الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالرِّوَايَةُ هَاهُنَا بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ وَالرِّوَايَةُ هَاهُنَا تَكُونُ رِوَايَةً فِي فَصْلِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُبَاعُ نَصِيبُهُ فِي دَيْنِهِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَاسِدًا لَا تَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ كَمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِخِيَارِ الْمُشْتَرِي تَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ خَافَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَيْهَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: تَكُونُ عِنْدَك يَوْمًا وَعِنْدِي يَوْمًا وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ نَضَعُهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَإِنِّي أَجْعَلُهَا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمًا وَلَا أَضَعُهَا عَلَى يَدِي عَدْلٍ فَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْبُدَاءَةِ فَالْقَاضِي يَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَقْرَعَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْأَوْلَى أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمَا وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
عَبْدٌ وَأَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَهَايَآ فِيهِمَا عَلَى أَنْ تَخْدِمَ الْأَمَةُ أَحَدَهُمَا وَيَخْدِمَ الْعَبْدُ الْآخَرَ عَلَى أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامُ الْخَادِمِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ فِي الْمُهَايَأَةِ فَاعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا ثَلَاثَ مَسَائِلَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ (إحْدَاهَا) إذَا سَكَتَا عَنْ ذِكْرِ الطَّعَامِ فِي الْقِيَاسِ يَجِبُ طَعَامُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ طَعَامُ الْخَادِمِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَفِي الْكِسْوَةِ إنْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِهَا تَجِبُ كِسْوَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، (وَالثَّانِيَةُ) إذَا شَرَطَا فِي الْمُهَايَأَةِ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامُ الْخَادِمِ الَّذِي شُرِطَ فِي الْمُهَايَأَةِ وَلَمْ يُقَدَّرْ الطَّعَامُ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَفِي الْكِسْوَةِ إذَا لَمْ يُبَيِّنَا الْمِقْدَارَ لَمْ يَجُزْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا.
(وَالثَّالِثَةُ) إذَا بَيَّنَا مِقْدَارًا مِنْ الطَّعَامِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ فِي الْكِسْوَةِ إذَا شَرَطَا شَيْئًا مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَالْمُهَايَأَةُ فِي رَعْيِ الدَّوَابِّ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ لَوْ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَا لَهُمَا أَجِيرًا جَازَ وَالْمُهَايَأَةُ فِي دَارٍ وَأَرْضٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا هَذِهِ الدَّارَ وَيَزْرَعَ هَذَا هَذِهِ الْأَرْضَ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ الْمُهَايَأَةُ فِي دَارٍ وَحَمَّامٍ وَالْمُهَايَأَةُ فِي دَارٍ وَمَمْلُوكٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً وَيَخْدِمَ هَذَا هَذَا الْمَمْلُوكَ سَنَةً جَائِزَةٌ وَعَلَى الْغَلَّةِ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّهَايُؤِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي مَحَلٍّ يَحْتَمِلُهُمَا يَأْمُرُهُمَا الْقَاضِي بِأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ فَإِنْ اخْتَارَاهُ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ يَقْرَعُ فِي الْبُدَاءَةِ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَمَتَانِ إحْدَاهُمَا أَفْضَلُ خِدْمَةً فَتَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَ أَحَدُهُمَا الْفَاضِلَةَ سَنَةً وَالْآخَرُ الْأُخْرَى سَنَتَيْنِ جَازَ وَلَوْ تَهَايَآ فِي أَمَتَيْنِ فَعَلِقَتْ إحْدَاهُمَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ بَطَلَتْ الْمُهَايَأَةُ وَتُسْتَأْنَفُ فِي الْأُخْرَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الثَّالِثَ عَشْرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]
(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشْرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْقِسْمَةِ أَجْرًا وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَأْخُذَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ قَاسِمًا يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِيُقَسِّمَ بَيْنَ النَّاسِ بِلَا أَجْرٍ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ نَصَّبَ قَاسِمًا يُقَسِّمُ بِأَجْرٍ عَلَى الْمُتَقَاسِمَيْنِ وَيُقَدَّرُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ كَيْلًا يَتَحَكَّمَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عَالِمًا بِالْقِسْمَةِ أَمِينًا وَلَا يُجْبِرُ الْقَاضِي النَّاسَ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرُوا قَاسِمًا وَاحِدًا كَذَا فِي الْكَافِي.
أُجْرَةُ الْقَسَّامِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ لِلْقِسْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: عَلَى مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ قَاسِمُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا أُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ فِي الْقِسْمَةِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: هِيَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ فِيهِمَا كَقَوْلِهِمَا وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْآخَرُ فَأَمَرَ الْقَاضِي قَاسِمَهُ لِيُقَسِّمَ بَيْنَهُمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الطَّالِبِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ اصْطَلَحُوا فَاقْتَسَمُوا جَازَ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ صَغِيرٌ فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى أَمْرِ الْقَاضِي وَلَا يَتْرُكُ الْقُسَّامُ يَشْتَرِكُونَ.
كَذَا فِي الْكَافِي.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجْرُ قَاسِمِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَقَالَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَصُورَتُهُ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا وَلِلْآخَرِ سُدُسُهَا قَالُوا: وَهَذَا إذَا طَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمْ فَقَسَّمَ بَيْنَهُمْ قَاسِمُ الْقَاضِي فَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا بِأَنْفُسِهِمْ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِمْ عَلَى السَّوِيَّةِ وَهَلْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ عَلَى صَاحِبِ الْكَثِيرِ بِالزِّيَادَةِ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَرْجِعُ وَقَالَا: يَرْجِعُ وَكَذَلِكَ إذَا وَكَّلُوا رَجُلًا لِيَسْتَأْجِرَ رَجُلًا يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ فَاسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْوَكِيلِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّجُوعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِالْأُجْرَةِ عَلَى السَّوَاءِ وَقَالَا: يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ الْمِلْكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا لِكَيْلِ طَعَامٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ ذَرْعِ ثَوْبٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ إنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ لِلْقِسْمَةِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا وَإِنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى نَفْسِ الْكَيْلِ وَالذَّرْعِ لِيَصِيرَ الْمَكِيلُ أَوْ الثَّوْبُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَفِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَكْرَارَ حِنْطَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَجْرُ الْكَيَّالِ عَلَى مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ وَأَجْرُ الْحَسَّابِ عَلَى الرُّءُوسِ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ فَهُوَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ وَمَا كَانَ مِنْ حِسَابٍ فَهُوَ عَلَى الرُّءُوسِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا عَلَى الْأَنْصِبَاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَنَى فِيهَا أَحَدُهُمَا فَقَالَ الْآخَرُ: ارْفَعْ عَنْهَا بِنَاءَك فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الْأَرْضَ بَيْنَهُمَا فَمَا وَقَعَ مِنْ الْبِنَاءِ فِي نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يَبْنِ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ أَوْ يُرْضِيَهُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ يَبْطُلُ حَقُّ الْبَانِي فِي الْكُلِّ وَلَوْ قَسَّمَ لَا يَبْطُلُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي بَنَى فِي مِلْكِهِ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ أَوْلَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْبَاقُونَ فَاسْتَأْجَرَ الطَّالِبُ قَسَّامًا كَانَ الْأَجْرُ عَلَيْهِ خَاصَّةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ صَاحِبَاهُ: يَكُونُ عَلَى الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَنَى فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَنْقُضَ بِنَاءَهُ وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدَانِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فَجَاءَ أَجْنَبِيٌّ إلَى الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ وَقَالَ: قَاسِمْنِي هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْسِنُ قِسْمَتِي فَقَاسَمَهُ الْحَاضِرُ وَأَخَذَ الْحَاضِرُ عَبْدًا وَاحِدًا وَالْأَجْنَبِيُّ عَبْدًا ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَجَازَ الْقِسْمَةَ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَقَبْضُ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَلِلْغَائِبِ نِصْفُ الْعَبْدِ الْبَاقِي وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي تَضْمِينِ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَبْدِ الْمَيِّتِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الَّذِي مَاتَ فِي يَدِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ بِمَا ضَمِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَقَعَتْ شَجَرَةٌ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَغْصَانُهَا مُتَدَلِّيَةٌ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى قَطْعِهَا لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الشَّجَرَةَ بِأَغْصَانِهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَقَعَ لِأَحَدِهِمَا فِي قِسْمِهِ بِنَاءٌ وَلِلْآخَرِ بِجَنْبِهِ سَاحَةٌ فَأَرَادَ صَاحِبُهَا بِنَاءَ بَيْتٍ فِي سَاحَتِهِ وَهُوَ يَسُدُّ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ نُصَيْرٌ وَالصَّفَّارُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ مَنْعُهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.
ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَرِثُوا دَارًا عَنْ أَبِيهِمْ وَاقْتَسَمُوهَا أَثْلَاثًا وَتَقَابَضُوا ثُمَّ أَنَّ رَجُلًا غَرِيبًا اشْتَرَى مِنْ أَحَدِهِمْ قِسْمَهُ وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ أَحَدُ الْبَاقِيَيْنِ وَقَالَ: أَنَا لَا أَقْسِمُ وَاشْتَرَى هَذَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ الثُّلُثَ شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ ثُمَّ جَاءَ الِابْنُ الثَّالِثُ وَقَالَ: قَدْ اقْتَسَمْنَاهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ الثَّانِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَدْرِي أَقَسَّمْتُمْ أَمْ لَا فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ ثَبَتَتْ بِحُجَّةٍ قَامَتْ مِنْ الْخَصْمِ وَالْقِسْمَةُ بَعْدَ تَمَامِهَا لَا تَبْطُلُ بِجُحُودِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَاعَ نَصِيبَ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَجَازَ بَيْعُهُ وَأَمَّا الثَّانِي إنَّمَا بَاعَ ثُلُثَ الدَّارِ شَائِعًا ثُلُثُ ذَلِكَ مِنْ قِسْمِهِ وَثُلُثَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ غَيْرِهِ فَيَنْفُذُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ خَاصَّةً فَجَازَ بَيْعُهُ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيهِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ثُلُثَ قِسْمِهِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالتَّرَاضِي عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَفْرَزُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُبْطِلُوا الْقِسْمَةَ بِالتَّرَاضِي وَيَجْعَلُوا الدُّورَ وَالْأَرَاضِي مُشْتَرَكَةً مُشَاعًا كَمَا.
كَانَتْ فَلَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُبْطِلَ الْبَيْعَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ بَيْتًا مِنْهَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الشَّرِيكِ فَإِنْ أَجَازَ شَرِيكُهُ جَازَ وَالْبَيْتُ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ الْأَرْضِ أَوْ مَكَانًا مَعْلُومًا وَلَوْ كَانَتْ ثِيَابٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُقَسَّمُ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ هَذَا وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى سَوَاءٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ شَرِيكِهِ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ (قَالَ) : وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ دَارٌ فَأَقَرَّ بِبَيْتٍ مِنْهَا لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فَإِنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مَوْقُوفٌ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْعَيْنِ لِحَقِّ الْآخَرِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ يَدْفَعُ إلَيْهِ وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ مَا أَصَابَ الْمُقِرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِذَرْعِ الْبَيْتِ وَيَضْرِبُ الْمُقِرُّ بِنِصْفِ ذَرْعِ الدَّارِ بَعْدَ ذَرْعِ الْبَيْتِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْرِبُ الْمُقِرُّ كَمَا قَالَا وَيَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِنِصْفِ ذَرْعِ الْبَيْتِ لَا بِجَمِيعِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ جَمِيعَ ذَرْعِ الدَّارِ مِائَةً مَعَ الْبَيْتِ وَذَرْعَ الْبَيْتِ عَشْرَةً فَإِنَّ الدَّارَ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمُقِرَّ يُجْعَلُ عَلَى خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ سَهْمًا يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِعَشْرَةٍ وَذَلِكَ جَمِيعُ ذَرْعِ الْبَيْتِ وَيَضْرِبُ الْمُقِرُّ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا.
وَذَلِكَ نِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ ذَرْعِ الْبَيْتِ فَاجْعَلْ كُلَّ خَمْسَةٍ سَهْمًا فَيَصِيرُ مَا أَصَابَهُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا سَهْمَانِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَتِسْعَةُ أَسْهُمٍ لِلْمُقِرِّ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَسِّمُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَضْرِبُ بِخَمْسَةِ أَذْرُعٍ عِنْدَهُ هَذَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ بِشَيْءٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالدَّارِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالْحَمَّامِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَةِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِجِذْعٍ فِي الدَّارِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَيْءٌ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَاقْتَسَمَاهُ فَاَلَّذِي لَيْسَ فِي يَدِهِ لَمْ يَقْبِضْ نَصِيبَهُ حَتَّى هَلَكَ نَصِيبَهُ فَاَلَّذِي هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَيْهِمَا وَاَلَّذِي بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا الْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجْنَاسِهَا أَنَّ فِي قِسْمَةِ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ إذَا هَلَكَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَيَعُودُ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَوْ كَانَ الْهَالِكُ نَصِيبُ مَنْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ فِي يَدِهِ دُونَ نَصِيبِ الْآخَرِ لَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَعَنْ هَذَا الْأَصْلِ قُلْنَا: إنَّ الدِّهْقَان إذَا قَالَ لِلْأَكَّارِ: اقْسِمْ الْغَلَّةَ وَاعْزِلْ نَصِيبِي مِنْ نَصِيبِك فَفَعَلَ ثُمَّ هَلَكَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الدِّهْقَانُ نَصِيبَهُ إنْ هَلَكَ نَصِيبُ الدِّهْقَانِ فَالْقِسْمَةُ تُنْتَقَضُ وَيَرْجِعُ الدِّهْقَانُ عَلَى الْأَكَّارِ بِنِصْفِ مَا قَبَضَ لِأَنَّ نَصِيبَ الدِّهْقَانِ هَلَكَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ هَلَكَ نَصِيبُ الْأَكَّارِ لَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ قَسَّمَ الصُّبْرَةَ وَأَفْرَزَ نَصِيبَ الدِّهْقَانِ وَحَمَلَ نَصِيبَ نَفْسِهِ إلَى بَيْتِهِ أَوَّلًا فَلَمَّا رَجَعَ إذَا قَدْ هَلَكَ مَا أَفْرَزَهُ لِلدِّهْقَانِ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ وَرَثَةً وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْمَسَاكِينِ فَقَسَّمَ الْقَاضِي وَعَزَلَ الثُّلُثَ لِلْمَسَاكِينِ وَالثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ فَلَمْ يُعْطِ أَحَدًا مِنْهُمْ شَيْئًا حَتَّى ضَاعَ الثُّلُثُ أَوْ الثُّلُثَانِ كَانَ مَا ضَاعَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا وَتُعَادُ الْقِسْمَةُ وَبِمِثْلِهِ الْقَاضِي لَوْ أَعْطَى الثُّلُثَ لِلْمَسَاكِينِ وَضَاعَ الثُّلُثَانِ وَالْوَرَثَةُ غُيَّبٌ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ فَالثُّلُثَانِ يَضِيعَانِ مِنْ مَالِ الْوَرَثَةِ رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا طَعَامٌ أَمَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالْقِسْمَةِ وَدَفَعَ إلَيْهِ جُوَالِقًا فَقَالَ: كُلْ حِصَّتِي مِنْ الطَّعَامِ فِيهِ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا قَبْضٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعِرْنِي جَوَالِقَك هَذَا وَكِلْ حِصَّةً لِي فِيهِ وَإِنْ قَالَ: أَعِرْنِي جُوَالَقًا مِنْ عِنْدِك وَلَمْ يَقُلْ هَذَا وَكِلْ لِي فِيهِ فَفَعَلَ فَهَذَا لَيْسَ بِقَبْضٍ لِحِصَّتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ حَضَرَ جَمَاعَةٌ وَالْتَمَسُوا مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يُقَسِّمَ التَّرِكَةَ بَيْنَهُمْ وَادَّعُوا بِأَنَّهَا مِيرَاثٌ لَمْ يُقَسِّمْهَا حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَوْتِهِ وَعَدَدِ وَرَثَتِهِ فَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِالْمَوْتِ وَقَالُوا: إنَّهُ لَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ غَيْرَ هَؤُلَاءِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ فِي الْقِيَاسِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُقْبَلُ وَإِنْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ هَؤُلَاءِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنْ قَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْمِصْرِ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَعِنْدَهُمَا لَا تُقْبَلُ فَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَوِي فِيهَا مَنْ يَحْجُبُ بِغَيْرِهِ لَوْ ظَهَرَ وَمَنْ لَا يَحْجُبُ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ فَإِنَّهُ يُعْطِي لَهُمَا أَكْثَرَ النَّصِيبَيْنِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ فَإِنْ شَهِدُوا بِالْمَوْتِ وَسَكَتُوا عَمَّا سِوَاهُ لَمْ يُقَسِّمْهَا عُرُوضًا كَانَتْ التَّرِكَةُ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ كَالْعَمِّ وَالْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لَا يُقَسِّمُهَا بَيْنَهُمْ عُرُوضًا كَانَتْ التَّرِكَةُ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ كَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْوَلَدِ قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ يُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَكْثَرَ النَّصِيبَيْنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُعْطَى الزَّوْجُ الرُّبْعَ وَلِلزَّوْجَةِ رُبْعُ الثَّمَنِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلزَّوْجِ الْخُمْسُ وَلِلزَّوْجَةِ رُبْعُ التُّسْعِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
رَجُلٌ مَاتَ عَنْ امْرَأَةٍ وَابْنَيْنِ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي أَنَّهَا حَامِلٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: تُعْرَضُ عَلَى امْرَأَةٍ هِيَ ثِقَةٌ أَوْ امْرَأَتَيْنِ حَتَّى تَمَسَّ جَنْبَيْهَا فَإِنْ لَمْ تَقِفْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَمْلِ يُقَسَّمُ الْمِيرَاثُ وَإِنْ وَقَفَتْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَمْلِ إنْ تَرَبَّصُوا حَتَّى تَلِدَ فَإِنَّهُ لَا يُقَسَّمُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً حَامِلًا وَابْنًا فَإِنَّ الْقَاضِي لَا يُقَسِّمُ الْمِيرَاثَ حَتَّى تَلِدَ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَلَمْ يَنْتَظِرُوا الْوِلَادَةَ إنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ بَعِيدَةً يُقَسَّمُ وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً لَا يُقَسَّمُ وَمِقْدَارُ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَإِذَا قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ يُوقَفُ نَصِيبُ الْحَمْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا يُوقَفُ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَذَا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ مِمَّنْ يَرِثُونَ مَعَ الْحَمْلِ إنْ كَانَ ابْنًا فَإِنْ كَانُوا لَا يَرِثُونَ مَعَ الِابْنِ بِأَنْ مَاتَ عَنْ إخْوَةٍ وَامْرَأَةٍ حَامِلٍ يُوقَفُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ وَلَا تُقَسَّمُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا مَاتَ صَاحِبُ الدَّارِ وَتَرَكَ وَرَثَةً كِبَارًا وَامْرَأَةً حَامِلًا قَسَّمَ الدَّارَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَعْزِلُ نَصِيبَهُ فَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا تُسْتَأْنَفُ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ مَاتَ عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ وَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ فَطَلَبَ الْأَوْلَادُ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهَا ثُمْنُ الْمِيرَاثِ خَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعِينَ سَهْمًا وَلِلِابْنَتَيْنِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلِابْنَيْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَيُوقَفُ لِأَجْلِ الْحَمْلِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَعَلَى مَا اخْتَارُوا لِلْفَتْوَى يُوقَفُ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ وَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ لِلْمَرْأَةِ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ لِلِابْنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ لِلِابْنَيْنِ وَيُوقَفُ لِأَجْلِ الْحَمْلِ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، حَامِلٌ مَاتَتْ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ يَتَحَرَّكُ مِقْدَارَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: مَاتَ الْوَلَدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَمُتْ فَدُفِنَتْ الْمَرْأَةُ كَذَلِكَ ثُمَّ نَبَشُوهَا فَإِذَا مَعَهَا ابْنَةٌ مَيِّتَةٌ وَتَرَكَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجًا وَأَبَوَيْنِ هَلْ يَكُونُ لِهَذِهِ الْبِنْتِ الَّتِي وُجِدَتْ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ؟ قَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى: إنْ أَقَرَّتْ الْوَرَثَةُ أَنَّ هَذِهِ ابْنَتُهَا خَرَجَتْ بَعْدَ وَفَاتِهَا حَيَّةً وَرَثَتْهَا الِابْنَةُ ثُمَّ تَرِثُ مِنْ الِابْنَةِ وَرَثَتُهَا وَإِنْ جَحَدُوا لِمَ يُقْضَ لَهَا بِالْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عُدُولٌ أَنَّهَا وَلَدَتْهَا حَيَّةً وَإِنَّمَا يَسَعهُمْ الشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا لَمْ يُفَارِقُوا قَبْرَهَا مُنْذُ دُفِنَتْ إلَى أَنْ نُبِشَ وَقَدْ سَمِعُوا صَوْتَ الْوَلَدِ مِنْ تَحْتِ الْقَبْرِ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُمْ الْعِلْمُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شُهُودٌ وَحَلَفَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنْ حَلَفُوا لَا يَكُونُ لَهَا الْمِيرَاثُ وَإِذَا خَرَجَ رَأْسُ الْوَلَدِ وَهُوَ يَصِيحُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْبَاقِي لَا مِيرَاثَ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
عَيَّنَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرْضِ رَجُلَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: اقْتَسِمَاهَا عَلَيَّ بِالسَّوِيَّةِ مَعَهُمْ ثُمَّ قَالَا: فَعَلْنَا ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ فَعَلْتُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَهُوَ جَيِّدٌ ثُمَّ لَمَّا وَقَفَ عَلَى الْقِسْمَةِ أَنْكَرَهَا وَقَالَ: فِيهَا غَبْنٌ فَاحِشٌ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْقِسْمَةُ؟ فَكَتَبَ لَا قُسِّمَتْ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَفِيهِمْ شَرِيكٌ غَائِبٌ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا قَالَ: لَا أَرْضَى لِغَبْنٍ فِيهَا ثُمَّ أَذِنَ لِحُرَّاثِهِ فِي زِرَاعَةِ نَصِيبِهِ لَا يَكُونُ هَذَا رِضَاءً بِتِلْكَ الْقِسْمَةِ بَعْدَمَا رَدَّ أَرْضٌ قُسِّمَتْ فَلَمْ يَرْضَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ بِنَصِيبِهِ ثُمَّ زَرَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِذَا كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ بَيْتٌ مِنْ الدَّارِ وَفِي يَدِ آخَرَ بَيْتَانِ وَفِي يَدِ آخَرَ مَنْزِلٌ عَظِيمٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدَّعِي جَمِيعَ الدَّارِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا فِي يَدِهِ وَسَاحَةُ الدَّارِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ وَرَثَةٍ كَانَ لِوَرَثَتِهِ ثُلُثُ السَّاحَةِ وَإِنْ اقْتَسَمُوا دَارًا وَرَفَعُوا طَرِيقًا بَيْنَهُمْ صَغِيرًا أَوْ عَظِيمًا أَوْ مَسِيل مَاءٍ كَذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ.