الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى عَدَدِ الرُّفْقَةِ وَاشْتَرَوْا بِهِ طَعَامًا وَأَكَلُوا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ تَفَاوَتُوا فِي الْأَكْلِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْهَدَايَا وَالضِّيَافَاتِ]
(الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْهَدَايَا وَالضِّيَافَاتِ) أَهْدَى إلَى رَجُلٍ شَيْئًا أَوْ أَضَافَهُ إنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ مِنْ الْحَلَالِ فَلَا بَأْسَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّهُ حَرَامٌ، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْحَرَامَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَأْكُلَ الطَّعَامَ إلَّا أَنْ يُخْبِرَهُ بِأَنَّهُ حَلَالٌ وَرِثْتُهُ أَوْ اسْتَقْرَضْتُهُ مِنْ رَجُلٍ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ هَدِيَّةِ أُمَرَاءِ الْجَوْرِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي مَالِهِمْ الْحُرْمَةُ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ مَالِهِ حَلَالٌ بِأَنْ كَانَ صَاحِبَ تِجَارَةٍ أَوْ زَرْعٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَ النَّاسِ لَا تَخْلُو عَنْ قَلِيلٍ حَرَامٍ فَالْمُعْتَبَرُ الْغَالِبُ، وَكَذَا أَكْلُ طَعَامِهِمْ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَأَمَّا هَدَايَا الْأُمَرَاءِ فِي زَمَانِنَا فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَدَايَا الْأُمَرَاءِ فِي زَمَانِنَا قَالَ تُرَدُّ عَلَى أَرْبَابِهَا وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَامِدٍ سُئِلَ عَنْ هَذَا فَقَالَ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ فَقَالَ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمَذْهَبَ هَذَا إلَّا أَنِّي لَمْ أُفْتِ بِهِ مَخَافَةَ أَنْ يُوضَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ الْأُمَرَاءُ يَصْرِفُونَهَا إلَى شَهَوَاتِهِمْ وَلَهْوِهِمْ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ يُمْسِكُونَ بَيْتَ الْمَالِ لِشَهَوَاتِهِمْ لَا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَخْذِ الْجَائِزَةِ مِنْ السُّلْطَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِنْ حَرَامٍ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ مَا لَمْ نَعْرِفْ شَيْئًا حَرَامًا بِعَيْنِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَصْحَابِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي شَرْحِ حِيَلِ الْخَصَّافِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْقَاسِمِ الْحَكِيمَ كَانَ يَأْخُذُ جَائِزَةَ السُّلْطَانِ وَكَانَ يَسْتَقْرِضُ لِجَمِيعِ حَوَائِجِهِ، وَمَا يَأْخُذُ مِنْ الْجَائِزَةِ يَقْضِي بِهَا دُيُونَهُ وَالْحِيلَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ نَسِيئَةً، ثُمَّ يُنْقَدُ ثَمَنَهُ مِنْ أَيِّ مَالٍ شَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَأَلَتْ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْحِيلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا فَأَجَابَنِي بِمَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ أَطْعِمَةِ الظَّلَمَةِ لِتَقْبِيحِ الْأَمْرِ عَلَيْهِمْ وَزَجْرِهِمْ عَمَّا يَرْتَكِبُونَ، وَإِنْ كَانَ يَحِلُّ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ الَّذِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ جَائِزَةَ السُّلْطَانِ وَيُفَرِّقَهَا عَلَى مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَوْ لَا يَقْبَلَ، قَالَ لَا يَقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَخْذَ الصَّدَقَةِ قِيلَ: أَلَيْسَ إنَّ أَبَا نُصَيْرٍ أَخَذَ جَائِزَةَ إِسْحَاقَ بْنِ أَحْمَدَ وَإِسْمَاعِيلَ؟ قَالَ كَانَتْ لَهُمَا أَمْوَالٌ وَرِثَاهَا عَنْ أَبِيهِمَا فَقِيلَ: لَهُ لَوْ أَنَّ فَقِيرًا يَأْخُذُ جَائِزَةَ السُّلْطَانِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ السُّلْطَانَ يَأْخُذُهَا غَصْبًا أَيَحِلُّ لَهُ؟ قَالَ إنْ خَلَطَ ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ أُخْرَى، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ دَفَعَ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ لَمْ يَجُزْ قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْجَوَابُ خَرَجَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ أُنَاسٍ مَتَى خُلِطَ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ، فَقَدْ مَلَكَهَا الْغَاصِبُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا غَصَبَ وَقَالَا لَا يَمْلِكُ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ وَهِيَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى السُّلْطَانِ فَقَدِمَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَأْكُولٍ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِالثَّمَنِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِ ذَلِكَ وَلَكِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَا يَفْهَمُ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ بِعَيْنِهِ حَلَّ لَهُ أَكْلُهُ، هَكَذَا ذُكِرَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى مَالِ السُّلْطَانِ وَيَبْنِي الْحُكْمَ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِأَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ رَجُلٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا جَوَابُ الْحُكْمِ، فَأَمَّا الْأَفْضَلُ أَنْ يَتَوَرَّعَ عَنْ الْإِجَابَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لِأَجَلِ الدَّيْنِ أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ الْحَالُ قَالَ
شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَالَةُ الْإِشْكَالِ إنَّمَا يَتَوَرَّعُ إذَا كَانَ يَدْعُوهُ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ فِي كُلِّ عِشْرِينَ يَوْمًا وَبَعْدَ الْإِقْرَاضِ جَعَلَ يَدْعُوهُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ زَادَ فِي الْبَاجَّاتِ أَمَّا إذَا كَانَ يَدْعُوهُ بَعْدَ الْإِقْرَاضِ فِي كُلِّ عِشْرِينَ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْبَاجَّاتِ فَلَا يَتَوَرَّعُ إلَّا إذَا نَصَّ أَنَّهُ أَضَافَهُ لِأَجَلِ الدَّيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاخْتُلِفَ فِي إجَابَةِ الدَّعْوَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَاجِبَةٌ لَا يَسَعُ تَرْكُهَا وَقَالَتْ الْعَامَّةُ هِيَ سُنَّةٌ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُجِيبَ إذَا كَانَتْ وَلِيمَةً وَإِلَّا فَهُوَ مُخَيَّرٌ وَالْإِجَابَةُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ فِيهَا إدْخَالَ السُّرُورِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَلَوْ دُعِيَ إلَى دَعْوَةٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُجِيبَهُ إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَعْصِيَةٌ، وَلَا بِدْعَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ كَانَ عَاصِيًا وَالِامْتِنَاعُ أَسْلَمُ فِي زَمَانِنَا إلَّا إذَا عَلِمَ يَقِينًا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا بِدْعَةٌ، وَلَا مَعْصِيَةٌ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ أَعَلَمُ الْعُلَمَاءِ السَّمَرْقَنْدِيُّ الْحِيلَةُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِضِيَافَةٍ فِيهَا شُبْهَةُ الْحَرَامِ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الضَّيْفِ مَلَّكْتُ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْفَقِيرِ فَإِذَا مَلَكَهُ صَارَ مِلْكًا لِلْفَقِيرِ، وَإِذَا صَارَ مِلْكًا لِلْفَقِيرِ لَوْ مَلَكَ غَيْرَهُ يَجُوزُ، وَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ الْفَقِيرِ يَعْنِي مِنْ مَالٍ أَخَذَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ لَا إذَا مَلَكَهَا بِجِهَةٍ أُخْرَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
لَا يُجِيبُ دَعْوَةَ الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِفِسْقِهِ، وَكَذَا دَعْوَةُ مَنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ مِنْ حَرَامٍ مَا لَمْ يُخْبَرْ أَنَّهُ حَلَالٌ وَبِالْعَكْسِ يُجِيبُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ عِنْدَهُ أَنَّهُ حَرَامٌ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَفِي الرَّوْضَةِ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْفَاسِقِ وَالْوَرَعُ أَنْ لَا يُجِيبَهُ وَدَعْوَةُ الَّذِي أَخَذَ الْأَرْضَ مُزَارِعَةً أَوْ يَدْفَعُهَا عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
آكِلُ الرَّبَّا وَكَاسِبُ الْحَرَامِ أَهْدَى إلَيْهِ أَوْ أَضَافَهُ وَغَالِبُ مَالِهِ حَرَامٌ لَا يَقْبَلُ، وَلَا يَأْكُلُ مَا لَمْ يُخْبِرْهُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ أَصْلُهُ حَلَالٌ وَرِثَهُ أَوْ اسْتَقْرَضَهُ، وَإِنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ حَلَالًا لَا بَأْسَ بِقَبُولِ هَدِيَّتِهِ وَالْأَكْلِ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
لَا يَنْبَغِي التَّخَلُّفُ عَنْ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ الْعَامَّةِ كَدَعْوَةِ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ وَنَحْوِهِمَا، وَإِذَا أَجَابَ، فَقَدْ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَأْكُلَ لَوْ كَانَ غَيْرَ صَائِمٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
مَنْ دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ فَوَجَدَ ثَمَّةَ لَعِبًا أَوْ غِنَاءً فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْعُدَ وَيَأْكُلَ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَنْعِ يَمْنَعُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ يَصْبِرْ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدَى بِهِ أَمَّا إذَا كَانَ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِمْ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ، وَلَا يَقْعُدُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمَائِدَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْعُدَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدًى بِهِ وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ الْحُضُورِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ قَبْلَ الْحُضُورِ فَلَا يَحْضُرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَقُّ الدَّعْوَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا هَجَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ عَلِمَ الْمُقْتَدَى بِهِ بِذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهُوَ مُحْتَرَمٌ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ يَتْرُكُونَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
رَجُلٌ اتَّخَذَ ضِيَافَةً لِلْقَرَابَةِ أَوْ وَلِيمَةً أَوْ اتَّخَذَ مَجْلِسًا لِأَهْلِ الْفَسَادِ فَدَعَا رَجُلًا صَالِحًا إلَى الْوَلِيمَةِ قَالُوا إنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ بِحَالٍ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الْإِجَابَةِ مَنَعَهُمْ عَنْ فِسْقِهِمْ لَا تُبَاحُ لَهُ الْإِجَابَةُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُجِيبَ؛ لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ بِحَالٍ لَوْ لَمْ يُجِبْ لَا يَمْنَعُهُمْ عَنْ الْفِسْقِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُجِيبَ وَيَطْعَمَ وَيُنْكِرَ مَعْصِيَتَهُمْ وَفِسْقَهُمْ؛ لِأَنَّهُ إجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَاجِبَةٌ أَوْ مَنْدُوبَةٌ فَلَا يَمْتَنِعُ بِمَعْصِيَةٍ اقْتَرَنَتْ بِهَا، وَوَلِيمَةُ الْعُرْسِ سُنَّةٌ، وَفِيهَا مَثُوبَةٌ عَظِيمَةٌ وَهِيَ إذَا بَنَى الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ الْجِيرَانَ وَالْأَقْرِبَاءَ وَالْأَصْدِقَاءَ وَيَذْبَحَ لَهُمْ وَيَصْنَعَ لَهُمْ طَعَامًا، وَإِذَا اتَّخَذَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُجِيبُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا أَثِمُوا قَالَ عليه السلام:«مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا أَجَابَ وَدَعَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا أَكَلَ وَدَعَا، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ أَثِمَ وَجَفَا» ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْعُوَ يَوْمَئِذٍ مِنْ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ، ثُمَّ يَنْقَطِعُ الْعُرْسُ وَالْوَلِيمَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
حَمْلُ الطَّعَامِ إلَى صَاحِبِ الْمُصِيبَةِ وَالْأَكْلُ مَعَهُمْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ جَائِزٌ لِشَغْلِهِمْ بِالْجَهَازِ، وَبَعْدَهُ يُكْرَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا يُبَاحُ اتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي أَيَّامِ الْمُصِيبَةِ وَإِذَا اتَّخَذَ لَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مِنْهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِنْ اتَّخَذَ طَعَامًا لِلْفُقَرَاءِ كَانَ حَسَنًا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ بَالِغِينَ، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ لَمْ يَتَّخِذُوا ذَلِكَ مِنْ التَّرِكَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى مَائِدَةٍ فَنَاوَلَ غَيْرَهُ مِنْ طَعَامِ الْمَائِدَةِ إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَرْضَى بِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَرْضَى فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ لَا يُنَاوِلُ، وَلَا يُعْطِي سَائِلًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَانُوا عَلَى مَائِدَتَيْنِ لَا يُنَاوِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَّا إذَا تَيَقَّنُوا رِضَا رَبِّ الْبَيْتِ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ: ضِيَافَةٌ فِيهَا مَوَائِدُ فَأَعْطَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ عَلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى طَعَامًا لِيَأْكُلَ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْمَائِدَةِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَإِنْ نَاوَلَ الضَّيْفُ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ إلَى مَنْ كَانَ ضَيْفًا مَعَهُ عَلَى الْخِوَانِ تَكَلَّمُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ أَخَذَ أَنْ يَأْكُلَ ذَلِكَ بَلْ يَضَعُهُ عَلَى الْمَائِدَةِ، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنْ الْمَائِدَةِ وَأَكْثَرُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ عَادَةً، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ عَلَى الْمَائِدَةِ أَنْ يُعْطِيَ إنْسَانًا دَخَلَ هُنَاكَ لِطَلَبِ إنْسَانٍ أَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ دُونَ التَّرَدُّدِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَكَذَا لَا يَدْفَعُ إلَى وَلَدِ صَاحِبِ الْمَائِدَةِ وَعَبْدِهِ وَكَلْبِهِ وَسِنَّوْرِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الضَّيْفُ إذَا نَاوَلَ مِنْ الْمَائِدَةِ هِرَّةً لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِغَيْرِهِ شَيْئًا مِنْ الْخُبْزِ أَوْ قَلِيلًا مِنْ اللَّحْمِ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ أَذِنَ عَادَةً، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ كَلْبٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ شَيْئًا مِنْ اللَّحْمِ أَوْ الْخُبْزِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ فِيهِ عَادَةً، وَلَوْ نَاوَلَ الْعِظَامَ أَوْ الْخُبْزَ الْمُحْتَرِقَ وَسِعَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْكُبْرَى.
رَجُلٌ دَعَا قَوْمًا إلَى طَعَامٍ وَفَرَّقَهُمْ عَلَى أَخْوِنَةٍ لَيْسَ لِأَهْلِ هَذَا الْخِوَانِ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ طَعَامِ خِوَانٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ إنَّمَا أَبَاحَ لِأَهْلِ كُلِّ خِوَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مَا كَانَ عَلَى خِوَانِهِ لَا غَيْرَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقِيَاسُ كَذَلِكَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إذَا أَعْطَى مَنْ كَانَ فِي ضِيَافَةِ تِلْكَ جَازَ، وَإِنْ أَعْطَى بَعْضَ الْخَدَمِ الَّذِي هُنَاكَ جَازَ أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ نَاوَلَ وَالضَّيْفَ مِنْ الْمَائِدَةِ شَيْئًا مِنْ الْخُبْزِ أَوْ قَلِيلًا مِنْ اللَّحْمِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ نَاوَلَ الطَّعَامَ الْفَاسِدَ أَوْ الْخُبْزَ الْمُحْتَرِقَ فَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَفْعُ الزَّلَّةِ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ إلَّا إذَا وُجِدَ الْإِذْنُ وَالْإِطْلَاقُ مِنْ الْمَضِيفِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
رَجُلٌ يَأْكُلُ خُبْزًا مَعَ أَهْلِهِ فَاجْتَمَعَ كِسْرَاتُ الْخُبْزِ، وَلَا يَشْتَهِيهَا أَهْلُهُ فَلَهُ أَنْ يُطْعِمَ الدَّجَاجَةَ وَالشَّاةَ وَالْبَقَرَ، وَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَا يَنْبَغِي إلْقَاؤُهَا فِي النَّهْرِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِلْقَاءُ لِأَجَلِ النَّمْلِ لِيَأْكُلَ النَّمْلَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ، هَكَذَا فَعَلَهُ السَّلَفُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُطْعِمَ الْمَجْنُونَ الْمَيْتَةَ بِخِلَافِ الْهِرَّةِ، وَإِذَا تَنَجَّسَ الْخُبْزُ أَوْ الطَّعَامُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَعْتُوهَ أَوْ الْحَيَوَانَ الْمَأْكُولَ اللَّحْمِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَيْتَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ، وَلَا يُطْعِمُهَا الْكِلَابَ وَالْجَوَارِحَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
يُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يَجْلِسَ حَيْثُ يُجْلَسُ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجِبُ عَلَى الضَّيْفِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا: أَنْ يَجْلِسَ حَيْثُ يُجْلَسُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَرْضَى بِمَا قُدِّمَ إلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَقُومَ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْبَيْتِ. وَالرَّابِعُ: أَنْ يَدْعُوَ لَهُ إذَا خَرَجَ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ الْمَضِيفُ أَحْيَانَا كُلْ مِنْ