ذلك سبب نصره ونجاته، ومخرجه من أمور الدنيا، وسعادته يوم القيامة"2، وقال تعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} قال ابن كثير في تفسيره: ويعلمكم الله؛ كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} يريد رحمة الله بقوله هذا، إن معناها مثل معنى هذه الآية3.
ثالثًا: الالتجاء الدائم إلى الله تعالى، والانطراح بين يديه، والتوسُّل إليه ليعلمه ويفهمه، لقد كان الإمام بن تيمية يخرج إلى الصحراء ويضع خدَّه على التراب ويقول:"يا معلم إبراهيم علمني" يكررها مرارًا، ويكرر هذه الحالة مرارًا كما ذكر تلميذه ابن القيم.
رابعًا: تطهير قلبه من جراثيم الرياء تطهيرًا كاملًا، بتجريد الإخلاص لله رب العالمين؛ بحيث لا يبقى فيه أيّ تلفُّت إلى الناس وطلب السمعة عندهم، أو طلب مرضاتهم على حساب النهج الصحيح للدعوة. إنَّ الداعي قد ينحرف عن النهج الصحيح لما يسمعه من ضجيج الناس ومن صياحهم، أو من رغبة أصحابه في التساهل في معاني النهج الصحيح، والذي يعينه على الثابت والاستقامة وعدم الخروج على النهج الصحيح إخلاصه الكامل التامّ، الذي يجعله لا يلتفت إلى أيٍّ من دواعي الخروج.
إن تجريد الإخلاص صعب جدًّا؛ لأنَّ جراثم الرياء خفية ودقيقة قد يحملها الداعي ولا يحس بها، كما يحمل الصحيح جراثيم المرض ولا يحس بها، ولهذا يمكن أن تؤثر فيه أو تضعف مقاومته لدواعي الخروج عن النهج الصحيح، والله المستعان.
1 سورة الأنفال، الآية:29.
2 تفسير ابن كثير ج2 ص301، 302.
3 تفسير ابن كثير ج1 ص337.