الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرَكَ عَلَى صَاحِبِهِ فَلَا يَكُونُ الْمَقْبُوضُ عَيْنَ حَقِّهِ وَلِهَذَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ وَيُجْبَرُ الْآبِي مِنْهُمَا عَلَى الْقِسْمَةِ وَمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِي غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أَرْجَحُ وَأَظْهَرُ فَيَكُونُ مُبَادَلَةً حَقِيقَةً وَحُكْمًا كَمَا فِي الْقَرْضِ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ إفْرَازًا لِعَيْنِ الْحَقِّ حُكْمًا وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَفِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ يَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ يُجْبَرُ الْآبِي مِنْهُمَا عَلَى الْقِسْمَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَيَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى الْمُبَادَلَةِ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لِلْغَيْرِ لَا يُتَوَصَّلُ إلَّا بِهِ كَمَا أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الدَّارِ إلَى الشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ مُعَاوَضَةً وَكَالْعَدِيمِ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا سَبَبُهَا فَطَلَبُ الشُّرَكَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِهِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَأَمَّا رُكْنُهَا فَهُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِفْرَازُ وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونَاتِ وَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعَاتِ وَالْعَدَدِ فِي الْعَدَدِيَّاتِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَأَمَّا شَرْطُهَا فَمُشَاعٌ لَا تَتَبَدَّلُ مَنْفَعَتُهُ بِالْقِسْمَةِ وَلَا تَفُوتُ لِأَنَّ الْإِفْرَازَ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَتَتْمِيمِ ثَمَرَةِ الْمِلْكِ فَمَتَى تَبَدَّلَتْ الْمَنْفَعَةُ أَوْ فَاتَتْ كَانَتْ تَفْوِيتًا وَتَبْدِيلًا لَا إفْرَازًا وَتَقْسِيمًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا حُكْمُهَا فَتَعْيِينُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَعَلُّقٌ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الْقِسْمَةُ فِي الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ نَوْعَانِ قِسْمَةُ أَعْيَانٍ وَقِسْمَةُ مَنَافِعَ وَهِيَ الْمُهَايَأَةُ ثُمَّ الْأَعْيَانُ تَارَةً تَكُونُ مِمَّا لَا يُنْقَلُ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَتَارَةً تَكُونُ مِمَّا يُنْقَلُ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْحُبُوبِ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ تَكُونُ الْقِسْمَةُ بِتَرَاضِي الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ وَقَدْ تَكُونُ بِرِضَاءِ الْبَعْضِ وَذَلِكَ إلَى الْقَاضِي وَأَمِينِهِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ) سُفْلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عُلُوُّهُ لِغَيْرِهِمَا أَوْ عُلُوُّ سُفْلِهِ لِغَيْرِهِمَا فَأَرَادَ الْقِسْمَةَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْعَلُ بِمُقَابَلَةِ خَمْسِينَ ذِرَاعًا مِنْ سَاحَةِ السُّفْلِ وَمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ سَاحَةِ الْعُلُوِّ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمُقَابَلَةِ كُلِّ ذِرَاعٍ ذِرَاعٌ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا بَيْتٌ لِسُفْلِهِ عُلُوٌّ وَسُفْلٌ لَا عُلُوَّ لَهُ بِأَنْ كَانَ عُلُوُّهُ لِغَيْرِهِمَا وَعُلُوٌّ لَا سُفْلَ لَهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْعَلُ بِإِزَاءِ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ الْعُلُوِّ الَّذِي لَا سُفْلَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا وَثُلُثٌ مِنْ الْبَيْتِ الْكَامِلِ لِأَنَّ الْعُلُوَّ عِنْدَهُ مِثْلُ نِصْفِ السُّفْلِ كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجْعَلُ بِإِزَاءِ خَمْسِينَ ذِرَاعًا مِنْ الْبَيْتِ الْكَامِلِ ذِرَاعٌ مِنْ السُّفْلِ الَّذِي لَا عُلُوَّ لَهُ أَوْ مِائَةُ ذِرَاعٍ مِنْ الْعُلُوِّ الَّذِي لَا سُفْلَ لَهُ لِأَنَّ الْعُلُوَّ وَالسُّفْلَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَعْتَبِرُ الْمُعَادَلَةَ بِالْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ اقْتَسَمُوا دَارًا وَفِيهَا كَنِيفٌ شَارِعٌ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ أَوْ ظِلِّهِ لَمْ يُحْسَبْ ذَرْعُهُمَا فِي ذَرْعِ الدَّارِ لِأَنَّ الظُّلَّةَ وَالْكَنِيفَ لَيْسَ لَهُمَا حَقُّ الْقَرَارِ لَمَّا كَانَا مَبْنِيَّيْنِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ بَلْ هُمَا مُسْتَحِقَّا النَّقْضِ وَالْمُسْتَحِقُّ لِلنَّقْضِ كَالْمَنْقُوضِ وَلَكِنْ يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي حَيِّزِهِ وَلَا يُحْسَبُ فِي ذُرْعَانِ الدَّارِ فَإِنْ كَانَتْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ اُحْتُسِبَ بِذَرْعِهَا فِي ذَرْعِ الدَّارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَرْضَيْنِ أَوْ دَارَيْنِ فَطَلَبَ وَرَثَتُهُ الْقِسْمَةَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ كُلِّ الْأَرْضَيْنِ أَوْ الدَّارَيْنِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ لِلْقَاضِي اجْمَعْ نَصِيبِي مِنْ الدَّارَيْنِ وَالْأَرْضَيْنِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَفِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَأَبَى صَاحِبُهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْسِمُ الْقَاضِي كُلَّ دَارٍ وَكُلَّ أَرْضٍ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَجْمَعُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَلَا فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ صَاحِبَاهُ الرَّأْيُ لِلْقَاضِي إنْ رَأَى الْجَمْعَ يَجْمَعُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ كَانَتْ الدَّارَانِ فِي مِصْرَيْنِ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ قَالُوا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجْمَعُ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَتَا فِي مِصْرَيْنِ أَوْ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ مُتَّصِلَتَيْنِ كَانَتَا أَوْ مُنْفَصِلَتَيْنِ وَرَوَى هِلَالٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجْمَعُ فِي الْمِصْرَيْنِ وَالدُّورُ الْمُخْتَلِفَةُ بِمَنْزِلَةِ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ
بَيْتَانِ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُتَّصِلَيْنِ كَانَا أَوْ مُنْفَصِلَيْنِ وَلَوْ كَانَا بَيْنَهُمَا مَنْزِلَانِ إنْ كَانَا مُنْفَصِلَيْنِ فَهُمَا كَالدَّارَيْنِ لَا يَجْمَعُ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ وَلَكِنَّهُ يُقَسِّمُ كُلَّ مَنْزِلٍ قِسْمَةً عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ كَانَا مُتَّصِلَيْنِ فَهُمَا كَالْبَيْتَيْنِ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا فِي وَاحِدٍ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ: الدَّارُ وَالْبَيْتُ سَوَاءٌ وَالرَّأْيُ لِلْقَاضِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ وَضِيعَةٌ أَوْ دَارٌ وَحَانُوتٌ قَسَّمَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا كَانَتْ فِي التَّرِكَةِ دَارٌ وَحَانُوتٌ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارٌ وَتَرَاضَوْا عَلَى أَنْ يَدْفَعُوا الدَّارَ وَالْحَانُوتَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ جَمِيعِ نَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ جَازَ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا لَا يُجْمَعُ نَصِيبُ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ مِنْ الْقَاضِي وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الدَّارَ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ عَنْ جَمِيعِ نَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَجُزْ يَعْنِي لَا يَنْفُذُ عَلَى الْبَاقِينَ إلَّا بِإِجَازَتِهِمْ وَيَكُونُ لَهُمْ اسْتِرْدَادُ الدَّارِ وَأَنْ يَجْعَلُوهَا فِي الْقِسْمَةِ إنْ شَاءُوا وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِي أَنَّ الدَّافِعَ هَلْ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ بَعْدَ اسْتِرْدَادِ الْبَاقِينَ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَأْخُذُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
دَارٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَرَادُوا قِسْمَتَهَا وَفِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَضْلُ بِنَاءٍ فَأَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَكُونَ عِوَضُ الْبِنَاءِ الدَّرَاهِمَ وَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ عِوَضُهُ مِنْ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ عِوَضَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يُكَلِّفُ الَّذِي وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ أَنْ يَرُدَّ بِإِزَاءِ الْبِنَاءِ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ فَحِينَئِذٍ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ أَرْضٌ أَوْ بِنَاءٌ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَسِّمُ كُلَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَسِّمَ الْأَرْضَ بِالْمِسَاحَةِ ثُمَّ يَرُدَّ مَنْ وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ أَوْ مَنْ كَانَ نَصِيبُهُ أَجْوَدَ دَرَاهِمَ عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يُسَاوِيَهُ فَتَدْخُلُ الدَّرَاهِمُ فِي الْقِسْمَةِ ضَرُورَةً وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى شَرِيكِهِ بِمُقَابِلَةِ الْبِنَاءِ مَا يُسَاوِيهِ مِنْ الْعَرْصَةِ وَإِنْ بَقِيَ فَضْلٌ وَيَتَعَذَّرُ تَحْقِيقُ التَّسْوِيَةِ بِأَنْ لَا تَفِيَ الْعَرْصَةُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فَحِينَئِذٍ يَرُدُّ الْفَضْلَ دَرَاهِمَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُرْفَعُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُرْفَعُ فَالْقَاضِي يَنْظُرُ إنْ أَمْكَنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَحَ طَرِيقًا فِي نَصِيبِهِ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ لِكُلٍّ وَلَا يَرْفَعُ طَرِيقًا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَرْفَعَ طَرِيقًا فِي نَصِيبِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَسِّمُ قَدْرَ الطَّرِيقِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا تَتَضَمَّنُ تَفْوِيتَ مَنْفَعَةٍ لَهُمْ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ يَفْتَحُ فِي نَصِيبِهِ طَرِيقًا يَمُرُّ فِيهِ رَجُلٌ لَا طَرِيقًا تَمُرُّ فِيهِ الْحُمُولَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يَمُرُّ فِيهِ رَجُلٌ فَهَذَا لَيْسَ بِطَرِيقٍ أَصْلًا وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي سَعَةِ الطَّرِيقِ وَضِيقِهِ فِي قِسْمَةِ الدَّارِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجْعَلُ سَعَةَ الطَّرِيقِ أَكْبَرَ مِنْ عَرْضِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ وَطُولَهُ مِنْ الْأَعْلَى إلَى السَّمَاءِ لَا بِقَدْرِ طُولِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجْعَلُ سَعَةَ الطَّرِيقِ بِقَدْرِ عَرْضِ الْبَابِ الْأَعْظَمِ وَطُولَهُ مِنْ الْأَعْلَى بِقَدْرِ طُولِ الْبَابِ لِأَنَّ بِهَذَا الْقَدْرِ يُمْكِنُهُمْ الِانْتِفَاعُ عَلَى حَسَبِ مَا كَانُوا يَنْتَفِعُونَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَفَائِدَةُ قِسْمَةِ مَا وَرَاءَ طُولِ الْبَابِ مِنْ الْأَعْلَى هِيَ أَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ جَنَاحًا فِي نَصِيبِهِ إنْ كَانَ فَوْقَ طُولِ الْبَابِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيمَا دُونَ طُولِ الْبَابِ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَرْضًا يَرْفَعُ مِقْدَارَ مَا يَمُرُّ فِيهِ ثَوْرٌ وَلَا يَجْعَلُ مِقْدَارَ الطَّرِيقِ مِقْدَارَ مَا يَمُرُّ ثَوْرَانِ مَعًا وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا يَحْتَاجُ إلَى الْعَجَلَةِ فَيُؤَدِّي إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ اخْتَصَمَ أَهْلُ الطَّرِيقِ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْيَدِ عَلَى الطَّرِيقِ وَالِاسْتِعْمَالِ لَهُ وَلَا يُجْعَلُ عَلَى قَدْرِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ ذَرْعِ الدَّارِ وَالْمَنْزِلِ لِأَنَّ حَاجَةَ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ الصَّغِيرِ إلَى الطَّرِيقِ كَحَاجَةِ صَاحِبِ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الشِّرْبِ فَإِنَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الشُّرَكَاءِ يُجْعَلُ الشُّرْب بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيِهِمْ وَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ الطَّرِيقِ كَيْفَ كَانَ بَيْنَهُمْ جَعَلْتُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ دَارٌ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ طَرِيقٌ فِيهَا فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّارِ وَاقْتَسَمَ وَرَثَتُهُ الدَّارَ بَيْنَهُمْ وَرَفَعُوا الطَّرِيقَ لِصَاحِبِ الطَّرِيقِ وَلَهُمْ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَرَادُوا قِسْمَةَ ثَمَنِهِ فَلِصَاحِبِ الطَّرِيقِ نِصْفُهُ وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ أَصْلَ الدَّارِ بَيْنَهُمْ مِيرَاثٌ وَجَحَدُوا ذَلِكَ قُسِّمَ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ.
رُءُوسهمْ وَرَأْسِ صَاحِبِ الطَّرِيقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَيُقَسِّمُ الْقَاضِي الْأَعْدَادَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِأَنْ كَانَتْ الْمُجَانَسَةُ ثَابِتَةً بَيْنَ الْأَعْدَادِ اسْمًا وَمَعْنًى كَمَا فِي الْغَنَمِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ الثِّيَابِ قِسْمَةَ جَمْعٍ عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ وَفِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا يُقَسِّمُ الْأَعْدَادَ قِسْمَةَ جَمْعٍ عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ وَإِنْ كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ وَأَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى كَالرَّقِيقِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ هُوَ مَحَلٌّ لِقِسْمَةِ الْجَمْعِ فَالْقَاضِي يُقَسِّمُ الْكُلَّ قِسْمَةَ جَمْعٍ بِلَا خِلَافٍ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ أَصْلًا فِي الْقِسْمَةِ وَالرَّقِيقَ تَبَعًا وَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتُ الشَّيْءُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ هُوَ مَحَلٌّ لِقِسْمَةِ الْجَمْعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُقَسِّمُهُ قِسْمَةَ جَمْعٍ وَقَالَا: لِلْقَاضِي أَنْ يُقَسِّمَهُ قِسْمَةَ جَمْعٍ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا حِنْطَةٌ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ ثِيَابٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاسِمِ أَنْ يُصَوِّرَ مَا يَقْسِمُهُ عَلَى قِرْطَاسٍ لِيُمْكِنَهُ حِفْظُهُ وَيُسَوِّيهِ عَلَى سِهَامِ الْقِسْمَةِ وَيَقْطَعُهُ بِالْقِسْمَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَيَذْرَعُهُ لِيَعْرِفَ قَدْرَهُ وَيُقَوِّمَ الْبِنَاءَ فَرُبَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ وَيُفْرِزُ كُلَّ نَصِيبٍ عَنْ الْبَاقِي بِطَرِيقِهِ وَشِرْبِهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِنَصِيبِ بَعْضِهِمْ بِنَصِيبِ الْآخَرِ تَعَلُّقٌ فَيَتَحَقَّقُ مَعْنَى التَّمْيِيزِ وَالْإِفْرَازِ عَلَى الْكَمَالِ وَيُلَقِّبُ أَوَّلَ الْأَنْصِبَاءِ بِالْأَوَّلِ وَاَلَّذِي يَلِيه بِالثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَى هَذَا ثُمَّ يَكْتُبُ أَسَامِيهِمْ وَيُخْرِجُ الْقُرْعَةَ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا فَلَهُ السَّهْمُ الْأَوَّلُ وَمَنْ خَرَجَ ثَانِيًا فَلَهُ السَّهْمُ الثَّانِي وَالْأَصْلُ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ إلَى أَقَلِّ الْأَنْصِبَاءِ حَتَّى إذَا كَانَ الْأَقَلُّ ثُلُثًا جَعَلَهَا أَثْلَاثًا وَإِنْ كَانَ سُدُسًا جَعَلَهَا أَسْدَاسًا لِتُمْكِنَ الْقِسْمَةُ وَشَرْحُ ذَلِكَ أَرْضٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مُشْتَرَكَةٍ لِأَحَدِهِمْ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ وَلِآخَرَ خَمْسَةٌ وَلِآخَرَ سَهْمٌ وَأَرَادُوا قِسْمَتَهَا قُسِّمَتْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ عَشَرَةٌ وَخَمْسَةٌ وَوَاحِدٌ وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ الْأَرْضَ عَلَى عَدَدِ سِهَامِهِمْ بَعْدَ أَنْ سُوِّيَتْ وَعُدِّلَتْ ثُمَّ تُجْعَلُ بَنَادِقُ سِهَامِهِمْ عَلَى عَدَدِ سِهَامِهِمْ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَأَوَّلُ بُنْدُقَةٍ تَخْرُجُ تُوضَعُ عَلَى طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ السِّهَامِ فَهُوَ أَوَّلُ السِّهَامِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى الْبُنْدُقَةِ لِمَنْ هِيَ فَإِنْ كَانَتْ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ أَعْطَاهُ الْقَاضِي ذَلِكَ السَّهْمَ وَتِسْعَةَ أَسْهُمٍ مُتَّصِلَةٍ بِالسَّهْمِ الَّذِي وُضِعَتْ الْبُنْدُقَةُ عَلَيْهِ لِتَكُونَ سِهَامُ صَاحِبِهَا عَلَى الِاتِّصَالِ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْبَقِيَّةِ كَذَلِكَ فَأَوَّلُ بُنْدُقَةٍ تَخْرُجُ تُوضَعُ عَلَى طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ السِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى الْبُنْدُقَةِ لِمَنْ هِيَ فَإِنْ كَانَتْ لِصَاحِبِ الْخَمْسَةِ أَعْطَاهُ الْقَاضِي ذَلِكَ السَّهْمَ وَأَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ مُتَّصِلَةٍ بِذَلِكَ السَّهْمِ وَيَبْقَى السَّهْمُ الْوَاحِدُ لِصَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْبُنْدُقَةُ لِصَاحِبِ الْوَاحِدِ كَانَ لَهُ الطَّرَفُ الَّذِي وُضِعَتْ عَلَيْهِ الْبُنْدُقَةُ وَتَكُونُ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ لِصَاحِبِ الْخَمْسَةِ وَتَفْسِيرُ الْبُنْدُقَةِ أَنْ يَكْتُبَ الْقَاضِي أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ فِي بِطَاقَاتٍ ثُمَّ يَطْوِيَ كُلَّ بِطَاقَةٍ بِعَيْنِهَا وَيَجْعَلَهَا فِي كُلِّ قِطْعَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ يُدَلِّكَهَا بَيْنَ كَفَّيْهِ حَتَّى تَصِيرَ مُسْتَدِيرَةً فَتَكُونَ شِبْهَ الْبُنْدُقَةِ وَإِفْرَازُ كُلُّ نَصِيبٍ بِطَرِيقِهِ وَشِرْبِهِ أَفْضَلُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ جَازَ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَتَرَكَ خَمْسَةَ عَشْرَةَ خَابِيَةً خَمْسٌ مِنْهَا مَمْلُوءَةٌ خَلًّا وَخَمْسٌ مِنْهَا خَالِيَةٌ وَالْكُلُّ مُسْتَوِيَةٌ فَأَرَادَ الْبَنُونَ أَنْ يُقَسِّمُوا الْخَوَابِيَ عَلَى السَّوَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزِيلُوهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا قَالُوا: الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُعْطَى أَحَدُ الْبَنِينَ خَابِيَتَيْنِ مَمْلُوءَتَيْنِ وَخَابِيَةً إلَى نِصْفِهَا وَخَابِيَتَيْنِ خَالِيَتَيْنِ وَيُعْطَى الثَّانِي كَذَلِكَ يَبْقَى خَمْسُ خَوَابٍ إحْدَاهَا مَمْلُوءَةٌ وَإِحْدَاهَا خَالِيَةٌ وَثَلَاثٌ إلَى نِصْفِهَا خَلٌّ فَيُعْطَى لِلِابْنِ الثَّالِثِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ بِذَلِكَ تَقَعُ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ لِأَحَدِهِمَا رَغِيفَانِ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةٌ فَدَعَيَا رَجُلًا ثَالِثًا وَأَكَلُوا جَمِيعًا مُسْتَوِينَ ثُمَّ إنَّ الثَّالِثَ أَعْطَاهُمَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: اقْتَسَمَاهَا بَيْنَكُمَا عَلَى قَدْرِ مَا أَكَلْت مِنْ أَرْغِفَتِكُمَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَكُونُ لِصَاحِبِ الرَّغِيفَيْنِ دِرْهَمَانِ وَلِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَكَلَ رَغِيفًا وَثُلُثَيْ رَغِيفٍ مَشَاعًا ثُلُثَانِ مِنْ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الرَّغِيفَيْنِ وَرَغِيفٌ تَامٌّ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ فَاجْعَلْ كُلَّ ثُلُثٍ سَهْمًا فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ آكِلًا سَهْمَيْنِ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الرَّغِيفَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَيُقَسَّمُ الْبَدَلُ كَذَلِكَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: عِنْدِي.