الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبَعْدَ الْبَيْعِ عَجَزَ عَنْ رَدِّ مَا وَرَاءَ الْمُسْتَحَقِّ فَلِهَذَا سَقَطَ خِيَارُهُ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي كِتَابِ الشُّرُوطِ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَّةَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ كُلِّ الدَّارِ وَذَكَرَ مَكَانَهُ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جَمِيعُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَذَكَرَ أَنَّ الْقِسْمَةَ بَاطِلَةٌ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْآخَرِ لَمْ يَبِعْهُ وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ فَالْبَيْعُ مَاضٍ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ نِصْفَ قِيمَةِ مَا بَاعَ، وَذَكَرَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَأَجَابَ أَنَّ الْقِسْمَةَ بَاطِلَةٌ فِي الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا كَتَبْنَا فِي الْمَتْنِ، وَذَكَرَ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا عَلَى نَحْوِ مَا كَتَبْنَا فِي الْمَتْنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى إنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ وَضَمَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ إلَى مَا فِي يَدِ الْآخَرِ إنْ كَانَ الْآخَرُ لَمْ يَبِعْ مَا أَصَابَهُ وَيَقْسِمَانِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ بَاعَ نَصِيبَهُ يَضُمُّ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ إلَى قِيمَةِ مَا كَانَ فِي يَدِ الْآخَرِ فَيَقْسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ وَرِثُوا دُورًا ثَلَاثَةً أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَارًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ دَارِ أَحَدِهِمْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُنَا: الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ: إنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ كُلَّهَا وَاسْتَقْبَلُوهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ النِّصْفَ وَرَجَعَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ وَاحِدَةٌ وَاقْتَسَمُوهَا أَثْلَاثًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْقِسْمَةُ بِحُكْمٍ وَبِغَيْرِ حُكْمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا اقْتَسَمَا دَارًا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَهَا وَالْآخَرُ ثُلُثَيْهَا وَقِيمَةُ النَّصِيبَيْنِ سَوَاءٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُسْتَحَقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ النَّصِيبَيْنِ أَوْ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَوْ مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ النَّصِيبَيْنِ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَيْتٌ بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا لَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ لَكِنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِهِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْبَاقِي يَرْجِعُ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا بَاعَ فَيَقْسِمُ مَعَ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ عِنْدَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقِسْمَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ قِسْمَةٍ فَاسِدَةٍ مَمْلُوكٌ لَهُ كَالْمَقْبُوضِ بِحُكْمِ بَيْعٍ فَاسِدٍ فَجَازَ بَيْعُهُ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ قِيمَةِ نِصْفِ مَا بَاعَ وَعِنْدَهُمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فَإِذَا بَاعَ مَا فِي يَدِهِ بَطَلَ الْخِيَارُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَيَرْجِعُ بِرُبْعِ مَا فِي يَدِهِ لِأَنَّ مَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ مِلْكُهُ، وَنِصْفُهُ عِوَضٌ عَمَّا تَرَكَهُ عِنْدَ شَرِيكِهِ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ عِوَضَهُ يَرْجِعُ بِمَا تَرَكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكَذَلِكَ أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ وَهِيَ مِائَةُ جَرِيبٍ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ عَشَرَةَ أَجْرِبَةٍ تُسَاوِي أَلْفًا وَيَأْخُذَ الْآخَرُ بِحَقِّهِ تِسْعِينَ جَرِيبًا تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الَّذِي أَصَابَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جَرِيبٌ مِنْ الْعَشَرَةِ الْأَجْرِبَةِ فَرَدَّ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ مِنْهَا عَلَى الْبَائِعِ فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ التِّسْعِينَ جَرِيبًا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَكُونُ تِسْعَةُ أَجْرِبَةٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَضْمَنُ صَاحِبُ التِّسْعِينَ جَرِيبًا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ لِصَاحِبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا كَانَتْ مِائَةُ شَاةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعِينَ مِنْهَا تُسَاوِي خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ سِتِّينَ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَاسْتُحِقَّ شَاةٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ تُسَاوِي عَشَرَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي السِّتِّينَ شَاةً فِي قَوْلِهِمْ وَتَكُونُ الْقِسْمَةُ جَائِزَةً عِنْدَهُمْ وَلَا يُخَيَّرُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْقِسْمَةِ]
ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمِينَ الْغَلَطَ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ بِأَنْ ادَّعَى غَبْنًا فِي الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالْقَضَاءِ لَا بِالتَّرَاضِي تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَتْ بِتَرَاضِي الْخَصْمَيْنِ لَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنْ قِيلَ: تُسْمَعُ فَلَهُ وَجْهٌ وَإِنْ قِيلَ: لَا تُسْمَعُ فَلَهُ وَجْهٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ، وَحُكِيَ عَنْ الْفَضْلِيِّ أَنَّهُ تُسْمَعُ كَمَا إذَا كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِهِ لِلْمُخْتَصَرِ، وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُقِرَّ الْخَصْمُ بِالِاسْتِيفَاءِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ الْغَلَطَ وَالْغَبْنَ إلَّا إذَا ادَّعَى الْغَصْبَ فَحِينَئِذٍ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.
إنْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ غَلَطًا فِي مِقْدَارِ الْوَاجِبِ بِالْقِسْمَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ مُدَّعِيًا الْغَصْبَ بِدَعْوَى الْغَلَطِ كَمِائَةِ شَاةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اقْتَسَمَا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: قَبَضْت خَمْسَةً وَخَمْسِينَ غَلَطًا وَأَنَا مَا قَبَضْت إلَّا خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ الْآخَرُ: مَا قَبَضْت شَيْئًا غَلَطًا وَإِنَّمَا اقْتَسَمْنَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَلَك خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، يَجِبُ التَّحَالُفُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَفِي الْبَيْعِ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَتَحَالَفَانِ إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَائِمًا فَكَذَا فِي الْقِسْمَةِ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُمَا إقْرَارٌ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ فَأَمَّا إذَا سَبَقَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى الْغَلَطِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْغَصْبُ، وَإِنْ قَالَ: اقْتَسَمْنَا بِالسَّوِيَّةِ وَأَخَذْنَا ذَلِكَ ثُمَّ أَخَذْت خَمْسَةً مِنْ نَصِيبِي غَلَطًا. وَقَالَ الْآخَرُ: مَا أَخَذْت مِنْ نَصِيبِك شَيْئًا غَلَطًا وَلَكِنَّا اقْتَسَمْنَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي خَمْسٌ وَخَمْسُونَ وَلَك خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ وَيُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَلَطُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا اقْتَسَمَ الْقَوْمُ أَرْضًا أَوْ دَارًا أَوْ قَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ غَلَطًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي ذَلِكَ: لَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَدَّعِي فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَكَانَ يَجِبُ أَلَّا تُعَادَ الْقِسْمَةُ لِأَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَبَضَ حَقَّهُ وَدَعْوَى الْغَلَطِ بَعْدَ الْقَبْضِ دَعْوَى الْغَصْبِ وَفِي دَعْوَى الْغَصْبِ يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِمَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَلَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ، وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ إعَادَةَ الْقِسْمَةِ عِنْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَى الْغَلَطِ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الدَّعْوَى فَتُحْمَلُ دَعْوَاهُ عَلَى وَجْهٍ تَجِبُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ عِنْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ مُدَّعِي الْغَلَطِ لِصَاحِبِهِ: قَسَمْنَا الدَّارَ بَيْنَنَا بِالسَّوِيَّةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي أَلْفُ ذِرَاعٍ وَلَك أَلْفُ ذِرَاعٍ وَقَبَضْنَا ثُمَّ إنَّك أَخَذْتَ مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ نَصِيبِي مِنْ مَكَان بِعَيْنِهِ غَلَطًا وَيَقُولَ الْآخَرُ: لَا بَلْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَلَك تِسْعُمِائَةِ ذِرَاعٍ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْقِسْمَةَ كَانَتْ عَلَى السَّوِيَّةِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذَا أَخَذَ مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ مَكَان بِعَيْنِهِ مِنْ نَصِيبِ الْمُدَّعِي ثَبَتَ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْقِسْمَةَ كَانَتْ بِالسَّوِيَّةِ وَفِي يَدِ أَحَدِهِمَا زِيَادَةٌ وَلَا يَدْرِي أَنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي فِي أَيِّ جَانِبٍ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ لِيَسْتَوِيَا.
وَتَكُونُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مَسْمُوعَةً وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِالْغَصْبِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْغَلَطِ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَدَّعِي شَيْئَيْنِ الْقِسْمَةَ بِالسَّوِيَّةِ وَغَصْبَ مِائَةِ ذِرَاعٍ وَالشُّهُودُ شَهِدُوا بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَى يَحْلِفُ الْمُدَّعِي قَبْلَ الْغَلَطِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي قَبْلَهُ الْغَلَطَ لَمْ يَثْبُتْ الْغَلَطُ وَالْقِسْمَةُ مَاضِيَةٌ عَلَى حَالِهَا وَإِنْ نَكَلَ يَثْبُتُ الْغَلَطُ فَتُعَادُ الْقِسْمَةُ كَمَا فِي فَصْلِ الْبَيِّنَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ قِسْمَةٍ فِي غَنَمٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ادَّعَى فِيهَا أَحَدُهُمْ غَلَطًا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ فَهُوَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَلَمْ يَرِدْ بِهَذِهِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي حَقِّ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَا التَّسْوِيَةَ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ أَنْ لَا تُعَادَ الْقِسْمَةُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى أَلَا يُرَى أَنَّ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا أَقَامَ مُدَّعِي الْغَلَطِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى لَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ بَلْ يُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا وَفِي الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالثِّيَابِ وَالْأَشْيَاءِ الَّتِي تَتَفَاوَتُ تَجِبُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ كَمَا فِي.
مَسْأَلَةِ الدَّارِ.
وَإِذَا اقْتَسَمَ رَجُلَانِ دَارَيْنِ وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَالْآخَرُ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا غَلَطًا وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ لَهُ كَذَا كَذَا ذِرَاعًا فِي الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَضْلًا فِي قَسْمِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِتِلْكَ الْأَذْرُعِ وَلَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ وَلَيْسَ هَذَا كَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالدَّعْوَى فَاسِدَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي دَارَيْنِ وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَقَاسِمَيْنِ ادَّعَى عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا مِنْ نَصِيبِهِ فِي الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّ الَّذِي شَرَطَ زِيَادَةَ أَذْرُعٍ مِنْ نَصِيبِهِ لِصَاحِبِهِ صَارَ بَائِعًا لِذَلِكَ مِنْ صَاحِبِهِ وَبَيْعُ كَذَا أَذْرُعٍ مِنْ الدَّارِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَكَذَا فِي الْقِسْمَةِ فَإِذَا ثَبَتَ فَسَادُ الدَّعْوَى تَجِبُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ رَفْعًا لِلْفَسَادِ وَعِنْدَهُمَا بَيْعُ كَذَا أَذْرُعٍ جَائِزٌ فَتَجُوزُ الْقِسْمَةُ ثُمَّ إنَّهُمَا فَرَّقَا بَيْنَ الدَّارَيْنِ وَبَيْنَ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ فَقَالَا فِي الدَّارَيْنِ: لَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ وَفِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ تُعَادُ الْقِسْمَةُ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ لَا تُعَادَ الْقِسْمَةُ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ أَيْضًا وَيُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ نَصِيبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الدَّارَيْنِ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِنَفْيِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُدَّعِي كَيْ لَا يَتَفَرَّقَ نَصِيبُهُ.
وَلَا وَجْهَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَشَرَةَ أَذْرُعٍ بِعَيْنِهَا فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ مَتَى قُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ هَكَذَا اسْتَحَقَّ بِأَصْلِ الْقِسْمَةِ وَإِنْ ادَّعَى عَشَرَةَ أَذْرُعٍ شَائِعَةٍ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ شَائِعَةً مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ رُبَّمَا يَتَفَرَّقُ نَصِيبُهُ مَتَى قُسِّمَ مَرَّةً أُخْرَى صَارَ رَاضِيًا بِالتَّفَرُّقِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ الْإِعَادَةَ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ صَاحِبَهُ شَرَطَ لَهُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ نَصِيبِهِ وَقَالَ: لَا أَدْرِي كَيْفَ شَرَطَ لِي عَشَرَةً بِعَيْنِهَا مُتَّصِلَةً بِنَصِيبِي أَوْ شَائِعَةً فِي جَمِيعِ نَصِيبِ صَاحِبِي وَشَهِدَ الشُّهُودُ لَهُ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ وَمَتَى كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَثْبُتُ الرِّضَا مِنْ الْمُدَّعِي بِالتَّفَرُّقِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ لَهُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ بِعَيْنِهَا مُتَّصِلَةً بِنَصِيبِهِ لَا يَكُونُ رَاضِيًا بِالتَّفَرُّقِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ شَائِعَةً يَكُونُ رَاضِيًا بِالتَّفَرُّقِ فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي كَيْفَ كَانَ الشَّرْطُ يَبْنِي الْقَضَاءَ عَلَى مَا هُوَ الْمُسْتَحَقُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ بِالْقِسْمَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُجْتَمِعًا فِي مَكَان وَاحِدٍ بِخِلَافِ الدَّارَيْنِ فَإِنَّ فِي الدَّارَيْنِ وَإِنْ حَمَلْنَا الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ: لَا أَدْرِي كَيْفَ شَرَطَ لِي الْعَشَرَةَ لَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّ بِإِعَادَةِ الْقِسْمَةِ فِي الدَّارَيْنِ لَا يَزُولُ مَا كَانَ يَلْحَقُهُ مِنْ زِيَادَةِ ضَرَرٍ.
وَإِنْ كَانَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ مَكَان بِعَيْنِهِ مُتَّصِلٍ بِدَارِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَقَعُ لَهُ فِي الْقِسْمَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مُتَّصِلَةٌ بِدَارِهِ فَلَا تُفِيدُهُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ فَيُقْضَى لَهُ بِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ شَائِعَةٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اقْتَسَمَ الرَّجُلَانِ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعَةً وَأَخَذَ الْآخَرُ سِتَّةً فَادَّعَى آخُذُ الْأَرْبَعَةِ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ مِنْ السِّتَّةِ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي قَسْمِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا ادَّعَى مِنْ الزِّيَادَةِ أَوْ لَمْ يُقِرَّ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ صَاحِبَهُ يُسْتَحْلَفُ وَلَمْ يُوجِبْ التَّحَالُفَ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا ادَّعَى ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ صَاحِبَهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ غَلَطًا فَيَكُونُ مُدَّعِيًا الْغَصْبَ عَلَى صَاحِبِهِ وَفِي مِثْلِ هَذَا لَا يَجِبُ التَّحَالُفُ فَإِنْ ادَّعَى آخِذُ الْأَرْبَعَةِ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ مِنْ السِّتَّةِ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي قَسْمِهِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي قَسْمِهِ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ فِيهِ قَالَ: وَالْإِشْهَادُ عَلَى الْقِسْمَةِ لَا يَمْنَعُ دَعْوَى الزِّيَادَةِ عَلَى صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
. وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَقَاسِمُونَ فَشَهِدَ الْقَاسِمَانِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ الْخَصَّافُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ قَوْلِهِمَا وَقَاسَمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إذَا قَسَمَا بِأَجْرٍ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِلَيْهِ مَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
شَهَادَةُ الْقَاسِمَيْنِ مَقْبُولَةٌ سَوَاءٌ قَسَمَا بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ شَهِدَ قَاسِمٌ وَاحِدٌ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عَلَى الْغَيْرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ شَهِدَ قَاسِمُ الْقَاضِي عَلَى الْقِسْمَةِ مَعَ غَيْرِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاسِمٌ قَسَمَ دَارًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَأَعْطَى أَحَدَهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ غَلَطًا وَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ قَالَ: يَسْتَقْبِلُونَ الْقِسْمَةَ فَمَنْ وَقَعَ بِنَاؤُهُ فِي قَسْمِ غَيْرِهِ رَفَعَ بِنَاءَهُ وَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْقَاسِمِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَلَكِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِالْأَجْرِ الَّذِي أَخَذَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلَانِ اقْتَسَمَا أَقْرِحَةً فَأَصَابَ أَحَدَهُمَا قَرَاحَانِ وَالْآخَرَ أَرْبَعَةُ أَقْرِحَةٍ ثُمَّ ادَّعَى صَاحِبُ الْقَرَاحَيْنِ أَحَدَ الْأَقْرِحَةِ الَّتِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَصَابَهُ بِالْقِسْمَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ وَكَذَا هَذَا فِي الْأَثْوَابِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي حَدٍّ بِأَنْ كَانَتْ حَائِلَةً بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: هَذَا نَصِيبِي أُدْخِلَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْحَدِّ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَمَّا فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً تَحَالَفَا وَيُجْعَلُ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ لَهُ وَيَبْقَى الْمَوْضِعُ مُشْتَرَكًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ بَعْدَ التَّحَالُفِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ الْقِسْمَةِ تُنْقَضُ وَلَا تَنْفَسِخُ إلَّا بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَسَمَهَا الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: الَّذِي فِي يَدَيَّ هُوَ الَّذِي أَصَابَك وَاَلَّذِي فِي يَدِك لِي وَقَالَ الْآخَرُ: لَا بَلْ الَّذِي فِي يَدَيَّ هُوَ الَّذِي أَصَابَنِي قَالَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِهِ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ دَارًا وَابْنَيْنِ فَاقْتَسَمَا الدَّارَ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ وَأَشْهَدَ عَلَى الْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ وَالْوَفَاءِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا بَيْتًا فِي يَدِ صَاحِبِهِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ صَاحِبُهُ مِنْ قَبْلُ أَنَّهُ قَدْ أَشْهَدَ عَلَى الْوَفَاءِ يَعْنِي قَدْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ كَمَالِ حَقِّهِ فَبَعْدَ ذَلِكَ هُوَ مُنَاقِضٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ إنْ أَقَرَّ بِهِ صَاحِبُهُ فَإِقْرَارُهُ مُلْزِمٌ إيَّاهُ وَالْمُنَاقِضُ إذَا صَدَّقَهُ خَصْمُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ عَلَى الْوَفَاءِ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْقِسْمَةِ حَتَّى قَالَ: اقْتَسَمْنَا فَأَصَابَتْنِي هَذِهِ النَّاحِيَةُ وَهَذَا الْبَيْتُ وَالْبَيْتُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَقَالَ شَرِيكُهُ: بَلْ أَصَابَنِي الْبَيْتُ وَمَا فِي يَدَيَّ كُلُّهُ فَإِنِّي أَسْأَلُ الْمُدَّعِيَ عَنْ الْبَيْتِ أَكَانَ فِي يَدِ شَرِيكِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ أَوْ غَصَبَ مِنْهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ قَالَ: كَانَ فِي يَدَيَّ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَغَصَبَنِي أَوْ أَعَرْتُهُ أَوْ آجَرْتُهُ لَمْ أَنْقُضْ الْقِسْمَةَ وَإِنْ قَالَ كَانَ فِي يَدِ صَاحِبِي قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيَّ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا.
وَلَوْ ادَّعَى غَلَطًا فِي الذَّرْعِ فَقَالَ: أَصَابَنِي أَلْفٌ وَأَصَابَك أَلْفٌ فَصَارَ فِي يَدِك أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَفِي يَدِي تِسْعُمِائَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ: أَصَابَك أَلْفٌ وَأَصَابَنِي أَلْفٌ وَقَبَضْتهَا وَلَمْ أَزِدْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي يَدَّعِي قِبَلَهُ الْغَلَطَ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ قَالَ: أَصَابَنِي أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَأَصَابَك أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ أَصَابَنِي أَلْفٌ وَأَصَابَك أَلْفٌ فَقَبَضْت أَنْتَ أَلْفًا وَمِائَةً وَقَبَضْت تِسْعَمِائَةٍ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَلَوْ قَالَ: كُنْت قَبَضْتُهَا فَغَصَبْتَنِيهَا لَمْ أَنْقُضْ الْقِسْمَةَ وَأُحَلِّفُ الْمُدَّعِيَ قِبَلَهُ الْفَضْلَ.
وَلَوْ اقْتَسَمَا مِائَةَ شَاةٍ فَصَارَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا سِتُّونَ وَفِي يَدِ الْآخَرِ أَرْبَعُونَ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْأَرْبَعُونَ: أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا خَمْسُونَ وَتَقَابَضْنَا ثُمَّ غَصَبْتَنِي عَشَرًا بِأَعْيَانِهَا وَخَلَطْتَهَا بِغَنَمِك فَهِيَ لَا تُعْرَفُ وَجَحَدَ الْآخَرُ الْغَصْبَ وَقَالَ: بَلْ أَصَابَنِي سِتُّونَ وَلَك أَرْبَعُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ الْأَوَّلُ: أَصَابَنِي خَمْسُونَ فَدَفَعْت إلَيَّ أَرْبَعِينَ وَبَقِيَ فِي يَدِك عَشَرَةٌ لَمْ تَدْفَعْهَا إلَيَّ وَقَالَ الْآخَرُ: أَصَابَنِي سِتُّونَ وَأَصَابَك أَرْبَعُونَ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ قَبْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الَّذِي فِي يَدِهِ سِتُّونَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ ادَّعَى الْغَصْبَ بَعْدَ الْقَبْضِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِالْوَفَاءِ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْأَرْبَعُونَ: كَانَتْ غَنَمُ وَالِدِي مِائَةَ شَاةٍ فَأَصَابَنِي خَمْسُونَ وَأَصَابَك خَمْسُونَ وَتَقَابَضْنَا ثُمَّ غَصَبْتَنِي عَشْرًا وَهِيَ هَذِهِ وَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ سِتُّونَ: بَلْ كَانَتْ غَنَمُ وَالِدِي مِائَةً وَعِشْرِينَ فَأَصَابَنِي.