المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطريق الثامن عشر: الحكم بالإقرار - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الطريق الثامن عشر: الحكم بالإقرار

- ‌ مذهب أبي حنيفة

- ‌ كمال فقه(4)الصحابة رضي الله عنهم

- ‌الطريق الحادي والعشرون: الحكم بالاستفاضة

- ‌الطريق الثاني والعشرون: الأخبار آحادًا

- ‌ لا يشترط في صحة الشهادة ذكر لفظة "أشهد

- ‌الطريق الثالث والعشرون: الحكم بالخط المجرد

- ‌شهادة الأعمى فيما طريقه السمع إذا عرف الصوت

- ‌ إذا أشهد القاضي شاهدين على كتابه، ولم يقرأه عليهما ولا عرفهما بما فيه

- ‌القول قول المرتهن مع يمينه، ما لم يدع أكثر من قيمة الرهن

- ‌الطريق الرَّابع والعشرون: العلامات(1)الظاهرة

- ‌ دفع اللقطة إلى واصفها

- ‌ المتكاريين يختلفان في دفين في الدَّار

- ‌الطريق الخامس والعشرون: الحكم بالقرعة

- ‌الطريق السادس والعشرون: الحكم بالقافة

- ‌ قصة العرنيين

- ‌ الأمور المدركة بالحس نوعان:

- ‌نوع يشترك فيه الخاص والعام

- ‌مدار الولايات كلها على الصدق في الإخبار، والعدل في الإنشاء

- ‌من المنكرات(1): تلقي السلع قبل أن تجيء إلى السوق

- ‌ تلقي أسواق الحجيج الجلب من الطريق

- ‌ من اضطر إلى طعام غيره(2)أخذه منه بغير اختياره بقيمة المثل

- ‌ من اضطر إلى الاستدانة من الغير، فأبى أن يعطيه إلَّا بربا

- ‌لو اضطرَّ إلى طعامه وشرابه فحبسه عنه حتَّى ماتَ جوعًا وعطشًا

- ‌ القسم الأوَّل

- ‌ إذا اختلفت(1)الصنائع لم تصح الشركة على أحد الوجهين

- ‌ ظنَّ طائفةٌ من النَّاس(3)أنَّ هذه المشاركات من باب الإجارة

- ‌ التسعير في الأموال

- ‌ تنازع العلماء في التسعير في مسألتين:

- ‌لو احتاجَ إلى إجراء مائه في أرض غيره، من غير ضرر لصاحب(2)الأرض

- ‌المنافع التي يجب بذلها نوعان

- ‌ منها ما هو حق المال

- ‌ ومنها ما يجب لحاجة النَّاس

- ‌ بذل منافع البدن تجب عند الحاجة

- ‌ من أمكنه إنجاء إنسان من مهلكة وجب عليه أن يخلصه

- ‌ما احتاج إليه النَّاس حاجة عامة، فالحق فيه لله

- ‌ اذا اضطر الإنسان إلى طعام الغير، وجب عليه بذله له(3)بثمن المثل

- ‌ المنكرات من الأعيان والصور يجوز إتلاف محلها تبعًا لها

- ‌ إتلاف المال - على وجه التعزير والعقوبة - ليس بمنسوخ

- ‌ لا ضمان في تحريق الكتب المضلة وإتلافها

- ‌ منع النِّساء من الخروج متزينات متجملات

- ‌ المرض المعدي كالجذام إذا استضر النَّاس بأهله

- ‌من طرق الأحكام: الحكم بالقرعة

- ‌ كيفية القرعة

- ‌ مواضع القرعة

- ‌ إذا أعتق عبدًا من عبيده، أو طلَّق امرأة من نسائه، لا يدري أيتهن هي

- ‌ إذا طلق إحدى نسائه، ومات قبل البيان

- ‌لوازم القولين تدل على صحة القول بالقرعة

- ‌لو طلَّق إحداهما لا بعينها، ثمَّ ماتت إحداهما

- ‌ إذا خرجت القرعة على امرأة، ثمَّ ذكر بعد ذلك أنَّ المطلقة غيرها

- ‌ رجل له مماليك عدة، فقال: أحدهم حر، ولم يبين

- ‌ رجل قال: أول غلام لي يطلع فهو حر، فطلع غلامان

- ‌فإن ولدت الأول ميتًا والثاني حيًّا

- ‌ مسألة الأوَّل والآخر، مبنية على أصلين:

- ‌ مسألة تعليق الحريَّة على مطلق الولادة

- ‌ القرعة(1)في الشراء والبيع

- ‌خاتمة التحقيق

- ‌فهرس المراجع

- ‌ التفسير وعلوم القرآن:

- ‌ السنة النبوية وعلومها:

- ‌ أصول الفقه:

- ‌ الفقه

- ‌ الفقه الحنفي:

- ‌ الفقه المالكي:

- ‌ الفقه الشافعي:

- ‌ الفقه الحنبلي:

- ‌الفقه الظاهري وبعض المجتهدين:

- ‌ كتب اللغة والتعريفات:

- ‌ الأعلام والتراجم والسير والتاريخ:

- ‌ كتب أخرى:

- ‌ كتب ابن القيم:

الفصل: ‌الطريق الثامن عشر: الحكم بالإقرار

فصل

‌الطريق الثامن عشر: الحكم بالإقرار

.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 8]، وفي الآية الأُخرى:{كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135]، ولا خلافَ أنَّه لا يعتبر في صحة الإقرار أن يكون بمجلس الحاكم

(1)

، إلَّا شيئًا حكاه محمد بن الحسن الجوهري في كتاب "النوادر"

(2)

له فقال: قال ابن أبي ليلى: لا أجيز إقرارًا في حقٍّ أنكره الخصم عندي إلَّا إقرارًا بحضرتي

(3)

، ولعله ذهب في ذلك إلى أنَّ الإقرار لما كان شهادة المرء على نفسه اعتبر له مجلس الحكم، كالحكم بالبينة، والفرقُ ظاهرٌ لا خفاء به.

فصل

ويحكم بإقرار الخصم في مجلسه إذا سمعه معه شاهدان بغير خلاف

(4)

، فإن لم يسمعه معه غيره فنص أحمد على أنه يحكم

(1)

انظر: مطالب أولي النهى (6/ 546)، تخريج الفروع على الأصول (1/ 374).

(2)

نوادر الفقهاء له مخطوطة في الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية برقم (4545)، وقد طبع في دار القلم - دمشق.

(3)

نوادر الفقهاء (304). وانظر: مختصر اختلاف العلماء (3/ 375).

(4)

انظر: المحرر (2/ 206)، المغني (14/ 33)، المقنع والشرح الكبير والإنصاف (28/ 423)، كشاف القناع (6/ 335)، التنقيح المشبع (408)، مغني ذوي الأفهام (230)، الفروق (4/ 47)، تهذيب الفروق (4/ 86)، =

ص: 515

به

(1)

، وإن لم نقل يحكم بعلمه، فإن مجلس الحاكم مجلس فصل الخصومات، وقد جلس لذلك، وقد أقر الخصم في مجلسه، فوجب عليه الحكم به، كما لو قامت بذلك البينة عنده، وليس عنده أحد غيره يسمع معه شهادتهما، فإنَّ هذا محل وفاق.

وقال القاضي

(2)

: لا يحكم بالإقرار في مجلسه حتى يسمعه معه شاهدان؛ دفعًا للتهمة عنه

(3)

، إلا أن نقول: يقضي بعلمه، فإنه يجوز له الحكم حينئذٍ.

والتحقيق أن هذا يشبه مسألة الحكم بعلمه من وجه، ويفارقها من وجه. فشبه ذلك بمسألة حكمه بعلمه أنه ليس هناك بينة، وهو في موضع تهمة.

ووجه الفرق بينهما: أن الإقرار بينة قامت في مجلسه؛ فإن البينة اسم لما يبين به الحق، فعلم الحق في مجلس القضاء الذي انتصب فيه للحكم به، وليس من شرط صحة الحكم أن يكون بمحضر شاهدين، فكذلك لا يعتبر في طريقه أن يكون بمحضر شاهدين، وليس هذا بمنزلة ما رآه أو سمعه في غير مجلسه.

= مسعفة الحكام (2/ 699).

(1)

انظر: المغني (14/ 33)، المقنع والشرح الكبير والإنصاف (28/ 423).

(2)

أبو يعلى.

(3)

انظر: المغني (14/ 33)، المقنع والشرح الكبير والإنصاف (28/ 423).

ص: 516

فصل

الطريق التاسع عشر: الحكم بعلمه.

وقد اختلف في ذلك قديمًا وحديثًا، وفي مذهب الإمام أحمد ثلاث روايات

(1)

.

إحداها: - وهي الرواية المشهورة عنه، المنصورة عند أصحابه - أنه لا يحكم بعلمه لأجل التهمة

(2)

. والثانية: يجوز له ذلك مطلقًا في الحدود وغيرها. والثالثة: يجوز إلا في الحدود.

ولا خلاف عنه أنه يبني على علمه، في عدالة الشهود وجرحهم، ولا يجب عليه أن يسأل غيره عما علمه من ذلك

(3)

.

ولأصحاب الشافعي طريقان

(4)

:

(1)

انظر: الهداية (2/ 127)، المحرر (2/ 206)، المغني (14/ 31)، شرح الزركشي (7/ 253)، الفروع (6/ 469)، المبدع (10/ 60)، المقنع مع الشرح الكبير (28/ 424)، الإنصاف (28/ 424)، رؤوس المسائل الخلافية (6/ 982)، المقنع لابن البنا (4/ 1289)، الروض المربع (710).

(2)

انظر: المراجع السابقة.

(3)

انظر: المغني (14/ 33)، فتح الباري (13/ 172).

(4)

انظر: الرسالة للشافعي (600)، الأم (6/ 216)، الإشراف لابن المنذر (3/ 15)، أدب القاضي للماوردي (2/ 368)، حلية العلماء (8/ 142)، التنبيه (255)، الديباج المذهب (1/ 204)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (10/ 30)، نهاية المحتاج (8/ 256)، مغني المحتاج (4/ 398)، المسائل الفقهية التي انفرد بها الشافعي (203)، فتح الباري (13/ 172)، الإرشاد =

ص: 517

أحدهما: يقضي بعلمه قطعًا.

والثاني: أن المسألة على قولين أظهرهما عند أكثر الصحابة

(1)

يقضي به.

قالوا: لأنه يقضي بشاهدين، وذلك يفيد ظنًّا، فالعلم أولى بالجواز. وأجابوا عما احتج به المانعون من ذلك من التهمة؛ أن القاضي لو قال: ثبت عندي وصح كذا وكذا لزم

(2)

قبوله بلا خلاف، ولم يبحث عما ثبت به

(3)

وصح والتهمة قائمة.

ووجه هذا أنه لما ملك الإنشاء، ملك الإخبار.

ثم بنوا على القولين ما علمه في زمن ولايته ومكانها، وما علمه

(4)

في غيرهما.

قالوا: فإن قلنا: لا يقضي بعلمه فذلك

(5)

إذا كان مستنده مجرد العلم، أما إذا شهد رجلان يعرف عدالتهما، فله أن يقضي، ويغنيه علمه بهما عن تزكيتهما. وفيه وجه ضعيف: لا يغنيه ذلك عن تزكيتهما

= (2/ 404).

(1)

هكذا ولعلَّ الصواب: "أصحابه".

(2)

من قول المؤلِّف في الطريق الثامن عشر: "قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 8] " إلى قوله: "إنَّ القاضي لو قال ثبت عندي وصحَّ كذا وكذا"" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".

(3)

وفي "أ": "فيه".

(4)

"في زمن ولايته ومكانها وما علمه" ساقطة من "ب".

(5)

في "د" و"و": "بذلك".

ص: 518

للتهمة.

قالوا: ولو أقر بالمدعى به

(1)

فى مجلس قضائه قضى، وذلك قضاء بالإقرار لا بعلمه، وإن أقر عنده سرًّا فعلى القولين، وقيل: يقضي قطعًا

(2)

.

ولو شهد عنده واحد، فهل يغنيه علمه عن الشاهد الآخر؟ على قول المنع، فيه وجهان.

هذا تحصيل مذهب الشافعي وأصحابه

(3)

.

وأما مذهب مالك

(4)

: فإنه لا يقضي بعلمه في المدعى به بحال، سواء علمه قبل التولية أو بعدها، في مجلس قضائه أو غيره، قبل الشروع في المحاكمة أو بعد الشروع، فهو

(5)

أشد المذاهب في ذلك.

(1)

"به" مثبتة من "أ" و"ب".

(2)

انظر: الديباج المذهب (1/ 203).

(3)

الرسالة (600)، الإشراف لابن المنذر (3/ 15)، أدب القاضي للماوردي (2/ 368)، حلية العلماء (8/ 142)، نهاية المحتاج (8/ 256)، مغني المحتاج (4/ 398)، فتح الباري (13/ 172).

(4)

انظر: المدونة (5/ 148)، المنتقى (5/ 186)، الكافي (500)، التمهيد (22/ 219)، التلقين (2/ 531)، التفريع (2/ 245)، المعونة (3/ 1502)، الفروق (4/ 45)، تنبيه الحكام (198)، تبصرة الحكام (1/ 196) و (2/ 39)، التاج والإكليل (8/ 138)، مواهب الجليل (6/ 118)، منح الجليل (8/ 344)، عقد الجواهر الثمينة (3/ 1018).

(5)

في "أ" و"ب": "فهذا".

ص: 519

وقال عبد الملك وسحنون: يحكم بعلمه فيما علمه بعد الشروع في المحاكمة

(1)

.

قالوا: فإن حكم بعلمه - حيث قلنا لا يحكم - فقال أبو الحسن اللخمي: لا ينقض عند بعض

(2)

أصحابنا، وعندي أنه ينقض

(3)

.

قالوا

(4)

: ولا خلاف أن ما رآه القاضي، أو سمعه في غير مجلس قضائه أنه لا يحكم به، وأنه ينقض إن حكم به، وينقضه هو وغيره، وإنما الخلاف فيما يتقارر به الخصمان في مجلسه، فإن حكم به نقضه هو، ولا ينقضه غيره.

قال اللخمي: وقد اختلف إذا أقر بعد أن جلسا للخصومة، ثم أنكر، فقال مالك

(5)

وابن القاسم: لا يحكم بعلمه

(6)

. وقال عبد الملك وسحنون: يحكم؛ لأن الخصمين إذا جلسا للمحاكمة فقد

(1)

انظر: المنتقى (5/ 186)، تبصرة الحكام (1/ 196)، مواهب الجليل (6/ 118)، البهجة (1/ 42).

(2)

"بعض" ساقطة من "هـ".

(3)

في المنتقى (5/ 186): "وإذا قلنا لا يحكم بعلمه فحكم بعلمه وسجل فقد قال القاضي أبو الحسن: لا ينقض حكمه عند بعض أصحابنا، قال القاضي أبو الوليد: وعندي أنَّه ينقض حكمه" ا. هـ. وما ذكره ابن القيم مثبت في عقد الجواهر (3/ 1018).

(4)

القائل أبو إسحاق التونسي، كما في عقد الجواهر الثمينة (3/ 1018).

(5)

المدونة (5/ 148).

(6)

انظر: تبصرة الحكام (1/ 196) و (2/ 39)، التاج والإكليل (8/ 138)، مواهب الجليل (6/ 118)، منح الجليل (8/ 344)، البهجة (1/ 43).

ص: 520