الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقْتٍ، وَقَدْ قَتَلَهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ لَا يَتْرُكَ الطَّلَبَ حَتَّى وَجَدَهُ كَذَلِكَ وَالْكَلْبُ عِنْدَهُ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِيَاسُ: أَنْ لَا يُؤْكَلَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يُؤْكَلُ قَالُوا: هَذَا الشَّرْطُ لَازِمٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ عِنْدَهُ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ.
فَأَمَّا إذَا وَجَدَ الصَّيْدَ مَيِّتًا وَالْكَلْبَ قَدْ انْصَرَفَ عَنْهُ لَا يُؤْكَلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِذَا اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ حَتَّى إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ اللَّيْلِ طَلَبَهُ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا، وَالْكَلْبُ عِنْدَهُ، وَبِهِ جِرَاحَةٌ لَا يَدْرِي أَنَّ الْكَلْبَ جَرَحَهُ، أَوْ غَيْرَهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ: كَرِهْتُ أَكْلَهُ، وَنَصَّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَجَدَهُ، وَبِهِ جِرَاحَةٌ وَاحِدَةٌ يَعْلَمُ أَنَّهَا جِرَاحَةُ الْكَلْبِ أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْعَلَامَةِ أَنَّهَا جِرَاحَةُ غَيْرِ الْكَلْبِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا جِرَاحَةُ الْكَلْبِ إلَّا أَنَّ بِهَا جِرَاحَةً أُخْرَى لَيْسَتْ مِنْ جِرَاحَةِ الْكَلْبِ لَا يُؤْكَلُ، تَرَكَ الطَّلَبَ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْبَازِي وَالصَّقْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ.
وَالْجَوَابُ فِي الرَّمْيِ هَكَذَا إذَا رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ أَصَابَهُ، وَتَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَبِهِ جِرَاحَةٌ أُخْرَى سِوَى جِرَاحَةِ السَّهْمِ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ فِي طَلَبِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ، وَلَيْسَ بِهِ جِرَاحَةٌ أُخْرَى إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِعَمَلٍ آخَرَ يُؤْكَلُ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ لَا يُؤْكَلُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي فَتَاوَى (آهُو) رَمَى طَيْرًا فِي الْمَاءِ، وَجَرَحَهُ فَاشْتَغَلَ الرَّامِي بِنَزْعِ الْخُفِّ ثُمَّ دَخَلَ الْمَاءَ بَعْدَ نَزْعِ الْخُفِّ فَوَجَدَ الطَّيْرُ مَيِّتًا بِذَلِكَ الْجُرْحِ قَالَ: يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: اشْتِغَالُ الرَّامِي بِنَزْعِ الْخُفِّ لَيْسَ بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ تَرَكَ الطَّلَبَ فَقَدْ حَرُمَ أَكْلُهُ.
سُئِلَ أَيْضًا رَمَى صَيْدًا، وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالطَّلَبِ قَالَ: يَجُوزُ.
قِيلَ إذَا أَرْسَلَ الْكَلْبَ، وَلَمْ يُسَمِّ نَاسِيًا فَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ سَمَّى، وَلَمْ يَدْعُهُ حَتَّى أَخَذَ لَا يُؤْكَلُ، وَفِي الرَّمْيِ يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ التَّدَارُكَ فِي الْكَلْبِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَدْعُوَهُ، وَفِي السَّهْمِ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الصَّيْدِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الصَّيْدِ) الْآلَةُ نَوْعَانِ جَمَادٌ كَالْمِزْرَاقِ وَالْمِعْرَاضِ وَأَشْبَاهِهِمَا وَحَيَوَانٌ كَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَالصَّقْرِ وَالْبَازِي وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ كَانَتْ الْآلَةُ حَيَوَانًا فَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَكُونَ مُعَلَّمَةً، وَلَا يَكُونَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ عَلَى الْمَالِكِ وَتَرْكِ الْأَكْلِ، وَأَنْ يُجِيبَهُ إذَا دَعَاهُ، وَإِذَا أَرْسَلَهُ إلَى الصَّيْدِ، فَعَلَامَةُ تَعَلُّمِ الْكَلْبِ، وَمَا بِمَعْنَاهُ تَرْكُ الْأَكْلِ مِنْ الصَّيْدِ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحُدُّ فِي ذَلِكَ حَدًّا، وَلَا يُوَقِّتُ وَقْتًا وَكَانَ يَقُولُ: إذَا كَانَ مُعَلَّمًا فَكُلْ، وَرُبَّمَا كَانَ يَقُولُ: إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الصَّائِدِ أَنَّهُ مُعَلَّمٌ فَهُوَ مُعَلَّمٌ، وَرُبَّمَا كَانَ يَقُولُ: يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّيَّادِينَ، فَإِذَا قَالُوا: صَارَ مُعَلَّمًا فَهُوَ مُعَلَّمٌ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ إذَا تَرَكَ الْأَكْلَ ثَلَاثًا فَهُوَ مُعَلَّمٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الثَّالِثُ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ الرَّابِعُ وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّهُ يَحِلُّ الثَّالِثُ أَيْضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَأَمَّا الْبَازِي، وَمَا بِمَعْنَاهُ فَتَرْكُ الْأَكْلِ فِي حَقِّهِ لَيْسَ عَلَامَةَ تَعَلُّمِهِ، وَإِنَّمَا عَلَامَةُ تَعَلُّمِهِ أَنْ يُجِيبَ صَاحِبَهُ إذَا دَعَاهُ حَتَّى إنَّ الْبَازِيَ وَمَا بِمَعْنَاهُ إذَا أَكَلَ مِنْ الصَّيْدِ يُؤْكَلُ صَيْدُهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَازِي هَذَا إذَا أَجَابَ صَاحِبَهُ عِنْدَ
الدَّعْوَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْمَعَ فِي اللَّحْمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُجِيبُ إلَّا لِيَطْمَعَ فِي اللَّحْمِ لَا يَكُونَ مُعَلَّمًا وَمَتَى حُكِمَ بِتَعَلُّمِ الْبَازِي فَفَرَّ مِنْ صَاحِبِهِ، وَلَمْ يُجِبْهُ إذَا دَعَاهُ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْمُعَلَّمِ، وَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ.
وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا أَكَلَ الصَّيْدَ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْمُعَلَّمِ، وَحَرُمَ مَا عِنْدَ صَاحِبِهِ مِنْ صُيُودِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَحْرُمُ الصُّيُودُ الَّتِي أَحْرَزَهَا صَاحِبُهَا، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَهْدُ قَرِيبًا بِأَخْذِ ذَلِكَ الصَّيْدِ أَمَّا إذَا كَانَ الْعَهْدُ بَعِيدًا بِأَنْ مَضَى شَهْرٌ أَوْ نَحْوُهُ، وَقَدْ قَدَّدَ صَاحِبُهُ تِلْكَ الصُّيُودَ لَمْ تَحْرُمْ بِلَا خِلَافٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْفَصْلَيْنِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَا لَمْ يُحْرِزْهُ الْمَالِكُ مِنْ صُيُودِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا مَا بَاعَ الْمَالِكُ مِمَّا قَدَّدَ مِنْ صُيُودِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ فِيهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يُنْقَضَ الْبَيْعُ إذَا تَصَادَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى كَوْنِ الْكَلْبِ جَاهِلًا قَالَ: وَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَتَعَلَّمَ، وَحَدُّ تَعَلُّمِهِ مَا ذَكَرْنَا فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ عَلَى الْخِلَافِ، وَكَذَلِكَ هَذَا الْخِلَافُ فِي الْبَازِي إذَا فَرَّ مِنْ صَاحِبِهِ فَدَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى حُكِمَ بِكَوْنِهِ جَاهِلًا هَذَا إذَا أَجَابَ صَاحِبَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْوَلَاءِ يُحْكَمُ بِتَعَلُّمِهِ عِنْدَهُمَا. وَلَوْ شَرِبَ مِنْ دَمِ الصَّيْدِ يُؤْكَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ أَخَذَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ صَيْدًا، وَأَخَذَهُ مِنْهُ صَاحِبُهُ، وَأَخَذَ صَاحِبُ الْكَلْبِ مِنْهُ قِطْعَةً فَأَلْقَاهَا إلَى الْكَلْبِ فَأَكَلَهَا الْكَلْبُ فَهُوَ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْكَلْبِ أَخَذَ الصَّيْدَ مِنْ الْكَلْبِ ثُمَّ وَثَبَ الْكَلْبُ عَلَى الصَّيْدِ فَأَخَذَ مِنْهُ قِطْعَةً فَأَكَلَهَا، وَهُوَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ عَلَى تَعْلِيمِهِ، وَكَذَلِكَ قَالُوا: لَوْ سَرَقَ الْكَلْبُ مِنْ الصَّيْدِ بَعْدَ دَفْعِهِ إلَى صَاحِبِهِ.
وَإِنْ أُرْسِلَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ عَلَى صَيْدٍ فَنَهَشَهُ فَقَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً فَأَكَلَهَا ثُمَّ وَجَدَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ مِنْهُ فِي حَالِ الِاصْطِيَادِ دَلِيلُ عَدَمِ التَّعَلُّمِ.
فَإِنْ نَهَشَهُ فَأَلْقَى مِنْهُ بِضْعَةً وَالصَّيْدُ حَيٌّ ثُمَّ اتَّبَعَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخَذَهُ فَقَتَلَهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّعَلُّمِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَطَعَ قِطْعَةً مِنْهُ لِيُثْخِنَهُ فَيَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى أَخْذِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْجُرْحِ.
وَإِنْ أَخَذَ صَاحِبُ الْكَلْبِ الصَّيْدَ مِنْ الْكَلْبِ بَعْدَ مَا قَتَلَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْكَلْبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَرَّ بِتِلْكَ الْقِطْعَةِ فَأَكَلَهَا يُؤْكَلُ صَيْدُهُ.
وَإِنْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ فَنَهَشَهُ فَأَخَذَ مِنْهُ بِضْعَةً فَأَكَلَهَا، وَهُوَ حَيٌّ فَانْفَلَتَ الصَّيْدُ مِنْهُ ثُمَّ أَخَذَ الْكَلْبُ صَيْدًا آخَرَ فِي فَوْرِهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ، وَقَالَ: أَكْرَهُ أَكْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ فِي حَالِ الِاصْطِيَادِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّعْلِيمِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا إلَى صَيْدٍ فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَأَخَذَ غَيْرَهُ إنْ ذَهَبَ عَلَى سُنَنِهِ فَقَدْ حَلَّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
لَوْ رَمَى بَعِيرًا فَأَصَابَ صَيْدًا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ نَادٍّ أَوْ غَيْرُ نَادٍّ لَمْ يُؤْكَلْ الصَّيْدُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْبَعِيرَ كَانَ نَادًّا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِبِلِ الِاسْتِئْنَاسُ فَيَتَمَسَّكُ بِهِ حَتَّى يَعْلَمَ غَيْرَهُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَرْسَلَ بَازِيَهُ إلَى أَرْنَبٍ فَأَصَابَ مِنْ ذَلِكَ صَيْدًا، وَهُوَ لَا يَصْطَادُ إلَّا الْأَرْنَبَ لَمْ يُؤْكَلْ مَا اصْطَادَهُ.
وَإِنْ أَرْسَلَ إلَى خِنْزِيرٍ أَوْ إلَى ذِئْبٍ فَأَخَذَ ظَبْيًا حَلَّ أَكْلُهُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَلَوْ أَرْسَلَ بَازِيًا إلَى ظَبْيٍ، وَهُوَ لَا يَصِيدُ الظَّبْيَ فَأَصَابَ صَيْدًا لَمْ يُؤْكَلْ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَخَذَ فِي إرْسَالِهِ ذَلِكَ صُيُودًا كَثِيرَةً وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ حَلَّ
الْكُلُّ وَكَذَا لَوْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ السَّهْمُ، وَنَفَذَ، وَأَصَابَ آخَرَ وَنَفَذَ، وَأَصَابَ آخَرَ حَلَّ الْكُلُّ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَإِنْ أَخَذَ صَيْدًا وَجَثَمَ عَلَيْهِ طَوِيلًا ثُمَّ مَرَّ بِهِ آخَرُ فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا بِإِرْسَالٍ مُسْتَقْبَلٍ أَوْ بِزَجْرٍ أَوْ بِتَسْمِيَةٍ عَلَى وَجْهٍ يَنْزَجِرُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الزَّجْرَ لِبُطْلَانِ الْفَوْرِ.
وَكَذَلِكَ إنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازِيَهُ عَلَى صَيْدٍ فَعَدَلَ عَنْ الصَّيْدِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَتَشَاغَلَ بِغَيْرِ طَلَبِ الصَّيْدِ وَفَتَرَ عَنْ سُنَنِهِ ذَلِكَ ثُمَّ تَبِعَ صَيْدًا فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِإِرْسَالٍ مُسْتَأْنَفٍ أَوْ أَنْ يَزْجُرَهُ صَاحِبُهُ، وَيُسَمِّيَ فَيَنْزَجِرَ فِيمَا يَحْتَمِلُ الزَّجْرَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَشَاغَلَ بِغَيْرِ طَلَبِ الصَّيْدِ فَقَدْ انْقَطَعَ حُكْمُ الْإِرْسَالِ، وَإِذَا صَادَ صَيْدًا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ تَرَسَّلَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحِلُّ صَيْدُهُ إلَّا أَنْ يَزْجُرَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الزَّجْرَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَخْطَأَهُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ صَيْدٌ آخَرُ فَقَتَلَهُ يُؤْكَلُ، وَإِنْ رَجَعَ فَعَرَضَ لَهُ صَيْدٌ آخَرُ فِي رُجُوعِهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ بَطَلَ بِالرُّجُوعِ وَبِدُونِ الْإِرْسَالِ لَا يَحِلُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ أُرْسِلَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ صَيْدٌ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ بِصَيْدٍ فَعَرَضَ لَهُ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبَهُ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ إنْسَانٌ، وَسَمَّى، فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ يُؤْكَلُ هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرْسَلَ عَلَى صَيْدٍ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَالْفَهْدُ إذَا أُرْسِلَ فَكَمَنَ، وَلَا يَتْبَعُ حَتَّى يَسْتَمْكِنَ فَيَمْكُثَ سَاعَةً ثُمَّ أَخَذَ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا أُرْسِلَ يَصْنَعُ كَمَا يَصْنَعُ الْفَهْدُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا صَادَ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِرْسَالِ كَالْوُثُوبِ وَالْعَدْوِ، وَكَذَلِكَ الْبَازِي إذَا أُرْسِلَ فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَطَارَ، فَأَخَذَ الصَّيْدَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَكَذَلِكَ الرَّامِي إذَا رَمَى صَيْدًا بِسَهْمٍ فَمَا أَصَابَهُ فِي سُنَنِهِ ذَلِكَ وَوَجْهِهِ أُكِلَ، وَإِنْ أَصَابَ وَاحِدًا ثُمَّ نَفَذَ إلَى آخَرَ وَآخَرَ أُكِلَ الْكُلُّ.
فَإِنْ أَمَالَتْ الرِّيحُ السَّهْمَ إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى يَمِينًا أَوْ شِمَالًا فَأَصَابَ صَيْدًا آخَرَ لَمْ يُؤْكَلْ، فَإِنْ لَمْ تَرُدَّ الرِّيحُ عَنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ أُكِلَ الصَّيْدُ. وَلَوْ أَصَابَ حَائِطًا أَوْ صَخْرَةً فَرَجَعَ فَأَصَابَ صَيْدًا فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، فَإِنْ مَرَّ السَّهْمُ مِنْ الشَّجَرِ فَجَعَلَ يُصِيبُ الشَّجَرَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ لَكِنَّ السَّهْمَ عَلَى سُنَنِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، فَإِنْ رَدَّهُ شَيْءٌ مِنْ الشَّجَرِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً لَا يُؤْكَلُ، فَإِنْ مَرَّ السَّهْمُ فَجَحَشَ حَائِطًا، وَهُوَ عَلَى سُنَنِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ أُكِلَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ عَلَى صَيْدٍ فَشَارَكَهُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ كَلْبٌ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى - عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ كَلْبٌ لِمَجُوسِيٍّ لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ رَدَّ الصَّيْدَ عَلَيْهِ الْكَلْبُ الثَّانِي، وَلَمْ يَجْرَحْ مَعَهُ وَمَاتَ بِجُرْحِ الْأَوَّلِ كُرِهَ أَكْلُهُ قِيلَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَقِيلَ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ رَدَّ الصَّيْدَ عَلَى الْكَلْبِ مَجُوسِيٌّ حَتَّى أَخَذَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَجُوسِيِّ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ فِعْلِ الْكَلْبِ فَلَمْ تَثْبُتْ الْمُشَارَكَةُ، وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهُ الْكَلْبُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَكِنَّهُ اشْتَدَّ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى الصَّيْدِ فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ حَلَّ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ مَدَّ الْمَجُوسِيُّ مَعَ الْمُسْلِمِ قَوْسًا إلَى صَيْدٍ، وَأَصَابَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ لَا يُوجَدَ مِنْهُ بَعْدَ الْإِرْسَالِ بَوْلٌ، وَلَا أَكْلٌ حَتَّى إذَا وُجِدَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ طَالَتْ وَقْفَتُهُ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ، وَكَذَلِكَ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَكُونَ جَارِحًا حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ مِنْ غَيْرِ جُرْحٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الزِّيَادَاتِ، وَفِي الْمُخْتَصَرِ لِعِصَامٍ وَأَشَارَ فِي الْأَصْلِ إلَى
أَنَّهُ يَحِلُّ فَإِنَّهُ قَالَ أَخَذَهُ وَقَتَلَهُ، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَمَا إذَا قَتَلَهُ جُرْحًا أَوْ خَنْقًا وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ يَحِلُّ، وَإِنْ لَمْ يَجْرَحْهُ، مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ إيجَازٌ، وَمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ إشْبَاعٌ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ.
وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا كَسَرَ عُضْوًا فَقَتَلَهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ لِأَنَّ الْكَسْرَ جِرَاحَةٌ فِي الْبَاطِنِ فَيُعْتَبَرُ بِالْجِرَاحَةِ فِي الظَّاهِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .
وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَدْرَكَهُ الْكَلْبُ فَضَرَبَهُ وَوَقَذَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ ثَانِيًا، فَقَتَلَهُ أُكِلَ وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَيْنِ، فَوَقَذَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ قَتَلَهُ الْآخَرُ أُكِلَ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ الْجُرْحِ بَعْدَ الْجُرْحِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّعْلِيمِ فَجُعِلَ عَفْوًا، وَلَوْ أَرْسَلَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَلْبًا فَوَقَذَهُ أَحَدُهُمَا، وَقَتَلَهُ الْآخَرُ أُكِلَ لِمَا بَيَّنَّا وَالْمِلْكُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرْسَلَ كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ عَلَى صَيْدٍ فَكَسَرَ رِجْلَهُ أَوْ عَقَرَهُ عَقْرًا أَخْرَجَهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ ثُمَّ إنَّ رَجُلًا آخَرَ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى ذَلِكَ الصَّيْدِ فَكَسَرَ رِجْلَهُ الْأُخْرَى، أَوْ عَقَرَهُ عَقْرًا فَمَاتَ الصَّيْدُ مِنْ الْعَقْرَيْنِ فَنَقُولُ: الصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ، وَلَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ هَذَا إذَا أَرْسَلَ الثَّانِي كَلْبَهُ بَعْدَ مَا أَصَابَ الْكَلْبُ الْأَوَّلُ الصَّيْدَ وَأَثْخَنَهُ، فَلَوْ أَنَّ الْكَلْبَ الْأَوَّلَ جَرَحَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُثْخِنْهُ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ حَتَّى أَرْسَلَ الثَّانِي كَلْبَهُ فَأَصَابَهُ الثَّانِي وَجَرَحَهُ وَأَثْخَنَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ فَالصَّيْدُ لِلثَّانِي وَيَحِلُّ تَنَاوُلُهُ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْجُرْحَيْنِ بِحَالٍ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَلَمَّا اجْتَمَعَا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا فَالصَّيْدُ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا أَصَابَاهُ مَعًا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْأَخْذِ، وَالْحِلُّ ثَابِتٌ. وَإِنْ أَرْسَلَ الثَّانِي كَلْبَهُ قَبْلَ إصَابَةِ الْكَلْبِ الْأَوَّلِ الصَّيْدَ فَالْمِلْكُ لِأَوَّلِهِمَا إصَابَةً كَمَا فِي السَّهْمَيْنِ، وَالْحِلُّ ثَابِتٌ.
وَلَوْ أَرْسَلَا مَعًا فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا الصَّيْدَ قَبْلَ الْآخَرِ، وَأَخَذَهُ وَأَثْخَنَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ الْآخَرُ فَالصَّيْدُ لِأَوَّلِهِمَا إصَابَةً. وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَأَصَابَ الْكَلْبُ الثَّانِي الصَّيْدَ أَوَّلًا وَأَثْخَنَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ الْكَلْبُ الْأَوَّلُ فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ الثَّانِي، وَلَوْ أَصَابَاهُ جُمْلَةً أَوْ أَصَابَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُثْخِنْهُ حَتَّى أَصَابَهُ الْآخَرُ فَالصَّيْدُ لَهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي تَجْنِيسِ خُوَاهَرْ زَادَهْ: وَإِذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ لَا يَرَاهُ أَوْ رَمَاهُ فَأَصَابَ الصَّيْدَ، وَالرَّجُلُ فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَهُ حَلَّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا ضَرَبَ الْبَازِي بِمِنْقَارِهِ أَوْ بِمِخْلَبِهِ الصَّيْدَ حَتَّى أَثْخَنَهُ، أَوْ جَرَحَهُ الْكَلْبُ فَجَاءَ صَاحِبُهُ، وَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ، فَلَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى ضَرَبَهُ الْبَازِي أَوْ الْكَلْبُ مَرَّةً أُخْرَى فَمَاتَ فَعِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يُؤْكَلُ مَا أَصَابَهُ الْمِعْرَاضُ بِعَرْضِهِ، وَلَا يُؤْكَلُ مَا أَصَابَتْهُ الْبُنْدُقَةُ فَمَاتَ بِهَا كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا إنْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ، وَإِنْ جَرَحَهُ إذَا كَانَ ثَقِيلًا، وَبِهِ حِدَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِثِقَلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَجَرُ خَفِيفًا وَبِهِ حِدَّةٌ حَلَّ لِأَنَّ الْمَوْتَ بِالْجُرْحِ، وَإِنْ كَانَ الْحَجَرُ خَفِيفًا وَجَعَلَهُ طَوِيلًا كَالسَّهْمِ، وَبِهِ حِدَّةٌ حَلَّ.
وَلَوْ رَمَاهُ بِمَرْوَةِ حَدِيدٍ، وَلَمْ تُبْضِعْ بِضْعًا يَحْرُمُ، وَكَذَا إنْ رَمَاهُ بِهَا فَأَبَانَ رَأْسَهُ أَوْ قَطَعَ أَوْدَاجَهُ، وَلَوْ رَمَاهُ بِعَصًا أَوْ بِعُودٍ حَتَّى قَتَلَهُ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ ثِقَلًا لَا جُرْحًا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ حَدٌّ يُبْضِعُ بِضْعًا فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ لِأَنَّهُ كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ
الْمَوْتَ إذَا أُضِيفَ إلَى الْجُرْحِ قَطْعًا حَلَّ الصَّيْدُ، وَإِنْ أُضِيفَ إلَى الثِّقَلِ قَطْعًا حَرُمَ، وَإِنْ وَقَعَ الشَّكُّ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ مَاتَ بِالثِّقَلِ أَوْ بِالْجُرْحِ حَرُمَ احْتِيَاطًا.
، وَإِنْ رَمَاهُ بِسَيْفٍ أَوْ بِسِكِّينٍ فَأَصَابَهُ بِحَدِّهِ فَجَرَحَهُ حَلَّ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِقَفَا السِّكِّينِ أَوْ بِمِقْبَضِ السَّيْفِ حَرُمَ، وَلَوْ رَمَاهُ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ بِالْجُرْحِ إنْ كَانَ الْجُرْحُ مُدْمِيًا حَلَّ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدْمِيًا حَلَّ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يُشْتَرَطُ الْإِدْمَاءُ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ إنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ كَبِيرَةً حَلَّ بِلَا إدْمَاءٍ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يَحِلُّ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ رَمَى سَهْمًا فَعَرَضَهُ سَهْمٌ آخَرُ فَرَدَّهُ عَنْ سُنَنِهِ فَأَصَابَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ وَذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَحْمَدُ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الرَّامِيَ الثَّانِيَ لَمْ يَقْصِدْ الرَّمْيَ إلَى الصَّيْدِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ اللَّعِبَ أَوْ تَعَلُّمَ الرَّمْيِ، وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا حَتَّى لَوْ قَصَدَ الِاصْطِيَادَ يَحِلُّ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مُسْلِمٌ رَمَى صَيْدًا فَأَصْأَبَ سَهْمًا مَوْضُوعًا، فَرَفَعَهُ فَأَصَابَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ جُرْحًا يُؤْكَلُ، وَكَذَا لَوْ رَمَى بِمِعْرَاضٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ بُنْدُقَةٍ فَأَصَابَ سَهْمًا فَرَفَعَهُ فَأَصَابَ السَّهْمُ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ يَحِلُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
مَجُوسِيٌّ رَمَى سَهْمًا بَعْدَ سَهْمِ الْمُسْلِمِ فَأَصَابَ سَهْمُهُ سَهْمَ الْأَوَّلِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْلَا سَهْمُ الْمَجُوسِيِّ لَمَا وَصَلَ إلَى الصَّيْدِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّهُ عَنْ سُنَنِهِ، فَلَوْ زَادَهُ قُوَّةً، وَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ سُنَنِهِ فَالصَّيْدُ لِلْمُسْلِمِ، وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
مَجُوسِيٌّ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَفَرَّ الصَّيْدُ مِنْ سَهْمِهِ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَفَرَّ مِنْ كَلْبِهِ فَرَمَاهُ مُسْلِمٌ بِسَهْمٍ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ لَمْ يَحِلَّ إلَّا إذَا وَقَعَ سَهْمُ الْمَجُوسِيِّ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ انْصَرَفَ كَلْبُهُ قَبْلَ رَمْيِ الْمُسْلِمِ وَإِرْسَالِهِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ اشْتَرَكَ الْحَلَالُ وَالْمُحْرِمُ فِي رَمْيِ الصَّيْدِ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
الْإِسْلَامُ وَقْتَ الرَّمْيِ وَوَقْتَ الْإِرْسَالِ شَرْطٌ حَتَّى لَوْ رَمَى وَأَرْسَلَ، وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ يَحِلُّ، وَعَلَى عَكْسِهِ لَا يَحِلُّ هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
الْمَجُوسِيُّ إذَا تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ يُؤْكَلُ صَيْدُهُ وَذَبِيحَتُهُ وَالنَّصْرَانِيُّ إذَا تَمَجَّسَ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُهُ وَذَبِيحَتُهُ وَالْمُسْلِمُ إذَا ارْتَدَّ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُهُ وَكَذَلِكَ إذَا تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمَجُوسِ رَمَوْا سِهَامَهُمْ فَأَقْبَلَ الصَّيْدُ نَحْوَ مُسْلِمٍ فَارًّا مِنْ سِهَامِهِمْ فَرَمَاهُ الْمُسْلِمُ وَسَمَّى فَأَصَابَهُ سَهْمُ الْمُسْلِمِ، وَقَتَلَهُ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ سَهْمُ الْمَجُوسِيِّ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى رَمَاهُ الْمُسْلِمُ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ إلَّا أَنْ يُدْرِكَهُ الْمُسْلِمُ، وَيُذَكِّيَهُ فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُمْ أَعَانُوهُ فِي الرَّمْيِ دُونَ حَقِيقَةِ الذَّكَاةِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالرَّمْيِ مَعَ وُجُودِ حَقِيقَةِ الذَّكَاةِ، وَإِنْ وَقَعَتْ سِهَامُ الْمَجُوسِ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ رَمَاهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا حَلَّ أَكْلُهُ، وَكَذَلِكَ الْمَجُوسُ إذَا أَرْسَلُوا كِلَابَهُمْ إلَى الصَّيْدِ فَأَقْبَلَ الصَّيْدُ هَارِبًا فَرَمَاهُ الْمُسْلِمُ فَقَتَلَهُ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَيْهِ أَوْ بَازِيًا لَهُ أَوْ صَقْرًا لَهُ فَأَصَابَ الْكَلْبُ فَقَتَلَهُ إنْ كَانَ رَمْيُ الْمُسْلِمِ وَإِرْسَالُهُ حَالَ اتِّبَاعِ صَقْرِ الْمَجُوسِيِّ وَبَازِيهِ الصَّيْدَ لَا يَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ رُجُوعِ صَقْرِهِ وَبَازِيهِ حَلَّ وَكَذَلِكَ لَوْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ بَازٍ غَيْرُ مُعَلَّمٍ فَأَقْبَلَ الصَّيْدُ فَارًّا مِنْهُ فَرَمَاهُ الْمُسْلِمُ بِسَهْمٍ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازِيَهُ أَوْ صَقْرَهُ فَأَصَابَهُ، وَقَتَلَ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الصَّيْدِ أَنْ لَا يُشَارِكَ فِي مَوْتِهِ سَبَبٌ آخَرُ