الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوْلَاهُ وَمَعَ هَذَا لَوْ نَقَدَ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتْبَعَهُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ مَالَ الْمَوْلَى، وَلَكِنْ يَتْبَعُ الْبَائِعَ، وَيَأْخُذَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَمَا لَا يَكُونُ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَمَا لَا يَكُونُ) وَالْإِذْنُ كَمَا يَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ يَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ كَمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ يَصِيرُ مَأْذُونًا سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ، وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ صَارَ مَأْذُونًا، وَلَا يَجُوزُ هَذَا التَّصَرُّفُ الَّذِي شَاهَدَهُ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ بِالْقَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ مَا بَاعَهُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ، وَيَصِيرُ مَأْذُونًا فِيمَا يَتَصَرَّفُ بَعْدَ هَذَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فَرَأَى مَوْلَى الْعَبْدِ يَبِيعُهُ، وَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ بِسُكُوتِ الْمَوْلَى، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَتَاعِ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ ثُمَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْعُهْدَةُ تَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: تَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: الْعُهْدَةُ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ نَهَاهُ الْمَوْلَى أَوْ لَمْ يَرَهُ كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَوْلَى لِيَسْتَرِدَّهُ، وَحَلَفَ الْغَاصِبُ ثُمَّ تَصَرَّفَ الْعَبْدُ، وَمَوْلَاهُ سَاكِتٌ ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ فَاسْتَرَدَّهُ لَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا كَذَا فِي الْمُغْنِي.
إذَا اغْتَصَبَ الْعَبْدُ مِنْ رَجُلٍ مَتَاعًا فَبَاعَهُ وَمَوْلَاهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ فَهُوَ إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْبَيْعُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِأَمْرِ الْمَوْلَى أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَرَآهُ يَتَصَرَّفُ فَلَمْ يَنْهَهُ فَهُوَ رِضًا بِالْبَيْعِ لَحِقَهُ دَيْنٌ أَوْ لَا قَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ ثُمَّ يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَفِي نُسْخَةٍ إذَا رَآهُ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ كَانَ ذَلِكَ إجَازَةً لِلْبَيْعِ فَيَبْطُلُ خِيَارُهُ، وَيَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا، وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَرَآهُ يَتَصَرَّفُ، وَلَمْ يَنْهَهُ فَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ فَهُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ثُمَّ قِيلَ يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِيرُ مَحْجُورًا مِنْ وَقْتِ الْإِجَازَةِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ اكْتَسَبَ شَيْئًا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَمَا اكْتَسَبَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَذَلِكَ طَيِّبٌ لَهُ، وَقَبْلَ الْقَبْضِ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَقِيلَ هَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكَسْبُ لِلْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
وَلَوْ رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا فَإِنْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ، وَإِذَا اسْتَرَدَّ لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَوْلَى مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَاسْتَرَدَّ الْمَوْلَى يَبْطُلُ الْبَيْعُ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ، وَاسْتَرَدَّ الْمَوْلَى لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَتَزَوَّجُ أَوْ رَأَى أَمَتَهُ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا فَسَكَتَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا كَذَا فِي الْمُغْنِي.
فَإِنْ أَذِنَ لَهُ إذْنًا عَامًّا جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي سَائِرِ التِّجَارَاتِ، ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَذِنْتُ لَك فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يُقَيِّدُهُ بِنَوْعٍ، كَذَا إذَا قَالَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ فَهُوَ مَأْذُونٌ فِي جَمِيعِهَا، وَسَوَاءٌ نَهَى عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ صَرِيحًا أَوْ سَكَتَ عَنْهُ يَكُونُ مَأْذُونًا فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَدِّ إلَيَّ غَلَّةَ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَاتِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ وَأَنْتَ حُرٌّ، كَذَلِكَ إذَا قَالَ: ضَرَبْت عَلَيْك كُلَّ شَهْرٍ كَذَا أَوْ قَالَ: كُلُّ جُمُعَةٍ كَذَا حَتَّى تُؤَدِّيَهَا إلَيَّ يَصِيرُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
وَلَوْ قَالَ لِلْعَبْدِ: اُقْعُدْ قَصَّارًا أَوْ خَيَّاطًا أَوْ صَبَّاغًا صَارَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَاتِ كُلِّهَا، وَإِذَا قَالَ لَهُ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ فِي الْخُبْزِ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَاتِ كُلِّهَا، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: اشْتَرِ ثَوْبًا لِلْكِسْوَةِ أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمًا لِلْأَكْلِ أَوْ خُبْزًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا اسْتِحْسَانًا، وَيُعْتَبَرُ هَذَا الْإِذْنُ اسْتِخْدَامًا لَا إذْنًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ بِالْعُقُودِ الْمُتَكَرِّرَةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مُرَادَهُ الرِّبْحُ يُجْعَلُ ذَلِكَ إذْنًا، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ الرِّبْحَ لَا يُجْعَلُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ بَلْ يُعْتَبَرُ اسْتِخْدَامًا عُرْفًا وَعَادَةً حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ ثَوْبًا وَبِعْهُ
يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهُ: بِعْ ثَوْبِي هَذَا وَاشْتَرِ بِثَمَنِهِ كَذَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ وَعَنْ هَذَا الْأَصْلِ قُلْنَا إذَا قَالَ: اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ وَآجِرْ نَفْسَك مِنْهُ فِي عَمَلٍ كَذَا لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَالَ: آجِرْ نَفْسَك مِنْ النَّاسِ فِي عَمَلِ كَذَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مَنْ يُعَامِلُ مِنْهُ فَيَكُونُ أَمْرًا بِالْمُعَامَلَةِ مَعَ النَّاسِ فَيَكُونُ أَمْرًا بِعُقُودٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَفِي النَّوَادِرِ جَعَلَ مَسْأَلَةَ الْإِجَارَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَمَّا إنْ قَالَ: آجِرْ نَفْسَك مِنْ فُلَانٍ لِتَخْدُمَهُ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: آجِرْ نَفْسَك مِنْ فُلَانٍ لِتَتَّجِرَ لَهُ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ: آجِرْ نَفْسَك مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ، وَلَوْ آجَرَهُ الْمَوْلَى لِعَمَلِ التِّجَارَةِ مُدَّةً فَهُوَ إذْنٌ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الدُّيُونِ فِيمَا اشْتَرَى لِلْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا دَفَعَ إلَى عَبْدِهِ رَاوِيَةً وَحِمَارًا لِيَسْقِيَ لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَلِجِيرَانِهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ، فَهَذَا لَيْسَ بِإِذْنٍ فِي التِّجَارَةِ، وَكَذَلِكَ الطَّحَّانُ إذَا دَفَعَ إلَى غُلَامِهِ حِمَارًا لِيَنْقُلَ طَعَامًا إلَيْهِ لِيَطْحَنَهُ فَهَذَا لَيْسَ بِإِذْنٍ فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ رَاوِيَةً وَحِمَارًا، وَقَالَ اسْقِ عَلَى هَذَا الْحِمَارِ وَبِعْهُ كَانَ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ، كَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ حِمَارًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْقُلَ الطَّعَامَ مِنْ النَّاسِ بِأَجْرٍ، وَيَنْقُلَ عَلَيْهِ كَانَ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ، كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ النَّاسِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ شَخْصًا فَهُوَ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: اعْمَلْ فِي النَّقَّالِينَ أَوْ فِي الْحَنَّاطِينَ أَوْ قَالَ آجِرْ نَفْسَك فِي النَّقَّالِينَ أَوْ الْحَنَّاطِينَ فَهَذَا مِنْهُ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ أَرْسَلَ عَبْدَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا أَوْ لَحْمًا بِدِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ قَالَ: اشْتَرِ ثَوْبًا فَأَقْطَعْهُ قَمِيصًا لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا بَلْ يُعْتَبَرُ اسْتِخْدَامًا لِلضَّرُورَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَالْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ يَكُونُ إذْنًا فِي الْإِجَارَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
إذَا أَمَرَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ بِقَبْضِ غَلَّةِ دَارٍ أَوْ أَمَرَهُ بِقَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لَهُ عَلَى النَّاسِ أَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ هَذَا بِإِذْنٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، كَذَلِكَ إنْ أَمَرَهُ بِالْقِيَامِ عَلَى زَرْعٍ لَهُ أَوْ أَرْضٍ أَوْ عَلَى عُمَّالٍ لَهُ فِي بِنَاءِ دَارِهِ أَوْ أَنْ يُحَاسِبَ غُرَمَاءَهُ أَوْ أَنْ يَتَقَاضَى دَيْنَهُ عَلَى النَّاسِ، وَيُؤَدِّيَ مِنْهُ خَرَاجَ أَرْضِهِ أَوْ يَقْضِيَ دَيْنًا عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ هُوَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا قَالَ: لِعَبْدِهِ لَا أَنْهَاك عَنْ التِّجَارَةِ كَانَ إذْنًا لَهُ، كَذَلِكَ إذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَحْتَطِبَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ أَمَرَهُ بِقَرْيَةٍ لَهُ عَظِيمَةٍ أَنْ يُؤَاجِرَ أَرَاضِيهَا وَيَشْتَرِيَ الطَّعَامَ وَيَزْرَعَ فِيهَا، وَيَبِيعَ مِنْ الثِّمَارِ وَيُؤَدِّيَ خَرَاجَهَا كَانَ إذْنًا لَهُ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى عَبْدِهِ مَالًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ طَعَامًا فَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَأْذُونِ فِي مَوْضِعَيْنِ فَذَكَرَ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَذَكَرَ فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَقَالَ مَشَايِخُنَا: تَأْوِيلُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يَتَهَيَّأُ لَهُ الشِّرَاءُ بِهِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى مَرَّاتٍ حَتَّى يَكُونَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ عُقُودًا مُتَفَرِّقَةً، وَتَأْوِيلُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَلِيلًا بِحَيْثُ يَتَهَيَّأُ لَهُ الشِّرَاءُ بِهِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يَكُونَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ عَقْدًا وَاحِدًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَالِ الْعَظِيمِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ: يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
إذَا دَفَعَ إلَى غُلَامِهِ مَالًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ إلَى بَلَدِ كَذَا، وَيَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَيَشْتَرِيَ بِهِ الْبَزَّ ثُمَّ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَوْلَاهُ فَفَعَلَهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا دَفَعَ إلَى عَبْدِهِ أَرْضًا بَيْضَاءَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ طَعَامًا فَيَزْرَعَهُ فِيهَا وَيَسْتَأْجِرَ لَهُ أُجَرَاءَ فَيَكْرُونَ أَنْهَارَهَا وَيَسْقُونَ زَرْعَهَا وَيُؤَدِّيَ خَرَاجَهَا فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: بِعْ ثَوْبِي هَذَا لِأَجْلِ الرِّبْحِ وَالنَّمَاءِ أَوْ قَالَ: عَلَى وَجْهِ الرِّبْحِ وَالنَّمَاءِ فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: بِعْ ثَوْبِي مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى وَجْهِ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ يَوْمًا وَاحِدًا فَإِذَا مَضَى رَأَيْت رَأْيًا فَهُوَ مَأْذُونٌ فِي التِّجَارَةِ أَبَدًا حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي أَهْلِ سُوقِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ فِي هَذَا الْحَانُوتِ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ، وَكَذَلِكَ الْإِذْنُ
فِي يَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ يَكُونُ إذْنًا فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي أَهْلِ سُوقِهِ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَإِذَا مَضَى هَذَا الشَّهْرُ قَدْ حَجَرْت عَلَيْك فَلَا تَبِيعَنَّ، وَلَا تَشْتَرِيَنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَجْرُهُ هَذَا بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا أَذِنَ لِلْآبِقِ بِالتِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ عَلِمَ الْآبِقُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ مَعَ مَنْ فِي يَدِهِ صَحَّ، وَإِنْ أَذِنَ لَلْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ مِنْ الْغَاصِبِ وَغَيْرِهِ فَيَمْلِكُ إذْنَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ جَاحِدًا، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَالِكِ لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ كَمَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.
وَلَوْ أَرْسَلَ غُلَامَهُ إلَى أُفُقٍ مِنْ الْآفَاقِ بِمَالٍ عَظِيمٍ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ الْبَزَّ وَنَهَاهُ عَنْ بَيْعِهِ فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ مِنْ بَعِيدٍ وَلَمْ يَسْمَعْ لَمْ يَكُنْ إذْنًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ فَكَاتَبَ نِصْفَهُ كَانَ هَذَا إذْنًا لِجَمِيعِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ عِنْدَهُمَا يَصِيرُ الْكُلُّ مُكَاتَبًا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ نِصْفَهُ مُكَاتَبَا وَمَا اكْتَسَبَ مِنْ مَالٍ نِصْفُهُ لِلْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُكَاتَبْ مِنْهُ وَنِصْفُهُ لِلْمُكَاتَبِ بِاعْتِبَارِ النِّصْفِ الَّذِي يُكَاتَبُ مِنْهُ، وَمَا لَحِقَهُ مِنْ دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لِرَجُلٍ فَقَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ: إذَا رَأَيْتُمْ عَبْدِي هَذَا يَتَّجِرُ فَسَكَتُّ، وَلَمْ أَنْهَهُ فَلَا إذْنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ رَآهُ يَتَّجِرُ فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ) يَجُوزُ إضَافَةُ الْإِذْنِ إلَى الْوَقْتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَذَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْحَجْرِ بِالشُّرُوطِ، وَلَا إضَافَتُهُ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ صَارَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا جَاءَ غَدٌ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ إذَا جَاءَ غَدٌ حَجَرْت عَلَيْك فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مَحْجُورًا ثُمَّ الْعَبْدُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إلَّا بِالْعِلْمِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمَوْلَى: أَذِنْت لِعَبْدِي فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا كَالْوَكَالَةِ، وَلَوْ قَالَ: بَايِعُوا عَبْدِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ، وَالْعَبْدُ لَا يَعْلَمُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْمَأْذُونِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَكُونُ مَأْذُونًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا عَلِمَ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا، وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي سُوقِهِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَإِنْ أَخْبَرَهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَدْلَيْنِ كَانَا أَوْ غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ وَامْرَأَةٌ عَدْلَةٌ صَارَ مَحْجُورًا بِالْإِجْمَاعِ صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ أَرْسَلَ الْمَوْلَى إلَيْهِ رَسُولًا أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا فَبَلَغَهُ الرِّسَالَةُ أَوْ بَلَغَهُ الْكِتَابُ يَصِيرُ مَأْذُونًا كَيْفَمَا كَانَ الرَّسُولُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ فُضُولِيٌّ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَالْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ أَنَّ الْمُخْبِرَ إذَا كَانَ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ وَاحِدًا عَدْلًا يَصِيرُ مَأْذُونًا صَدَقَ الْمُخْبِرُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَصْدُقْ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ، وَنَعْنِي بِظُهُورِ صِدْقِ الْخَبَرِ أَنْ يَحْضُرَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُقِرَّ بِالْإِذْنِ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْإِذْنَ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ إنْ صَدَّقَ الْعَبْدُ الْمُخْبِرَ فِي ذَلِكَ يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَإِنْ ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ، وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ مَأْذُونًا كَيْفَمَا كَانَ الْمُخْبِرُ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ الْحَجْرِ وَالْإِذْنِ عِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ بِقَوْلِ الْفُضُولِيِّ الْوَاحِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَالْحَجْرِ إنَّمَا لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إلَّا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ، وَكَذَا الْحَجْرُ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْفُضُولِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ اعْلَمْ.