المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ لا ضمان في تحريق الكتب المضلة وإتلافها - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الطريق الثامن عشر: الحكم بالإقرار

- ‌ مذهب أبي حنيفة

- ‌ كمال فقه(4)الصحابة رضي الله عنهم

- ‌الطريق الحادي والعشرون: الحكم بالاستفاضة

- ‌الطريق الثاني والعشرون: الأخبار آحادًا

- ‌ لا يشترط في صحة الشهادة ذكر لفظة "أشهد

- ‌الطريق الثالث والعشرون: الحكم بالخط المجرد

- ‌شهادة الأعمى فيما طريقه السمع إذا عرف الصوت

- ‌ إذا أشهد القاضي شاهدين على كتابه، ولم يقرأه عليهما ولا عرفهما بما فيه

- ‌القول قول المرتهن مع يمينه، ما لم يدع أكثر من قيمة الرهن

- ‌الطريق الرَّابع والعشرون: العلامات(1)الظاهرة

- ‌ دفع اللقطة إلى واصفها

- ‌ المتكاريين يختلفان في دفين في الدَّار

- ‌الطريق الخامس والعشرون: الحكم بالقرعة

- ‌الطريق السادس والعشرون: الحكم بالقافة

- ‌ قصة العرنيين

- ‌ الأمور المدركة بالحس نوعان:

- ‌نوع يشترك فيه الخاص والعام

- ‌مدار الولايات كلها على الصدق في الإخبار، والعدل في الإنشاء

- ‌من المنكرات(1): تلقي السلع قبل أن تجيء إلى السوق

- ‌ تلقي أسواق الحجيج الجلب من الطريق

- ‌ من اضطر إلى طعام غيره(2)أخذه منه بغير اختياره بقيمة المثل

- ‌ من اضطر إلى الاستدانة من الغير، فأبى أن يعطيه إلَّا بربا

- ‌لو اضطرَّ إلى طعامه وشرابه فحبسه عنه حتَّى ماتَ جوعًا وعطشًا

- ‌ القسم الأوَّل

- ‌ إذا اختلفت(1)الصنائع لم تصح الشركة على أحد الوجهين

- ‌ ظنَّ طائفةٌ من النَّاس(3)أنَّ هذه المشاركات من باب الإجارة

- ‌ التسعير في الأموال

- ‌ تنازع العلماء في التسعير في مسألتين:

- ‌لو احتاجَ إلى إجراء مائه في أرض غيره، من غير ضرر لصاحب(2)الأرض

- ‌المنافع التي يجب بذلها نوعان

- ‌ منها ما هو حق المال

- ‌ ومنها ما يجب لحاجة النَّاس

- ‌ بذل منافع البدن تجب عند الحاجة

- ‌ من أمكنه إنجاء إنسان من مهلكة وجب عليه أن يخلصه

- ‌ما احتاج إليه النَّاس حاجة عامة، فالحق فيه لله

- ‌ اذا اضطر الإنسان إلى طعام الغير، وجب عليه بذله له(3)بثمن المثل

- ‌ المنكرات من الأعيان والصور يجوز إتلاف محلها تبعًا لها

- ‌ إتلاف المال - على وجه التعزير والعقوبة - ليس بمنسوخ

- ‌ لا ضمان في تحريق الكتب المضلة وإتلافها

- ‌ منع النِّساء من الخروج متزينات متجملات

- ‌ المرض المعدي كالجذام إذا استضر النَّاس بأهله

- ‌من طرق الأحكام: الحكم بالقرعة

- ‌ كيفية القرعة

- ‌ مواضع القرعة

- ‌ إذا أعتق عبدًا من عبيده، أو طلَّق امرأة من نسائه، لا يدري أيتهن هي

- ‌ إذا طلق إحدى نسائه، ومات قبل البيان

- ‌لوازم القولين تدل على صحة القول بالقرعة

- ‌لو طلَّق إحداهما لا بعينها، ثمَّ ماتت إحداهما

- ‌ إذا خرجت القرعة على امرأة، ثمَّ ذكر بعد ذلك أنَّ المطلقة غيرها

- ‌ رجل له مماليك عدة، فقال: أحدهم حر، ولم يبين

- ‌ رجل قال: أول غلام لي يطلع فهو حر، فطلع غلامان

- ‌فإن ولدت الأول ميتًا والثاني حيًّا

- ‌ مسألة الأوَّل والآخر، مبنية على أصلين:

- ‌ مسألة تعليق الحريَّة على مطلق الولادة

- ‌ القرعة(1)في الشراء والبيع

- ‌خاتمة التحقيق

- ‌فهرس المراجع

- ‌ التفسير وعلوم القرآن:

- ‌ السنة النبوية وعلومها:

- ‌ أصول الفقه:

- ‌ الفقه

- ‌ الفقه الحنفي:

- ‌ الفقه المالكي:

- ‌ الفقه الشافعي:

- ‌ الفقه الحنبلي:

- ‌الفقه الظاهري وبعض المجتهدين:

- ‌ كتب اللغة والتعريفات:

- ‌ الأعلام والتراجم والسير والتاريخ:

- ‌ كتب أخرى:

- ‌ كتب ابن القيم:

الفصل: ‌ لا ضمان في تحريق الكتب المضلة وإتلافها

وأيضًا؛ فتعطيل هذه الهيئة مطلوب، فهو بذلك محسن، وما على المحسنين من سبيل

(1)

.

فصل

وكذلك‌

‌ لا ضمان في تحريق الكتب المضلة وإتلافها

.

قال المروذي: قلت لأحمد: استعرت كتابًا فيه أشياء رديئة، ترى أن أخرقه أو

(2)

أحرقه؟ قال: نعم

(3)

فاحرقه

(4)

.

وقد "رأى النبي صلى الله عليه وسلم بيد عمر رضي الله عنه كتابًا اكتتبه من التوراة، وأعجبه موافقته للقرآن، فتمعر وجه النبي صلى الله عليه وسلم حتَّى ذهب به عمر إلى التنور فألقاه فيه"

(5)

.

فكيف لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما صنِّف بعده من الكتب التي يعارض بها ما في القرآن والسنَّة؟ والله المستعان.

(1)

انظر: الكنز الأكبر (252).

(2)

"أخرقه أو" ساقطة من "أ".

(3)

رواه الخلال في السنة (3/ 510)، وانظر: الآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 229)، غذاء الألباب (1/ 247)، الكنز الأكبر (259).

(4)

"فاحرقه" مثبتة من "أ" و"ب".

(5)

رواه بنحوه دون قوله: "حتَّى ذهب به عمر إلى التنور فألقاه فيه" أحمد (3/ 387)، وابن أبي شيبة (5/ 313)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 27)، والبيهقي في الشعب (1/ 77)، والبغوي في شرح السنَّة (1/ 270) من حديث جابر رضي الله عنه، والحديث حسَّنه الألباني - رحمه الله تعالى - في الإرواء رقم (1589).

ص: 710

وقد "أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم من كتب عنه شيئًا غير القرآن أن يمحوه"

(1)

، ثمَّ "أذن في كتابة سنته"

(2)

، ولم يأذن في غير ذلك.

وكل هذه الكتب المتضمنة لمخالفة الكتاب والسنَّة غير مأذون فيها، بل مأذون في محقها وإتلافها، وما على الأمة أضر منها، وقد حرَّق الصحابة رضي الله عنهم جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان

(3)

، لما خافوا على الأمة من الاختلاف، فكيف لو رأوا أكثر

(4)

هذه الكتب التي أوقعت الخلاف والتفرق بين الأمة؟

وقال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون

(5)

أنَّ أبا الحارث حدَّثهم قال: قال أبو عبد الله: أهلكهم وضع الكتب، تركوا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبلوا على الكلام.

وقال: أخبرني محمد بن أحمد بن واصل المقري قال: سمعت أبا عبد الله وسُئِلَ عن الرَّأي؟ فرفع صوته، قال: لا يثبت شيءٌ من الرَّأي، عليكم بالقرآن والحديث والآثار.

(1)

رواه مسلم رقم (3004)(18/ 339) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(2)

البخاري رقم (6880)(12/ 213)، ومسلم رقم (1355)(9/ 135) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

"أكثر" مثبتة من "أ".

(5)

محمد بن موسى بن يونس أبو الفضل الوراق، توفي سنة 283 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: تاريخ بغداد (4/ 4).

ص: 711

وقال في رواية ابن مشيش

(1)

: إنَّ أبا عبد الله سأله رجل فقال: أكتب الرَّأي؟ فقال: ما تصنع بالرَّأي؟ عليك بالسنن فتعلمها وعليك بالأحاديث المعروفة.

وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: هذه الكتب بدعة وضعها.

وقال إسحاق بن منصور: سمعت أبا عبد الله يقول: لا يعجبني شيءٌ من وضع الكتب، من وضع شيئًا من الكتب

(2)

فهو مبتدع.

وقال المروذي: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا حماد ابن زيد قال: قال لي ابن عون: يا حماد هذه الكتب تُضِلُّ.

وقال الميموني: ذاكرت أبا عبد الله خطأ النَّاس في العلم، فقال: وأي النَّاس لا يخطئ؟ ولا سيما من وَضَعَ الكتب، فهو أكثر خطأ.

وقال إسحاق: سمعت أبا عبد الله وسأله قوم من أردبيل

(3)

عن رجل يقال له: عبد الرحيم

(4)

، وضع كتابًا؟ فقال أبو عبد الله: هل أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذا؟ أو أحد من التابعين؟ وأغلظ

(5)

وشدد

(1)

في "أ": "أبي".

(2)

"ومن وضع شيئًا من الكتب فهو مبتدع" ساقطة من "ب".

(3)

بالفتح ثمَّ السكون وفتح الدَّال من أشهر مدن أذربيجان. معجم البلدان (1/ 174).

(4)

عبد الرحيم بن سليمان الكناني.

(5)

في "أ": "واغتاظ".

ص: 712

في أمره، وقال: انهوا النَّاس عنه، وعليكم بالقرآن

(1)

والحديث.

وقال في رواية أبي الحارث: ما كتبت من هذه الكتب الموضوعة شيئًا قط.

وقال محمد بن يزيد

(2)

المستملي: سألَ أحمد رجلٌ فقال: أكتب كتب الرَّأي؟ قال: لا تفعل، عليك بالحديث والآثار، فقال له السائل: إنَّ ابن المبارك قد كتبها، فقال له أحمد: ابن المبارك لم ينزل من السَّماء، إنَّما أمرنا أن نأخذ العلم من فوق

(3)

.

وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي - وذكر وضع الكتب - فقال: أكرهها، هذا أبو فلان وضع كتابًا، فجاءه أبو فلان فوضع كتابًا، وجاء فلان فوضع كتابًا، فهذا لا انقضاء له، كلَّما جاء رجل وضع كتابًا، وهذه الكتب وضعها بدعة، كلما جاء رجل وضع كتابًا، وترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ليس إلَّا الاتباع والسنن، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وعاب وضع الكتب وكرهه كراهة شديدة.

وقال المروذي في موضع آخر: قال أبو عبد الله: يضعون البدع في كتبهم، إنَّما أحذر عنها أشد التحذير، قلت: إنَّهم يحتجون بمالك أنَّه وضع كتابًا، فقال أبو عبد الله: هذا ابن عون والتيمي

(4)

(1)

"بالقرآن" مثبتة من "هـ".

(2)

في "ب" و"جـ": "زيد".

(3)

طبقات الحنابلة (2/ 392)، جامع بيان العلم وفضله (1/ 775).

(4)

معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي البصري، أبو محمد الإمام الحافظ، توفي سنة 187 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: طبقات ابن سعد (7/ 213)، الجرح =

ص: 713

ويونس

(1)

وأيوب

(2)

هل وضعوا كتابًا؟ هل كان في الدنيا مثل هؤلاء؟ وكان ابن سيرين وأصحابه لا يكتبون الحديث

(3)

فكيف الرَّأي؟

وكلام أحمد في هذا كثيرٌ جدًّا، قد ذكره الخلال في كتاب العلم

(4)

.

ومسألة وضع الكتب فيها تفصيل ليس هذا موضعه، وإنَّما كره أحمد ذلك ومنع منه لما فيه من الاشتغال به، والإعراض عن القرآن والسنَّة، فإذا كانت الكتب متضمنة لنصر القرآن والسنَّة

(5)

والذب عنهما، وإبطال الآراء والمذاهب المخالفة لهما فلا بأس بها، وقد تكون واجبة ومستحبة ومباحة، بحسب اقتضاء الحال، والله أعلم.

والمقصود: أنَّ هذه الكتب المشتملة على الكذب والبدعة يجب إتلافها وإعدامها، وهي أولى بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف، وإتلاف آنية الخمر، فإنَّ ضررها أعظم من ضرر هذه، ولا ضمان فيها

(6)

، كما لا ضمان في كسر أواني الخمر

(7)

وشق

= والتعديل (8/ 402)، سير أعلام النبلاء (8/ 477).

(1)

يونس بن عبيد العبدي.

(2)

أيوب السختياني.

(3)

انظر: تقييد العلم للخطيب (1/ 46).

(4)

من كتابه الكبير "الجامع" طبع بعض أجزائه.

(5)

"فإذا كانت الكتب متضمنة لنصر القرآن والسنة" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".

(6)

"ولا ضمان فيها" مثبتة من طبعة ابن قاسم - رحمه الله تعالى -.

(7)

"فإنَّ ضررها أعظم من ضرر هذه، كما لا ضمان في كسر أواني الخمر" ساقطة من "و".

ص: 714

زقاقها

(1)

.

قال المروذي: قلت لأبي عبد الله: لو رأيت مسكرًا في قنينة أو قربة، تكسر، أو تصب؟ قال: تكسر

(2)

.

وقال أبو طالب: قلت: نَمرُّ على المسكر القليل أو الكثير أكسره؟ قال: نعم تكسره

(3)

.

قال محمد بن أبي حرب

(4)

: قلت لأبي عبد الله

(5)

: ألقى رجلًا ومعه قربة مغطاة؟ قال: بريبة؟ قلت: نعم، قال: تكسرها.

وقال في رواية ابن منصور في الرجل يرى الطنبور والطبل مغطَّى والقنينة، إذا كان يعني أنَّه يتبين أنَّه طنبور أو طبل

(6)

، أو فيها مسكر: كسره

(7)

.

(1)

انظر: الأمر بالمعروف للخلال (125)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (297)، مسائل الإمام أحمد لابن هانئ (2/ 174)، والمسائل للكوسج قسم المعاملات (395 و 475)، كتاب التمام (2/ 256)، المغني (7/ 427)، الكافي (3/ 522)، الحسبة (129)، القواعد الكلية (97)، الكنز الأكبر (246)، غذاء الألباب (1/ 243)، كشاف القناع (4/ 132)، الفروع (4/ 523)، تفسير القرطبي (16/ 113)، مواهب الجليل (1/ 128).

(2)

انظر: الأمر بالمعروف للخلال (122)، الكنز الأكبر (249).

(3)

انظر: المراجع السابقة.

(4)

في النسخ عدا "أ": "بن حرب". وهو خطأ.

(5)

من قوله "لو رأيت مسكرًا في قنينة أو قربة" إلى قوله: "قلتُ لأبي عبد الله" ساقطة من "و".

(6)

"مغطى والقنينة إذا كان يعني أنَّه يتبين أنَّه طنبور أو طبل" ساقطة من "أ".

(7)

مسائل إسحاق بن منصور (395 و 475).

ص: 715

وقد روى عبد الله بن أبي الهذيل

(1)

قال: "كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يحلف بالله أنَّ التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حُرِّمت الخمر - أن تُكْسَرَ دِنَانهَا، وأن تكفأ: لمن التمر والزبيب" رواه الدَّارقطني في السنن

(2)

بإسناد صحيح.

وعن أنس بن مالك عن أبي طلحة "أنَّه قال: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّي اشْتَرَيْتُ خَمْرًا لأَيْتَامِ في حِجْرِي، قال: أَهْرِقْ الخَمْرَ، وَاكسِرْ الدِّنَان"

(3)

رواهُ الترمذي من حديث ليث بن أبي سليم عن يحيى بن عباد عنه.

وفي "مسند أحمد" من حديث أبي

(4)

طعمة

(5)

قال: سمعت عبد الله ابن عمر يقول: "أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المِرْبَد، فَإِذَا بِزِقَاقٍ عَلَى المِرْبَد

(6)

(1)

عبد الله بن أبي الهذيل العنزي الكوفي أبو المغيرة الإمام العابد، وثَّقه النسائي وابن حبان، توفي في ولاية خالد القسري - رحمه الله تعالى -. انظر: حلية الأولياء (4/ 358)، تهذيب الكمال (16/ 244)، سير أعلام النبلاء (4/ 170)، تهذيب التهذيب (6/ 58).

(2)

سنن الدَّارقطني (4/ 253 - 254). وانظر: نصب الرَّاية (4/ 299)، الدراية (2/ 248).

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

في "أ": "ابن".

(5)

نُسير بن ذُعلوق الثوري أبو طعمة الكوفي، وثَّقه ابن معين والعجلي والدَّارقطني وغيرهم. انظر: تاريخ الدارمي (221)، تهذيب الكمال (29/ 339)، تهذيب التهذيب (10/ 379).

(6)

"على المربد" ساقطة من "هـ" و"و".

ص: 716

فيها خَمْرٌ، فَدَعَا رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم بالمُدْيَةِ - وَمَا عَرَفْتُ المُدْيَةَ إِلَّا يَوْمَئِذٍ - فَأَمَرَ بالزِّقَاقِ فَشُقَّتْ، ثُمَّ قَالَ: لُعِنَتِ الخَمْرُ وَشَارِبُهَا، وسَاقِيهَا، وبَائِعُهَا، وَمُبْتَاعُهَا، وَحَامِلُهَا .. "

(1)

الحديث.

وفي "المسند" أيضًا عن ضمرة بن حبيب قال: قال عبد الله بن عمر: "أَمَرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آتيه بمُديَةٍ، فأتيته بهِا، فَأرسَلَ بِهَا فَأُرْهِفَتْ، ثُمَّ أَعْطَانِيهَا، وقال: اغْدُ عَلَيَّ بِهَا، فَفَعَلْتُ، فخَرَجَ بِأَصْحَابِهِ إِلَى أَسْوَاقِ المَدِينَةِ، وفيها زِقَاقُ خَمْرٍ، قَدْ جُلِبَتْ مِنَ الشَّام، فَأخَذَ المُدْيَة مِنِّي، فَشَقَّ مَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الزِّقَاقِ بحَضْرَتِهِ

(2)

، ثُمَّ أَعْطَانِيْهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذين كَانُوا مَعَهُ أَنْ يَمْضُوا مَعِي، وأَنْ يُعَاوِنُوني، وأَمَرَنِي أَنْ آتِي الأسْوَاقَ كُلَّهَا، فَلَا أَجدُ فِيْهَا زِقَّ خَمْرٍ إِلَّا شَقَقْتُهُ، ففعلت فَلَمْ أَتْرُكْ في أَسْوَاقِهَا زِقًّا إِلَّا شَقَقْتُهُ"

(3)

.

وفي "الصحيحين"

(4)

عن أنس بن مالك قال: "كُنْتُ أَسْقِي أبَا عُبَيْدَةَ

(1)

رواه أحمد (2/ 71)، والطحاوي في شرح المشكل (8/ 400). ونحوه رواه البيهقي (9/ 498)، والحاكم (4/ 36) وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. وروى المرفوع منه أبو داود في الأشربة باب العصير للخمر رقم (3674)، وأبو يعلى (11/ 441)، وابن ماجه في الأشربة باب لعنت الخمر على عشرة أوجه رقم (3380)(5/ 82).

(2)

"ثمَّ أعطانيها وقال" إلى قوله "الزقاق بحضرته" ساقطة من "و".

(3)

"فلم أترك في أسواقها زقًّا إلَّا شققته" ساقطة من "أ".

والحديث رواه أحمد (2/ 213 - 133)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 354)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 104)، وصححه الألباني بمجموع طرقه. الإرواء رقم (1529).

(4)

البخاري رقم (2464)(5/ 133)، ومسلم رقم (1980)(13/ 161).

ص: 717

ابنَ الجَرَّاحِ، وأبَا طَلْحَةَ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، شَرَابًا مِنْ فَضِيْخٍ

(1)

وَتَمْرٍ، فَأَتَاهُمْ آتٍ، فَقَالَ: إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: قُمْ يَا أَنَسُ إِلَى هَذِهِ الجَرَّة فَاكسِرْهَا، فَقُمْتُ إِلَى مِهْرَاسٍ

(2)

لَنَا، فَضَرَبْتُهَا بأَسْفَلِهِ، حَتَّى تَكَسَّرَتْ".

وفي "سنن النسائي" و"أبي داود" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "علمت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصومُ في بَعْضِ الأَيَّامِ التي كانَ يَصُومُهَا، فَتَحَيَّنْتُ فِطْرَهُ بنَبيْذٍ صَنَعْتُهُ في دِنَانٍ، فَلَمَّا كَانَ المَسَاءُ جئْتُهُ أَحْمِلُهَا إِلَيْهِ - فَذكر الحديث - ثُمَّ قَالَ: فَرَفَعْتُهَا

(3)

إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ يَنِشُّ

(4)

، فَقالَ: خَذْ هَذِهِ فَاضْرِبْ بِهَا الحَائِطَ، فَإنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالله وَلَا بِاليومِ الآخِرِ"

(5)

.

(1)

الفضيخ: شراب يتخذ من البسر المفضوخ أي المشدوخ. النهاية (3/ 453).

(2)

المهراس: حجر منقور. شرح النووي لمسلم (13/ 161)، النهاية (5/ 259).

(3)

في "أ": "فدفعتها".

(4)

ينش: أي يغلي. النهاية (5/ 56)، المجموع المغيث (3/ 301)، شرح السيوطي للنسائي (8/ 301).

(5)

رواه أبو داود رقم (3716)، والنسائي رقم (5610)(8/ 301)، وفي الكبرى (3/ 217) رقم (5120)، والبخارى في التاريخ الكبير (3/ 157)، والبيهقي (8/ 525)، وفي المعرفة (13/ 26)، وابن ماجه رقم (3409)(5/ 99)، وأبو يعلى (13/ 243) رقم (7260)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 219)، والدارقطني (4/ 252) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ورواه أبو يعلى (10/ 242) رقم (7259)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 147)، وابن أبي الدنيا في ذم المسكر (55)، والروياني في مسنده (573)، والخطيب في التاريخ (10/ 109) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. =

ص: 718

فصل

وقال ابن أبي الغمر

(1)

: قال ابن القاسم: سئل مالك رحمه الله عن فاسق يأوي إليه أهل الفسق والخمر: ما يصنع به؟ قال: يخرج من منزله، وتكرى إليه الدَّار والبيوت، قال: فقلت: ألا تباع؟ قال: لا

(2)

، لعله يتوب، فيرجع إلى منزله، قال ابن القاسم: يتقدم إليه مرَّة أو مرَّتين أو ثلاثًا، فإن لم ينته أخرج وأكري عليه

(3)

.

قال ابن رشد

(4)

: قد قال مالك في "الواضحة"

(5)

: إنَّها تباع عليه،

= قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى والبزار والطبراني كلاهما باختصار وفيه سليمان بن موسى وثَّقه أبو حاتم وبقية رجاله ثقات" ا. هـ. مجمع الزوائد (5/ 64)، وقال الدَّارقطني "الحديث مضطرب عن الأوزاعي لأنَّ الَّذي بينه وبين القاسم بن مخيمرة رجلٌ مجهول وربما أرسله عن القاسم" ا. هـ. العلل (7/ 236)، وقال البوصيري عن طريق أبي هريرة وأبي موسى:"ضعيف لتدليس الوليد بن مسلم" ا. هـ. مختصر إتحاف السادة (5/ 310).

(1)

في البيان والتحصيل (10/ 416): "وقال أبو زيد: قال ابن القاسم" ا. هـ، وفي النسخ عدا "أ":"ابن أبي عمر" وهو عبد الرحمن بن عمر بن أبي الغمر مولى ابن سهم أبو زيد. توفي سنة 234 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الديباج المذهب (2/ 472) شجرة النور (1/ 66).

(2)

"لا" ساقطة من "د".

(3)

البيان والتحصيل (9/ 416)، مواهب الجليل (5/ 435).

(4)

البيان والتحصيل (9/ 416).

(5)

لعبد الملك بن حبيب الأندلسي أبو مروان، قال القاضي عياض:"ألَّف كتبًا كثيرة حسان في الفقه والأدب والتاريخ منها الكتب المسمَّاه بالواضحة في السنن لم يؤلف مثلها" ا. هـ. ترتيب المدارك (4/ 122 - 142)، ونقله في الديباج المذهب (2/ 11).

ص: 719

خلاف قوله في هذه الرواية. قال: وقوله فيها أصح؛ لما ذكره من أنَّه قد يتوب ويرجع إلى منزله، ولو لم تكن الدَّار له، وكان فيها بكراء، أخرج منها، وأكريت عليه، ولم يفسخ كراؤه فيها، قاله في كراء الدور من "المدونة"

(1)

.

وقد روى يحيى بن يحيى

(2)

أنَّه قال: أرى أن يحرق بيت الخمار، قال: وقد أخبرني بعض أصحابنا أنَّ مالكًا كان يستحب أن يحرق بيت المسلم الخمار الَّذي يبيع الخمر، قيل له: فالنصراني يبيع الخمر من المسلمين؟ قال: إذا تقدم إليه فلم ينته، فأرى أن يحرق عليه بيته بالنَّار

(3)

.

قال: وحدثني الليث أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حرق بيت رويشد الثقفي

(4)

؛ لأنَّه كان يبيع الخمر، وقال له: أنت فويسق، ولست برويشد"

(5)

.

(1)

المدونة (4/ 517).

(2)

يحيى بن يحيى بن كثير الليثي البربري الأندلسي أبو محمد، فقيه الأندلس. توفي سنة 234 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الديباج المذهب (2/ 352)، سير أعلام النبلاء (10/ 519)، شجرة النور (1/ 63).

(3)

البيان والتحصيل (9/ 416)، مواهب الجليل (5/ 435).

(4)

رويشد صهر بني عدي بن نوفل بن عبد مناف الثقفي. ذكره الحافظ ابن حجر في الصحابة وقال: "إنَّما ذكرته في الصحابة لأنَّ من كان بتلك السن في عهد عمر يكون في زمن النَّبي صلى الله عليه وسلم مميزًا لا محالة ولم يبق من قريش وثقيف أحد إلَّا أسلم وشهد حجة الوداع مع النَّبي صلى الله عليه وسلم". الإصابة (1/ 507).

(5)

تقدم تخريجه.

انتهى كلام ابن رشد - رحمه الله تعالى -. انظر: البيان والتحصيل =

ص: 720

فصل

ومن ذلك أنَّ ولي الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنِّساء في الأسواق والفُرَج ومجامع الرجال.

قال مالك رحمه الله ورضي عنه -: أرى للإمام أن يتقدم إلى الصياغ

(1)

في قعود النساء إليهم، وأرى ألَّا يترك المرأة الشابة تجلس إلى الصياغ

(2)

، فأمَّا المرأة المتجالة

(3)

والخادم الدون، التي لا تتهم على القعود، ولا يتهم من تقعد عنده: فإنِّي لا أرى بذلك بأسًا، انتهى

(4)

.

فالإمام مسؤولٌ عن ذلك، والفتنة به عظيمة، قال صلى الله عليه وسلم:"مَا تَرَكْت عَلَى أُمَّتِي بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ"

(5)

، وفي حديثٍ آخر:"بَاعِدُوا بَيْنَ أَنْفَاسِ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ"

(6)

، وفي حديث آخر: أنَّه

= (9/ 416).

(1)

في "ب""جـ": "الصناع".

(2)

في "ب" و"د" و"هـ" و"و": "الصناع".

(3)

المتجالة: كبيرة السن. النهاية في غريب الحديث (1/ 288).

(4)

انظر: البيان والتحصيل (9/ 335).

(5)

البخاري رقم (5096)(9/ 41)، ومسلم رقم (2740)(18/ 59) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.

(6)

"وفي حديث آخر باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء" مثبتة من "أ".

ذكره ابن جماعة في منسكه (2/ 865)، وابن الحاج في المدخل (1/ 245) و (2/ 283). قال ملا علي القاري:"غير ثابت" ا. هـ. الأسرار المرفوعة (161)، ونقله العجلوني في كشف الخفا (875).

ص: 721