الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الْوَلَاءَ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]
ِ) إذَا كَاتَبَ الْمُسْلِمُ عَبْدًا كَافِرًا ثُمَّ إنَّ الْمُكَاتَبَ كَاتَبَ أَمَةً مُسْلِمَةً ثُمَّ أَدَّى الْأَوَّلُ فَعَتَقَ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، وَلَكِنَّهُ لَا يَرِثُهُ، وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ جِنَايَةً، فَإِنْ أَدَّتْ الْأَمَةُ فَعَتَقَتْ فَوَلَاؤُهَا لِلْمُكَاتَبِ الْكَافِرِ، فَإِنْ مَاتَتْ فَمِيرَاثُهَا لِلْمَوْلَى الْمُسْلِمِ، وَإِنْ جَنَتْ فَعَقْلُ جِنَايَتِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى الْمُسْلِمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
نَصْرَانِيٌّ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ أَعْتَقَ عَبْدًا مُسْلِمًا لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَمِيرَاثُ الْعَبْدِ لِأَقْرَبِ الْعَصَبَاتِ إلَى الْمُعْتَقِ مِنْ الْمُسْمَلِينَ وَعَقْلُهُ عَلَى قَبِيلَةِ الْمُعْتِقِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ كَافِرًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ، وَهِيَ حَالَّةٌ فَكَاتَبَ الْعَبْدُ أَمَةً عَلَى أَلْفَيْنِ ثُمَّ وَكَّلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ بِقَبْضِ الْأَلْفَيْنِ مِنْهَا عَلَى أَنَّ أَلْفًا مِنْهَا قَضَاءٌ لَهُ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ فَفَعَلَ فَإِنَّ، وَلَاءَ الْأَمَةِ لِلْمَوْلَى كَمَا لَوْ أَدَّتْ إلَى الْمُكَاتَبِ فَعَتَقَتْ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ كَانَ وَلَاؤُهَا لِلْمَوْلَى، وَإِنْ كَاتَبَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَبْدًا بِإِذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْمُكَاتَبَةَ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمَوْلَى دُونَ الْعَبْدِ الْمُعْتِقِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مُكَاتَبِ الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى بَعْدَمَا عَتَقَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الثَّانِي مُكَاتَبٌ مِنْ جِهَةِ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ حَقِّ الْمِلْكِ الَّذِي لَهُ فِي كَسْبِهِ، وَقَدْ انْقَلَبَ بِالْعِتْقِ حَقِيقَةُ ذَلِكَ الْمِلْكِ وَلِلصَّبِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ بِإِذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ، وَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ إلَيْهِ الْبَدَلَ فَوَلَاؤُهُ لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ أَبِيهِ الْمَيِّتِ فَالثَّوَابُ لِلْمَيِّتِ وَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا فَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ فَهُوَ حُرٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَكُنْ وَلَاؤُهُ لِلَّذِي أَدْخَلَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَعْتَقَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
. وَإِنْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ عَبْدَهُ الْحَرْبِيَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَصِرْ بِذَلِكَ مَوْلَى لَهُ حَتَّى لَوْ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا وَلَاءَ لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عِنْدَهُمَا بِكَلَامِ الْإِعْتَاقِ، وَإِنَّمَا يُعْتَقُ بِالتَّخْلِيَةِ وَالْعِتْقُ الثَّابِتُ بِالتَّخْلِيَةِ لَا يُوجِبُ الْوَلَاءَ، وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ عَبْدًا لَهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَصِيرُ مَوْلَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ مَوْلَاهُ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَخَرَجَا مُسْلِمَيْنِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا وَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ عَلَى الْمُعْتَقِ، وَلِلْمُعْتَقِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرِثُ الْمُعْتِقُ مِنْ الْمُعْتَقِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ إذَا خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ، وَإِنْ سُبِيَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ كَانَ مَمْلُوكًا لِلَّذِي سَبَاهُ فِي قَوْلِهِمْ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَ فَاشْتَرَاهُ عَبْدُهُ الْمُعْتَقُ فَأَعْتَقَهُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ مَوْلَى صَاحِبِهِ حَتَّى إنْ أَيُّهُمَا مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً مِنْ النَّسَبِ وَرِثَهُ صَاحِبُهُ لِوُجُودِ سَبَبِ الْإِرْثِ وَشَرْطِهِ وَكَذَا الذِّمِّيُّ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ ثُمَّ هَرَبَ الذِّمِّيُّ الْمُعْتِقُ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَسُبِيَ، وَأَسْلَمَ فَاشْتَرَاهُ الْعَبْدُ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَهُ فَأَعْتَقَهُ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَى صَاحِبِهِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا أَعْتَقَتْ عَبْدًا لَهَا ثُمَّ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَتْ فَاشْتَرَاهَا الَّذِي كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَعْتَقَتْهُ فَأَعْتَقَهَا فَإِنَّ الرَّجُلَ مَوْلَى الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ مَوْلَاةُ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
رَجُلٌ ارْتَدَّ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَمَاتَ مَوْلًى لَهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ فَوَرِثَهُ الرَّجُلُ مِنْ وَرَثَتِهِ دُونَ النِّسَاءِ ثُمَّ رَجَعَ ثَانِيًا أَخَذَ مَا وَجَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فِي يَدِ وَرَثَتِهِ، وَلَمْ يَأْخُذْ مَا وَجَدَهُ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ فِي أَيْدِيهمْ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حِينَ مَاتَ مَوْلَاهُ.
امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَعْتَقَتْ عَبْدًا لَهَا فِي رِدَّتِهَا أَوْ قَبْلَ رِدَّتِهَا ثُمَّ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَتْ فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ فَأَعْتَقَهَا فَإِنَّهُ يَعْقِلُ عَنْ الْعَبْدِ بَنُو أَسَدٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ، وَتَرِثُهُ الْمَرْأَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ ثُمَّ رَجَعَ يَعْقُوبُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ هَذَا، وَقَالَ: يَعْقِلُ عَنْهُ هَمْدَانُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
ذِمِّيٌّ أَعْتَقَ عَبْدًا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ ثُمَّ نَقَضَ الذِّمِّيُّ الْعَهْدَ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدًا؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ ثَابِتٌ عَلَيْهِ لِمُعْتِقِهِ، وَإِنْ صَارَ حَرْبِيًّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ صَيْرُورَتَهُ حَرْبِيًّا كَمَوْتِهِ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ وَكَانَتْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ بِالْوَلَاءِ لِإِنْسَانٍ
وَإِنَّمَا يَعْقِلُ بَيْتُ الْمَالِ عَمَّنْ لَا عَشِيرَةَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا وَرَثَةَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا تَزَوَّجَ عَبْدُ رَجُلٍ أَمَةً لِآخَرَ فَأَعْتَقَ مَوْلَى الْأَمَةِ الْأَمَةَ، وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ الْعَبْدِ عَتَقَتْ، وَعَتَقَ حَمْلُهَا وَوَلَاءُ الْحَمْلِ لِمَوْلَى الْأُمِّ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ أَبَدًا، وَكَذَا إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدَهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ يَتَعَلَّقَانِ مَعًا، فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَدًا فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ، فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ الْأَبُ وَلَاءَ ابْنِهِ وَانْتَقَلَ عَنْ مَوَالِي الْأُمِّ بِخِلَافِ مَا إذَا أُعْتِقَتْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ حَيْثُ يَكُونُ الْوَلَدُ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأُمِّ وَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ لِتَعَذُّرِ إضَافَةِ الْعُلُوقِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ الْبَائِنِ لِحُرْمَةِ الْوَاطِئِ، وَبَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِمَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالشَّكِّ فَاسْتُنِدَ إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ فَكَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ فَعَتَقَ مَقْصُودًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْعِتْقَ مَتَى ثَبَتَ قَصْدًا لَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ وَمَتَى ثَبَتَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ يَنْتَقِلُ كَذَا فِي الْكَافِي.
امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ عَبْدًا وَأَعْتَقَتْهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ الثَّانِي تَزَوَّجَ مُعْتَقَةَ قَوْمٍ وَحَدَثَ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ فَإِنَّ، وَلَاءَ الْأَوْلَادِ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَلَوْ أَنَّ الْمُعْتِقَ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ جَرَّ هَذَا الْعَبْدُ وَلَاءَ وَلَدِهِ ثُمَّ جَرَّ الْمُعْتِقُ الْأَوَّلُ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ جَرَّتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهَا فَالْأَبُ يَجُرُّ وَلَاءَ الْوَلَدِ إلَى نَفْسِهِ، وَأَمَّا الْجَدُّ فَهَلْ يَجُرُّ وَلَاءَ حَافِدِهِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُرُّ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَصُورَةُ ذَلِكَ عَبْدٌ تَزَوَّجَ مُعْتَقَةَ قَوْمٍ فَحَدَثَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ وَلِهَذَا الْعَبْدِ أَبٌ حَيٌّ فَأَعْتَقَ هَذَا الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَقِيَ هَذَا الْعَبْدُ عَبْدًا عَلَى حَالِهِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَهُوَ أَبُو الْوَلَدِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا يَجُرُّ مِيرَاثَهُ كَانَ مِيرَاثُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ، وَلَوْ جَنَى كَانَ عَقْلُهُ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ يَجُرَّ الْجَدُّ، وَلَاءَ حَافِدِهِ إلَى مَوَالِيه كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ حُرَّةً فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا فَأَوْلَادُهَا مَوَالٍ لِمَوَالِي الْأُمِّ مُعْتَقَةً كَانَتْ أَوْ مُوَالِيَةً فَمَتَى أَعْتَقَ أَبُوهُمْ جَرَّ، وَلَاءَهُمْ إلَى مَوْلَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
مُعْتَقَةٌ تَزَوَّجَتْ بِعَبْدٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا فَجَنَى الْأَوْلَادُ فَعَقْلُهُمْ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ جَرَّ وَلَاءَ الْأَوْلَادِ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ بَعْدَمَا عَقَلُوا هَلْ يَرْجِعُوا عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ بِمَا عَقَلُوا قَالَ لَا يَرْجِعُونَ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
حُرٌّ عَجَمِيٌّ نَكَحَ مُعْتَقَةً وَلَمْ يُعْتِقْهُ أَحَدٌ فَوَلَدَتْ فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِيهَا، وَكَذَا إنْ كَانَ الْأَبُ وَالَى رَجُلًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُعْتَقَيْنِ أَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْتَقًا، وَالْأُمُّ مَوْلَاةً أَوْ كَانَ الْأَبُ عَرَبِيًّا، وَالْأُمُّ مُعْتَقَةً كَانَ الْوَلَد تَبَعًا لِلْأَبِ، وَكَذَا إذَا كَانَا عَرَبِيَّيْنِ أَوْ عَجَمِيَّيْنِ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَجَمِيًّا وَالْآخِرُ عَرَبِيًّا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
نَبَطِيٌّ كَافِرٌ تَزَوَّجَ بِمُعْتَقَةِ قَوْمٍ ثُمَّ أَسْلَمَ النَّبَطِيُّ وَوَالَى رَجُلًا وَعَاقَدَهُ ثُمَّ وَلَدَتْ أَوْلَادًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - مَوَالِيهمْ مَوَالِي أُمِّهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُوَالِ رَجُلًا فَمَوَالِيهمْ قَوْمُ أُمِّهِمْ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَإِنْ تَرَكَ الْمَوْلَى أَبَا وَابْنًا فَمِيرَاثُ الْمُعْتَقِ لِابْنِ الْمُعْتِقِ خَاصَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَكَذَا الْوَلَاءُ لِلْجَدِّ دُونَ الْأَخِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عُصُوبَةً عِنْدَهُ، وَكَذَا الْوَلَاءُ لِابْنِ الْمُعْتَقَةِ حَتَّى يَرِثَهُ دُونَ أَخِيهَا، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً فَعَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَخِ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ غَرِقَا جَمِيعًا لَا يُدْرَى أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا لَمْ يَرِثْ الْمَوْلَى مِنْهَا شَيْئًا، وَلَكِنَّ مِيرَاثَهَا لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الْمَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدًا لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ، وَتَرَكَ ابْنَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَتَرَكَ ابْنًا ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ فَوَلَاؤُهُ لِابْنِ الْمُعْتِقِ لِصُلْبِهِ لَا لِابْنِ ابْنِهِ إذْ هُوَ أَقْرَبُ عَصَبَاتِ الْمُعْتَقِ بِنَفْسِهَا وَالْأَصْلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُسْتَحِقِّ عَصَبَةً يَوْمَ مَوْتِ الْمُعْتِقِ لَا يَوْمَ مَوْتِ الْمُعْتَقِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ مَاتَ الِابْنَانِ لِأَحَدِهِمَا ابْنٌ وَلِلْآخَرِ ابْنَانِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ فَمِيرَاثُ الْمُعْتِقِ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَمْ يَصِرْ مِيرَاثًا بَيْنَ ابْنِي الْمُعْتِقِ بَلْ هُوَ بَاقٍ لِلْمُعْتَقِ عَلَى حَالِهِ ثُمَّ يَخْلُفُهُ فِيهِ أَقْرَبُ عَصَبَةٍ، وَهَؤُلَاءِ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَيْسَ لِلنِّسَاءِ شَيْءٌ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا وَلَاءَ مُعْتَقِهِنَّ أَوْ وَلَاءِ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ مُكَاتَبِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ مُكَاتَبِ مُكَاتَبِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ مُدَبَّرِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ مُدَبَّرِ مُدَبَّرِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ الَّذِي هُوَ مَجْرُورُ مُعْتَقِهِنَّ أَوْ وَلَاءَ الَّذِي هُوَ مَجْرُورُ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ فَصُورَةُ وَلَاءِ مُعْتَقِهِنَّ بِأَنْ
أَعْتَقَتْ عَبْدَهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ وَتَرَكَ مُعْتِقَتَهُ هَذِهِ فَوَلَاؤُهُ لَهَا فَلَوْ أَعْتَقَ مُعْتَقُهَا عَبْدًا آخَرَ، وَمَاتَ الْمُعْتَقُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي فَوَلَاءُ الثَّانِي لَهَا أَيْضًا، وَهَذِهِ صُورَةُ مُعْتَقِ الْمُعْتَقِ وَصُورَةُ وَلَاءِ مُكَاتَبِهِنَّ بِأَنْ قَالَتْ امْرَأَةٌ لِعَبْدِهَا: كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَقَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فَإِذَا أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ يَكُونُ، وَلَاؤُهُ لِلْمَرْأَةِ. وَصُورَةُ وَلَاءِ مُكَاتَبِ مُكَاتَبِهِنَّ بِأَنْ كَاتَبَ هَذَا الْمُكَاتَبُ عَبْدًا فَوَلَاءُ مُكَاتَبِ الْمُكَاتَبِ لَهَا أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَاتَبَ الْأَوَّلَ، وَصُورَةُ وَلَاءِ مُدَبَّرِهِنَّ بِأَنْ دَبَّرَتْ امْرَأَةٌ عَبْدَهَا بِأَنْ قَالَتْ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مِتُّ وَنَحْوُهُ ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهَا فَعَتَقَ مُدَبَّرُهَا ثُمَّ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ الْمُدَبَّرُ فَوَلَاؤُهُ لَهَا.
وَصُورَةُ وَلَاءِ مُدَبَّرِ مُدَبَّرِهِنَّ بِأَنْ اشْتَرَى هَذَا الْمُدَبَّرُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ عَبْدًا ثُمَّ دَبَّرَهُ ثُمَّ مَاتَ، وَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ مُدَبَّرِهَا أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُدَبَّرُ الثَّانِي فَوَلَاؤُهُ لِمُدَبِّرَةِ مُدَبِّرِهِ وَصُورَةُ جَرِّ وَلَاءِ مُعْتَقِهِنَّ بِأَنْ زَوَّجَتْ امْرَأَةٌ عَبْدَهَا مُعْتَقَةَ الْغَيْرِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَيَكُونُ حُرًّا تَبَعًا لِأُمِّهِ وَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأُمِّ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَيَرِثُونَ مِنْهُ فَلَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ أَعْتَقَتْ الْعَبْدَ جَرَّ بِإِعْتَاقِهَا إيَّاهُ وَلَاءَ وَلَدِهِ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ نَفْسِهِ إلَى مَوْلَاتِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهُ، وَتَرَكَ مُعْتِقَةَ أَبِيهِ فَوَلَاؤُهُ انْتَقَلَ مِنْ مَوَالِي أُمِّهِ إلَيْهَا، وَإِذَا أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنٍ وَبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ خَاصَّةً، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَتْ أَعْتَقَتْهُ بِجُعَلٍ أَوْ بِغَيْرِ جُعَلٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَصُورَةُ جَرِّ وَلَاءِ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ بِأَنْ أَعْتَقَتْ امْرَأَةٌ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَى الْمُعْتَقُ عَبْدًا، وَزَوَّجَ مُعْتَقَةَ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدِهِ فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَوَلَاءُ هَذَا الْوَلَدِ لِمَوْلَى أُمِّهِ فَلَوْ أَنَّ الْمُعْتِقَ أَعْتَقَ عَبْدَهُ جَرَّ بِالْإِعْتَاقِ وَلَاءَ وَلَدِ مُعْتَقِهِ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ مِنْهُ إلَى مَوْلَاتِهِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
فَإِنْ اشْتَرَتْ أُخْتَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَبَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً فَلِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ بِالنَّسَبِ، وَمَا بَقِيَ لَهُمَا أَيْضًا بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ اشْتَرَتْ إحْدَاهُمَا أَبَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَصَبَةً، وَتَرَكَ ابْنَتَيْهِ هَاتَيْنِ فَلِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ بِالنَّسَبِ وَلِلَّتِي اشْتَرَتْ الْأَبَ الثُّلُثُ الْبَاقِي خَاصَّةً بِالْوَلَاءِ، فَإِنْ اشْتَرَتَا أَبَاهُمَا ثُمَّ إنَّ إحْدَاهُمَا وَالْأَبَ اشْتَرَيَا أَخًا لَهُمَا مِنْ الْأَبِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، فَإِنَّ الْمَالَ بَيْنَ الِابْنَتَيْنِ وَبَيْنَ الِابْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ حُرًّا عَنْ ابْنِ حُرٍّ وَابْنَتَيْنِ حُرَّتَيْنِ فَكَانَ الْمِيرَاثُ لَهُمْ بِالْقَرَابَةِ، وَلَا عِبْرَةَ لِلْوَلَاءِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ مَاتَ الِابْنُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِأُخْتَيْهِ الثُّلُثَانِ بِالنَّسَبِ وَالثُّلُثُ الْبَاقِي نِصْفُهُ لِلَّتِي اشْتَرَتْهُ مَعَ الْأَبِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ لَهَا نِصْفَ وَلَاءِ الْأَخِ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِشِرَائِهَا وَشِرَاءِ الْأَبِ وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي وَلَاءِ الْأَبِ فَصَارَتْ حِصَّةُ الْأَبِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرِ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفُ ثُلُثِ الْبَاقِي، ذَلِكَ سَهْمَانِ لِلَّتِي اشْتَرَتْهُ مَعَ الْأَبِ بِالْوَلَاءِ وَنِصْفُ الثُّلُثِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَصَارَ لِلَّتِي اشْتَرَتْهُ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأُخْرَى خَمْسَةُ أَسْهُمٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ بَعْدَمَا عَتَقَ عَلَى ابْنَتَيْهِ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ ثُمَّ مَاتَ مُعْتِقُ الْأَبِ عَنْ الِابْنَةِ الْمُشْتَرِيَةِ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْمُشْتَرِيَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي هَمْدَانَ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ عَبْدًا فَالْوَلَاءُ يَثْبُتُ لَهَا وَوَلَدُهَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْأَبِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَإِذَا مَاتَتْ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمُعْتِقَةِ وَهُوَ الْوَلَدُ الْأَسَدِيُّ، وَلَوْ جَنَى جِنَايَةً تَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهَا مِنْ بَنِي هَمْدَانَ فَالْمِيرَاثُ لِبَنِي أَسَدٍ وَالْعَقْلُ عَلَى بَنِي هَمْدَانَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِذَا مَاتَ الْمُعْتَقُ وَتَرَكَ عَصَبَةَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهُ عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ بِخِلَافِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ فِي هَذَا الْحُكْمِ.
امْرَأَةٌ أَعْتَقَتْ عَبْدًا وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ، وَتَرَكَتْ ابْنًا وَزَوْجًا أَبَا هَذَا الِابْنِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَالْمِيرَاثُ لِابْنِهَا؛ لِأَنَّهُ عَصَبَتُهَا، وَلَوْ كَانَ الِابْنُ قَدْ مَاتَ وَتَرَكَ أَبًا هُوَ زَوْجُ الْمُعْتِقَةِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَلَا مِيرَاثَ لِزَوْجِ الْمُعْتِقَةِ وَزَوْجُ الْمُعْتِقَةِ عَصَبَةُ ابْنِهِ وَابْنُهُ عَصَبَةُ الْمُعْتِقَةِ فَهَذَا عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمُعْتَقِ وَمَعَ هَذَا لَمْ يَرِثْ وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدًا ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ أَعْتَقَ عَبْدًا آخَرَ ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَقَ الثَّانِي أَعْتَقَ عَبْدًا وَمَاتَ الْمُعْتَقُ الثَّالِثُ وَتَرَكَ عَصَبَةَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ يَرِثُهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا فِي صُورَةِ عَصَبَةِ عَصَبَةِ الْمُعْتَقِ وَلَكِنْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ الْأَوَّلَ جَرَّ، وَلَاءَ هَذَا الْمَيِّتِ فَيَرِثُهُ عَصَبَةُ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ لَا لِأَنَّهُ عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ مَالًا، وَلَا
وَارِثَ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَارِثُهُ بِالْوَلَاءِ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ مَوْلَاهُ، وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَارِثُهُ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى يُفَسَّرَ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى اسْمٌ مُشْتَرَكٌ وَكَذَا إذَا شَهِدَ أَنَّ هَذَا مَوْلَاهُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ؛ لِأَنَّ اسْمَ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ كَمَا يَتَنَاوَلُ الْأَعْلَى يَتَنَاوَلُ الْأَسْفَلَ وَالْأَعْلَى وَارِثٌ، وَالْأَسْفَلُ لَيْسَ بِوَارِثٍ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِي أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَنَّهُ وَارِثُهُ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَقْضِي بِالْمِيرَاثِ لِهَذَا الْمُدَّعِي، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ مُقِرًّا لِهَذَا الْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ، وَهَذَا الْمُدَّعِي أَعْتَقَهُ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، وَيَقْضِي بِالْمِيرَاثِ لِلْمُدَّعِي، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَا هَذَا الْمُدَّعِي أَعْتَقَ أَبَا الْمَيِّتِ هَذَا، وَهُوَ يَمْلِكُهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَتَرَكَ ابْنَهُ هَذَا الْمُدَّعِي ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ الْمُعْتَقُ، وَتَرَكَ ابْنَهُ هَذَا الْمَيِّتِ، وَقَدْ وُلِدَ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ قَضَى بِالْمِيرَاثِ لِلْمُدَّعِي، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ أَمَةٍ، وَقَدْ أَعْتَقَهُ مَوْلَى الْأَمَةِ كَانَ مِيرَاثُهُ لِمَوْلَى الْأَمَةِ، وَلَوْ شَهِدَا بِهَذَا، وَلَكِنْ قَالَا نُدْرِكُ أَبَا هَذَا الْمُدَّعِي الْمُعْتَقِ.
وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى الْوَلَاءِ بِالتَّسَامُعِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْوَلَاءِ بِالتَّسَامُعِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ فَادَّعَى رَجُلٌ مِيرَاثَهُ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَ أُمَّ هَذَا الْمَيِّتِ وَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ مِنْ عَبْدِ فُلَانٍ، وَإِنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَبْدًا أَوْ مَاتَ هُوَ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَى مُعْتِقِ أُمِّهِ هَذَا الْمُدَّعِي قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا، وَقَضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ، فَإِنْ جَاءَ مَوْلَى الْأَبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْأَبَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ هَذَا الْوَلَدُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ قَضَى الْقَاضِي بِالْمِيرَاثِ لِمَوْلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ مَوْلَى الْأَبِ جَرَّ وَلَاءَ الِابْنِ إلَيْهِ بِإِعْتَاقِ الْأُمِّ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَخْطَأَ فِي الْقَضَاءِ بِالْمِيرَاثِ لِمَوْلَى الْأُمِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ وَلَاءَهُ بِالْعِتْقِ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً جُعِلَ مِيرَاثُهُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ وَقَّتَا وَقْتًا فَالسَّابِقُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْعِتْقَ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي، وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ كَانَ صَاحِبُ الْوَقْتِ الْآخَرِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَكَانَ عَقَدَ الثَّانِي نَقْضًا لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ شُهُودُ صَاحِبِ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ عَقَلَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَأَشْبَهَ، وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ، وَإِذَا أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ فَقَضَى لَهُ الْقَاضِي بِمِيرَاثِهِ وَوَلَائِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَيَبْطُلُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ لَا وَارِثَ لِأَبِيهِ، وَلَا لِهَذَا الْمَيِّتِ غَيْرُهُ، وَجَاءَ بِابْنَيْ أَخِيهِ فَشَهِدَا عَلَى ذَلِكَ قَالَ: لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِجَدِّهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَمْوَالًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ، وَجَاءَ رَجُلٌ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَعْتَقَ الْمَيِّتَ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ قَضَى بِالْمَالِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَيِّنَتِهِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى وَاسْتِحْقَاقُ الْمَالِ يُبْتَنَى عَلَيْهِ، وَالْوَلَاءُ لَيْسَ شَيْئًا تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَدُ فَلَا يُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا خَارِجًا وَالْآخَرُ صَاحِبُ الْيَدِ بَلْ كِلَاهُمَا خَارِجٌ فِيهِ فَيُقْضَى بَيْنَهُمَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ ابْنَيْنِ وَبَنَاتٍ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَشَهِدَ ابْنَا الْمَيِّتِ بِذَلِكَ وَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَقَرَّتْ بِنْتُهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْوَلَاءِ لِصَاحِبِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ شَهِدَ لِلْآخَرِ ابْنٌ آخَرُ لِلْمَيِّتِ وَابْنَتَانِ لَهُ قَضَى بِالْوَلَاءِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ مِنْ الْمَوَالِي عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ أَنَّهُ مَوْلَى هَذَا الْعَرَبِيِّ، وَأَنَّ هَذَا الْعَرَبِيَّ أَعْتَقَ أَبَاهُ، وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِأَخَوَيْهِ لِأَبِيهِ يَشْهَدَانِ بِذَلِكَ وَالْعَرَبِيُّ يُنْكِرُهُ فَإِنَّ شَهَادَةَ الِابْنَيْنِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأَبِيهِمَا وَلِأَنْفُسِهِمَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَنْفَعَةً فَإِنَّهُ مَتَى ثَبَتَ، وَلَاءُ أَبِيهِمْ مِنْ الْعَرَبِيِّ ثَبَتَ وَلَاؤُهُمْ مِنْ الْعَرَبِيِّ أَيْضًا، فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيَّانِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْعَرَبِيُّ يَدَّعِي الْوَلَاءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالِابْنُ يُنْكِرُ قُبِلَتْ شَهَادَةُ أَخَوَيْهِ وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ فَأَخَذَ
رَجُلٌ مَالَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَالَ: لَا آخُذُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ، وَلَا أَضَعُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ أَقَامَ مُسْلِمٌ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ مُسْلِمٌ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَ ذِمِّيٌّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَلِلْمُسْلِمِ نِصْفُ الْمِيرَاثِ، وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ لِأَقْرَبِ النَّاسِ عَصَبَةً إلَى الذِّمِّيِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُمْ قَرَابَةٌ جَعَلْته لِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ نَصَارَى لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَلَكِنْ يَقْضِي بِوَلَائِهِ لِلْمُسْلِمِ وَبِجَمِيعِ الْمِيرَاثِ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِوَلَائِهِ وَمِيرَاثِهِ لِلْمُسْلِمِ فَيَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِذَا اخْتَصَمَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ فِي، وَلَاءِ رَجُلٍ وَهُوَ حَيٌّ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَضَى بِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالْعَبْدُ الْمُعْتَقُ كَافِرٌ قَضَى بِبَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ الذِّمِّيُّ أَسْبَقَهُمَا تَارِيخًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ذِمِّيٌّ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ أَعْتَقَهُ فَأَقَامَ مُسْلِمٌ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ أَمْضَيْتُ الْعِتْقَ وَالْوَلَاءَ لِلذِّمِّيِّ كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ مُسْلِمًا، وَإِذَا كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ كُفَّارًا قَضَيْت بِهِ لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ عَبْدُهُ دَبَّرَهُ أَوْ كَانَتْ جَارِيَتَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا، وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَلَى الْمِلْكِ وَالْعِتْقِ فَبَيِّنَةُ الذِّمِّيِّ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فِي يَدَيْ ذِمِّيٍّ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا أَمَتُهُ غَصَبَهَا هَذَا مِنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا مِنْهُ فِي مِلْكِهِ قَضَيْت بِهَا وَبِوَلَدِهَا لِلْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهَا أَمَتُهُ آجَرَهَا مِنْ ذِي الْيَدِ أَوْ أَعَارَهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ قَضَيْت بِهَا لِذِي الْيَدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَعْتَقَهَا، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ فَبَيِّنَةُ الْمُعْتِقِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ حُرِّيَّتِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُوطَأَ بِالْمِلْكِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى حُرِّيَّتِهَا، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ ذَلِكَ بِالْغَصْبِ عَلَى الْآخَرِ كَانَ شُهُودُ الْعِتْقِ أَيْضًا أَوْلَى وَاسْتِحْقَاقُ الْوَلَاءِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي شَهِدَ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ فَالْعَبْدُ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَجْحَدُ، فَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْوَلَاءُ وَرَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَكَذَلِكَ إنْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي وَرَثَةُ الْبَائِعِ بَعْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ كَانَ دَبَّرَهُ فَهُوَ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ الْعَبْدُ، فَإِنْ صَدَّقَ وَرَثَةُ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُمْ فِي حَقِّ لُزُومِ الْوَلَاءِ لِلْبَائِعِ، وَفِي حَقِّ رَدِّ الثَّمَنِ اسْتِحْسَانًا.
عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ فَالْعَبْدُ يَخْرُجُ مِنْ الرِّقِّ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ، وَيَسْعَى لَهُمَا مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْعَبْدُ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَهُمَا.
أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ صَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ يُنْكِرُ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مَوْقُوفَةً فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَتْ وَيَكُونُ وَلَاؤُهَا مَوْقُوفًا بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَمَةٌ لِرَجُلٍ مَعْرُوفَةٌ أَنَّهَا لَهُ وَلَدَتْ مِنْ آخَرَ فَقَالَ رَبُّ الْأَمَةِ: بِعْتُكَهَا بِأَلْفٍ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ زَوَّجْتنِيهَا فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ مَوْلَى الْأَمَةِ يَنْفِي وَلَاءَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَقُولُ: هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ عُلِّقَ فِي مِلْكِ أَبِيهِ وَالْجَارِيَةُ مَوْقُوفَةٌ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَلَا يَطَؤُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا يَسْتَخْدِمُهَا، وَلَا يَسْتَغِلُّهَا وَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْفِيه عَنْ نَفْسِهِ وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الْعُقْرَ مِنْ أَبِي الْوَلَدِ قِصَاصًا مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ فِي الْقِيَاسِ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْأَبِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلِابْنِ، وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ إنَّ عَاقِلَةَ الْأَبِ هَلْ تَعْقِلُ عَنْهُ وَمَشَايِخُنَا فَصَّلُوا الْجَوَابَ فِيهِ تَفْصِيلًا، فَقَالُوا: إنْ كَانَ عَصَبَةُ الِابْنِ وَعَصَبَةُ الْأَبِ وَاحِدًا بِأَنْ أَعْتَقَهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَقَوْمُهُمَا مِنْ حَيٍّ وَاحِدٍ كَانَ عَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ أَبِيهِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَصَبَةُ الِابْنِ غَيْرَ عَصَبَةِ الْأَبِ بِأَنْ أَعْتَقَ الْأَبَ رَجُلٌ وَأَعْتَقَ الِابْنَ رَجُلٌ آخَرُ لَا يَكُونُ عَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ وَيَكُونُ الْعَقْلُ