الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخواتم، حتَّى إنَّ القاضي ليكتب للرجل الكتاب فما يزيد على ختمه، فيعمل به
(1)
، حتَّى اتهم النَّاس، فصار لا يقبل إلَّا بشاهدين
(2)
. ا. هـ.
واختلف الفقهاء فيما
إذا أشهد القاضي شاهدين على كتابه، ولم يقرأه عليهما ولا عرفهما بما فيه
.
فقال مالك
(3)
: يجوز ذلك، ويلزم القاضي المكتوب إليه قبوله، ويقول الشاهدان: إنَّ هذا كتابه دفعه إلينا مختومًا، وهذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد
(4)
.
وقال أبو حنيفة
(5)
والشافعي
(6)
= الزبير القرشي أبو بكر الفقيه، صاحب الإمام مالك. توفي سنة 216 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الديباج المذهب (1/ 411)، سير أعلام النبلاء (10/ 374)، شجرة النور (1/ 56).
(1)
"حتَّى إنَّ القاضي ليكتب للرجل الكتاب فما يزيد على ختمه فيعمل به" ساقطة من "ب".
(2)
انظر: الذخيرة (10/ 157)، تنبيه الحكام (162)، البيان والتحصيل (9/ 439)، تبصرة الحكام (2/ 26)، المنتقى (5/ 202)، منتخب الأحكام (1/ 145).
(3)
انظر: تنبيه الحكام (154)، تبصرة الحكام (2/ 25)، الذخيرة (10/ 104 و 107)، الكافي (500)، المعونة (3/ 1555)، القوانين (322).
(4)
انظر: المحرر (2/ 212)، المغني (14/ 79)، الفروع (6/ 500)، شرح الزركشي (7/ 281 - 282).
(5)
انظر: المبسوط (16/ 95)، بدائع الصنائع (7/ 7)، مختصر القدوري (226)، روضة القضاة (1/ 332 و 339)، شرح أدب القاضي للصدر الشهيد (3/ 286)، عمدة القاري (20/ 127).
(6)
انظر: مختصر المزني "مع الأم"(9/ 317)، التنبيه (256)، أدب القضاء =
وأبو ثور
(1)
: إذا لم يقرأه عليهما القاضي لم يعمل القاضي المكتوب إليه بما فيه. وهو إحدى الروايتين عن مالك
(2)
.
وحجتهم أنَّه لا يجوز أن يشهد الشاهد
(3)
إلَّا بما يعلم.
وأجاب الآخرون بأنَّهما لم يشهدا بما تضمنه، وإنَّما شهدا بأنَّه كتاب القاضي، وذلك معلومٌ لهما
(4)
، والسنة الصريحة تدل على صحة ذلك
(5)
، وتغيُّر أحوال
(6)
النَّاس وفسادها يقتضي العمل بالقول الآخر، وقد يثبت عند القاضي من أمور النَّاس ما لا يحسن أن يطلع عليه كل أحد، مثل الوصايا التي يتخوف
(7)
النَّاس فيها، ولهذا يجوز عند مالك
(8)
وأحمد
(9)
- في إحدى الروايتين - أن يشهدا على الوصية
= لابن أبي الدم (460 - 467 - 470)، فتح الباري (13/ 155).
(1)
انظر: المغني (14/ 79)، عمدة القاري (20/ 127)، أدب القضاء لابن أبي الدم (460).
(2)
انظر: الكافي (499)، المعونة (3/ 1555)، التفريع (2/ 246)، القوانين (322)، تبصرة الحكام (2/ 25)، تنبيه الحكام (154).
(3)
"الشاهد" مثبتة من "أ".
(4)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 7).
(5)
حيث كتب عليه الصلاة والسلام لكسرى وقيصر، ولم يقرأ الكتاب على الرسول. وقد تقدم تخريج ذلك ص (548).
(6)
"أحوال" ساقطة من "أ".
(7)
وفي "جـ": "يتخون".
(8)
انظر: المدونة (6/ 13)، البيان والتحصيل (13/ 18 و 74).
(9)
انظر: المحرر (1/ 376)، المقنع (334)، المبدع (10/ 108)، الشرح الكبير (29/ 21)، الإنصاف (29/ 18).
المختومة، ويجوز عند مالك
(1)
أن يشهدا على الكتاب المدرج، ويقولا للحاكم: نشهد على إقراره بما في هذا الكتاب، وإن لم يعلما بما أقر، والجمهور
(2)
لا يجيزون الحكم بذلك.
وقال المانعون من العمل بالخطوط: الخطوط قابلة للمشابهة والمحاكاة، وهل كانت قصَّة
(3)
عثمان ومقتله إلَّا بسبب الخط؟
(4)
فإنَّهم صنعوا مثل خاتمه، وكتبوا مثل كتابه، حتَّى جرى ما جرى، ولذلك قال الشعبي: لا تشهد أبدًا إلَّا على شيء تذكره، فإنَّه من شاء انتقش خاتمًا، ومن شاء كتب كتابًا
(5)
.
قالوا: وأمَّا ما ذكرتم من الآثار فنعم، وها هنا أمثالها، ولكن كان
(1)
انظر: البيان والتحصيل (13/ 74)، فصول الأحكام (220)، الكافي (500)، الذخيرة (10/ 104)، المعونة (3/ 1555)، القوانين (322)، تبصرة الحكام (25)، تنبيه الحكام (154).
(2)
انظر: المبسوط (16/ 95)، بدائع الصنائع (7/ 7)، مختصر القدوري (226)، روضة القضاة (1/ 332)، شرح أدب القاضي للصدر الشهيد (3/ 286)، مختصر المزني (9/ 317)، التنبيه (256)، أدب القضاء لابن أبي الدم (460)، فتح الباري (13/ 155)، المغني (14/ 79)، المحرر (2/ 212)، الفروع (6/ 500)، الشرح الكبير (29/ 21)، الإنصاف (29/ 18).
(3)
في "و": "قضية".
(4)
انظر: التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان (133)، الإصابة (2/ 459)، المنتظم (5/ 57).
(5)
انظر: فتح الباري (13/ 154).
ذاك إذ النَّاس ناس، وأمَّا الآن فكلا ولما
(1)
، وإذا كان الأمر قد تغير في زمن مالك وابن أبي ليلى، حتَّى قال مالك: كان من أمرِ النَّاس القديم إجازة الخواتم، حتَّى إنَّ القاضي ليكتب للرجل الكتاب، فما يزيد
(2)
على ختمه، حتَّى اتهم النَّاس، فصار لا يقبل إلَّا بشاهدين
(3)
.
وقال محمد بن عبد الحكم
(4)
: لا يقضى في دهرنا هذا بالشهادة على الخط؛ لأنَّ النَّاسَ قد أحدثوا ضروبًا من الفجور، وقد كان النَّاسُ فيما مضى يجيزون الشهادة على خاتم كتاب القاضي
(5)
فإن قيل: فما تقولون في الدَّابة يوجد على فخذها "صدقة" أو "وقف" أو "حبس" هل للحاكم أن يحكم بذلك؟
قيل: نعم، له أن يحكم به، وصرَّح به أصحاب مالك
(6)
، فإنَّ هذه أمارة ظاهرة، ولعلها أقوى من شهادة الشاهد
(7)
، وقد ثبتَ في
(1)
في "و": "فكلا ولا".
(2)
في "ب" و"جـ" و"د" و"هـ" و"و": "فلم يزد".
(3)
في جميع النسخ عدا "أ": "إلَّا شاهدان".
انظر: المنتقى (5/ 202)، تنبيه الحكام (162)، تبصرة الحكام (2/ 165)، الذخيرة (10/ 100).
(4)
في "ب": "عبد الحكيم".
(5)
انظر: تنبيه الحكام (162)، المنتقى (5/ 202)، فتح الباري (13/ 155).
(6)
انظر: البيان والتحصيل (2/ 597)، والذخيرة (10/ 161)، فصول الأحكام (223)، تبصرة الحكام (2/ 127 و 131)، وانظر من كتب الحنابلة: الروض المربع (3/ 432)، منتهى الإرادات مع حاشية النجدي (5/ 376)، التنقيح المشبع (431).
(7)
في "أ": "الشاهدين".
"الصحيحين"
(1)
من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "غَدَوْتُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعَبْدِ اللهِ بن أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنَّكَهُ
(2)
، فوافيته في يَدِهِ المِيْسَمُ
(3)
يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ"، وللإمام أحمد
(4)
عنه: "دخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يَسِمُ غَنَمًا في آذانها".
وروى مالكٌ في "الموطأ"
(5)
عن زيد بن أسلم عن أبيه أنَّه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنَّ في الظهر ناقة عمياء، فقال عمر: ادفعها إلى أهل بيت ينتفعون بها، قال: فقلت: هي عمياء، فقال عمر
(6)
: يقطرونها بالإبل
(7)
، قال: فقلت: كيف تأكل من الأرض؟ قال: فقال عمر: أَمِنْ نَعَمِ الجزية هي أَمِ مِنْ نعم الصدقة؟ فقلت: مِنْ
(1)
البخاري في الزكاة باب وسم الإمام إبل الصدقة بيده رقم (1502)(3/ 429)، ومسلم في اللباس والزينة باب جواز وسم الحيوان رقم (2119)(14/ 346).
(2)
التحنيك: مضغ الشيء ووضعه في فم الصبي ودلك حنكه به. فتح الباري (9/ 501).
(3)
الميسم بوزن مفعل مكسور الأوَّل وهي الحديدة التي يوسم بها أي يعلم وهو نظير الخاتم. فتح الباري (3/ 429).
(4)
المسند (3/ 169)، وقد أخرجه مسلم رقم (2119) مكرر (14/ 345) ونحوه عند البخاري رقم (5542)(5/ 588) من حديث أنس رضي الله عنه.
(5)
الموطأ (1/ 279)، ومن طريقه رواه الشافعي في الأم (2/ 105)، والبيهقي (7/ 55).
(6)
قوله: "ادفعها إلى أهل بيت" إلى قوله "تأكل من الأرض قال فقال عمر" ساقطة من "أ".
(7)
وهو أن تشد الإبل على نسق واحدًا خلف واحد. النهاية (4/ 80).
نَعَمِ الجزية، فقال عمر: أردتم والله
(1)
أكلها؛ قلت: إنَّ عليها وسم الجزية"، ولولا أنَّ الوسم يميز الصدقة من غيرها، ويشهد لما هو وسم عليه؛ لم تكن فيه فائدة بل لا فائدة للوسم إلَّا ذلك؛ ومن لم يعتبر الوسم فلا فائدة فيه عنده
(2)
.
فإن قيل: فما تقولون في الدَّارِ يوجد على بابها أو حائطها الحجر مكتوب فيه "إنَّها وقف" أو "مسجد" هل يحكم بذلك؟
قيل: نعم؛ يقضى به، ويصير وقفًا؛ صرَّح به بعض أصحابنا
(3)
؛ وممَّن ذكره الحارثي
(4)
في "شرحه"
(5)
فإن قيل: يجوز أن ينقل الحجر إلى ذلك الموضع؟
قيل: جواز ذلك كجواز كذب الشاهدين؛ بل هذا أقرب؛ لأنَّ الحجرَ يشاهد جزءًا من الحائط داخلًا فيه، ليس عليه شيء من أمارات النقل؛ بل يقطع غالبًا بأنَّه بني مع الدَّار، ولا سيما حجر عظيم، وضع
(1)
"والله" مثبتة من "جـ".
(2)
"بل لا فائدة للوسم إلَّا ذلك ومن لم يعتبر الوسم فلا فائدة فيه عنده" ساقطة من "أ".
(3)
انظر: كشاف القناع (6/ 437)، مطالب أولي النهى (6/ 635)، حاشية اللبدي على نيل المآرب (475).
(4)
مسعود بن أحمد بن مسعود الحارثي أبو محمد، شرح قطعة من سنن أبي داود وقطعة من كتاب المقنع، توفي سنة 711 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: البداية والنهاية (18/ 119)، شذرات الذهب (8/ 53)، الدرر الكامنة (5/ 116).
(5)
أي شرح المقنع ولم أره مطبوعًا.
عليه الحائط، بحيث يتعذَّر وضعه بعد البناء، فهذا أقوى من شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين.
فإن قيل: فما تقولون في كتب العلم يوجد على ظهرها
(1)
وهوامشها
(2)
كتابة الوقف، هل للحاكم أن يحكم بكونها وقفًا بذلك؟
قيل
(3)
: هذا يختلف باختلاف قرائن الأحوال، فإذا رأينا كتبًا مودعة في خزانة
(4)
، وعليها كتابة "الوقف" وهي كذلك مدَّة متطاولة، وقد اشتهرت بذلك لم نسترب في كونها وقفًا
(5)
؛ وحكمها حكم المدرسة التي عهدت لذلك؛ وانقطعت كتب وقفها أو فقدت، ولكن يعلم النَّاس على تطاول المدة كونها وقفًا، فتكفي في ذلك الاستفاضة، فإنَّ الوقف يثبت بالاستفاضة، وكذلك مصرفه، وأمَّا إذا رأينا كتابًا لا نعلم مقره ولا عرف من كتب عليه الوقف
(6)
، فهذا يوجب التوقف في أمره، حتَّى يتبين حاله.
والمعول
(7)
في ذلك على القرائن، فإن قويت حكم بموجبها، وإن
(1)
في "د" و"هـ" و"و": "ظهورها".
(2)
في "أ": "وحواشيها".
(3)
انظر: التنقيح المشبع (431)، كشاف القناع (6/ 438)، منتهى الإرادات مع حاشية النجدي (5/ 376)، مطالب أولي النهى (6/ 636)، حاشية العنقري على الروض (3/ 433)، تبصرة الحكام (2/ 130)، معين الحكام (167).
(4)
في "ب" و"جـ": "جراب".
(5)
"لم نسترب في كونها وقفًا" ساقطة من "ب".
(6)
في "أ": "الوقفية".
(7)
في "ب": "القول".
ضعفت لم يلتفت إليها، وإن توسطت طلب الاستظهار، وسلك طريق الاحتياط، وبالله التوفيق.
وقد قال أصحاب مالك
(1)
- في الرجلين يتنازعان في حائط - فينظر إلى عقده، أو من له عليه خشب أو سقف، وما أشبه ذلك ممَّا يرى بالعين يقضى به لصاحبه، ولا يكلف الطالب البينة، وكذلك القنوات التي تشق الدور والبيوت إلى مستقرها إذا سدَّها الَّذي تشق داره، وأنكر أن يكون عليها مجرى لأحدٍ، فإذا نظروا إلى القناة التي تشق داره، وشهدوا بذلك عند القاضي، ولم يكن عنده في شهادة الشهود الَّذين وجههم لذلك مدفع
(2)
: ألزمه
(3)
مرور القناة على داره، ونهي عن سدها، ومنع منه.
قالوا
(4)
: فإذا نظروا في القناة تشق داره إلى مستقرها - وهي قناة قديمة، والبنيان فيها ظاهر، حتَّى تصب في مستقره - فللحاكم أن يلزمه مرور القناة، كما وجدت في داره.
قال ابن القاسم فيما رواه ابن عبد الحكم عنه: إذا اختلفَ الرجلان في جدار بين داريهما - كلٌّ يدعيه - فإن كان عقد بنائه إليهما فهو بينهما، وإن كان معقودًا إلى أحدهما ومنقطعًا عن الآخر فهو إلى من
(1)
انظر: الرسالة (248)، الفروق (4/ 103)، تبصرة الحكام (2/ 123)، تهذيب الفروق (4/ 167).
(2)
"مدفع" ساقطة من "هـ".
(3)
وفي جميع النسخ عدا "أ": "ألزموه".
(4)
"قالوا": ساقطة من "أ".
إليه العقد، وإن كان منقطعًا منهما
(1)
جميعًا فهو بينهما، وإن كان لأحدهما فيه كُوىً، ولا شيء للآخر فيه، وليس بمنعقد إلى واحد منهما، فهو إلى من إليه
(2)
مرافقه، وإن كانت فيه كوى لكليهما فهو بينهما، وإن كانت لأحدهما عليه خُشُب، ولا عقد فيه لواحدٍ منهما، فهو لمن له عليه الحمل فإن كان عليه حمل لهما جميعًا فهو بينهما
(3)
.
والمقصود: أنَّ الكتابة على الحجارة والحيوان وكتب العلم أقوى من هذه الأمارات بكثير، فهي أولى أن يثبت بها حكم تلك الكتابة، ولا سيما عند عدم المعارض، وأمَّا إذا عارضَ ذلك بينةٌ لا تتهم، ولا تستند إلى مجرَّد التبديل فذكر سبب الملك واستمراره
(4)
، فإنَّها تقدم على هذه الأمارات.
وأمَّا إن عارضها
(5)
مجرد اليد: لم يلتفت إليها، فإنَّ هذه الأمارات بمنزلة البينة والشاهد، واليد ترفع بذلك.
فصل
ومما يلحق بهذا الباب: شهادة الرهن بقدر الدين، إذا اختلف
(1)
في "ب": "إليها"، وفي "هـ":"بينهما".
(2)
من قوله "وإن كان منقطعًا" إلى قوله "فهو إلى من إليه" ساقطة من "و".
(3)
انظر: تبصرة الحكام (2/ 133 - 134) الإتقان والإحكام في شرح تحفة الأحكام "شرح ميارة"(2/ 249).
(4)
وفي "ب" و"د" و"و": "التبديل بسبب الملك والاستزادة"، وفي "هـ":"ولا يستند إلى مجرد اليد بل يثبت الملك والاستزادة". ولعل الصواب: فذكرت.
(5)
في "أ" و"ب" و"و": "إذا عارضتها".