الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
الطعن في ثبوت القرآن والزيادة والنقص فيه
.
عند أركون حصل أثناء انتقال القرآن من المرحلة الشفاهية إلى المرحلة المكتوبة تلاعبات وحذف في النص.
وهذه عبارته: إن الانتقال من مرحلة الخطاب الشفهي إلى مرحلة المدونة النصية الرسمية المغلقة (أي: إلى مرحلة المصحف)، لم يتم إلا بعد حصول الكثير من عمليات الحذف والانتخاب والتلاعبات (1) اللغوية التي تحصل دائما في مثل هذه الحالات. فليس كل الخطاب الشفهي يدون، وإنما هناك أشياء تُفقد أثناء الطريق. نقول ذلك ونحن نعلم أن بعض المخطوطات قد أتلفت كمصحف ابن مسعود مثلا، وذلك لأن عملية الجمع تمت في ظروف حامية من الصراع السياسي على السلطة والمشروعية، وهذا ما أثبته النقد الفيلولوجي الاستشراقي وهنا تكمن ميزته الأساسية. فليس هدفي أن أنكر ميزات الاستشراق الجاد والخدمات العلمية التي قدمها للتراث الإسلامي (2).
جعل الطعن في القرآن والتشكيك فيه من مميزات الاستشراق الجاد، بل من الخدمات العلمية التي قدمها للتراث الإسلامي.
وقال: إن عملية الانتقال من مرحلة النص الشفهي إلى مرحلة النص المكتوب تصحب حتما بضياع جزء من المعنى (3).
وقال: وفي أثناء عملية الانتقال من التراث الشفهي إلى التراث الكتابي تضيع
(1) تحدث عن هذه التلاعبات في تاريخية الفكر العربي (85).
(2)
قضايا في نقد العقل الديني (188).
(3)
العلمنة والدين (28).
أشياء، أوتحور أشياء، أو تضاف بعض الأشياء (1).
والحاصل كما يقول الطعان في العلمانيون والقرآن (793) عن مسألة تحريف القرآن عند أركون: حتى لكأنه وُظف لهذا الغرض بالذات، فهي القضية المحورية والجوهرية، بل الوحيدة التي يذهب ويعود إليها في كل مؤلفاته، وهو يجتر كل ما تفوه به المستشرقون القدماء والمحدثون بالإضافة إلى التخرصات التي يعثر عليها في كتابات المؤرخين والباحثين الوضعيين لتاريخ الأديان.
وهذا علماني كبير مثل علي حرب يؤكد أن صادق جلال العظم ونصر حامد أبا زيد يشككان بمصداقية الخطاب النبوي أو ينقضان ظاهرة الوحي الإلهي (2).
وذكر أن ممن ينتقد الأصل أي: الله والنبوة والوحي، ويشكك في مصداقية النص: إسماعيل مظهر وطه حسين ونصر حامد أبو زيد (3).
وأما أركون فهو يقوم بنفس الدور وله نفس الهدف لكن بطرق ملتوية. قال علي حرب: أما أركون فإنه يحاول متسلحا بمنهجيته ذات القدرة الهائلة على الحفر والسبر أن يلج إلى القلعة، لكي يقوم بتلغيمها أو تفكيكها من الداخل. وزاد أن محاولته هي الأكثر خطورة وأهمية، أي: الأكثر فاعلية ومردودية (4).
وشهد شاهد من أهلها.
نقل هاشم صالح في الإسلام والانغلاق اللاهوتي (78) عن هانز كونغ
(1) قضايا في نقد العقل الديني (232).
(2)
الممنوع والممتنع (121).
(3)
الممنوع والممتنع (173).
(4)
الممنوع والممتنع (121).
ووافقه مؤكدا (80) تشكيكه في نزول القرآن من عند الله.
واعتبر نصر أبو زيد أن اعتبار (القرآن نزل به الوحي الأمين على محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى وأنه نص قديم أزلي) من أخطر الأفكار الراسخة والمهيمنة (1).
بل اعتبرها ليست جزءا من العقيدة، وأن القرآن ليس محفوظا في السماء في اللوح المحفوظ، وما ورد في القرآن من ذلك يجب فهمه مجازيا (2).
وأن قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} لا يعني أن الله يتدخل بحفظ كتابه كما يظن المسلمون جميعا، بل هو تدخل بالإنسان المؤمن بالبشارة والحض والحث والترغيب على أهمية هذا الحفظ. بل اعتبر أن الظن بأن الله يتولى حفظ كتابه وعي يضاد الإسلام ذاته (3).
ولا يهم أبو زيد تفاهة هذا الطرح وتهافته، بل همه كما قال تعالى عن أمثاله:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} فصلت26.
فالمهم هو اللغو والمهاترة والمغالطة، بغض النظر عن حظ ذلك من المصداقية والعقل.
ثم بيَّن علامة الزمان أبو زيد أن اللوح المحفوظ والأمر الإلهي ما هي إلا مجازات فقط وليس حقيقة واقعة موجودة (4).
ويرى سيد القمامة القمني أن القرآن سقطت منه آيات كثيرة، بل وسورا مثل سور الحفد والخلع والرجم ورضاع الكبير (5).
(1) النص والسلطة (67).
(2)
النص والسلطة (69).
(3)
النص والسلطة (70).
(4)
النص والسلطة (72).
(5)
شكرا ابن لادن (1
وشكك تيزيني في صحة القرآن، مؤكدا أنه سيأتي «في الجزء الثاني من هذا المشروع من شأنه أن يضع يدنا على أن بعض التغييرات التي لم تكن ضئيلة أو التي لا يجوز إهمالها، من حيث المبدأ البحثي التاريخي، طرأت على البنية المتنية للقرآن» (1).
ثم مضى مشككا في كون القرآن مصدرا موثوقا به تاريخيا في التأريخ لحياة البني، وأن الحماسة الدينية مع الجهل بتحقيق النصوص وبقواعد البحث العلمي التاريخي والتراثي هي السبب وراء تلك الإطلاقات (2).
وفي كتابه النص القرآني (52 - 55) ذكر أن القرآن خضع لعملية تحول من لفظ شفاهي إلى لفظ مكتوب، وأثناء العملية فُقدت أشياء وأضيفت أشياء وتصحفت أشياء.
وأنه وقعت تغييرات في القرآن عند كتابته (63).
وأنه بتأثير من المصالح السياسية المتصارعة أدت لعمليات اختراق متنه زيادة ونقصانا (65).
وكثير من السور والآيات زيدت أو أنقصت أو أبعدت (253).
ولهذا لاحظ غياب الاتساق التاريخي والبنيوي المنطقي في ترتيب سوره وآياته وموضوعاته (253).
وشكك عادل ضاهر في صحة النصوص المنقولة عن الأنبياء والمنسوبة لله، وقال: فلا توجد ضمانات مطلقة في أنها غير محرفة أو غير منحولة (3).
وتقدم كلام أركون المشكك في نقل القرآن من الحالة الشفهية إلى الحالة
(1) مقدمات أولية (157).
(2)
مقدمات أولية (158).
(3)
الأسس الفلسفية للعلمانية (283).
المكتوبة، ونزيد هنا قوله عن هذا الانتقال مشككا في نزاهته: فإنه سيحصل بالضرورة نوع من التبعثر للقداسة بسبب التكرار. هذا إن لم يحصل نوع من الابتذال والانحطاط لها (1).
وذكر رشيد الخيون أن القرآن -ولأنه ينسخ باليد- لم يسلم من التحريف (2).
وزعم الجابري أن من تلقوا القرآن من القبائل الأخرى كانوا يقرأونه حسب لهجاتهم ولغاتهم فيقولون مثلا بدل «قال» «كال» بالقاف المعقوفة (الجيم المصرية) أو «غال» بالغين أو «آل» بالهمزة إلخ كما تفعل شرائح اجتماعية كثيرة في جميع الأقطار العربية تقريبا. وقس على هذا نطق أهل الخليج بالكاف شينا، خصوصا أهل العراق والكويت، ونطق المصريين بالذال زايا الخ. ليس هذا فحسب، بل من الممكن أن يترجم أهل قبيلة معينة بعض ألفاظ القرآن المنطوقة بلغة قريش إلى ما يرادفها في لغتها الخاصة، فيقولون مثلا:«هلم» بدل «تعال» أو «أقبل» بدل «إئت» (3).
فالقرآن حسب الجابرى حَوَّرت فيه القبائل وزادت ونقصت.
(1) نحو نقد العقل الإسلامي (229).
(2)
جدل التنزيل (8 - 50).
(3)
مدخل إلى القرآن الكريم (153 - 154).