الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاسْتِحْصَادِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ أَوْ الصَّبِيِّ فَجَمِيعُ الْخَارِجِ يَكُونُ لِلصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا وَلَا ضَمَانَ النُّقْصَانِ، أَمَّا النُّقْصَانُ فَلِأَنَّ الزِّرَاعَةَ حَصَلَتْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَقَوْلُهُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا أَرَادَ بِهِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ نَفْيَ الْأَجْرِ فِي الْحَالِ أَمَّا بَعْدَ الْعِتْقِ فَيُخَاطَبُ بِالْأَجْرِ وَأَرَادَ بِهِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ نَفْيَ الْأَجْرِ فِي الْحَالِ، وَبَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ يُؤَاخَذُ بِضَمَانِ الْأَقْوَالِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَصِيٌّ يَأْخُذُ أَرْضَ الْيَتِيمِ مُزَارَعَةً، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى آخَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ بَذْرِهِ حَالًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَصِيِّ جَازَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا أَرْضَ الْيَتِيمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِئْجَارِ الْوَصِيِّ الصَّغِيرِ وَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ لِلْيَتِيمِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَوْ ضَمَانُ الْمِثْلِ أَوْ ضَمَانُ النُّقْصَانِ وَالْبَذْرُ لَوْ كَانَ مِنْ الْيَتِيمِ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ مِمَّا يُصِيبُهُ مِنْ الْخَارِجِ لَمْ تَجُزْ الْمُزَارَعَةُ، وَإِنْ كَانَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ الْخَارِجِ خَيْرًا لَهُ جَازَتْ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّ تَمَامَ النَّظَرِ لِلصَّبِيِّ فِي هَذَا، عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا أَخَذَ بَذْرَ الْيَتِيمِ فَزَرَعَهُ فِي أَرْضِ الْيَتِيمِ وَأَشْهَدَ عَلَى الْمُزَارَعَةِ وَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ قَرْضًا وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ، فَإِنْ كَانَ الرِّيعُ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ فَلَهُ الرِّيعُ، وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ خَيْرًا لَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَاب الثَّانِي وَالْعُشْرُونَ فِي الِاخْتِلَاف الْوَاقِع بَيْن رَبّ الْأَرْض وَالْمَزَارِع]
(الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارَعِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْمُزَارَعِ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ وَفَسَادِهَا، وَدَعْوَى الْجَوَازِ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ، وَدَعْوَى الْفَسَادِ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا شَرْطًا يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَدَّعِيَ اشْتِرَاطَ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَالثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ اشْتِرَاطَ النِّصْفِ وَزِيَادَةَ عَشْرَةٍ وَالثَّالِثُ أَنْ يَدَّعِيَ اشْتِرَاطَ النِّصْفِ إلَّا عَشَرَةً، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا اشْتِرَاطَ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ وَادَّعَى الْآخَرُ اشْتِرَاطَ أَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارَعِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي لِلْفَسَادِ صَاحِبَ الْأَرْضِ أَوْ صَاحِبَ الْبَذْرِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ إنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ سَوَاءٌ كَانَ يَدَّعِي الْجَوَازَ أَوْ الْفَسَادَ وَسَوَاءٌ أَخْرَجَتْ الْأَرْضَ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ رَبُّ الْأَرْضِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمُزَارَعِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَمَا عَرَفْتَ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي جَانِبِ الْمُزَارَعِ ثَمَّةَ فَهُوَ كَذَلِكَ فِي جَانِبِ رَبِّ الْأَرْضِ فِي هَذَا الْوَجْهِ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَقْفِزَةً مَعْلُومَةً، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ شَرَطَ النِّصْفَ وَزِيَادَةَ عَشَرَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ.
إنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ الْأَقْفِزَةِ عَلَى النِّصْفِ صَاحِبَ الْبَذْرِ وَهُوَ رَبُّ الْأَرْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ الَّذِي يَدَّعِي النِّصْفَ سَوَاءٌ وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي زِيَادَةَ الْعَشَرَةِ الْأَقْفِزَةِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ الْعَشَرَةِ الْأَقْفِزَةِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْمُزَارَعُ إنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْجَوَازِ وَهُوَ صَاحِبُ الْبَذْرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْمُزَارَعُ.
فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ أَنْ يُثْبِتُ زِيَادَةَ الْعَشَرَةِ الْأَقْفِزَةِ، هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَإِنَّ الْمُزَارَعَ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْأَرْضِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَمَا عَرَفْتَ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ، هَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ شَرْطَ النِّصْفِ وَزِيَادَةَ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا شَرْطَ النِّصْفِ إلَّا عَشَرَةً فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ
أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْئًا وَالْمُدَّعِي لِشَرْطِ النِّصْفِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْمُزَارِعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ.
وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَهُوَ رَبُّ الْأَرْضِ أَيْضًا، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْبَذْرِ أَيْضًا، هَذَا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: أَمَّا إنْ كَانَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ صَاحِبَ الْبَذْرِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَذْرِ.
وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ الْمُزَارِعَ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي جَوَازِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ، وَأَمَّا إذَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ الْعَقْدِ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَشْرُوطِ قَالَ صَاحِبُ الْبَذْرِ لِلْآخَرِ: شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَا بَلْ شَرَطْتَ لِي النِّصْفَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُزَارَعِ، مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ يُبْدَأُ بِيَمِينِ رَبِّ الْأَرْضِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْبِدَايَةُ بِيَمِينِ الْمُزَارَعِ عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا تَحَالَفَا فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا إذَا طَلَبَا أَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ، فَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ بَعْدَ مَا حَلَفَا إنْ كَانَ الْقَاضِي قَدْ فَسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا لَا يَلْتَفِتُ إلَى بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَأَيُّهُمَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ يَعْنِي قَبْلَ التَّحَالُفِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ، هَذَا إنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ إنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْمُزَارِعِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ لَا يَتَحَالَفَانِ، هَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارِعِ فَالْمُزَارِعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْأَرْضِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ لَا يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ يَتَحَالَفَانِ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ رَبِّ الْأَرْضِ، قَالُوا مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ صَاحِبُ الْبَذْرِ: أَنَا لَا أَنْقُضُ الْمُزَارَعَةَ.
فَأَمَّا إذَا قَالَ: أَنَا أَنْقُضُ الْمُزَارَعَةَ لَا مَعْنَى لِلتَّحَالُفِ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا فِي شَرْطِ الْأَنْصِبَاءِ فَالْقَوْلُ لِوَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي صَاحِبِ الْبَذْرِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُزَارِعِ وَوُرَّاثِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْبَذْرِ وَفِي الشَّرْطِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ وَالزَّارِعُ صَاحِبُ الْيَدِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ فَلَمَّا حَصَدَ الزَّرْعَ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: كُنْتَ أَجِيرِي زَرَعْتَهَا بِبَذْرِي، وَقَالَ الْمُزَارِعُ: كُنْتُ أَكَّارًا وَزَرَعْتُ بِبَذْرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُزَارِعِ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ كَانَ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ ذِي الْيَدِ.
كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلَيْنِ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا سَنَتَهُمَا هَذِهِ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ فَلِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ الثُّلُثُ مِنْهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا، لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَحَدَهُمَا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ لِلْعَمَلِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَاسْتَأْجَرَ الْآخَرَ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَقْدَيْنِ جَائِزٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا كَثِيرًا فَاخْتَلَفَ الْعَامِلَانِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا صَاحِبُ الثُّلُثِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ أَخَذَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ الثُّلُثَ بِإِقْرَارِهِ وَأَخَذَ الْآخَرُ الثُّلُثَ بِبَيِّنَتِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِحْقَاقِهِ ثُلُثَ الْخَارِجِ انْتِفَاءَ الْأَجْرِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ.
وَلَوْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا صَاحِبُ الْأَجْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا