الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ، وَعَلَى الْمَوْلَى الْبَيِّنَةُ ثُمَّ إذَا جَعَلَ الْقَاضِي الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُكَاتَبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَأَلْزَمَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَقَامَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ لَزِمَهُ أَلْفَانِ وَيَسْعَى فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا قَوَامَ لِلْيَمِينِ إذَا جَاءَتْ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَدَّى الْعَبْدُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَضَى الْقَاضِي بِعِتْقِهِ ثُمَّ أَقَامَ السَّيِّدُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ.
فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعْتَقَ مَا لَمْ يُؤَدِّ أَلْفَيْنِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُوَ حُرٌّ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أُخَرَ، وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا، وَاخْتَلَفَا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَقَالَ لِلْمَوْلَى: كَاتَبْتنِي عَلَى نَفْسِي وَمَالِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ السَّيِّدُ: لَا بَلْ كَاتَبْتُك عَلَى نَفْسِك دُونَ مَالِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَلَا يَتَحَالَفَانِ هَاهُنَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبِ، وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى: كَاتَبْتُك يَوْمَ كَاتَبْتُك، وَهَذَا الْمَالُ فِي يَدِك، وَهُوَ مَالِي، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: لَا بَلْ هُوَ لِي أَصَبْتُهُ بَعْدَمَا كَاتَبْتنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ وَكَانَ عَلَى الْمَوْلَى الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمَوْلَى أَوْلَى، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصِلْ الْأَجَلِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَصِلْ الْأَجَلِ وَمِقْدَارِهِ، وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ، وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَنَجَّمَ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ مِائَةً، وَقَالَ الْمَوْلَى لَا بَلْ نَجَّمْت عَلَيْك كُلَّ شَهْرٍ مِائَتَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْمُكَاتَبَةِ فِي وَلَدِهَا، فَقَالَ الْمَوْلَى وَلَدْتِهِ قَبْلَ أَنْ كَاتَبْتُك وَقَالَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَلْ وَلَدْته بَعْدَمَا كَاتَبْتنِي، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى.
وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الْمُكَاتَبَةِ، وَلَا يُعْلَمُ مَتَى وَلَدَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا اعْتِبَارًا لِلْيَدِ فِي الْفَصْلَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي أَيْدِيهمَا رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا فَسَادًا فِي الْكِتَابَةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى الْعَقْدِ يَكُونُ اتِّفَاقًا مِنْهُمَا عَلَى مَا يُصَحِّحُ الْعَقْدَ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ.
وَلَوْ كَاتَبَ الذِّمِّيُّ عَبْدًا لَهُ مُسْلِمًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ، وَأَقَامَ الْمَوْلَى بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى لَمْ تُقْبَلْ.
حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا ذِمِّيًّا، وَكَاتَبَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمُكَاتَبَةِ فَأَقَامَ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ بِأَمَانٍ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْعَبْدِ الذِّمِّيِّ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَإِنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَتِهِ تُكَاتَبْ عَلَيْهِ، وَكَانَ كَسْبُ الْوَلَدِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ وَلَدًا دَخَلَ الْوَلَدُ فِي كِتَابَتِهَا فَكَانَتْ هِيَ أَحَقُّ بِهِ وَبِكَسْبِهِ، وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ وَكَاتَبَهُمَا فَوَلَدَتْ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهَا وَكَسْبُهُ لَهَا، وَلَوْ قُتِلَ هَذَا الْوَلَدُ تَكُونُ قِيمَتُهُ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَبِلَا الْكِتَابَةَ عَنْ أَنْفُسِهِمَا وَعَنْ وَلَدِهِمَا الصَّغِيرِ فَقَتْلُ الْوَلَدِ حَيْثُ تَكُونُ قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَكُونُ الْأُمُّ أَحَقَّ بِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
مُكَاتَبٌ تَزَوَّجَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ امْرَأَةً زَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَوْلَادُهَا عُبَيْدٌ لَا يَأْخُذُهُمْ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَبَانَتْ أَمَةً لَمْ يَأْذَنْ لَهَا مَوْلَاهَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَيُؤْخَذُ بِالْعُقْرِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَافْتَضَّهَا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا وَقَعَ الْمُكَاتَبُ عَلَى بِكْرٍ فَافْتَضَّهَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِوُجُودِ الزِّنَا الْمَحْضِ، وَهُوَ مُخَاطَبٌ، فَإِنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ شُبْهَةٌ، وَلَمْ تُطَاوِعْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ إلَّا أَنَّهَا إذَا طَاوَعَتْهُ فَقَدْ رَضِيَتْ بِتَأْخِيرِ حَقِّهَا فَيَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ تُطَاوِعْهُ لَمْ تَرْضَ بِتَأْخِيرِ حَقِّهَا فَيَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهَا كَانَ مُؤَاخَذًا بِالْأَرْشِ، فَإِنْ قَالَ زُوِّجْتهَا فَصَدَّقَتْهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ إذَا أُعْتِقَ لِوُجُودِ إضَافَتِهَا بِتَأْخِيرِ حَقِّهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم.
[كِتَابُ الْوَلَاءِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ وَلَاء الْعَتَاقَةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ سَبَب وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَشَرَائِطهِ وَصِفَتهِ وَحُكْمهِ]
(كِتَابُ الْوَلَاءِ)
وَهُوَ مِنْ الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ قَرَابَةٍ حَاصِلَةٍ بِسَبَبِ الْعِتْقِ أَوْ بِسَبَبِ الْمُوَالَاةِ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْوَلَاءُ نَوْعَانِ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَيُسَمَّى وَلَاءُ نِعْمَةٍ وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ
الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي، وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ) :(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) : فِي سَبَبِهِ وَشَرَائِطِهِ وَصِفَتِهِ وَحُكْمِهِ (أَمَّا)(سَبَبُ ثُبُوتِهِ) فَالْعِتْقُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ حَاصِلًا بِصُنْعِهِ، وَهُوَ الْإِعْتَاقُ أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَى الْإِعْتَاقِ شَرْعًا كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ أَوْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ بِأَنْ وَرِثَ قَرِيبَهُ، وَسَوَاءٌ أَعْتَقَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِوَجْهِ الشَّيْطَانِ، وَسَوَاءٌ أَعْتَقَهُ تَطَوُّعًا أَوْ عَنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ كَالْإِعْتَاقِ عَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالنَّذْرِ وَالْيَمِينِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِعْتَاقُ بِغَيْرِ بَدَلٍ أَوْ بِبَدَلٍ، وَهُوَ الْإِعْتَاقُ عَلَى مَالٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ أَوْ مُضَافًا إلَى وَقْتٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ صَرِيحًا أَوْ يَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ أَوْ كِنَايَةً أَوْ يَجْرِي مَجْرَى الْكِنَايَةِ.
وَكَذَا الْعِتْقُ الْحَاصِلُ بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْمُعْتَقُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا، وَالْآخَرُ كَافِرًا، وَعَلَى هَذَا إذَا أَمَرَ الْمَوْلَى غَيْرَهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ حَالَ حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْآمِرِ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرِ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَوْ أَعْتَقَ فَالْوَلَاءُ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ عَنْهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ فَأَعْتَقَ فَالْوَلَاءُ لِلْمَأْمُورِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا آخَرَ فَأَعْتَقَ فَالْوَلَاءُ لِلْمَأْمُورِ، وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي فَالْعِتْقُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْعَبْدِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ، فَإِنْ قَبِلَ فِي مَجْلِسٍ عَلِمَهُ يُعْتَقُ، وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا أَوْ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا فَوَلَاءُ الْمُعْتَقِ فِيهِمَا لِلْمُعْتِقِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْإِرْثِ، وَهُوَ اتِّحَادُ الْمِلَّةِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ فِيهِمَا قِبَلَ مَوْتِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ يَرِثُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلذِّمِّيِّ الَّذِي هُوَ مُعْتِقٌ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ عَصَبَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ كَانَ لَهُ عَمٌّ مُسْلِمٌ أَوْ ابْنُ عَمٍّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ يَرِثُ الْوَلَاءَ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ يُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ.
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُرَدُّ إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَأَعْتَقَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَنِصْفُ وَلَائِهِ لِلْمُسْلِمِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الذِّمِّيِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ مُسْلِمٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُرَدُّ إلَى بَيْتِ الْمَالِ.
(وَأَمَّا)(شَرَائِطُهُ) فَبَعْضُهَا يَعُمُّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءَ وَلَدِ الْعَتَاقَةِ وَبَعْضُهَا يَخُصُّ وَلَاءَ وَلَدِ الْعَتَاقَةِ أَمَّا الَّذِي يَعُمُّهُمَا جَمِيعًا فَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَبْدِ الْمُعْتَقِ أَوْ لِوَلَدِهِ عَصَبَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُهُ الْمُعْتَقُ، وَأَمَّا الَّذِي يَخُصُّ وَلَاءَ وَلَدِ الْعَتَاقَةِ فَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ مُعْتَقَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ مَا دَامَتْ مَمْلُوكَةً سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا، وَمِنْهَا أَنْ لَا تَكُونَ الْأُمُّ حُرَّةً أَصْلِيَّةً، فَإِنْ كَانَتْ فَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَى وَلَدِهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْتَقًا، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ مُعْتَقَةً وَالْأَبُ مُعْتَقًا فَالْوَلَدُ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْوَلَاءِ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْأَبُ عَرَبِيًّا.
فَإِنْ كَانَ الْأَبُ عَرَبِيًّا، وَالْأُمُّ مَوْلَاةً لِقَوْمٍ فَالْوَلَدُ تَابِعٌ لِلْأَبِ، وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْأَبِ مَوْلَى عَرَبِيٌّ، فَإِنْ كَانَ فَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَرَبِيِّ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلَدُ مُعْتَقًا، فَإِنْ كَانَ لَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأَبِ وَلَا لِمَوْلَى الْأُمِّ بَلْ يَكُونُ، وَلَاؤُهُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ.
(وَأَمَّا)(صِفَتُهُ) فَمِنْهَا أَنَّ الْإِرْثَ بِهِ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِ ثُبُوتِهِ وَشَرْطِهِ مِنْ طَرِيقِ التَّعْصِيبِ، وَيَكُونُ الْمُعْتَقُ آخِرَ عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ مُقَدَّمًا عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَعَلَى أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ فِي اسْتِحْقَاقِ مَا فَضَلَ عَنْ سِهَامِهِمْ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ وَارِثٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ لَهُ ذُو رَحِمٍ كَانَ كُلُّ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ فَإِنَّهُ يُعْطَى فَرَائِضَهُمْ أَوَّلًا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يُعْطَى الْمُعْتَقُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا يُرَدُّ الْفَاضِلُ عَلَى أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ يُحْتَمَلُ الرَّدُّ عَلَيْهِ.
وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يُورَثُ مِنْ الْمُعْتِقِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَا يَكُونُ سَبِيلُهُ عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ بِنَفْسِهَا، وَهُمْ الذُّكُورُ مِنْ عَصَبْته لَا الْإِنَاثُ، وَلَا الذُّكُورُ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَازِمٌ حَتَّى لَا يَقْدِرُ الْمُعْتِقُ عَلَى إبْطَالِهِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً بِأَنْ أَعْتَقَهُ، وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ سَائِبَةً لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ كَانَ شَرْطُهُ بَاطِلًا وَوَلَاؤُهُ لَهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.
(وَأَمَّا)(أَحْكَامُهُ) فَمِنْهَا أَنْ يَرِثَ الْمُعْتِقُ مَالَ الْمُعْتَقِ، وَيَرِثَ مَالَ أَوْلَادِهِ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِ الْإِرْثِ، وَمِنْهَا الْعَقْلُ لِلتَّقْصِيرِ فِي النُّصْرَةِ وَالْحِفْظِ، وَمِنْهَا وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ إلَّا أَنَّهُ آخِرُ الْعَصَبَاتِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.