الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للخنوع وتخدم مصالح السلطة القائمة (1).
علم أصول الفقه
.
هذا العلم إضافة لعلوم القرآن ونظرا لأنهما يمثلان آلية منهجية علمية إسلامية لفهم وقراءة النص الديني حسب عبارة العلمانيين، وبالتالي فهما ينافسان المناهج النقدية الغربية، فقد مثلا حجرة عثرة أمام المشروع العلماني، ولهذا حظيا باهتمام العلمانيين العرب كثيرا ووجهوا لهما طعونا وانتقادات كثيرة، لا سعيا لإصلاحهما أو تجديدهما، بل لإزاحتهما وتجاوزهما.
ولهذا انطلق أغلب العلمانيين في حملة مسعورة ضد هذين العلمين الشامخين تشكيكا وتهوينا وتحقيرا.
قاد هذه الحملة نصر أبو زيد من مصر وعبد المجيد الشرفي من تونس ومحمد أركون من الجزائر، ونعق الباقي خلفهم.
إلا أن الشرفي حاول أن يظهر مشروعه في زي الناصح الأمين، فصاغه في قالب تحديث الفكر الإسلامي، يقصد علمنته وتطويره من أجل تجاوزه والإجهاز عليه.
وذكر أركون أن وحده نقد العقل بالمعنى التفكيكي والأركيولوجي هو القادر على مواجهة المشاكل المطروحة على المجتمعات العربية والإسلامية ليتحرروا مما أسماه أغلال أصول الفقه (2). فعلم أصول الفقه أغلال تكبل السير في نظر أركون، والواجب في نظره فك الأغلال وتجاوزها، وإحلال أغلال غربية مكانها.
ونقل أركون عن شفيق شحاتة قوله: كان يحب القول بأن علم الأصول ليس
(1) نفس المرجع (1
(2)
نحو نقد العقل الإسلامي (238).
إلا ثرثرة حول نظريات مجردة لا تهم رجال القانون المختصين (1).
وأصول التشريع الإسلامي حسب أركون غير قابلة للتطبيق، فأولا قراءة القرآن كانت قد أثارت اختلافا تفسيريا كبيرا. وأما الأمر مع الحديث فإن القضية أشد عسرا، ذلك أن الحديث ليس إلا اختلافا مستمرا فيما عدا بعض النصوص القليلة التي يصعب تحديدها وحصرها (2).
وأما فيما يخص الإجماع الذي نادرا ما تحقق فهو عبارة عن مبدإ نظري طبق على بعض المسائل الكبرى فقط (3).
وأما عبد المجيد الشرفي فيرى أن علم أصول الفقه شوه وحرف الخطاب القرآني (4).
ووصف عمل الأصوليين بـ: الخلل الواضح، وأنهم فصلوا آيات القرآن بعضها عن بعض، وفصلوها عن سياقيها الخاص والعام (5).
وتعسفوا تعسفا واضحا، وخالفوا أبسط قواعد اللغة والمنطق، وتجاهلوا آيات أخرى، وعملهم ليس إلا تبريرا لسلوك اجتماعي شائع (6).
ودافعوا عن قيم لا نتردد في القول إنها نقيض القيم القرآنية (7).
وتأويلهم يتشبث
(1) الأنسنة والإسلام (214).
(2)
تاريخية الفكر العربي (297).
(3)
نفس المرجع (298).
(4)
تحديث الفكر الإسلامي (42).
(5)
الإسلام بين الرسالة والتاريخ (157).
(6)
نفس المرجع (158).
(7)
نفس المرجع (158).
بحرفية النصوص ويتصرف على هواهم (1).
وأدى اعتماد أصولهم إلى نتائج خطيرة. منها عدم تحقيق العدل والحرية والمسؤولية، والوقوع في ادعاءات لا تصمد أمام النقد التاريخي (2).
وهدفهم الدفاع عن حلول الأجيال الأولى والبحث عن مبررات لها.
ويتسمون بالوثوقية، وأنهم يعكسون على النص مشاغلهم وموازينهم ويقولونه ما لم يقله (3).
ولهذا أكد على إمكانية تجاوز هذا العلم.
بل هو غير ذي جدوى في نظره (4).
يلاحظ على العلمانيين التونسيين جرأة كبيرة وخبيثة على النصوص، نظرا للحماية اللامتناهية لهم التي وفرها الدكتاتور ابن علي الذي أطاح به الشعب التونسي يوم 14/ 01/2011.
ويلاحظ على هؤلاء التونسيين أنهم بينما يوجهون الطعون الرخيصة لدينهم ويتلذذون بالسخرية من أحكامه، ويتشفون من علمائه ورموزه، نراهم صموتا كالأصنام فيما يتعلق بابن علي وزبانيته، بل كانوا جزءا من المنظومة القمعية، فقد كان محمد الشرفي وزيرا للتعليم، وباقيهم كعبد المجيد الشرفي والعفيف الأخضر وعبد الوهاب المؤدب وغيرهم يشيدون بمسيرة العلمنة التي أنجزها الدكتاتور.
لا يفتأ العلمانيون من ادعاء الحق في الاجتهاد في نصوص الشريعة، وأن الفقهاء رجال، وهم رجال. أكد على هذا جل العلمانيين، منهم مثلا عبد المجيد الشرفي (5)
(1) نفس المرجع (159).
(2)
نفس المرجع (1
(3)
نفس المرجع (157).
(4)
نفس المرجع (9).
(5)
الإسلام بين الرسالة والتاريخ (8).
والقمني، وخليل عبد الكريم (1)، وحسن حنفي (2)، ونصر أبو زيد (3).
وكأن نصوص الشريعة مستباحة لمن هب ودب من أساتذة الفلسفة والأدب العربي وغيرهم.
فمحمد شحرور مهندس، والعشماوي مستشار قانوني، وخليل عبد الكريم محام، ونصر أبو زيد دراسات أدبية، وحسن حنفي والجابري وفؤاد زكريا تخصص فلسفة.
وهذا الزعم لا يخلو منه كتاب من كتب العلمانيين، أعني ادعاء الحق في الاجتهاد، وأن العلماء رجال وهم رجال، وخاصة دكتور الأساطير القمني وأبو زيد الذي حكمت محكمة القاهرة بردته.
لكن للاجتهاد ضوابطه وشروطه وأصوله وقواعده، وهذه سنة متبعة في كافة العلوم، وليس خاصا بعلم الشريعة، وما أظن علمانيا واحدا يجرؤ على ادعاء الاجتهاد في الطب أو البيولوجيا أو الفلك، ولو فعل لحوكم وسجن وترك عبرة لمن يعتبر، أما الشريعة فمستباحة لكل رعديد، يتفنن فيها في اختلاق الشبهات وكيل التهم والطعون. كما يقول المثال المغربي (يتعلم الحسانة فريوس لتاما). أي: يتعلم الحلاقة في رؤوس اليتامى.
واعتبر عبد المجيد الشرفي أن كل فرد حر في أن يفهم النص كما يشاء، فالنص يخاطبه مباشرة ولا وصاية لأحد في فهم الدين (4).
واعتبر أن النظام القديم كان متناسقا مع مجتمع قبلي، أما في مجتمع الحداثة
(1) الأسس الفكرية لليسار الإسلامي (112).
وخليل عبد الكريم يؤكد على رجولته لا نظن إلا أنه يقصد ذكورته، لكي لا نظن- وإن بعض الظن إثم- أنه غير ذلك، وعلى كل حال من حقه أن يدفع عن نفسه الشبهات والظنون.
(2)
من العقيدة إلى الثورة (1/ 34).
(3)
الإمام الشافعي (10).
(4)
تحديث الفكر الإسلامي (64 - 66).