الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي.
هَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنْ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ نِصْفَ الدَّارِ وَلَمْ يَبِعْ جَمِيعَهَا فَجَاءَ الشَّفِيعُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ أَخَذَ جَمِيعَ الدَّارِ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبِعْ الدَّارَ وَلَكِنَّهُ وَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى رَجُلٍ وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبُ لَهُ حَاضِرٌ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ لَا بِالْهِبَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ حَضْرَةِ الْمُشْتَرِي، حَتَّى لَوْ حَضَرَ الشَّفِيعُ وَوَجَدَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَلَا خُصُومَةَ مَعَهُ حَتَّى يَجِدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَأْخُذُهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَالثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ.
كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. وَلَوْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الدَّارِ مَقْسُومًا وَسَلَّمَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْبَاقِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ جَمِيعَ الدَّارِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَدَعُ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ وَكَانَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعَانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَطَلَبَ الْحَاضِرُ الشُّفْعَةَ فَقَضَى الْقَاضِي لَهُ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ الثَّانِي فَإِنَّ الشَّفِيعَ الثَّانِي يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ مِنْ الشَّفِيعِ الْحَاضِرِ الَّذِي قَضَى لَهُ الْقَاضِي لَا مِنْ الْمُشْتَرِي، هَذَا إذَا طَلَب الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ جَمِيعَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ طَلَبَ النِّصْفَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا النِّصْفَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ فَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمَّا لَمْ يَطْلُبْ الْكُلَّ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يَطْلُبْ فَإِذَا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي النِّصْفِ تَبْطُلُ فِي الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
[الْبَابُ السَّابِعُ فِي إنْكَارِ الْمُشْتَرِي جِوَارَ الشَّفِيعِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]
(الْبَابُ السَّابِعُ فِي إنْكَارِ الْمُشْتَرِي جِوَارَ الشَّفِيعِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ) وَفِي الْأَجْنَاسِ بَيْنَ كَيْفِيَّةِ الشَّهَادَةِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي بِجِوَارِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مِلْكُ هَذَا الشَّفِيعِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْمُشْتَرِي هَذِهِ الدَّارَ وَهِيَ لَهُ إلَى هَذِهِ السَّاعَةِ لَا نَعْلَمُهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَلَوْ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِهَذَا الْجَارِ لَا يَكْفِي لَوْ شَهِدَا أَنَّ الشَّفِيعَ كَانَ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ يَكْفِي فَلَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ. .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا وَأَقَامَ بَيِّنَة أَنْ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ مَاتَ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدَّارِ وَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ. دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّهَا لِآخَرَ فَبِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ فَطَلَبَ الْمُقَرُّ لَهُ الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ دَارِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعٌ فَأَقَرَّ الشَّفِيعُ أَنَّ دَارِهِ الَّتِي بِهَا الشُّفْعَةُ لِآخَرَ فَإِنْ كَانَ سَكَتَ عَنْ الشُّفْعَةِ وَلَمْ يَطْلُبْهَا بَعْدُ فَلَا شُفْعَةَ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَإِنْ كَانَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فَلِلْمُقِرِّ لَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَقَرَّ بِسَهْمٍ مِنْ الدَّارِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ بَقِيَّةَ الدَّارِ فَالْجَارُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارِزْمِيَّ يُخَطِّئُ الْخَصَّافَ فِي هَذِهِ وَيُفْتِي بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَاب الثَّامِن فِي تَصْرِف الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ قَبْلَ حُضُورِ الشَّفِيعِ]
(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ قَبْلَ حُضُورِ الشَّفِيعِ) إنْ بَنَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي تَسْلِيمِ السَّاحَةِ إلَى الشَّفِيعِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْقَلْعِ نُقْصَانٌ بِالْأَرْضِ فَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ
الْأَرْضَ بِالثَّمَنِ، وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا، وَإِنْ شَاءَ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَلْعِ وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ زَرَعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِهِ وَلَكِنَّهُ يَنْتَظِرُ إدْرَاكَ الزَّرْعِ ثُمَّ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَيَأْخُذُ الْأَرْضَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. .
ثُمَّ إذَا تَرَكَ الْأَرْضَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَتْرُكُ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَسْأَلَةٌ فِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصُورَتُهَا رَجُلٌ أَخَذَ أَرْضًا مُزَارَعَةً وَزَرْعَهَا فَلَمَّا صَارَ الزَّرْعُ بَقْلًا اشْتَرَى الْمَزَارِعُ الْأَرْضَ مَعَ نَصِيبِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ وَفِي نِصْفِ الزَّرْعِ لَكِنْ لَا يَأْخُذُ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَزَرْعَهَا فَنَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ، يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْضِ نَاقِصَةً وَعَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ اشْتَرَاهَا فَيَأْخُذُ الشُّفْعَةَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
اشْتَرَى دَارًا وَصَبْغَهَا بِأَلْوَانٍ كَثِيرَةٍ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا وَهَدَمَ بِنَاءَهَا أَوْ هَدَمَهَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ قُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَعَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ فَمَا أَصَابَ الْأَرْضَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ. مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا انْهَدَمَ الْبِنَاءُ وَبَقِيَ النَّقْضُ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا، وَإِذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِ مَهْدُومًا؛ لِأَنَّ بِالْهَدْمِ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْهَادِمِ فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَبِالِانْهِدَامِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ أَحَدٍ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي عَلَيْهَا مَهْدُومًا حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ قِيمَةُ السَّاحَةِ خَمْسَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ خَمْسَمِائَةٍ فَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ وَبَقِيَ النَّقْضُ وَهُوَ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ فَالثَّمَنُ يُقَسَّمُ عَلَى قِيمَةِ السَّاحَةِ خَمْسَمِائَةٍ وَعَلَى قِيمَةِ النَّقْضِ ثَلَثَمِائَةٍ أَثْمَانًا فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ السَّاحَةَ بِخَمْسَةِ أَثْمَانِ الثَّمَنِ، وَلَوْ احْتَرَقَ الْبِنَاءُ أَوْ ذَهَبَ بِهِ السَّيْلُ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ النَّقْضِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ السَّاحَةَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ لَهُ ثَمَنٌ وَلَوْ لَمْ يَهْدِمْ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ وَلَكِنْ بَاعَهُ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَرْضٍ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الْكُلَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ قِيلَ لِلشَّفِيعِ إنْ شِئْت فَخُذْ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا وَإِنْ شِئْت فَدَعْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ، وَكَذَا إذَا هَدَمَ الْبِنَاءَ أَجْنَبِيٌّ وَكَذَا إذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَهْلِكْ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ سَقَطَتْ عَنْهُ وَهِيَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ شَيْءٍ وَكَذَا لَوْ نَزَعَ الْمُشْتَرِي بَابَ الدَّارِ وَبَاعَهُ تَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ حِصَّتُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا فَغَرَقَ نِصْفُهَا فَصَارَ مِثْلَ الْفُرَاتِ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ لَا يُسْتَطَاعُ رَدُّ ذَلِكَ عَنْهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِذَا اشْتَرَى فَوَهَبَ بِنَائِهَا الرَّجُلُ أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَهَدَمَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْبِنَاءِ سَبِيلٌ وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَهْدِمْ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذَ الدَّارَ كُلَّهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ، أَوْ شَجَرًا فِيهِ ثَمَرٌ وَاشْتَرَطَ ثَمَرَةً فِي الْبَيْعِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَالثَّمَرَةُ قَائِمَةً فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ أَجْمَعَ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ جَاءَ، وَقَدْ جَذَّهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَلَا شُفْعَةَ فِي الثَّمَرَةِ، وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَتَسْقُطُ عَنْهُ حِصَّةُ الثَّمَرَةِ، يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ وَالثَّمَرِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَمَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ، وَقِيلَ لَهُ خُذْ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِحِصَّتِهِمَا إنْ شِئْتَ فَإِنْ أَخَذَهُمَا الشَّفِيعُ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةُ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّهَا وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ قَائِمَةً فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَأَكَلَهَا أَوْ بَاعَهَا أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَأَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّةُ الثَّمَرَةِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ قَدْ وَقَعَ وَلَا ثَمَرَةَ ثُمَّ أَثْمَرَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَالثَّمَرَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَلَوْ جَدَّهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِحِصَّتِهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ ذَهَبَتْ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ بِأَنْ احْتَرَقَتْ أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ فَهَلَكَتْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ لَهُ قِيمَةٌ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ
وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي صَرَمَ الثَّمَرَ ثُمَّ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ بِأَنْ أَصَابَهُ سَيْلٌ فَذَهَبَ بِهِ أَوْ نَارٌ فَاحْتَرَقَ فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ صَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ فَلَا أُبَالِي هَلَكَتْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَمَّا انْفَصَلَتْ سَقَطَ حَقُّ الشَّفِيعِ عَنْهَا فَكَأَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْلِ مُنْفَصِلَةٌ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَلَا ثَمَرَةَ فِيهِ ثُمَّ أَثْمَرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَالثَّمَرُ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّخْلِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَالثَّمَرَ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمَّا حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ فِي يَدِهِ جَذَّهَا ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَهِيَ قَائِمَةٌ أَوْ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي بِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّمَرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِأَنْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ آجَرَهَا أَوْ جَعَلَهَا مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهَا أَوْ وَقَفَهَا وَقْفًا أَوْ جَعَلَهَا مَقْبَرَةً وَدَفَنَ فِيهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ وَيَنْقُضَ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.
يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ صَحِيحٌ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِالشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَأَنْ يُؤَجِّرَ، وَيَطِيبُ لَهُ الثَّمَنُ وَالْأَجْرُ وَكَذَا لَهُ أَنْ يَهْدِمَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ كُلَّ التَّصَرُّفِ إلَّا الْقَبْضَ وَمَا كَانَ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ أَلَا يُرَى أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ قَبْضَ الْمُشْتَرِي لِيُعِيدَ الدَّارَ إلَى يَدِ الْبَائِعِ وَيَأْخُذَهَا مِنْهُ لَا يَكُونُ لَهُ، ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى نِصْفَ دَارٍ غَيْرِ مَقْسُومٍ أَخَذَ الشَّفِيعُ حَظَّهُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِقِسْمَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِحُكْمِ الْقَاضِي أَوْ التَّرَاضِي بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حَيْثُ يَكُونُ لِلشَّفِيعِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ مِنْ الَّذِي قَاسَمَ فَلَمْ تَكُنْ الْقِسْمَةُ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ نَقْضُ قِسْمَتِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ الْمُشْتَرِي فِي أَيِّ جَانِبٍ كَانَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
رَجُلَانِ اشْتَرَيَا دَارًا وَهُمَا شَفِيعَانِ وَلَهَا شَفِيعٌ ثَالِثٌ اقْتَسَمَاهَا ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ اقْتَسَمَاهَا بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَفَعَ مِنْهَا التُّرَابَ وَبَاعَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ رَفْعِ التُّرَابِ وَعَلَى قِيمَةِ التُّرَابِ الْمَرْفُوعِ ثُمَّ يُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ قِيمَةُ التُّرَابِ. وَقَالَ الْقَاضِي الْأَمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ نِصْفُ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُطْرَحُ عَنْهُ حِصَّةُ النُّقْصَانِ فَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَبَسَ الْأَرْضَ بَعْدَ مَا رَفْعَ مِنْهَا التُّرَابَ فَأَعَادَهَا كَمَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الشَّفِيعُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي ارْفَعْ مِنْ الْأَرْضِ مَا أَحْدَثَتْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ دَارٍ مِنْ رَجُلٍ لَيْسَ بِشَفِيعٍ وَقَاسَمَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَقَدِمَ الشَّفِيعُ، وَنَصِيبُ الْبَائِعِ بَيْنَ دَارِ الشَّفِيعِ وَبَيْنَ نَصِيبِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ فَإِنْ بَاعَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ قَبْلَ طَلَبِ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ الْأُولَى ثُمَّ طَلَبَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ قَضَى الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ الْأَخِيرَةِ جَعَلَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ صَارَ جَارًا لِنَصِيبِ الْبَائِعِ كَالشَّفِيعِ فَاسْتَوَيَا فِيهِ وَإِنْ بَدَأَ فَقَضَى بِالْأُولَى لِلْأَوَّلِ قَضَى لَهُ بِالْأَخِيرَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مِلْكٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ إذَا اشْتَرَى دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ فَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ الثَّانِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْأَوَّلِ فَخَاصَمَ فِيهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ مَا أَخَذَهُ وَبَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا صَاحِبُهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ نَاقَضَهُ الْمُشْتَرِي وَرَدَّهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ شِرَاءَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ نَاقَضَهُ الْبَيْعُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ فَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. .
لَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ فَزَادَهُ فِي