الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْمٍ قَرَءُوا قِرَاءَةَ وِرْدٍ وَكَبَّرُوا بَعْدَ ذَلِكَ جَهْرًا؟ . قَالَ: إنْ أَرَادُوا بِذَلِكَ الشُّكْرَ لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: وَإِذَا كَبَّرُوا بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى إثْرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَإِنَّهُ بِدْعَةٌ، وَإِذَا كَبَّرُوا فِي الرِّبَاطَاتِ لَا يُكْرَهُ إذَا أَرَادُوا بِهِ إظْهَارَ الْقُوَّةِ وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الْخَوْفِ، وَإِذَا كَبَّرُوا فِي مَسَاجِدِ الرِّبَاطَاتِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا يُكْرَهُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَسَمِعْتُ شَيْخِي أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: سُئِلَ إبْرَاهِيمُ عَنْ تَكْبِيرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الْأَسْوَاقِ وَالْجَهْرِ بِهَا قَالَ: ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْحَوْكَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّهُ يَجُوزُ، قَالَ الْفَقِيهُ: أَنَا لَا أَمْنَعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ لِلْوَعْظِ إذَا أَرَادَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
الْوَاعِظُ إذَا سَأَلَ النَّاسَ شَيْئًا فِي الْمَجْلِسِ لِنَفْسِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اكْتِسَابُ الدُّنْيَا بِالْعِلْمِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ.
رَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالْوَعْظِ مَكْرُوهٌ، وَمَا يَفْعَلُهُ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الْوَجْدَ وَالْمَحَبَّةَ لَا أَصْلَ لَهُ، وَيُمْنَعُ الصُّوفِيَّةُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ وَتَخْرِيقِ الثِّيَابِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
الْكَافِرُ إذَا دَعَا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالُ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ؟ . ذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، بَعْضُهُمْ قَالُوا - مِنْهُمْ أَبُو الْحَسَنِ الرُّسْتُغْفَنِيُّ إنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا - مِنْهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَاكِمُ وَأَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ يَجُوزُ، قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ الْإِمَامِ: لَيْسَ لِلْجِنِّ ثَوَابٌ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
كُرِهَ أَنْ يَقُومَ رَجُلٌ بَعْدَ مَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ لِلصَّلَاةِ وَيَدْعُوَ لِلْمَيِّتِ وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ، وَكُرِهَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ الْإِفْرَاطِ فِي مَدْحِ الْمَيِّتِ عِنْدَ جِنَازَتِهِ، حَتَّى كَانُوا يَذْكُرُونَ مَا هُوَ يُشْبِهُ الْمُحَالَ، وَأَصْلُ الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَنْ الْمَيِّتِ وَدَعَا لَهُ يَجُوزُ وَيَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَاب الْخَامِس فِي آدَاب الْمَسْجِد وَالْقِبْلَة وَالْمُصْحَف وَمَا كَتَبَ فِيهِ شَيْء مِنْ الْقُرْآن]
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي آدَابِ الْمَسْجِدِ وَالْقِبْلَةِ وَالْمُصْحَفِ وَمَا كُتِبَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ نَحْوُ الدَّرَاهِمِ وَالْقِرْطَاسِ أَوْ كُتِبَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى) لَا بَأْسَ بِنَقْشِ الْمَسْجِدِ بِالْجِصِّ وَالسَّاجِ وَمَاءِ الذَّهَبِ، وَالصَّرْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ أَفْضَلُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا التَّجْصِيصُ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ إحْكَامٌ لِلْبِنَاءِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَكَرِهَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا النُّقُوشَ عَلَى الْمِحْرَابِ وَحَائِطِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُ قَلْبَ الْمُصَلِّي، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ نَقْشَ الْحِيطَانِ مَكْرُوهٌ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، فَأَمَّا نَقْشُ السَّقْفِ فَالْقَلِيلُ يُرَخِّصُ فِيهِ وَالْكَثِيرُ مَكْرُوهٌ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا جَعَلَ الْبَيَاضَ فَوْقَ السَّوَادِ أَوْ بِالْعَكْسِ لِلنَّقْشِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا فَعَلَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَا يُسْتَحْسَنُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُطَيَّنَ الْمَسْجِدُ بِطِينٍ قَدْ بُلَّ بِمَاءٍ نَجِسٍ، بِخِلَافِ السِّرْقِينِ إذَا جُعِلَ فِيهِ الطِّينُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرُورَةً وَهُوَ تَحْصِيلُ غَرَضٍ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَا بَأْسَ بِجَعْلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي سَقْفِ الدَّارِ وَأَنْ يَنْقُشَ الْمَسْجِدَ بِمَاءِ الْفِضَّةِ مِنْ مَالِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُكْرَهُ مَدُّ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْكَعْبَةِ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ عَمْدًا، وَكَذَلِكَ إلَى كُتُبِ الشَّرِيعَةِ، وَكَذَلِكَ فِي حَالِ مُوَاقَعَةِ الْأَهْلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
يُكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْمُتَوَضَّأِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْمَخْرَجِ وَالْحَمَّامِ وَالْقَبْرِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِي مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْحَمَّامِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُرِدْ بِهِ حَائِطَ الْحَمَّامِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمَحَمَّ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُصَبُّ فِيهِ الْحَمِيمُ وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ الْأَنْجَاسِ وَاسْتِقْبَالُ الْأَنْجَاسِ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ، فَأَمَّا إنْ اسْتَقْبَلَ حَائِطَ الْحَمَّامِ فَلَمْ يَسْتَقْبِلْ الْأَنْجَاسَ، وَإِنَّمَا اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ وَالْمَدَرَ فَلَا يُكْرَهُ، وَكَذَلِكَ تَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى الْمَخْرَجِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ نَفْسَ الْمَخْرَجِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ حَائِطَ الْمَخْرَجِ، وَتَكَلَّمُوا أَيْضًا فِي مَعْنَى الْكَرَاهَةِ إلَى الْقَبْرِ
قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالْيَهُودِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ فِي الْمَقْبَرَةِ عِظَامَ الْمَوْتَى وَعِظَامُ الْمَوْتَى أَنْجَاسٌ وَأَرْجَاسٌ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُكْرَهُ وَيَصِيرُ الْحَائِطُ فَاصِلًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ سُتْرَةٌ فَإِنَّمَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَاتِ، فَأَمَّا فِي مَسْجِدِ الْبُيُوتِ فَلَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
كَرِهَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِقْبَالَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِالْفَرْجِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُكْرَهُ الرَّمْيُ إلَى هَدَفٍ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ فِي مُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ هَدَفٌ لِلرَّمْيِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
مَنْدُوبٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُعِدَّ فِي بَيْتِهِ مَكَانًا يُصَلِّي فِيهِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا غَصَبَ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ حَانُوتًا فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالدُّخُولِ فِي الْحَمَّامِ لِلِاغْتِسَالِ وَفِي الْحَانُوتِ لِلشِّرَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا، وَإِنْ غَصَبَ دَارًا فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا لَا يَسَعُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَلَا أَنْ يَدْخُلَهُ، وَإِنْ جَعَلَهَا مَسْجِدًا جَامِعًا لَا يُجْمَعُ فِيهِ، وَإِنْ جَعَلَهَا طَرِيقًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمُرَّ بِهَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
رَجُلٌ بَنَى مَسْجِدًا فِي مَفَازَةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْكُنُهَا أَحَدٌ وَقَلَّ مَا يَمُرُّ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَصِرْ مَسْجِدًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى صَيْرُورَتِهِ مَسْجِدًا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَلَوْ كَانَ إلَى الْمَسْجِدِ مَدْخَلٌ مِنْ دَارِ مَوْقُوفَةٍ لَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْخُلَ لِلصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْكُنَ فِي بَيْتٍ هُوَ وَقْفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
دَارٌ لِمُدَرِّسِ الْمَسْجِدِ مَمْلُوكَةٌ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِحَائِطِ الْمَسْجِدِ هَلْ لَهُ أَنْ يَنْقُبَ حَائِطَ الْمَسْجِدِ وَيَجْعَلَ مِنْ بَيْتِهِ بَابًا إلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَشْتَرِي هَذَا الْبَابَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ؟ . فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ ضَمَانَ نُقْصَانِ ظَهْرٍ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
يَجُوزُ الدَّرْسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ اللُّبُودِ وَالْبَوَارِي الْمُسَبَّلَةِ لِأَجَلِ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَسُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ عَنْ قَيِّمِ الْمَسْجِدِ يُبِيحُ فِنَاءَ الْمَسْجِدِ لِيَتَّجِرَ الْقَوْمُ هَلْ لَهُ هَذِهِ الْإِبَاحَةُ؟ . فَقَالَ: إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قِيلَ: لَهُ لَوْ وَضَعَ فِي الْفِنَاءِ سُرُرًا فَآجَرَهَا النَّاسَ لِيَتَّجِرُوا عَلَيْهَا وَأَبَاحَ لَهُمْ فِنَاءَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِصَلَاحِ الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمَرًّا لِلْعَامَّةِ، وَسُئِلَ عَنْ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ جِدَارِهِ أَمْ هُوَ سُدَّةُ بَابِهِ فَحَسْبُ؟ . فَقَالَ: فِنَاءُ الْمَسْجِدِ مَا يُظِلُّهُ ظُلَّةُ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمَرًّا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، قِيلَ لَهُ: لَوْ وَضَعَ الْقَيِّمُ عَلَى فِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَرَاسِيَّ وَسُرُرًا وَآجَرَهَا قَوْمًا لِيَتَّجِرُوا عَلَيْهَا وَيَصْرِفَ ذَلِكَ إلَى وَجْهِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى الْإِمَامِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا. قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعِنْدَنَا لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْأَجْرَ إلَى مَنْ شَاءَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ.
وَفِي صَلَاةِ الْأَثَرِ قَالَ: سَأَلَتْ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ دُكَّانٍ اُتُّخِذَ لِلْمَسْجِدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ وَهُوَ نَاءٍ عَنْ الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْحَرِّ أَيُضَاعَفُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ الْأَجْرُ كَمَا يُضَاعَفُ فِي الْمَسْجِدِ؟ . قَالَ: نَعَمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
أَهْلُ مَحَلَّةٍ قَسَمُوا الْمَسْجِدَ وَضَرَبُوا فِيهِ حَائِطًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ إمَامٌ عَلَى حِدَةٍ وَمُؤَذِّنُهُمْ وَاحِدٌ لَا بَأْسَ بِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مُؤَذِّنٌ، قَالَ رُكْنُ الصَّبَّاغِيُّ كَمَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَجْعَلُوا الْمَسْجِدَ الْوَاحِدَ مَسْجِدَيْنِ فَلَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا الْمَسْجِدَيْنِ وَاحِدًا لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ، أَمَّا لِلتَّذْكِيرِ وَالتَّدْرِيسِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَا بُنِيَ لَهُ وَإِنْ جَازَ فِيهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
سُئِلَ بُرْهَانُ الدِّينِ عَنْ حَانُوتٍ مَوْقُوفٍ عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ غَابَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَخَلَّفَ خَلِيفَةً يَؤُمُّهُمْ، ثُمَّ حَضَرَ فَأُجْرَةُ الْحَانُوتِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي غَابَ يَجُوزُ أَخْذُهَا لَهُ أَمْ لَا؟ . قَالَ (7 شايد جون وي باكس وى بامروي بغله داده باشد وَلْيَكُنْ سَبِيل وي تَصَدَّقَ بود) . كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى آهُو.
سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْمُعْتَكِفِ إذَا احْتَاجَ إلَى الْفَصْدِ أَوْ الْحِجَامَةِ هَلْ يَخْرُجُ
فَقَالَ: لَا، وَفِي اللَّآلِئِ وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي يَفْسُو فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمْ يَرَ بَعْضُهُمْ بَأْسًا، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَفْسُو وَيَخْرُجُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَلَا بَأْسَ لِلْمُحْدِثِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَيُكْرَهُ النَّوْمُ وَالْأَكْلُ فِيهِ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ فَيَدْخُلَ فِيهِ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَدْرِ مَا نَوَى أَوْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَفْعَلَ مَا شَاءَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَا بَأْسَ لِلْغَرِيبِ وَلِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَتَوَرَّعَ فَلَا يَنَامُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَلَا بَأْسَ بِمَسْحِ الرِّجْلِ بِالْحَشِيشِ الْمُجْتَمِعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ مَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا مِنْ وَضْعِ الْبَوَارِي فِي الْمَسْجِدِ وَمِسْحِ الْأَقْدَامِ عَلَيْهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَاخِلُ الْمِحْرَابِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ عُشُّ خُطَّافٍ أَوْ خُفَّاشٍ يُقْذِرُ الْمَسْجِدَ لَا بَأْسَ بِرَمْيِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفِرَاخِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ، وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ لَا يَتَّخِذُ طَرِيقًا فِي الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ بَابَانِ فَيَدْخُلَ مِنْ هَذَا وَيَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ مُتَنَعِّلًا مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
لَا حُرْمَةَ لِتُرَابِ الْمَسْجِدِ إذَا جُمِعَ، وَلَهُ حُرْمَةٌ إذَا بُسِطَ. أَصَابَهُ الْبَرْدُ الشَّدِيدُ فِي الطَّرِيقِ فَدَخَلَ مَسْجِدًا فِيهِ خَشَبُ الْغَيْرِ، وَلَوْ لَمْ يُوقِدْ نَارًا يَهْلِكُ فَخَشَبُ الْمَسْجِدِ فِي الْإِيقَادِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. يَجُوزُ إدْخَالُ الْحُبُوبِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْخَوْفِ فِي الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ يَبِيعُ التَّعْوِيذَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَيَكْتُبُ فِي التَّعْوِيذِ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْفُرْقَانَ وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ الْمَالَ وَيَقُولُ: ادْفَعْ إلَيَّ الْهَدِيَّةَ. لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْكُبْرَى.
وَيُكْرَهُ كُلُّ عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ جَلَسَ الْمُعَلِّمُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوَرَّاقُ يَكْتُبُ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّمُ يُعَلِّمُ لِلْحِسْبَةِ وَالْوَرَّاقُ يَكْتُبُ لِنَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِالْأُجْرَةِ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَقَعَ لَهُمَا الضَّرُورَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
مُبَاشَرَةُ عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْمَسَاجِدِ مُسْتَحَبٌّ وَاخْتِيَارُ ظَهِيرِ الدِّينِ خِلَافُ هَذَا، وَلَا يَدْخُلُ الَّذِي عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ الْمَسْجِدَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِلْمُرُورِ فَلَمَّا تَوَسَّطَهُ نَدِمَ، قِيلَ: يَخْرُجُ مِنْ بَابٍ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ، وَقِيلَ يُصَلِّي، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِي الْخُرُوجِ. قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ إنْ كَانَ مُحْدِثًا يَخْرُجُ مِنْ حَيْثُ دَخَلَ إعْلَامًا لِمَا جَنَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
غَرْسُ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ لِنَفْعِ النَّاسِ بِظِلِّهِ، وَلَا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يُفَرِّقُ الصُّفُوفَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِنَفْعِ نَفْسِهِ بِوَرَقِهِ أَوْ ثَمَرِهِ أَوْ يُفَرِّقُ الصُّفُوفَ أَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقَعُ بِهِ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَ الْبِيعَةِ وَالْمَسْجِدِ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ الْجَوَامِعُ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الْمَحَالِّ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الشَّوَارِعِ فَإِنَّهَا أَخَفُّ رُتْبَةً حَتَّى لَا يَعْتَكِفَ فِيهَا أَحَدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إمَامٌ مَعْلُومٌ وَمُؤَذِّنٌ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الْبُيُوتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِيهَا إلَّا لِلنِّسَاءِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
ذَكَرَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي التَّنْبِيهِ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوَّلُهَا أَنْ يُسَلِّمَ وَقْتَ الدُّخُولِ إذَا كَانَ الْقَوْمُ جُلُوسًا غَيْرَ مَشْغُولِينَ بِدَرْسٍ وَلَا بِذِكْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ أَوْ كَانُوا فِي الصَّلَاةِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. وَالثَّانِي أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ. وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَلَا يَبِيعَ. وَالرَّابِعُ أَنْ لَا يَسُلَّ السَّيْفَ. وَالْخَامِسُ أَنْ لَا يَطْلُبَ الضَّالَّةَ فِيهِ. وَالسَّادِسُ أَنْ لَا يَرْفَعَ فِيهِ الصَّوْتَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالسَّابِعُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ مِنْ أَحَادِيثِ الدُّنْيَا. وَالثَّامِنُ أَنْ لَا يُخَطِّي رِقَابَ النَّاسِ. وَالتَّاسِعُ أَنْ لَا يُنَازِعَ فِي الْمَكَانِ. وَالْعَاشِرُ أَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَى أَحَدٍ فِي الصَّفِّ. وَالْحَادِيَ عَشَرَ أَنْ لَا يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي. وَالثَّانِي عَشَرَ أَنْ لَا يَبْزُقَ فِيهِ. وَالثَّالِثَ عَشَرَ أَنْ لَا يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ. وَالرَّابِعَ عَشَرَ أَنْ يُنَزِّهَهُ عَنْ النَّجَاسَاتِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ. وَالْخَامِسَ عَشَرَ أَنْ يُكْثِرَ فِيهِ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْحَدِيثِ لَا يُبَاحُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَا بُنِيَ لِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَفِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْمُبَاحَ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ. قَالَ: وَلَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الدُّنْيَا، وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا يَجُوزُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِذَكَرِ اللَّهِ تَعَالَى - كَذَا
فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَإِذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ كَانَ لَلْمُصَلِّي أَنْ يُزْعِجَ الْقَاعِدَ عَنْ مَوْضِعِهِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالذِّكْرِ أَوْ الدَّرْسِ أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ الِاعْتِكَافِ، وَكَذَا لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَمْنَعُوا مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ إذَا ضَاقَ بِهِمْ الْمَسْجِدُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
الصُّعُودُ عَلَى سَطْحِ كُلِّ مَسْجِدٍ مَكْرُوهٌ، وَلِهَذَا إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلُّوا بِالْجَمَاعَةِ فَوْقَهُ إلَّا إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ فَحِينَئِذٍ لَا يُكْرَهُ الصُّعُودُ عَلَى سَطْحِهِ لِلضَّرُورَةِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَأَمَّا بِنَاءُ مَنَارَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ بِنَاؤُهَا مَصْلَحَةً لِلْمَسْجِدِ بِأَنْ يَكُونَ أَسْمَعَ لِلْقَوْمِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْلَحَةً لَا يَجُوزُ بِأَنْ يَسْمَعَ كُلُّ أَهْلِ الْمَسْجِدِ الْأَذَانَ بِغَيْرِ مَنَارَتِهِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَلَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ شِرَاءُ الْمُصَلَّيَاتِ لِتَعْلِيقِهَا بِالْأَسَاطِينِ وَيَجُوزُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَا تُعَلَّقُ بِالْأَسَاطِينِ، وَلَا يَجُوزُ إعَارَتُهَا لِمَسْجِدٍ آخَرَ. (قُلْتُ:) هَذَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُ الْوَاقِفِ أَمَّا إذَا أَمَرَ بِتَعْلِيقِهَا وَأَمَرَ بِالدَّرْسِ فِيهِ وَبَنَاهُ لِلدَّرْسِ وَعَايَنَ الْعَادَةَ الْجَارِيَةَ فِي تَعْلِيقِهَا بِالْأَسَاطِينِ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي يُدَرَّسُ فِيهَا فَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهَا بِمَالِ الْوَقْفِ فِي مَصْلَحَتِهِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا، وَلَا يَضْمَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُدَرَّسَ الْكِتَابُ بِسِرَاجِ الْمَسْجِدِ. وَالْجَوَابُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِلصَّلَاةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ وُضِعَ لَا لِلصَّلَاةِ بِأَنْ فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ وَذَهَبُوا، فَإِنْ أَخَّرَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ.
رَفَعَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ كُولَانِ الْمَسْجِدِ وَوَضَعَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَامَةً فَهُوَ عَفْوٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا فِي كَاغِدَةٍ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى كَانَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا أَوْ بَاطِنِهَا، بِخِلَافِ الْكِيسِ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَإِذَا كُتِبَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كَاغَدٍ وَوُضِعَ تَحْتَ طَنْفَسَةٍ يَجْلِسُونَ عَلَيْهَا فَقَدْ قِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: لَا يُكْرَهُ، وَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ فِي الْبَيْتِ لَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ عَلَى سَطْحِهِ كَذَا هَاهُنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَا يَجُوزُ لَفُّ شَيْءٍ فِي كَاغَدٍ فِيهِ مَكْتُوبٌ مِنْ الْفِقْهِ، وَفِي الْكَلَامِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُفْعَلَ، وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ اسْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَيَجُوزُ مَحْوُهُ لِيُلَفَّ فِيهِ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ مَحَا لَوْحًا كُتِبَ فِيهِ الْقُرْآنُ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا يَجُوزُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ مَحْوِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْبُزَاقِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَمَحْوُ بَعْضِ الْكِتَابَةِ بِالرِّيقِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
سُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الْكَوَاغِدِ مِنْ الْأَخْبَارِ وَمِنْ التَّعْلِيقَاتِ يَسْتَعْمِلُهَا الْوَرَّاقُونَ فِي الْغِلَافِ فَقَالَ: إنْ كَانَ فِي الْمُصْحَفِ أَوْ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ أَوْ فِي التَّفْسِيرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي كُتُبِ الْأَدَبِ وَالنُّجُومِ يُكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
حَكَى الْحَاكِمُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ اسْتِعْمَالَ الْكَوَاغِدِ فِي وَلِيمَةٍ لِيُمْسَحَ بِهَا الْأَصَابِعُ، وَكَانَ يُشَدِّدُ فِيهِ وَيَزْجُرُ عَنْهُ زَجْرًا بَلِيغًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مُتَعَلِّمٌ مَعَهُ خَرِيطَةٌ فِيهَا كُتُبٌ مِنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله - أَوْ كُتُبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ غَيْرُهُ فَتَوَسَّدَ بِالْخَرِيطَةِ إنْ قَصَدَ الْحِفْظَ لَا يُكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْحِفْظَ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
التَّوَسُّدُ بِالْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ الْأَخْبَارُ لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى نِيَّةِ الْحِفْظِ لَهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَضْعُ الْمُصْحَفِ تَحْتَ رَأْسِهِ فِي السَّفَرِ لِلْحِفْظِ لَا بَأْسَ بِهِ وَبِغَيْرِ الْحِفْظِ يُكْرَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
يَجُوزُ قُرْبَانُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتٍ فِيهِ مُصْحَفٌ مَسْتُورٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
رَجُلٌ أَمْسَكَ الْمُصْحَفَ فِي بَيْتِهِ، وَلَا يَقْرَأُ قَالُوا: إنْ نَوَى بِهِ الْخَيْرَ وَالْبَرَكَةَ لَا يَأْثَمُ بَلْ يُرْجَى لَهُ الثَّوَابُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا حَمَلَ الْمُصْحَفَ أَوْ شَيْئًا مِنْ كُتُبِ الشَّرِيعَةِ عَلَى دَابَّةٍ فِي جُوَالِقَ وَرَكِبَ صَاحِبُ الْجُوَالِقِ عَلَى الْجُوَالِقِ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَدُّ الرِّجْلَيْنِ إلَى جَانِبِ الْمُصْحَفَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِحِذَائِهِ لَا يُكْرَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُصْحَفُ مُعَلَّقًا فِي الْوَتَدِ وَهُوَ قَدْ مَدَّ الرِّجْلَ إلَى ذَلِكَ الْجَانِبِ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ جُوَالِقُ، وَفِيهَا دَرَاهِمُ مَكْتُوبٌ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ كَانَ فِي الْجُوَالِقِ كُتُبُ الْفِقْهِ أَوْ كُتُبُ التَّفْسِيرِ أَوْ الْمُصْحَفُ فَجَلَسَ عَلَيْهَا أَوْ نَامَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قَصْدِهِ الْحِفْظُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمُصْحَفِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ يَكْفُرُ
وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ صَاحِبِهِ الْعَلَامَةُ لَا التَّهَاوُنُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَلَوْ كَتَبَ عَلَى خَاتَمِهِ اسْمَهُ أَوْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مَا بَدَا لَهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى نَحْوَ قَوْلِهِ: حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، أَوْ رَبِّي اللَّهُ، أَوْ نِعْمَ الْقَادِرُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا يَكُونُ عَلَى الطَّهَارَةِ أَنْ يَأْخُذَ فُلُوسًا عَلَيْهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ مَعَ الرَّجُلِ فِي خِرْقَةٍ دِرْهَمٌ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ كَانَ فِي كُمِّهِ كِتَابٌ فَجَلَسَ لِلْبَوْلِ أَيُكْرَهُ ذَلِكَ؟ . قَالَ: إنْ كَانَ أَدْخَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ الْمَخْرَجَ يُكْرَهُ، وَإِنْ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ مَبَالًا طَاهِرًا فِي مَكَان طَاهِرٍ لَا يُكْرَهُ، وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ فِي جَيْبِهِ دَرَاهِمُ مَكْتُوبٌ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ فَأَدْخَلَهَا مَعَ نَفْسِهِ الْمَخْرَجَ يُكْرَهُ، وَإِنْ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ مَبَالًا طَاهِرًا فِي مَكَان طَاهِرٍ لَا يُكْرَهُ، وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ مَكْتُوبٌ أَوْ كُتِبَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَدَخَلَ الْمَخْرَجَ مَعَهُ يُكْرَهُ، وَإِنْ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ مَبَالًا طَاهِرًا فِي مَكَان طَاهِرٍ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كُتِبَ الْقُرْآنُ عَلَى الْحِيطَانِ وَالْجُدَرَانِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: يُرْجَى أَنْ يَجُوزَ، وَبَعْضُهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ مَخَافَةَ السُّقُوطِ تَحْتَ أَقْدَامِ النَّاسِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى مَا يُفْتَرَشُ وَيُبْسَطُ مَكْرُوهَةٌ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
بِسَاطٌ أَوْ مُصَلَّى كُتِبَ عَلَيْهِ الْمُلْكُ لِلَّهِ يُكْرَهُ بَسْطُهُ وَالْقُعُودُ عَلَيْهِ وَاسْتِعْمَالُهُ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ قِطْعَةُ بَيَاضٍ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَامَةً فِيمَا بَيْنَ الْأَوْرَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِابْتِذَالِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ قُطِعَ الْحَرْفُ مِنْ الْحَرْفِ أَوْ خِيطَ عَلَى بَعْضِ الْحُرُوفِ فِي الْبِسَاطِ أَوْ الْمُصَلَّى حَتَّى لَمْ تَبْقَ الْكَلِمَةُ مُتَّصِلَةً لَمْ تَسْقُطْ الْكَرَاهَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا الْمُلْكُ لَا غَيْرُ، وَكَذَلِكَ الْأَلِفُ وَحْدَهَا وَاللَّامُ وَحْدَهَا، كَذَا فِي الْكُبْرَى.
إذَا كُتِبَ اسْمُ فِرْعَوْنَ أَوْ كُتِبَ أَبُو جَهْلٍ عَلَى غَرَضٍ يُكْرَهُ أَنْ يَرْمُوا إلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِتِلْكَ الْحُرُوفِ حُرْمَةً، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُصَغَّرَ الْمُصْحَفُ وَأَنْ يَكْتُبَهُ بِقَلَمٍ دَقِيقٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالَ الْحَسَنُ وَبِهِ نَأْخُذُ، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَعَلَّهُ أَرَادَ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ لَا الْإِثْمَ، وَيَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ كِتَابَةَ الْقُرْآنِ أَنْ يَكْتُبَهُ بِأَحْسَنِ خَطٍّ وَأَبْيَنِهِ عَلَى أَحْسَنِ وَرَقَةٍ وَأَبْيَضِ قِرْطَاسٍ بِأَفْخَمِ قَلَمٍ وَأَبْرَقِ مِدَادٍ، وَيُفَرِّجَ السُّطُورَ وَيُفَخِّمَ الْحُرُوفَ وَيَضُمَّ الْمُصْحَفَ وَيُجَرِّدَهُ عَمَّا سِوَاهُ مِنْ التَّعَاشِيرِ، وَذِكْرُ الْآيِ وَعَلَامَاتِ الْوَقْفِ صَوْنًا لِنَظْمِ الْكَلِمَاتِ كَمَا هُوَ مُصْحَفُ الْإِمَامِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَالتَّعْشِيرُ هُوَ التَّعْلِيمُ عَلَى كُلِّ عَشْرِ آيَاتٍ، وَهُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ كُلِّ عَشْرِ آيَاتٍ وَعَشْرِ آيَاتٍ بِعَلَامَةٍ، يُقَالُ: فِي الْقُرْآنِ سِتُّمِائَةِ عَاشِرَةٍ وَثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ عَاشِرَةٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ أَسَامِي السُّوَرِ وَعَدَدِ الْآيِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ إحْدَاثًا فَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ كَانَ إحْدَاثًا وَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ. وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يُكْتَبَ مِنْ تَرَاجِمِ السُّوَرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَمَا يَكْتُبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَائِلِهَا لِلْفَصْلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
لَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُصْحَفَ مَذْهَبًا أَوْ مُفَضَّضًا أَوْ مُضَبَّبًا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُكْرَهُ جَمِيعُ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أُعَلِّمُ النَّصْرَانِيَّ الْفِقْهَ وَالْقُرْآنَ لَعَلَّهُ يَهْتَدِي، وَلَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ، وَإِنْ اغْتَسَلَ ثُمَّ مَسَّ لَا بَأْسَ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
الْمُصْحَفُ إذَا صَارَ خَلِقًا لَا يُقْرَأُ مِنْهُ وَيُخَافُ أَنْ يَضِيعَ يُجْعَلُ فِي خِرْقَةٍ طَاهِرَةٍ وَيُدْفَنُ، وَدَفْنُهُ أَوْلَى مِنْ وَضْعِهِ مَوْضِعًا يُخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَيُلْحَدُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شُقَّ وَدُفِنَ يَحْتَاجُ إلَى إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ نَوْعُ تَحْقِيرٍ إلَّا إذَا جُعِلَ فَوْقَهُ سَقْفٌ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ التُّرَابُ إلَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ أَيْضًا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
الْمُصْحَفُ إذَا صَارَ خَلَقًا وَتَعَذَّرَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْهُ لَا يُحْرَقُ بِالنَّارِ، أَشَارَ الشَّيْبَانِيُّ إلَى هَذَا فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا يَجُوزُ فِي الْمُصْحَفِ الْخَلِقِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِلْقِرَاءَةِ أَنْ يُجَلَّدَ بِهِ الْقُرْآنُ. اللُّغَةُ وَالنَّحْوُ نَوْعٌ وَاحِدٌ فَيُوضَعُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَالتَّعْبِيرُ فَوْقَهُمَا