الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجميع الولايات الإسلامية مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن من المتولين من يكون بمنزلة الشاهد المؤتمن، والمطلوب منه الصدق، مثل صاحب الديوان الَّذي وظيفته أن يكتب المستخرج والمصروف، والنقيب والعريف الَّذي وظيفته إخبار ولي الأمر بالأحوال
(1)
، ومنهم من يكون بمنزلة الآمر المطاع، والمطلوب منه العدل، مثل الأمير والحاكم والمحتسب.
و
مدار الولايات كلها على الصدق في الإخبار، والعدل في الإنشاء
، وهما قرينان
(2)
في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلً} [الأنعام: 115]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الأمراء الظلمة:"مَنْ صَدَّقَهُمْ بكَذِبِهم، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَا يَرِدُ عَلَيَّ الحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي وِأَنَا مِنْهُ وَسَيَردُ عَلَيَّ الحَوْضَ"
(3)
، وقال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى
= من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(1)
في "أ": "بالأقوال".
(2)
في "أ": "قرينتان".
(3)
"ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فهو منِّي، وأنا منه وسيرد علي الحوض" ساقطة من "ب".
والحديث رواه عبد الرزاق (11/ 346)، وأحمد (3/ 321)، وعبد بن حميد رقم (1138)، وابن حبان (2/ 372) رقم (4514)، والحاكم (4/ 422)، والطحاوي في شرح المشكل (3/ 374) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه. =
كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: 221، 222] فالأفَّاك: الكاذب، والأثيم: الظالم الفاجر
(1)
، وقال تعالى:{لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق: 15، 16].
= وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
ومن حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه رواه أحمد (4/ 243)، وعبد بن حميد (370)، والطيالسي (1064)، والترمذي رقم (614)(1/ 600)، والنسائي رقم (4207) و (4208)(7/ 160)، وفي الكبرى (4/ 434) رقم (7830) و (7831)، والبيهقي (8/ 286)، وابن أبي عاصم في السنة (2/ 339) رقم (758).
ومن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رواه أحمد (3/ 24 و 92)، وأبو يعلى (1187)، والطيالسي (2223)، وابن حبان (1/ 529) رقم (286).
ومن حديث ابن عمر رضي الله عنهما رواه أحمد (2/ 95)، والطرسوسي في مسند ابن عمر (1/ 40) رقم (70). ومن حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه رواه أحمد (5/ 111)، والشاشي في مسنده (2/ 401).
ومن حديث حذيفة رضي الله عنه رواه أحمد (5/ 384)، وابن أبي عاصم في السنة (2/ 339) رقم (759)، والبزار (7/ 253) رقم (2832)، والطبراني في المعجم الكبير (3/ 185) رقم (3019)، قال الهيثمي:"رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط وأحد أسانيد البزار رجاله رجال الصحيح ورجال أحمد كذلك" ا. هـ. مجمع الزوائد (5/ 251)، وقال الألباني عن إسناد ابن أبي عاصم:"إسناده جيد ورجاله ثقات" ا. هـ. تعليق الألباني على السنة (2/ 339)، وله طرق أخرى.
(1)
انظر: تفسير الطبري (9/ 487)، زاد المسير (6/ 149)، تفسير البغوي (3/ 402)، تفسير الرَّازي المسمَّى "أنموذج جليل"(375).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلى الجنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُوْرِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ"
(1)
.
ولهذا يجب على كلِّ ولي أمر أن يستعين في ولايته بأهل الصدق والعدل، والأمثل فالأمثل، وإن كان فيه كذب وفجور "فإنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بالرَّجُلِ الفَاجِرِ"
(2)
و"بِأَقْوَامٍ لَا خَلاقَ لَهُمْ"
(3)
.
قال عمر رضي الله عنه: "مَن قلَّد رجلًا على عصابة، وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله وجماعة المؤمنين"
(4)
.
(1)
رواه البخاري رقم (6094)(10/ 523)، ومسلم رقم (2607)(16/ 396) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(2)
رواه البخاري رقم (3062)(6/ 207)، ومسلم رقم (111)(2/ 482) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
رواه من حديث أنس رضي الله عنه النسائي في الكبرى (5/ 279) رقم (8885)، وابن حبان (10/ 376) رقم (4517)، والإسماعيلي في معجم الشيوخ (1/ 406) رقم (70)، والطبراني في الأوسط (2/ 565) رقم (1969) و (3/ 355) رقم (2758)، وفي المعجم الصغير (132)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 262)، والبزار (1/ 709) رقم (1311)(1312)، والضياء في المختارة (5/ 231) و (6/ 234)، وابن حزم في المحلَّى (11/ 113). قال العراقي:"رواه النسائي عن أنس بسندٍ صحيح" ا. هـ. انظر: تخريج أحاديث الإحياء (5/ 1990)، وقال الهيثمي:"رواه البزار والطبراني في الأوسط وأحد أسانيد البزار ثقات رجاله" ا. هـ. مجمع الزوائد (5/ 305).
(4)
رواه مرفوعًا ابن أبي عاصم في السنة (2/ 612) رقم (1462)، والحاكم =
والغالب أنَّهُ لا يوجد الكامل في ذلك، فيجب تحري خير الخيرين، ودفع شر الشرين، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يفرحون بانتصار الروم النصارى على المجوس عُبَّاد النَّار
(1)
؛ لأنَّ النصارى أقرب إليهم من أولئك، وكان يوسف الصديق عليه السلام نائبًا لفرعون مصر
(2)
، وهو وقومه مشركون، وفعل من الخير والعدل ما قدر عليه، ودعاهم إلى الإيمان بحسب الإمكان.
فصل
إذا عرف هذا فعموم الولايات وخصوصها
(3)
وما يستفيده المتولي بالولاية يتلقى من الألفاظ والأحوال والعرف، وليس لذلك حدٌّ في الشرع، فقد يدخل في ولاية القضاء في بعض الأزمنة والأمكنة ما
= (4/ 92) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وابن عدي (3/ 219)، والعقيلي في الضعفاء الكبير (1/ 248)، والبيهقي (10/ 210)، قال الحافظ ابن حجر "ابن عدي والعقيلي والحاكم من حديث ابن عباس .. وفي إسناده حسين بن قيس الرحبي وهو واهٍ، وله شاهد من طريق إبراهيم بن زياد أحد المجهولين عن خصف عن عكرمة .. " ا. هـ. الدراية (2/ 165)، وانظر: نصب الراية (4/ 62)، والترغيب والترهيب (3/ 135)، وقال العقيلي:"يروى من كلام عمر بن الخطاب" ا. هـ. كما ذكر المؤلِّف، وانظر: الدراية (2/ 165)، ونصب الرَّاية (4/ 62).
(1)
كما عند أحمد (1/ 176 - 304)، والترمذي (3193)، والنسائي في الكبرى (13389)، والحاكم (2/ 410).
(2)
كما ذكرهُ الله تعالى في سورة يوسف الآيات (54) وما بعدها.
(3)
انظر: الحسبة (47) معين الحكام (11 و 173 و 179)، والسياسة الشرعية لدده أفندي ص (105)، والسياسة الشرعية لابن نجيم (34).
يدخل في ولاية الحرب في زمان ومكان آخر، وبالعكس، وكذلك الحسبة، وولاية المال، وجميع هذه الولايات في الأصلِ ولايات دينية، ومناصب شرعية، فمن عدل في ولاية من هذه الولايات، وساسها بعلم وعدل، وأطاع الله ورسوله بحسب الإمكان، فهو من الأبرار العادلين، ومن حكمَ فيها بجهلٍ وظلم، فهو من الظالمين المعتدين، و {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)} [الانفطار: 13، 14].
فولاية الحرب في هذه الأزمنة، وهذه البلاد الشامية والمصرية وما جاورها، تختص بإقامة الحدود من القتل والقطع والجلد، ويدخل فيها الحكم في دعاوى التهم التي ليس فيها شهود ولا إقرار، كما تختص ولاية القضاء بما فيه كتاب وشهود وإقرار، من الدعاوى التي تتضمن إثبات الحقوق والحكم بإيصالها إلى أربابها، والنظر في الأبضاع والأموال التي ليس لها ولي معيَّن، والنظر في حال نظار الوقوف
(1)
، وأوصياء اليتامى، وغير ذلك.
وفي بلادٍ أخرى - كبلاد الغرب - ليس لوالي الحرب مع القاضي حكم في شيء، إنَّما هو منفذ لما يأمر به متولي القضاء.
وأمَّا ولاية الحسبة فخاصتها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما ليس من خصائص الولاة والقضاة وأهل الديوان ونحوهم، فعلى متولي الحسبة أن يأمر العامة بالصلوات الخمس في مواقيتها، ويعاقب
(1)
في "ب": "الوقف".
من لم يصل بالضرب والحبس، وأمَّا القتل فإلى غيره، ويتعاهد الأئمة والمؤذنين، فمن فرَّط منهم فيما يجب عليه من حقوق الأمة وخرج عن المشروع ألزمه به، واستعان فيما يعجز عنه بوالي الحرب والقاضي
(1)
.
واعتناء ولاة الأمور بإلزام الرعية بإقامة الصلاة أهم من كلِّ شيء، فإنَّها عماد الدَّين، وأساسه وقاعدته، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله:"إنَّ أهم أمركم عندي الصلاة ومن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها من عمله أشدَّ إضاعة"
(2)
.
ويأمر بالجمعة والجماعة، وأداء الأمانة والصدق، والنصح في الأقوال والأعمال، وينهى عن الخيانة، وتطفيف المكيال والميزان، والغش
(3)
في الصناعات والبياعات، ويتفقد أحوال المكاييل والموازين، وأحوال الصناع الَّذين يصنعون الأطعمة والملابس والآلات، فيمنعهم من صناعة المحرم على الإطلاق، كآلات الملاهي، وثياب الحرير للرجال، ويمنع من اتخاذ أنواع المسكرات، ويمنع
(4)
صاحب كل صناعة من الغش في صناعته، ويمنع من إفساد نقد النَّاس
(1)
انظر: الحسبة (48).
(2)
رواه مالك (1/ 6)، وفي المدونة (1/ 56)، والبيهقي (1/ 654)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 193)، والأثر جاء في الموطأ بإسنادٍ منقطع؛ لأن نافعًا لم يلقَ عمر، ولكن جاء في المدونة: عن نافع عن ابن عمر فيكون الإسناد متصلًا والحمد لله، وانظر: الاستذكار (1/ 235)، تنوير الحوالك (1/ 24).
(3)
في "د": "والغبن".
(4)
في "ب": "ويمنع المحرم".
وتغييرها، ويمنع من جعل النقود متجرًا
(1)
، فإنَّه بذلك يدخل على النَّاس من الفساد ما لا يعلمه إلَّا الله، بل الواجب أن تكون النقود رءوس أموال يتجر بها ولا يتجر فيها، وإذا حرم السلطان سكة أو نقدًا منع من اختلاطه بما أذن في المعاملة به
(2)
.
ومعظم ولايته وقاعدتها الإنكارُ على هؤلاء الزغلية، وأرباب الغش في المطاعم والمشارب والملابس وغيرها، فإنَّ هؤلاء يفسدون مصالح الأُمَّة، والضرر بهم عامٌّ لا يمكن الاحتراز منه، فعليه ألَّا يهمل أمرهم، وأن ينكل بهم أمثالهم، ولا يرفع عنهم عقوبته، فإنَّ البلية بهم عظيمة، والمضرة بهم شاملة ولا سيما هؤلاء الكيماويين الَّذين يغشون النقود والجواهر والعطر والطيب وغيرها، يضاهئون بزغلهم وغشهم خلق الله، والله تعالى لم يخلق شيئًا فيقدر العباد أن يخلقوا كخلقه، قال تعالى - فيما حكى
(3)
عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً فَلْيَخْلُقُوا شَعِيْرَةً"
(4)
.
ولهذا كانت المصنوعات - كالطبائخ والملابس والمساكن - غير مخلوقة إلَّا بتوسط النَّاس، قال تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)} [يس: 41، 42]، وقال
(1)
"متجرًا" ساقطة من "هـ"، أمَّا "د" و"و": فمحلها بياض مقدار كلمة.
(2)
انظر: الحسبة (50)، الأحكام السلطانية للماوردي (320)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (288).
(3)
في "هـ" و"و": "يحكي".
(4)
رواه البخاري رقم (5953)(10/ 398)، ومسلم رقم (2111)(14/ 339) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
تعالى: {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 95 - 96]، وكانت المخلوقات من المعادن والنبات
(1)
والدواب غير مقدورة لبني آدم أن يصنعوها، لكن يشبهون بها
(2)
على سبيل الغش، وهذا حقيقة الكيمياء، فإنَّها ذهب مشبه.
ويدخل في المنكرات ما نهى الله عنه ورسوله من العقود المحرمة، مثل عقود الربا، صريحًا واحتيالًا
(3)
، وعقود الميسر
(4)
، كبيوع الغرر
(5)
، كحبل الحبلة
(6)
، والملامسة
(7)
،
(1)
في "ب": "الثياب".
(2)
"بها" مثبتة من "جـ".
(3)
لقوله صلى الله عليه وسلم "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل" رواه أبو عبد الله ابن بطة بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه. إبطال الحيل (47) وجوّد إسناده ابن تيمية وابن القيم وابن كثير رحمهم الله تعالى. انظر: مجموع الفتاوى (29/ 29)، إغاثة اللهفان (1/ 379)، تفسير ابن كثير سورة الأعراف آية (163)، وصححه شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى -. مجلة البحوث (18/ 131).
(4)
الميسر: القمار. انظر: زاد الميسر (1/ 241)، القاموس المحيط (643) تفسير الماوردي (1/ 276).
(5)
الغرر - بالفتح - الخطر وهو ما يكون مجهول العاقبة لا يُدرى أيكون أم لا. التعريفات (208) التوقيف (536).
وحديث النهي عن بيع الغرر رواه مسلم رقم (1513) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(6)
روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة "وكان بيعًا يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج النَّاقة ثمَّ تنتج التي في بطنها" صحيح البخاري رقم (2143)(4/ 418).
(7)
الملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنَّهار ولا يقلبه ويجب البيع =
والمنابذة
(1)
، والنجش، وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، وتصرية
(2)
الدَّابة اللبون، وسائر أنواع التدليس
(3)
، وكذلك سائر الحيل المحرمة على أكل الربا، وهي ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يكون من واحد، كما إذا باعه سلعة بنسيئة، ثمَّ اشتراها منه بأقل من ثمنها نقدًا، حيلة على الربا
(4)
.
ومنها: ما تكون ثنائية. وهي أن تكون من اثنين: مثل أن يجمع إلى القرض بيعًا أو إجارة أو مساقاة أو مزارعة
(5)
، ونحو ذلك، وقد ثبت
= بذلك. انظر: فتح الباري (4/ 421)، النظم المستعذب (1/ 239)، المغني في غريب المهذب (1/ 317)، وحديث النهي عن بيع الملامسة رواه البخاري رقم (2207)(4/ 472) من حديث أنس رضي الله عنه.
(1)
المنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر بثوبه، ويكون بيعهما عن غير نظرٍ ولا تراضٍ، فتح الباري (4/ 421)، المغني في غريب المهذب (1/ 317)، النظم المستعذب (1/ 239). وحديث النهي عن بيع المنابذة رواه البخاري رقم (2146)(4/ 420) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
التصرية: هو ترك حلب النَّاقة أو الشاة حتى يجتمع لبنها فيكثر فيظن المشتري أنَّ ذلك عادتها فيزيد في ثمنها. انظر: فتح الباري (4/ 424)، المطلع (236)، المغني في غريب المهذب (1/ 331). وحديث النهي عن التصرية رواه البخاري رقم (2148)(4/ 422) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
التدليس في البيع: كتمان عيب السلعة عن المشتري. انظر: المطلع (236)، المغني في غريب المهذب (1/ 333)، النظم المستعذب (1/ 250).
(4)
وهي مسألة العينة. انظر: تفصيل ابن القيم في حكمها في تهذيب السنن (5/ 99).
(5)
تقدم بيان معنى المساقاة والمزارعة (373).
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "لَا يَحِل سَلَفٌ وَبَيعٌ، وَلَا شَرْطَانِ في بَيْعٍ، وَلَا رِبْحٌ مَا لَمْ يُضْمَن، ولَا تَبِع مَا ليْسَ عِنْدَك"
(1)
. قال الترمذي: حديثٌ صحيح
(2)
.
وفي سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "مَنْ بَاع بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوْ الرِّبَا"
(3)
.
ومنها: ما تكون ثلاثية، وهي أن يدخلا بينهما محللًا للربا، فيشتري السلعة منه آكل الربا، ثمَّ يبيعها لمعطي الربا إلى أجل، ثمَّ يعيدها إلى صاحبها بنقص دراهم يستعيدها المحلل.
(1)
رواه عبد الرزاق (8/ 39)، وأحمد (2/ 178)، والدارمي (2/ 329) رقم (2560)، وأبو داود رقم (3504)، والترمذي رقم (1234)، والنسائي رقم (4611)، وفي الكبرى (4/ 39) رقم (6204)، وابن ماجه "مختصرًا" رقم (2188)(3/ 540)، والطيالسي رقم (2257)، وابن الجارود رقم (601)، والدَّارقطني (3/ 75)، والحاكم (2/ 17) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. قال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح"، وقال الحاكم:"هذا الحديث على شرط جملة من أئمة المسلمين صحيح" ووافقه الذهبي، وقد شرح الحديث ابن القيم في تهذيب السنن (5/ 144).
(2)
في المطبوع (2/ 516): "حسن صحيح".
(3)
رواه أبو داود رقم (3461)، وابن حبان (11/ 347) رقم (4974)، والحاكم (2/ 45)، والبيهقي (5/ 561)، وابن عبد البر فى التمهيد (24/ 389) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وصححه ابن حزم. المحلَّى (9/ 16)، وانظر كلام المؤلِّف في بيان معناه في تهذيب السنن (5/ 106 و 148)، وإعلام الموقعين (3/ 197).
وهذه المعاملات منها ما هو
(1)
حرامٌ بالاتفاق، مثل التي يباع فيها المبيع قبل القبض الشرعي
(2)
، أو بغير الشرط
(3)
الشرعي، أو يقلب فيها الدين على المعسر، فإنَّ المعسر يجب إنظاره، ولا تجوز الزيادة عليه بمعاملة ولا غيرها، ومتى استحل المرابي قلب الدين، وقال للمدين: إمَّا أن تقضي وإمَّا أن تزيد في الدَّين والمدة، فهو كافر
(4)
، يجب أن يُستتاب، فإن تابَ وإلَّا قُتِلَ وأُخِذَ ماله فيئًا لبيت المال.
فعلى والي الحسبة إنكار ذلك جميعه، والنهي عنه، وعقوبة فاعله، ولا يتوقف ذلك على دعوى ومدعى عليه، فإنَّ ذلك من المنكرات التي يجب على ولي الأمر النهي عنها.
(1)
في "ب": "ما يكون هو".
(2)
انظر: شرح السنة (8/ 107)، الإقناع لابن المنذر (1/ 254)، روضة الطالبين (3/ 166)، الاختيارات (126)، تهذيب السنن (5/ 130)، بدائع الفوائد (3/ 250)، المحلَّى (8/ 518).
(3)
"الشرط" ساقطة من "ب".
(4)
"وقال للمدين: إمَّا أن تقضي، وإمَّا أن تزيد في الدَّين والمدَّة فهو كافر" ساقطة من "ب".