المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقف العلمانيين من نصر حامد أبي زيد - العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام

[مصطفى باحو]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌هل يمكن للمسلم المحافظة على دينه في ظل العلمانية

- ‌لا حجة في الوحي

- ‌الذئب الوديع:

- ‌استحالة اجتثاث الدين من المجتمع:

- ‌العلمانية ومحاربة التدين

- ‌يجب نقد الإسلام في حد ذاته، وهو واجب مقدس

- ‌نقض أصول الإسلام وطعن في الدين:

- ‌الإسلام عند أركون سلسلة من التلاعبات والاستخدامات الاستغلالية

- ‌والإسلام متعصب ويحتكر الحقيقة

- ‌يجب تفكيك كل العقائد والثوابت الإسلامية والإطاحة بها

- ‌تجاوز الدين والمفاهيم الدينية وإقصاؤها

- ‌السخرية والتكذيب والتشكيك بعقائد وشرائع وثوابت دينية

- ‌أصل الدين والإسلام

- ‌حقيقة الأسطورة:

- ‌الدين الإسلامي مليء بالأساطير

- ‌عيد الفطر وعيد الأضحى ما هما إلا تجسيد لأساطير قديمة

- ‌الدين وشرائعه مجرد تخيلات للبشرية

- ‌الإسلام ليس إلا عقائد يهودية ومسيحية وجاهلية وإغريقية، ألفها محمد وجمع بينها في إخراج من نوع خاص

- ‌الإسلام حزب هاشمي أسسه جد النبي عبد المطلب وأكمله محمد

- ‌العقائد الإسلامية

- ‌الله سبحانه

- ‌الملائكة

- ‌إبليس:

- ‌اليوم الآخر:

- ‌الصراط ونعيم الجنة

- ‌الطعن في الأنبياء

- ‌عقائد مختلفة:

- ‌يجب قلب العقائد الدينية رأسا على عقب:

- ‌الوحي ليس حقيقة بل مجاز فقط

- ‌الإسلام دين عربي ومحمد لم يبعث للناس كافة:

- ‌اعتقاد أن الإسلام هو الصحيح وباقي الأديان محرفة فكرة عنصرية:

- ‌القرآن الكريم

- ‌ بشرية القرآن

- ‌مع محمد أركون

- ‌عبد المجيد الشرفي

- ‌ تاريخية القرآن

- ‌المراد بتاريخية القرآن

- ‌ تاريخية القرآن نفسه

- ‌ تاريخية الأحكام

- ‌الهدف من التاريخية

- ‌ الطعن في ثبوت القرآن والزيادة والنقص فيه

- ‌ تكذيب نصوص القرآن

- ‌تكذيب خلق الله للكون:

- ‌التكذيب بقصص القرآن

- ‌تكذيب قصة الطوفان والسخرية منها

- ‌التكذيب بقصة أصحاب الكهف

- ‌ الطعن في القرآن:

- ‌القرآن عنيف ووحشي

- ‌اشتمال القرآن على الأساطير

- ‌العجيب المدهش:

- ‌القرآن نص مفتوح على جميع المعاني

- ‌ نقد القرآن لا فهم القرآن

- ‌أهداف النقد:

- ‌نماذج من النقد التاريخي للقرآن:

- ‌السنة

- ‌النبوة

- ‌لم ينفع الأنبياء بشيء

- ‌بل أضر الأنبياء بالبشرية

- ‌النبي محمد زعيم حزب سياسي هاشمي

- ‌والإسلام ليس إلا نسخة معدلة من اليهودية والنصرانية، خطط لها مسيحيون وحنفاء:

- ‌طعون حقيرة في النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الدفاع عن سلمان رشدي الذي طعن في النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌نفي أمية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ختم النبوة

- ‌العبادات

- ‌الكعبة المشرفة وطقوس الحج رمز للجنس، بل ولعبادة الجنس:

- ‌المعاملات

- ‌قانون الإرث

- ‌الجزية ليست إسلامية

- ‌الجهاد طائفي عنصري همجي ذو أغراض دنيوية محضة

- ‌لا داعي للخوف من الزنا

- ‌الربا حلال حلال

- ‌شهادة المرأة

- ‌القانون الجنائي الإسلامي قانون همجي وحشي

- ‌الدية

- ‌موقف الإسلام من المرأة عنصري

- ‌الحجاب والعورة والعفة مفاهيم بالية، يجب تجاوزها

- ‌الاختلاط

- ‌المساواة التامة بين الرجل والمرأة

- ‌من صور التمييز ضد المرأة:

- ‌أحكام الزواج والطلاق

- ‌تعدد الزوجات

- ‌شرب الخمر وأكل الدم ولحم الخنزير شأن خاص

- ‌أحكام أخرى مختلفة

- ‌الأخلاق

- ‌علوم الإسلام

- ‌علم الفقه الإسلامي:

- ‌علم التفسير:

- ‌علم السيرة النبوية:

- ‌علم العقيدة وعلم الكلام

- ‌علم أصول الفقه

- ‌الإجماع

- ‌القياس

- ‌النسخ

- ‌قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

- ‌مقاصد الشريعة

- ‌موقف العلمانيين من علماء الأمة

- ‌لا فرق بين العلماء الرسميين ولا بين معتدل ومتشدد

- ‌ الصحابة الكرام:

- ‌الخلفاء الراشدون

- ‌أبو بكر الصديق

- ‌عمر بن الخطاب

- ‌عثمان بن عفان

- ‌عائشة أم المؤمنين

- ‌أبو هريرة

- ‌ابن عباس

- ‌أسامة بن يزيد ومن معه من الصحابة

- ‌عثمان والزبير وأبو بكر وطلحة وعبد الرحمن بن عوف

- ‌عطارد بن حاجب بن زرارة

- ‌علماء الإسلام

- ‌الإمام الشافعي

- ‌ابن تيمية

- ‌المجتهدون الجدد

- ‌الإسلاميون

- ‌تاريخ الإسلام تاريخ قتل ونهب وإبادة

- ‌وشهد شاهد من أهلها

- ‌العلماني صنيعة الغرب

- ‌فقدت العلمانية مصداقيتها حسب العلماني علي حرب

- ‌دفاع العلمانيين عن أنظمة دكتاتورية

- ‌مشاريع العلمانيين أسطورية ووهمية

- ‌الخطابات العلمانية محكومة بسلف

- ‌العلمانية تقوم على إقصاء الآخر ونفيه

- ‌العلمانيون سلطويون مصلحيون استبداديون

- ‌الخطاب العلماني يتستر خلف شعارات لتحقيق أهدافه

- ‌العلمانيون العرب مقلدون مستنسخون

- ‌من صفات العلمانيين

- ‌العلمانية في شقها الماركسي بشهادة علمانيين ماركسيين وغيرهم:

- ‌رأي العلمانيين في فؤاد زكريا

- ‌موقف العلمانيين من نصر حامد أبي زيد

- ‌موقف العلمانيين من صادق جلال العظم

- ‌موقفهم من أركون

- ‌حسن حنفي:

- ‌طيب تيزيني

- ‌محمد عابد الجابري

- ‌عبد الله العروي

- ‌علمانيون آخرون

- ‌المراجع

الفصل: ‌موقف العلمانيين من نصر حامد أبي زيد

الجديدة التي تحتمي بالعقلانية والتنوير (1).

وقال: إلا أن محاولة فؤاد زكريا ظلت غارقة في أوحال الإيديولوجيا والأحكام المسبقة (2).

‌موقف العلمانيين من نصر حامد أبي زيد

.

ذكر تركي علي الربيعو أن أبا زيد في قراءته للخطاب الديني لم يتحر الدقة والموضوعية، بل ظلت أسيرة السياق الذي يحكمها، أي: جو المعركة الذي يدفعنا إليه أبو زيد، لذلك ليس غريبا أن تتصدر أحكام القيمة الكثير من تحليلات أبي زيد، وأن تتوسطه لتحول بينه وبين إصدار المزيد من أحكام القيمة التي تطال مجمل الخطاب الديني معتدله بمتطرفه يمينه بيساره

فالكل سواسية من وجهة نظره التي تحشر الجميع تحت سقف واحد (3).

وزاد: إنه يأخذ الكل بجريرة البعض، ويقيس الكل على البعض عبر مسطرة إيديولوجية لا تقبل إلا بنفي الآخر.

وزاد واصفا هذا بديكتاتورية فكرية (4).

وقال: إن الوعي العلمي بالتراث عند الباحث لا يزيد عن كونه وعيا إيديولوجيا أو تجديدا ومبايعة إيديولوجية لإيديولوجيا مضت وانقضت (5).

قال: إن القراءة الإيديولوجية في خطاب أبو زيد هي التي تدفعه للخفة

(1) نفس المرجع (74).

(2)

نفس المرجع (85).

(3)

الحركات الإسلامية (133).

(4)

نفس المرجع (134).

(5)

نفس المرجع (155).

ص: 352

والتهور، على حد تعبير علي حرب، وذلك عندما يقول إن النص منتج ثقافي (1).

وقال: ولكن خطاب أبو زيد ظل محكوما بتحاليل سائدة في صفوف المتياسرين العرب على حد تعبير محمد عابد الجابري تحليلات حجبت الواقع لصالح الإيديولوجيا اليسراوية المتخشبة التي ما ملت على مدى عقود من عرض بضاعتها المغشوشة (2).

وذكر أن نصرا أبا زيد محكوم في كتابه مفهوم النص بهاجس سياسي، لنقل بهاجس سحب البساط من تحت أقدام الحركات الإسلامية السياسية

بمعنى أنه لم يأت بالجديد هنا وظل أسير التصورات الماركسية الأرثوذكسية عن النص التي ترى النص انعكاسا للواقع، وهذا ما تجاوزته العلوم الإنسانية، وكذلك في كتابه التفكير في زمن التكفير، 1995 الذي هو مجموعة من الشتائم لمناوئيه (3).

وقال: من هنا يمكن القول إن أبو زيد لا يهدف إلى إقناعنا، بل إلى ضرب من التشويش الإيديولوجي الذي لا يستهدف بدوره الوعي، بل التحزب، وهذه هي شيمة الخطاب العربي المعاصر، الذي ما انفك عن توليد المزيد من «الميلشيات الفكرية» بعدتها الجاهزة وأسلحتها المفلولة ومناظيرها النظرية التي تحتاج إلى تغيير (4).

وقال عن قراءة أبي زيد للخطاب الديني: إن قراءته إيديولوجية وليست تشخيصية تبحث عن نقاط قوة وضعف هذا الخطاب إنه يركز فقط على ضعف

(1) نفس المرجع (154).

(2)

نفس المرجع (142).

(3)

نفس المرجع (253).

(4)

الحركات الإسلامية (138 - 139).

ص: 353

الخطاب للقول بأنه متهافت، وهي المفردة التي تحضر كثيرا في القراءات الإيديولوجية، ومنها قراءة نصر حامد أبو زيد (1).

وقال عن عدم تفريق أبي زيد بين المعتدل في الخطاب الإسلامي والمتطرف وبين المتحزب والمستقل أنه لا يستقيم إلا بالاعتماد على ما سماها إدوارد سعيد ذات مرة بـ «الخردة الإيديولوجية» التي تسوق أمامها اتهامات أكثر منها تحاليل (2).

وقال: في رأيي إن مفاتيح أبو زيد في مقاربته لآليات الخطاب الديني، هي عموميات تستند في قاعها على أحكام قيمة سلبية وعلى «خردة إيديولوجية» (3).

وقال علي حرب: إنه يصدر من ماركسية متحجرة (4).

وقال عن مشروعه: فليس سوى تعامل أسطوري أو إيديولوجي مع الظاهرة الدينية والعقيدة الإسلامية (5).

يغلب على الخطاب العلماني ما سماه ميشيل فوكو «إرادة الإيديولوجيا» التي نحَّت جانبا إرادة المعرفة لصالح المواقف المجتزأة والمؤدلجة في قراءة التراث، كما قال الربيعو (6).

وعليه فيمكن إجمالا القول بأن مجمل الدراسات العلمانية محكومة بإرادة سياسية وإرادة إيديولوجية، لا بإدارة المعرفة: الإرادة السياسية القائمة على

(1) نفس المرجع (140). وانظر (141) منه.

(2)

نفس المرجع (136).

(3)

نفس المرجع (138).

(4)

الممنوع والممتنع (64).

(5)

أوهام النخبة (103).

(6)

الحركات الإسلامية (144).

ص: 354

الإقصاء والنبذ وكيل أشنع التهم الرخيصة التي تؤول إلى النفي والطرد والإقصاء، وإرادة إيديولوجية مسبقة تتحكم في القراءة وتوجهها وفق أهداف محددة.

وقال الربيعو: فقد فرض المتنورون العرب سياجا دوغمائيا من حول خطابهم التنويري، سياجا يحول دون كل نقد أو حفريات في خطاب التنوير، وظل خطابهم مسيجا بالأحكام الإيديولوجية والدوغمائية التي تعتمد التعميم والخطابة المضاعفة (1).

وقال إلياس قويسم: إنه هاجس يحكم نصر حامد وهو التخلص من سلطة النص حتى يكون حداثيا، لكن هل يكفي للمرء الجهر بذلك حتى يكون كما يدعي؟، لابد من التطبيق، ونصر حامد يفتقر إلى ذلك لأنه يتعامل مع مقولاته التطورية بمنطق دوغمائي، يكشف عن أصوليته، لأنه قد جعل من قواعده المعرفية صنما مقدسا عوض بها غيبة الإله عنده. فهو يريد التشبث بشرعية الواقع وحاكميته على النص، لذلك فهو يريد استفزاز كل العناصر ذات الجذر الواقعي قصد تثوير المنظومة السلفية (2).

وقال: من ثم أخلص إلى رأي أن نصر حامد يجرم أنصار العودة إلى التراث إلى الماضي، نظرا لأنه يعتبر أن الحركة دائمة إلى الأمام، فالبحث عن النموذج يكون في حقل المستقبل لا في رفوف الماضي، وهذا تشريع منه لنفي الثوابت والتيه في مناكب المستقبل (3).

(1) نفس المرجع (131).

(2)

استبدال هويّة النصّ القرآني، نسخة رقمية.

(3)

نفس المرجع.

ص: 355

وقال: بذلك نعود ونقول أن نصر حامد قد شرع لفلسفة الضياع تحديا لمشروع السلف القائم على ثوابت مرجعية (1)

وقال: إن هذه النتيجة تدفعني إلى القول أن نصر حامد، قد استخدم منهجا ألسنيا يتوافق ومراميه الإيديولوجية، فالسيميوطيقية تخفي وراءها قراءتها الإيديولوجية المتجسدة في الماركسية/ المادية، لذلك أعيد القول أن نصر حامد قد وظف آليات هذا المنهج قصد تقويض النظرة الدينية-السلفية من خلال التشكيك في الروايات والأسانيد، بذلك انشد بأصولية مفرطة إلى الواقع وتناسى «وجود النص» حيث عمد إلى تغييبه في غمرة إعلائه لشأن الواقع ودفاعا عن موقفه الإيديولوجي المتيم باكتشاف الواقع المقصى -في نظره-في المنظومة السلفية (2).

وقال: النتيجة التي نصل إليها بعد هذه الدراسة هي «الأصولية المنهجية» لنصر حامد من خلال تمسكه الدوغمائي بالمنهج الأدبي في تعامله مع النص القرآني، فهو يتعامل مع أصوله ومناهجه كأقانيم معرفية أزلية لا يطالها التغيير أو التحوير، فغدت أصناما لها قداستها، وهنا بالضبط تكمن نقطة ضعفه، لأن مع توظيف منهج واحد في دراسة ظاهرة متشعبة، ستتراءى لنا العديد من الفراغات والنتوءات في نتائج الدراسة (3).

وقال إلياس قويسم: أما ما عاداها فهي قراءة إيديولوجية-ميتة للنص القرآن! إن نصر حامد لم تسعفه الأدلة العلمية-الموضوعية لتثبيت منهجيته فعرج على الأدلة

(1) نفس المرجع.

(2)

استبدال هويّة النصّ القرآني، نسخة رقمية.

(3)

نفس المرجع.

ص: 356

الإيديولوجية-التهجمية قصد اتهام الغير وتبرئة الأنا (1).

وقال: إن هذا التشكيك في صحة الروايات واتهام السلف بفقدان النهج النقدي، هو دليل على أصولية نصر حامد، فعجز نصر حامد على البحث في الواقعة، وإخضاعها للمنهج التاريخي-المادي والتعامل معها بنفس المنهج الذي يتعامل به مع سائر الوقائع والأحداث، فهذه الواقعة هي واقعة مفارقة لا يستطيع المنهج التاريخي أن يتأكد من صحتها نظرا للاختلاف القائم بين الواقعة والمنهج، إن عجز نصر حامد لا يعدو أن يكون عجزا علميا، أي: عجزا في قدراته وآليات البحث المُتَوَسَل بها، كذلك يعود عجزه إلى وجود هدف خفي يقوده وهو الواقعية، لذلك كان الهدف الذي يسعى إليه هو الانتصار للنزعة الاعتزالية (2).

وقال: فمنهج نصر حامد هذا في التعامل مع الأحاديث يشبه تعامل المستشرقين معها، إنها إرادة منه للانتصار لموقفه الاعتزالي-المادي، من ثم تسقط دعوة الفهم العلمي للنص (3).

وقال: بذلك يكون نصر حامد-كما سنرى في الباب الثاني-قد شرّع لدهرية، لواقع التيه والضياع نظرا لعدم وجود ضوابط وثوابت يرتكز عليها الإنسان، هذا نموذج من تنسيب الدلالة، ومازالت النماذج كثيرة في مصنفاته (4).

وقال: لكن هذا التوظيف من قبل نصر حامد وتأكيده على مبدأ المواطنة، الذي يعوض التصور الديني لمراتب البشر، يتناسى في غمرة الاحتفاء بهذا المبدأ أن هذه المنظومة لحقوق الإنسان والمواطن قد قامت لحماية مصالح البرجوازية،

(1) رؤية معاصرة لعلوم القرآن، نسخة رقمية.

(2)

رؤية معاصرة لعلوم القرآن، نسخة رقمية.

(3)

نفس المرجع.

(4)

نفس المرجع.

ص: 357

أي أنها في الأخير حقوق فئوية، بهذا المعنى سيسقط نصر حامد في نفس المأزق الذي اتهم به النسق القرآني وهو النظرة الدونية (1).

وقال: فنصر حامد

يجعل كل ما هو متصل بالغيب من قبيل خصوصية الواقع الثقافي السائد في الماضي، أما مع ولادة العقل العلمي فلا وجود لمثل هذه الخرافات والأساطير والغيبيات، بهذا يجوز لنا القول أن نصر حامد ينسف المنظومة الدينية-الغيبية السائدة الآن لأنها تحيل إلى المفارق فالصلاة والحج وغيرهما من العبادات لا مكان لها في واقع حديث يؤمن بالإحداثيّات الإمبيريقية، فهي قد لبّت حاجيات الواقع التاريخي أما الآن فنحن في غنى عنها بهذه الصفة، لأن العقل قد أخذ مكان الإله في هذا العالم الواقعي (2).

وقال: بذلك أصبح البحث عن الجذور الأنتروبولوجية التاريخية للنص القرآني، وذلك لأجل الخلوص إلى تطورية الواقع، من خلال تجاوز الذهنية القروسطية المؤسسة أساسا على الخرافات والخيال والسحر والحسد والشياطين والجن: الكائنات الخرافية الأسطورية (3).

وقال: يريد نصر حامد نسف المنظومة السلفية من خلال جعلها تنتمي إلى الماضي، أي أن آلياتها الفكرية لا تستحق أن تسود نظرا لأنها تجذب الفكر والمجتمع إلى الوراء إلى لغة قديمة تؤمن بالسحر والخرافة (4).

وقال إلياس قويسم كذلك: هذا في نظري تلفيق منهجي من طرفه، نظرا لعداوته

(1) نفس المرجع.

(2)

رؤية معاصرة لعلوم القرآن، نسخة رقمية.

(3)

نفس المرجع.

(4)

نفس المرجع.

ص: 358

الصريحة للسلف، وعدم قبوله لمنطقهم، لذلك راح يشكك في مصداقيتهم وإمكانياتهم المنهجية حتى يتسنى له بعد هذه الخلخلة في حقل السلف تنصيب منهجيته كبديل علمي وعقلي لهذه المنهجية المتهافتة التي لم تؤت أكلها (1).

وقال: هذا خطاب المفكر المعاصر دليل على تأدلج أفكاره وتبعية المغلوب لمنطق الغالب، لذلك يسعى إلى نقض أحكام نصوصه بدعوى التحديث، والحال أنه يسعى إلى اختزال النص من خلال نسخ هذا وإبطال ذاك، وهو يُلبِس هذا الفعل إهاب الإسلام والدفاع عنه، لكن الحقيقة خلاف ذلك، لأن هناك ماهو مصرح به وهذا في حقيقته قناع يحجب المخفي من القول وهو المراد، لكن يتوسل بتقية الخوارج حتى يضمن لرأيه الرواج، فهو في الأخير نوع من المخاتلة (2).

وقال إلياس قويسم: هذا دليل على غربة المفكر الحديث فهو لم يجد ذاته، فراح يبحث عنها عند «الآخر» فتبنى فكره وأقانيمه وأطروحاته ظنا منه أنه اكتشف ذاته والحال أنه أهدرها باتباعيته له، فهو حينما قام بتصفية حساباته مع الكنيسة فعل المفكر العربي مثله من خلال دراسته للنص القرآني

(3).

وقال: تلك هي قراءة نصر حامد لبعض علوم القرآن، إنها دعوة صريحة من طرفه لنسخ النص وتجاوزه بدعوى إلزامية الواقع، من ثم يهدر كينونة النص التي يسعى إلى إرجاعها، نظرا لتمسكه بمقولة الواقع (4).

(1) نفس المرجع.

(2)

نفس المرجع.

(3)

نفس المرجع.

(4)

نفس المرجع.

ص: 359