الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمعنى في اللفظ، مثل أن يقول: إنما ارتفع يكتب في نحو: مررت برجل يكتب؛ لقيامه مقامَ الاسم وهو كاتب، فيقول المعترض على المعلل: هذا ينتقض بقولك: مررت برجل كتب، فإنه -أي: كتب- فعل قد قام مقام الاسم وهو كاتب، وليس بمرفوع، فانتقضت العلة.
فتقول في الجواب: قيام الفعل مقام الاسم إنما يكون موجبًا للرفع إذا كان الفعل معربًا، وهو الفعل المضارع نحو: يكتب، وكتب فعل ماض، والفعل الماضي لا يستحق شيئًا من الإعراب أي: لا رفعًا ولا غيره، فلما لم يستحق شيئًا من جنس الإعراب، أي: لعدم وجود ما يقتضي الإعراب فيه وهو تعاور المعاني المختلفة على التركيب، مُنِعَ هذا الفعل الرفع الذي هو نوع منه -أي: من الإعراب- فكأنا قلنا: هذا النوع من الأفعال الذي هو المضارع المستحق للإعراب، قام مقام الاسم فوجب له الرفع، أي: وقوله: هذا النوع المستحق للإعراب لم يذكر في لفظ العلة، لكنه معنى موجود فيها، فلا يرد النقض بالفعل الماضي الذي لا يستحق شيئًا من الإعراب، فدفع النقض هنا كان بمعنى في اللفظ، أما على مذهب من يرى تخصيص العلة فإن النقض غير مقبول، أي: لأن العلة عنده مخصوصة بغير ما نقضت به.
تخلف العكس
ذكر السيوطي أن القادح الثاني من القوادح في العلة تخلف العكس، فقال:"ومنها -أي: من القوادح- تخلف العكس، بناء على أن العكس شرط في العلة، وهو رأي الأكثرين"، وهو -أي: العكس- كما قال الأنباري في (لمع الأدلة): "أن يعدم الحكم عند عدم العلة"، فمعنى تخلفه انتفاؤه، أي: كون العلة غير منعكسة مع أن العكس شرط فيها عند الأكثرين. ومن أمثلة العكس التي أوردها
السيوطي نقلًا عن الأنباري: كعدم رفع الفاعل لعدم إسناد الفعل إليه لفظًا أو تقديرًا، وعدم نصب المفعول لعدم وقوع الفعل عليه لفظًا أو تقديرًا.
ومع أبي البركات الأنباري حيث يقول: "وقولنا: تقديرًا؛ احتراز من نحو قولهم: إنِ الله أمكنني من فلان، وامرأ اتقى الله، فإنه وإن كان إسناد الفعل إلى الفاعل ووقوع الفعل على المفعول قد عدم لفظًا، إلا أنه قد وجد تقديرًا؛ لأن التقدير في قولهم: إنِ الله أمكنني من فلان: إن أمكنني الله أمكنني من فلان، فحذف الفعل الأول لفظًا وجعل الثاني تفسيرًا له، وعلى هذا التقدير قوله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} (التوبة: 6) أي: وإن استجارك أحد من المشركين استجارك، فحذف الأول وجعل الثاني تفسيرًا له، والتقدير في قولهم: امرأً اتقى الله: رحم الله امرأً، فحذف الفعل لفظًا لدلالة الحال عليه، فالفعل ها هنا وإن عدم لفظًا فقد وجد تقديرًا، فلهذا المعنى قلنا: أو تقديرًا. وإنما وجب أن يكون العكس شرطًا في العلة؛ لأن هذه العلة مشبهة بالعلة العقلية، والعكس شرط في العلة العقلية، فكذلك ما كان مشبهًا بها.
وذهب بعضهم إلى أن العكس ليس بشرط في العلة -أي: في صحتها- ومعنى عدم العكس -أي: تخلف العكس- أنه لا يعدم الحكم -أي: لا يفقد- عند فقدها، أي: عند عدم العلة. فتخلف العكس هو وجود الحكم مع فقد العلة، وذلك نحو ما ذهب إليه بعض النحويين الكوفيين من أنه لا يعدم أي: لا يعدو نصب الظرف إذا وقع خبرًا عن المبتدأ نحو: زيد أمامك، من أنه منصوب بفعل محذوف غير مطلوب إظهاره، ولا مقدر وجوده، بل حذف الفعل واكتفي بالظرف منه وبقي منصوبًا بعد حذف الفعل لفظًا وتقديرًا على ما كان عليه من قبل حذف الفعل، أي: وبهذا المثال يعلم أنه وجد المعلول وهو نصب الظرف بغير علته وهو الفعل الناصب له.