الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَرْمَ بِنِيَّةِ تَحْصِيلِ الْخَمْرِ يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَ لِتَحْصِيلِ الْعِنَبِ لَا يُكْرَهُ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَبِيعَ الْعَصِيرَ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الصَّيْدِ وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير الصَّيْد وَرُكْنه وَحُكْمِهِ]
(كِتَابُ الصَّيْدِ، وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ)(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ وَرُكْنِهِ وَحُكْمِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَالصَّيْدُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمُتَوَحِّشُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْآدَمِيِّ مَأْكُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. .
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَصُدُورُ فِعْلِ الِاصْطِيَادِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ بِشَرْطِهِ.
وَأَمَّا حُكْمُهُ فَثُبُوتُ الْمِلْكِ عِنْدَ الِاتِّخَاذِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا أَعْنِي بِالتَّقْدِيرِ مَا إذَا أَخْرَجَهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ.
وَأَمَّا حِلُّ أَكْلِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَرْطًا خَمْسَةٌ فِي الصَّائِدِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ، وَأَنْ يُوجَدَ مِنْهُ الْإِرْسَالُ، وَأَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْإِرْسَالِ مَنْ لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ، وَأَنْ لَا يَتْرُكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا، وَأَنْ لَا يَشْتَغِلَ بَيْنَ الْإِرْسَالِ وَالْأَخْذِ بِعَمَلٍ آخَرَ، وَخَمْسَةٌ فِي الْكَلْبِ: أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا، وَأَنْ يَذْهَبَ عَلَى سُنَنِ الْإِرْسَالِ، وَأَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْأَخْذِ مَا لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ، وَأَنْ يَقْتُلَهُ جُرْحًا، وَأَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ، وَخَمْسَةٌ فِي الصَّيْدِ: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْحَشَرَاتِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ إلَّا السَّمَكُ، وَأَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ بِجَنَاحَيْهِ أَوْ بِقَوَائِمِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُتَقَوِّيًا بِنَابِهِ أَوْ بِمِخْلَبِهِ، وَأَنْ يَمُوتَ بِهَذَا قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى ذَبْحِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَاب الثَّانِي فِي بَيَان مَا يَمْلِك بِهِ الصَّيْد وَمَا لَا يَمْلِك بِهِ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا لَا يُمْلَكُ بِهِ) الصَّيْدُ يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ وَالْأَخْذُ نَوْعَانِ حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ فَالْحَقِيقِيُّ ظَاهِرٌ، وَالْحُكْمِيُّ بِاسْتِعْمَالِ مَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِلِاصْطِيَادِ قَصَدَ بِهِ الِاصْطِيَادَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ حَتَّى إنَّ مَنْ نَصَبَ شَبَكَةً فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ مَلَكَهُ صَاحِبُ الشَّبَكَةِ قَصَدَ بِنَصْبِ الشَّبَكَةِ الِاصْطِيَادَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ؛ لِأَنَّ الشَّبَكَةَ إنَّمَا تُنْصَبُ لِأَجْلِ الصَّيْدِ حَتَّى لَوْ نَصَبَهَا لِلْجَفَافِ فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ لَا يَتَمَلَّكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ آخِذًا لَهُ بِالشَّبَكَةِ، وَالْأَخْذُ الْحُكْمِيُّ يَكُونُ أَيْضًا بِاسْتِعْمَالِ مَا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ لِلِاصْطِيَادِ إذَا قَصَدَ بِهِ الِاصْطِيَادَ حَتَّى إنَّ مَنْ نَصَبَ فُسْطَاطًا، وَتَعَقَّلَ بِهِ صَيْدٌ إنْ قَصَدَ بِنَصْبِ الْفُسْطَاطِ الصَّيْدَ مَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ
يَقْصِدْ بِهِ الصَّيْدَ لَا يَمْلِكُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
نَصَبَ شَبَكَةً فَتَعَقَّلَ بِهَا صَيْدٌ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَأَخَذَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَخَلَّصَ وَيَطِيرَ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ انْعَقَدَ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ، وَلَمْ يُنْتَقَضْ السَّبَبُ بَعْدُ حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ الثَّانِي بَعْدَ مَا تَخَلَّصَ، وَطَارَ فَهُوَ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ انْتَقَضَ السَّبَبُ قَبْلَ أَخْذِ الثَّانِي كَذَا فِي الْكُبْرَى وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الشَّبَكَةِ أَخَذَهُ ثُمَّ انْفَلَتَ مِنْهُ ثُمَّ أَخَذَهُ آخَرُ فَهُوَ مِلْكٌ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْأَخْذِ وَانْفِلَاتُهُ بِمَنْزِلَةِ إبَاقِ الْعَبْدِ وَشُرُودِ الْبَعِيرِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ زَوَالَ مِلْكِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ هَيَّأَ مَوْضِعًا يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ إلَى أَرْضٍ لَهُ لِيَصِيدَ السَّمَكَ فِي أَرْضِهِ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَى أَرْضِهِ بِسَمَكٍ كَثِيرٍ، ثُمَّ ذَهَبَ الْمَاءُ وَبَقِيَ السَّمَكُ فِي أَرْضِهِ، أَوْ لَمْ يَذْهَبْ الْمَاءُ إلَّا أَنَّهُ قَلَّ حَتَّى صَارَ السَّمَكُ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَى هَذَا السَّمَكِ، وَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا ضَمِنَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا لَا يُقْدَرُ عَلَى السَّمَكِ الَّذِي فِيهِ إلَّا بِصَيْدٍ فَمَنْ اصْطَادَ مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَلْقَى الشَّبَكَةَ فِي الْمَاءِ وَطَرَحَ غَيْرُهُ فِيهِ الشَّصَّ فَوَقَعَتْ سَمَكَةٌ فِي الشَّبَكَةِ وَتَعَلَّقَتْ بِالشَّصِّ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْخُيُوطِ الضَّيِّقَةِ مِنْ الشَّبَكَةِ، فَهِيَ لِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
الشَّصُّ إذَا رَمَى بِهِ الرَّجُلُ فِي الْمَاءِ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ سَمَكَةٌ إنْ رَمَى بِهَا خَارِجَ الْمَاءِ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا فَاضْطَرَبَتْ فَوَقَعَتْ فِي الْمَاءِ مَلَكَهَا، وَإِنْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْمَاءِ لَا يَمْلِكُهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ حَفَرَ فِي أَرْضِهِ حَفِيرَةً، وَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَأَخَذَهُ فَإِنَّ الصَّيْدَ يَكُونُ لِلْآخِذِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ اتَّخَذَ تِلْكَ الْحَفِيرَةَ لِأَجْلِ الصَّيْدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالصَّيْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَنَّ صَيْدًا بَاضَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ تَكَنَّسَ فِيهَا وَجَاءَ آخَرُ، وَأَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ هَذَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَعِيدًا مِنْ الصَّيْدِ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَمَّا إذَا كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَخَذَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا حَفَرَ بِئْرًا، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِاصْطِيَادَ فَوَقَعَ الصَّيْدُ فِيهَا فَجَاءَ آخَرُ وَأَخَذَهُ إنْ دَنَا صَاحِبُ الْبِئْرِ مِنْ الصَّيْدِ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَذَكَرَ فِي الْعُيُونِ إذَا دَخَلَ الصَّيْدُ دَارَ إنْسَانٍ وَأَغْلَقَ صَاحِبُ الدَّارِ الْبَابَ عَلَيْهِ، وَصَارَ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ صَيْدٍ فَإِنْ أَغْلَقَ الْبَابَ لِأَجْلِ الصَّيْدِ مَلَكَهُ، وَإِنْ أَغْلَقَهُ لِأَمْرٍ آخَرَ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ آخَرُ كَانَ لِصَاحِبِ الدَّارِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَكُونُ لِلْآخِذِ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ صَيْدٍ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي أَخْذِهِ إلَى الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِقَلِيلِ الْمُعَالَجَةِ مِنْ غَيْرِ نَصْبِ شَبَكَةٍ.
وَفِي الْمُنْتَقَى نَصَبَ حِبَالَةً فَوَقَعَ بِهَا صَيْدٌ فَاضْطَرَبَ، وَقَطَعَهَا وَانْفَلَتَ، فَجَاءَ آخَرُ وَأَخَذَ الصَّيْدَ فَالصَّيْدُ لِلْآخِذِ، وَلَوْ جَاءَ صَاحِبُ الْحِبَالَةِ لِيَأْخُذَهُ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ إنْ شَاءَ اضْطَرَبَ حَتَّى انْفَلَتَ فَأَخَذَهُ آخَرُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْحِبَالَةِ، وَكَذَا صَيْدُ الْكَلْبِ وَالْبَازِي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَالْحِبَالَةُ خَيْطٌ مُسْتَدِيرٌ يَتَعَقَّلُ بِهِ رَأْسُ الصَّيْدِ أَوْ رِجْلُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمَنْ أَخَذَ بَازِيًا أَوْ شِبْهَهُ فِي مِصْرٍ أَوْ سَوَادٍ فِي رِجْلَيْهِ سَيْرٌ أَوْ جَلَاجِلُ وَيُعْرَفُ أَنَّهُ أَهْلِيٌّ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ ظَبْيًا، وَفِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ
حَمَامَةً فِي الْمِصْرِ يَعْرِفُ أَنَّ مِثْلَهَا لَا يَكُونُ وَحْشِيًّا، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ؛ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ اتَّخَذَ بُرْجَ حَمَامٍ فَأَوْكَرَتْ فِيهَا حَمَامُ النَّاسِ فَمَا يَأْخُذُ مِنْ فِرَاخِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ الْفَرْخَ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ فَقِيرًا يَحِلُّ أَنْ يَتَنَاوَلَ لِحَاجَتِهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْهُ بِشَيْءٍ فَيَتَنَاوَلَ، وَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ شَيْخُنَا الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ مُولَعًا بِأَكْلِ الْحَمَامِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ رَمَى صَيْدًا، فَصَرَعَهُ فَغُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً مِنْ غَيْرِ جُرْحٍ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَشْيُ فَمَضَى أَوْ كَانَ طَائِرًا فَطَارَ فَرَمَاهُ رَجُلٌ آخَرُ فَصَرَعَهُ، وَأَخَذَهُ فَهُوَ لِلْآخِذِ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ الْأَوَّلُ فِي غَشْيَتِهِ تِلْكَ، وَأَخَذَهُ الْآخَرُ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ وَتَحَامُلِهِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَأَنَّهُ ظَاهِرٌ وَالِاسْتِقْلَالُ الِارْتِفَاعُ.
رَجُلٌ رَمَى صَيْدًا فَجَرَحَهُ جِرَاحَةً لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا النُّهُوضَ أَيْ الْقِيَامَ فَلَبِثَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ بَرِئَ، وَتَمَاثَلَ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ، وَأَخَذَهُ فَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ، وَأَثْخَنَهُ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ بَرَاحًا مِنْ مَكَانِهِ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ، فَأَصَابَهُ وَمَاتَ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الرَّمْيَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيَّةِ الرَّمْيَتَيْنِ مَاتَ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الرَّمْيَةِ الْأُولَى حَلَّ، وَالْعِبْرَةُ فِي حَقِّ الْحِلِّ لِوَقْتِ الرَّمْيِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَمَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ، وَلَمْ يُثْخِنْهُ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ فَرَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلثَّانِي وَيُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَثْخَنَهُ فَرَمَاهُ الْآخَرُ فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَلَمْ يُؤْكَلْ، وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ حَتَّى يَكُونَ الْمَوْتُ مُضَافًا إلَى الرَّمْيِ الثَّانِي أَمَّا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ بِأَنْ بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ كَمَا لَوْ أَبَانَ رَأْسَهُ يَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَعِيشُ مِنْهُ الصَّيْدُ غَيْرَ أَنَّهُ بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الْمَذْبُوحِ بِأَنْ كَانَ يَعِيشُ يَوْمًا أَوْ دُونَهُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْرُمُ بِالرَّمْيَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْحَيَاةِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ لِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْحَيَاةِ عِبْرَةً عِنْدَهُ فَصَارَ الْجَوَابُ فِيهِ وَالْجَوَابُ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَسْلَمُ مِنْهُ الصَّيْدُ سَوَاءٌ فَلَا يَحِلُّ، وَضَمِنَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ، وَهَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِالثَّانِي بِأَنْ كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَجُوزُ أَنْ يَسْلَمَ الصَّيْدُ مِنْهُ لِيَكُونَ الْقَتْلُ مُضَافًا إلَى الثَّانِي، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ مِنْ الْجُرْحَيْنِ أَوْ لَمْ يَدْرِ ضَمِنَ الثَّانِي مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَتُهُ؛ لِأَنَّهُ جَرَحَ حَيَوَانًا مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ، وَقَدْ نَقَصَهُ فَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحَيْنِ لِحُصُولِ الْمَوْتِ بِالْجُرْحَيْنِ فَكَانَ مُتْلِفًا نِصْفَهُ، وَهُوَ مَمْلُوكُ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ بِصُنْعِهِ، وَقَدْ ضَمِنَ الثَّانِي مَرَّةً فَلَا يَضْمَنُهُ ثَانِيًا ثُمَّ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ لَحْمِهِ ذَكِيًّا لِأَنَّهُ بِالرَّمْيِ الْأَوَّلِ صَارَ بِحَالٍ يَحِلُّ بِذَكَاةِ الِاخْتِيَارِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الرَّمْيُ الثَّانِي فَهُوَ بِالرَّمْيِ الثَّانِي أَفْسَدَ عَلَيْهِ نِصْفَ اللَّحْمِ فَيَضْمَنُهُ، وَلَا يَضْمَنُ النِّصْفَ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَهُ مَرَّةً فَدَخَلَ ضَمَانُ اللَّحْمِ فِيهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ رَمَاهُ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ سَهْمُ الْأَوَّلِ فَقَتَلَهُ لَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ بَعْدَ مَا أَصَابَهُ سَهْمُ الْأَوَّلِ يَتَحَامَلُ، وَيَطِيرُ فَرَمَاهُ الثَّانِي، وَقَتَلَهُ يَكُونُ لِلثَّانِي، وَيَحِلُّ أَكْلُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ رَمَى رَجُلَانِ صَيْدًا فَأَصَابَهُ سَهْمُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ، وَأَثْخَنَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا ثُمَّ أَصَابَهُ سَهْمُ الْآخَرِ فَهُوَ لِلَّذِي أَصَابَهُ سَهْمُهُ أَوَّلًا، وَإِنْ رَمَيَاهُ مَعًا، وَلَوْ أَصَابَهُ السَّهْمَانِ مَعًا فَهُوَ لَهُمَا.
وَالْعِبْرَةُ فِي حَقِّ الْمِلْكِ بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ لَا بِحَالَةِ الرَّمْيِ، وَفِي حَقِّ الْحِلِّ تُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ أَصَابَهُ سَهْمُ الْأَوَّلِ، فَوَقَذَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ سَهْمُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُؤْكَلُ، وَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ وَرَمَى رَجُلٌ آخَرُ فَأَصَابَ السَّهْمُ الثَّانِي السَّهْمَ الْأَوَّلَ، وَأَمْضَاهُ حَتَّى أَصَابَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ جُرْحًا إنْ كَانَ السَّهْمُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ الصَّيْدَ بِدُونِ الثَّانِي فَالصَّيْدُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْآخِذُ حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّانِي مَجُوسِيًّا أَوْ مُحْرِمًا لَا يَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ السَّهْمُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَبْلُغُ الصَّيْدَ بِدُونِ سَهْمِ الثَّانِي، فَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ فِي الْأَخْذِ، وَهُوَ كَافٍ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي مُحْرِمًا أَوْ مَجُوسِيًّا لَا يَحِلُّ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْكَافِي.
وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ دَخَلَ ظَبْيٌ دَارَ رَجُلٍ أَوْ حَائِطَهُ أَوْ دَخَلَ حِمَارُ وَحْشٍ دَارَ رَجُلٍ أَوْ حَائِطَهُ فَإِنْ كَانَ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ فَهُوَ لِرَبِّ الدَّارِ، وَكَذَلِكَ الْحَظِيرَةُ لِلسَّمَكِ، وَهَذَا الْجَوَابُ يُخَالِفُ جَوَابَ الْأَصْلِ.
وَفِي الْأَصْلِ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَاتَّبَعَهُ الْكَلْبُ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ دَارِهِ كَانَ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَدَّ عَلَى صَيْدٍ حَتَّى أَخْرَجَهُ، وَأَدْخَلَهُ دَارَ إنْسَانٍ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَهُ، وَاضْطَرَّهُ فَقَدْ أَخَذَهُ بِيَدِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اصْطَادَ طَائِرًا فِي دَارِ رَجُلٍ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَهُوَ لِلصَّيَّادِ سَوَاءٌ اصْطَادَهُ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ مِنْ الشَّجَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: اصْطَدْتُ قَبْلَكَ، وَأَنْكَرَ الصَّيَّادُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ الْهَوَاءِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ دَارِهِ أَوْ شَجَرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَخْذِهِ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ الْجِدَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَمَنْ اصْطَادَ سَمَكَةً مِنْ نَهْرٍ جَارٍ لِرَجُلٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ صَيْدِهِ فَهُوَ لِلَّذِي أَخَذَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَجَمَةٌ لَا يُقْدَرُ عَلَى أَخْذِ صَيْدِهَا إلَّا بِالِاصْطِيَادِ فَصَاحِبُ الْأَجَمَةِ مَا صَارَ مُحْرِزًا لِمَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ السَّمَكِ، وَإِنَّمَا الْمُحْرِزُ الْآخِذُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَجَمَةِ احْتَالَ لِذَلِكَ حَتَّى أَخْرَجَ الْمَاءَ وَبَقِيَ السَّمَكُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَجَمَةِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: إنْ أَخْرَجَ الْمَاءَ، وَلَيْسَ قَصْدُهُ السَّمَكَ فَهُوَ لِلْآخِذِ، وَإِنْ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ أَخْذَ السَّمَكِ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهُ إلَّا بِصَيْدٍ فَهُوَ لِلْآخِذِ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ صَيْدٍ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَجَمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى دَاوُد بْنُ رَشِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَحْلٌ اتَّخَذَتْ كُوَّارَاتٍ فِي أَرْضِ رَجُلٍ، فَخَرَجَ مِنْهَا عَسَلٌ كَثِيرٌ كَانَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَى أَخْذِهِ قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الصَّيْدَ وَبَيْضَهُ، وَأَشَارَ إلَى مَعْنَى الْفَرْقِ فَقَالَ: إنَّهُ يَجِيءُ، وَيَذْهَبُ وَالْبَيْضُ يَصِيرُ طَائِرًا وَيَطِيرُ، وَإِنَّمَا يُشْبِهُ الطَّيْرُ فِي هَذَا النَّحْلَ نَفْسَهَا، وَلَوْ أَخَذَ النَّحْلَ أَحَدٌ كَانَتْ لَهُ، وَأَمَّا الْعَسَلُ فَلَمْ يَكُنْ صَيْدًا، وَلَا يَصِيرُ صَيْدًا قَطُّ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وَضَعَ رَجُلٌ كُوَّارَاتِ النَّحْلِ فَتَعَسَّلَتْ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْكُوَّارَاتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْمُلْتَقَطِ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ حَمَامَةٌ ذَكَرٌ وَلِلْآخَرِ أُنْثَى فَالْفِرَاخُ لِصَاحِبِ الْأُنْثَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.