الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الطريق الحادي والعشرون: الحكم بالاستفاضة
(1)
.
وهي درجة بين التواتر والآحاد، فالاستفاضة: هي الاشتهار الَّذي يُحدَّث به النَّاس، وفاض بينهم.
وقد قسم الحنفية
(2)
الأخبار إلى ثلاثة أقسام: آحاد، وتواتر، واستفاضة
(3)
، وجعلوا المستفيض مرتبة بين المرتبتين، وخصوا به عموم القرآن، وقالوا: هو بمنزلة التواتر، ومنهم
(4)
من جعله قسمًا من أقسام التواتر.
وهذا النوع من الأخبار يجوز استناد الشهادة إليه، ويجوز أن يعتمد الزوج عليه في قذف امرأته ولعانها، إذا استفاض في النَّاس زناها، ويجوز اعتماد الحاكم عليه.
(1)
انظر: الهداية مع البناية (8/ 153)، القوانين (322)، روضة الطالبين (8/ 239)، أدب القضاء للغزي (190)، فتح الباري (5/ 301)، المغني (14/ 141)، المحرر (2/ 245)، الإنصاف (29/ 270)، الفواكه العديدة (2/ 301).
(2)
انظر: المغني في أصول الفقه (193)، أصول السرخسي (1/ 291)، إرشاد الفحول (94).
(3)
وسماه بعضهم "مشهورًا". المغني في أصول الفقه (192)، أصول السرخسي (1/ 291)، أصول الشاشي (269).
(4)
كالجصاص. انظر: المغني في أصول الفقه للبخاري (193)، وأصول السرخسي (1/ 291)، إرشاد الفحول (94).
قال شيخنا في الذمي: إذا زنى بالمسلمة
(1)
قتل، ولا يرفع عنه القتل الإسلام، ولا يشترط فيه أداء الشهادة على الوجه المعتبر في المسلم، بل يكفي استفاضة ذلك واشتهاره، هذا نص كلامه
(2)
.
وهذا هو الصواب
(3)
؛ لأنَّ الاستفاضة من أظهر البينات، فلا يتطرق إلى الحاكم تهمة إذا استند إليها؛ فحكمه بها حكم بحجة لا بمجرد علمه الَّذي لا
(4)
يشاركه فيه غيره، ولذلك له أن يقبل شهادة الشاهد إذا استفاض في النَّاس صدقه وعدالته، من غير اعتبار لفظ شهادة
(5)
على العدالة
(6)
، ويرد شهادته ويحكم بفسقه باستفاضة فجوره
(7)
وكذبه، وهذا ممَّا لا يعلم فيه نزاع بين العلماء
(8)
، وكذلك
(1)
في "أ": "بمسلمة".
(2)
انظر: الصارم المسلول (2/ 20 و 489)، الاختيارات (295). وانظر: الفروع (6/ 285)، المغني (13/ 238)، كشاف القناع (6/ 91)، التلخيص الحبير (4/ 235)، المحرر (2/ 188)، الجامع للخلال "قسم الملل"(2/ 347)، أحكام أهل الذمة (2/ 790)، بلغة السالك (2/ 317)، تبصرة الحكام (2/ 253)، بدائع الصنائع (7/ 113)، فتح القدير (6/ 62)، أسنى المطالب (4/ 223)، الغرر البهية (5/ 147).
(3)
انظر: كشاف القناع (6/ 335)، مطالب أولي النهى (6/ 510)، فتاوى السبكي (2/ 473).
(4)
"لا" ساقطة من "و".
(5)
صوب العلامة ابن باز رحمه الله "الشهادة".
(6)
في "أ": "عدالته".
(7)
في "و": "فسقه".
(8)
"نزاع بين العلماء" ساقطة من "أ" و"ب".
الجارح والمعدل يجرح الشاهد بالاستفاضة، صرَّح بذلك أصحاب الشافعي
(1)
وأحمد
(2)
، ويعدله بالاستفاضة
(3)
، ولا ريبَ أنَّا نشهد بعدالة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وفسق الحجاج.
والمقصود: أنَّ الاستفاضة طريقٌ من طرق العلم التي تنفي التهمة عن الشاهد والحاكم، وهي أقوى من شهادة اثنين مقبولين.
(1)
انظر: فتح الباري (5/ 301)، أسنى المطالب (4/ 368)، الغرر البهية (5/ 251).
(2)
انظر: المغني (14/ 64)، الفتاوى الكبرى (5/ 562)، المقنع مع الشرح الكبير (28/ 495)، الإنصاف (28/ 496)، مجموع الفتاوى (35/ 412).
(3)
"صرح بذلك أصحاب الشافعي وأحمد ويعدله بالاستفاضة" مثبتة من "أ" و"ب".