الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلدينه، فهو حر، فولدت ميتًا ثم حيًّا، أو قال: آخر ولد تلدينه حر
(1)
، فولدت حيًّا ثم ميتًا، ثم لم تلد بعده شيئا، فهل يعتق الحي؟ على روايتين
(2)
.
وإن قال: أول ما تلده
(3)
أمتي حر، فولدت ولدين، وأشكل السابق، أعتق أحدهما بالقرعة، فإن بان للنَّاسي أنَّ الَّذي أعتقه أخطأته القرعة عتق، وهل يرق الآخر؟ على وجهين
(4)
.
قلت:
مسألة الأوَّل والآخر، مبنية على أصلين:
أحدهما: أنَّه هل يسقط حكم الميت، ويصير وجوده كعدمه، لامتناع نفوذ العتق فيه، أو يعتبر حكمه كالحي؟
الأصل الثاني: هل من شرط الأوَّل أن يأتي
(5)
بعده غيره، أو يكفي فيه كونه سابقًا مبتدءًا به، وإن لم يلحقه غيره؟
وأمَّا
مسألة تعليق الحريَّة على مطلق الولادة
، ففيها إشكالٌ ظاهر.
فإنَّ صورتها أن يقول: إذا ولدت ولدًا فهو حر، فإذا ولدت ميتًا ثمَّ حيًّا، فإمَّا أن نعتبر حكم الميت أو لا نعتبره، فإن لم نعتبره عتق الحي؛ لأنَّه هو المولود
(6)
إن اعتبرناه وحكمنا بعتقه،
(1)
"فولدت ميتًا ثم حيًّا، أو قال: آخر ولد تلدينه حر" ساقطة من "د".
(2)
المحرر (2/ 6).
(3)
"تلده" ساقطة من "أ".
(4)
المحرر (2/ 4).
(5)
"هل من شرط الأوَّل أن يأتي" ساقطة من "أ".
(6)
في "ب": "الموجود"، وفي "و":"المذكور".
فكذلك
(1)
ينبغي أن يحكم بعتق الحي؛ لوجود الصفة فيه.
فإن قيل: "إذا" لا تقتضي التكرار، وقد انحلت اليمين بوجود الأوَّل، وقد تعلَّق به الحكم، فلا يعتق الثاني
(2)
.
قيل: هذا مأخذ هذا القول، لكن قوله:"إذا ولدت ولدًا" نكرة في سياق الشرط، فيعم كل ولد، وهو قد جعل سبب العتق الولادة، فيعم الحكم من وجهين، أحدهما: عموم المعنى والسبب، والثاني: عموم اللفظ بوقوع النكرة عامة.
وهذا غير اقتضاء النكرة التكرار
(3)
، بل العموم المستفاد من وقوع النكرة في سياق الشرط بمنزلة العموم في "أي" و"مَنْ" في قوله: أي ولد ولدته، أو مَنْ ولدته، فهر حرٌّ، فهذا لفظ عام، وهذا عام، فما الفرق بين العمومين؟
فإن قيل: العموم ها هنا في نفس أداة الشرط، والعموم في قوله:"إذا ولدت ولدًا" في المفعول الَّذي هو متعلق فعل الشرط، لا في أداته.
قيل: أداة الشرط في "مَنْ" و"أي" هي نفس المفعول الَّذي هو متعلق الفعل؛ ولهذا نحكم على محل "مَنْ"
(4)
بالنَّصب على
(1)
"فكذلك" مثبتة من "أ" و"هـ".
(2)
انظر: المبسوط (7/ 134)، العناية شرح الهداية (5/ 162)، فتح القدير (5/ 162).
(3)
في "أ": "اقتضاء إذا التكرار".
(4)
في "أ": "على محلها".
المفعولية، ويظهر في "أي"، فالعموم الَّذي في الأداة لنفس المفعول المولود، وهو بعينه في قوله: إذا ولدت ولدًا، اللهم إلَّا أن يريد التخصيص بواحد، ولا يريد العموم، فيبقى من باب تخصيص العام بالنية
(1)
.
فصل
وقوله في مسألة ما إذا أشكل السابق: "إنَّه إن بأن أنَّ الَّذي أعتقه أخطأته القرعة عتق" أي حكم بعتقه من حين مباشرته، لا أنَّه ينشئ فيه العتق من حين الذكر، فإن عتقه مستند إلى سببه، وهو سابق على الذكر.
وقوله: "هل يرق الآخر؟ على وجهين" مأخذهما: أنَّ القرعة كاشفة أو منشئة.
فإن قيل: إنَّها منشئة للعتق، لم يرتفع بعد إنشائه القرعة
(2)
.
وإن قيل: إنَّها كاشفة رق الآخر؛ لأنَّا تبينا خطأها في الكشف، ولا يلزم من إعمالها عند استبهام الأمر وخفائه إعمالها عند تبينه وظهوره.
يوضحه: أنَّ التبين والظهور لو
(3)
كان في أوَّل الأمر اختص العتق بمن يؤثر به، فكذلك في أثناء الحال.
(1)
"بالنية" مثبتة من "أ".
(2)
في "هـ": "بعد أن أنشأته القرعة".
(3)
في "ب" و"و": "إذا".
وسر المسألة أن استمرار حكم القرعة مشروط باستمرار الإشكال فإذا زال الإشكال زال شرط استمرارها، وهذا أقيس
(1)
.
لكن يقال: قد حكم بعتقه بالطريق التي نصبها الشارع طريقًا إلى العتق، وإن جاز أن يخطئ في نفس الأمر، فقد عتق بأمر حكم الشارع أن يعتق به، فكيف يرتفع عتقه؟
وعلى هذا، فلا يبعد أن يقال باستمرار عتقه، وأنَّ من أخطأته القرعة يبقى على رقه؛ لأنَّ مباشرته بالعتق قد زال حكمها بالنسيان والجهل، والقرعة نسخت حكم تلك المباشرة وأبطلته، حتَّى كأنَّه لم يكن، وانتقل الحكم إلى القرعة، فلا يجوز إبطاله، فهذا لا يبعد أن يقال، والله أعلم.
فصل
قال الإمام أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه، في الرجل يكون له امرأتان، وهو يريد أن يخرج بإحداهما، قال: يقرع بينهما، فتخرج إحداهما، أو تخرج إحداهما
(2)
برضا الأخرى، ولا يريد القرعة؟ قال: إذا خرج بها فقد رضيت، وإلَّا أقرع بينهما
(3)
.
(1)
انظر: الفروق (4/ 111)، تبصرة الأحكام (2/ 112).
(2)
"أو تخرج إحداهما" ساقطة من "ب".
(3)
انظر: الكافي (3/ 135)، المبدع (7/ 205)، المحرر (7/ 238)، عمدة الفقه (479)"مع العدة"، كشاف القناع (5/ 199)، مطالب أولي النهى (5/ 278)، شرح منتهى الإرادات (3/ 50).