المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ اذا اضطر الإنسان إلى طعام الغير، وجب عليه بذله له(3)بثمن المثل - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الطريق الثامن عشر: الحكم بالإقرار

- ‌ مذهب أبي حنيفة

- ‌ كمال فقه(4)الصحابة رضي الله عنهم

- ‌الطريق الحادي والعشرون: الحكم بالاستفاضة

- ‌الطريق الثاني والعشرون: الأخبار آحادًا

- ‌ لا يشترط في صحة الشهادة ذكر لفظة "أشهد

- ‌الطريق الثالث والعشرون: الحكم بالخط المجرد

- ‌شهادة الأعمى فيما طريقه السمع إذا عرف الصوت

- ‌ إذا أشهد القاضي شاهدين على كتابه، ولم يقرأه عليهما ولا عرفهما بما فيه

- ‌القول قول المرتهن مع يمينه، ما لم يدع أكثر من قيمة الرهن

- ‌الطريق الرَّابع والعشرون: العلامات(1)الظاهرة

- ‌ دفع اللقطة إلى واصفها

- ‌ المتكاريين يختلفان في دفين في الدَّار

- ‌الطريق الخامس والعشرون: الحكم بالقرعة

- ‌الطريق السادس والعشرون: الحكم بالقافة

- ‌ قصة العرنيين

- ‌ الأمور المدركة بالحس نوعان:

- ‌نوع يشترك فيه الخاص والعام

- ‌مدار الولايات كلها على الصدق في الإخبار، والعدل في الإنشاء

- ‌من المنكرات(1): تلقي السلع قبل أن تجيء إلى السوق

- ‌ تلقي أسواق الحجيج الجلب من الطريق

- ‌ من اضطر إلى طعام غيره(2)أخذه منه بغير اختياره بقيمة المثل

- ‌ من اضطر إلى الاستدانة من الغير، فأبى أن يعطيه إلَّا بربا

- ‌لو اضطرَّ إلى طعامه وشرابه فحبسه عنه حتَّى ماتَ جوعًا وعطشًا

- ‌ القسم الأوَّل

- ‌ إذا اختلفت(1)الصنائع لم تصح الشركة على أحد الوجهين

- ‌ ظنَّ طائفةٌ من النَّاس(3)أنَّ هذه المشاركات من باب الإجارة

- ‌ التسعير في الأموال

- ‌ تنازع العلماء في التسعير في مسألتين:

- ‌لو احتاجَ إلى إجراء مائه في أرض غيره، من غير ضرر لصاحب(2)الأرض

- ‌المنافع التي يجب بذلها نوعان

- ‌ منها ما هو حق المال

- ‌ ومنها ما يجب لحاجة النَّاس

- ‌ بذل منافع البدن تجب عند الحاجة

- ‌ من أمكنه إنجاء إنسان من مهلكة وجب عليه أن يخلصه

- ‌ما احتاج إليه النَّاس حاجة عامة، فالحق فيه لله

- ‌ اذا اضطر الإنسان إلى طعام الغير، وجب عليه بذله له(3)بثمن المثل

- ‌ المنكرات من الأعيان والصور يجوز إتلاف محلها تبعًا لها

- ‌ إتلاف المال - على وجه التعزير والعقوبة - ليس بمنسوخ

- ‌ لا ضمان في تحريق الكتب المضلة وإتلافها

- ‌ منع النِّساء من الخروج متزينات متجملات

- ‌ المرض المعدي كالجذام إذا استضر النَّاس بأهله

- ‌من طرق الأحكام: الحكم بالقرعة

- ‌ كيفية القرعة

- ‌ مواضع القرعة

- ‌ إذا أعتق عبدًا من عبيده، أو طلَّق امرأة من نسائه، لا يدري أيتهن هي

- ‌ إذا طلق إحدى نسائه، ومات قبل البيان

- ‌لوازم القولين تدل على صحة القول بالقرعة

- ‌لو طلَّق إحداهما لا بعينها، ثمَّ ماتت إحداهما

- ‌ إذا خرجت القرعة على امرأة، ثمَّ ذكر بعد ذلك أنَّ المطلقة غيرها

- ‌ رجل له مماليك عدة، فقال: أحدهم حر، ولم يبين

- ‌ رجل قال: أول غلام لي يطلع فهو حر، فطلع غلامان

- ‌فإن ولدت الأول ميتًا والثاني حيًّا

- ‌ مسألة الأوَّل والآخر، مبنية على أصلين:

- ‌ مسألة تعليق الحريَّة على مطلق الولادة

- ‌ القرعة(1)في الشراء والبيع

- ‌خاتمة التحقيق

- ‌فهرس المراجع

- ‌ التفسير وعلوم القرآن:

- ‌ السنة النبوية وعلومها:

- ‌ أصول الفقه:

- ‌ الفقه

- ‌ الفقه الحنفي:

- ‌ الفقه المالكي:

- ‌ الفقه الشافعي:

- ‌ الفقه الحنبلي:

- ‌الفقه الظاهري وبعض المجتهدين:

- ‌ كتب اللغة والتعريفات:

- ‌ الأعلام والتراجم والسير والتاريخ:

- ‌ كتب أخرى:

- ‌ كتب ابن القيم:

الفصل: ‌ اذا اضطر الإنسان إلى طعام الغير، وجب عليه بذله له(3)بثمن المثل

وجب على الشريك المعتِق، ولو لم يقدر فيها

(1)

الثمن لتضرر بطلب الشريك الآخر، فإنَّه يطلب ما شاء، وهنا عموم النَّاس يشترون الطعام

(2)

والثياب لأنفسهم وغيرهم، فلو مكن من عنده سلع يحتاج النَّاس إليها أن يبيع بما شاء كان ضرر النَّاس أعظم، ولهذا قال الفقهاء:

‌ اذا اضطر الإنسان إلى طعام الغير، وجب عليه بذله له

(3)

بثمن المثل

(4)

.

وأبعد الأئمة عن إيجاب المعاوضة وتقديرها هو الشافعي

(5)

، ومع هذا فإنه يوجب على من اضطر الإنسان إلى طعامه أن يبذله له

(6)

بثمن المثل، وتنازع أصحابه في جواز تسعير الطعام، إذا كان بالنَّاس إليه حاجة، ولهم فيه وجهان

(7)

.

وقال أصحاب أبي حنيفة

(8)

: لا ينبغي للسلطان أن يسعر على

(1)

"فتقدير الثمن فيها بثمن المثل" إلى قوله "ولو لم يقدر فيها" ساقطة من "و".

(2)

"الطعام" ساقطة من "ب".

(3)

وفي "أ" و"و": "أن يبذله".

(4)

انظر: المغني (13/ 339)، الإنصاف (27/ 247)، الفروق (4/ 196)، مغني المحتاج (4/ 309).

(5)

انظر: الحاوي الكبير (5/ 171)، المجموع شرح المهذب (9/ 57)، مغني المحتاج (4/ 309).

(6)

"له" مثبتة من "د" و"هـ".

(7)

انظر: مختصر المزني (9/ 102)، حلية العلماء (4/ 316)، الحاوي الكبير (5/ 409)، سنن البيهقي (6/ 48)، أسنى المطالب (2/ 38)، المهذب مع المجموع (13/ 29)، روضة الطالبين (3/ 75).

(8)

انظر: بدائع الصنائع (5/ 129)، الهداية مع نصب الرَّاية (6/ 164)، العناية (10/ 59)، فتح القدير (10/ 59)، مجمع الأنهر (2/ 548)، حاشية ابن =

ص: 678

النَّاس، إلَّا إذا تعلق به حق ضرر العامة، فإذا رفع إلى القاضي أمر المحتكر ببيع ما فضل من قوته وقوت أهله، على اعتبار السعر في ذلك، ونهاه عن الاحتكار، فإن أبى حبسه وعزره على مقتضى رأيه، زجرًا له، ودفعًا للضرر عن النَّاس.

قالوا: فإن تعدى أرباب الطعام، وتجاوزوا القيمة تعديًا فاحشًا، وعجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلَّا بالتسعير سعَّره حينئذٍ بمشورة أهل الرَّأي والبصيرة

(1)

.

وهذا على أصل أبي حنيفة ظاهر، حيث لا يرى الحجر على الحر

(2)

، ومن باعَ منهم بما قدره الإمام صح؛ لأنَّه غير مكره عليه.

قالوا: وهل يبيع القاضي على المحتكر طعامه من غير رضاه

(3)

؟ فعلى الخلاف المعروف في بيع مال المديون.

وقيل: يبيع ها هنا بالاتفاق؛ لأنَّ أبا حنيفة يرى الحجر لدفع الضرر العام

(4)

، والسعر لما غلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه التسعير

= عابدين (6/ 424).

(1)

انظر: فتح القدير (10/ 59)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 161)، تبيين الحقائق (6/ 28)، الفتاوى الهندية (3/ 214)، غمز عيون البصائر (1/ 282)، درر الحكام (1/ 322)، حاشية ابن عابدين (6/ 423).

(2)

انظر: فتح القدير (10/ 59)، الاختيار (2/ 96)، مختصر القدوري (95).

(3)

انظر: فتح القدير (10/ 59)، الاختيار (2/ 96)، مختصر القدوري (95)، تبيين الحقائق (6/ 28)، والمراجع السابقة في الحاشية قبل السابقة.

(4)

انظر: فتح القدير (10/ 59)، بدائع الصنائع (5/ 129)، الهداية شرح البداية =

ص: 679

فامتنع، لم يذكر أنَّه كان هناك من عنده طعام امتنع من بيعه، بل عامة من كان يبيع الطعام إنما هم جالبون يبيعونه إذا هبطوا السوق، ولكن "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضرٌ لبَادٍ" أي أن يكون له سمسارًا، وقال:"دَعُوا النَّاس يَرْزُقُ الله بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ"

(1)

، فنهى الحاضر العالم بالسعر أن يتوكل للبادي الجالب للسلعة؛ لأنَّه إذا توكل له - مع خبرته بحاجة النَّاس - أغلى الثمن على المشتري، فنهاه عن التوكل له، مع أنَّ جنس الوكالة مباح، لما في ذلك من زيادة السعر على النَّاس، ونهى عن تلقي الجلب، وجعل للبائع إذا هبط السوق الخيار.

ولهذا كان أكثر الفقهاء على أنَّه نهى عن ذلك لما فيه من ضرر البائع هنا

(2)

، فإذا لم يكن قد عرف السعر، وتلقاه المتلقي قبل إتيانه إلى السوق، اشتراه المشتري بدون ثمن المثل فغبنه، فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم لهذا البائع الخيار.

ثمَّ فيه عن أحمد روايتان

(3)

كما تقدم، إحداهما: أنَّ الخيار يثبت له مطلقًا، سواء غبن أم لم يغبن، وهو ظاهر مذهب الشافعي

(4)

.

= (4/ 93).

(1)

تقدم تخريجه.

(2)

انظر: المغني (6/ 314)، معاني الآثار (4/ 9).

(3)

انظر: الإنصاف (11/ 338)، شرح منتهى الإرادات (2/ 24)، كشاف القناع (3/ 184)، مطالب أولي النهى (3/ 56)، المغني (6/ 313).

(4)

انظر: التنبيه (96)، روضة الطالبين (3/ 76)، مختصر المزني (9/ 98)، أسنى المطالب (2/ 38)، الغرر البهية (2/ 437)، شرح النووي لصحيح مسلم (10/ 419).

ص: 680

والثانية: أنَّه إنَّما يثبت له عند الغبن، وهي ظاهر المذهب

(1)

.

وقالت طائفة

(2)

: بل نهى عن ذلك لما فيه من ضرر المشتري إذا تلقَّاهُ المتلقي، فاشترى منه، ثمَّ باعه

(3)

.

وفي الجملة، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والشراء الَّذي جنسه حلال، حتَّى يعلم البائع بالسعر، وهو ثمن المثل، ويعلم المشتري بالسلعة.

وصاحب القياس الفاسد يقول: للمشتري أن يشتري حيث شاء، وقد اشترى من البائع، كما يقول: فله أن يتوكل للبائع الحاضر وغير الحاضر. ولكن الشارع راعى المصلحة العامة، فإن الجالب إذا لم يعرف السعر كان جاهلًا بثمن المثل، فيكون المشتري غارًّا له.

وألحق مالك

(4)

وأحمد

(5)

رضي الله عنهما بذلك كل مسترسل، فإنَّه بمنزلة الجالب الجاهل بالسعر.

فتبين أنه يجب على الإنسان ألَّا يبيع مثل هؤلاء إلَّا بالسعر المعروف، وهو ثمن المثل، وإن لم يكونوا محتاجين إلى الابتياع منه،

(1)

انظر: المغني (6/ 313)، الانصاف (11/ 338)، الكشاف (3/ 184)، مطالب أولي النهى (3/ 56).

(2)

انظر: المعونة (2/ 1033).

(3)

في "د" و"هـ" و"و": "فاشترى به باعه" هكذا.

(4)

انظر: المعونة (2/ 1049)، البيان والتحصيل (11/ 13).

(5)

انظر: المغني (6/ 36)، الشرح الكبير (11/ 342)، الإنصاف (11/ 342).

ص: 681

لكن لكونهم جاهلين بالقيمة أو غير مماكسين، والبيع يعتبر فيه الرضا، والرضا يتبع العلم، ومن لم يعلم أنَّه غبن فقد يرضى، وقد لا يرضى، فإذا علم أنَّه غبن ورضي فلا بأس بذلك.

وفي "السنن": "أنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي أرْضِ غَيْرِهِ، وَكَانَ صَاحِبُ الأرْضِ يَتَضَرَّرُ بدُخُوْلِ صَاحِب الشَّجَرَةِ، فَشَكَا ذلِكَ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَأمَرَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَدَلَهَا، أَوْ يَتبَرَّعَ لَه بِهَا، فَلَمْ يَفْعَل، فَأَذِنَ لِصَاحِبِ الأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَهَا، وَقَالَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ: إنَّما أَنْتَ مُضَار"

(1)

.

وصاحب القياس الفاسد يقول: لا يجب عليه أن يبيع شجرته، ولا يتبرع بها، ولا يجوز لصاحب الأرضِ أن يقلعها؛ لأنَّه تصرف في ملك الغير بغير إذنه، وإجبار على المعاوضة عليه، وصاحب الشرع أوجب عليه إذا لم يتبرع بها أن يبيعها

(2)

، لما في ذلك من مصلحة صاحب الأرضِ بخلاصه من تأذيه بدخول صاحب الشجرة، ومصلحة صاحب الشجرة بأخذ القيمة، وإن كان عليه في ذلك ضررٌ يسير، فضرر صاحب الأرض ببقائها في بستانه أعظم، فإنَّ الشارع الحكيم يدفع

(3)

(1)

رواه أبو داود رقم (3636)، والبيهقي (6/ 157) من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه. قال ابن حزم:"هذا منقطع؛ لأنَّ محمد بن علي لا سماع له من سمرة" ا. هـ. المحلَّى (9/ 29)، الجوهر النقي (6/ 260)، وقال المنذري:"في سماع الباقر من سمرة بن جندب نظر" ا. هـ. مختصر سنن أبي داود (5/ 240).

(2)

في "جـ": "أن يقلعها".

(3)

"يدفع" ساقطة من "أ".

ص: 682

أعظم الضررين بأيسرهما، فهذا هو الفقه والقياس والمصلحة، وإن أباه من أباه.

والمقصود: أنَّ هذا دليلٌ على وجوب البيع لحاجة المشتري، وأين هذا من حاجة عموم النَّاس إلى الطعام وغيره؟

والحكم في المعاوضة على المنافع إذا احتاج النَّاس

(1)

إليها - كمنافع الدور والطحن والخبز وغير ذلك - حكم المعاوضة على الأعيان.

وجماع الأمر: أنَّ مصلحة النَّاس إذا لم تتم إلَّا بالتسعير سعَّر عليهم تسعير عدل، لا وكس ولا شطط، وإذا اندفعت حاجتهم وقامت مصلحتهم بدونه لم يفعل

(2)

، وبالله التوفيق.

فصل

والمقصود: أن هذه أحكام شرعية، لها طرق شرعية، لا تتم مصلحة الأمة

(3)

إلا بها، ولا تتوقف على مدع ومدعى عليه، بل لو توقفت على ذلك فسدت مصالح الأمة، واختل النظام، بل يحكم فيها متولي ذلك بالأمارات

(4)

والعلامات الظاهرة والقرائن البينة.

ولما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلا بالعقوبات

(1)

"النَّاس" ساقطة من "ب".

(2)

انظر: الحسبة (109).

(3)

"الأمة" ساقطة من "ب".

(4)

في "ب": "بالأمانات".

ص: 683

الشرعية، فإن "الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"

(1)

، وإقامة الحدود واجب على ولاة الأمور، والعقوبة تكون على فعل محرم، أو ترك واجب.

والعقوبات - كما تقدم

(2)

- منها مقدر، وغير مقدر، وتختلف مقاديرها وأجناسها وصفاتها باختلاف أحوال الجرائم، وكبرها، وصغرها، وبحسب حال المذنب في نفسه.

والتعزيز: منه ما يكون بالتوبيخ وبالزجر وبالكلام، ومنه ما يكون بالحبس، ومنهُ ما يكون بالنَّفي عن الوطن

(3)

، ومنه ما يكون بالضرب

(4)

.

وإذا كان على ترك واجب - كأداء الديون والأمانات والصلاة والزكاة - فإنَّه يضرب مرَّة بعد مرَّة، ويفرق الضرب عليه يومًا بعد يوم، حتَّى يؤدي الواجب، وإن كان ذلك على جرم ماض فعل منه مقدار

(1)

رواه ابن عبد البر في التمهيد (1/ 118) بسنده عن مالك أنَّ عثمان .. بنحوه. ورواه الخطيب في التاريخ (4/ 329) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قال ابن الأثير في بيان معناه: "أي من يكف عن ارتكاب العظائم مخافة السلطان أكثر ممن يكفه مخافة القرآن" ا. هـ. النهاية (5/ 180). وانظر: أدب الكاتب لابن قتيبة (346)، والجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث (53)، إتقان ما يحسن من الأخبار الدَّائرة على الألسن (1/ 381).

(2)

ص (279).

(3)

"عن الوطن" ساقطة من "أ".

(4)

انظر: الذخيرة (12/ 118)، تبصرة الحكام (2/ 291)، الحسبة (113)، التاج والإكليل (8/ 437)، منح الجليل (9/ 357).

ص: 684

الحاجة.

وليس لأقلَّه حدٌّ، وقد تقدم الخلاف في أكثره

(1)

، وأنَّه يسوغ بالقتل إذا لم تندفع المفسدة إلَّا به، مثل قتل

(2)

المفرق لجماعة المسلمين، والدَّاعي إلى غير كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وفي "الصحيح" عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا بُويع لِخَلِيفَتينِ فَاقْتُلُوا الآخِرَ مِنْهُمَا"

(3)

.

وقال: "مَنْ جَاءَكُمْ وَأَمْرُكُم عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيْدُ أَنْ يُفرِّقَ جَمَاعَتكُم، فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ"

(4)

.

و"أمرَ بقتل رجل تعمد عليه الكذب، وقال لقوم: أرسلني إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحكم في نسائكم وأموالكم"

(5)

.

(1)

ص (282).

(2)

"قتل" ساقطة من "أ".

(3)

مسلم في الإمارة باب حكم إذا بويع لخليفتين رقم (1853)(12/ 484) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(4)

مسلم في الإمارة، باب حكم من خرق أمر المسلمين، وهو مجتمع رقم (1852)(12/ 483) من حديث عرفجة رضي الله عنه.

(5)

رواه ابن عدي (5/ 81) من حديث بريدة، والمعافي الجريري في "الجليس"(1/ 182) من حديث عبد الله بن الزبير، والطبراني في المعجم الكبير (6/ 27) رقم (6215) من حديث رجل من أسلم صحب النَّبي صلى الله عليه وسلم، والروياني في مسنده رقم (84)، وابن حزم في الإحكام (2/ 211)، وابن الجوزي في الموضوعات (1/ 55 - 56) من حديث بريدة رضي الله عنه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكره من رواية ابن عدي: "هذا إسناد صحيح على شرط الصحيح، لا نعلم له =

ص: 685

وسأله ابن الديلمي

(1)

عمَّن لم ينته عن شرب الخمر؛ فقال: "مَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْهَا فَاقْتُلُوهُ"

(2)

، "وَأَمَرَ بقَتْل شَارِبِهَا بَعْدَ الثَّالِثَة أَوْ الرَّابِعَةِ"

(3)

، و"أَمَرَ بِقَتْلِ الَّذي تَزَوجَ امْرأَةَ أَبِيْهِ"

(4)

، و"أَمَرَ بِقَتْلِ الَّذي اتُّهِمَ بجَارِيتِهِ حَتَّى تَبيَّنَ لهُ أَنَّهُ خَصِيٌّ"

(5)

.

وأبعد الأئمة من التعزير بالقتل أبو حنيفة، ومع ذلك فيجوَّز التعزير

= علَّة وله شاهد من وجه آخر رواه المعافي بن زكريا الجريري في كتاب الجليس" ا. هـ. الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم (2/ 326)، أمَّا الذهبي فقال: "لم يصح بوجه" ا. هـ. ميزان الاعتدال (3/ 402)، وقال: "هذا حديث منكر" ا. هـ. سير أعلام النبلاء (7/ 374). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "وادعى الذهبي في الميزان أنَّهُ لا يصح بوجه من الوجوه ولا شكَّ أنَّ طريق أحمد ما بها من بأس وشاهدها حديث بريدة، فالحديث حسن" ا. هـ. التلخيص الحبير (4/ 232).

(1)

"ابن الديلمي" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".

(2)

رواه أحمد (4/ 231)، وفي كتاب الأشربة رقم (206) ورقم (207)، وابن سعد (5/ 63)، وأبو داود رقم (6383)، والبيهقي (8/ 507)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 330) رقم (850)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (144)، وابن أبي الدنيا في ذم المسكر (54)، قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله تعالى -:"هذا حديث صحيح الإسناد وليس له علَّة" ا. هـ. كلمة الفصل (65)، وقال الألباني رحمه الله تعالى:"إسناده صحيح" ا. هـ. حاشية المشكاة (2/ 1083).

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

تقدم تخريجه مفصلًا.

(5)

تقدم تخريجه.

ص: 686

به للمصلحة، كقتل المكثر من اللواط

(1)

، وقتل القاتل بالمثقل

(2)

.

ومالك

(3)

يرى تعزير الجاسوس المسلم بالقتل، ووافقه بعض أصحاب أحمد

(4)

، ويرى أيضًا هو وجماعة من أصحاب أحمد والشافعي

(5)

قتل الدَّاعية إلى البدعة.

وعزر صلى الله عليه وسلم أيضًا بالهجر

(6)

، وعزَّر

(1)

انظر: السياسة الشرعية لابن نجيم (20 و 29)، فتح القدير (5/ 262)، مجمع الأنهر (1/ 596)، البحر الرَّائق (5/ 27)، تبيين الحقائق (3/ 181)، حاشية ابن عابدين (4/ 29)، العناية شرح الهداية (5/ 263)، السياسة الشرعية للدده أفندي (78).

(2)

انظر: المبسوط (26/ 122)، السياسة الشرعية لابن نجيم (124)، تبيين الحقائق (5/ 190)، حاشية ابن عابدين (4/ 67)، التقرير والتحبير (1/ 115).

(3)

انظر: تفسير القرطبي (18/ 53)، البيان والتحصيل (2/ 536)، تبصرة الحكام (2/ 297)، أحكام القرآن لابن العربي (4/ 225)، التاج والإكليل (4/ 553)، منح الجليل (3/ 163).

(4)

انظر: الاختيارات (300 و 302)، الفروع (6/ 113)، السياسة الشرعية (123)، مطالب أولي النهى (6/ 224)، زاد المعاد (3/ 115)، وصححه (3/ 423)، الإنصاف (27/ 102).

(5)

انظر: البيان والتحصيل (18/ 488)، تبصرة الحكام (2/ 297)، حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج (7/ 403)، السياسة الشرعية لابن تيمية (124)، الفتاوى الكبرى (5/ 531)، مجموع الفتاوى (28/ 108 و 209 و 499)، الفروع (6/ 158)، الإنصاف (27/ 102)، الاختيارات (301)، الرد على الجهمية للدارمي (183)، تدريب الرَّاوي (1/ 324 - 325).

(6)

كما في هجره للثلاثة الَّذين تخلفوا عن غزوة تبوك. كما رواها البخاري رقم (4418)(7/ 717)، ومسلم رقم (2769)(17/ 49) من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه.

ص: 687

بالنفي

(1)

، كما أمر بإخراج المخنثين من المدينة ونفيهم

(2)

، وكذلك الصحابة من بعده، كما فعل عمر رضي الله عنه بالأمر

(3)

بهجر صبيغ

(4)

، ونفي نصر بن حجاج

(5)

.

فصل

وأما التعزيز بالعقوبات المالية، فمشروع أيضًا في مواضع مخصوصة في مذهب مالك

(6)

وأحمد

(7)

، وأحد قولي الشافعي

(8)

،

(1)

انظر: مسند أبي يعلى (2/ 102)، التمهيد (22/ 275)، شرح الزرقاني على الموطأ (4/ 90)، سير أعلام النبلاء (2/ 108).

(2)

فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى مخنثًا قد خضب رجليه بالحناء، فقال: ما بال هذا؟ فقيل: يا رسول الله يتشبه بالنَّساء. قال: فأمر به فنفي إلى النقيع - بالنون - وهو ناحية من المدينة وليس البقيع". الحديث رواه أبو داود رقم (4928)، وأبو يعلى (10/ 509) رقم (6126)، والبيهقي (8/ 391)، والدَّارقطني (2/ 54)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 917).

(3)

في "أ": "حين أمر".

(4)

تقدم تخريجه.

(5)

تقدم تخريجه.

(6)

انظر: تبصرة الحكام (2/ 292)، تنبيه الحكام لابن المناصف (351)، شرح الزرقاني (4/ 356).

(7)

انظر: الأمر بالمعروف للخلال (117)، مجموع الفتاوى (20/ 384)، إغاثة اللهفان (1/ 361)، زاد المعاد (5/ 54)، الكنز الأكبر (257)، كشاف القناع (6/ 125)، مطالب أولي النهى (6/ 224)، أحكام أهل الذمة (1/ 126) و (2/ 690).

(8)

انظر: حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج (8/ 22)، وإحياء علوم الدَّين =

ص: 688

وقد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه بذلك في مواضع:

منها: إباحته صلى الله عليه وسلم سلب الذي يصطاد في حرم المدينة لمن وجده

(1)

.

ومثل: أمره صلى الله عليه وسلم بكسر دنان الخمر وشق ظروفها

(2)

.

ومثل: أمره لعبد الله بن عمرو

(3)

بأن يحرق الثوبين المعصفرين

(4)

.

ومثل: أمره صلى الله عليه وسلم يوم خيبر - بكسر القدور التي طبخ فيها لحم الحمر الإنسية، ثم استأذنوه في غسلها

(5)

، فأذن لهم. فدل على جواز الأمرين، لأن العقوبة بالكسر لم تكن واجبة.

ومثل: هدمه مسجد الضرار

(6)

.

= (2/ 326)، حاشية قليوبي وعميرة (4/ 206).

كما أجازه أبو يوسف ومحمد. فتح القدير (5/ 345)، والبحر الرَّائق (5/ 68)، تبيين الحقائق (3/ 208)، معين الحكام (195).

(1)

رواه مسلم رقم (1364)(9/ 146) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

في "ب" و"د": "عمر".

(4)

تقدم تخريجه.

(5)

تقدم تخريجه.

(6)

رواه ابن جرير في التفسير (6/ 469) من حديث الزهري ويزيد بن رومان وغيرهما مرسلًا. ورواه الحاكم (4/ 496) من حديث جابر رضي الله عنه. =

ص: 689

ومثل: تحريق متاع الغال

(1)

.

ومثل: حرمان السلب الَّذي أساء على نائبه

(2)

.

ومثل: إضعاف

(3)

الغرم على سارق ما لا قطع فيه من الثمر والكَثَر

(4)

ومثل: إضعافه الغرم على كاتم الضالة

(5)

.

ومثل: أخذه شطر مال مانع الزكاة، عزمة من عزمات الرب تبارك وتعالى

(6)

ومثل: أمره لابس خاتم الذهب بطرحه، فطرحه، فلم يعرض له أحد

(7)

.

ومثل: تحريق موسى عليه السلام العجل وإلقاء برادته

(8)

في

= وقال: "هذا إسناد صحيح" ووافقه الذهبي.

(1)

تقدم تخريجه.

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

في "أ": "إضعافه".

(4)

الكثر - بفتحتين - جمَّار النخل وهو: شحمه الَّذي وسط النخلة. النهاية (4/ 152). والحديث تقدم تخريجه.

(5)

تقدم تخريجه.

(6)

تقدم تخريجه.

(7)

"أحد" ساقطة من "ب".

والحديث رواه مسلم رقم (2090)(14/ 310) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(8)

هكذا "برادته". وفي إغاثة اللهفان (2/ 306): "وحرق العجل وذراه في اليم". =

ص: 690

اليم

(1)

.

ومثل: قطع نخيل اليهود، إغاظة لهم

(2)

.

ومثل: تحريق عمر وعلي رضي الله عنهما المكان الَّذي يباع فيه الخمر

(3)

.

ومثل: تحريق عمر قصر سعد بن أبي وقاص، لما احتجب فيه عن الرعية

(4)

.

وهذه قضايا صحيحة معروفة، وليس يسهل دعوى نسخها.

ومن قال: إنَّ العقوبات المالية منسوخة

(5)

، وأطلق ذلك، فقد غلط على مذاهب الأئمة نقلًا واستدلالًا

(6)

، فأكثر هذه المسائل سائغة

= وسيأتي كلام ابن القيم قريبا، وفيه:"أحرق العجل الذي عبد من دون الله ونسفه في اليم وكان من ذهب وفضة".

(1)

كما في قوله تعالى: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)} [طه: 97]

(2)

رواه البخاري رقم (2326)(5/ 12)، ومسلم رقم (1746)(12/ 294) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

(3)

أثر عمر رضي الله عنه تقدم تخريجه، أمَّا أثرُ علي رضي الله عنه فقد رواه أبو عبيد في الأموال (97)، وابن بطة كما في الآداب الشرعية (1/ 218).

(4)

تقدم تخريجه.

(5)

انظر: الذخيرة (10/ 54)، البحر الرائق (5/ 68)، حاشية ابن عابدين (4/ 66)، البيان والتحصيل (9/ 320).

(6)

انظر: مجموع الفتاوى (28/ 111)، تبصرة الحكام (293)، السياسة الشرعية لابن نجيم (57)، والسياسة الشرعية لدده أفندي (138)، معين =

ص: 691

في مذهب أحمد

(1)

، وكثير منها سائغ عند مالك

(2)

، وفعل الخلفاء الراشدين وأكابر الصحابة لها بعد موته

(3)

صلى الله عليه وسلم مبطل أيضًا لدعوى نسخها، والمدعون للنسخ ليس معهم كتاب ولا سنة، ولا إجماع يصحح دعواهم

(4)

، إلَّا أن يقول أحدهم: مذهب أصحابنا عدم جوازها، فمذهب أصحابه عيار على القبول والرد، وإذا ارتفع عن هذه الطبقة ادعى أنَّها منسوخة بالإجماع، وهذا غلط

(5)

أيضًا، فإنَّ الأُمَّة لم تجمع على نسخها، ومحال أنَّ الإجماع ينسخ السنة، ولكن لو ثبتَ الإجماع لكان دليلًا على نص ناسخ.

قال ابن رشد في كتاب "البيان"

(6)

له: ولصاحب الحسبة الحكم على من غش في أسواق المسلمين في خبز أو لبن أو عسل، أو غير ذلك من السلع، بما ذكره أهل العلمِ في ذلك، فقد قال مالك في "المدونة"

(7)

: "إنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطرح اللبن

= الحكام (195).

(1)

انظر: إغاثة اللهفان (1/ 361)، كشاف القناع (6/ 125)، مطالب أولي النهى (6/ 224) الحسبة (120).

(2)

في "ب": "في مذهب مالك". انظر: تبصرة الحكام (2/ 293).

وممن يقول بجواز التعزير بالمال: أبو يوسف. انظر: فتح القدير (5/ 346)، البحر الرَّائق (5/ 68)، حاشية ابن عابدين (4/ 66).

(3)

تقدم ذكرها قريبًا.

(4)

انظر: الحسبة (128)، تبصرة الحكام (2/ 293).

(5)

في "أ": "خطأ".

(6)

البيان والتحصيل (9/ 319).

(7)

المدونة (3/ 444).

ص: 692

المغشوش في الأرضِ

(1)

" أدبًا لصاحبه، وكره ذلك في رواية ابن القاسم، ورأى أن يتصدق به

(2)

، ومنع من ذلك في رواية أشهب، وقال: لا يُحل ذنبٌ من الذنوب مالَ إنسان، وإن قتل نفسًا

(3)

.

وذكر ابن الماجشون عن مالك - في الَّذي غش اللبن - مثل الَّذي تقدم في رواية أشهب.

قال ابن حبيب: فقلت لمطرف وابن الماجشون: فما وجه الصواب عندكما فيمن غش أو نقص من الوزن؟ قالا: يعاقب بالضرب والحبس

(4)

والإخراج من السوق، وما كسر

(5)

من الخبز واللبن، أو غش من المسك والزعفران، فلا يفرق ولا ينهب

(6)

.

قال ابن حبيب: ولا يرده الإمام إليه، وليأمر ثقته ببيعه عليه ممَّن يأمن أن يغش به، ويكسر الخبز إذا كسد

(7)

، ثمَّ يسلمه لصاحبه، ويباع عليه العسل والسمن واللبن الَّذي يغشه ممن يأكله، ويبين له غشه، وهكذا العمل في كلَّ ما غش من التجارات، وهو إيضاح ما استوضحته

(1)

لم أجده سوى في المدونة (3/ 444)، وقد قال ابن تيمية رحمه الله:"هذا ثابت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه" ا. هـ. الحسبة (131).

(2)

انظر: تبصرة الحكام (2/ 293)، معين الحكام لابن عبد الرفيع (2/ 640).

(3)

انظر: معين الحكام لابن عبد الرفيع (2/ 640).

(4)

في "أ": "والسجن".

(5)

في "و": "كثر".

(6)

انظر: التاج والإكليل (4/ 342).

(7)

في النسخ عدا "أ": "كثر".

ص: 693

من أصحاب مالك وغيرهم

(1)

.

وروي عن مالك: أنَّ المستحسن عنده أن يتصدق به، إذ في ذلك عقوبة الغاش بإتلافه عليه، ونفع المساكين بإعطائهم إياه، ولا يهراق

(2)

.

وقيل لمالك: فالزعفران والمسك، أتراه مثله؟ قال: وما أشبهه بذلك، إذا كان هو الَّذي غشَّه، فهو كالَّلبن

(3)

.

قال ابن القاسم: هذا في الشيء الخفيف ثمنه

(4)

، فأمَّا إذا كثر ثمنه فلا أرى ذلِكَ، وعلى صاحبه العقوبة؛ لأنَّه يذهب في ذلك أموال عظام، تزيد في الصدقة بكثير

(5)

.

قال ابن رشد

(6)

: قال بعض الشيوخ: وسواء - على مذهب مالك - كان ذلك يسيرًا أو كثيرًا؛ لأنَّه يساوي في ذلك بين الزعفران واللبن والمسك قليله وكثيره.

وخالفه ابن القاسم فلم ير أن يتصدق من ذلك إلَّا بما كان يسيرًا

(7)

.

(1)

انظر: معين الحكام لابن عبد الرفيع (2/ 640).

(2)

انظر: تبصرة الحكام (2/ 293)، معين الحكام (2/ 640).

(3)

انظر: الذخيرة (10/ 54)، معين الحكام (2/ 641).

(4)

في "أ" و"ب" و"جـ" و"هـ" و"و": "منه".

(5)

في "أ" و"و": "وتكثره". وانظر: المراجع السابقة.

(6)

البيان والتحصيل (9/ 320)، وانظر: الذخيرة (10/ 54)، مجموع الفتاوى (28/ 116).

(7)

انظر: تنبيه الحكام (351)، معين الحكام (2/ 641)، الذخيرة (10/ 54)، =

ص: 694

ذلك إذا كان هو الَّذي غشَّه، فأمَّا من وجد عنده من ذلك شيء مغشوش لم يغشه هو، وإنَّما اشتراه أو وهب له أو ورثه، فلا خلاف أنَّه لا يتصدق بشيء من ذلك، والواجب أن يباع ممن يؤمن أن يبيعه من غيره مدلسًا به، وكذلك ما وجب أن يتصدق به من المسك والزعفران يباع

(1)

على الَّذي غشه.

وقول

(2)

ابن القاسم في أنَّه لا يتصدق من ذلك إلَّا بالشيء اليسير أحسن من قول مالك؛ لأنَّ الصدقة بذلك من العقوبات في الأموال، وذلك أمرٌ كان في أوَّل الإسلام.

ومن ذلِكَ: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في مانع الزكاة: "إنَّا آخذوها وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبَّنَا"

(3)

.

وروي عنه في حريسة الجبل

(4)

: "أنَّ فيها غَرَامَة مِثْلِهَا

(5)

وَجَلَدَات

= التاج والإكليل (3/ 342).

(1)

"يباع" مثبتة من "جـ".

(2)

لا يزال الكلام لابن رشد رحمه الله.

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

حريسة الجبل: أي ليس فيما يُحرس بالجبل إذا سُرق قطع؛ لأنَّه ليس بحرز. والحريسة فعيلة بمعنى مفعولة أي أنَّ لها من يحرسها، ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها، ويقال للشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها: حريسة. انظر: النهاية (1/ 367)، المجموع المغيث (1/ 428)، حاشية السندي على النسائي (8/ 85).

(5)

في "جـ": "مثليها".

ص: 695

نَكَالٍ

(1)

".

وما روي عنه: "أنَّ مَنْ وُجِدَ يَصِيْدُ فِي حَرَمِ المَدِيْنَةِ شيئًا، فَلِمَنْ وَجَدَهُ سَلَبُهُ"

(2)

.

ومثل هذا كثير، نسخ ذلك كله، والإجماع على أنَّهُ لا يجب، وعادت العقوبات في الأبدان، فكان قول ابن القاسم أولى بالصواب استحسانًا

(3)

، والقياس أنَّه لا يتصدق من ذلك بقليلٍ ولا كثيرٍ، انتهى كلامه

(4)

.

وقد عرفت أنَّه ليسَ مع من ادَّعى النسخ لا نص ولا إجماع.

والعجب أنَّه قد ذكر نص مالك وفعل عمر، ثمَّ جعل قول ابن القاسم أولى، ونسخ النصوص

(5)

بلا ناسخ، فقول عمر وعلي والصحابة ومالك

(6)

وأحمد

(7)

أولى بالصواب، بل هو إجماع الصحابة، فإنَّ ذلك اشتهر عنهم في قضايا متعددة جدًّا ولم ينكره منهم منكر، وعمر يفعله بحضرتهم، وهم يقرونه، ويساعدونه عليه، ويصوبونه في فعله، والمتأخرون كلما استبعدوا شيئًا، قالوا: منسوخ،

(1)

تقدم تخريجه.

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

في "ب" و"د" و"و": "استحبابًا".

(4)

البيان والتحصيل (9/ 318 - 320)، وانظر: الذخيرة (10/ 35).

(5)

في "ب": "المنسوخ".

(6)

انظر: معين الحكام لابن عبد الرفيع (2/ 640)، تبصرة الحكام (2/ 293).

(7)

انظر: مجموع الفتاوى (28/ 111)، إغاثة اللهفان (1/ 361)، كشاف القناع (6/ 125)، مطالب أولي النهى (6/ 224).

ص: 696

ومتروك

(1)

العمل به.

وقد أفتى ابن القطان

(2)

في الملاحف الرديئة النسج بالإحراق بالنَّارِ

(3)

، وأفتى ابن عتاب

(4)

فيها بتقطيعها خرقًا، وإعطائها للمساكين، إذا تقدم إلى مستعملها فلم ينته

(5)

، ثم أنكر ابن القطان ذلك

(6)

وقال: لا يحل هذا في مال مسلم بغير إذنه، وإنما يؤدب فاعل ذلك بالإخراج من السوق

(7)

.

وأنكر القاضي أبو الأصبغ

(8)

على ابن القطان، وقال: هذا

(1)

في "أ": "أو متروك".

(2)

أحمد بن محمد بن عيسى بن هلال القرطبي أبو عمر ابن القطان شيخ المالكية، توفي سنة 460 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الديباج المذهب (1/ 181)، سير أعلام النبلاء (18/ 305).

(3)

"بالنَّار" ساقطة من "ب".

انظر: تنبيه الحكام (350)، معين الحكام (2/ 641)، مجموع الفتاوى (28/ 116)، تبصرة الحكام (2/ 293).

(4)

محمد بن عتاب بن محسن مولى ابن أبي عتاب الأندلسي، أبو عبد الله مفتي المالكية، توفي سنة 462 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: ترتيب المدارك (4/ 810)، سير أعلام النبلاء (18/ 328)، شذرات الذهب (5/ 261).

(5)

انظر: تنبيه الحكام (350)، معين الحكام (2/ 641)، تبصرة الحكام (2/ 293)، مجموع الفتاوى (28/ 116).

(6)

في الحسبة (134)"فأنكر عليه ابن القطان" ا. هـ.

(7)

انظر: تنبيه الحكام (350)، معين الحكام (2/ 641)، تبصرة الحكام (2/ 293)، مجموع الفتاوى (28/ 116).

(8)

عيسى بن سهل بن عبد الله الأسدي الجيَّاني العلامة أبو الأصبغ، توفي سنة =

ص: 697

اضطراب في جوابه، وتناقض في قوله؛ لأن جوابه في الملاحف

(1)

بإحراقها بالنار أشد من إعطائها للمساكين. قال: وابن عتاب أضبط لأصله في ذلك وأتبع لقوله

(2)

.

وفي تفسير ابن مزين

(3)

قال عيسى

(4)

: قال مالك في الرجل يجعل في مكياله زفتًا: إنه يقام من السوق، فإنه أشق عليه، يريد من أدبه بالضرب والحبس

(5)

.

= 486 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الديباج المذهب (2/ 70)، سير أعلام النبلاء (19/ 25)، شجرة النور (1/ 122).

(1)

في "ب" و"جـ" و"د" و"هـ": "الملاحم".

(2)

انظر: مجموع الفتاوى (28/ 116)، معين الحكام لابن عبد الرفيع (2/ 641).

(3)

المسمَّى "تفسير الموطأ". انظر: البيان والتحصيل (1/ 204) و (2/ 329)، المنتقى (5/ 17)، مفتاح دار السعادة (1/ 170)، كشف الظنون (6/ 402).

وهو يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن مزين، له تآليف حسان منها تفسير الموطأ وعلل حديث الموطأ. توفي سنة 259 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الديباج المذهب (2/ 361)، شجرة النور (1/ 75).

(4)

عيسى بن دينار الغافقي القرطبي أبو محمد فقيه الأندلس ومفتيها، توفي سنة 212 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الديباج المذهب (2/ 64)، سير أعلام النبلاء (10/ 439)، شذرات الذهب (3/ 58).

(5)

مواهب الجليل (4/ 343)، منح الجليل (4/ 535).

ص: 698

فصل

قال شيخ الإسلام ابن تيمية

(1)

- رحمة الله عليه

(2)

-: واجبات الشريعة - التي هي حق الله تعالى - ثلاثة أقسام: عبادات، كالصلاة والزكاة والصيام. وعقوبات: إما مقدورة، وإما مفوضة

(3)

. وكفارات.

وكل واحد من أقسام الواجبات: ينقسم إلى بدني، وإلى مالي، وإلى مركب منهما.

فالعبادات البدنية: كالصلاة والصيام، والمالية: كالزكاة، والمركبة: كالحج.

والكفارات المالية: كالإطعام، والبدنية: كالصيام، والمركبة: كالهدي يذبح ويقسم.

والعقوبات البدنية: كالقتل والقطع، والمالية: كإتلاف أوعية الخمر، والمركبة: كجلد السارق من غير حرز، وتضعيف الغرم عليه وكقتل الكفار وأخذ أموالهم.

والعقوبات البدنية: تارة تكون جزاءً على ما مضى، كقطع السارق، وتارة تكون دفعًا عن الفساد المستقبل، وتارة تكون مركبة، كقتل القاتل.

(1)

مجموع الفتاوى (28/ 112).

(2)

"ابن تيمية رحمة الله عليه" ساقط من "أ".

(3)

في "ب": "مفروضة".

ص: 699