الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزع الهالة الأسطورية وتعرية الهيبة القدسية أي: إسقاط الصبغة الإلهية عنه وبيان بشريته.
وبعبارة أخرى لحرب دائما: تبيان تاريخية المتعالي ودنيوية المقدس (1).
تاريخية المتعالي أي: تحويل الإلهي والمقدس إلى حدث تاريخي أرضي دنيوي بشري.
عبد المجيد الشرفي
.
يعزف الشرفي نفس ما يعزفه إخوانه، وكرر كلام أركون كأنه مُحْدِثه.
فقد أكد على اشتمال القرآن على عناصر ثقافة القرن السابع الميلادي كالجن والهبوط من الجنة ودور إبليس والشياطين والملائكة والطوفان وعمر نوح وغير ذلك من الظواهر الميثية حسب تعبيره (2).
الظواهر الميثية أي: الأسطورية الخرافية.
وانطلق كالمسعور في حملة تشكيكية في القرآن، فذكر أننا لا نعرف الظروف الدقيقة الحافة بالخطاب القرآني أول مرة قبل تحوله إلى نص مكتوب، وأما أسباب النزول فلم تجمع إلا بعد جيلين أو ثلاثة مع ما دخلها من وضع واضطراب.
وكذلك افتقدنا كما يقول النبرة التي استعملت فيه والدالة على الرضا أو الغضب على النصح أو التنبيه أو التقريع، على رفع الصوت أو خفضه، وما يصاحبه من قسمات الوجه مما لا تدل عليه الألفاظ وحدها.
ومثل لنا بأن المرء قد يقول صباح الخير وهو منشرح، وقد يقولها وهو متبرم وغاضب (3).
(1) نفس المرجع (86).
(2)
الإسلام بين الرسالة والتاريخ (45).
(3)
نفس المرجع (48).
ليستنتج لنا- وهذا هو الهدف المقصود- أن لفظ القرآن لا يصح أن يطلق حقيقة إلا على الرسالة الشفوية التي بلغها الرسول إلى الجماعة التي عاصرته، أما ما جمع بعد وفاته فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بهذا الجمع ولم يتفق عليه الصحابة، وترددوا حتى في الاسم الذي سيطلقونه على هذه الظاهرة حسب تعبيره (1).
ليؤكد في النهاية أن توحيد رواية هذه المدونة جاء بقرار سياسي في عهد عثمان (2).
إذن فالمسألة سياسة بامتياز، وهذا المصحف الموجود بين أيدينا نتاج سياسي لسلطة سياسية يخدم مشروعا سياسيا معينا.
وهذا يلتقي مع كلام أركون تماما في تشكيكه في نص المصحف وأنه زِيد ونقص منه حسب رغبات الفاعلين الاجتماعيين.
لكن ماذا عن تكفل الله بحفظ القرآن الكريم؟ ما رأي علامة تونس الشرفي؟
يجيب على الفور: إن الذكر الذي وعد الله بحفظه هو المحتوى وليس الظرف، هو مضمون الدعوة بما انطوت عليه من تبشير وإنذار ومن توجيه وإرشاد، وليس الألفاظ والتعابير التي صيغت فيها تلك الدعوة والتي دونت في ظرف معين وتنتسب إلى قوم بأعيانهم ولها نحوها وصرفها وقواعدها ولا تختلف في هذا المستوى عن أية لغة أخرى (3).
يريد الشرفي أن يقول إن الله لم يحفظ القرآن من التغيير والتبديل، بل حفظ مضمون الشريعة فقط، ثم زادنا من تحليلاته الباهرة المبهرة التي سرقها من كتب المستشرقين،
(1) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (49).
(2)
الإسلام بين الرسالة والتاريخ (49).
(3)
الإسلام بين الرسالة والتاريخ (50).
فأكد أن الله لما تحدى الكفار عن الإتيان بمثله فليس لأنه معجز بل لمصدره.
لنتابع: وعندما تحدى القرآن الكافرين بأن يأتوا بعشر سور أو حتى بسورة واحدة من مثله فليس ذلك لأنه معجز ببلاغته بقدر ما هو راجع إلى مصدره إلى أصله الإلهي الذي ليس في متناول عامة البشر
…
إلى آخر كلامه.
ليؤكد أن كل الآثار الفنية الراقية من شعر ونثر وغيره معجز بطريقته الفريدة، ولا سبيل إلى الإتيان بمثلها (1).
أي: لم يتفرد القرآن بهذه الخاصية، بل هو نص كباقي النصوص الشعرية وغيرها. والقرآن إنما تحدى الكفار لا لبنيته وتركيبه وفصاحته وبلاغته، بل لمصدره، أي: لا يستطيع أحد أن يأتي به من عند الله. ولا أحد طبعا يستطيع أن يأتي بشيء من عند الله.
أي: إن الله تحداهم بما ليس في طاقتهم أصلا، وبالتالي فلا قيمة لهذا التحدي.
قال عبد المجيد الشرفي: ذلك أن المسلمين آنذاك أدركوا صعوبة إثبات المصدر الإلهي للرسالة المحمدية من دون الوقوع في التجسيم أو التشبيه (2).
أي: إما بشرية الرسالة وإما التجسيم!!. والثاني مستحيل فصح الأول.
(1) نفس المرجع (51).
(2)
الإسلام بين الرسالة والتاريخ (54).