المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إلا محض خيال تغذّت بها الذاكرة القروسطية ذات النزعة التقليدية - العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام

[مصطفى باحو]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌هل يمكن للمسلم المحافظة على دينه في ظل العلمانية

- ‌لا حجة في الوحي

- ‌الذئب الوديع:

- ‌استحالة اجتثاث الدين من المجتمع:

- ‌العلمانية ومحاربة التدين

- ‌يجب نقد الإسلام في حد ذاته، وهو واجب مقدس

- ‌نقض أصول الإسلام وطعن في الدين:

- ‌الإسلام عند أركون سلسلة من التلاعبات والاستخدامات الاستغلالية

- ‌والإسلام متعصب ويحتكر الحقيقة

- ‌يجب تفكيك كل العقائد والثوابت الإسلامية والإطاحة بها

- ‌تجاوز الدين والمفاهيم الدينية وإقصاؤها

- ‌السخرية والتكذيب والتشكيك بعقائد وشرائع وثوابت دينية

- ‌أصل الدين والإسلام

- ‌حقيقة الأسطورة:

- ‌الدين الإسلامي مليء بالأساطير

- ‌عيد الفطر وعيد الأضحى ما هما إلا تجسيد لأساطير قديمة

- ‌الدين وشرائعه مجرد تخيلات للبشرية

- ‌الإسلام ليس إلا عقائد يهودية ومسيحية وجاهلية وإغريقية، ألفها محمد وجمع بينها في إخراج من نوع خاص

- ‌الإسلام حزب هاشمي أسسه جد النبي عبد المطلب وأكمله محمد

- ‌العقائد الإسلامية

- ‌الله سبحانه

- ‌الملائكة

- ‌إبليس:

- ‌اليوم الآخر:

- ‌الصراط ونعيم الجنة

- ‌الطعن في الأنبياء

- ‌عقائد مختلفة:

- ‌يجب قلب العقائد الدينية رأسا على عقب:

- ‌الوحي ليس حقيقة بل مجاز فقط

- ‌الإسلام دين عربي ومحمد لم يبعث للناس كافة:

- ‌اعتقاد أن الإسلام هو الصحيح وباقي الأديان محرفة فكرة عنصرية:

- ‌القرآن الكريم

- ‌ بشرية القرآن

- ‌مع محمد أركون

- ‌عبد المجيد الشرفي

- ‌ تاريخية القرآن

- ‌المراد بتاريخية القرآن

- ‌ تاريخية القرآن نفسه

- ‌ تاريخية الأحكام

- ‌الهدف من التاريخية

- ‌ الطعن في ثبوت القرآن والزيادة والنقص فيه

- ‌ تكذيب نصوص القرآن

- ‌تكذيب خلق الله للكون:

- ‌التكذيب بقصص القرآن

- ‌تكذيب قصة الطوفان والسخرية منها

- ‌التكذيب بقصة أصحاب الكهف

- ‌ الطعن في القرآن:

- ‌القرآن عنيف ووحشي

- ‌اشتمال القرآن على الأساطير

- ‌العجيب المدهش:

- ‌القرآن نص مفتوح على جميع المعاني

- ‌ نقد القرآن لا فهم القرآن

- ‌أهداف النقد:

- ‌نماذج من النقد التاريخي للقرآن:

- ‌السنة

- ‌النبوة

- ‌لم ينفع الأنبياء بشيء

- ‌بل أضر الأنبياء بالبشرية

- ‌النبي محمد زعيم حزب سياسي هاشمي

- ‌والإسلام ليس إلا نسخة معدلة من اليهودية والنصرانية، خطط لها مسيحيون وحنفاء:

- ‌طعون حقيرة في النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الدفاع عن سلمان رشدي الذي طعن في النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌نفي أمية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ختم النبوة

- ‌العبادات

- ‌الكعبة المشرفة وطقوس الحج رمز للجنس، بل ولعبادة الجنس:

- ‌المعاملات

- ‌قانون الإرث

- ‌الجزية ليست إسلامية

- ‌الجهاد طائفي عنصري همجي ذو أغراض دنيوية محضة

- ‌لا داعي للخوف من الزنا

- ‌الربا حلال حلال

- ‌شهادة المرأة

- ‌القانون الجنائي الإسلامي قانون همجي وحشي

- ‌الدية

- ‌موقف الإسلام من المرأة عنصري

- ‌الحجاب والعورة والعفة مفاهيم بالية، يجب تجاوزها

- ‌الاختلاط

- ‌المساواة التامة بين الرجل والمرأة

- ‌من صور التمييز ضد المرأة:

- ‌أحكام الزواج والطلاق

- ‌تعدد الزوجات

- ‌شرب الخمر وأكل الدم ولحم الخنزير شأن خاص

- ‌أحكام أخرى مختلفة

- ‌الأخلاق

- ‌علوم الإسلام

- ‌علم الفقه الإسلامي:

- ‌علم التفسير:

- ‌علم السيرة النبوية:

- ‌علم العقيدة وعلم الكلام

- ‌علم أصول الفقه

- ‌الإجماع

- ‌القياس

- ‌النسخ

- ‌قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

- ‌مقاصد الشريعة

- ‌موقف العلمانيين من علماء الأمة

- ‌لا فرق بين العلماء الرسميين ولا بين معتدل ومتشدد

- ‌ الصحابة الكرام:

- ‌الخلفاء الراشدون

- ‌أبو بكر الصديق

- ‌عمر بن الخطاب

- ‌عثمان بن عفان

- ‌عائشة أم المؤمنين

- ‌أبو هريرة

- ‌ابن عباس

- ‌أسامة بن يزيد ومن معه من الصحابة

- ‌عثمان والزبير وأبو بكر وطلحة وعبد الرحمن بن عوف

- ‌عطارد بن حاجب بن زرارة

- ‌علماء الإسلام

- ‌الإمام الشافعي

- ‌ابن تيمية

- ‌المجتهدون الجدد

- ‌الإسلاميون

- ‌تاريخ الإسلام تاريخ قتل ونهب وإبادة

- ‌وشهد شاهد من أهلها

- ‌العلماني صنيعة الغرب

- ‌فقدت العلمانية مصداقيتها حسب العلماني علي حرب

- ‌دفاع العلمانيين عن أنظمة دكتاتورية

- ‌مشاريع العلمانيين أسطورية ووهمية

- ‌الخطابات العلمانية محكومة بسلف

- ‌العلمانية تقوم على إقصاء الآخر ونفيه

- ‌العلمانيون سلطويون مصلحيون استبداديون

- ‌الخطاب العلماني يتستر خلف شعارات لتحقيق أهدافه

- ‌العلمانيون العرب مقلدون مستنسخون

- ‌من صفات العلمانيين

- ‌العلمانية في شقها الماركسي بشهادة علمانيين ماركسيين وغيرهم:

- ‌رأي العلمانيين في فؤاد زكريا

- ‌موقف العلمانيين من نصر حامد أبي زيد

- ‌موقف العلمانيين من صادق جلال العظم

- ‌موقفهم من أركون

- ‌حسن حنفي:

- ‌طيب تيزيني

- ‌محمد عابد الجابري

- ‌عبد الله العروي

- ‌علمانيون آخرون

- ‌المراجع

الفصل: إلا محض خيال تغذّت بها الذاكرة القروسطية ذات النزعة التقليدية

إلا محض خيال تغذّت بها الذاكرة القروسطية ذات النزعة التقليدية (1).

‌الله سبحانه

.

تقدم معنا دعوة حسن حنفي إلى تجاوز هذا المصطلح بمفهومه إلى مفهوم الإنسان الكامل.

وقد استند حسن حنفي إلى مجموعة من الأسباب في دعوته لتغيير اللغة التقليدية إلى لغة تقدمية، منها:

إنها لغة إلهية تدور الألفاظ فيها حول الله (2).

وهذا يغضبه ويزعجه.

ومنها أن لفظ «الله» يحتوي على تناقض داخلي في استعماله (3).

وهذا لا يمكن قبوله.

ثم استمر في تحقير لفظ الجلالة والاستهزاء به، فالله حسب شريعة «التراث والتجديد» عند الجائع هو الرغيف، وعند المستعبد هو الحرية، وعند المظلوم هو العدل، وعند المحروم عاطفيا هو الحب، وعند المكبوت هو الإشباع

فإذا كان الله هو أعز ما لدينا وأغلى ما لدينا فهو الأرض والتحرر والتنمية والعدل، وإذا كان الله هو ما يقيم أوَدَنا وأساس وجودنا ويحفظنا فهو الخبز والرزق والقوت والإرادة والحرية، وإذا كان الله ما نلجأ إليه حين الضرر. وما نستعيذ به من الشر فهو القوة والعتاد والاستعداد (4).

(1) تشتت النص القرآني، نسخة رقمية.

(2)

التراث والتجديد (112).

(3)

نفس المرجع (112).

(4)

نفس المرجع (113).

ص: 97

ولسان حال حسن حنفي يقول كما قال مشركو قريش: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} ص5.

ومن أدلته كذلك قوله: ولا يمكن إيصال أيّ معنى بلفظ «الله» لأن اللفظ حوى كثرة من المعاني لدرجة أنه يدل على معاني متعارضة (1).

وقال: فإذا كان لفظ «الله» يحتوي على تناقض داخلي في الإيصال، بالإضافة إلى تضارب معانيه (2).

وكما أثار غضبه واشمئزازه لفظ الله، كذلك لفظ «دين» فزعم أن له معاني متناقضة (3).

ولفظ إيديولوجيا أولى منه، لأن الأول يشير إلى مقدس وما وراء الطبيعة، وهذا ما لا يحب حسن حنفي، بينما الثاني يشير إلى أفكار بشرية لا عقائد سماوية (4).

وهكذا لفظ «الإسلام» نفسه فلفظ «السلام» خير منه.

وفي الحقيقة فحسن حنفي عنده أزمة حقيقية اتجاه الإسلام، لا مجرد محاولة تجديد. فهو يكره كل ما يمت إلى الإسلام بصلة ولو كان مجرد ألفاظ، ويريد أن يقطع مع الماضي ولو كان لغة معبرة.

ومشيئة الله وإرادته عند حسن حنفي ليست إلا نظام الطبيعة لا ما يظنه العامة (5).

وعنده كذلك لم يعد الإنسان الحديث في حاجة إلى الإيمان بقوى علوية تتحكم فيه وتحميه، فلا يحميه إلا الوعي الفردي وتجنيد الجماهير، والجماهير

(1) نفس المرجع (114).

(2)

نفس المرجع (115).

(3)

نفس المرجع (115).

(4)

نفس المرجع (1

(5)

مقدمته لرسالة اللاهوت والسياسة (68).

ص: 98

هي الدرع الواقي لا قوى سماوية (1). واعتبر أن أكبر آفاتنا هو انتظار العطاء والمن من الله. وأننا لسنا في حاجة إلى حمد الله على نعمه، بل نحن في حاجة للتضجر والغضب (2). وعوض بسم الله الرحمن الرحيم سيبدلها حسن حنفي إلى: بسم الأمة. وعوض الدفاع عن الله كما عند القدماء، سيدافع حسن حنفي عن الأرض (3). وإذا كان القدماء يريدون ثوابا في الجنة أو إنقاذا من النار فهو يريد صلاح الأمة وتحرير أراضيها وإعادة توزيع ثرواتها (4).

والحديث عن الله اغتراب لا ينبغي وتعمية تدل على نقص، بل الواجب هو الحديث عن المجتمع والعالم (5).

واعتبر أن إثبات إله موجود قبل الأجسام مصادرة على المطلوب. ولا معنى في نظره للسؤال عن النشأة والمصدر والأصل (6)، وتساءل: لماذا لا نتعبر الإنسان علة كل شيء؟ وأن يكون غيره أقدر منه على الفعل؟ (7)

ووصف حجج الفلاسفة حول إنكار حدوث العالم بكونها حججا منطقية

(1) من العقيدة إلى الثورة (1/ 10 - 11).

(2)

من العقيدة إلى الثورة (1/ 11).

(3)

من العقيدة إلى الثورة (1/ 30).

(4)

من العقيدة إلى الثورة (1/ 43).

(5)

من العقيدة إلى الثورة (1/ 84).

(6)

من العقيدة إلى الثورة (2/ 30).

(7)

من العقيدة إلى الثورة (2/ 31).

ص: 99

وواضحة وقوية يسهل اقتناع الإنسان بها (1). ودافع عن الدهريين الملاحدة، واعتبر أن تصور الفلاسفة والطبائعيين أقرب إلى التصور العلمي من تصور المتكلمين (2).

وهكذا ينتصر حسن حنفي للمنكرين لوجود الله تحت ستار التجديد.

واعتبر أن إثبات صُنعِ الله للكون وخلقه له له مخاطر وآثار سلبية عظيمة على الحياة الاجتماعية والسياسية، إذ يتم تصوير العالم فيه في حالة ضياع وأن الله هو الماسك له (3). وأننا لم نعد بحاجة إلى الدفاع عن عقيدة خلق الله للكون، وأن عقيدة قدم العالم لم تعد تشكل خطرا على الأمة، بل الخطر الذي يهددها هو الاعتقاد بخلق العالم من عدم (4). بل تؤدي عقيدة الخلق من عدم في نظره إلى تدمير العالم (5).

والواجب والقديم والموجود بذاته ليس هو الله، بل الواجب هو الواجب الأخلاقي، والقديم هو العمق التاريخي للإنسان، والموجود بذاته هو الشعور بالاستقلال، ويكشف أي دليل على إثبات وجود الله على وعي مزيف (6).

وبراهين وجود الله ليست فقط افتراضات ذهنية، وتعبير إنشائي لا حقائق علمية (7).

(1) من العقيدة إلى الثورة (2/ 34).

(2)

من العقيدة إلى الثورة (2/ 36 -

(3)

من العقيدة إلى الثورة (2/ 39).

(4)

من العقيدة إلى الثورة (2/ 40).

(5)

من العقيدة إلى الثورة (2/ 41).

(6)

من العقيدة إلى الثورة (2/ 44).

(7)

من العقيدة إلى الثورة (2/ 60).

ص: 100

وذكر أبو زيد في إطار إظهار إيجابيات مشروع حسن حنفي أن العقائد الإسلامية مجرد تصورات ذهنية، أكثر من كونها عقائد دالة على وجود مفارق، وأن الله ليس ذات موجودة مفارقة للوعي الإنساني، بل هو مبدأ معرفي خالص (1).

فالله ليس إلا مجرد افتراض ذهني محض ومبدأ معرفي خالص.

وتقدم عن عبد المجيد الشرفي وصادق جلال العظم أن الله مفهوم أسطوري فقط لا دليل على وجوده حقا.

والله سبحانه في نظر إلياس قويسم تبعا لنصر أبي زيد مجرد مجاز وأسطورة يتوهم الإنسان الخرافي وجوده. قال: بمعنى أيّ العالميْن «عالم الإله» أو «عالم الإنسان-الهنا» يمثّل الحقيقة والآخر يمثّل المجاز

وقال: واعتبار العالم الفوقي الكامن في الوعي عالما مجازيا

وقال: هذا يؤكد التصور الجديد القاضي بإقرار الوجود في الـ «هنا» لا في عالم آخر غير عالمنا هذا، فـ «أسطورة» العالم الفوقي وجب تجاوزها،) فحركة التشخصن

تخوّلنا من التفكير في تعال، دون التجاء إلى عالم الغيبيات

(2).

وحسب إلياس قويسم دائما تهدف العلمانية إلى تحويل الإلهيات إلى إنسانيات واللاهوت إلى أنثروبولجيا والانخراط في نسق تأويل العقائد على أساس أنها جهد من الإنسان لتجاوز اغترابه في هذا العالم فيخلق في شعوره كائنا من داخله لا آتيا من الخارج المتعالي، ويضفي عليه صفات الكمال التي يفتقر إليها، ومن ثم يحوّل الإله من ذات مشخصة لها وجود مفارق للوعي إلى مجرد حضور

(1) نقد الخطاب الديني (184).

(2)

استبدال هويّة النصّ القرآني، نسخة رق

ص: 101

معرفي يجسد جهد الإنسان للوصول إلى النموذج أو المثال الذي يطمح إليه (1).

فالله صنع بشري محض يهدف به لتجاوز اغترابه في هذا العالم فيخلق في شعوره كائنا من داخله لا آتيا من الخارج المتعالي.

بمعنى كما يقول العلماني إلياس قويسم عن صديق دربه نصر أبي زيد أن الأشياء المؤلهة ذات أصول واقعية-طبيعية، والناس بوهمهم «يُغدقون» عليها صفة التعالي والقداسة (2).

فلا وجود لإله مفارق، وإنما الإنسان هو الذي يخلق الإله ويصبغ عليه رداء التعالي والتقديس. لا يمل أبو زيد من ترديد مقالات سيده ماركس في كون الأفكار والتصورات والاعتقادات مجرد انعكاس للأوضاع الاقتصادية.

فالحرمان والعجز والقهر والخوف هو الذي ولّد عند الإنسان البدائي فكرة الله والتدين عموما، والذي تطور عبر الزمن من الخرافة إلى تعدد الآلهة إلى التوحيد.

وقال: وبهذا نصل إلى نتيجة أخرى، وهي أن نصر حامد يريد الكشف عن زيف التعالي الذي أضيف إلى الظواهر المادية

(3)

وقال صادق جلال العظم في نقد الفكر الديني (19): فهل من عجب إذن أن نسمع نيتشه يعلن في القرن الماضي أن الله قد مات، وهل باستطاعتنا أن ننكر أن الإله الذي مات في أوروبا بدأ يحتضر في كل مكان.

فهل بعد هذا يقول لنا علماني كعصيد ولكحل إن العلمانيين مسلمون

(1) نفس المرجع.

(2)

نفس المرجع.

(3)

نفس الم

ص: 102

يؤمنون بالله ولا يتعرضون للدين بشيء وأنهم يكنون له كل الاحترام والتقدير، وأنهم إنما ينتقدون التوظيف السياسي للدين؟

وزاد العظم قائلا: إن الاشتراكي الحقيقي لن يكون مسرورا عندما يكتشف أن أهم مبدأ في عقيدته هو الإيمان بالله (32).

وذكر أن وجود الله وعدمه بالنسبة له سيان (49). وأنه لا توجد أدلة وبينات ترجح وجود الله من عدمه (53).

واعتبر أن الله ناقض نفسه بصورة مباشرة ومفضوحة عندما أمر إبليس بالسجود لآدم مع أمره بتوحيده (69).

وأكد أركون أننا لم نعد في حاجة إلى الله، وأصبح فرضية لا جدوى منها.

قال في نحو نقد العقل الإسلامي (267): ينبغي العلم بأنه فيما يخص الحداثة فإن الخيار لم يعد بين القبول بالدين أو رفضه، وإنما الله نفسه أصبح فرضية لا جدوى منها أو لا حاجة إليها.

وقال (267): وبعد انتصار الحداثة فلم يعد هذا الشيء ضروريا لأننا وكما قلنا أصبحنا قادرين على الاستغناء عن الله إذا شئنا من دون أن يجبرنا أحد على ذلك بالطبع.

فالإنسان في عصر الحداثة أصبح يتحمل مسؤولية نفسه وقدره ومصيره بنفسه، أصبح مستقلا بذاته عن القدرة الفوقية. وذلك بعد أن أحل مخيال التقدم بواسطة العلم محل مخيال النجاة الأبدية في الدار الآخرة بواسطة الدين.

ونعى أركون (269) على المسلمين كيف أنهم لا زالوا يعتقدون بوجود إله أو ما سماه المشروعية الإلهية أو الحاكمية التي تتحكم بالبشر على الأرض. وذكر أنهم يستندون إلى القرآن والسنة، ثم قال: أما المؤرخ الحديث أو علماء الاجتماع والانتربولوجيا والألسنيات فإنهم يتحدثون عن الموضوع بطريقة أخرى إنهم يعتقدون على العكس بوجود قطيعة ثقافية وروحانية وعقلية مع ذلك الخيار المقدم للإنسان في معاهدة الميثاق المعقود بين الله والإنسان.

ص: 103

ولهذا فالفاعل الحقيقي في الإسلام هو محمد وليس الله. قال في الفكر الإسلامي (105): ذلك الفاعل المعقد الذي دعوناه سابقا بالبطل المغير أو بطل التغيير (أي الله بحسب المؤمنين ومحمد بحسب المؤرخ النقدي).

وذكر في الفكر الإسلامي (102) أن مفهوم الله لا ينجو من ضغط التاريخية وتأثيرها، وزاد شارحا: أقصد أنه خاضع للتحول والتغير بتغير العصور والأزمان.

أي: لكل زمان إلهه، وهذا يلتقي مع كلامه السابق عن أن إله العصر هو الأمل.

فالإله الموصوف في الأديان تجاوزه الزمن.

ويستطيع الإنسان خلق كائنات حية في أنبوب الاختبار، وبالتالي هُجر عندئذ الفضاء الساحر والخلاب الذي ولدت فيه الآيات القرآنية المتعلقة بقضية خلق الوجود، كما أكد أركون كذلك (1).

ولذلك سيكون من المضحك كما يقول أشرف عبد القادر أن نأخذ بنظرية خلق الكون التوراتية التي تبنتها آيات القرآن الكريم، بينما العلم يقدم لنا نظرية الانفجار الكبير الذي لم يدم سبعة أيام، كما تقول الأسطورة التراثية، نقلا عن الأسطورة البابلية، بل دام أقل من ثانية (2).

ثم سخر من كون آدم وحواء هما أصل البشرية، بل الصواب أن الحياة تكونت من بكتريا وحيدة الخلية (3).

وكل هذا تكذيب للقرآن والسنة ثم يزعمون أن العلمانية هي فقط عدم إقحام الدين في السياسة؟

(1) الفكر الإسلامي (1

(2)

العلمانية مفاهيم ملتبسة (10).

(3)

نفس المرجع (10).

ص: 104

ثم نقول لهذا المكذب: إن نظرية الخلق لا تعارض نظرية الانفجار الكبير، فالخلق له أسباب طبيعية وقد يكون منها الانفجار الكبير، ألا ترى أن الطفل تلده أمه وفق أسباب بيولوجية معروفة، مع أن الله هو الذي خلقه، لأنه هو الذي هيأ له أسباب الوجود.

ثم الانفجار الكبير وإن وقع في لحظة فتكوُّن الكواكب وتخلقها مر بأزمنة أطول.

ثم وبعد هذا كله، ما رأيك فيما يقوله علماء الإعجاز العلمي في القرآن والسنة أن الانفجار الكبير أشار الله إليه في قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} الأنبياء30. فالسماوات بما فيها من كواكب ونجوم ومجرات كانت مجتمعة مع الأرض، ففتق الرتق، أي: انفصل كل جزء منها بمفرده. وهذا هو الانفجار الكبير.

أم أن أسلوب السخرية والاستهزاء بالإعجاز العلمي هو الأسلوب الأمثل للتهرب من الجواب؟.

وليكن في علم جهلكم أن مؤتمرات هذا العلم يحضرها عدد من كبار العلماء الغربيين الذين تدينون لهم بالولاء.

أما طيب تيزيني فالله تطور هو الآخر من آلهة أخرى وله جذور وثنية.

لنتابع جهالات تيزيني التي حسبها تحليلات علمية، قال: وجدير بالتبصر أن الله إذ أخذ يحقق حضورا كثيفا متزايدا في مكة وغيرها من مناطق الجزيرة العربية فإنه كان في الوقت نفسه يحصد ثمار تطور آلهة أخرى لصالحه

والهام أن نشير إلى أن الله حيث كان سائرا باتجاه الهيمنة، لم يُزل الآلهة الأخرى من طريقه بصيغة إقصائها كلا وجزءا من الساحة وإنما بمعنى تمثلها وظيفيا (1).

أي قام بأدوارها،

(1) مقدمات أولية (134).

ص: 105

كأنك تقرأ مسلسلا كارتونيا للأطفال، على كل حال لنتابع تحليلات تيزني الماركسية: ولقد استمدت الإلهات الإناث ألوهيتهن من أنهن كن بنات الله والشفيعات عنده. ولكنهن يبدأن بفقد تلك الصفة إطلاقا بعد هيمنة الله، بمثابة الإله الذكري الأعظم. ولنلاحظ أن تصورات البنوة والأبوة والأمومة التي هيمنت طويلا ضمن مراحل الاختلاط القرابي الجنسي في مجتمع يجعل من الخصب الزراعي والطبيعي عموما على ضحالته خصبا جنسيا، تنحل لصالح تصور واحد، هو الألوهية الذكرية الأحادية، وإن لم يصف نهائيا. وهذا ما سنلاحظه ضمنا في النص القرآني الذي يتحدث عن روح الله وكلمة الله. لقد كان على الآلهة الأنثوية أن تخلي- مع الآلهة الأخرى- الساحة أمام الله الأعظم، ولكن بعد عملية استبدال بنيوي ووظيفي، تطرأ على هؤلاء جميعا. فحفاظا على التوحيد الإلهي الجديد نلاحظ أن قسما كبيرا من الآلهة السابقة يتحول إلى ملائكة، خاضعة لهيمنة الرب- السيد الجديد .. (1).

إلى أن قال: وعلى هذا يمكن القول إن الله الإسلامي اللاحق لم يفقد جذوره الوثنية المكية بصورة تامة (2).

وصور لنا محمد الشرفي الله والنبي والإسلام تصويرا بأسلوب تهكمي فقال: ولقد خضع الأصوليون لعمليات تمذهب مارسها عليهم منظروهم ومرشدوهم بحيث حُشيت أدمغتهم بتاريخ مشوه غاية التشويه ومثالي موغل في المثالية، فالله في زعمهم قد خلق الإنسانية لأجل أن تطيعه، واختار النبي محمدا، وهو رجل كامل ليبلغ أوامره إلى هذه الإنسانية، وقد تبعته قلة قليلة من المخلصين، وجميعهم

(1) مقدمات أولية (136 - 137).

(2)

نفس المرجع (143).

ص: 106

خيرون كرماء متفانون وقد حارب النبي جيشا عرمرما من الأشرار الكافرين الذين كانوا جميعا متعاظمين كذابين مفسدين جشعين

ولكن تغلبت بعون الله قوى الخير رغم قتلها على قوى الشر رغم عددها وعتادها. وبهذه الصورة يتحول التاريخ الإسلامي إلى ملحمة مانوية (1).

ولا تدري ما الذي يثير شكوك السيد الوزير في حكومة الديكتاتور الطاغية شين العابدين بن علي.

وحسب عبد الله العروي فهناك علاقة وثيقة بين التوحيد الإسلامي وبين الاستبداد: فالله في نظره يجلس على عرشه يحيط به أعوان وموال حسب ترتيب محكم ومراسيم دقيقة (2).

فالله في نظره حاكم مستبد!!.

أما القمني فقد اعتبر في انتكاسته (158) أن القول بإله غيبي ميتافيزيقي تصور وهمي وأنه لما جاء العلم الإنساني الحديث «خرج الرب وأنبياؤه وكهنته من الموضوع. وحل العلماء (3) محل الأرباب بعد أن أثبتوا بالآيات البينات الواضحات مساندتهم الحقيقية لبني الإنسان في مواجهة الطبيعة القاسية التي ظلوا رهن نزواتها وكوارثها وجوائحها وأوبئتها طول الأزمنة الخوالي» .

وخَلْق الله للكون ليس إلا أسطورة في نظر دكتور الأساطير (4).

قال مستهزئا بخالقه: دون تفسير واضح لعدم تدخل الله لصالح أمته التقية، رغم تدخله من قبل في أمور أهون مثل دفاعه بالطير الأبابيل عن مكة

ومع ذلك

(1) الإسلام والحرية (51).

(2)

السنة والإصلاح (165 - 166).

(3)

أي الغربيون.

(4)

الأسطورة والتراث (155).

ص: 107

فإن الله لم يتدخل حتى تاريخه لحماية أولى القبلتين ومسرى النبي وثالث الحرمين، ولم يدافع عن عاصمة الرشيد أمام الأمريكان (1).

بهذه اللغة الاستهزائية يتهكم على خالقه ولكن ماذا نفعل مع من لا مبدأ له إلا افتراس القمامة.

وقريب منه خليل عبد الكريم، فقد قال آخذا على الكتب الإسلامية:

والاعتماد على الغيبيات والماورائيات واللامحسوسات. وضرورة ربط كل ما يدور على الأرض إن على المستوى الفردي أو المجتمعي وفي كل الشؤون بدون تفرقة، ربطها على بكرة أبيها بقوى غير منظورة وأنه لن ينصلح أيّ معوج إلا إذا كانت العلاقة مع هذه القوى الجبارة على أحسن ما يرام ولتصبح القوى في ذروة الرضا!! (2).

وعلامات التعجب منه. وزاد بعدها مباشرة: فإذا سألت أحدهم وفيهم أكاديميون وأساتذة جامعات وحاملو إجازة الدكتوراه من أرقى جامعات أوروبا وأمريكا، ما بال أمم أخرى علاقتها مع هذه القوى (3) بالغة السوء، بل وبعضها ينكر وجودها ويسخر ممن يؤمن بها. ومع ذلك فهي في القمة؟ رد عليك بثقة تغبطه عليها: هذه الأمم لا تدخل في حساب القوى ولا تعبأ بها، فلذا تتركها تستوفي حظها الآن، ولكن فيما بعد ستوفيها ما تستحقه من جزاء!! مع أن المنطق يحتم أن تكون الأمة التي ترعاها القوى وتكلأها بعنايتها وتفضلها على غيرها من الأمم هي الأقوى والأرقى (4).

(1) شكرا ابن لادن (1

(2)

الأسس الفكرية (117).

(3)

أي: الله.

(4)

الأسس الفكرية (117 - 118).

ص: 108