الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكونت عبر الزمن.
وقد بيَّن العلماني محمد الشيخ أن المجتمع العلماني مجتمع مادي يلغي كل الأديان والقيم من اعتباراته.
قال: إن المجتمع الحداثي استحال مجتمعا ماديا، بمعنى أنه مجتمع صار لا يُحَكّم في مبادراته المتعددة الاعتبارات التقليدية روحية كانت أو خلقية، وإنما صار يحتكم إلى العوامل المادية وحدها دون سواها (1).
فالدين يتحول إلى شيء متجاوز وملغى، ثم بعد هذا، من شاء أن يتدين بشيء ما فله ذلك. يعني يتحول إلى مسألة شخصية مرتبطة بالضمير.
إن الإسلام هو صاحب الدار، فلا يعقل أن يستجدي العلمانية لتخصص له ركنا أو لتسمح هي له بأن يتحول من حضارة عظيمة ودين يحكم كل مفاصيل الحياة إلى مسألة شخصية يؤمن بها من شاء ويكفر من شاء.
والإسلام في داره (دار الإسلام) كما قال القرضاوي لا يكتفي بأن تكون عقيدته مجرد شيء مسموح به، وليس محظورا كالمخدرات والسموم البيضاء إنه يريد أن تكون عقيدته روح الحياة، وجوهر الوجود ومُلْهِم أبناء المجتمع، وأن تكون أساس التكوين النفسي والفكري لأفراد الأمة، وبعبارة أخرى تكون محور التربية والثقافة والفن والإعلام والتشريع والتقاليد في المجتمع كله (2).
هل يمكن للمسلم المحافظة على دينه في ظل العلمانية
؟
إذا كان يمكن للمسيحي المحافظة على دينه في ظل العلمانية، لأن المسيحية مجموعة وصايا وآداب تمارس داخل الكنيسة، فإن الإسلام بتشريعاته المتعددة
(1) ما معنى أن يكون المرء حداثيا (38).
(2)
التطرف العلماني (29).
والمتداخلة والشاملة لكافة مناحي الحياة يستحيل تطبيقه في ظل نظام علماني.
فالعلمانية تؤطر المجتمع وتوجهه بطريقة لا تمكن المسلم من ممارسة دينه في جو مطمئن.
فلا يستطيع المسلم أكل الحلال وفق مفهوم الشريعة، لأن الشريعة كما ترى العلمانية لا دخل لها في التحليل والتحريم، فذبح الحيوان هو طقوس دينية لا تلزم العلمانية، وتحريم الخنزير والميسر والربا فروض دينية لا ترى فيها العلمانية إلا كوابح دينية يجب تجاوزها وإلغاؤها، وبالتالي فلن يجد المسلم أين يضع ماله ولا حلالا يأكله.
وتبيح العلمانية للمرأة كشف مفاتنها وعورتها، وتبيح لها ممارسة الفاحشة برغبتها، فيتعرض المسلم للتحريش والإغواء والفتنة.
ولا يسمح في ظل النظام العلماني للمسلم منع ابنته من الاختلاط والتبرج، بل والعري التام، واتخاذ صديق لها تدخله معها منزل والدها المسلم، والويل للأب المسلم المسكين إن اعترض، فقوانين العلمانية صارمة في ردعه وتركه عبرة لأمثاله.
وللابن في ظل العلمانية اتخاذ الخليلات ومشاهدة أفلام الإباحة في منزل والده، الذي هو ملزم بالنفقة عليه. وليس أمام المسلم إلا طاعة المبادئ العلمانية والانصياع لها.
فكيف يقال إن حرية التدين مكفولة في ظل العلمانية؟
وأما الإعلام فسواء عرض أفلام الجنس أم عروضا نسائية عارية تماما فلا يحق للمسلم أن يعترض أو ينكر، وللإعلام الدفاع عن الدعارة باعتبارها نشاطا اقتصاديا مربحا، أو عرض أصناف الخمور والتحريض على شربها أو بيان أصناف طهي الخنزير.
وما على المسلم إلا الإذعان والاستسلام، وكل ما يمكنه فعله أن يردد: لا حول ولا قوة إلا بالله، إن تركت له العلمانية إيمانا يستطيع به فعل ذلك.
وأما الحديث عن تغيير المنكر فأحد المستحيلات العشر في دين العلمانية.