الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهَا، فَإِنْ بَاعَهَا تَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا فَإِنْ ذَبَحَهَا وَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا جَازَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا حَيَّةً أَكْثَرَ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، وَلَوْ أَكَلَ مِنْهَا شَيْئًا غَرِمَ قِيمَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَ أَيَّامَ النَّحْرِ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ فَضَحَّى بِهَا عَنْ الْعَامِ الْمَاضِي لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا، فَإِنْ بَاعَهَا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ بَاعَهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُضَحَّى عَنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَاةً وَلَا بَقَرَةً وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ أَيْضًا جَازَ وَتَقَعُ عَلَى الشَّاةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا وَلَا ثَمَنًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَلَمْ يُضَحِّ حَتَّى مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْإِيصَاءُ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ لَمْ يَسْقُطْ التَّصَدُّقُ بِقِيمَةِ الشَّاةِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْإِيصَاءُ بِهِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مِصْرِيٌّ وَكَّلَ وَكِيلًا بِأَنْ يَذْبَحَ شَاةً لَهُ وَخَرَجَ إلَى السَّوَادِ فَأَخْرَجَ الْوَكِيلُ الْأُضْحِيَّةَ إلَى مَوْضِعٍ لَا يُعَدُّ مِنْ الْمِصْرِ فَذَبَحَهَا هُنَاكَ فَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ فِي السَّوَادِ جَازَتْ أُضْحِيَّتُهُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ قَدْ عَادَ إلَى الْمِصْرِ وَعَلِمَ الْوَكِيلُ بِقُدُومِهِ لَمْ تَجُزْ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِعَوْدِ الْمُوَكِّلِ إلَى الْمِصْرِ اخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُجْزِئُهُ، وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ مَحَلِّ إقَامَةِ الْوَاجِبِ]
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ مَحَلِّ إقَامَةِ الْوَاجِبِ) وَهَذَا الْبَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَيَانِ جِنْسِ الْوَاجِبِ وَنَوْعِهِ وَسِنِّهِ، وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ. (أَمَّا جِنْسُهُ) : فَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ: الْغَنَمِ أَوْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ، وَيَدْخُلُ فِي كُلِّ جِنْسٍ نَوْعُهُ، وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْهُ وَالْخَصِيُّ وَالْفَحْلُ لِانْطِلَاقِ اسْمِ الْجِنْسِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمَعْزُ نَوْعٌ مِنْ الْغَنَمِ وَالْجَامُوسُ نَوْعٌ مِنْ الْبَقَرِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيّ شَيْءٌ مِنْ الْوَحْشِيِّ، فَإِنْ كَانَ مُتَوَلَّدًا مِنْ الْوَحْشِيِّ وَالْإِنْسِيِّ فَالْعِبْرَةُ لِلْأُمِّ، فَإِنْ كَانَتْ أَهْلِيَّةً تَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا، حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْبَقَرَةُ وَحْشِيَّةً وَالثَّوْرُ أَهْلِيًّا لَمْ تَجُزْ، وَقِيلَ: إذَا نَزَا ظَبْيٌ عَلَى شَاةٍ أَهْلِيَّةٍ، فَإِنْ وَلَدَتْ شَاةً تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ، وَإِنْ وَلَدَتْ ظَبْيًا لَا تَجُوزُ، وَقِيلَ: إنْ وَلَدَتْ الرَّمَكَةُ مِنْ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ حِمَارًا لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ وَلَدَتْ فَرَسًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْفَرَسِ، وَإِنْ ضَحَّى بِظَبْيَةٍ وَحْشِيَّةٍ أُنِسَتْ أَوْ بِبَقَرَةٍ وَحْشِيَّةٍ أُنِسَتْ لَمْ تَجُزْ.
(وَأَمَّا سِنُّهُ) فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ إلَّا الثَّنِيُّ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَإِلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ خَاصَّةً إذَا كَانَ عَظِيمًا، وَأَمَّا مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَالُوا: الْجَذَعُ مِنْ الْغَنَمِ ابْنُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالثَّنِيُّ ابْنُ سَنَةٍ وَالْجَذَعُ مِنْ الْبَقَرِ ابْنُ سَنَةٍ وَالثَّنِيُّ مِنْهُ ابْنُ سَنَتَيْنِ وَالْجَذَعُ مِنْ الْإِبِلِ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَالثَّنِيُّ ابْنُ خَمْسٍ، وَتَقْدِيرُ هَذِهِ الْأَسْنَانِ بِمَا قُلْنَا يَمْنَعُ النُّقْصَانَ، وَلَا يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ، حَتَّى لَوْ ضَحَّى بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لَا يَجُوزُ، وَلَوْ ضَحَّى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا يَجُوزُ وَيَكُونُ أَفْضَلَ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةِ حَمَلٌ وَلَا جَدْيٌ وَلَا عَجُولٌ وَلَا فَصِيلٌ.
. (وَأَمَّا قَدْرُهُ) : فَلَا تَجُوزُ الشَّاةُ وَالْمَعْزُ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةً سَمِينَةً تُسَاوِي شَاتَيْنِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِمَا، وَلَا يَجُوزُ بَعِيرٌ وَاحِدٌ وَلَا بَقَرَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ سَبْعَةٍ وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. (وَأَمَّا صِفَتُهُ) : فَهُوَ أَنْ يَكُونَ سَلِيمًا مِنْ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَيَجُوزُ بِالْجَمَّاءِ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا، وَكَذَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ بَلَغَ الْكَسْرُ الْمُشَاشَ لَا يُجْزِيهِ، وَالْمُشَاشُ رُءُوسُ الْعِظَامِ مِثْلُ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَيَجُوزُ الْمَجْبُوبُ الْعَاجِزُ عَنْ الْجِمَاعِ، وَاَلَّتِي بِهَا السُّعَالُ، وَالْعَاجِزَةُ عَنْ الْوِلَادَةِ لِكِبَرِ سِنِّهَا، وَاَلَّتِي بِهَا كَيٌّ، وَاَلَّتِي لَا يَنْزِلُ لَهَا لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، وَاَلَّتِي لَهَا وَلَدٌ، وَفِي الْأَجْنَاسِ وَإِنْ كَانَتْ الشَّاةُ لَهَا أَلْيَةٌ صَغِيرَةٌ خُلِقَتْ بِشَبَهِ الذَّنَبِ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا أَلْيَةٌ خُلِقَتْ كَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا تَجُوزُ الْعَمْيَاءُ وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَهِيَ الَّتِي لَا تَقْدِرُ أَنْ تَمْشِيَ بِرِجْلِهَا إلَى الْمَنْسَكِ، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَمَقْطُوعَةُ الْأُذُنَيْنِ وَالْأَلْيَةِ وَالذَّنَبِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاَلَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا فِي الْخِلْقَةِ، وَتُجْزِئُ السَّكَّاءُ وَهِيَ صَغِيرَةُ الْأُذُنِ فَلَا تَجُوزُ مَقْطُوعَةُ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ بِكَمَالِهَا وَاَلَّتِي لَهَا إذْنٌ
وَاحِدَةٌ خِلْقَةً، وَلَوْ ذَهَبَ بَعْضُ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ دُونَ بَعْضٍ مِنْ الْأُذُنِ وَالْأَلْيَةِ وَالذَّنَبِ وَالْعَيْنِ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ الذَّاهِبُ كَثِيرًا يَمْنَعُ جَوَازَ التَّضْحِيَةِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يَمْنَعُ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْجَامِعِ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَهَبَ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الثُّلُثَ وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَهَابُ قَدْرِ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ مِنْ الْعَيْنِ بِأَنْ تُشَدَّ الْعَيْنِ الْمَعِيبَةِ بَعْدَ أَنْ لَا تَعْتَلِفَ الشَّاةُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يُقَرَّبُ الْعَلَفُ إلَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا، فَإِذَا رَأَتْهُ مِنْ مَوْضِعٍ أُعْلِمَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ، ثُمَّ تُشَدُّ عَيْنُهَا الصَّحِيحَةُ وَيُقَرَّبُ الْعَلَفُ إلَى الشَّاةِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى إذَا رَأَتْهُ مِنْ مَكَان أُعْلِمَ ذَلِكَ الْمَكَانُ، ثُمَّ يُقَدَّرُ مَا بَيْنَ الْعَلَامَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ الْمَسَافَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا الثُّلُثَ فَقَدْ ذَهَبَ الثُّلُثُ وَبَقِيَ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ كَانَ نِصْفًا فَقَدْ ذَهَبَ النِّصْفُ وَبَقِيَ النِّصْفُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَأَمَّا الْهَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا، فَإِنْ كَانَتْ تَرْعَى وَتَعْتَلِفُ جَازَتْ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَتَجُوزُ الثَّوْلَاءُ وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُ الرَّعْيَ وَالِاعْتِلَافَ فَلَا تَجُوزُ، وَتَجُوزُ الْجَرْبَاءُ إذَا كَانَتْ سَمِينَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَهْزُولَةً لَا تَجُوزُ، وَتُجْزِئُ الشَّرْقَاءُ وَهِيَ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ طُولًا، وَالْمُقَابَلَةُ أَنْ يُقْطَعَ مِنْ مُقَدَّمِ أُذُنِهَا شَيْءٌ وَلَا يُبَانُ بَلْ يُتْرَكُ مُعَلَّقًا، وَالْمُدَابَرَةُ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِمُؤَخَّرِ الْأُذُنِ مِنْ الشَّاةِ، وَمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِالشَّرْقَاءِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُدَابَرَةِ وَالْخَرْقَاءِ» فَالنَّهْيُ فِي الشَّرْقَاءِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُدَابَرَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، وَفِي الْخَرْقَاءِ عَلَى الْكَثِيرِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقَاوِيلِ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَا تُجْزِئُ الْجَدْعَاءُ وَهِيَ مَقْطُوعَةُ الْأَنْفِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَالْحَوْلَاءُ تُجْزِئُ وَهِيَ الَّتِي فِي عَيْنِهَا حَوَلٌ، وَكَذَا الْمَجْزُوزَةُ وَهِيَ الَّتِي جُزَّ صُوفُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا تَجُوزُ الْحَذَّاءُ وَهِيَ الْمَقْطُوعَةُ ضَرْعُهَا، وَلَا الْمُصَرَّمَةُ وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرْضِعَ فَصِيلَهَا، وَلَا الْجَدَّاءُ وَهِيَ الَّتِي يَبِسَ ضَرْعُهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْيَتِيمَةِ كَتَبْتُ إلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ الْمَرْغِينَانِيُّ، وَلَوْ كَانَتْ الشَّاةُ مَقْطُوعَةَ اللِّسَانِ هَلْ تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهَا؟ . فَقَالَ: نَعَمْ إنْ كَانَ لَا يُخِلُّ بِالِاعْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ يُخِلُّ بِهِ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَقَطْعُ اللِّسَانِ فِي الثَّوْرِ يُمْنَعُ، وَفِي الشَّاةِ اخْتِلَافٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَاَلَّتِي لَا لِسَانَ لَهَا فِي الْغَنَمِ تَجُوزُ، وَفِي الْبَقَرِ لَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَسُئِلَ عَمْرُو بْنُ الْحَافِظِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ إذَا كَانَ الذَّاهِبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُذُنَيْنِ السُّدُسَ هَلْ يُجْمَعُ حَتَّى يَكُونَ مَانِعًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِيَاسًا عَلَى النَّجَاسَاتِ فِي الْبَدَنِ أَمْ لَا يُجْمَعُ كَمَا فِي الْخُرُوقِ فِي الْخُفَّيْنِ؟ . قَالَ: لَا يُجْمَعُ، وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ هَلْ تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.؟ فَقَالَ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا تَجُوزُ الْجَلَّالَةُ وَهِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعُذْرَةَ وَلَا تَأْكُلُ غَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْجَلَّالَةُ إبِلًا تُمْسَكُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى يَطِيبَ لَحْمُهَا وَالْبَقَرُ يُمْسَكُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَالْغَنَمُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَالدَّجَاجَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْعُصْفُورُ يَوْمًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا تُجْزِئُ الْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي وَيَسْتَوِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَذَلِكَ أَوْ صَارَتْ عِنْدَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ مُوسِرٌ أَمَّا إذَا كَانَ مُعْسِرًا أَجْزَأَتْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَاجِبَ فِي ذِمَّتِهِ بَلْ يَثْبُتُ الْحَقُّ فِي الْعَيْنِ فَيَتَأَدَّى بِالْعَيْنِ عَلَى أَيِّ خِلْقَةٍ كَانَتْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فَإِنْ كَانَتْ مَهْزُولَةً فِيهَا بَعْضُ الشَّحْمِ جَازَ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ كَانَتْ مَهْزُولَةً عِنْدَ الشِّرَاءِ فَسَمِنَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَقْطُوعَةُ رُءُوسِ ضُرُوعِهَا لَا تَجُوزُ، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْ وَاحِدٍ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ فِي الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ، وَفِي الشَّاةِ وَالْمَعْزِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمَا، قَوْلُهُ: وَالدَّجَاجَةُ إلَخْ هَذِهِ فَائِدَةٌ ذُكِرَتْ تَتْمِيمًا لِلْعِبَارَةِ الْمُتَقَوَّلَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. مُصَحِّحُهُ، قَوْلُهُ: لَا تُنْقِي مَأْخُوذٌ مِنْ النِّقْي بِكَسْرِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَهُوَ الْمُخُّ أَيْ لَا مُخَّ لَهَا، كَذَا فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا تَفْسِيرُ النِّقْي بِالْمُخِّ اهـ. مُصَحِّحُهُ.
إحْدَى حَلَمَتَيْهَا خَلِقَةً أَوْ ذَهَبَتْ بِآفَةٍ وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ لَمْ تَجُزْ، وَفِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ إنْ ذَهَبَتْ وَاحِدَةٌ تَجُوزُ، وَإِنْ ذَهَبَتْ اثْنَتَانِ لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْخِزَانَةِ لَا يَجُوزُ مَقْطُوعُ إحْدَى الْقَوَائِمِ الْأَرْبَعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِالشَّاةِ الْخُنْثَى؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا لَا يَنْضَجُ، تَنَاثُرُ شَعْرِ الْأُضْحِيَّةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ يَجُوزُ إذَا كَانَ لَهَا نِقْيٌ أَيْ مُخٌّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَالشَّطُورُ لَا تُجْزِئُ وَهِيَ مِنْ الشَّاةِ مَا انْقَطَعَ اللَّبَنُ عَنْ إحْدَى ضَرْعَيْهَا، وَمِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ مَا انْقَطَعَ اللَّبَنُ مِنْ ضَرْعَيْهِمَا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَ أَضْرُعٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ يَذْكُرُ لِهَذَا الْفَصْلِ أَصْلًا وَيَقُولُ: كُلُّ عَيْبٍ يُزِيلُ الْمَنْفَعَةَ عَلَى الْكَمَالِ أَوْ الْجَمَالِ عَلَى الْكَمَالِ يَمْنَعُ الْأُضْحِيَّةَ، وَمَا لَا يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا يَمْنَعُ، ثُمَّ كُلُّ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْأُضْحِيَّةَ فَفِي حَقِّ الْمُوسِرِ يَسْتَوِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَذَلِكَ أَوْ يَشْتَرِيَهَا وَهِيَ سَلِيمَةٌ فَصَارَتْ مَعِيبَةً بِذَلِكَ الْعَيْبِ لَا تَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفِي حَقِّ الْمُعْسِرِ تَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ أُضْحِيَّةً وَهِيَ سَمِينَةٌ فَعَجَفَتْ عِنْدَهُ حَتَّى صَارَتْ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ تُجْزِئْهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَجْزَأَتْهُ إذْ لَا أُضْحِيَّةَ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ فَقَدْ تَعَيَّنَتْ الشَّاةُ لِلْأُضْحِيَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْفَقِيرُ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أُضْحِيَّةً لَا تَجُوزُ هَذِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً وَهِيَ صَحِيحَةُ الْعَيْنِ، ثُمَّ اعْوَرَّتْ عِنْدَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ قُطِعَتْ أُذُنُهَا كُلُّهَا أَوْ أَلْيَتُهَا أَوْ ذَنَبُهَا أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَمْشِيَ لَا تُجْزِي عَنْهُ، وَعَلَيْهِ مَكَانَهَا أُخْرَى بِخِلَافِ الْفَقِيرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ عِنْدَهُ أَوْ سُرِقَتْ، وَلَوْ قَدَّمَ أُضْحِيَّةً لِيَذْبَحَهَا فَاضْطَرَبَتْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَذْبَحُهَا فِيهِ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا، ثُمَّ ذَبَحَهَا عَلَى مَكَانِهَا أَجْزَأَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ انْفَلَتَتْ عَنْهُ الْبَقَرَةُ فَأُصِيبَتْ عَيْنُهَا فَذَهَبَتْ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ. وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا عَيْبٌ دَخَلَهَا قَبْلَ تَعْيِينِ الْقُرْبَةِ بِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ حَالِ الذَّبْحِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لِأَنَّ الشَّاةَ تَضْطَرِبُ فَتَلْحَقُهَا الْعُيُوبُ مِنْ اضْطِرَابِهَا، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ قَالَ: لَوْ عَالَجَ أُضْحِيَّةً لِيَذْبَحَهَا فَكَسَرَهَا أَوْ اعْوَرَّتْ فَذَبَحَهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ مِنْ الْغَدِ فَإِنَّهَا تُجْزِي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
سَبْعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ اشْتَرَوْا بَقَرَةً بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لِلْأُضْحِيَّةِ، وَسَبْعَةٌ آخَرُونَ اشْتَرَوْا سَبْعَ شِيَاهٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ تَكَلَّمُوا أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الثَّانِي كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
عَشَرَةُ نَفَرٍ اشْتَرَوْا مِنْ رَجُلٍ عَشْرَ شِيَاهٍ جُمْلَةً فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُ هَذِهِ الْعَشَرَةَ لَكُمْ كُلَّ شَاةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالُوا: اشْتَرَيْنَا، فَصَارَتْ الْعَشَرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً وَضَحَّى عَنْ نَفْسِهِ جَازَ، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهَا شَاةٌ عَوْرَاءُ فَأَنْكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ تَكُونَ الْعَوْرَاءُ لَهُ لَا تَجُوزُ تَضْحِيَتُهُمْ؛ لِأَنَّ تِسْعَ شِيَاهٍ عَنْ عَشَرَةِ نَفَرٍ لَا تَجُوزُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْخَصِيُّ أَفْضَلُ مِنْ الْفَحْلِ؛ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لَحْمًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ أَنَّ الْبَدَنَةَ أَفْضَلُ أَمْ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشَّاهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْبَدَنَةِ فَالشَّاةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ كُلَّهَا فَرْضٌ وَالْبَدَنَةَ سُبْعُهَا فَرْضٌ، وَالْبَاقِي يَكُونُ فَضْلًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَدَنَةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ لَحْمًا مِنْ الشَّاةِ وَمَا قَالُوا: إنَّ الْبَدَنَةَ يَكُونُ بَعْضُهَا نَفْلًا فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا نُحِرَتْ عَنْ وَاحِدٍ كَانَ كُلُّهَا فَرْضًا، وَشَبَّهَهُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ جَازَ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ يَكُونُ الْكُلُّ فَرْضًا، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ إذَا كَانَ قِيمَةُ الشَّاةِ وَالْبَدَنَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّاةُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَالشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ سُبْعِ الْبَقَرَةِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ وَاللَّحْمِ؛ لِأَنَّ لَحْمَ الشَّاةِ أَطْيَبُ، وَإِنْ كَانَ سُبْعُ الْبَقَرَةِ أَكْثَرَ لَحْمًا فَسُبْعُ الْبَقَرَةِ أَفْضَلُ، وَالْحَاصِلُ فِي هَذَا أَنَّهُمَا إذَا اسْتَوَيَا فِي اللَّحْمِ وَالْقِيمَةِ فَأَطْيَبُهُمَا لَحْمًا أَفْضَلُ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي اللَّحْمِ وَالْقِيمَةِ فَالْفَاضِلُ أَوْلَى، فَالْفَحْلُ الَّذِي يُسَاوِي عِشْرِينَ أَفْضَلُ مِنْ خَصِيٍّ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ، وَالْفَحْلُ أَكْثَرُ لَحْمًا فَالْفَحْلُ أَفْضَلُ، وَالْأُنْثَى مِنْ الْبَقَرِ أَفْضَلُ مِنْ الذَّكَرِ إذَا