الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الواقع، وإنما تصورات ذهنية خرافية.
إبليس:
الشيطان في عرف العلمانيين شخصية أسطورية خرافية لا وجود لها.
فهذا صادق جلال العظم اعتبر في كتابه نقد الفكر الديني أن إبليس كائن أسطوري غير موجود ولا حقيقي وشخصية ميثولوجية أبدعتها ملكة الإنسان الخرافية (57 - 58).
وقال: كذلك عندما نقول «طرد الله إبليس من الجنة» يجب ألا نظن بأن مثل هذه الحادثة وقعت في تاريخ هذا الكون، لأن مغزى هذا الكلام ومعناه يكمن في كونه رمزا، لا في كونه وصفا لأحداث وقعت بالفعل (59).
لكن نبهنا إلى أن معالجته لقصة إبليس إنما هو في إطار التفكير الميثولوجي الأسطوري لا أنه يؤمن بهذه الخرافة، كما يدرس الباحثون أساطير اليونان والسومريين والساميين وغيرهم (92). وكذا أن كلامه عن الله وإبليس والجن والملائكة والملأ الأعلى لا يفهم منه أنه يؤمن بهذه الأشياء (59).
ولنستمع قليلا لشيء من التهريج الفكري مع صادق جلال العظم.
ولنتابع جهالات الرجل التي سطرها في كتابه المذكور: قال عن امتناع إبليس من طاعة أمر الله في السجود لآدم: نستنتج إذن أن موقف إبليس يمثل الإصرار المطلق على التوحيد في أصفى معانيه وأنقى تجلياته (61).
واعتبر أن احتجاج إبليس بقوله: أنا خير منه. تعني من نور وخلقته من طين، بأنه تبرير منطقي واضح (62).
واعتبر أن هذا ليس تكبرا ولكنه حقيقة أساسية في الفرق بين الأشياء ومراتبها (62).
وأن النار بطبيعتها وجوهرها أفضل من الصلصال، ثم استمر مهرجنا في تحليلاته الدقيقة فقال: تنطوي مفاضلة إبليس بين جوهره وبين جوهر آدم على نظرة فلسفية معينة لنظام الكون وترتيب الطبائع وفقا لدرجات الكمال التي تتصف
بها، لذلك كان إبليس على حق في جوابه، لأن الخالق جعل الأشياء على ما هي عليه من درجات الكمال والسمو (62).
ودافع عن جده إبليس في عدم سجوده لآدم، وأنه محق في هذا (62 فما بعدها).
وقال: إن إبليس اجتاز التجربة التي ابتلاه الله بها بنجاح تام (75).
وزاد: وبما أن الله كافأ إبراهيم وأيوب على صبرهما ونجاحهما وتمسكهما بواجبهما المطلق نحوه يجوز لنا أن نستنتج بأنه سيكافئ إبليس على نجاحه وتضحيته ويعوض عليه ما تكبده من خسارة مفجعة وما عاناه من شقاء وبلاء وغربة (77).
هكذا بكل جرأة ووقاحة.
واعتبر أن إبليس أول بطل مأساوي في الكون، وأن آدم أول انتهازي في الكون (83).
وجزم بأن نهاية حبيبه إبليس ستكون نهاية سعيدة ومرضية (84).
ودعا إلى رد الاعتبار لإبليس، وتغيير نظرتنا التقليدية له، والكف عن كيل السباب والشتائم له، بل ويجب أن نطلب منه الصفح ونوصي الناس به خيرا، بعد أن اعتبرناه زورا وبهتانا مسؤولا عن جميع القبائح والنقائص (85).
ليخلص المهرج إلى النتيجة التي رسمها منذ البداية، وهي: إذا ثبتت براءة إبليس، فلا حاجة ولا فائدة من وجود جنة ونار ولا دين، بل ولا إله كذلك، وبطلت العقائد الدينية جملة وتفصيلا (85 - 86 - 87).
ولقد أحسن العلماني تركي علي الربيعو في قوله عن قراءة العظم هذه لمأساة إبليس: إنه يساهم في إنتاج دين جديد، لنقل إنه دين الشيطان هذه المرة
…
أو بصورة أدق: فإنه يساهم في بعث اجتهادات إحدى الفرق الباطنية في الإسلام من عبدة الشيطان إلى الواجهة من جديد (1).
أما القمني فيرى في كتابه الأسطورة والتراث أن إبليس أسطورة (33)
(1) أزمة الخطاب التقدمي (
تحول مع مرور الزمن من إله للشر عند المصريين القدماء (33) والفرس (34) واليهود (37) ليتحول بفضل تطور العقل البشري من تعدد الآلهة إلى التوحيد في المسيحية إلى مخلوق متمرد (39). وهكذا في الإسلام (40) تحول إلى مخلوق يمتلك قدرات خارقة يقترب فيها من كونه إلها (43).
وقال: وإذا كان إبليس في العقائد القديمة إلها للشر تحول مع التطور العقلي إلى ملاك عاص أو إلى جني (42).
إذن فإبليس أسطورة اخترعها الإنسان تفسيرا للخوف من الظواهر الطبيعية، تحولت وتطورت مع مرور الزمن، وليس كما يعتقد المسلمون السذج حقيقة واقعية.
وأكد على هذا المعنى كذلك حسن حنفي في مداخلته آخر كتاب الأسطورة والتراث، حيث قال بعد أن تحدث عن أسطورة الشيطان في الثقافات والديانات القديمة إلى عهد الإسلام: أي: إن الأسطورة موجودة ولكنها تتشكل طبقا للثقافة وطبقا للظرف والعصر (287).
ونصَّ القمني في انتكاسته (268) أن إبليس لما امتنع من السجود إنما مارس حريته، تمسكا منه بتوحيد الله وتنزيهه، بل هو موافق لتركيب إبليس الخلقي.
وكذا أنكر عبد المجيد الشرفي وجوده، واعتبره أسطورة غير حقيقية، كما تقدم (1).
وكل هذا تكذيب للقرآن والسنة وإجماع المسلمين.
(1) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (61).