الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعضها من بعض سر النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الشهادة التي أزالت التهمة. حتى برقت أسارير وجهه من السرور.
ومن لا يعتبر القافة يقول: هي من أحكام الجاهلية
(1)
، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسر بها، بل كانت أكره شيء إليه
(2)
، ولو كانت باطلة لم يقل:"ألم تري أن مجززًا المدلجي قال كذا وكذا؟ " فإن هذا إقرار منه، ورضا بقوله، ولو كانت القافة باطلة: لم يقر عليها، ولم يرض بها
(3)
.
وقد ثبت في
قصة العرنيين
"أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث في طلبهم قافة، فأتى
(4)
بهم" رواه أبو داود بإسناد صحيح
(5)
، فدل على اعتبار القافة والاعتماد عليها في الجملة
(6)
، فاستدل بأثر الأقدام على المطلوبين،
= أبي داود مع معالم السنن (3/ 176)، فتح الباري (12/ 58)، حاشية السندي على النسائي (6/ 185).
(1)
في "أ": "أهل الجاهلية".
(2)
انظر: عارضة الأحوذي (8/ 291).
(3)
انظر: الذخيرة (10/ 241)، الفروق (4/ 101)، زاد المعاد (5/ 418)، مغني المحتاج (4/ 488)، نهاية المحتاج (8/ 375).
(4)
في "ب": "فجيء".
(5)
تقدم تخريج الحديث، وبيان أنَّه متفق عليه ولكن اللفظ الَّذي ذكره المؤلِّف رواه أحمد (3/ 198)، وأبو داود رقم (4366)، والنسائي في الكبرى رقم (11143)(6/ 334)، وأبو عوانة (4/ 80) رقم (6099)، وابن حبان (10/ 319) رقم (4467)، والطبري في تفسيره (4/ 548) من حديث أنس رضي الله عنه.
(6)
في "ب": "بالجملة".
وذلك دليل حسي، وكذلك شبه الأقدام بعضها ببعض دليل حسي على اتحاد الأصل والفرع، فإن الله سبحانه وتعالى أجرى العادة بكون الولد نسخة أبيه.
وقد ذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: أخبرني عروة: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعا القافة في رجلين اشتركا في الوقوع على امرأة في طهر واحد، وادعيا ولدها فألحقته القافة
(1)
بأحدهما"
(2)
.
قال الزهري: أخذ عمر بن الخطاب
(3)
ومن بعده بنظر القافة في مثل هذا
(4)
. وإسناده صحيح متصل، فقد لقي عروة عمر، واعتمر
(5)
معه.
وروى شعبة عن توبة العنبري عن الشعبي
(6)
عن ابن عمر، قال: اشترك رجلان في طهر امرأة، فولدت، فدعا عمر القافة، فقالوا: قد أخذ الشبه منهما جميعًا. فجعله عمر بينهما
(7)
. وهذا صحيح
(1)
"القافة" ساقطة من "أ".
(2)
رواهُ عبد الرزاق (7/ 360)، والشافعي في الأم (6/ 346).
(3)
من قوله "دعا القافة في رجلين" إلى "أخذ عمر بن الخطاب" ساقطة من "ب".
(4)
رواه عبد الرزاق (7/ 361)، وانظر: المحلَّى (10/ 149).
(5)
انظر: المحلَّى (10/ 151)، وقال الحافظ ابن حجر:"بسند صحيح إلى عروة وعروة عن عمر منقطع" ا. هـ. التلخيص الحبير (4/ 387).
(6)
"عن الشعبي" ساقطة من "ب".
(7)
رواه الطحاوي في شرح المعاني (4/ 162).
أيضًا.
(1)
وروى يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: "كنت جالسًا عند عمر بن الخطاب، فجاءه رجلان يختصمان في غلام، كلاهما يدعي أنه ابنه، فقال عمر: ادعوا لي أخا بني المصطلق، فجاء، وأنا جالس، فقال: انظر، ابن أيهما تراه؟ فقال: قد اشتركا فيه جميعًا، فقال عمر: لقد ذهب بك بصرك المذاهب، وقام فضربه بالدرة، ثم دعا أم الغلام - والرجلان جالسان، والمصطلقي جالس - فقال لها عمر: ابن أيهما هو؟ قالت: كنت لهذا، فكان يطؤني، ثم يمسكني حتى يستمر بي حملي، ثم أرسلني حتى ولدت منه أولادًا، ثم أرسلني مرة، فأهرقت الدماء، حتى ظننت أنه لم يبق شيء، ثم أصابني هذا، فاستمريت حاملًا، قال: فتدرين من أيهما هو؟ قالت: ما أدري من أيهما هو؟ قال: فعجب عمر للمصطلقي وقال للغلام: خذ بيد أيهما شئت، فأخذ بيد أحدهما واتبعه"
(2)
.
(1)
وقال في زاد المعاد (5/ 422): "في غاية الصحة" ا. هـ. أمَّا ابن حزم فقال عَقِبَ ذِكْرِهِ: "توبة العنبري ضعيف متفق على ضعفه" ا. هـ. المحلَّى (10/ 446)، وهذه مجازفة من ابن حزم وإلَّا فتوبة قد وثَّقه ابن معين وأبو حاتم. انظر: الجرح والتعديل (2/ 446)، والنسائي انظر: تهذيب الكمال (4/ 338)، التعديل والتجريح للباجي (1/ 443)، تهذيب الكمال (1/ 475)، وذكره ابن حبان في الثقات (4/ 88)، ووثَّقه الذهبي في الكاشف (1/ 169)، قال الحافظ ابن حجر:"وشذَّ أبو الفتوح الأزدي فقال: منكر الحديث" ا. هـ. هدي الساري (413).
(2)
رواه مالك (2/ 740)، وعبد الرزاق (7/ 360)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 162)، والشافعي في الأم (6/ 346)، والبيهقي (10/ 444)، وفي =
وروى قتادة عن سعيد بن المسيب - في رجلين اشتركا في طهر امرأة، فحملت غلامًا يشبههما - "فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فدعا القافة، فقال لهم: انظروا، فنظروا، فقالوا: نراه يشبههما، فألحقه بهما، وجعله يرثهما ويرثانه، وجعله بينهما"، قال قتادة: فقلت لسعيد بن المسيب: لمن عصبته؟ قال: للباقي
(1)
منهما
(2)
.
وروى قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن علي رضي الله عنه: "أن رجلين وقعا على امرأة في طهر واحد، فجاءت بولد، فدعا له علي رضي الله عنه القافة، وجعله ابنهما جميعًا يرثهما ويرثانه"
(3)
.
= المعرفة (14/ 370)، وقال البيهقي في السنن (10/ 447)، ورواية يحيى بن عبد الرحمن عن أبيه موصولة. ا. هـ.
(1)
في "أ": "للثاني".
(2)
رواه عبد الرزاق (7/ 360)، والبيهقي (10/ 445)، والزبير بن بكار في الموفقيات (363)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 163)، والأثرم كما في تحفة الأحوذي (6/ 275). وانظر: أخبار القضاة (2/ 192)، والقضاء لسريج بن يونس رقم (34)، ومعرفة السنن والآثار (14/ 368).
(3)
رواه عبد الرزاق (7/ 360)، وابن معين في التاريخ (2/ 119)، والبيهقي (10/ 452)، وفي المعرفة (14/ 453)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 164)، قال البيهقي:"في ثبوته عن علي نظر" ا. هـ. السنن (10/ 452)، وقال في المعرفة (14/ 371):"قابوس غير محتج به عن أبي ظبيان عن علي" ا. هـ. قلت: قد وثَّقه ابن معين في أحد قوليه. تاريخ ابن معين رواية الدوري (2/ 479)، ويعقوب بن سفيان. انظر: المعرفة والتاريخ (3/ 145)، وقال المنذري:"وثق وصحح له الترمذي وابن خزيمة والحاكم وغيرهم" ا. هـ. الترغيب والترهيب (1/ 203)، وانظر: نصب الرَّاية (3/ 291)، تأويل مختلف =
وروى عبد الرزاق
(1)
عن معمر عن أيوب
(2)
عن ابن سيرين، قال:"اختصم إلى أبي موسى الأشعري في ولد ادعاه دهقان ورجل من العرب، فدعا القافة، فنظروا إليه، فقالوا للعربي: أنت أحب إلينا من هذا العلج، ولكن ليس بابنك، فخل عنه، فإنه ابنه".
وروى زياد بن أبي زياد، قال: "انتفى ابن عباس من ولد له، فدعا له ابن كلدة
(3)
القائف، فقال: أما إنه ولده، فادعاه ابن عباس"
(4)
.
وصح عن قتادة
(5)
عن النضر بن أنس: "أن أنسًا وطئ جارية له، فولدت جارية، فلما حضر قال: ادعوا لها القافة، فإن كانت منكم فألحقوها بكم"
(6)
.
وصح عن حميد
(7)
: "أن أنسًا شك في ولد له، فدعا له
= الحديث لابن قتيبة (1/ 161).
(1)
في المصنف (7/ 361)، ورواه البيهقي مختصرًا (10/ 447)، وانظر: المحلَّى (10/ 149).
(2)
أيوب السختياني أبو بكر بن أبي تميمة كيسان العنزي البصري الإمام الحافظ، توفي سنة 130 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: حلية الأولياء (3/ 2)، طبقات ابن سعد (7/ 183)، سير أعلام النبلاء (6/ 15).
(3)
لم أجد له ترجمة.
(4)
رواه ابن حزم بسنده. المحلَّى (10/ 149)، ونحوه عند عبد الرزاق (7/ 448)، والبيهقي (10/ 447)، وفي المعرفة (14/ 368).
(5)
"عن قتادة" ساقطة من "ب" و"هـ" و"و".
(6)
رواه البيهقي (10/ 447)، وفي المعرفة (14/ 368)، وذكر المزني أنَّه دعا إياس بن معاوية. تهذيب الكمال (3/ 42).
(7)
حميد الطويل.
القافة"
(1)
.
وهذه قضايا في مظنة الشهرة، فيكون إجماعًا.
قال حنبل: سمعت أبا عبد الله قيل له: تحكم بالقافة؟ قال: نعم، لم يزل الناس على ذلك
(2)
.
فصل
والقياس وأصول الشريعة
(3)
تشهد للقافة؛ لأن القول بها حكم يستند إلى درك أمور خفية وظاهرة، توجب سكونًا للنَّفس، فوجب اعتباره كنقد النَّاقد، وتقويم المقوِّم.
وقد حكى أبو محمد ابن قتيبة: أنَّ قائفًا كان يعرف أثر الأنثى من أثر الذكر
(4)
.
وأمَّا قولهم: "إنَّه يعتمد الشبه"
(5)
فنعم، وهو حق، قالت أم سلمة: "يا رسول الله: أَوَ تَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ فقالَ: تَرِبَتْ يَدَاكِ
(6)
، فَبِمَا
(1)
رواهُ ابن أبي شيبة (4/ 33)، والشافعي في الأم (6/ 346)، والروياني في مسنده كما ذكره الحافظ في التهذيب (1/ 355)، والبيهقي (10/ 447).
(2)
انظر: مسائل صالح (1/ 289)، المحرر (2/ 110)، المغني (8/ 371)، الفروع (5/ 519).
(3)
في "أ": "الشرع".
(4)
انظر: المستقصي في أمثال العرب (1/ 338)، المستطرف (2/ 183)، وجمهرة الأمثال (2/ 96)، ومجمع الأمثال (2/ 76) فقد ذكروا من يعرف أثر الرجال.
(5)
انظر: المبسوط (17/ 70)، عارضة الأحوذي (8/ 291).
(6)
أي افتقرت وصارت على التراب، وهي من الألفاظ التي تطلق عند الزجر ولا =
يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟ "
(1)
متفق عليه، ولمسلم
(2)
من حديث أنس بن مالك عن أم سليم قالت: "وهل يكون هذا - يعني الماء -؟ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "نعم، فَمِنْ أَيْنَ يَكونُ الشَّبَهُ؟ إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضٌ، ومَاءُ المَرْأَةِ رقِيْقٌ أَصْفَرٌ، فَمِنْ أَيهمَا عَلَا - أَوْ سَبَقَ - يكُوْنُ الشَّبَهُ مِنْهُ".
وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "هَلْ تَغْتَسِلُ المَرْأَةُ إِذَا احْتَلَمَتْ، وَأَبْصَرَتْ المَاءَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ لهَا عَائِشَةُ: تَرِبَتْ يَدَاكِ، فَقَالَ لَهَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعِيْهَا، وَهَلْ يكُوْنُ الشَّبَهُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ ذَاكَ" رواه مسلم
(3)
.
وله أيضًا من حديث أبي أسماء الرحبي
(4)
عن ثوبان قال: "كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ
= يراد ظاهرها. فتح الباري (1/ 277).
(1)
البخاري رقم (130)(1/ 276)، ومسلم رقم (313)(3/ 227) من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
(2)
في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها رقم (311)(3/ 325).
(3)
في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها رقم (314)(3/ 229).
(4)
عمرو بن مرثد الرحبي الشامي الدمشقي أبو أسماء، وثَّقه أحمد والعجلي وغيرهما، توفي في خلافة الوليد بن عبد الملك- رحمه الله تعالى-. انظر: تهذيب الكمال (22/ 223)، سير أعلام النبلاء (4/ 491)، تهذيب التهذيب (8/ 82).
"أسماء الرحبي" ساقطة من "ب"، وبياض في "جـ" وجاء في "و":"أبي سلمة".
اليَهُودِ
(1)
فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ: جئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الوَلَدِ؟ فَقَالَ: مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ المَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا، فَعَلا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ المَرْأَةِ، أَذْكَرا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ المَرْأَةِ منيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بإِذْنِ اللهِ"
(2)
.
وسمعتُ شيخنا رحمه الله يقول: في صحة هذا اللفظ نظر
(3)
.
قلت: لأنَّ
(4)
المعروف المحفوظ في ذلك إنَّما هو تأثير سبق الماء في الشبه، وهو الَّذي ذكره البخاري من حديث أنس:"أنَّ عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فأتاه، فسأله عن أشياء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وَأَمَّا الوَلدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُل مَاءَ المَرْأَةِ نَزَعَ الوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتْ الوَلَدَ"
(5)
.
فهذا السؤال الَّذي سأل عنه عبد الله بن سلام والجواب الَّذي أجابه به النبي صلى الله عليه وسلم هو نظير
(6)
السؤال الَّذي سأل عنه الحبر، والجواب واحد، ولا سيما إن كانت القصة واحدة، والحبر هو عبد الله بن سلام، فإنَّه
(1)
قيل: هو عبد الله بن سلام رضي الله عنه، كما سيذكر ذلك المؤلِّف قريبًا.
(2)
رواه مسلم رقم (315)(3/ 230).
(3)
انظر: تحفة المودود (167)، التبيان (214)، إعلام الموقعين (4/ 334)، زاد المعاد (5/ 419).
(4)
"لأنَّ" ساقطة من "أ".
(5)
البخاري رقم (3938)(7/ 319).
(6)
في "ب": "بغير"، وفي "هـ":"لعين"، وصحح العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى - "بعينه".
سأله وهو على دين اليهود، فأنس عيَّن اسمه، وثوبان قال:"جاء حبر من اليهود" وإن كانتا قصتين والسؤال واحد فلا بُدَّ أن يكون الجواب كذلك.
وهذا يدلُّ على أنَّهم إنَّما سألوا عن الشبه، ولهذا وقع الجواب به وقامت به الحجة، وزالت به الشبهة.
وأمَّا الإذكار والإيناث فليس بسبب
(1)
طبيعي، وإنَّما سببه
(2)
الفاعل المختار الَّذي يأمر الملك به، مع تقدير الشقاوة والسعادة، والرزق، والأجل، ولذلك جمع بين هذه الأربع في الحديث:"فَيَقُولُ المَلَكُ: يَا رَبِّ، ذَكَرٌ؟ يَا ربِّ، أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا يَشَاءُ، ويَكْتُبُ المَلَكُ"
(3)
.
وقد ردَّ سبحانه ذلك إلى محض مشيئته في قوله تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)} [الشورى: 49 - 50].
والتعليق بالمشيئة وإن كان لا ينافي ثبوت السبب
(4)
فذلك إذا علم كون الشيء سببًا، ودلَّ على سببيته العقل والنص، والإذكار والإيناث
(1)
في "أ": "فليس له سبب"، وفي "هـ":"فليس بسبب".
(2)
انظر: التبيان لابن القيم (213)، تحفة المودود (166).
(3)
البخاري رقم (3332)، ومسلم رقم (2645)(16/ 431) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، واللفظ لمسلم.
(4)
في "أ": "ثبوت المسبب".
[لا] يعلم له سببٌ طبيعي يعلمِ بالعقل وبالنص
(1)
، وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث أم سليم: "مَاءُ الرَّجُلِ غلِيْظٌ أَبْيَضُ، ومَاءُ المَرْأَةِ رَقِيْقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أيهما عَلَا
(2)
- أَوْ سَبَقَ - يَكُوْنُ الشَّبَهُ"
(3)
، فجعل للشبه سببين: علو الماء، وسبقه.
وبالجملة، فعامة الأحاديث إنَّما هي في تأثير سبق الماء وعلوه في الشبه، وإنَّما جاء تأثير ذلك في الإذكار والإيناث في حديث ثوبان وحده
(4)
، وهو فرد بإسناده، فيحتمل أنَّه اشتبه على الرَّاوي فيه الشبه بالإذكار والإيناث، وإن كان قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الحقُّ الَّذي لا شكَّ فيه، ولا ينافي سائر الأحاديث، فإنَّ الشبه من السبق، والإذكار والإيناث من العلو، وبينهما فرق، وتعليقه على المشيئة
(5)
لا ينافي تعليقه على السبب، كما أنَّ الشقاوة والسعادة والرزق معلقات
(6)
بالمشيئة، وحاصلة
(7)
بالسبب، والله أعلم.
(1)
"والإذكار والإيناث يعلم له سببٌ طبيعي يعلم بالعقل وبالنَّص" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ". ولعلَّ عدم إثباته هو الصواب لكونه يتعارض مع ما ذكره ابن القيم أعلاه بقوله: "وأمَّا الإذكار والايناث: فليس بسبب طبيعي" ا. هـ. والله أعلم.
(2)
في "أ": "علق".
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
تقدم لفظه وتخريجه.
(5)
في "هـ" و"و": "الشبه".
(6)
في "أ": "تعلقًا"، وفي "هـ":"معلقًا"، وفي "و":"متعلقات".
(7)
في "أ" و"ب" و"هـ": "وحاصل".
والمقصود أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر الشبه في لحوق النسب، وهذا معتمد القائف، لا معتمد له سواه
(1)
، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة المتلاعنين: "إن جَاءَتْ بهِ أَكْحَلَ العَيْنَين، سَابِغَ
(2)
الإِلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ
(3)
السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيك ابن سَحْمَاءَ" فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللهِ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ" رواه البخاري
(4)
، فاعتبر النبي صلى الله عليه وسلم الشبه وجعله لِمُشْبِهِهِ.
فإن قيل: فهذا حجة عليكم؛ لأنَّه - مع صريح الشبه - لم يلحقه بِمُشْبهه في الحكم
(5)
، قيل: إنَّما منع إعمال الشبه لقيام مانع اللعان، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"لَوْلَا الأيمانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شأْنٌ"
(6)
، فاللعان سبب
(1)
انظر: الفروق (4/ 100)، تهذيب الفروق (4/ 166)، زاد المعاد (5/ 418).
(2)
أي تامهما وعظيمهما. انظر: النهاية (2/ 318)، المجموع المغيث (1/ 56).
(3)
أي عظيمهما. انظر: النهاية (2/ 15)، المجموع المغيث (1/ 556).
(4)
في التفسير، باب "ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنَّهُ لمن الكاذبين" رقم (4747)(8/ 303) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(5)
انظر: المبسوط (17/ 70).
(6)
رواه أحمد (1/ 238)، وأبو داود رقم (2256)، والطيالسي رقم (2667)، وأبو يعلى (5/ 124) رقم (2740)، والبيهقي (7/ 648) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. ورواه الدَّارقطني (3/ 275) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. ورواه الروياني رقم (1079) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه. قال ابن كثير رحمه الله:"ولهذا الحديث شواهد كثيرة في الصحاح وغيرها من وجوه كثيرة" ا. هـ. التفسير (6/ 14)، والحديث رواه البخاري رقم (4747) بلفظ: "لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها =
أقوى من الشبه، قاطع للنسب، وحيث اعتبرنا الشبه في لحوق النسب فإنَّما ذاكَ إذا لم يقاومه سبب أقوى منه، ولهذا لا يعتبر مع الفراش، بل يحكم بالولد للفراش، وإن كان الشبه لغير صاحبه، كما حكم النبي صلى الله عليه وسلم في قصَّة عبد بن زمعة بالولد المتنازع فيه لصاحب الفراش
(1)
، ولم يعتبر الشبه المخالف له، فأعمل النبي صلى الله عليه وسلم الشبه في حجب سودة، حيث انتفى المانع من إعماله في هذا الحكم بالشبه
(2)
إليها، ولم يعمله في النسب لوجود الفراش.
وأصول الشرع وقواعده والقياس الصحيح تقتضي اعتبار الشبه في لحوق النسب
(3)
، والشَّارع متشوف إلى اتصال الأنساب وعدم انقطاعها.
ولهذا اكتفى في ثبوتها بأدنى الأسباب من شهادة المرأة الواحدة على الولادة
(4)
، والدعوى المجردة مع الإمكان، وظاهر الفراش، فلا يستبعد أن يكون الشبه الخالي عن سبب مقاوم له كافيًا في ثبوته، ولا نسبة بين قوَّة اللحاق بالشبه وبين ضعف اللحاق لمجرد
(5)
العقد، مع
= شأن" ا. هـ.
(1)
البخاري رقم (2053)(4/ 342)، ومسلم رقم (1457)(9/ 290) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(2)
في جميع النسخ عدا "أ": "بالنسبة".
(3)
"وقواعده والقياس الصحيح يقتضي اعتبار الشبه في كون النسب" ساقطة من "ب".
(4)
تقدم الحديث عنه.
(5)
في "أ": "بمجرد".
القطع بعدم الاجتماع في مسألة المشرقية والمغربي
(1)
، ومن طلَّق عقيب العقد من غير مهلة ثمَّ جاءت بولد
(2)
.
فإن قيل: فقد ألغى النبي صلى الله عليه وسلم الشبه في لحوق النسب
(3)
، كما في "الصحيح"
(4)
: أن رجلًا
(5)
قال له: "إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، فقال: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبلٍ"؟ قال: نعم، قال: "فَمَا أَلْوَانُهَا"؟ قال: حُمْرٌ، قال: "فَهَلْ فيها من أوْرَق
(6)
"؟ قال: نعم، إنَّ فيها لَوُرْقًا، قال: "فَأَنَّى لَها ذلكَ"؟ قال: عسى أن يكون نزعه عِرْقٌ، قال: "وهَذَا عَسَى أن يكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ".
قيل: إنَّمَا [لَمْ]
(7)
يعتبر الشبه ها هنا لوجود الفراش الَّذي هو أقوى منه، كما في حديث ابن أمة زمعة
(8)
، ولا يدلّ ذلك على أنَّهُ
(1)
انظر: المبسوط (17/ 70)، إعلام الموقعين (2/ 355)، زاد المعاد (5/ 421).
(2)
انظر: البحر الرَّائق (4/ 262)، فتح القدير (4/ 348)، الدر المختار (3/ 578)، البناية (5/ 453).
(3)
انظر: الفروق (4/ 101).
(4)
البخاري رقم (7314)(13/ 309) رقم (1500)(10/ 386) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
اسمه ضمضم بن قتادة. فتح الباري (9/ 352)، كما رواه ابن بشكوال في الغوامض (1/ 312).
(6)
الأورق: الَّذي فيه سواد ليس بحالك بل يميل إلى الغبرة ومنه قيل للحمامة ورقاء. فتح الباري (9/ 352).
(7)
"لم" ساقطة من جميع النسخ ولا يستقيم المعنى إلَّا بها، وقد أثبتها العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى - في تعليقه على الطرق الحكمية.
(8)
تقدم تخريجه.
لا
(1)
يعتبر مطلقًا، بل في الحديث ما يدلُّ على اعتبار الشبه، فإنَّه صلى الله عليه وسلم أحَال على نوعٍ آخر من الشبه، وهو نزع العرق، وهذا الشبه أولى لقوته بالفراش، والله أعلم.
قالت الحنفية
(2)
: إذا لم ينازع مدعي الولد فيه
(3)
غيره فهو له، وإن نازعه غيره، فإن كان أحدهما صاحب فراش قدم على الآخر، فإنَّ الولد للفراش، وإن استويا في عدم الفراش، فإن ذكر أحدهما علامة بجسده ووصفه بصفة فهو له
(4)
، وإن لم يصفه واحد منهما، فإن كانا رجلين أو رجلًا وامرأة ألحق بهما، وإن كانا امرأتين فقال أبو حنيفة: يلحق بهما حكمًا، مع العلم بأنَّه لم يخرج إلَّا من إحداهما، ولكن ألحقه بهما في الحكم، كما لو كان المدعى مالًا، فأجرى الإنسان مجرى الأموال والحقوق
(5)
، وقال أبو يوسف ومحمد: لا يلحق بهما
(6)
، كما قال الجمهور
(7)
، للقطع بأنَّه يستحيل أن يولد منهما،
(1)
"لا" ساقطة من "هـ" و"و".
(2)
انظر: بدائع الصنائع (6/ 253)، الفروق (4/ 102)، المبسوط (7/ 178).
(3)
"فيه" ساقطة من "أ".
(4)
انظر: بدائع الصنائع (6/ 253)، البحر الرَّائق (5/ 245)، مختصر القدوري (134)، تبيين الحقائق (3/ 299)، أحكام القرآن للجصاص (3/ 221)، المبسوط (17/ 129)، فتح القدير (6/ 112).
(5)
انظر: المبسوط (17/ 71)، بدائع الصنائع (6/ 244)، البحر الرَّائق (4/ 244)، فتح القدير (5/ 54).
(6)
انظر: المبسوط (17/ 71)، بدائع الصنائع (6/ 244)، البحر الرَّائق (4/ 244).
(7)
انظر: مختصر المزني مع الأم (9/ 334)، المغني (8/ 381)، سنن البيهقي =
بخلاف الرجلين، فإنَّه يمكن تخليقه من مائهما، كما يخلق من ماء الرجل والمرأة.
قالوا
(1)
: وقد دلَّ على اعتبار العلامات قصة شاهد يوسف
(2)
، وقول النبي صلى الله عليه وسلم للملتقط:"اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَّفَهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ"
(3)
.
قالوا
(4)
: ولو أثرت القافة والشبه في نتاج الآدمي لأثر ذلك في نتاج الحيوان، فكُنَّا نحكم بالشبه في ذلك، كما نحكم به بين الآدميين، ولا نعلم بذلك قائلًا.
قالوا
(5)
: ولأنَّ الشبه أمر مشهود مدرك بحاسة البصر، فإمَّا أن يحصل لنا ذلك بالمشاهدة أو لا يحصل، فإن حصل لم تكن في القائف فائدة، ولا حاجة إليه، وإن لم يحصل لنا بالمشاهدة لم نصدق القائف، فإنَّه يدعي أمرًا حسيًّا لا يدرك بالحس.
= (10/ 452)، الجامع الصغير (380)، تهذيب الفروق (4/ 166)، الحاوي الكبير (17/ 381)، المحرر (2/ 102).
(1)
انظر: بدائع الصنائع (6/ 253).
(2)
في قوله تعالى: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27)} [يوسف: 26، 27].
(3)
تقدم تخريجه ص (572).
(4)
انظر: الحاوي الكبير (17/ 381).
(5)
انظر: الحاوي الكبير (17/ 382).
قالوا
(1)
: وقد دلَّ الحس على وقوع التشابه بين الأجانب الَّذين لا نسب بينهم، ووقوع التخالف والتباين بين ذوي النسب الواحد، وهذا أمرٌ معلومٌ بالمشاهدة لا يمكن جحده، فكيف يكون دليلًا على النسب، ويثبت به التوارث والحرمة والمحرمية
(2)
وسائر أحكام النسب؟
قالوا: والاستلحاق موجبٌ للحوق النسب، وقد وجد في
(3)
المتداعيين وتساويا فيه، فيجب أن يتساويا في حكمه، فإنَّه يمكن كونه منهما، وقد استلحقه كل واحد منهما، والاستلحاق أقوى من الشبه، ولهذا لو استلحقه مستلحق ووجدنا شبهًا بينا بغيره ألحقناه بمن استلحقه، ولم نلتفت إلى الشبه.
قالوا: ولأنَّ القائف إمَّا شاهدٌ وإمَّا حاكم، فإن كان شاهدًا فمستند شهادته الرؤية، وهو وغيره فيها سواء، فجرى تفرده في الشهادة مجرى شهادة واحد من بين الجمع العظيم بأمر لو وقع لشاركوه في العلم به، ومثل هذا لا يقبل.
وإن كان حاكمًا فالحاكم لا بُدَّ له من طريق يحكم بها، ولا طريق ها هنا إلَّا الرؤية والشبه، وقد عرف أنَّه لا يصلح طريقًا.
قالوا: ولو كانت القافة طريقًا شرعيًّا لما عدل عنها داود وسليمان - صلوات الله وسلامه عليهما - في قصة الولد الَّذي ادعته المرأتان، بل حكم به داود للكبرى، وحكم به سليمان للصغرى بالقرينة التي استدل
(1)
انظر: زاد المعاد (5/ 420).
(2)
"والمحرمية" مثبتة من "أ".
(3)
في "أ""من".
بها من شفقتها وإيثارها حياته
(1)
بإقرارها به للكبرى
(2)
، ولم يعتبر
(3)
قافة ولا شبهًا.
قالوا
(4)
: وقد روى زيد بن أرقم قال: "أُتِي عليٌّ رضي الله عنه وهو باليمن - بثَلَاثَة
(5)
وَقَعُوا على امرَأةٍ طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلَ اثْنَيْنِ أَتُقِرَّان لِهَذَا بالولد؟ قالا: لا، حَتَّى سَأَلهُم جميعًا، فَجَعَلَ كُلَّمَا سَأَلَ اثْنَيْنِ قَالَا: لَا، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُم، فَأَلْحَقَ الوَلَدَ بالَّذِي صَارَتْ إِلَيْهِ القُرْعَةُ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثُلُثَي الدَّيَة، قال: فَذَكَرْتُ ذلِكَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ، حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ" وَفِي لَفظٍ:"فَمَنْ قَرَعَ فَلَهُ الوَلَدُ، وَعَلْيهِ لِصَاحِبَيْهِ ثُلُثا الدِّيَة" وفي لفظ: "فذكر ذلك للنَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: لَا أَعْلَمُ إِلَّا مَا قَالَ علي" أخرجه الإمام أحمد في "المسند" وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم في صحيحه
(6)
.
قال أبو محمد ابن حزم: هذا خبرٌ مستقيم السند، نقلته كلهم ثقات
(7)
. ا. هـ.
(1)
"وإيثارها حياته" مثبت من "أ".
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
وفي "ب" و"و""يختر".
(4)
انظر: فتح القدير (5/ 53).
(5)
"بثلاثة" ساقطة من "جـ"، و"هـ".
(6)
أحمد (4/ 374)، وأبو داود (2253)(6/ 361) مع عون المعبود، والنسائي (6/ 182)، وابن ماجه (4/ 30) رقم (2348)، والحاكم (4/ 96) وسيذكر المؤلف طرقه.
(7)
"المحلى"(9/ 339) ونقل تصحيح ابن حزم للحديث عبد الحق في الأحكام =
وهذا حديثٌ مداره على الشعبي، وقد رواه جماعة واختلف عليه، فرواهُ يحيى بن سعيد القطان
(1)
، وخالد بن عبد الله الواسطي
(2)
، وعبد الله ابن نمير، ومالك بن إسماعيل النهدي
(3)
، وقيس بن الربيع
(4)
، عن الأجلح يحيى بن عبد الله بن حجية الكندي عن الشعبي عن عبد الله بن خليل الحضرمي الكوفي عن زيد بن أرقم، ومن هذا الوجه أورده الحاكم
(5)
وكذلِكَ رواه سفيان بن عيينة
(6)
، وعلي بن مسهر عن
= الوسطى (3/ 220)، وقال ابن القطان:"وهو صحيح كما ذكر". بيان الوهم (5/ 433)، وانظر: تهذيب السنن لابن القيم (6/ 362) مع عون المعبود. إعلام الموقعين (2/ 28)، وزاد المعاد (5/ 429)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (1901)، وسيأتي كلام المؤلف في الفصل التالي في بيان اضطراب هذا الحديث.
(1)
رواه أبو داود (2252)(6/ 359) مع العون والنسائي في المجتبى (6/ 183) رقم (3490)، والطبراني في الكبير (5/ 174)، والحاكم (2/ 207) وصححه.
(2)
رواه العقيلي في الضعفاء الكبير (1/ 123) و (2/ 245)، والطبراني في الكبير (5/ 173)، وانظر: التاريخ الكبير للبخاري (5/ 79).
(3)
في "هـ": "الزيدي". رواه الحاكم (4/ 96).
(4)
رواه الطيالسي (26) رقم (187) بسنده لم يذكر الأرقم. منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود (2/ 181)، ورواه الخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 481) رقم (526)، والطبراني في الكبير (5/ 173).
(5)
(4/ 96) و (2/ 207).
(6)
رواه الحميدي (2/ 39) رقم (803)، والحاكم (3/ 136) من طريق الحميدي وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه". والعقيلي (2/ 245)، =
الأجلح
(1)
وقالا: عبد الله بن أبي الخليل.
ورواه شعبة عن سلمة بن كهيل عن الشعبي عن أبي الخليل
(2)
أو ابن أبي
(3)
الخليل
(4)
: "أنَّ ثلاثة نفرٍ اشتركوا" ولم يذكر زيدًا، ولم يرفعه.
ورواه عبد الرزاق
(5)
عن الثوري عن صالح بن صالح الهمداني عن
= والطبراني في الكبير (5/ 173) رقم (4990) من طريق الحميدي كذلك، والقطيعي في زياداته على فضائل الصحابة (2/ 645) رقم (1095).
(1)
من قوله "يحيى بن عبد الله" إلى قوله "وعلي بن مسهر عن الأجلح" ساقطة من "و".
والحديث رواه النسائي في المجتبى (6/ 182) رقم (3489)، والكبرى (3/ 496) رقم (6038)، والطبراني في الكبير (5/ 173)، وابن أبي شيبة (6/ 289) رقم (31461).
(2)
"ورواه شعبة عن سلمة بن كهيل عن الشعبي عن أبي الخليل" ساقطة من "و".
(3)
"أبي" ساقطة من "ب" و"هـ".
(4)
رواه أبو داود (2254)(6/ 362) مع العون، والنسائي في المجتبى (6/ 184) رقم (3492) وقال:"هذا صواب". والبيهقي (10/ 451) رقم (21284) وقال: "أصح ما روي في هذا الباب"، ثم ذكره بإسناده من طريق شعبة عن سلمة .. ثم قال:"وهذا موقوف وابن الخليل ينفرد به والله أعلم". ا. هـ. وقال أبو حاتم بعد أن ذكر طرق الحديث: "وأتقنهم سلمة بن كهيل" ا. هـ. العلل لابن أبي حاتم (2/ 273) وقال كذلك رحمه الله: "اختلفوا في هذا الحديث فاضطربوا والصحيح حديث سلمة بن كهيل"(1/ 402)، وانظر: العلل للدارقطني (3/ 119).
(5)
عبد الرزاق (7/ 359) رقم (13472)، ومن طريقه رواه أبو داود (2253)(6/ 361) مع العون، والنسائي في المجتبى (6/ 182) رقم (3488)، وفي الكبرى رقم (6036)(3/ 496)، وابن ماجه (4/ 30) رقم (2348)، والبيهقي =
الشعبي عن عبد خير الحضرمي.
ورواه ابن عيينة
(1)
وجرير بن عبد الحميد
(2)
وعبد الرحيم بن سليمان
(3)
عن محمد بن سالم
(4)
عن الشعبي عن علي بن
= في الكبرى (10/ 450) وقال: "هذا الحديث مما يعد في أفراد عبد الرزاق عن سفيان الثوري" ا. هـ. ورواه وكيع من طريق عبد الرزاق كذلك قال: أخبرنا سفيان الثوري عن أجلح عن الشعبي عن عبد خير الحضرمي عن زيد بن أرقم - ثم ذكره - قال: "وهذا أيضًا خالف الناس ولم يقل عبد خير غير عبد الرزاق عن الثوري" ا. هـ. أخبار القضاة (1/ 92 - 93)، وانظر: ضعفاء العقيلي (2/ 245) قال "الحديث مضطرب الإسناد متقارب في الضعف" ا. هـ. قال الدارقطني رحمه الله: "واختلف عن الثوري، فقال ابن عسكر وأبو الأزهر عن عبد الرزاق عن الثوري عن صالح الهمداني، وقال غيرهما عن الثوري عن أجلح عن الشعبي". العلل (3/ 118)، ورواه أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا سفيان عن أجلح. (4/ 373)، وكذا رواه وكيع عن سفيان عن أجلح .. أخبار القضاة (1/ 92)، والطبراني في الكبير (5/ 172) رقم (4987) من طريق عبد الرزاق عن الثوري عن صالح عن الشعبي ورواه برقم (4988) من طريق عبد الرزاق عن سفيان عن الأجلح عن الشعبي. وقال المنذري:"أما حديث عبد خير فرجال إسناده ثقات غير أن الصواب فيه الإرسال". مختصر سنن أبي داود (3/ 178)، انظر: تحفة الأشراف (3/ 196).
(1)
رواه أحمد (4/ 374)، والعقيلي (2/ 245)، والطبراني في الكبير (5/ 174) رقم (3992)، والحميدي (2/ 41) رقم (804).
(2)
رواه العقيلي (1/ 123) و (2/ 245)، والطبراني في الكبير (5/ 174).
(3)
رواه الطبراني في الكبير (5/ 174) رقم (4991).
(4)
رواه وكيع من طريق آخر: حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن سالم عن الشعبي عن علي بن ذري الحضرمي =
ذريح
(1)
- ويقال: ذري الحضرمي
(2)
- عن زيد.
ورواه خالد بن عبد الله الواسطي عن أبي إسحاق الشيباني
(3)
- سليمان
(4)
بن فيروز - عن الشعبي عن رجل من حضرموت
(5)
عن زيد.
وبالجملة، فيكفي أنَّ في هذا الحديث أمير المؤمنين في الحديث شعبة
(6)
، وإذا كان شعبة
(7)
في حديث لم يكن باطلًا، وكان
= عن زيد بن أرقم .. ثم قال: "محمد بن سالم في حديثه لين شديد". أخبار القضاة (1/ 94)، وقال:"وما قاله محمد بن سالم عن الشعبي عن علي ابن ذري الحضرمي فغلط". ا. هـ. أخبار القضاة (1/ 95)، وللحديث طرق أخرى رواها وكيع في أخبار القضاة (1/ 91 و 92 و 93)، والحاكم (3/ 135)، وأحمد (4/ 374)، وأطال وكيع في نقد الحديث.
(1)
في "هـ": "ذريد".
(2)
انظر: المؤتلف للدارقطني (2/ 997).
(3)
رواه النسائي في الكبرى (3/ 496) رقم (6037)، وفي المجتبى (6/ 183) رقم (3491)، وانظر: العلل للدارقطني (3/ 118)، والعلل لابن أبي حاتم (2/ 273) ونقل عن أبيه:"الشيباني قوي" ا. هـ. ورواه الطبراني في الكبير (5/ 172) رقم (4989).
ورواه وكيع بسنده إلى الشيباني عن الشعبي عن أبي الخليل عن زيد بن أرقم. أخبار القضاة (1/ 93)، العلل للدارقطني (3/ 118).
(4)
في "أ" و"ب": "سلمان".
(5)
قال المزي - رحمه الله تعالى -: "هو عبد الله بن الخليل الحضرمي" ا. هـ. تهذيب الكمال (35/ 82).
(6)
"شعبة" ساقطة من "و".
(7)
"شعبة" ساقطة من "و".
محفوظًا
(1)
، وقد عمل به أهل الظاهر
(2)
، وهو وجه للشافعية
(3)
عند تعارض البينة، وهو ظاهر - بل صريح - في عدم اعتبار القافة، فإنَّها لو كانت معتبرة لم يعدل عنها إلى القرعة.
قالوا
(4)
: وأصح ما معكم: حديث أُسامة بن زيد، ولا حجة فيه؛ لأنَّ النسب
(5)
هناك ثابت بالفراش، فوافقه قول القائف فَسُرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بموافقة قول القائف
(6)
لشرعه الَّذي جاء به من أنَّ الولد للفراش، وهذا لا خفاء به، فمن أين يصلح ذلك لإثبات كون القيافة طريقًا مستقلًّا بإثبات النسب؟
قال أصحاب الحديث
(7)
: نحن إنما نحتاج إلى القافة عند التنازع في الولد، نفيًا وإثباتًا، كما إذا ادعاه رجلان أو امرأتان، أو اعترف الرجلان بأنَّهما وطئا المرأة بشبهة، وأنَّ الولدَ من أحدهما، وكل منهما ينفيه عن نفسه، وحينئذٍ فإمَّا أن نُرَجِّحَ أحدهما بلا مرجح
(8)
، ولا سبيل
(1)
انظر: سير أعلام النبلاء (7/ 222).
(2)
انظر: المحلى (10/ 150).
(3)
نص الشافعي على اعتبار القافة. انظر: الأم (7/ 178).
(4)
انظر: المبسوط (17/ 70)، زاد المعاد (5/ 420)، بدائع الصنائع (6/ 244)، فتح القدير (5/ 35).
(5)
في "أ" و"ب": "السبب".
(6)
"فسر النبي صلى الله عليه وسلم بموافقة قول القائف" ساقطة من "أ".
(7)
"الحديث" ساقطة من "و". وانظر: تحفة المودود (168).
(8)
من قول المؤلف في الفصل الذي ذكره قبل الطريق الرابع والعشرين "إذا =
إليه
(1)
، وإمَّا أن نلغي دعواهما فلا يلحق بواحدٍ منهما، وهو باطلٌ أيضًا، فإنَّهما معترفان بسبب اللحوق، وليس هنا سبب غيرهما، وإمَّا أن يلحق بهما مع ظهور الشبه البين بأحدهما، وهو أيضًا باطل شرعًا وعرفًا وقياسًا كما تقدم، وإمَّا أن يقدم أحدهما بوصفه لعلامات في الولد، كما يقدم واصف اللقطة، وهذا - أيضًا - لا اعتبار به ها هنا، بخلاف اللقطة، والفرق بينهما ظاهر؛ فإنَّ اطلاع غير الأب على بدن الطفل وعلاماته غير مستبعد بل هو واقعٌ كثيرًا، فإنَّ الطفل بارز ظاهر لوالديه وغيرهما.
وأما اطلاع غير مالك اللقطة على عددها وعفاصها ووعائها ووكائها فأمر في غاية الندرة، فإنَّ العادة جارية بإخفائها وكتمانها، فإلحاق إحدى الصورتين بالأُخرى ممتنع.
وأمَّا الإلحاق بأُمَّين
(2)
فمقطوعٌ ببطلانه واستحالته، عقلًا وحسًّا، فهو كإلحاق ابن ستين سنة بابن عشرين سنة
(3)
.
وكيف ينكر القافة التي مدارها على الشبه الَّذي وضعه الله سبحانه
= اختلف الراهن والمرتهن في قدره فالقول قول المرتهن مع يمينه" إلى قوله هنا "فإما أن نرجح أحدهما بلا مرجح" ساقط من "د".
(1)
في "هـ" و"و": "سبيل له".
(2)
في "جـ": "بأبوين"، وفي "د" و"و":"باثنين".
(3)
"سنة" مثبتة من "أ". وانظر: سنن البيهقي (10/ 452)، المغني (8/ 381)، الجامع الصغير لأبي يعلى (380)، مختصر المزني (9/ 334)، زاد المعاد (5/ 423)، إعلام الموقعين (1/ 355)، الحاوي الكبير (17/ 384).
بين الوالدين والولد من يلحق الولد بأُمَّين
(1)
؟ فأين أحد هذين الحكمين من الآخر، في العقل والشرع والعرف والقياس؟
(2)
وما أثبت الله ورسوله قط حكمًا من الأحكام يقطع ببطلان سببه حسًّا أو عقلًا، فحاشا أحكامه سبحانه من ذلك، فإنَّه لا أحسن حكمًا منه سبحانه وتعالى ولا أعدل، ولا يحكم حكمًا يقول العقل: ليته حكم بخلافه، بل أحكامه كلها ممَّا تشهد العقول والفطرة بحسنها، ووقوعها على أتم الوجوه وأحسنها، وأنَّه لا يصلح في موضعها سواها.
وأنت إذا عرضت على العقول كون الولد ابن أُمَّين
(3)
لم تجد قبولها له كقبولها لكون الولد لمن أشبهه
(4)
الشبه البين، فإنَّ هذا موافق لعادة الله وسنته في خلقه، وذلك مخالف لعادته وسنته.
وقولهم: "إنَّهما
(5)
استويا في سبب الإلحاق - وهو الدعوى - فيستويان في الحكم، وهو لحوق النسب".
(1)
في "و": "باثنين". والإلحاق بأُمَّين حكمًا قول الإمام أبي حنيفة وخالفه صاحباه والجمهور. انظر: المبسوط (17/ 71)، بدائع الصنائع (6/ 244)، البحر الرائق (4/ 244)، مختصر المزني "مع الأم"(9/ 334)، سنن البيهقي (10/ 452)، الحاوي الكبير (17/ 381)، المحرر (2/ 102)، الجامع الصغير (380) تهذيب الفروق (4/ 166).
(2)
انظر: تهذيب الفروق (4/ 666).
(3)
في "ب" و"جـ" و"و": "ابن اثنين".
(4)
في "أ" و"ب" و"د" و"و": "من شبهه".
(5)
في "أ": "إنهم قد".
فيقال: القاعدة أنَّ صحة الدعوى يُطلب بيانها من غير جهة المدعي مهما أمكن، وقد أمكن ها هنا بيانها
(1)
بالشبه الَّذي يطلع عليه القائف، فكان اعتبار صحتها بذلك أولى من اعتبار صحتها بمجرد الدعوى، فإذا انتفى السبب الَّذي يبين صحتها من غير جهة المدعي - كالفراش والقافة - بغير
(2)
إعمال الدعوى، فإذا استويا فيها
(3)
استويا في حكمها، فهذا محض الفقه، ومقتضى قواعد الشرع، وأمَّا أن تعمل الدعوى المجردة مع ظهور ما يخالفها من الشبه البين الَّذي نصبه الله سبحانه وتعالى علامة لثبوت النسب شرعًا وقدرًا، فهذا مخالف للقياس ولأصول الشرع.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "البَيِّنَةُ على المدَّعِي"
(4)
، و"البينة" اسمٌ لما يبين صحة الدعوى، والشبه مُبَيِّن صحة الدعوى، فإذا كان من جانب أحد المتداعيين
(5)
كان النسب له، وإن
(6)
كان من جهتهما كان النسب لهما.
وقولهم
(7)
: "لو أثَّر الشبه والقافة في نتاج الآدمي لأثر في نتاج
(1)
"بيانها" ساقطة من "ب".
(2)
قال العلامة ابن باز رحمه الله في تعليقه على الكتاب: لعله: "بقي".
(3)
"استويا فيها" ساقطة من "ب".
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
وفي "د" و"هـ": "المتلاعنين".
(6)
في "أ" و"د" و"هـ": "فإذا".
(7)
انظر: المبسوط (17/ 71).
الحيوان".
جوابه من وجوه:
أحدها: منع الملازمة، إذ لم يذكروا عليها دليلًا سوى مجرَّد الدعوى، فأين التلازم شرعًا وعقلًا بين النَّاس والحيوان
(1)
؟
الثاني: أنَّ الشارع متشوف إلى ثبوت الأنساب مهما أمكن، ولا يحكم بانقطاع النسب إلَّا حيث يتعذَّر إثباته، ولهذا ثبته بالفراش وبالدعوى وبالأسباب التي بمثلها لا يثبت نتاج الحيوان
(2)
.
الثالث: أن إثبات النسب فيه حق لله وحق للولد وحق للأب، ويترتب عليه من أحكام الوصل بين العباد ما به قوام مصالحهم وتمامها
(3)
، فأثبته الشرع بأنواع الطرق التي لا يثبت بمثلها نتاج الحيوان.
الرَّابع: أنَّ سببه الوطء، وهو إنَّما يقع غالبًا في غاية التستر، ويكتم عن العيون وعن اطلاع القريب والبعيد عليه، فلو كلف البينة على سببه لضاعت أنساب بني آدم، وفسدت أحكام الصلات التي بينهم، ولهذا ثبت بأيسر شيء من فراش ودعوى وشبه، حتَّى أثبته أبو حنيفة بمجرد العقد، مع القطع بعدم وصول أحدهما إلى الآخر
(4)
، وأثبته
(1)
"والحيوان" مثبتة من "جـ"، وصححها العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى -.
(2)
انظر: روضة الطالبين (8/ 378)، الحاوي الكبير (17/ 385).
(3)
"وتمامها" مثبتة من "أ".
(4)
انظر: البحر الرَّائق (4/ 262)، فتح القدير (4/ 348)، الدر المختار (3/ 578)، البناية (5/ 453).
لأُمَّين
(1)
مع القطع بعدم خروجه منهما احتياطًا للنسب، ومعلوم أنَّ الشبه أولى وأقوى من ذلك بكثير.
الخامس: أنَّ المقصود من نتاج الحيوان إنَّما هو المال المجرَّد، فدعواه دعوى مال محض، بخلاف دعوى النسب، فأين دعوى المال من دعوى النسب
(2)
؟ وأين أسباب ثبوت أحدهما من أسباب ثبوت الآخر؟
السادس: أنَّ المالَ يباح بالبذل، ويُعاوَضُ عليه، ويقبل النقل، وتجوز الرغبة عنه، والنسب بخلاف ذلك.
السَّابع: أنَّ الله سبحانه جعل بين أشخاص الآدميين من الفرق في صورهم وأصواتهم وحلاهم ما يتميز به بعضهم من بعض، ولا يقع الاشتباه بينهم، بحيث يتساوى الشخصان من كلِّ وجهٍ إلَّا في غاية الندرة، مع أنَّه لا بُدَّ من الفرق، وهذا القدر لا يوجد مثله بين أشخاص الحيوان، بل التشابه فيه أكثر والتماثل أغلب، فلا يكاد الحس يميز بين نتاج الحيوان ونتاج غيره برد كل منهما إلى أُمِّه وأبيه، وإن كان قد يقع ذلك، لكن وقوعه قليل بالنسبة إلى أشخاص الآدمي، فإلحاق أحدهما بالآخر ممتنع.
قولهم
(3)
: "إنَّ الاعتماد في القافة على الشبه، وهو أمر
(1)
وفي "ب" و"د" و"و": "لاثنين".
وانظر: المبسوط (17/ 71)، بدائع الصنائع (6/ 244)، البحر الرَّائق (4/ 244).
(2)
"فأين دعوى المال من دعوى النسب" ساقطة من "ب" و"و".
وانظر: الحاوي الكبير (17/ 385).
(3)
في النسخ عدا "أ" و"جـ""الثامن". وهو خطأ لكون الأجوبة السبعة السابقة =