الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول بالموجب
الموجب -بفتح الجيم- ما يقتضيه الدليل، أو هو المسبب، وبكسرها: الدليل نفسه، أو السبب، وقد ذكر السيوطي نقلًا عن أبي البركات الأنباري قوله في (جدل الإعراب) معرفًا بالقول الموجب في اصطلاح علماء الأصول:"وهو أن يسلِّم للمستدل -أي: الخَصم- ما اتخذه موجبًا للعلة مع استبقاء الخلاف، أي: في المتنازع فيه، ومتى توجه -أي: الخلاف- في عموم الصور المختلف فيها كان المستدل منقطعًا، فإن توجه في بعض السور مع عموم العلة، لم يعدَّ منقطعًا. أي: لعموم علته لذلك وإن اختلف فيه، أي: في هذا العموم".
وضَرَبَ مثلًا لذلك، فقال:"مثل أن يستدل البصري على جواز تقديم الحال على عاملها الفعل المتصرف". هذه عبارة السيوطي. وعبارة الأنباري: "مثل أن يستدل البصري على جواز تقديم الحال على العامل في الحال إذا كان العامل فيها فعلًا متصرفًا، وذو الحال -أي: وصاحب الحال- اسمًا ظاهرًا، نحو: راكبًا جاء زيد، فراكبًا حال، وجاء فعل ماض، وزيد فاعل، فالعامل في الحال -وهو جاء- فعل متصرف، فيكون عمله قويًّا، فيجوز تقديم الحال عليه، ولذلك قيل: راكبًا جاء زيد". قال ابن مالك:
والحال إن ينصب بفعل صرفا
…
أو صفة أشبهت المصرفا
فجائز تقديمه كمسرعًا
…
ذا راحل ومُخلصًا زيد دَعَا
ابن مالك أتى في البيت الثاني بمثالين؛ المثال الأول: تقدمت فيها الحال والعامل في الحال لفظ راحل، وهو صفة متصرفة؛ لأنها اسم فاعل،
والمثال الثاني: مخلصًا زيد دعا، تقدم الحال، والعامل فعل متصرف وهو دعا، فشمل النوعين، فيقول -أي: البصري: جواز تقديم معمول الفعل المتصرف ثابت في غير الحال، يعني: في نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} (الضحى: 9) فـ {الْيَتِيمَ} مفعول مقدم، وقد تقدم على عامله المتصرف، ونحو قوله عز وجل:{فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ} (البقرة: 87){فَفَرِيقًا} مفعول به مقدم، وقد تقدم على عامله الفعلي المتصرف، وما لا يحصَى من المفاعيل، فكذلك في الحال، أي: كغيره من المنصوبات.
فيقول له الكوفي: أنا أقول بموجبه، فإن الحال يجوز تقديمها عندي إذا كان ذو الحال مضمرًا، أي: إذا كان صاحب الحال مضمرًا، نحو: راكبًا جئتُ، فراكبًا حال، وقد تقدمت على العامل، لكن صاحب الحال هنا مضمر وليس اسمًا ظاهرًا، وهو الضمير: تاء الفاعل، دونما إذا كان صاحب الحال مظهرًا. لماذا؟ لئلا يؤدي ذلك إلى الإضمار قبل الذكر، أي: وذلك عندي -أنا الكوفي- ممنوع. والجواب: أن يقدر العلة على وجه لا يمكنه القول بالموجب، بأن يقول: عنيت به ما وقع الخلاف فيه، وعرفته بالألف واللام، فتناوله وانصرف إليه.
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام هذا الدرس هذا وبالله التوفيق.