الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعند سيد القمني كيف نجعل شهادة عالمات الذرة والمهندسة والطبيبة والمحامية تساوي نصف شهادة بائع الملوخية، وكيف تجعل عالمة الانتروبولوجيا أو البيولوجيا عورة يجب أن تستتر، وأنها للسيد للذكر مجرد متاع (1).
هكذا يستهزئ بأحكام الشريعة ويصورها بصورة مشوهة وحقيرة.
القانون الجنائي الإسلامي قانون همجي وحشي
.
نالت الحدود الشرعية ما نال باقي أحكام الشريعة من تهجمات العلمانيين وسخريتهم.
فاعتبر محمد الشرفي القانون الجنائي الإسلامي قانونا همجيا. بل في غاية الهمجية (2).
وأنه يحط من الكرامة (3).
وأن القرآن وضع أحكاما قاسية (4).
وأن قطع يد السارق أمر همجي بغيض، وحكم فظيع ومروع ووحشي (5).
وأن حد قتل المرتد ورجم الزاني: أشد الحدود قسوة وأقلها إنسانية، وزاد عن الأخير أنه فظيع وشنيع (6).
وأن الرجم والجلد حكمان لا إنسانيان ووحشيان (7).
وأن الرسول إنما امتثل في الرجم لعادة قديمة كانت سائدة في عصره (8).
وقال: إن الفقهاء قد أخذوا عادة قديمة (أي: الرجم) ووظفوها بما يوافق
(1) رب الزمان (165).
(2)
الإسلام والحرية (86).
(3)
الإسلام والحرية (92).
(4)
الإسلام والحرية (92).
(5)
الإسلام والحرية (95).
(6)
الإسلام والحرية (87).
(7)
الإسلام والحرية (130).
(8)
الإسلام والحرية (89).
أهواءهم، وألحقوها بالإسلام إلحاقا مفتعلا، شأنهم في هذا الحكم شأنهم في جل القواعد التي وضعوها (1). وأن حد الردة ابتدعه الفقهاء، وهي فكرة لا مثيل لها سوءا وشناعة وتدميرا لحرية المعتقد (2).
ولعل محمد الشرفي يريد أن يكفر كما يشاء، ويسب الله ورسوله والدين كما يحلو له، ويعاقر الباغيات ويعربد معهن كما يهوى، ولذلك فهو غضبان جدا من هذه الحدود التي ستمنعه من شهواته وتحقيق نزواته.
وإذا كانت الحدود وحشية وهمجية في نظر الشرفي، ماذا عن رئيسه ابن علي الدكتاتور الذي كان وزيرا عنده، ولم سكت عنه؟ مع أنه عمل معه بل وحظي برضى سيده.
أم أن أحكام الشريعة مستباحة لكل ناعق؟
وإضافة إلى تحالف منظري العلمانية مع الدكتاتوريات، هناك تحالف آخر أو قل محرك مركزي آخر يقف خارج المسرحية، فقد طبع كتاب الشرفي الذي نقلنا عنه هذه التهم الرخيصة بمساهمة القسم الثقافي للسفارة الفرنسية بالمغرب ونحن نعلم ما هو دور القسم الثقافي هذا، إنه باختصار لتجنيد أمثال الشرفي لخدمة المشروع الامبريالي العالمي التغريبي.
هذا عن محمد الشرفي، وماذا عن غيره؟
اعتبر العفيق الأخضر الحدود الشرعية فظاعات وجذورا متعفنة يجب علينا أن نقطعها ونقطع معها (3).
ورجم الزانية عنده لا وجود له في القرآن، وإنما استعاره الفقهاء وأعداء المرأة من سفر التثنية التوراتي (4).
(1) الإسلام والحرية (89).
(2)
الإسلام والحرية
(3)
العلمانية مفاهيم ملتبسة (199).
(4)
الحوار المتمدن - العدد: 690 - 2003/ 12 / 22.
وزاد أن العقوبات البدنية الشرعية «القصاص» التي ترجمها اليهود خلال الأسر البابلي من مدونة حامورابي تتعارض مع قيم حقوق الإنسان، وكذلك اللامساواة بين المسلم وغير المسلم وتعدد الزوجات والطلاق خارج المحكمة واعتبار المرأة قاصرة أبدية و «تناكحوا تناسلوا» وتحريم التعامل بالفوائد المصرفية تتعارض مع مصالح المرأة والمواطن والناس وحقوق الإنسان. وتكفير نظرية التطور والفلسفة والعلوم الإنسانية والجغرافيا والفيزياء الفلكية ونظرية تكون الجنين والتاريخ لأنها مناقضة لما جاء في القرآن دعوة تجهيلية للعودة بالمسلمين إلى ما قبل العلم الحديث الذي ظهر في القرن السابع عشر (1).
وسمى الرجم: الطريقة الوحشية
…
وقال متهكما: هذا العقاب السادي حتى العبث، مثل باقي الحدود الشرعية، هو الذي رصدته الشريعة «السمحاء» للزاني والزانية! (2).
واعتبر أن سبب انحطاط المسلمين هو شريعتهم الدموية المستنسخة من مدونة حامورابي، وأن ضحاياها بالآلاف. قال: السبب الأول لانحطاط المسلمين هو تشبثهم الذُهاني بهذه الشريعة الدموية التي تعامل الإنسان كحشرة ضارة. شريعة القصاص اليهودية، التي استنسختها الشريعة الإسلامية، مُستلهَمة من مدونة حامورابي في القرن 18 ق. م. أي: أن عمرها اليوم 38 قرنا ومازالت حية تسعى وضحاياها في أرض الإسلام - في أرض الإسلام فقط - بالألوف! (3).
(1) الحوار المتمدن - العدد: 690 - 2003/ 12 / 22.
(2)
الحوار المتمدن - العدد: 3252 - 2011/ 1 / 20.
(3)
نفس المرجع.
والحدود الشرعية عند العفيف الأخضر تشكل اليوم جريمة موصوفة وانتهاكا استفزازيا لشريعة حقوق الإنسان العقلانية والإنسانية الكونية (1).
واستنكر العفيف الأخضر ذبح الحيوان على الطريقة الإسلامية وسخر منها محبذا طريقة أسياده ومربيه، قال عن الشريعة الإسلامية بعد أن سماها «شريعة حامورابي»: وتحرم وتجرم القتل الرحيم للحيوانات المعمول به في جميع مسالخ العالم تقريبا إلا مسالخنا حيث نذبح الحيوانات وهي تصرخ وتتبوّل من شدة الألم!. وقسوة الشريعة الإسلامية على الإنسان والحيوان عنده هي إحدى تجلّيات العنف العتيق الذي أنزله الإنسان بالإنسان وحيوان الصيد. فقد أكل الإنسان الإنسان لملايين السنين كما برهنت على ذلك الباليونتولوجيا [= علم الأحافير](2).
ولقد أحسن العلماني نادر قريط حيث قال معقبا على مقال العفيف الأخضر: لا أنكر صدمتي بالمقال ليس حبا بالشريعة القروسطية (3) وقطع الأيدي والإرجل من خلاف، بل لأمر آخر، فقد كنت أنتظر من المثقف التونسي الأبرز واليساري السابق رأيا فيما حدث ويحدث في تونس .. الشريعة والسودان والترابي أشبه بطبخة بائتة تثير التقيؤ .. أما تونس فنموذج للأمل والحرية .. أستغرب أن يمتلك المرء في شبابه عاطفة يسارية نقعها حب الشعب، ثم يُلقي خريفه في صقيع العقل وبروده .. في كل قراءاتي المتأخرة للعفيف لمست تبجيله للنظام التونسي واعتباره نموذجا للعلمنة وحرية المرأة وهذا حق (يُراد به حق) لكنه كان لا يرى
(1) نفس المرجع.
(2)
الحوار المتمدن - العدد: 3252 - 2011/ 1 / 20.
(3)
أي: القرون الوسطى. وهنا يلتقي العلمانيان لا مساهم الله بخير.
الوجه الآخر للعملة .. وكلاعب يحترف لعبة اللغة كان يُلمع بشطارة صورة الاستبداد المافيوزي .. العفيف ويا للعنة كان طبالا لغزو وتمزيق العراق وقيام دولة حثالات الطوائف وفرق الموت، بحجة القضاء على ديكتاتورية بغيضة .. في كلا الحالتين مفارقة عجيبة .. والأعجب برأيي أن يخسر الإنسان عقله وقلبه بآن معا، في هذه الحالة يصبح موت المثقف أمرا مؤكدا (1).
قلت: وهذا غير خاص به فكل العلمانيين التونسيين كانوا يباركون خطوات الطاغية ابن علي، ونفس الشيء فعله علمانيو سوريا ومصر وغيرها.
وقال هاشم صالح عن القانون الجنائي: كلها قوانين لا يمكن المحافظة عليها في هذا العصر، إنها مضادة للنزعة الإنسانية ولكرامة الإنسان في الصميم (2).
وأكد عبد المجيد الشرفي أن حد الردة لا وجود له في القرآن، والحديث الوارد فيه ضعيف (3).
وأما القصاص بالقتل فقد كان مناسبا لمجتمع قديم قبلي بسيط. أما بعد وجود مؤسسات الدولة الحديثة فلم يعد له مبرر (4).
وقطع يد السارق كان مناسبا لظروف مجتمعات بدائية، وليس حكما مقصودا لذاته، فكلما حقق الردع فهو هدف القرآن (5).
(1) الحوار المتمدن - العدد: 3252 - 2011/ 1 / 20.
(2)
الإسلام والانغلاق اللاهوتي (66).
(3)
الإسلام بين الرسالة والتاريخ (67).
والحديث الذي أشار إليه رواه البخاري (6/ 6524) وغيره عن ابن عباس.
(4)
الإسلام بين الرسالة والتاريخ (68 - 69).
(5)
الإسلام بين الرسالة والتاريخ (70).
وجلد الزاني كان مناسبا لمجتمع بدوي يعير نقاوة النسب أهمية بالغة (1).
فنقاوة الأنساب لا عبرة بها عنده.
وقال عادل ظاهر عن الحدود الشرعية: هي موجهة لجماعة معينة في ظل ظروف تاريخية واجتماعية معينة ولا تجد بحكم طبيعتها تطبيقا لها إلا في ظل ظروف مماثلة، إذن فهي لا تعنينا ولا يجوز أن تعنينا الآن، خصوصا وأننا قد تجاوزنا بما لا يقاس الظروف التي قد تكون قد جعلت العمل بموجب هذه الأحكام أمرا مناسبا (2).
وسخر فرج فودة في كتابه «نكون أو لا نكون» (78) من الحدود.
واعتبر أن الرجم حد مستحيل التطبيق (3)، وأن شروط الشريعة في الزنا قاسية، بل ومستحيلة، وفضل القوانين الوضعية عليها (4).
واعتبر القمني أن حكم حد الردة لم يعرفه الإسلام والمسلمون إلا زمن أبي بكر وقد وضعه لتحقيق هدف سياسي لصالح خلافته وبهدف القضاء على المعارضين لخلافته باسم الإسلام، والإسلام منه بريء (5).
وقال في انتكاسته: الموجود في كل هذه المصادر (أي: القرآن والحديث والفقه والسيرة) هو نظام عقابي لا نظام قانوني حقوقي، والموجود لدينا هوفقه عبودية وجهاد وحرب وسبي وجزية وتقطيع أوصال البشر أحياء، نظام عقابي انتقامي لا نظام تهذيبي تأديبي.
(1) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (83 - 84).
(2)
الأسس الفلسفية للعلمانية (282).
(3)
الحقيقة الغائبة (57).
(4)
الحقيقة الغائبة (58).
(5)
أهل الدين والديمقراطية (103).