المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب - أصول الدعوة

[عبد الكريم زيدان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: موضوع الدعوة

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: تعريف الإسلام

- ‌الفصل الثاني: أركان الإسلام

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الركن الأول: شهادة أن لا إله إلا الله

- ‌المبحث الثاني: الركن الثاني: شهادة أنَّ محمدًا رسول الله

- ‌المبحث الثالث: الركن الثالث: العمل الصالح

- ‌الفصل الثالث: خصائص الإسلام

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الخصيصة الأولى: إنه من عند الله

- ‌المبحث الثاني: الخصيصة الثانية: الشمول

- ‌المبحث الثالث: الخصيصة الثالثة: العموم

- ‌المبحث الرابع: الخصيصة الرابعة: الجزاء في الإسلام

- ‌المبحث الخامس: الخصيصة الخامسة: المثالية والواقعية

- ‌المطلب الأول: المثالية في الإسلام

- ‌المطلب الثاني: الواقعية في الإسلام

- ‌الفصل الرابع: أنظمة الإسلام

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: نظام الأخلاق في الإسلام

- ‌المبحث الثاني: النظام الاجتماعي في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: أساس نظام المجتمع في الإسلام

- ‌المطلب الثاني: خصائص النظام الإجتماعي في الإسلام

- ‌المبحث الثالث: نظام الإفتاء

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: المستفتي

- ‌المطلب الثاني: المفتي

- ‌المطلب الثالث: الإفتاء

- ‌المطلب الرابع: الفتوى

- ‌المبحث الرابع: نظام الحسبة

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: التعريف بالحسبة ومشروعيتها ومكانتها في الإسلام

- ‌المطلب الثاني: المحتَسِب

- ‌المطلب الثالث: المحتَسَب عليه

- ‌المطلب الرابع: موضوع الحسبة

- ‌المطلب الخامس: الاحتساب

- ‌المبحث الخامس: نظام الحكم

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: الخليفة

- ‌المطلب الثاني: الشورى

- ‌المطلب الثالث: الخضوع لسلطان الإسلام

- ‌المطلب الرابع: مقاصد الحكم في الإسلام

- ‌المبحث السادس: النظام الاقتصادي

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: الفرع الأول: الأساس الفكري للنظام الاقتصادي الإسلامي

- ‌المطلب الثاني: المبادئ العامّة في النظام الاقتصادي الإسلامي

- ‌المطلب الثالث: بيت المال موارده ومصارفه: الفرع الأول: موارد بيت المال

- ‌المبحث السابع: نظام الجهاد

- ‌المبحث الثامن: نظام الجريمة والعقوبة

- ‌الفصل الخامس: مقاصد الإسلام

- ‌الباب الثاني: الداعي

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: التعريف بالداعي

- ‌الفصل الثاني: عدة الداعي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الفهم الدقيق

- ‌المبحث الثاني: الإيمان العميق

- ‌المبحث الثالث: الاتصال الوثيق

- ‌الفصل الثالث: أخلاق الداعي

- ‌الباب الثالث: المدعو

- ‌مدخل

- ‌الفصل الثاني: أصناف المدعوين

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الملأ

- ‌المبحث الثاني: جمهور الناس

- ‌المبحث الثالث: المنافقون

- ‌المبحث الرابع: العصاة

- ‌الباب الرابع: أساليب الدعوة ووسائلها

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: مصادر أساليب الدعوة ووسائلها، ومدى الحاجة إليها

- ‌الفصل الثاني: أساليب الدعوة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الداء والدواء

- ‌المبحث الثاني: إزالة الشبهات

- ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

- ‌المبحث الرابع: التربية والتعليم

- ‌الفصل الثالث: وسائل الدعوة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الوسائل الخارجية للدعوة

- ‌المبحث الثاني: وسائل تبليغ الدعوة

- ‌الفهارس:

- ‌الفهرست:

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

‌المبحث الثالث: الترغيب والترهيب

معناهما وأهميتها:

670-

نقصد بالترغيب: كل ما يشوق المدعوّ إلى الاستجابة وقبول الحق والثبات عليه. ونقصد بالترهيب: كل ما يخيف ويحذر المدعوَّ من عدم الاستجابة أو رفض الحق أو عدم الثبات عليه بعد قبوله. والملاحظ أنَّ القرآن الكريم مملوء بما يرغِّب الناس في قبول دعوة الإسلام والتحذير من رفضها، مما يدل دلالة قاطعة على أهمية هذا الاسلوب: أسلوب الترغيب والترهيب في الدعوة إلى الله تعالى، وعدم إهماله من قِبَلِ الداعي المسلم.

بم يكون الترغيب والترهيب؟

671-

والأصل في الترغيب أن يكون في نيل رضى الله ورحمته وجزيل ثوابه في الآخرة، وأن يكون الترهيب بالتخويف من غضب الله وعذابه في الآخرة، وهذا هو نهج رسل الله الكرام كما بينه القرآن الكريم، وجاءت به السنة النبوية المطهرة.

فمن الآيات القرآنية قوله تعالى:

1-

عن نوح عليه السلام: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} 1.

2-

وعن نوح عليه السلام: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ

1 سورة الأعراف، الآية:63.

ص: 437

قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ، أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 1.

3-

وقال تعالى عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ، يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 2.

4-

{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} 3.

5-

وفي السنة النبوية: كان صلى الله عليه وسلم يَعِدُ المبايعين له بالجنَّةِ، من ذلك ما قاله عليه الصلاة والسلام لأصحاب بيعة العقبة الأولى:"فإن وفيِّتُم فلكم الجنة" 4، وكان صلى الله عليه وسلم يمرُّ بآل ياسر وهم يعذَّبون بسبب إسلامهم، فيقول لهم:"صبرًا آل ياسر موعدكم الجنة"5.

672-

ومع أنَّ الأصل في الترغيب والترهيب يكون بالجزاء في الآخرة، فإنه يجوز أن يكون بما يصيب المدعوين في الدنيا من خير في حالة استجابتهم، وما يصيبهم من شر في حالة رفضهم، على أن لا يغفل الداعي أبدًا عن الترغيب والترهيب بالجزاء في الآخرة، ومن أدلة هذا الجواز ما يأتي:

1-

قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي

1 سورة نوح، الآية: 1-3.

2 سورة التغابن، الآية:9.

3 سورة محمد، الآية:12.

4 سيرة ابن هشام ج2 ص41، ومثل هذا أيضًا في ج2 ص55 ومن هذه السيرة.

5 سيرة ابن هشام ج1 ص342.

ص: 438

ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} 1.

2-

وقال تعالى حكاية عن قوم نوح عليه السلام لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} 2.

3-

ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاء أشراف قريش عمَّه أبا طالب ليحدِّثوه بشأن رسول لله صلى الله عليه وسلم، وطلبوا منه أن يكلِّمه ليكفَّ عنهم ويكفوا عنه، فبعث إليه أبو طالب فجاءه، فقال: يا ابن أخي، هؤلاء أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليعطوك وليأخذوا منك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عم، كلمة واحدة تعطونيها، تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم"، فقال أبو جهل: نعم وأبيك، وعشر كلمات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تقولون لا إله إلا الله وتخلعون ما تعبدون من دونه"3.

من أساليب الترغيب والترهيب:

673-

ومن أساليب الترغيب والترهيب تذكير القوم بما هم عليه من نِعَمٍ، وأنَّ من شأن ذلك أن يدعوهم إلى طاعة الله الذي أنعم عليهم بهذه النِّعَم، والتحذير من فقدهم لها إذا امتنعوا من الاستجابة وكفروا بالله، ومع زوال النِّعَم نزول العذاب، ومن الآيات الكريمة المبينة لهذا النوع من الأسلوب، قوله تعالى:

1-

عن هود عليه السلام: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 4.

2-

وقال تعالى عن هود عليه السلام أيضًا: {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} 5.

1 سورة النور، الآية:55.

2 سورة نوح، الآية: 10، 12.

3 سيرة ابن هشام ج2 ص27.

4 سورة الأعراف، الآية:69.

5 سورة الشعراء، الآية: 131-135.

ص: 439

3-

وقال تعالى عن صالح عليه السلام: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} 1.

4-

وقال تعالى عن قريش: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف} .

من لوازم الترغيب والترهيب:

674-

ولما كان الإنسان يعيش في الدنيا ويشاهدها ويحسّ بها ويتعرَّض لإغراءاتها، مما قد يجره إلى الركون إليه والتعلق بها ونسيان الآخرة، فلا بُدَّ إذن من تنفير المدعوين من إيثارها على الآخرة، لا من الفرار منها جملة واحدة، مع بيان حقيقتها وقيمتها وقدرها بالنسبة إلى الآخرة ونعيمها، وقد بَيِّنَ ذلك كله القرآن الكريم خير بيان، مما يجعل أيّ مسلم عاقل يؤثر الآخرة على الدنيا، بل ويجعل المدعوَّ غير المسلم منجذب إلى هذه الحقائق في موازنة الدنيا مع الآخرة، وقد يجره ذلك إلى الإيمان لما يحسه من صدق هذا البيان والتصوير لقيمة الدنيا.

ومن الآيات القرآنية في هذا الباب قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ، وقال تعالى:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} .

675-

وفي السنة النبوية المطهرة تحذير من الدنيا وإيثارها على الآخرة وقيمتها

1 سورة الأعراف، الآية:73.

ص: 440

بالنسبة للآخرة، من ذلك الحديث الشريف:"إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى مستخلكفم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء"، وكان صلى الله عليه وسلم يقول:"اللهم لا عيش إلّا عيش الآخرة"، وقال صلى الله عليه وسلم في بيان قدر الدنيا بالنسبة للآخرة:"ما الدنيا في الآخرة إلّا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليمِّ فينظر بم يرجع".

ص: 441