الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: أَرْبَعَةُ نَفَرٍ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً لَوْنُهَا وَسَمْتُهَا وَاحِدٌ، فَحَبَسُوهَا فِي بَيْتٍ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا وَاحِدَةً مِنْهَا مَاتَتْ وَلَا يُدْرَى لِمَنْ هِيَ، فَإِنَّهُ تُبَاعُ هَذِهِ الْأَغْنَامُ جُمْلَةً وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، ثُمَّ يُوَكِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ بِذَبْحِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَيُحَلِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ أَيْضًا حَتَّى يَجُوزَ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَتْ لِزَوْجِهَا: ضَحِّ عَنِّي كُلَّ عَامٍ مِنْ مَهْرِي الَّذِي لِي عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا فَفَعَلَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، لَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ وَقْتِهَا عَلَى الزَّوْجَةِ الْمُعْسِرَةِ، وَلَا عَلَى الزَّوْجِ الْمُعْسِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً (ظت) وَلَا عَلَى أُمِّهِ الْمُعْسِرَةِ تَصَدُّقٌ بِلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ، لَا يُجْزِئُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. إذَا لَمْ يَجِدْ أُضْحِيَّةً فِي بَلَدِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ لِطَلَبِهَا إلَى مَوْضِعٍ يَمْشُونَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِهِ لِشِرَاءِ الشِّيَاهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثِينَ بَابًا]
(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ) تَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى الْمَكْرُوهِ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصًّا أَنَّ كُلَّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِدْ فِيهِ نَصًّا قَاطِعًا لَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهِ لَفْظَ الْحَرَامِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ. هَذَا هُوَ الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فَإِلَى الْحَلَالِ أَقْرَبُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ. وَالْأَصْلُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْأَصْلِ، فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ إثْبَاتُ الْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ الْحُرْمَةُ لِعَارِضٍ، يُنْظَرُ إلَى الْعَارِضِ إنْ كَانَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَكَانَتْ الضَّرُورَةُ قَائِمَةً فِي حَقِّ الْعَامَّةِ فَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الضَّرُورَةُ هَذَا الْمَبْلَغَ فَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فَصَارَ إلَى الْأَصْلِ، وَعَلَى الْعَكْسِ إنْ كَانَ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةَ يُنْظَرُ إلَى الْعَارِضِ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وُجُودُ الْمُحَرَّمِ فَالْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ، نَظِيرُ الْأَوَّلِ سُؤْرُ الْهِرَّةِ، وَنَظِيرُ الثَّانِي لَبَنُ الْأَتَانِ وَلُحُومُهَا، وَنَظِيرُ الثَّالِثِ سُؤْرُ الْبَقَرَةِ الْجَلَّالَةِ وَسِبَاعِ الطَّيْرِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. (وَهَذَا الْكِتَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثِينَ بَابًا) .
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ دِينِيٍّ]
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ) وَهَذَا الْبَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ دِينِيٍّ) نَحْوُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ وَطَهَارَتِهِ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ حُرْمَةِ الْمَحَلِّ وَإِبَاحَتِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مِنْ تَعَارُضِ الْخَبَرَيْنِ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ وَطَهَارَتِهِ، وَفِي حُرْمَةِ الْعَيْنِ وَإِبَاحَتِهِ. خَبَرُ الْوَاحِدِ يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ كَالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا عَدْلًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا مَحْدُودًا أَوْ لَا، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَدُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْهِدَايَةِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الدِّيَانَاتِ إلَّا إذَا كَانَ قَبُولُ قَوْلِ الْكَافِرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ يَتَضَمَّنُ قَوْلَهُ فِي الدِّيَانَاتِ، فَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ الدِّيَانَاتُ فِي ضِمْنِ الْمُعَامَلَاتِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا ضَرُورَةً هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
مِنْ أَرْسَلَ رَسُولًا مَجُوسِيًّا أَوْ خَادِمًا فَاشْتَرَى لَحْمًا فَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَسِعَهُ أَكْلُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، مَعْنَاهُ إذَا كَانَ ذَبِيحَةَ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ وَالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْحِلِّ
أَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ فِي الْحُرْمَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَسْتُورِ فِي الدِّيَانَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
خَبَرُ مُنَادِي السُّلْطَانِ مَقْبُولٌ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِذَا حَضَرَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا فِي إنَاءٍ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ قَذِرٌ وَهُوَ عِنْدَهُ مُسْلِمٌ مَرْضِيٌّ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ امْرَأَةً حُرَّةً، هَذَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِنْ أَرَاقَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ أَحْوَطَ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِهِ وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَلَا تَيَمُّمَ عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ جَوَابُ الْحُكْمِ، فَأَمَّا فِي الِاحْتِيَاطِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بَعْدَ الْوُضُوءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ، فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي هَذَا الْوَجْهِ قَالَ فِي الْكِتَابِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُرِيقَ الْمَاءَ ثُمَّ يَتَيَمَّمَ، وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا يَعْقِلَانِ مَا يَقُولَانِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ خَبَرَهُمَا فِي هَذَا كَخَبَرِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ اشْتَرَى لَحْمًا فَلَمَّا قَبَضَهُ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ قَدْ خَالَطَهُ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَأْكُلَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
مُسْلِمٌ اشْتَرَى لَحْمًا وَقَبَضَهُ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْكُلَ وَلَا يُطْعِمَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ أَخْبَرَهُ بِحُرْمَةِ الْعَيْنِ وَبُطْلَانِ الْمِلْكِ، وَحُرْمَةُ الْعَيْنِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى - فَيَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا بُطْلَانُ الْمِلْكِ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بُطْلَانُ الْمِلْكِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِ الْعَيْنِ هَاهُنَا لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَا أَنْ يَحْبِسَ الثَّمَنَ عَنْ الْبَائِعِ إذْ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ، وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ اللَّحْمَ وَلَكِنَّ الَّذِي كَانَ اللَّحْمُ فِي يَدِهِ أَذِنَ لَهُ بِالتَّنَاوُلِ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَوْ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ بِالتَّنَاوُلِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْإِذْنِ أَوْ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ حَرَامُ الْعَيْنِ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
اشْتَرَى رَجُلٌ طَعَامًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ مَلَكَ ذَلِكَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةً فَجَاءَ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ فَشَهِدَ أَنَّ هَذَا لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ غَصَبَهُ مِنْهُ الْبَائِعُ أَوْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَيِّتُ.؟ فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَوَطْءِ الْجَارِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَزَّهْ كَانَ فِي سَعَةٍ، وَكَذَلِكَ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَذِنَ لَهُ فِي أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ: هَذَا غَصْبٌ فِي يَدَيْهِ مِنْ فُلَانٍ، وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ يُكَذِّبُهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَهُ وَهُوَ مُتَّهَمٌ غَيْرُ ثِقَةٍ؟ . فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهُ، فَإِنْ أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ أَوْ تَوَضَّأَ بِهِ كَانَ فِي سَعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ وُضُوءًا غَيْرَهُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ مَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ الَّذِي أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ ثِقَةً عَدْلًا، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَلَكَهُ لَمْ يَغْصِبْهُ مِنْ أَحَدٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لَا يَتَنَزَّهُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَيْنِ تَسَاقَطَا بِحُكْمِ التَّعَارُضِ فَتُعْتَبَرُ الْإِبَاحَةُ الْأَصْلِيَّةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فَاسِقًا، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالَ: يَتَنَزَّهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَعَلَى هَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمًا فَقَالَ لَهُ خَارِجٌ عَدْلٌ: لَا تَشْتَرِ فَإِنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ، وَقَالَ الْقَصَّابُ: اشْتَرِ فَإِنَّهُ ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ وَالْقَصَّابُ ثِقَةٌ، فَإِنَّهُ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِقَوْلِ الْقَصَّابِ عَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَشَايِخِ لَا تَزُولُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَأْكُلُونَ طَعَامًا وَيَشْرَبُونَ شَرَابًا فَدَعَوْهُ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ قَدْ عَرَفَهُ: هَذَا اللَّحْمُ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ وَهَذَا الشَّرَابُ قَدْ خَالَطَهُ الْخَمْرُ، وَقَالَ الَّذِينَ دَعَوْهُ إلَى ذَلِكَ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ بَلْ هُوَ حَلَالٌ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فِي حَالِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا عُدُولًا ثِقَاتٍ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانُوا مُتَّهَمِينَ أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْرَبَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، قَالَ: وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ بِالْحُرْمَةِ مُسْلِمًا حُرًّا كَانَ أَوْ مَمْلُوكًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ رَجُلَانِ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ وَاحِدٌ ثِقَةٌ عَمِلَ فِيهِ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ وَاسْتَوَى الْحَالَانِ عِنْدَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ ذَلِكَ وَشُرْبِهِ وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ تَمَسَّكَ بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ
وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ حَلَالٌ مَمْلُوكَيْنِ ثِقَتَيْنِ وَاَلَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَاحِدًا حُرًّا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ.
وَإِنْ كَانَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ