الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَحِيحٌ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَيَفْتَكُّهُ بِمِثْلِ الْخَمْرِ أَوْ بِثَمَنِهَا إنْ اشْتَرَى، وَيَهْلِكُ بِمَا فِيهِ لَوْ هَلَكَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَبَى الْبَائِعُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَدْفَعُ إلَيْكَ الثَّمَنَ حَتَّى تَدْفَعَهَا إلَيَّ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَضَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ حَتَّى يَدْفَعَ الْبَائِعُ إلَيْهِ الْجَارِيَةَ، فَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي.
وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ قَالَ: ضَعْ رَهْنًا بِالثَّمَنِ عَلَى يَدَيْ هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى أَدْفَعَ إلَيْكَ الْجَارِيَةَ، فَوَضَعَ رَهْنًا بِالثَّمَنِ فَهَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ بِمِائَةٍ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ مِنْ الْمِائَةِ نِصْفُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا وَيُقَوَّمُ أَعْوَرَ فَيَبْطُلُ مَا بَيْنَهُمَا، وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِهِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنُ الدَّابَّةِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَقِيمَتُهَا مِثْلُ الدَّيْنِ سَقَطَ رُبْعُ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ ثُمَّ رَهَنَهَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الرَّهْنَ جَائِزٌ فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَنَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ لَا يَذْهَبُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِنُقْصَانِ الْوِلَادَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ لِلْفَضْلِ أَوْ اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ لَا يَبْطُلُ الدَّيْنُ فَإِنَّهُ رَهْنٌ فَاسِدٌ، وَفِي الْكُبْرَى قَالَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ: إذَا ذَكَرَ لَفْظَ الرَّهْنِ ثُمَّ سُقُوطَ ضَمَانِ الْفَضْلِ أَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ أَمَانَةً فَالرَّهْنُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الرَّهْنِ فَالرَّهْنُ فَاسِدٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ ارْتَهَنَتْ الْمَرْأَةُ رَهْنًا بِصَدَاقِهَا، وَهُوَ مُسَمًّى، وَقِيمَتُهُ مِثْلُهُ ثُمَّ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ، وَلَمْ تَمْنَعْهُ حَتَّى هَلَكَ عِنْدَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا فِيهِ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ لَمْ تَمْنَعْهُ حَتَّى مَاتَ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى وَأَعْطَاهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ رَهْنًا فَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسَمَّى فِي النِّكَاحِ الَّذِي فِيهِ تَسْمِيَةٌ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا سَقَطَ جَمِيعُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَهَا الْمُتْعَةُ ثُمَّ فِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ الرَّهْنَ بِالْمُتْعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الرَّهْنِ وَمَا شَاكَلَهَا]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الرَّهْنِ وَمَا شَاكَلَهَا) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ الرَّهْنِ بِنَفْسِهِ وَتَبْقِيَتِهِ فَعَلَى الرَّاهِنِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الرَّهْنِ فَضْلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ، وَكَذَا مَنَافِعُهُ مَمْلُوكَةٌ لَهُ فَيَكُونُ إصْلَاحُهُ وَتَبْقِيَتُهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مِثْلُ النَّفَقَةِ مِنْ مَأْكَلِهِ
وَمَشْرَبِهِ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ كِسْوَةُ الرَّقِيقِ، وَأُجْرَةُ ظِئْرِ وَلَدِ الرَّهْنِ، وَكَرْيِ الرَّهْنِ وَسَقْيِ الْبُسْتَانِ، وَتَلْقِيحِ نَخْلِهِ وَجُذَاذِهِ، وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ، وَكُلُّ مَا كَانَ لِحِفْظِهِ كَرَدِّهِ إلَى يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ كَرَدِّ جُزْءٍ مِنْهُ كَمُدَاوَاةِ الْجُرْحِ فَهُوَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مِثْلُ أُجْرَةِ الْحَافِظِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ كَفَنِّهِ عَلَى الرَّاهِنِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَا يَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، وَكَذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إذَا أَدَّاهُ الرَّاهِنُ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ مَا يَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الرَّاهِنُ إذَا أَدَّى مَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا غَابَ الرَّاهِنُ فَأَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ غَائِبًا، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَرْجِع عَلَيْهِ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا لَكِنْ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ، فَأَمَرَ الْقَاضِي الْمُرْتَهِنَ بِالْإِنْفَاقِ، فَأَنْفَقَ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَإِذَا قَضَى الدَّيْنَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْنَعَ الرَّاهِنَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ النَّفَقَةَ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى حَالِهَا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى النَّفَقَةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ يَحْلِفُ الرَّاهِنُ عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا، وَهُوَ يُنْكِرُ وَالِاسْتِحْلَافُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى الْعِلْمِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَثَمَنُ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقَةً فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ مُدَاوَاةَ الْجِرَاحَاتِ وَالْقُرُوحِ، وَمُعَالَجَةَ الْأَمْرَاضِ، وَالْفِدَاءَ مِنْ الْجِنَايَةِ بِحَسَبِ قِيمَتِهَا فَمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْمَضْمُونِ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْأَمَانَةِ فَعَلَى الرَّاهِنِ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ قَالَ: إنَّمَا يَجِبُ ثَمَنُ الدَّوَاءِ، وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ أَوْ الْمَرَضُ حَدَثَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَمَّا إذَا كَانَ حَادِثًا عِنْدَ الرَّاهِنِ يَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: لَا بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّ مَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ مِنْ ذَلِكَ فَثَمَنُ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَمَا كَانَ عِنْدَ الرَّاهِنِ إنْ لَمْ يَزْدَدْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إلَى زِيَادَةِ مُدَاوَاةٍ، فَالدَّوَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ ازْدَادَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى اُحْتِيجَ فِيهِ إلَى زِيَادَةِ مُدَاوَاةٍ فَالْمُدَاوَاةُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لَكِنْ لَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ: هَذَا أَمْرٌ حَدَثَ عِنْدَكَ، فَإِنْ أَرَدْتَ إصْلَاحَ مَالِكَ وَإِحْيَاءَهُ حَتَّى لَا يُتْوَى مَالُكَ فَدَاوِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَحِفْظُ الْمَرْهُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ حَتَّى إنَّ الرَّاهِنَ لَوْ شَرَطَ لِلْمُرْتَهِنِ شَيْئًا عَلَى الْحِفْظِ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَسْتَحِقُّهُ.
وَأَجْرُ الرَّاعِي إذَا كَانَ الرَّهْنُ شَيْئًا يَحْتَاجُ إلَى رَعْيِهِ عَلَى الرَّاهِنِ.
وَأَجْرُ