المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الصحابة الكرام: - العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام

[مصطفى باحو]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌هل يمكن للمسلم المحافظة على دينه في ظل العلمانية

- ‌لا حجة في الوحي

- ‌الذئب الوديع:

- ‌استحالة اجتثاث الدين من المجتمع:

- ‌العلمانية ومحاربة التدين

- ‌يجب نقد الإسلام في حد ذاته، وهو واجب مقدس

- ‌نقض أصول الإسلام وطعن في الدين:

- ‌الإسلام عند أركون سلسلة من التلاعبات والاستخدامات الاستغلالية

- ‌والإسلام متعصب ويحتكر الحقيقة

- ‌يجب تفكيك كل العقائد والثوابت الإسلامية والإطاحة بها

- ‌تجاوز الدين والمفاهيم الدينية وإقصاؤها

- ‌السخرية والتكذيب والتشكيك بعقائد وشرائع وثوابت دينية

- ‌أصل الدين والإسلام

- ‌حقيقة الأسطورة:

- ‌الدين الإسلامي مليء بالأساطير

- ‌عيد الفطر وعيد الأضحى ما هما إلا تجسيد لأساطير قديمة

- ‌الدين وشرائعه مجرد تخيلات للبشرية

- ‌الإسلام ليس إلا عقائد يهودية ومسيحية وجاهلية وإغريقية، ألفها محمد وجمع بينها في إخراج من نوع خاص

- ‌الإسلام حزب هاشمي أسسه جد النبي عبد المطلب وأكمله محمد

- ‌العقائد الإسلامية

- ‌الله سبحانه

- ‌الملائكة

- ‌إبليس:

- ‌اليوم الآخر:

- ‌الصراط ونعيم الجنة

- ‌الطعن في الأنبياء

- ‌عقائد مختلفة:

- ‌يجب قلب العقائد الدينية رأسا على عقب:

- ‌الوحي ليس حقيقة بل مجاز فقط

- ‌الإسلام دين عربي ومحمد لم يبعث للناس كافة:

- ‌اعتقاد أن الإسلام هو الصحيح وباقي الأديان محرفة فكرة عنصرية:

- ‌القرآن الكريم

- ‌ بشرية القرآن

- ‌مع محمد أركون

- ‌عبد المجيد الشرفي

- ‌ تاريخية القرآن

- ‌المراد بتاريخية القرآن

- ‌ تاريخية القرآن نفسه

- ‌ تاريخية الأحكام

- ‌الهدف من التاريخية

- ‌ الطعن في ثبوت القرآن والزيادة والنقص فيه

- ‌ تكذيب نصوص القرآن

- ‌تكذيب خلق الله للكون:

- ‌التكذيب بقصص القرآن

- ‌تكذيب قصة الطوفان والسخرية منها

- ‌التكذيب بقصة أصحاب الكهف

- ‌ الطعن في القرآن:

- ‌القرآن عنيف ووحشي

- ‌اشتمال القرآن على الأساطير

- ‌العجيب المدهش:

- ‌القرآن نص مفتوح على جميع المعاني

- ‌ نقد القرآن لا فهم القرآن

- ‌أهداف النقد:

- ‌نماذج من النقد التاريخي للقرآن:

- ‌السنة

- ‌النبوة

- ‌لم ينفع الأنبياء بشيء

- ‌بل أضر الأنبياء بالبشرية

- ‌النبي محمد زعيم حزب سياسي هاشمي

- ‌والإسلام ليس إلا نسخة معدلة من اليهودية والنصرانية، خطط لها مسيحيون وحنفاء:

- ‌طعون حقيرة في النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الدفاع عن سلمان رشدي الذي طعن في النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌نفي أمية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ختم النبوة

- ‌العبادات

- ‌الكعبة المشرفة وطقوس الحج رمز للجنس، بل ولعبادة الجنس:

- ‌المعاملات

- ‌قانون الإرث

- ‌الجزية ليست إسلامية

- ‌الجهاد طائفي عنصري همجي ذو أغراض دنيوية محضة

- ‌لا داعي للخوف من الزنا

- ‌الربا حلال حلال

- ‌شهادة المرأة

- ‌القانون الجنائي الإسلامي قانون همجي وحشي

- ‌الدية

- ‌موقف الإسلام من المرأة عنصري

- ‌الحجاب والعورة والعفة مفاهيم بالية، يجب تجاوزها

- ‌الاختلاط

- ‌المساواة التامة بين الرجل والمرأة

- ‌من صور التمييز ضد المرأة:

- ‌أحكام الزواج والطلاق

- ‌تعدد الزوجات

- ‌شرب الخمر وأكل الدم ولحم الخنزير شأن خاص

- ‌أحكام أخرى مختلفة

- ‌الأخلاق

- ‌علوم الإسلام

- ‌علم الفقه الإسلامي:

- ‌علم التفسير:

- ‌علم السيرة النبوية:

- ‌علم العقيدة وعلم الكلام

- ‌علم أصول الفقه

- ‌الإجماع

- ‌القياس

- ‌النسخ

- ‌قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

- ‌مقاصد الشريعة

- ‌موقف العلمانيين من علماء الأمة

- ‌لا فرق بين العلماء الرسميين ولا بين معتدل ومتشدد

- ‌ الصحابة الكرام:

- ‌الخلفاء الراشدون

- ‌أبو بكر الصديق

- ‌عمر بن الخطاب

- ‌عثمان بن عفان

- ‌عائشة أم المؤمنين

- ‌أبو هريرة

- ‌ابن عباس

- ‌أسامة بن يزيد ومن معه من الصحابة

- ‌عثمان والزبير وأبو بكر وطلحة وعبد الرحمن بن عوف

- ‌عطارد بن حاجب بن زرارة

- ‌علماء الإسلام

- ‌الإمام الشافعي

- ‌ابن تيمية

- ‌المجتهدون الجدد

- ‌الإسلاميون

- ‌تاريخ الإسلام تاريخ قتل ونهب وإبادة

- ‌وشهد شاهد من أهلها

- ‌العلماني صنيعة الغرب

- ‌فقدت العلمانية مصداقيتها حسب العلماني علي حرب

- ‌دفاع العلمانيين عن أنظمة دكتاتورية

- ‌مشاريع العلمانيين أسطورية ووهمية

- ‌الخطابات العلمانية محكومة بسلف

- ‌العلمانية تقوم على إقصاء الآخر ونفيه

- ‌العلمانيون سلطويون مصلحيون استبداديون

- ‌الخطاب العلماني يتستر خلف شعارات لتحقيق أهدافه

- ‌العلمانيون العرب مقلدون مستنسخون

- ‌من صفات العلمانيين

- ‌العلمانية في شقها الماركسي بشهادة علمانيين ماركسيين وغيرهم:

- ‌رأي العلمانيين في فؤاد زكريا

- ‌موقف العلمانيين من نصر حامد أبي زيد

- ‌موقف العلمانيين من صادق جلال العظم

- ‌موقفهم من أركون

- ‌حسن حنفي:

- ‌طيب تيزيني

- ‌محمد عابد الجابري

- ‌عبد الله العروي

- ‌علمانيون آخرون

- ‌المراجع

الفصل: ‌ الصحابة الكرام:

ويتقارب أسلوب القمني مع فرج فودة في الإسفاف بالآخر وتحقيره واتهامه وإدانته، بل الكلام على مخالفيه كأنهم مجموعة من الحشرات الضارة، لابد من مبيد حشري بالغ السُّمية للقضاء عليها وإبادتها وإراحة البلاد والعباد منها.

وأغلب كتب الرجلين على هذا المنوال كقبل السقوط وحوار حول العلمانية ونكون أو لا نكون والحقيقة الغائبة لفرج فودة وأهل الدين والديمقراطية وانتكاسة المسلمين وشكرا ابن لادن للقمني.

فما عدا العلماني فهو شرير وحقير وظلامي ومستبد وسفاك للدماء وخطر يتهدد الأرض والسماء.

وقد أصيب بهذه اللوثة بعض المغاربة فكتبوا على صفحات الجرائد العلمانية من هذا العهر الفكري ألوانا، ونشروا من هذا الخنا الثقافي أفنانا.

ويغيب عن كتاباتهم وكتابات شيخهم فودة والقمني البحث العلمي الأكاديمي والمقاربة المنهجية، وغالبها تهريج واستهزاء وسخرية، والتقاط قمامات من التاريخ لترويج أن الإسلام لم يجئ إلا بالقتل والدم والهمجية والوحشية.

ثم بعد ذلك يطلب العلمانيون من الإسلاميين قبول الآخر والتعايش والحوار بالتي هي أحسن.

ولنذكر الآن أصنافا لهذه الدعارة الفكرية لدى التيار العلماني:

1 -

‌ الصحابة الكرام:

أغلب اتهامات العلمانيين وطعونهم في الصحابة لا تستند إلا لمجرد الهوى والحقد الدفين على الإسلام وأهله.

ويستند بعضهم في بعض طعونهم في الجيل الأول الذي رباه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أخبار مذكورة في كتب التواريخ والسير، أغلبها لا يصح.

ص: 295

وقد جرت عادة المؤرخين رواية كل ما سمعوه ووجدوه عند شيوخهم بغض النظر عن صحته، فإذا وقف عليها الناقد الخبير، لا الانتهازي المترصد، ميّز الصحيح منها من الض

فإن كان ممن يقتات على القمامة، فلن يسيل لعابه إلا على أكثرها تعفنا وأشدها حموضة.

فلا يكفي عند حكاية أية رواية من تاريخ الطبري وابن كثير وابن سعد ونحوها الاحتجاج بها دون النظر في سندها، وإلا صارت من الصحاح المتفق عليها. فالدراسة النقدية تلزم الباحث عند أخذ أيّ نص منها النظر في صحة سنده، ثم في صحة متنه وبعده عن تلفيقات الإخباريين وهوسهم التي مكانها المسامرات والنوادي لا البحث العلمي. نقول هذا للعقلاء كي يميزوا، أما من لا تطيب نفسه إلا بالقمامة، وكلما كانت رائحتها أشد كانت أحلى عنده، فلا ينفع معه كلام.

وإذا كانت كتب الحديث والفقه وعلوم القرآن ليس كل ما فيها صحيحا، بل فيها الصحيح والضعيف والساقط والواهي، فما بالك بكتب التواريخ والسير؟

لهذا وقطعا لطريق العلمانيين في هذا الباب رأيت أن أفرد مسألتين هامتين بالتأليف، حاول العلمانيون الولوج منها للتشكيك في قرآننا ونشر الأكاذيب عن صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم.

الأول: نقد الأخبار الواردة في جمع المصحف وتدوينه. دراسة حديثية نقدية.

الثاني: نقد الأخبار الواردة في الخلافة الراشدة. دراسة حديثية نقدية.

ولحسن الحظ هذا علماني ينكر على إخوانه هذه الفعلة، قال محمد نور فرحات في البحث عن العقل (38 - 39): والذين يستشهدون من التاريخ الإسلامي

ص: 296

بمشاهد الأخطاء أو العثرات لإدانة هذا التاريخ مخطؤون بطبيعة الحال، إذ ينطلقون من استشهاداتهم بتعميمات غير علمية وغير مقبولة.

ولنبدأ بسرد اتهامات سيد القمامة.

قال القمني عن الصحابة: هؤلاء القوم باعوا الدين مبكرين للسلطان، ولا تعلم كيف يصدقهم المسلمون اليوم ويتبعونهم في خيانة كارثية للإسلام ونبيه .. إلى آخر كوارثه (1).

وذكر أن الصحابة قاموا باستثمار انتهازي للدين من أجل مكاسب دنيوية بحت يوم السقيفة. وزاد: وكان أول المستثمرين هم صحابة النبي المقربون، وهم من فتح الباب لاستثمار دين الله لأهداف دنيوية بحت (2).

هكذا يقول القمني عمن قال الله فيهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} الفتح18.

وقال: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة100.

وقال: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} الحشر8.

وذكر القمني أن أول استثمار انتهازي للدين قام به أبو بكر الصديق لما استغل الموضوع فاحتج بحديث الخلافة في قريش، الذي احتفظ به سرا حتى حان أوانه

(1) انتكاسته (210).

(2)

انتكاسته (199).

ص: 297

فأفتى به (1).

ونزف للجهول أن الحديث لم ينفرد به أبو بكر، فقد ورد حديث الأئمة من قريش من حديث أبي برزة الأسلمي وأنس بن مالك وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وعتبة بن عبد ومعاوية وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وجابر بن سمرة وغيرهم. كما قد بينت ذلك بتفصيل في كتابي الجامع الصحيح لأحاديث العقيدة 3/ رقم: 1278 - فما بعد.

وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (4/ 42): وقد جمعت طرقه في جزء مفرد عن نحو من أربعين صحابيا.

وقال سيد القمامة عن كبار الصحابة: وكيف كانوا أول من خالف نصوصا واضحة قاطعة ثابتة لا متشابهة ولا منسوخة. بل خرجوا عليها وألغوا العمل بما لم يعد يناسب الزمان منها، حتى إن بعضهم خالفها لمصالحه الشخصية ومكاسبه الدنيوية علنا ودون مواربة. كذلك عطلوا أحكاما وألغوا فرائض وحرموا حلالا دون أن ينظروا قبل القرار في قواعد فقهائنا التي لم تكن قد اخترعت بعد

ووصل الرأي بكبار الصحابة إلى تعطيل حدود ومخالفة نصوص قاطعة بل والعمل بعكسها دون عبرة بفقه الثبات وقواعده الدموية، فلم يلتزموا شروطا لما يفعلون سوى المصلحة بغض النظر عن قول النص في الأمر (2).

وقال: أيضا لا تعرف أين تضع العهود التي نكثها الصحابة والرؤوس التي

(1) نفس المرجع (199).

(2)

شكرا ابن لادن (104 - 105).

ص: 298

قطعوها وطافوا بها في البلاد (1).

وقال: إن أفعال الصحابة والتابعين لم تكن كلها لصالح البلاد والعباد فعملوا بالرأي والتأويل إنما لجأوا للرأي أو التأويل أيضا لأغراض شخصية ومنافع دنيوية أوقعوا بسببها المظالم الفادحة بصحابة آخرين، بل وبحق شعوب بكاملها (2).

وقال: فركبوا (أي: الصحابة) على موازين العدل الإلهي وغشوها لتعمل وفق رغباتهم ومصالحهم وأهوائهم (3).

ثم وصفهم بالصراعات الدموية والظلم (4).

وقال: وعلينا ألا ننسى أن الصحابة بشر كان فيهم الصالح والطالح، الصادق والكاذب، صادق الإيمان والمنافق، الأمين واللص النهاب، وكان فيهم سارق بيت المال وهو أمين عليه، ومنهم من تآمر على الآخرين، ومنهم من اغتالوا بعضهم وحاربوا بعضهم على أموال الدنيا وجاهها ووجاهتها، واكتنزوا الذهب والفضة وأثروا ثراء فاحشا بنهب أموال الناس (5).

وذكر أن الصحابة خالفوا في أحيان كثيرة النصوص القرآنية لمصالح شخصية ومكاسب دنيوية (6).

(1) شكرا ابن لادن (100)

(2)

شكرا بن لادن (261).

(3)

نفس المصدر (261).

(4)

نفس المصدر (261).

(5)

نفس المصدر 262).

(6)

نفس المصدر (266).

ص: 299

وقال: بينما تصر الدول التي غزاها المسلمون الأوائل واحتلوها احتلالا استيطانيا وارتكبوا في حق أهلها من المظالم فوادحها. ومن التنكيل أفظعه، ونزحوا خيراتها إلى عاصمة الخلافة. وقضوا على لغاتها الأصلية التي وعاء حضارتها وماضيها كله، فانقطعت عن هذا الماضي الذي تم تكفيره واستبعاده بحسبانه تراثا وثنيا كافرا ليبدأ تاريخها مع تاريخ الاحتلال العربي المقدس لبلادها. وتمت أسلمة شعوبها، ولم يعط هذا الإسلام لمن أسلم درجة، بل ظلوا موالي في بلادهم للسادة العرب الفاتحين، أي: مواطنين درجة ثانية أو عاشرة في وطنهم، بينما أصبح المحتل الغازي هو المواطن السيد المتميز الأول (1).

وكل حرف من هذه الكلمات يشهد بافتراء القمني وكذبه، وليس هذا مجال شرح ذلك.

لأن مخازي هذا الحيوان لم يسمع بمثلها في الجنس البشري.

وصف سيد القمامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين زكاهم الله في القرآن بأنهم أصحاب حسابات المصالح والتحاسد والتباغض. وقال عما فعلوه يوم السقيفة لما بايعوا أبا بكر الصديق: فكلها كانت ابتعادا متواترا عن قرارات الإسلام ومسخا لمعنى الشورى وضحكا على ذقون المسلمين وتزييفا لوعيهم (2).

ولكرهه الشديد في الإسلام وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل مسلمي زماننا ممن هم على شاكلته على الصحابة الأوائل، وبيَّن وجه هذه الأفضلية بقوله: فمع كل الحضور القدسي (3) في مدينة النبي كان هناك اللصوص والكذابون والمنافقون والأفاقون والغدارون ومن كانوا يغتصبون الصحابيات (انظر ما ورد عن أسباط

(1) شكرا ابن لادن (166).

(2)

شكرا ابن لادن (286).

(3)

أي: الإلهي، أي: مع كون الله معهم.

ص: 300

بن نصر في السنن الصغرى للبيهقي) والزناة والذين كانوا يركبون نساء المجاهدين عند خروجهم للغزو (وهي المعروفة بمشكلة المغيبات، انظر السير الكبير للشيباني ج 1 ص 148 - 149) والسيوطي في جميع (1) الجوامع ج 3 ص 3103 و2114)، ومنهم من كان يتخابر لصالح المشركين (انظر تخابر حاطب بن أبي بلتعة: البخاري 74/ المغازي) وبعد زمن النبوة أثْرَوا ثراء فاحشا على حساب أرزاق أهالي البلاد المفتوحة وقتلوا بعضهم بعضا بوحشية صراعا على المال والسلطان. وإن آثام بعضنا اليوم بعد طول بعاد عن ذلك الزمن القدسي يجعلها لا تقارن بالمرة مع آثام ذلك الرعيل الأول (2).

يكفي الصحابة فخرا عدم وجود قمام مثلك فيهم. لأن القَمَّام من طبعه السطو والانتهازية واللؤم والغدر كما نشاهد ذلك في الضبع مثلا.

وأكد أن الصحابة كانوا يتحاربون على المال وعلى السيطرة على بيت المال (3). وأنهم كانوا سراقا لبيت مال المسلمين لما كانوا خزنته، ولما اكتشفهم عمر قاسمهم إياه، وذكر منهم: سعد بن أبي وقاص وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة والحارث بن كعب وعمرو بن العاص، وأنهم ضبطوا متلبسين واعترفوا عمليا بالجرم (4).

وقال عن كبار الصحابة الأقربين: ولو ذهبنا للزمن الخليفي حيث كبار الصحابة الأقربين بعد موت نبيهم لوجدناهم غير معتدين بالمرة بمبدأ الشورى

(1) كذا قال القمني. والصواب جمع.

(2)

شكرا ابن لادن (157).

(3)

انتكاسة المسلمين (361).

(4)

انتكاسة المسلمين (362).

ص: 301

كما لو كان غير مقرر بما نفهمه عنه فتولوا الخلافة بغير شورى بل بمصاحبة العنف عندما لزم الأمر (1).

وقال: وأفل مبدأ الشورى تماما مذ خالفه صحابة النبي الكبار عندما تعلق الأمر بكرسي الإمارة (2).

واتهم الأنصار بحسد بعضهم بعضا على تولي الإمارة، وزاد عن الأنصار والمهاجرين الذي حضروا السقيفة: ذهبوا إلى السقيفة يتبارون حول المنصب المأمول، تنابذوا فيها بعضهم مع بعض واستخدموا العنف الكلامي والجسدي ضد بعضهم البعض، وانشغلوا عن نبيهم يومين، وهم في أمرهم لاهون (3).

وقال عن الصحابة كذلك: إن الشأن كان شأن سياسة ودنيا وإمارة، فيها الصراع والنوازع البشرية، رغم أن كل طرف لبس رداء الإسلام ليمارس به سياسة الدنيا (4).

وقال عن حكاية إجماع الصحابة على قتال مانعي الزكاة: وأن هذا الإجماع كان لصالح فئات دون فئات ومسلمين دون مسلمين ومصالح دون مصالح وما قصد به وجه الله مما أحاطه بكثير من الشكوك والارتياب (5).

ولم نر للقمني أدنى اهتمام بالحزب الوطني الحاكم وطاغيته مبارك ونظامه الفاسد، في حين كتب الكثير عن الخلافة الإسلامية في عهد الخلفاء الأربعة وطعن

(1) شكرا ابن لادن (121). وانظر (94) منه.

(2)

شكرا ابن لادن (227).

(3)

شكرا ابن لادن (211).

(4)

شكرا ابن لادن (246).

(5)

شكرا ابن لادن (261).

ص: 302

في عشرات الصحابة الأجلاء. وها قد أسقط الشعب ذاك الجلاد الكبير قبل يومين 11/ 02/2011، واليوم الذي أكتب هذا هو 13/ 02/2011، رجعت قنوات إسلامية عديدة منها الرحمة والناس.

واتهم عبد المجيد الشرفي الصحابة بأنه نشأت فيهم طبقة من الأثرياء الجدد انحصرت في زعماء البيوتات القرشية التي أشرفت على حركة الفتح قيادة وتنظيما، وفي عدد من الأنصار وتفاقم كنز الذهب والفضة، ووقع تجميع لثراوت ضخمة تستفز الشعور الإسلامي وامتلاك أقلية للأراضي الشاسعة الخصبة التي تدر عليهم أموالا طائلة، وقد ظهر ذلك في تعالي مبانيهم وتأنقهم في اللباس وكثرة عبيدهم وجواريهم ووفرة مواشيهم من أمثال عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله بينما أغلب العرب والعجم فكانت تعيش ظروفا اقتصادية عسيرة (1).

وقال: وكان للعامل الاقتصادي دور لا يستهان به في الانحراف الذي لحق بتأويل الجيل الأول من المسلمين للرسالة وتجسيده إياها على أرض الواقع (2).

وذكر أن السلف أَوَّلوا الرسالة المحمدية بحسب مصالحه والصراعات الدنيوية الصرف التي كان منخرطا فيها انخراطا كليا (3).

وملأ خليل عبد الكريم كتابه «شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة» بالغمز واللمز والاتهامات الرخيصة في حق الصحابة الكرام رضوان الله عليهم -على رغم أنفه وأنف أمثاله-.

(1) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (113).

(2)

نفس المرجع (111).

(3)

نفس المرجع (126).

ص: 303

السفر الأول سماه «محمد والصحابة» أقتصر منه على قوله (183): مثل هؤلاء كانت تسيطر عليهم الغيبيات والماورائيات واللازمانيات والكائنات المستقرة في العوالم العليا، والتي هي بطبيعتها مفارقة للإنسان، والمخلوقات العجيبة المدهشة، مثل الجن والغول والعنقاء، وكانوا يؤمنون بالحسد والعين والنفث في العقد والرقى والتعاويذ والتمائم

إلخ. ومن كانت تلك حالتهم العقلية والفكرية والثقافية والمعرفية

تشيع بينهم الأساطير والتوهمات والتخيلات والقيم اللاعقلانية البعيدة عن المنطق أو ارتباط النتيجة بالسبب أو المعلول بالعلة وتتحكم في أفعالهم وإحجاماتهم الخشية الهائلة من المجهول المهيب والرهبة البالغة من غضب قوى لا تعرف كنهها، ولذا نراها تؤمن بالصدفة والحظ والبخت والنصيب. ولانتشار يقينهم في السحر كانوا يمارسون العمل والشبشبة والعكوسات (ج عكس) والنفث في العقد. وتقرأ في سيرهم أخبارا وحوادث مكدسة تؤكد إيمانهم المطلق بهذه الأمور واعتبارها حقائق مؤكدة لا يرقى إليها أي شك. ومثل ذلك المجتمع الساذج لا عجب أن يتشائم أفراده ويتفاءلون ويربطون كافة شؤون حياتهم بتلك المعتقدات. انتهى.

هذا هو مجتمع الصحابة في نظر مفتي الماركسية: مجتمع خرافات وسحر وشعوذة وكهانة!!!.

وفي السفر الثاني من كتابه المذكور الذي سماه "الصحابة والصحابة" حدثنا في مقدمته أنه كتبه بطريقة موضوعية وعلمية، أتدري ما هو بابه الأول؟ هو الصحابة والسب. خصصه لسجل الصحابة الكرام في سب بعضهم بعضا. والثاني الصحابة والقتل، أي: قتل بعضهم بعضا، والثالث الصحابة والمال، خصصه لبيان تهافت الصحابة على المال والغنائم والفيء وأنهم أثروا ثراءا فاحشا تحوم حوله شكوك،

ص: 304

وأنما يشاع عنهم من الزهد والتقلل من الدنيا غير صحيح بما فيهم العشرة المبشرون بالجنة. والرابع الصحابة وتملك القطاعات.

وذكر أبوابا أخرى مثل الصحابة والنكاح، وفيه ما يشيب المؤمن لهوله من السخرية والاحتقار الدنيء لذلك المجتمع الفاضل الطاهر.

وفي السفر الثالث الذي سماه «الصحابة والمجتمع» تحدث عن أشياء كثيرة منها الصحابة والخمر.

هذا هو البحث الموضوعي لدى الشيوعي الأحمر!!.

وفي كتابه «مجتمع يثرب» صور مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام مجتمع زنا واغتصاب ومفاخدة، مجتمع جنس لا أقل ولا أكثر.

وكأن مجتمع أحباره الشيوعيين مجتمع طهارة وتقوى!!!.

قال في الكتاب المذكور: «ولذلك لم يكن مفاجأة أن تحفل دواوين السنة وكتب السير والتواريخ وعلوم القرآن مثل أسباب النزول والناسخ والمنسوخ وتفسير القرآن

الخ بكم هائل من أخبار عن علاقات غير مشروعة مثل: الاغتصاب والزنا والدخول على المغيبات؛ وتجاوز الأوامر والنواهي الصريحة مثل الجماع في نهار رمضان وفي الإحرام في الحج وأثناء حيض الزوجة أو استحاضتها. وتلك التي لا تصل إلى حد اللامشروعية ولكنها تتنافى مع الحد الأدنى من الشعور الإنساني السوي مثل مجامعة جارية أو زوجة في ليلة وفاة زوجة أخرى، وفضح الزوجة لزوجها العنين على رؤوس الأشهاد حتى عرفت القرية (يثرب) كلها بالأمر وتصر على طلب الطلاق لأنها لا تطيق الصبر على المجامعة والمفاخذة ولا تضع في اعتبارها أن تظل معه ولو لمدة يسيرة عسى أن تكون عنته أمراً عارضا أو راجعة لعامل نفسي قد يزول بعد قليل!!!

واعتراف امرأة أو أكثر أنها رأت في الحلم زوجها ركبها وظل يدعكها حتى

ص: 305

ارتوت وأنزلت فما الحكم: هل تعتبر تلك جنابة فتغتسل منه

وأخرى تصيح بأعلى صوتها حتى يسمعها من يسير في الطريق متمنياً أن تغيب في أحضان فتى جميل وبينهما قنينة خمر معتقة لتتضاعف لذتها وتزداد متعتها!

وثالثة يروق لها أجير زوجها فترتمي بين ذراعيه ولا تتركه إلا بعد أن يقضي لها وطرها فيكتشف زوجها ذلك فيشكوهما!

ورجل تأتيه امرأة تبتاع (تشتري) منه تمرا فيحضنها ويقبلها!

وآخر وفي المشاعر المقدسة ينتهز فرصة نوم امرأة فيعتليها غير عابئ بحرمة الزمان أو المكان.

وثالث يأتمنه صاحبه على أهل بيته عند سفره ليراعيهم ويقضي حوائجهم فما أن يبعد حتى يهجم الصاحب على الزوجة منتوياً اغتصابه!!!

ورابع يقابل امرأة كانت بغياً فتابت وأقلعت فيراودها عن نفسها!

وفتى حسن الوجه جميل الطلعة فتن نساء يثرب فأمر به الحاكم فحلق شعر رأسه فازداد بهاء فتضاعف وله اليثربيات به فنفاه.

وهكذا وهكذا عشرات الصور التي حملتها كتب تلقتها «أمة الإسلام» بالقبول والتجلة أي: لا مطعن عليها -تقطع بأن «مجتمع يثرب» لم يتغير لا في قليل ولا كثير وأن العلاقة بين الرجل والمرأة هي علاقة ذكر وأنثى وأنها كانت المحور الذي يدور حوله ذلك المجتمع وأن محمداً بذل جهوداً تفوق طاقة البشر ليتسامى ذلك المجتمع بها ولكن لرسوخ ذلك النسق الاجتماعي وتجذره وضربه حتى الأعماق فيه هذا من جانب -ولقصر المدة التي قضاها محمد بين جنباته من جانب- ظل ذلك المجتمع على حاله ولم يتغير إلا بنسبة ضئيلة».

وهذه عينات يسيرة من قمامته:

وقال: وهذا يؤيد فكرتنا التي قلنا بها من أن اتصال الذكر والأنثى كان لديهم

ص: 306

من الشواغل الأثيرة حتى اللاتي لا يجدن ذلك متحققاً في واقع الحياة يرينه في الحلم.

وقال: ولم يقتصر الاحتلام على النسوان بل كان بعض الرجال يحتلم كان ذلك يحدث إذا اضطرته ظروف قاهرة للانفصال عن أنثاه مما يقطع بأن الاتصال بين الجنسين كان طقساً يمارسونه يوميا فإذا لم يتيسر لهم في اليقظة أي: في الواقع رأوه في المنام على سبيل التعويض. ولم تكن كل النساء اليثربيات يكتفين بالمفاخذة التعويضية التي تحدث في الأحلام بل كان بعضهن يمتلك حساً واقعياً لم يرض بما يراه أو حتى يحسه في الرؤية فكان يبحث عن الزواج أو النكاح بحثاً دؤوباً وفي عجلة ولهفة وينق عن الشاب الجلد الذي يروي الظمأ ويعطي المتعة ويعرض عن الشيخ الكبير حتى لو كان ذا مال.

وقال: ووقوع اختيار المرأتين على الشابين مؤشر واضح على قوة التماس بين الذكر والأنثى لديهن وهيمنته على وجدانهن وأنه الهاجس الوحيد الذي يتمركز في بؤرة الشعور.

وقال: وهو دليل دامغ على أن مسألة الملامسة بين الجنسين في «مجتمع يثرب» مسألة هامة وملحة لدى اليثاربة رجالا ونسوة.

وقال: وفي أحيان أخرى كانت المرأة في ذلك المجتمع لا تكتفي بقدرة الرجل على الركوب والمباطنة وكفايته في المجامعة والمفاخذة؛ بل كانت تشترط فيه أن يكون مليحاً وضيئاً حتى تكتمل لها المتعة أثناء الاعتلاء والامتطاء. كانت نزعة معافسة النساء لدى رجال «المجتمع اليثربي» من القوة بحيث دفعتهم إلى تحطيم الحواجز التي أقامتها النصوص المقدسة صراحة وبلا موارية مثل: من يظاهر من امرأته ثم يعتليها قبل التكفير، وآخر يركب زوجته وهي حائض أو

ص: 307

مستحاضة، وثالث يطؤها في نهار رمضان، ورابع ينكح امرأة أبيه أو يعاشرها دون عقدة نكاح وبتعبير الخبر «يدخل عليها» ، والمملوك الذي يشرع في مفاخذة جارية سيده بادئاً - كالعادة بتقبيلها وقد يحدث العكس: المرأة تسعى إلى أجير زوجها ليشبعها ويروي لها ظمأها لعجز زوجها عن ذلك .. الخ.

كل هؤلاء ذكوراً وإناثاً يعلمون علم اليقين أن الفعل الذي قارفوه حرمته عليهم الشريعة التي بلغها محمد نزعة التلاقي بالآخر تغلبهم وتقهرهم وتملك عليهم نفوسهم وعقولهم ووجدانهم وتعطل ملكة التفكير السديد عليهم فلا يرون في «النصوص المقدسة» إلا قيوداً تحول دون انطلاقهم.

وقال: ومما يؤكد أن دافع الالتقاء بالأنثى كان متقداً عند ابن الخطاب.

وقال: ولكن أصحاب النوازع المتوهجة في الالتقاء بالجنس الأخر مثل ابن الخطاب لم يعبأوا بهذا التحريم وتجاوزوه.

وقال: ونظراً لأن التقاء الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر طقس يومي من الطقوس الاجتماعية المعتادة في مجتمع يثرب فقد اضطر محمد دفعاً للحرج عن أصحابه أن يبيح لهم أن يسيروا في المسجد وهم جنب.

وقال: إن مفاخذة النسوان كانت لديهم هاجساً ملحاً يشغل عليهم حواسهم حتى في أحرج الأوقات؟

وقال: وهذه أمثلة فحسب تقطع بأن الزنا كان منتشراً في المجتمع اليثربي ولم تفلت منه الشابات حديثات السن، المخدرات في البيوت.

وقال: الأمر الذي يدل على انتشار تلك الظاهرة في عوالي المجتمع اليثربي وأسافله ويفسر لنا لماذا كانت الشابة حديثة السن تفعل ذلك لأنها كانت ترى

ص: 308